الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وليس لأحد الشريكين أن يؤدي زكاة مال الآخر إلا بإذنه؛ لأنه ليس من جنس التجارة، فإن أذن كل واحد منهما لصاحبه أن يؤدي زكاته، فأدى كل واحد منهما، فالثاني ضامن علم بأداء الأول أو لم يعلم، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: لا يضمن إذا لم يعلم، وهذا إذا أديا على التعاقب
أما إذا أديا معا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه. وعلى هذا الاختلاف المذكور المأمور بأداء الزكاة إذا تصدق على الفقير بعدما أدى الآمر بنفسه. لهما أنه مأمور بالتملك من الفقير، وقد أتى به
ــ
[البناية]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل وقد ذكرنا غير مرة أن لفظ إذا فصل عما بعده لا يكون معربًا؛ لأن من شرط الإعراب التركيب فيكون حكمه مثل أحكام الأسماء المفردة إذا ذكرت بغير تركيب. م: (وليس لأحد الشريكين أن يؤدي زكاة مال الآخر إلا بإذنه) ش: هذا لفظ القدوري رحمه الله.
وقال المصنف: م: (لأنه) ش: أي لأن دفع زكاة صاحبه. م: (ليس من جنس التجارة، فإن أذن كل واحد منهما لصاحبه أن يؤدي زكاته، فأدى كل واحد منهما فالثاني ضامن علم بأداء الأول أو لم يعلم، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) .
م: (وقالا: لا يضمن إذا لم يعلم) ش: وإن علم ضمن، هكذا ذكر في كتاب الزكاة في " الزيادات " للعتابي لا يضمن وإن علم عندهما وهو الصحيح عندهما، وعلى هذا الخلاف لو دفع ماله إلى رجل ليكفر عنه كفر الآمر بنفسه ثم كفر المأمور، وعلى هذا الخلاف المأمور بأداء الزكاة وهو إشارة إلى وجوب الضمان.
م: (وهذا) ش: على الثاني خاصة. م: (إذا أديا على التعاقب) ش: يعني أحدهما عقيب أداء الآمر.
[أداء الزكاة من مال الشريكين]
م: (أما إذا أديا معًا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه) ش: فإن قيل إذا أديا معًا ينبغي أن لا يجب الضمان عند أبي حنيفة رحمه الله لعدم السبق؛ إذ الموكل لم يقع فعلى الوكيل فعلًا.
قلنا: الموكل إن لم يسبقه تحقيقًا فقد سبقه اعتبارًا أو تقديرًا؛ لأن يصرف الموكل على نفسه أقرب من تصرف الوكيل إليه فيصير سابقا معنى كالوكيل بالبيع مع الموكل إذا باعا وخرج الوكيل معه فقد تبع الموكل دون الوكيل.
م: (وعلى هذا الاختلاف المذكور المأمور بأداء الزكاة إذا تصدق على الفقير بعدما أدى الآمر بنفسه لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -. م: (أنه مأمور بالتمليك من الفقير، وقد أتى به)
فلا يضمن للموكل، وهذا لأن في وسعه التمليك لا وقوعه زكاة لتعلقه بنية الموكل، وإنما يطلب منه ما في وسعه، وصار كالمأمور بذبح دم الإحصار إذا ذبح بعدما زال الإحصار وحج الآمر لم يضمن المأمور علم أو لا. ولأبي حنيفة رحمه الله أنه مأمور بأداء الزكاة والمؤدى لم يقع زكاة فصار مخالفا، وهذا لأن المقصود من الأمر إخراج نفسه عن عهدة الواجب؛ لأن الظاهر أنه لا يلتزم الضرر إلا لدفع ضرر آخر، وهذا المقصود حصل بأدائه وعري أداء المأمور عنه فصار معزولا علم أو لم يعلم لأنه عزل حكمي، وأما دم الإحصار فقد قيل هو على هذا الاختلاف، وقيل بينهما فرق. ووجهه أن الدم ليس بواجب عليه.
