الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب اللقطة
قال: اللقطة أمانة إذا أشهد الملتقط أنه يأخذها ليحفظها ويردها على صاحبها؛ لأن الأخذ على هذا الوجه مأذون فيه شرعا،
ــ
[البناية]
[كتاب اللقطة]
[تعريف اللقطة]
م: (كتاب اللقطة) ش: أي هذا الكتاب في بيان أحكام اللقطة، اللقطة واللقيط متقاربان لفظاً ومعنى، وخص اللقيط بابن آدم واللقطة لغيره للتمييز بينهما، وقدم الأول لشرف بني آدم، وقيل: خص لفظ اللقطة بالمال؛ لأن الفعلة بضم الفاء وفتح العين نعت للمبالغة في الفاعلية، كالضحكة واللعنة.
واللقيط فعيل بمعنى المفعول، فاللقيط الدال على الفاعلية أولى بالمال، [....] على الإسناد الخبري كناية كحلوب وركوب كأنها تحلب نفسها وتركب عليه نفسها على وجه المبالغة لزيادة رغبة من رآها في الحلب والركوب.
أما الطفل المفقود لا يميل كل من رآه لرفعه لزيادة ضرر حاضر، فإن أمه نبذته قصد ضرر خاص، بخلاف اللقطة، فإن فيها نفعاً حاضراً، وفي " المغرب " اللقطة الشيء تجده ملقى فتأخذه، وقيل: عين المال الضائع عن صاحبه يلتقطه غيره، وعن الخليل اللقطة بفتح القاف للملتقط؛ لأن ما جاء على فعلة فهو اسم للفاعل، وسكون القاف المال الملتقط مثل الضحكة للذي يضحك منه، وعن الأصمعي وابن الأعرابي، والفراء بفتح القاف اسم للحال أيضاً م:(قال اللقطة أمانة إذا أشهد الملتقط أنه يأخذها ليحفظها ويردها على صاحبها) ش: هذا لفظ القدوري في مختصره، وشرط الإشهاد كما ترى بلا ذكر خلاف، حتى إذا ملك عنده وقد ترك الإشهاد يضمن.
وقال الطحاوي في " مختصره ": إن أبا حنيفة كان يقول: إن كان أشهد على ذلك فلا ضمان عليه فيها، وإن لم يشهد على ذلك كان عليه ضمانها، وقال أبو يوسف: للضمان عليه فيها أشهد على أنه أخذها ليعرف بها، وإن لم يشهد بعد أن يحلف بالله ما أخذها إلا ليعرف بها، ثم قال الطحاوي: وبه يأخذ، ولم يذكر الطحاوي قول محمد، وذكر " المتوسطة " و " المختلف " و " الحصة " و " فتاوى الولوالجي ".
وخلاصة الفتاوى قول محمد مع أبي حنيفة، وذكر في " التحفة " و " شرح الأقطع " قول محمد مع أبي يوسف ثم علل المصنف ما ذكره القدوري بقوله م:(لأن الأخذ) ش: أي أخذ اللقطة م: (على هذا الوجه) ش: أي على وجه الإشهاد عند الأخذ م: (مأذون فيه شرعاً) ش: لأجل الحفظ على صاحبها، وإذن الشارع ليس أقل من إذن المالك، فإذا أذن المالك فلا ضمان، فكذا
بل هو الأفضل عند عامة العلماء. وهو الواجب إذا خاف الضياع
ــ
[البناية]
إذا أذن الشارع، ألا ترى أن الوديعة لا يجب فيها الضمان لوجود الإذن فكذا هذا، فإن قلت من أين يوجد إذن الشارع فيه.
قلت: من قوله صلى الله عليه وسلم: «من أصاب لقطة فليشهد ذا عدل» . رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " عن عياض بن حمار عنه عليه السلام، فإنه يدل على أن له أن يأخذها بالإشهاد م:(بل هو الأفضل) ش: أي بل أخذ اللقطة أفضل قال في " الشامل ": أخذ اللقطة مندوب إليه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2](المائدة: الآية 2) .
وفي " المبسوط " اختلف في رفعها فالمتقشفة يقولون: لا يحل رفعها؛ لأنه أخذ مال الغير بغير إذنه، وهو حرام شرعاً، وهو مخالف للحديث، وإجماع الأئمة، وقال بعض التابعين: تحل رفعها ولكن الترك أفضل، وبه قال أحمد في الأصح، وأشار المصنف إلى أن رفعها أفضل:(عند عامة العلماء) .
ش: إذا وجدها بموضعه فله رفع ذلك وهو رواية عن أحمد واختارها أبو الخطاب الحنبلي، وعن الشافعي في قول إذا لم يأمن عليها رفعها واجب.
