المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام] - البناية شرح الهداية - جـ ٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السرقة

- ‌[نصاب السرقة]

- ‌[شروط القطع]

- ‌ اشترك جماعة في سرقة

- ‌[باب في بيان ما يقطع فيه السارق وفي بيان ما لا يقطع فيه] [

- ‌سرقة ما دون النصاب]

- ‌[سرقة المصحف وآلات اللهو وآنية الخمر]

- ‌[سرقة باب المسجد والصليب من الذهب]

- ‌[سرقة الصليب من الفضة]

- ‌[سرقة الدفاتر والصحائف والكلب والدف والفصوص الخضر]

- ‌[قطع النباش ومن سرق درة من إصطبل]

- ‌[السرقة من بيت المال وحكم من سرق زيادة على حقه]

- ‌[سرق عيناً فقطع فيها فردها]

- ‌فصل في الحرز والأخذ منه

- ‌ سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم

- ‌[السرقة من بيت الأخت من الرضاع]

- ‌[سرقة أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده ومن سرق من أمه من الرضاعة]

- ‌[سرقة المولى من مكاتبه والسرقة من المغنم]

- ‌[أنواع الحرز]

- ‌ سرق شيئا من حرز أو من غير حرز وصاحبه عنده يحفظه

- ‌[سرق من المسجد متاعاً وصاحبه عنده والضيف إذا سرق ممن أضافه]

- ‌[نقب اللص البيت وناوله آخر خارج البيت أو ألقى المتاع في الطريق ثم خرج فأخذه]

- ‌ دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم

- ‌ سرق من القطار بعيرا أو جملا

- ‌ سرق جولقا فيه متاع وصاحبه عنده يحفظه، أو نائم

- ‌فصل في كيفية القطع وإثباته

- ‌قطع يمين السارق من الزند

- ‌[سرق ثانياً بعد قطع يده اليمنى]

- ‌[السارق إذا كان أشل اليد اليسرى أو أقطع]

- ‌[قال الحاكم للحداد اقطع يد هذا فقطع الحداد يساره]

- ‌[أخرج السارق يساره وقال هذه يميني فقطعها الحداد]

- ‌[الشهادة والإقرار في السرقة ومن له يد حافظة سوى المالك إذا سرق منه]

- ‌[السرقة من المرتهن]

- ‌ السرقة موجبة للقطع من نفسها

- ‌[استيفاء القطع بحضرة المالك]

- ‌[قطع بسرقة فسرقت منه أو رد المسروق قبل بلوغ الحاكم]

- ‌ قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له

- ‌[الفسق في الشهود على السرقة ورد المسروق بعد الواقعة قبل الاستيفاء]

- ‌ أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما: هو مالي

- ‌[أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها أوأقر بالسرقة ثم رجع]

- ‌ قطع السارق والعين قائمة في يده

- ‌[الضمان في المسروق]

- ‌ سرق سرقات فقطع في إحداها

- ‌باب ما يحدث السارق في السرقة

- ‌ قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن

- ‌[سرق ذهباً أو فضة فصنعه دراهم ودنانير]

- ‌باب قطع الطريق

- ‌[قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن]

- ‌[أحوال الحرابة]

- ‌[التخيير بين الصلب وتركه في الحرابة]

- ‌[قتل قطاع الطريق]

- ‌ كان في القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه

- ‌[ذو الرحم المحرم إذا قطع عليه الطريق ذو رحم منه]

- ‌ خنق رجلا حتى قتله

- ‌كتاب السير

- ‌[حكم الجهاد]

- ‌ الجهاد على الصبي

- ‌باب كيفية القتال

- ‌[امتناع المحاصرون من الكفار عن قبول الدعوة]

- ‌[قتال من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام]

- ‌[قتال من بلغته الدعوة]

- ‌[إخراج النساء والمصاحف مع المسلمين في الجهاد]

- ‌[محرمات الجهاد ومكروهاته]

- ‌باب الموادعة ومن يجوز أمانه

- ‌[صالح الإمام أهل الحرب مدة معينة]

- ‌[بدء الكفار بالخيانة]

- ‌[موادعة المرتدون]

