الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها؛ لأن الأبنية لا تبقى دائمة. ولما أقرهم الإمام فقد عهد إليهم الإعادة، إلا أنهم لا يمكنون من نقلها، لأنه إحداث في الحقيقة، والصومعة للتخلي فيها بمنزلة البيعة،
ــ
[البناية]
وواسط، فلا يجوز فيها إحداث بيعة، ولا كنيسة ولا مجتمع لصلواتهم ولا صومعة، بإجماع أهل العلم، ولا يملكون فيه شرب الخمر واتخاذ الخنزير وضرب الناقوس.
وثانيها: ما فتحه المسلمون عنوة، فلا يجوز إحداث شيء فيها بالإجماع، وما كان فيها شيء من ذلك هدمه، فقال مالك والشافعي في قول، وأحمد في رواية: يجب هدمه، وعندنا يأمرهم الإمام أن يجعلوا كنائسهم مساكن ويمنع من صلاتهم فيها، ولكن لا تهدم.
هذا إذا صالحهم بعد الفتح أن يجعلهم ذمة، وبه قال الشافعي في قول وأحمد في رواية؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم فتحوا كثيراً من البلاد عنوة ولم يهدموا كنائسهم. وكتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى عماله: لا تهدموا بيعة ولا كنيسة، وقال: ما فتح صلحاً فإن صالحهم على أن الأرض وكذا الخراج لنا فجاز إحداثهم، وإن صالحهم على أن الدار لنا ويؤدون الجزية، فالحكم بالكنائس على ما وقع عليه الصلح على شرط تمكين الإحداث لأئمتهم، والأولى أن يصالحهم على شرط ما وقع صلح عمر رضي الله عنه من عدم إحداث البيعة والكنيسة، ويمنعون من ضرب الناقوس وشرب الخمر واتخاذ جزية الخنزير.
ولو وقع الصلح مطلقاً لا يجوز الإحداث ولا يتعرض للقديمة، ويمنعون من ضرب الناقوس وشرب الخمر واتخاذ الخنزير بالإجماع. وفي المحيط: لو ضربوا الناقوس في جوف كنائسهم لا يمنعون.
[إحداث البيع والكنائس في أرض العرب]
م: (وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها) ش: المراد من القديمة ما كانت قبل فتح الإمام بلدهم ومصالحتهم على إقرارهم على بلدهم وأراضيهم، ولا يشترط أن يكون في زمن الصحابة والتابعين لا محالة م:(لأن الأبنية لا تبقى دائمة، ولما أقرهم الإمام فقد عهد إليهم الإعادة، إلا أنهم لا يمكنون من نقلها، لأنه) ش: أي لأن النقل م: (إحداث في الحقيقة) ش: وقال محمد رحمه الله في " نوادر هشام ": إن انهدمت كنيسة من كنائسهم أو بيعة أو بيت نار، فلهم أن يبنها كما كانت.
وليس لهم أن يحولوها من موضع إلى آخر في المصر. فقوله: أن يبنوه كما كانت، يريد به قد مر بناء الأول، أما الزيادة على البناء الأول فممنوع، لأنه إحداث بيعة في المصر.
م: (والصومعة) ش: قال الجوهري: فوعلة، يعني وزنها يدل على أن الواو فيه زائدة، وهو بيت يبنى بأساس طويل ليعبد فيها بالانقطاع عن الناس، وهو معنى قوله م:(للتخلي فيها بمنزلة البيعة) ش: إنما قال: بمنزلة البيعة، يعني لا يجوز إحداثها مثلما لا يجوز إحداث البيعة. م:
بخلاف موضع الصلاة في البيت؛ لأنه تبع للسكنى، وهذا في الأمصار دون القرى؛ لأن الأمصار هي التي تقام فيها الشعائر، فلا تعارض بإظهار ما يخالفها. وقيل في ديارنا يمنعون من ذلك في القرى أيضاً؛ لأن فيها بعض الشعائر، والمروي عن صاحب المذهب في قرى الكوفة؛ لأن أكثر أهلها أهل الذمة، وفي أرض العرب يمنعون من ذلك في أمصارها وقراها؛ لقوله عليه السلام:«لا يجتمع دينان في جزيرة العرب»
ــ
[البناية]
(بخلاف موضع الصلاة في البيت) ش: حتى لا يمنع، يعني إذا عين موضعاً من البيت للصلاة فيه لا يمنع منه م:(لأنه تبع للسكنى) ش: أي لأنه تابع لمسكنه، فتكون من جملة مسكنه م:(وهذا في الأمصار) ش: أي عدم جواز إحداث البيعة والكنيسة في الأمصار م: (دون القرى؛ لأن الأمصار هي التي تقام فيها الشعائر) ش: أي شعائر الإسلام م: (فلا تعارض بإظهار ما يخالفها) ش: أي خالف الشعائر.
م: (وقيل في ديارنا يمنعون من ذلك) ش: أي من إحداث البيعة والكنيسة م: (في القرى أيضاً؛ لأن فيها بعض الشعائر) ش: مثل الأذان والإقامة والصلاة بالجماعة م: (والمروي عن صاحب المذهب) ش: وهو الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، أي الذي روي عن أبي حنيفة من عدم المنع من إحداث الكنيسة والبيعة.
م: (في قرى الكوفة لأن أكثر أهلها أهل الذمة) ش: لم تكن قراها موضعاً فتقيد الأحكام لتعليمهم، فلم يرد المنع من الإحداث. وقال في " الفتاوى الصغرى " إذا أرادوا إحداث البيع والكنائس في الأمصار يمنعون بالإجماع أما في السواد وذكر في العشر والخراج أنهم يمنعون. وفي الإجارات أنهم لا يمنعون. واختلف المشايخ فيه، قال مشايخ بلخ يمنع، وقال الفضلي ومشايخ بخارى: لا يمنع، وذكر شمس الأئمة السرخسي: الأصح عندي أنهم يمنعون عن ذلك في السواد، وهل تهدم البيع القديمة في السواد على الروايات كلها أم لا؟ أما في الأمصار ذكر في الإجارات لا تهدم البيع القديمة بل تترك. وذكر في العشر والخراج أنها تهدم.
م: (وفي أرض العرب يمنعون من ذلك) ش: من إحداث البيع والكنائس م: (في أمصارها وقراها؛ لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» ش: هذا الحديث رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل حدثنا صالح بن أبي الأحصر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» ، انتهى. إنها سميت الجزيرة؛ لأن بحر فارس وبحر الحبش ودجلة والفرات قد أحاطت بها، وقيل لانجزارها عن موضعها، والجزر