المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[محرمات الجهاد ومكروهاته] - البناية شرح الهداية - جـ ٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السرقة

- ‌[نصاب السرقة]

- ‌[شروط القطع]

- ‌ اشترك جماعة في سرقة

- ‌[باب في بيان ما يقطع فيه السارق وفي بيان ما لا يقطع فيه] [

- ‌سرقة ما دون النصاب]

- ‌[سرقة المصحف وآلات اللهو وآنية الخمر]

- ‌[سرقة باب المسجد والصليب من الذهب]

- ‌[سرقة الصليب من الفضة]

- ‌[سرقة الدفاتر والصحائف والكلب والدف والفصوص الخضر]

- ‌[قطع النباش ومن سرق درة من إصطبل]

- ‌[السرقة من بيت المال وحكم من سرق زيادة على حقه]

- ‌[سرق عيناً فقطع فيها فردها]

- ‌فصل في الحرز والأخذ منه

- ‌ سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم

- ‌[السرقة من بيت الأخت من الرضاع]

- ‌[سرقة أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده ومن سرق من أمه من الرضاعة]

- ‌[سرقة المولى من مكاتبه والسرقة من المغنم]

- ‌[أنواع الحرز]

- ‌ سرق شيئا من حرز أو من غير حرز وصاحبه عنده يحفظه

- ‌[سرق من المسجد متاعاً وصاحبه عنده والضيف إذا سرق ممن أضافه]

- ‌[نقب اللص البيت وناوله آخر خارج البيت أو ألقى المتاع في الطريق ثم خرج فأخذه]

- ‌ دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم

- ‌ سرق من القطار بعيرا أو جملا

- ‌ سرق جولقا فيه متاع وصاحبه عنده يحفظه، أو نائم

- ‌فصل في كيفية القطع وإثباته

- ‌قطع يمين السارق من الزند

- ‌[سرق ثانياً بعد قطع يده اليمنى]

- ‌[السارق إذا كان أشل اليد اليسرى أو أقطع]

- ‌[قال الحاكم للحداد اقطع يد هذا فقطع الحداد يساره]

- ‌[أخرج السارق يساره وقال هذه يميني فقطعها الحداد]

- ‌[الشهادة والإقرار في السرقة ومن له يد حافظة سوى المالك إذا سرق منه]

- ‌[السرقة من المرتهن]

- ‌ السرقة موجبة للقطع من نفسها

- ‌[استيفاء القطع بحضرة المالك]

- ‌[قطع بسرقة فسرقت منه أو رد المسروق قبل بلوغ الحاكم]

- ‌ قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له

- ‌[الفسق في الشهود على السرقة ورد المسروق بعد الواقعة قبل الاستيفاء]

- ‌ أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما: هو مالي

- ‌[أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها أوأقر بالسرقة ثم رجع]

- ‌ قطع السارق والعين قائمة في يده

- ‌[الضمان في المسروق]

- ‌ سرق سرقات فقطع في إحداها

- ‌باب ما يحدث السارق في السرقة

- ‌ قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن

- ‌[سرق ذهباً أو فضة فصنعه دراهم ودنانير]

- ‌باب قطع الطريق

- ‌[قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن]

- ‌[أحوال الحرابة]

- ‌[التخيير بين الصلب وتركه في الحرابة]

- ‌[قتل قطاع الطريق]

- ‌ كان في القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه

- ‌[ذو الرحم المحرم إذا قطع عليه الطريق ذو رحم منه]

- ‌ خنق رجلا حتى قتله

- ‌كتاب السير

- ‌[حكم الجهاد]

- ‌ الجهاد على الصبي

- ‌باب كيفية القتال

- ‌[امتناع المحاصرون من الكفار عن قبول الدعوة]

- ‌[قتال من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام]

- ‌[قتال من بلغته الدعوة]

- ‌[إخراج النساء والمصاحف مع المسلمين في الجهاد]