- ‌ حاصر العدو المسلمين وطلبوا الموادعة على مال يدفعه المسلمون

- ‌فصل إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة فردا أو جماعة

- ‌ حاصر الإمام حصنا وأمن واحد من الجيش وفيه مفسدة

- ‌[أمان الذمي]

- ‌ أمان العبد المحجور عليه

- ‌[أمان الصبي]

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها]

- ‌[إذا أسلم الأسارى بعد الأسر]

- ‌[مفاداة الأسرى بمال يؤخذ منهم]

- ‌[إذا أسلم أسير في أيدينا هل يفادى بمسلم أسير في أيديهم]

- ‌[أراد الإمام العود إلى دار الإسلام ومعه المواشي]

- ‌[ذبح الحيوان لكسر شوكة الأعداء]

- ‌[قسمة الغنائم في دار الحرب]

- ‌[مشاركة المدد العسكر في الغنيمة]

- ‌ بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب

- ‌[حق من مات من الغانمين في دار الحرب من الغنيمة]

- ‌[تناول شيء من الأدوية والطيب ودهن البنفسج ودهن الخيري قبل القسمة للغنائم]

- ‌[الانتفاع بالثياب والمتاع قبل القسمة]

- ‌[من قاتل من عبيد الذمي الذي أسلم هل يعد فيئا]

- ‌[الأكل وعلف الدواب من الغنيمة إذا خرج المسلمون من دار الحرب]

- ‌[الرد إلى الغنيمة]

- ‌فصل في كيفية القسمة

- ‌[قسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً وهلك فرسه]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن]

- ‌[هل يسهم للمملوك والمرأة والصبي والمجنون والذمي]

- ‌[متى يرضخ للمرأة]

- ‌[متى يرضخ للذمي]

- ‌[تقسيم خمس النبي]

- ‌إذا دخل الواحد أو الاثنان دار الحرب مغيرين

- ‌[دخول الواحد أو الاثنان دار الحرب بإذن الإمام]

- ‌فصل في التنفيل

- ‌[النفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام]

- ‌[من يستحق السلب من الغنيمة]

- ‌[المراد بالسلب]

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌[شراء الذي استولى عليه الحربي]

- ‌[أبق عبد مسلم لمسلم فدخل إلى أهل الحرب فأخذوه]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب

- ‌[أسلم عبد الحربي ثم خرج إلينا]

- ‌باب المستأمن

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا

- ‌[قتل مسلم تاجرا أسيراً]

- ‌[فصل إذا دخل الحربي إلينا مستأمنا]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراج

- ‌ دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا

- ‌ دخل حربي بأمان فتزوج ذمية

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال

- ‌[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام]

- ‌من قتل مسلما خطأ لا ولي له، أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان

- ‌باب العشر والخراج

- ‌[مشركوا العرب هل يقبل منهم الخراج]

- ‌ وضع الخراج على الشام

- ‌[من أحيا أرضاً مواتاً من حيز أرض الخراج]

- ‌[توظيف العشر على البصرة]

- ‌[أنواع الخراج]

- ‌[استأجر رجل أرضاً فزرعها فاصطلمت الزرع آفة]

- ‌من أسلم من أهل الخراج

- ‌[الجمع بين العشر والخراج]

- ‌[لا يؤخذ خراج الأرض في سنة إلا مرة واحدة]

- ‌باب الجزية

- ‌[وجوب الجزية بدلا عن القتل]

- ‌وضع الجزية على أهل الكتاب

- ‌[الجزية على المرأة والصبي]

- ‌[أصحاب الصوامع هل يوضع عليهم الخراج]

- ‌من أسلم وعليه جزية

- ‌[اجتمعت علي الذمي جزية الحولين]

- ‌فصل ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام

- ‌[إحداث البيع والكنائس في أرض العرب]

- ‌[تمييز أهل الذمة عن المسلمين في زيهم]

- ‌[نقض عهد من امتنع من أداء الجزية]

- ‌[فصل نصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة]

- ‌باب أحكام المرتدين

- ‌[المرتد إذا قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه]

- ‌[ميراث المرتد إن مات أو قتل على ردته]

- ‌[ميراث زوجة المرتد إذا قتل على ردته وهي في العدة]

- ‌[كسب الردة قضاء الدين منه]

