الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو دخل فارسا وقاتل راجلا لضيق المكان يستحق سهم الفرسان بالاتفاق، ولو دخل فارسا ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن، ففي رواية الحسن عن أبي حنيفة - رحمهما الله - يستحق سهم الفرسان اعتبارا للمجاوزة، وفي ظاهر الرواية: يستحق سهم الرجالة. لأن الإقدام على هذه التصرفات يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارسا. ولو باعه بعد الفراغ لم يسقط سهم الفرسان، وكذا إن باع في حالة القتال عند البعض. والأصح أنه يسقط. لأن بيعه يدل على أن غرضه التجارة فيه إلا أن ينتظر غرته،
ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا مجنون ولا ذمي، ولكن يرضخ لهم
ــ
[البناية]
السبب إنما يقام مقام العلة إذا تصور من العلة وها هنا لا يتصور العلة وهو القتال حال المجاوزة، لأن القتال بدون شهود الوقعة محال.
الجواب عن الأول: أنه ليس المراد من الاستحقاق ثبوت الملك في الغنيمة أو ثبوت الحق فيها للغزاة في الحال، المراد به كون الشخص أخص بالغنيمة من غيره.
والجواب عن الثاني: أن القتال لشهود الوقعة والتقاء الصفين عند المجاوزة متصور، لأنه ليس بثابت، وشرط إقامة الشيء مقام غيره أن لا يكون ذلك الغير ثابتاً في الحال، لأنه إذا كان ثابتاً كيف يقام شيء آخر مقامه.
[دخل دار الحرب فارساً ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن]
م: (ولو دخل فارساً وقاتل راجلاً لضيق المكان يستحق سهم الفرسان بالاتفاق) ش: أي باتفاق بيننا وبين الشافعي رحمه الله م: (ولو دخل فارساً ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن، ففي رواية الحسن عن أبي حنيفة - رحمهما الله - يستحق سهم الفرسان اعتباراً للمجاوزة) ش: أي عن الدرب م: (وفي ظاهر الرواية يستحق سهم الرجالة، لأن الإقدام على هذه التصرفات) ش: وهي البيع والهبة والإجارة والرهن م: (يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارساً ولو باعه بعد الفراغ) ش: أي بعد الفراغ من القتال م: (لم يسقط سهم الفرسان، وكذا) ش: أي وكذا لم يسقط سهم الفرسان م: (إن باع في حالة القتال عند البعض) ش: أي عند بعض مشايخنا، لأن بيعه عند زمان مخاطرة الروح دل على أنه إنما باعه لرأي رآه في الحرب له لتحصيله المال، لأن الروح فوق المال.
م: (والأصح أنه يسقط، لأن بيعه يدل على أن غرضه التجارة فيه إلا أن ينتظر غرته) ش: أي غرة الفرس، قال شيخي رحمه الله، أي غرة فرسه، وقال الأترازي: فيه نظر، لأن الإنسان المقاتل في سبيل تلك الحالة لا يختار المال على روحه، ولهذا قال الأصح قول البعض.
[هل يسهم للمملوك والمرأة والصبي والمجنون والذمي]
م: (ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا مجنون ولا ذمي، ولكن يرضخ لهم) ش: بالضاد والخاء المعجمتين، من رضخ فلان لفلان من ماله: إذا أعطاه قليلاً من كثير، والاسم الرضخ م:
على حسب ما يرى الإمام، لما روي أنه عليه السلام كان لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد، ولكن كان يرضخ لهم
ــ
[البناية]
(على حسب ما يرى الإمام، لما روي أنه عليه السلام) ش: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم م: «كان لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد، ولكن كان يرضخ لهم» .
وقال الأترازي: وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان لا يسهم للعبيد والنساء والصبيان، ويرضخ» انتهى.
ولم يبين من خرج هذا الحديث ولم يبين حاله. وأخرج مسلم عن يزيد عن هرمز قال: كتب بحجدة بن عامر القدوري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم هل يقسم لهما؟ فكتب إليه: أن ليس لهما شيء إلا أن يحذيا. وفي لفظ: فكتب إليه وسأله عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا البأس، فإنهم لم يكن لهم سهم معلوم، إلا أن يحذيا من غنائم القوم.