- ‌[محرمات الجهاد ومكروهاته]

- ‌باب الموادعة ومن يجوز أمانه

- ‌[صالح الإمام أهل الحرب مدة معينة]

- ‌[بدء الكفار بالخيانة]

- ‌[موادعة المرتدون]

- ‌ حاصر العدو المسلمين وطلبوا الموادعة على مال يدفعه المسلمون

- ‌فصل إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة فردا أو جماعة

- ‌ حاصر الإمام حصنا وأمن واحد من الجيش وفيه مفسدة

- ‌[أمان الذمي]

- ‌ أمان العبد المحجور عليه

- ‌[أمان الصبي]

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها]

- ‌[إذا أسلم الأسارى بعد الأسر]

- ‌[مفاداة الأسرى بمال يؤخذ منهم]

- ‌[إذا أسلم أسير في أيدينا هل يفادى بمسلم أسير في أيديهم]

- ‌[أراد الإمام العود إلى دار الإسلام ومعه المواشي]

- ‌[ذبح الحيوان لكسر شوكة الأعداء]

- ‌[قسمة الغنائم في دار الحرب]

- ‌[مشاركة المدد العسكر في الغنيمة]

- ‌ بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب

- ‌[حق من مات من الغانمين في دار الحرب من الغنيمة]

- ‌[تناول شيء من الأدوية والطيب ودهن البنفسج ودهن الخيري قبل القسمة للغنائم]

- ‌[الانتفاع بالثياب والمتاع قبل القسمة]

- ‌[من قاتل من عبيد الذمي الذي أسلم هل يعد فيئا]

- ‌[الأكل وعلف الدواب من الغنيمة إذا خرج المسلمون من دار الحرب]

- ‌[الرد إلى الغنيمة]

- ‌فصل في كيفية القسمة

- ‌[قسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً وهلك فرسه]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن]

- ‌[هل يسهم للمملوك والمرأة والصبي والمجنون والذمي]

- ‌[متى يرضخ للمرأة]

- ‌[متى يرضخ للذمي]

- ‌[تقسيم خمس النبي]

- ‌إذا دخل الواحد أو الاثنان دار الحرب مغيرين

- ‌[دخول الواحد أو الاثنان دار الحرب بإذن الإمام]

- ‌فصل في التنفيل

- ‌[النفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام]

- ‌[من يستحق السلب من الغنيمة]

- ‌[المراد بالسلب]

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌[شراء الذي استولى عليه الحربي]

- ‌[أبق عبد مسلم لمسلم فدخل إلى أهل الحرب فأخذوه]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب

- ‌[أسلم عبد الحربي ثم خرج إلينا]

- ‌باب المستأمن

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا

- ‌[قتل مسلم تاجرا أسيراً]

- ‌[فصل إذا دخل الحربي إلينا مستأمنا]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراج

- ‌ دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا

- ‌ دخل حربي بأمان فتزوج ذمية

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال

- ‌[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام]

- ‌من قتل مسلما خطأ لا ولي له، أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان

- ‌باب العشر والخراج

- ‌[مشركوا العرب هل يقبل منهم الخراج]

- ‌ وضع الخراج على الشام

- ‌[من أحيا أرضاً مواتاً من حيز أرض الخراج]

- ‌[توظيف العشر على البصرة]

- ‌[أنواع الخراج]

- ‌[استأجر رجل أرضاً فزرعها فاصطلمت الزرع آفة]

- ‌من أسلم من أهل الخراج

- ‌[الجمع بين العشر والخراج]

- ‌[لا يؤخذ خراج الأرض في سنة إلا مرة واحدة]

- ‌باب الجزية

- ‌[وجوب الجزية بدلا عن القتل]

- ‌وضع الجزية على أهل الكتاب

- ‌[الجزية على المرأة والصبي]

- ‌[أصحاب الصوامع هل يوضع عليهم الخراج]