- ‌ تصرفات المرتد

- ‌[وطئ المرتد جاريته النصرانية فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد]

- ‌ قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب

- ‌ قطعت يد المرتد ثم أسلم فمات من ذلك

- ‌ ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ أسيرا بماله

- ‌[ارتد الرجل وامرأته ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب]

- ‌[الشهادة على الردة]

- ‌باب البغاة

- ‌[إعانة الإمام الحق على قتال البغاة]

- ‌ما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر

- ‌[المقتول من عسكر أهل البغي]

- ‌ قتل رجل من أهل العدل باغيا

- ‌كتاب اللقيط

- ‌[حكم الإ لتقاط]

- ‌[الإنفاق علي اللقيط]

- ‌[الرجل يلتقط اللقيط فيدعيه النصراني]

- ‌ وجد مع اللقيط مال مشدود عليه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌[تعريف اللقطة]

- ‌[الإشهاد على اللقطة]

- ‌ الالتقاط في الشاة والبقر والبعير

- ‌[تعريف لقطة الحرم]

- ‌كتاب الإباق

- ‌[رد الآبق على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام]

- ‌كتاب المفقود

- ‌[حفظ مال من غاب فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت]

- ‌[حق امرأة المفقود]

- ‌[إذا تم للمفقود من عمره مائة وعشرون منذ ولدته أمه]

- ‌ أوصى للمفقود ومات الموصي

- ‌كتاب الشركة

- ‌[تعريف الشركة]

- ‌[أنواع الشركة]

- ‌ التفاضل فيما لا يصلح الشركة فيه

- ‌[حكم شركة المعاوضة]

- ‌[المفاوضة بين العبدين والصبيين والمكاتبين]

- ‌[عقد الكفالة من المريض]

- ‌[الكفالة بغير أمر المكفول]

- ‌[بطلان المفاوضة وصيرورتها عنانًا]

- ‌فصل ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة

- ‌[الشركة بالفلوس النافقة]

- ‌[عقد الشركة بما سوى المذكور من الدراهم والدنانير والفلوس النافقة]

- ‌[صورة شركة العنان]

- ‌ هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا

- ‌ شركة الصنائع

- ‌[المراد بشركة الوجوه]

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌ فسخ أحد الشريكين الشركة

- ‌[أداء الزكاة من مال الشريكين]

- ‌كتاب الوقف

- ‌[حكم الوقف]

- ‌ وقف في مرض موته

- ‌وقف المشاع

- ‌ وقف العقار

- ‌[بيع الوقف أو تمليكه]

- ‌[ما انهدم من آلة الوقف]

- ‌ جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه

- ‌[شرط الواقف الغلة لنفسه]

- ‌[شرط الواقف أن يستبدل بالوقف أرضا أخرى]

- ‌فصل وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه

- ‌[الواقف لو نصب المتولي على المقبرة]

- ‌[الأوقاف إذا تعطلت وتعذر اشتغالها هل للمتولي بيعها ويشتري مكانها]

الفصل: ‌[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام]

وإذا‌

‌ دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال

أودع بعضه ذميا وبعضه حربيا وبعضه مسلما فأسلم هاهنا، ثم ظهر على الدار فذلك كله فيء، أما المرأة وأولاده الكبار فظاهر، لأنهم حربيون كبار وليسوا بأتباع، وكذلك ما في بطنها لو كانت حاملا لما قلنا من قبل، وأما أولاده الصغار فلأن الصغير إنما يصير مسلما تبعا لإسلام أبيه إذا كان في يده وتحت ولايته، ومع تباين الدارين لا يتحقق ذلك، وكذا أمواله لا تصير محرزة بإحرازه نفسه لاختلاف الدارين، فبقي الكل فيئا وغنيمة،

وإن أسلم في دار الحرب ثم جاء فظهر على الدار فأولاده الصغار أحرار مسلمون تبعا لأبيهم، لأنهم كانوا تحت ولايته حين أسلم، إذ الدار واحدة

وما كان من مال أودعه مسلما أو ذميا فهو له، لأنه في يد محترمة ويده كيده، وما سوى ذلك فيء،

ــ

[البناية]

[دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال]

م: (وإذا دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار، ومال أودع بعضه ذمياً وبعضه حربياً وبعضه مسلماً فأسلم هاهنا) ش: أي في دار الإسلام م: (ثم ظهر) ش: على صيغة المجهول، أي غلب م:(على الدار) ش: أي على دار الحرب.