ــ
[البناية]
ش: أي بما أمر به. م: (فلا يضمن للموكل. وهذا) ش: أي عدم ضمانه للموكل. م: (لأن في وسعه التمليك) ش: من الفقير. م: (لا وقوعه زكاة لتعلقه بنية الموكل، وإنما يطلب منه ما في وسعه) ش: والمرء لا يكلف بما ليس في وسعه فكذا لم يضمن الثاني، وإن لم يقع ما أداه زكاة. م:(وصار) ش: أي المأمور هنا. م: (كالمأمور بذبح دم الإحصار إذا ذبح بعدما زال الإحصار وحج الآمر لم يضمن المأمور علم أو لا. ولأبي حنيفة رحمه الله أنه مأمور بأداء الزكاة والمؤدى) ش: بفتح الدال المهملة. م: (لم يقع زكاة فصار) ش: أي المأمور.
م: (مخالفًا وهذا) ش: أي كونه مخالفًا. م: (لأن المقصود من الأمر إخراج نفسه عن عهدة الواجب؛ لأن الظاهر أنه لا يلتزم الضرر) ش: بيانه أن زوال ملكه في بعض ماله ضرر وفي دفع الوكيل سبيل الزكاة عند ذلك وبقاؤه في عهدة الواجب أيضًا ضرر، وهو لم يلزم ضرر دفع الوكيل ماله.
م: (إلا لدفع ضرر آخر) ش: وهو إسقاط الواجب عن ذمته؛ لأن المقصود من الأمر بأداء الزكاة إخراج النفس عن عهدة الواجب.
م: (وهذا المقصود حصل بأدائه وعري أداء المأمور عنه) ش: أي عن المقصود. م: (فصار معزولًا علم أو لم يعلم لأنه عزل حكمي) ش: فلا حاجة إلى العلم. م: (وأما دم الإحصار) ش: جواب عن قوله فصار كالمأمور بذبح دم الإحصار.
م: (فقد قيل هو على هذا الاختلاف) ش: يعني يضمن عند أبي حنيفة رحمه الله فهذا جواب على سبيل المنع، ثم أجاب بطريق التسليم بقوله. م:(وقيل بينهما فرق) ش: يعني ولئن سلمنا لا يضمن بالاتفاق، ولكن قيل: إن بينهما فرق أشار إلى الفرق بقوله: م: (ووجهه أن الدم ليس بواجب عليه) ش: يعني أن دم الإحصار ليس بواجب لا محالة؛ لأنه لو يصبر إلى أن يزول الإحصار لم يطالب بدم الإحصار، وهو معنى قوله:
فإنه يمكنه أن يصبر حتى يزول الإحصار، وفي مسألتنا الأداء واجب فاعتبر الإسقاط مقصودا فيه دون دم الإحصار. قال وإذا أذن أحد المتفاوضين لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها ففعل. فهي له بغير شيء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع عليه بنصف الثمن؛ لأنه أدى دينا عليه خاصة من مال مشترك، فيرجع عليه صاحبه بنصيبه كما في شراء الطعام والكسوة، وهذا لأن الملك واقع له خاصة، والثمن بمقابلة الملك، وله أن الجارية دخلت في الشركة على البتات جريا على مقتضى الشركة؛ إذ هما لا يملكان تغييره فأشبه حال عدم الإذن،
ــ
[البناية]
م: (فإنه يمكنه أن يصبر حتى يزول الإحصار، وفي مسألتنا) ش: وهي مسألة الزكاة. م: (الأداء) ش: أي أداء الزكاة. م: (واجب فاعتبر الإسقاط) ش: أي إسقاط الواجب. م: (مقصودًا فيه) ش: وقد حصل هذا المقصود بأداء الآمر نفسه فعري فعل المأمور من المقصود فضمن. م: (دون دم الإحصار) ش: لأنه ليس بواجب البتة كما ذكرنا. م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وإذا أذن أحد المتفاوضين لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها ففعل. فهي له بغير شيء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع عليه) ش: أي على المأمور. م: (بنصف الثمن؛ لأنه) ش: أي لأن المأمور. م: (أدى دينًا عليه) ش: أي على نفسه. م: (خاصة من مال مشترك، فيرجع عليه صاحبه بنصيبه كما في شراء الطعام والكسوة) ش: تحقيق هذا أن الحاجة إلى الوطء من الحوائج الأصلية إلا أنها ليست بلازمة كالطعام ولم تكن مستثناة من عقد الشركة بلا شرط بخلاف الحاجة إلى الطعام فإنها لازمة فكانت مستثناة بلا شرط ثم بالتصريح على الوطء التحق بحاجة الطعام، فوقع شراء الجارية لشركة المشتري خاصة.