- ‌من أسلم وعليه جزية

- ‌[اجتمعت علي الذمي جزية الحولين]

- ‌فصل ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام

- ‌[إحداث البيع والكنائس في أرض العرب]

- ‌[تمييز أهل الذمة عن المسلمين في زيهم]

- ‌[نقض عهد من امتنع من أداء الجزية]

- ‌[فصل نصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة]

- ‌باب أحكام المرتدين

- ‌[المرتد إذا قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه]

- ‌[ميراث المرتد إن مات أو قتل على ردته]

- ‌[ميراث زوجة المرتد إذا قتل على ردته وهي في العدة]

- ‌[كسب الردة قضاء الدين منه]

- ‌ تصرفات المرتد

- ‌[وطئ المرتد جاريته النصرانية فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد]

- ‌ قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب

- ‌ قطعت يد المرتد ثم أسلم فمات من ذلك

- ‌ ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ أسيرا بماله

- ‌[ارتد الرجل وامرأته ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب]

- ‌[الشهادة على الردة]

- ‌باب البغاة

- ‌[إعانة الإمام الحق على قتال البغاة]

- ‌ما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر

- ‌[المقتول من عسكر أهل البغي]

- ‌ قتل رجل من أهل العدل باغيا

- ‌كتاب اللقيط

- ‌[حكم الإ لتقاط]

- ‌[الإنفاق علي اللقيط]

- ‌[الرجل يلتقط اللقيط فيدعيه النصراني]

- ‌ وجد مع اللقيط مال مشدود عليه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌[تعريف اللقطة]

- ‌[الإشهاد على اللقطة]

- ‌ الالتقاط في الشاة والبقر والبعير

- ‌[تعريف لقطة الحرم]

- ‌كتاب الإباق

- ‌[رد الآبق على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام]

- ‌كتاب المفقود

- ‌[حفظ مال من غاب فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت]

- ‌[حق امرأة المفقود]

- ‌[إذا تم للمفقود من عمره مائة وعشرون منذ ولدته أمه]

- ‌ أوصى للمفقود ومات الموصي

- ‌كتاب الشركة

- ‌[تعريف الشركة]

- ‌[أنواع الشركة]

- ‌ التفاضل فيما لا يصلح الشركة فيه

- ‌[حكم شركة المعاوضة]

- ‌[المفاوضة بين العبدين والصبيين والمكاتبين]

- ‌[عقد الكفالة من المريض]

- ‌[الكفالة بغير أمر المكفول]

- ‌[بطلان المفاوضة وصيرورتها عنانًا]

- ‌فصل ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة

- ‌[الشركة بالفلوس النافقة]

- ‌[عقد الشركة بما سوى المذكور من الدراهم والدنانير والفلوس النافقة]

- ‌[صورة شركة العنان]

- ‌ هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا

- ‌ شركة الصنائع

- ‌[المراد بشركة الوجوه]

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌ فسخ أحد الشريكين الشركة

- ‌[أداء الزكاة من مال الشريكين]

- ‌كتاب الوقف

- ‌[حكم الوقف]

- ‌ وقف في مرض موته

- ‌وقف المشاع

- ‌ وقف العقار

- ‌[بيع الوقف أو تمليكه]

- ‌[ما انهدم من آلة الوقف]

- ‌ جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه

- ‌[شرط الواقف الغلة لنفسه]

- ‌[شرط الواقف أن يستبدل بالوقف أرضا أخرى]

- ‌فصل وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه

- ‌[الواقف لو نصب المتولي على المقبرة]

- ‌[الأوقاف إذا تعطلت وتعذر اشتغالها هل للمتولي بيعها ويشتري مكانها]

الفصل: ‌[محرمات الجهاد ومكروهاته]

والخدمة، فإن كانوا لا بد من خروجهن فبالإماء دون الحرائر. ولا تقاتل المرأة إلا بإذن زوجها، ولا العبد إلا بإذن مولاه لما بينا، إلا أن يهجم العدو على بلد للضرورة.