م: (فذلك) ش: أي المذكور م: (كله فيء) ش: أي غنيمة م: (أما المرأة وأولاده الكبار فظاهر) ش: أي في كونهم فيئاً م: (لأنهم حربيون كبار وليسوا بأتباع) ش: أي بالبلوغ م: (وكذلك ما في بطنها لو كانت حاملاً) ش: أي وكذلك الجنين فيء لأنه تابع للإسلام في الرق والجزية م: (لما قلنا من قبل) ش: إشارة إلى ما قال في باب الغنائم بقوله: ولنا جزؤها فيرق برقها.

م: (وأما أولاده الصغار فلأن الصغير إنما يصير مسلماً تبعاً لإسلام أبيه إذا كان في يده وتحت ولايته، ومع تباين الدارين) ش: أي دار الإسلام ودار الحرب م: (لا يتحقق ذلك) ش: أي كونه تابعاً لإسلام أبيه م: (وكذا أمواله لا تصير محرزة بإحرازه نفسه لاختلاف الدارين، فبقي الكل فيئاً وغنيمة) ش: وذلك أن الأصل أن تكون الأموال بأيدي الملاك بالعرف.

فإن قلت: قوله عليه السلام: «عصموا مني دماءهم وأموالهم» .

قلت: هذا باعتبار الغلبة، يعني المال الذي في يده أو ما هو في معناه للعرف لأن من دأب الشرع بناء الحكم على الغلبة.

[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام]

م: (وإن أسلم في دار الحرب ثم جاء) ش: إلى دار الإسلام م: (فظهر على الدار) ش: أي دار الحرب م: (فأولاده الصغار أحرار مسلمون تبعاً لأبيهم، لأنهم كانوا تحت ولايته حين أسلم، إذ الدار واحدة) ش: أي إن الدار كانت واحدة في حالة الإسلام، ولم يوجد حينئذ ما يمنع التبعية وهو تباين الدارين.

م: (وما كان من مال أودعه مسلماً أو ذمياً فهو له، لأنه في يد محترمة ويده كيده وما سوى ذلك فيء) ش: أراد به المرأة وأولاده الكبار والمال الذي غصبه مسلم أو ذمي أو كان مودعاً عند حربي م:

ص: 213

أما المرأة وأولاده الكبار فلما قلنا، وأما المال الذي في يد الحربي فلأنه لم يصر معصوما لأن يد الحربي ليست يدا محترمة. وإذا أسلم الحربي في دار الحرب فقتله مسلم عمدا أو خطأ وله ورثة مسلمون هنالك، فلا شيء عليه إلا الكفارة في الخطأ. وقال الشافعي: رحمه الله: تجب الدية في الخطأ والقصاص في العمد، لأنه أراق دما معصوما لوجود العاصم وهو الإسلام لكونه مستجلبا للكرامة، وهذا لأن العصمة أصلها المؤثمة لحصول أصل الزجر بها، وهي ثابتة إجماعا والمقومة كمال فيه لكمال الامتناع به، فيكون وصفا

ــ

[البناية]

(أما المرأة وأولاده الكبار فلما قلنا) ش: أشار به إلى قوله: لأنهم حربيون كبار م: (وأما المال الذي في يد الحربي فلأنه لم يصر معصوماً، لأن يد الحربي ليست يداً محترمة، وإذا أسلم الحربي في دار الحرب فقتله مسلم عمداً أو خطأ وله ورثة مسلمون هنالك، فلا شيء عليه إلا الكفارة) ش: وهي الرواية المشهورة عن أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - في " الجامع الصغير " وغيره.

وروي عن أبي حنيفة قال: لا دية عليه ولا كفارة من قبل أن الحكم لم يجر عليهم. وعن أبي يوسف رحمه الله قال: أضمنه الدية وأجعل عليهم م: (في الخطأ) ش: الكفارة. وأستحسن ذلك وأدع القياس، كما قال أبو حنيفة رحمه الله كذا ذكره الكرخي في مختصره.

