الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] من غير فصل بين الغني والفقير. ولنا أن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلناه، وكفى بهم قدوة، وقال عليه السلام:«يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم، وعوضكم منها بخمس الخمس»
ــ
[البناية]
المنذر قولاً ثالثاً أنه يكون للأئمة بعده، أي الخليفة. وقال مالك: تفرقة الخمس إلى الإمام، يفرقه فيما شاء، وسهم لليتامى لكل صغير فقير لا أب له.
[تقسيم خمس النبي]
م: (ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم) ش: من عبد شمس وبني نوفل. واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وكان بنو عبد مناف خمساً؛ هاشم والمطلب ونوفلاً وعبد شمس وأبا عمر، واسمه عبيد ولم يعقب، وعثمان رضي الله عنه من بني عبد شمس لأنه عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وجبير من بني نوفل فإنه جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل. وقال ابن إسحاق: عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] من غير فصل بين الغني والفقير) ش: فيشتركان.
م: (ولنا أن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم) ش: وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم م: (قسموه) ش: أي الخمس م: (على ثلاثة أسهم على نحو ما قلناه) ش: يعني به قوله: أما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم، إلى آخره، وروى أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح وابن عباس رضي الله عنهما:«أن الخمس الذي كان يقسم على عهده عليه السلام على خمسة أسهم: لله وللرسول سهم، ولذي القربى واليتامى سهم، وللمساكين سهم، وابن السبيل سهم» ثم قسم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ثلاثة أسهم: سهم لليتامى وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل، انتهي. وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليهم، فحل محل الإجماع م:(وكفى بهم قدوة) ش: أي كفى بالخلفاء الأربعة اقتداء.
م: (وقال عليه السلام) ش: أي قال النبي صلى الله عليه وسلم: م: «يا معشر بني هاشم: إن الله تعالى كره لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس» ش: هذا الحديث غريب وقد تقدم في الزكاة.
وروى الطبراني في " معجمه " من حديث عكرمة عن ابن عباس قال: «بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما-: انطلقا إلى ابن عمكما لعله يستعين بكما على الصدقات لعلكما تصيبان شيئاً فتتزوجان، فلقيا علياً - رضوان الله عليه - فقال: أين تأخذان؟ فحدثاه،
والعوض إنما يثبت في حق من يثبت في حقه المعوض وهم الفقراء، والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم للنصرة، ألا ترى أنه عليه السلام -علل فقال: إنهم لن يزالوا معي هكذا في الجاهلية والإسلام، وشبك بين أصابعه،
ــ
[البناية]
فقال لهما: ارجعا، فلما أمسيا أمرهما أن ينطلقا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما دفعا الباب استأذنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة:" أرخي الستار عليك سجفك أدخل علي ابن عمي "، فحدثا النبي صلى الله عليه وسلم بحاجتهما، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لكما أهل البيت من الصدقات شيء ولا غسالة أيدي الناس، إن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم ويكفيكم» .
م: (والعوض إنما يثبت في حق من يثبت في حقه المعوض) ش: أراد بالعوض خمس الخمس، وبالمعوض على صيغة اسم المفعول من التعويض الزكاة. تقريره أن العوض وهو الزكاة لا يجوز دفعها إلى الأغنياء، فكذلك يجب أن يكون عوض الزكاة وهو خمس الغنائم لا يدفع إليهم، لأن العوض إنما يثبت في حق من فات عنه المعوض وإلا لا يكون عوضاً لذلك المعوض.
فإن قيل: هذا الحديث إما أن يكون ثابتاً صحيحاً أو لا، فإن كان الأول وجب أن يقسم الخمس على خمسة أسهم، وأنتم تقسمونه على ثلاثة أسهم، وهو مخالفة الحديث الثابت الصحيح وإن كان الثاني لا يصح الاستدلال به. أجيب: بأن لهذا الحديث دلالتين، إحداهما إثبات العوض في المحل الذي فات عنه المعوض على ما ذكرناه والثانية جعله على خمسة أسهم.
ولكن قام الدليل على انتفاء قسمة الخمس على خمسة أسهم، وهو فعل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم كما تقدم، ولم يقم الدليل على تغيير العوض ممن فات منه المعوض فقلنا به كما تمسك الخصم على تكرار الصلاة على الجنازة بما روي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة رضي الله عنه سبعين صلاة، وهو لا يقول بالصلاة على الشهيد» ولكن يقول: للحديث دلالتان، إحداهما ثابتة وإن انتفت الأخرى.
