الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن كانت أصبع واحدة سوى الإبهام مقطوعة أو شلاء قطع؛ لأن فوت الواحدة لا يوجب خللا ظاهرا في البطش، بخلاف فوات الأصبعين لأنهما ينزلان منزلة الإبهام في نقصان البطش.
وإذا قال الحاكم للحداد اقطع يمين هذا في سرقة سرقها فقطع يساره عمدا أو خطأ، فلا شيء عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: لا شيء عليه في الخطأ ويضمن في العمد. وقال زفر: يضمن في الخطأ أيضا، وهو القياس. والمراد بالخطأ هو الخطأ في الاجتهاد، وأما الخطأ في معرفة اليمين أو اليسار فلا يجعل عذرا،
ــ
[البناية]
م: (فإن كانت أصبع واحدة) ش: يعني من اليد اليسرى م: (سوى الإبهام مقطوعة أو شلاء قطع؛ لأن فوت الواحدة) ش: أي الأصبع الواحدة م: (لا يوجب خللاً ظاهراً في البطش، بخلاف فوات الأصبعين، لأنهما ينزلان منزلة الإبهام في نقصان البطش) ش: وقال تاج الشريعة: فإن كان أصبع واحدة إلى العشرة فرق بين هذا وبين الكفارة، فإن العبد إذا كان مقطوع أحد اليدين أو الرجلين أو الإبهام أو الأصبعين فأعتقه عن الكفارة يجزئه؛ لأن قطع الإبهام إهلاك من وجه، فأقيم الإهلاك في حقه مقام الإهلاك من كل وجه احتيالاً لدرء القطع، أما الكفارة فلا يحتال فيها فلا يقام الإهلاك من وجه مقام الإهلاك من كل وجه
[قال الحاكم للحداد اقطع يد هذا فقطع الحداد يساره]
م: (وإذا قال الحاكم للحداد) ش: أي الذي يقيم الحد كالجلاد الذي يقيم الجلد، كذا في المغرب م:(اقطع يمين هذا في سرقة سرقها) ش: قيد بقوله: يمين هذا؛ لأنه لو قال: اقطع يد هذا فقطع الحداد يساره لا ضمان عليه بالاتفاق م: (فقطع يساره عمداً أو خطأ فلا شيء عليه) ش: أي على الحداد م: (عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: سواء قطعه عمداً أو خطأ، ولكن يثوب الحداد، وبه قال أحمد.
م: (وقالا) ش: أي وقال أبو يوسف ومحمد: م: (لا شيء عليه) ش: أي على الحداد إذا كان م: (في الخطأ ويضمن في العمد) ش: أرش اليسار م: (وقال زفر: يضمن في الخطأ أيضاً) ش: يعني يضمن الأرش، وعند الشافعي في العمد يجب القصاص عليه، وبه قال مالك؛ لأنه قطع بغير حق فوجب عليه القود. ولو قال: أخطأت وظننت أنه اليسار فعليه الدية؛ لأن الخطأ غير مرفوع في حق العباد، ولو بادر رجل فقطع اليمين بغير إذن الإمام، فلا شيء عليه بالإجماع، ولكن يؤدبه الإمام على ذلك؛ لأنه أساء الأدب حيث قطع بغير إذن الإمام كذا في " المبسوط " م:(هو القياس) ش: أي قول زفر، وهو القياس م:(والمراد بالخطأ) ش: أي المراد من الخطأ الذي لا شيء عليه م: (هو الخطأ في الاجتهاد) ش: يعني في قَوْله تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] حيث زعم أن الكتاب مطلق عن قيد اليمين.
م: (وأما الخطأ في معرفة اليمين أو اليسار فلا يجعل عذراً) ش: لأن الجهل في موضع الاشتهار ليس بعذر، وهذا موضع الاشتهار؛ لأن كل واحد يميز بين اليمين واليسار، وإليه
وقيل يجعل عذرا أيضا. له أنه قطع يدا معصومة، والخطأ في حق العباد غير موضوع فيضمنها، قلنا: إنه أخطأ في اجتهاده، إذ ليس في النص تعيين اليمين، والخطأ في الاجتهاد موضوع، ولهما أنه قطع طرفا معصوما بغير حق ولا تأويل له؛ لأنه تعمد الظلم فلا يعفى، وإن كان في المجتهدات، وكان ينبغي أن يجب القصاص إلا أنه امتنع للشبهة. ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه أتلف وأخلف من جنسه ما هو خير منه، فلا يعد إتلافا، كمن شهد على غيره ببيع ماله بمثل قيمته ثم رجع
ــ
[البناية]
ذهب فخر الإسلام م: (وقيل يجعل عذراً أيضاً) ش: فلا يضمن؛ لأنه بنى أمره على دليل شرعي. كذا في " الكافي ".
وقيل: اجتهد في جواز قطع اليسرى نظراً إلى إطلاق النص هكذا رأيت بخط شيخي العلاء رحمه الله.
م: (له) ش: أي لزفر م: (أنه) ش: أي أن الحداد م: (قطع يداً معصومة) ش: ولهذا لو قطع غير الحداد يضمن كما لو رمى صيداً فأصاب إنساناً يضمن م: (والخطأ في حق العباد غير موضوع فيضمنها) ش: أي الدية م: (قلنا: إنه أخطأ في اجتهاده إذ ليس في النص تعيين اليمين) ش: لأن النص مطلق م: (والخطأ في الاجتهاد موضوع) ش: أي شرعاً. م: (ولهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أنه) ش: أي أن الحداد م: (قطع طرفاً معصوماً بغير حق) ش: لأن الحق في اليمين وهو أيضاً لم يقطع يسار أحد؛ ليكون حق قطع اليسار قصاصاً م: (ولا تأويل له) ش: أي للحداد فيما فعله م: (لأنه تعمد الظلم فلا يعفى وإن كان في المجتهدات) ش: واصل بما قبله، إذ المجتهد لا يقدر في الظلم عمداً كالباغي إذا أتلف مال العادل م:(وكان ينبغي أن يجب القصاص) ش: لأنه قطع ما ليس بمحل م: (إلا أنه امتنع) ش: أي إلا أن القصاص امتنع م: (للشبهة) ش: أي لأجل الشبهة الثابتة من إطلاق النص، وإن كانت اليمين ثبتت بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه، ولكن تبقى شبهة اليسار الداخل تحت اسم اليد، فالشبهة تكفي لدرء القصاص، بخلاف ضمان الأموال.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أنه أتلف) ش: حيث قطع اليسار م: (وأخلف من جنسه) ش: أي من جنس المقطوع م: (ما هو خير منه) ش: وهو اليمين؛ لأن منفعة اليمين صارت على شرف الزوال فيكون كالغائب من حيث الاعتبار م: (فلا يعد إتلافاً كمن شهد على غيره ببيع ماله بمثل قيمته ثم رجع) ش: حيث لا يضمن، وبقولنا قال الشافعي - في الأصح - وأحمد. وقال مالك والشافعي في قول: يقطع؛ لأنه وجب قطعها فلا يسقط بالجناية على غيرها.
فإن قيل: اليمين لم يحصل له سبب القطع، بل كان حاصلاً له قبل ذلك والإتلاف بخلف إنما لا يوجب الضمان إذا حصل الخلف بسبب حصل به الإتلاف كما في مسألة الشهادة ونقصان