قوله: يحذيا، أي يعطيا بالحاء المهملة والذال المعجمة، وقد جاءت أحاديث مخالفة لهذا، منها: ما رواه أبو داود والنسائي عن رافع بن سلمة «عن حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه أنها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر.. الحديث، وفيه: أسهم لنا كما أسهم للرجال» . وذكر الخطابي أن الأوزاعي قال: يسهم لهن، وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث، وإسناده ضعيف لا تقوم به الحجة، وقال الترمذي: وقال الأوزاعي: وأسهم النبي صلى الله عليه وسلم للصبيان بخيبر، وأسهمت أئمة المسلمين لكل مولود ولد في أرض الحرب.
وقال الأوزاعي: وأسهم النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بخيبر وأخذ بذلك المسلمون بعده، حدثنا بذلك علي ابن حزم، قال أبو عيسى بن يونس عن الأوزاعي بهذا.
ومنها ما رواه أبو داود مرسلاً عن محمد بن عبد الله بن مهاجر الشعبي، والبيهقي عن خالد بن معبد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء والصبيان والخيل» . وأجاب الطحاوي عن مثل هذا وأمثاله أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء والصبيان، واستطاب أهل الغنيمة.
وأجاب غيره بقوله: يشبه أن يكون عليه السلام إنما أعطاهم من الخمس الذي هو حقه دون حقوق من شهد الوقعة.
ولما استعان عليه السلام باليهود على اليهود لم يعطهم شيئا من الغنيمة، يعني أنه لم يسهم لهم، ولأن الجهاد عبادة، والذمي ليس من أهلها، والمرأة والصبي عاجزان عنه، ولهذا لم يلحقهما فرضه، والعبد لا يمكنه المولى وله منعه، إلا أنه يرضخ لهم تحريضا
ــ
[البناية]
م: (ولما استعان عليه السلام باليهود على اليهود لم يعطهم شيئاً من الغنيمة، يعني أنه لم يسهم لهم) ش: هذا رواه البيهقي في كتاب المعرفة من طريق الشافعي رحمه الله عن أبي يوسف رحمه الله عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: «استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود قينقاع فرضخ لهم» . ثم قال: تفرد به الحسن بن عمارة، وهو متروك. وروي حديث مخالف لهذا، رواه الترمذي من حديث الزهري قال:«أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لقوم من اليهود قاتلوا معه» ورواه أبو داود في مراسيله، وزاد في آخره «هاهنا: ومثل سهمان المسلمين» . وقال " صاحب التنقيح ": مراسيل الزهري ضعيفة، وكان يحيى القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاًَ يقول: هي بمنزلة الريح.
واختلفوا هل يستعان بالكافر في القتال عند الحاجة؟ فعندنا - وأحمد - يستعان لما ذكرنا، وبه قال الشافعي رحمه الله في قول. وقال ابن المنذر وجماعة من أهل العلم: لا يستعان بالكافر لما روي أنه عليه السلام قال: «إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين» ، ما ذكر أنه استعان بهم غير ثابت.
قال الكاكي: قلنا: بل هو ثابت ذكره الثقات المشهورون، وما رواه غير مشهور وليس بثابت، فهو محمول على زجر قوم متعينين يريد إسلامهم، انتهى.
قلت: الحديث الذي ذكره ابن المنذر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده والواقدي في كتاب " المغازي " والكاكي رده من غير وجه، ثم ادعى أن الذي ذكره عن الثقات المشهورين ولم يبين ذلك، والخصم لا يرضى بهذا المقدار، وهاهنا بحث كثير، ذكرناه في شرح للبخاري.
م: (ولأن الجهاد عبادة، والذمي ليس من أهلها) ش: أي من أهل العبادة م: (والمرأة والصبي عاجزان عنه) ش: أي عن الجهاد م: (ولهذا) ش: أي ولأجل عجزهما عن الجهاد م: (لم يلحقهما) ش: أي المرأة والصبي م: (فرضه) ش: أي فرض الجهاد م: (والعبد لا يمكنه المولى) ش: أي من الجهاد م: (وله) ش: أي للمولى م: (منعه) ش: أي عن الجهاد، ولأنه فرض كفاية، إلا إذا هجم العدو، فليس له منعه حينئذ، لأنه يصير فرض عين.
م: (إلا أنه) ش: أي غير أن الإمام م: (يرضخ) ش: أي يعطي م: (لهم تحريضاً) ش: شيئاً