م: (وهم الفقراء) ش: الضمير يرجع إلى كلمة من في قوله: من يثبت م: (والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم للنصرة) ش: هذا جواب عما يقال: لو كان ما ذكرتم صحيحاً، بجميع مقدماته، لما أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت أنه أعطى بني هاشم وبني المطلب. وتقرير الجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعطاهم للنصرة.
م: (ألا ترى أنه عليه السلام) ش: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم م: (علل فقال: «إنهم لن يزالوا معي هكذا في الجاهلية والإسلام، وشبك بين أصابعه» ش: هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه
دل على أن المراد من النص قرب النصرة لا قرب القرابة. فأما ذكر الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه.
وسهم النبي صلى الله عليه وسلم سقط بموته
ــ
[البناية]
عن ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: «لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب، جئت أنا وعثمان قلنا: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك منهم، إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، فقال: " إنهم لم يفارقوني في الجاهلية والإسلام "وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، ثم شبك بين أصابعه» .
م: (دل على أنا المراد من النص قرب النصرة لا قرب القرابة) ش: وذكر أبو بكر الرازي في شرحه لمختصر الطحاوي أن أصحابنا اختلفوا في هذا فمنهم من قال: إنهم كانوا يستحقون السهم بالمعنيين النصرة والقرابة جميعاً.
واستدلوا بالحديث المذكور. وأخبر عليه السلام أنهم استحقوا بالنصرة وبالقرابة جيمعاً، فما لم يجتمعا لم يستحق، فمن جاء بعد ذلك من القرابة فقد عدمت منه النصرة فحينئذ إنما يستحقه بالفقر دون غيره، ولا حق لأغنياء. من أصحابنا من قال: إن سهم ذوي القربى في الأصل لم يجب إلا للفقراء منهم، ولم يكن مستحقا باسم القرابة دون الفقر.
والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بني المطلب ولم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل، وهما جميعاً في محل واحد من القرابة، ولو كان مستحقاً بالقرب لاستحق الجميع لتساويهم فيه، ومن الدليل عليه أيضاً أن الخلفاء الراشدين لم يعطوا سهم ذوي القربى لأغنياء منهم، وإنما أعطوا الفقراء.
م: (فأما ذكر الله تعالى في الخمس) ش: في قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41](الأنفال: الآية 41) م: (فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه) ش: روى أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في شرح الآثار بإسناده إلى سفيان الثوري عن قيس بن مسلم قال: سألت الحسن بن محمد بن علي رضي الله عنه عن قول الله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] قال: أما قوله: فأن لله خمسه، فهو مفتاح كلام، ولله الدنيا والآخرة.
م: (وسهم النبي صلى الله عليه وسلم سقط بموته) ش: لأنه كان يستحق ذلك لكونه رسولاً، فلما مات سقط، لأنه لا رسول بعد وفاته، ولم يكن استحقاقه ذلك لقيامه بأمور أمته، ولهذا لم يرفع الخلفاء الراشدون بعده هذا السهم لأنفسهم.
كما سقط الصفي، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستحقه برسالته ولا رسول بعده،
والصفي شيء كان صلى الله عليه وسلم يصطفيه لنفسه من الغنيمة مثل درع أو سيف أو جارية.
ــ
[البناية]
وكانت له خصائص شرف الرسالة لم تكن للأئمة، كحل التسع وحرمة نسائه بعده على المؤمنين وإباحة البضع بلا مال، والعصمة عن الكذب م:(كما سقط الصفي) ش: بفتح الصاد وكسر الفاء وتشديد الياء، أي كما سقط الصفي بموته، وكذا سقط خمس الخمس وسهم رجل من الغنيمة.
م: (لأنه) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم م: (كان يستحقه) ش: أي السهم م: (برسالته) ش: أي بسبب رسالته م: (ولا رسول بعده) ش: أي بعد موته، ولهذا لا يستحقه الخلفاء، ولأن الأنبياء عليهم السلام لا يورثون.
م: (والصيفي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يصطفيه لنفسه من الغنيمة) ش: أي يختاره لنفسه م: (مثل درع أو سيف أو جارية) ش: وروى أبو داود في سننه: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعي الصفي إن شاء عبداً، أو شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس» هذا مرسل.