م: (وهذا) ش: بيان بقوله: أدى دينًا عليه خاصة. م: (لأن الملك واقع له خاصة) ش: بدليل حل وطئها. م: (والثمن بمقابلة الملك) ش: فكان الدين عليه خاصة. م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن الجارية دخلت في الشركة على البتات) ش: بعصبته عقد المعاوضة وأدى المشتري ثمنها من مال الشركة وكلما دخل في الشركة فأدى المشتري ثمنها من مال الشركة لا يرجع على صاحبه بشيء كما لو اشترى الجارية قبل الإذن. وأدى ثمنها من مال الشركة فإنه لا يرجع عليه بشيء وبين دخولها في الشركة بقوله. م: (جريًا على مقتضى الشركة) ش: أي شركة المفاوضة، فإن ذلك يقتضي دخول ما ليس بشيء كالطعام والكسوة بحقها وشركة الجارية ليس بشيء فيدخل تحتها.
م: (إذ هما لا يملكان) ش: أي الشريكان. م: (تغييره) ش: أي بغير مقتضى شركة مع بقائها. م: (فأشبه حال عدم الإذن) ش: أي صار كما لو اشتراها بغير إذن الشريك، غير أن الإذن يتضمن هبة نصيبه منه أما من قوله فأشبه حال عدم الإذن فكأنه توهم أن يقال: كيف يشبه حال عدم الإذن، وهناك لم يحل وطؤها.
غير أن الإذن يتضمن هبة نصيبه منه؛ لأن الوطء لا يحل إلا بالملك، ولا وجه إلى إثباته بالبيع لما بينا أنه يخالف مقتضى الشركة فأثبتناه بالهبة الثابتة في ضمن الإذن بخلاف الطعام والكسوة لأن ذلك مستثنى عنها للضرورة، فيقع الملك له خاصة بنفس العقد، فكان مؤديا دينا عليه من مال الشركة، وفي مسألتنا قضى دينا عليهما لما بينا، وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء بالاتفاق؛ لأنه دين وجب بسبب التجارة، والمفاوضة تضمنت الكفالة فصار كالطعام والكسوة
ــ
[البناية]
وبعد الإذن يحل أشار إلى ذلك بقوله: م: (غير أن الإذن يتضمن هبة نصيبه منه؛ لأن الوطء لا يحل إلا بالملك، ولا وجه إلى إثباته بالبيع لما بينا أنه يخالف مقتضى الشركة) ش: إشارة إلى قوله جريًا على مقتضى الشركة. م: (فأثبتناه بالهبة الثابتة في ضمن الإذن) ش: فكأنه قال: اشتر جارية بيننا وقد وهبت نصيبي منها لك، فجازت الهبة في السابع لأن الجارية مما لا ينقسم.
م: (بخلاف الطعام والكسوة) ش: حيث تقع للمشتري خاصة. م: (لأن ذلك مستثنى عنها للضرورة فيقع الملك له) ش: أي للمشتري.
وإنما رجع الضمير إليه وإن لم يذكر لظهور فهم؛ لأن الشهوة قائمة مقام الذكر. م: (خاصة بنفس العقد فكان مؤديًا دينًا عليه من مال الشركة، وفي مسألتنا) ش: أي فيما اشترى أحد المتعاوضين الجارية للوطء بإذن الآخر. م: (قضى دينًا عليهما لما بينا) ش: أنها دخلت في الشركة.
م: (وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما) ش: أي الشريكين. م: (شاء بالاتفاق لأنه دين وجب بسبب التجارة، والمفاوضة تضمنت الكفالة) ش: فيطالب المشتري إن شاء وإن شاء يطالب شريكه لأنه كفيل. م: (فصار كالطعام والكسوة) ش: أي فصار حكم الجارية المشتراة للوطء بالإذن كالطعام والكسوة المشترك يطالب البائع أيهما شاء، فإذا استحقت الجارية فعلى الواطئ العقر بأخذ المستحق بالفقر أيهما شاء، والله أعلم.