م: (وقال الشافعي رحمه الله: تجب الدية في الخطأ والقصاص في العمد) ش: وبه قال مالك وأحمد -رحمهما الله - م: (لأنه) ش: أي لأن القاتل م: (أراق دماً معصوماً لوجود العاصم وهو الإسلام لكونه) ش: أي لكون الإسلام م: (مستجلباً للكرامة) ش: يعني أن الإسلام مستجل للكرامة. وفي بعض النسخ: لكونه مستجلباً للكرامة. وتحقيقه أن العصمة تثبت نعمة وكرامة، فتعلق بما له أثر في استحقاق الكرامات وهو الإسلام؛ إذ به تحصل السعادة الأبدية التي هي جماد ولا أثر لها في استحقاق الكرامة. ومن أراق دماً معصوماً إن كان خطأ ففيه الدية والكفارة، وإن كان عمداً ففيه القصاص، كما لو فعل ذلك في دار الإسلام.

م: (وهذا) ش: أي وجوب الدية في الخطأ والقصاص في العمد م: (لأن العصمة أصلها المؤثمة لحصول أصل الزجر بها) ش: أي بالمؤثمة، فإن من علم أنه يأثم بقتل الزجر عنه نظراً إلى الجبلة السليمة عن الميل عن الاعتدال م:(وهي) ش: أي العصمة م: (ثابتة) ش: أي بالإسلام م: (إجماعاً) ش: لأنه لا قائل بعدم الإثم على من قتل مسلماً، في أي موضع كان.

م: (والمقومة) ش: أي العصمة المقومة. م: (كمال فيه) ش: أي في أصل العصمة م: (لكمال الامتناع به) ش: أي بأصل العصمة؛ لأنه إذا وجب الإثم والمال كان في ذلك أكمل، وأثم في المنع من الذي وجب في الإثم دون المال. م:(فيكون وصفاً فيه) ش: أي فيكون الكمال وصفاً في ذلك

ص: 214

فيه فتتعلق بما علق به الأصل. ولنا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92](النساء: الآية 92) ، جعل التحرير كل الموجب رجوعا إلى حرف الفاء، أو إلى كونه كل المذكور، فينتفي غيره، ولأن العصمة المؤثمة بالآدمية؛ لأن الآدمي خلق متحملا لأعباء التكليف، والقيام بها

ــ

[البناية]

الأصل وهو العصمة المؤثمة م: (فيتعلق) ش: أي يتعلق الوصف الذي هو المقومة بالإسلام م: (بما علق به الأصل) ش: وهو العصمة المؤثمة، وهي تتعلق بنفس الإسلام، وكذا العصمة المقومة أيضاً فتثبت العصمة به جميعاً بالإسلام، فتجب الكفارة والدية بقتل الذي لم يهاجر إلينا.

م: (ولنا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] (النساء: الآية 92)) ش: وإن أبا حنيفة يؤول هذه الآية بالذين أسلموا في دار الحرب ولم يهاجروا، وهو المنقول عن بعض أئمة التفسير.

ووجه الاستدلال بالآية أن الله تعالى بين المؤمن المطلق، وبين المؤمن الذي هو من قوم عدو لنا في حق الحكم المختص بالقتل، فجعل الحكم في الأول الكفارة بقوله:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] وفي الثاني الكفارة دون الدية بقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] بيان ذلك من وجهين:

أحدهما: م: (جعل التحرير كل الموجب) ش: بفتح الجيم م: (رجوعاً) ش: أي من حيث الرجوع م: (إلى حرف الفاء) ش: فإنه للجزاء، اسم لما يكون كافياً، فإذا كان كافياً كان كل الموجب، فإذا وجب غيره ما يكون التحرير كافياً ولا كل الجزاء.

والوجه الثاني: وهو قوله م: (أو إلى كونه) ش: أي أو رجوعا إلى كونه التحرير م: (كل المذكور) ش: حيث لم يذكر غيره م: (فينتفي غيره) ش: أي غير التحرير، لأن قصد الشارع في مثله إخراج العبد عن عهدة الحكم المتعلق بالحادثة ولا يتحقق ذلك إلا ببيان الحكم كله. فلو كان غيره من تتمة هذا الحكم لذكره في موضع البيان.