وأخرج أيضاً عن ابن عون رحمه الله قال: سألت محمد بن سيرين عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي، قال: كان يضرب له سهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفي يؤخذ له [من] رأس الخمس، قبل أي شيء، وأخرج أيضاً عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كانت صفية من الصفي» ورواه الحاكم في " مستدركه " وقال: صحيح على شرط الشيخين - رحمهما الله - ولم يخرجاه.
وقال محمد رحمه الله في السير الكبير بإسناده عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: «كان سيف النبي صلى الله عليه وسلم الذي تنفل يوم بدر، كان سيف العاص بن المنبه بن الحجاج، يعني اتخذه لنفسه صفياً» . قال الأترازي رحمه الله: فهذا دليل على أنه لم يحمل من الجنة.
وذكر هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه في كتاب السيوف: «كان سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار، وكان للعاص بن منبه الحجاج السهمي، فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم بدر وجاء بسيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصار بعد لعلي رضي الله عنه أعطاه إياه النبي صلى الله عليه وسلم. وله يقول القائل: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي» . إلى هنا كلام الكلبي رحمه الله.
وقال الشافعي رحمه الله: يصرف سهم الرسول إلى الخليفة، والحجة عليه ما قدمناه. وسهم ذوي القربى كانوا يستحقونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالنصرة لما روينا. قال: وبعده بالفقر، قال العبد الضعيف: هذا الذي ذكره قول الكرخي رحمه الله وقال الطحاوي رحمه الله: سهم الفقير منهم
ــ
[البناية]
وما ذكر الزمخشري في " فائقه ": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفله في غزوة المصطلق، ليس بصحيح لرواية من هو أقدم وأعلم بخلافه، ولا سيما أمر المغازي، فإن الكلبي آية فيه. وقال الأكمل:«واصطفى صفية من غنائم خيبر» . انتهى، قلت: ذكر البخاري رحمه الله وغيره مسنداً إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قدمنا خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب وقد قتل زوجها وكانت عروساً، فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه» . م: (وقال الشافعي رحمه الله: يصرف سهم الرسول إلى الخليفة) ش: هذا في رواية عنه وفي رواية: يصرف إلى مصالح المسلمين كسد الثغور، وبه قال أحمد. وعن الشافعي رحمه الله أنه يرد سهم النبي صلى الله عليه وسلم بعده على بقية الأصناف.
م: (والحجة عليه) ش: أي على الشافعي رحمه الله م: (ما قدمناه) ش: من أن الخلفاء الراشدين لم يرفعوا بعده هذا السهم لأنفسهم م: (وسهم ذوي القربى كانوا يستحقونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالنصرة لما رويناه) ش: إشارة إلى قوله: والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم للنصرة، إلى آخر ما قال.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وبعده بالفقر) ش: أي وبعد النبي صلى الله عليه وسلم مستحقون بالفقر، فلا يعطى شيء لأغنيائهم م:(قال العبد الضعيف) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (هذا الذي ذكره) ش: أي القدوري أن استحقاقهم بالفقر م: (قول الكرخي رحمه الله) . (وقال الطحاوي رحمه الله: سهم الفقير منهم ساقط أيضاً لما رويناه من الإجماع) ش: أشار به إلى قوله: ولنا أن الخلفاء الراشدين قسموه على ثلاثة أسهم م: (ولأن فيه) ش: أي في سهم ذوي القربى م: (معنى الصدقة نظراً إلى المصرف) ش: لأن الهاشمي الذي يصرف إليه فقير، إذا لم يكن فقيراً لا يجوز صرفه إليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق الروايات عن أصحابنا، فلما كان فيه معنى الصدقة م:(فيحرم) ش: أي ذوي القربى م: (كما يحرم العمالة) ش: أي كما حرم الهاشمي العامل على الصدقة العمالة بضم العين، وهو ما يعطى على عمله.
م: (وجه الأول) ش: أراد قول الكرخي م: (وقيل هو الأصح) ش: إنما قال: وقيل؛ لأن في كون قول الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صح اختلاف المشايخ م: (ما روي) ش: خبر لقوله: وجه الأول، وقوله: وقيل هو الأصح، جملة معترضة بين المبتدأ والخبر [....] م:(أن عمر رضي الله عنه أعطى الفقراء منهم) ش: أي من ذوي القربى. روى أبو داود في " سننه " من حديث سعيد بن المسيب حدثنا جبير بن مطعم «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس ولا