وقال مالك: إن كان شيئاً له مال فرفعه أحب إلي؛ لأن فيه حفظ مال المسلم، فكان أولى من وضعه وفي شرح الأقطع مستحب أخذ اللقطة، ولا يجب.
وقال في " النوازل ": أبو نصر محمد بن محمد بن سلام: ترك اللقطة أفضل في قول أصحابنا من رفعها ورفع اللقيط أفضل من تركه.
وقال في " خلاصة الفتاوى ": إن خاف ضياعها يعرض الرفع، وإن لم يخف لا يباح رفعها، وأجمع العلماء عليه، والأفضل الرفع في ظاهر المذهب، وقال في فتاوى الولوالجي اختلف العلماء في رفعها.
قال بعضهم: رفعها أفضل من تركها، وقال بعضهم: يحل رفعها وتركها أفضل، وقال الأسبيجابي في " شرح الطحاوي ": ولو رفعها ووضعها في مكانه ذلك فلا ضمان عليه في ظاهر الرواية.
وقال بعض مشايخنا: هذا إذا أخذ ولم يبرح عن ذلك المكان حتى وضع هناك، فأما إذا ذهب عن مكانه ذلك ثم أعادها ووضعها فإنه يضمن، وقال بعضهم: إذا أخذها ثم أعادها إلى ذلك المكان فهو ضامن ذهب عن ذلك المكان أو لم يذهب، وهذا خلاف ظاهر الرواية.
م: (وهو الواجب) ش: أي رفعها هو الواجب م: (إذا خاف الضياع) ش: أي ضياع اللقطة م:
على ما قالوا، وإذا كان كذلك لا تكون مضمونة عليه، وكذلك إذا تصادقا أنه أخذها للمالك؛ لأن تصادقهما حجة في حقهما، فصار كالبينة، ولو أقر أنه أخذها لنفسه يضمن بالإجماع؛ لأنه أخذ مال غيره بغير إذنه وبغير إذن الشرع، وإن لم يشهد الشهود عليه، وقال الآخذ: أخذته للمالك وكذبه المالك يضمن عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يضمن، والقول قوله لأن الظاهر شاهد له لاختياره الحسبة دون المعصية.
ــ
[البناية]
(على ما قالوا) ش: أي المشايخ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] : (التوبة: الآية 71) ، فإذا كان وليه وجب عليه حفظ ماله، وفي " الذخيرة " يفترض رفعها إذا خاف ضياعها بتركه.
م: (وإذا كان كذلك) ش: وإذا كان أخذ اللقطة مأذونا فيه م: (لا تكون مضمونة عليه) ش: أي على الملتقط لجواز الأخذ له شرعا.
م: (وكذلك) ش: أي وكذا لا تكون اللقطة مضمونة م: (إذا تصادقا) ش: أي المالك والملتقط م: (أنه) ش: أي أن الملتقط م: (أخذها للمالك؛ لأن تصادقهما حجة في حقهما فصار) ش: أي فضل فيهما م: (كالبينة) ش: يعني أن البينة إذا وجدت عند الأخذ لا يجب الضمان، فكذا إذا وجد التصادق.
م: (ولو أقر أنه أخذها لنفسه يضمن بالإجماع) ش: ذكر هذا تفريعاً لمسألة القدوري. إنما قيد بالإجماع احترازاً عن الضمان الذي يلزم عند عدم الإشهاد عند أبي حنيفة؛ لأن فيه خلاف أبي يوسف م: (لأنه) ش: أي لأن الملتقط م: (أخذ مال غيره بغير إذنه وبغير إذن الشرع) ش: فكان عاصياً، وقال في " شرح الطحاوي ": أخذها ليأكلها لا ليردها على صاحبها ثم هلكت فإنه يضمن ولا يبرأ من ضمانها حتى يدفعها على صاحبها م: (وإن لم يشهد الشهود عليه) ش: أي عند الالتقاط.
م: (وقال الآخذ: أخذته للمالك وكذبه المالك يضمن عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا يضمن) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد؛ لأن الإشهاد غير واجب بل هو مستحب، وذكر في شرح الأقطع قول محمد مثل قول أبي يوسف.
م: (والقول قوله) ش: أي قول الملتقط مع يمينه م: (لأن الظاهر) ش: أي ظاهر الحال م: (شاهد له) ش: أي للملتقط م: (لاختياره الحسبة دون المعصية) ش: أي لاختيار الملتقط وجه الله تعالى، والحسبة أي من الاحتساب كالعدة من الإعداد، وإنما قيد الحسبة عملاً لم ينو به وجه الله تعالى؛ لأن له حينئذ أن يعيد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد.... كذا ذكره الزمخشري في " الفائق ".