وقال مولانا حافظ الدين: بيان الشارع على نوعين: بيان كفاية وبيان نهاية، وهاهنا بيان النهاية، فلا يجوز أن تكون الدية واجبة ولا ذكرها، إذ لو وجبت لكان البيان قاصراً، فيلزم التكرار.

م: (ولأن العصمة المؤثمة) ش: هذا دليل معقول، بيان ذلك أن العصمة المؤثمة متعلقة م:(بالآدمية لأن الآدمي خلق متحملاً لأعباء التكليف) ش: أي لأثقاله، جمع عبأ بالكسر، وهو المحل، ومن خلا من شيء وجب عليه القيام به فالآدمي وجب عليه القيام بأعباء التكاليف م:(والقيام بها)

ص: 215

بحرمة التعرض، والأموال تابعة لها، أما المقومة فالأصل فيها الأموال، لأن التقوم يؤذن بجبر الفائت، وذلك في الأموال دون النفوس، لأن من شرطه التماثل وهو في المال دون النفس فكانت النفوس تابعة،

ثم العصمة المقومة في الأموال تكون بالإحراز بالدار، لأن العزة بالمنعة فكذلك في النفوس، إلا أن الشرع أسقط اعتبار منعة الكفرة. لما أنه أوجب إبطالها،

ــ

[البناية]

ش: أي بأعباء التكاليف إنما يكون م: (بحرمة التعرض) ش: فالآدمي وجب أن يكون حرام التعرض مطلقاً، إلا أن الله أبطل ذلك في الكافر بعارض الكفر، فإذا زال الكفر بالإسلام عاد على الأصل م:(والأموال تابعة لها) ش: أي للآدمية التي تثبت العصمة المؤثمة لها، لأن الأموال جعلت في الأصل مباحة، وإنما صارت معصومة لتمكن الآدمي من الانتفاع بها في حاجته، فكانت تابعة للآدمية.

م: (أما المقومة) ش: أي أما العصمة المقومة م: (فالأصل فيها الأموال) ش: يعني الأصل في المتقومة غير الآدمي م: (لأن التقوم يؤذن) ش: أي يشعر م: (بجبر الفائت) ش: ومعنى الجبر يتحقق في الأموال دون النفوس، إذ من شرط الجبر التماثل م:(وذلك في الأموال دون النفوس، لأن من شرطه التماثل) ش: أي من شرط الجبر التماثل صورة ومعنى، كما في ذوات الأمثال أو معنى فقط، كما في ذوات القيم م:(وهو في المال دون النفس) ش: لأنه يتحقق في النفس، فإذا كان كذلك م:(فكانت النفوس تابعة) ش: للأموال في التقوم في العصمة، ومن هذا علم أن العصمة المؤثمة أصل مستقل في شيء، والعصمة المقومة أصل في شيء آخر، وليس أحدهما بكمال في الآخر ولا وصف زائد عليه.

م: (ثم العصمة المقومة في الأموال تكون بالإحراز بالدار) ش: أي بدار الإسلام، لأنها عزة فلا تكون بغيره م:(لأن العزة بالمنعة) ش: أي منعة المسلمين، لأن التقويم يبنى على خطر المحل، والخطر إنما يثبت إذا كان ممنوعاً عن الأخذ، إذ فيما تصل إليه الأيدي بلا منازع، وإلا موانع لا تكون خطيرة كالماء والتراب، فعلقنا التقويم بالإحراز بالمنعة، وأما الإسلام فلا يؤثر في إناءة العصمة المقومة، لأن الدين ما وضع لاكتساب الدنيا، وإنما وضع لاكتساب الآخرة، وإذا كانت العصمة المقومة في الأموال بالمنعة.

م: (فكذلك في النفوس) ش: لأنها تابعة لها كما ذكرنا، لكن لا صفة لدار الحرب، وهو معنى قوله م:(إلا أن الشرع أسقط اعتبار منعة الكفرة، لما أنه) ش: أي أن الشرع م: (أوجب إبطالها) ش: أي أن الشرع سلطنا على إبطال منعة الكفرة، وإذا لم يكن منعة لا يوجب الإحراز، وإذا لم يوجد الإحراز لا توجد العصمة المقومة. وإذا لم توجد العصمة المقومة لا تجب الدية.

ص: 216