وينبغي للمسلمين أن لا يغدروا ولا يغلوا ولا يمثلوا؛ لقوله عليه السلام: «لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا» ، والغلول السرقة من المغنم، والغدر الخيانة ونقض العهد، والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة بالنهي المتأخر هو المنقول، ولا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا مقعدا ولا أعمى، لأن المبيح للقتل عندنا هو الحراب فلا يتحقق منه، ولهذا لا يقتل يابس الشق، والمقطوع اليمنى، والمقطوع يده ورجله من خلاف، والشافعي رحمه الله يخالفنا في الشيخ والمقعد والأعمى؛ لأن المبيح عنده الكفر

ــ

[البناية]

(والخدمة، فإن كانوا لا بد من خروجهن فبالإماء) ش: أي فيخرج الإماء جمع أمة م: (دون الحرائر) ش: جمع حرة.

م: (ولا تقاتل المرأة إلا بإذن زوجها، ولا العبد إلا بإذن مولاه لما بينا) ش: أشار به إلى قوله لتقدم حق الولي والزوج م: (إلا أن يهجم العدو على بلد للضرورة) ش: هذا استثناء من قوله ولا تقاتل المرأة يعني عند الضرورة، وعند الضرورة يقاتلان، الجهاد حينئذ يصير فرض عين.

[محرمات الجهاد ومكروهاته]

م: (وينبغي للمسلمين أن لا يغدروا ولا يغلوا ولا يمثلوا؛ لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا» ش: هذا في حديث سليمان بن بريدة وقد تقدم بعضه، وفيه:«اغزوا ولا تغدورا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا» م: (والغلول السرقة من المغنم، والغدر الخيانة ونقض العهد، والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة بالنهي المتأخر هو المنقول) ش: هذا كأنه جواب عن سؤال مقدر كأن القائل يقول هذا الحديث يدل على تحريم المثلة، وحديث العرنيين يدل على إباحتها؟ فأجاب بقوله وحديث العرنيين منسوخ بالنهي المتأخر عن حديث العرنيين.

والدليل على تأخر النهي ما رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن عمران بن حصين أنه قال: «ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد ماشل الأركان محطياً على الصدقة وينهانا عن المثلة» وتخصيصه بالذكر في خطبته يدل على تأكد الحرمة، والمثلة من مثلت بالرجل أمثل به مثلاً ومثلة إذا سودت وجهه أو قطعت أنفه أو ما أشبه ذلك ذكره في " الفائق ".

م: «ولا تقتلوا امرأة ولا صبياً ولا شيخاً فانياً ولا مقعداً ولا أعمى» ش: هذا كله من كلام القدوري في مختصره، وعلله المصنف بقوله م:(لأن المبيح للقتل عندنا هو الحراب، فلا يتحقق منه، ولهذا لا يقتل يابس الشق) ش: أي المفلوج، ويراد باليبس بطلان حسه وذهاب حركته لا أنه ميت حقيقة، كذا في " المغرب " م:(والمقطوع اليمين، والمقطوع يده ورجله من خلاف، والشافعي رحمه الله يخالفنا في الشيخ والمقعد والأعمى؛ لأن المبيح عنده الكفر) ش:

ص: 109

والحجة عليه ما بينا، وقد صح «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الصبيان والذراري، وحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة قال هاه، ما كانت هذه تقاتل فلم قتلت؟!»

ــ

[البناية]

أي المبيح للقتل عند الشافعي الكفر، هذا في قول عن الشافعي.

وفي قول آخر كقولنا، وبه قال مالك وأحمد وفي شرح " الوجيز " وفي الشيوخ الضعفاء والعميان والزمنى ومقطوعة الأيدي والرجل قولان، في قول: يجوز قتلهم، وبه قال أحمد في رواية، وفي قول: لا يجوز م: (والحجة عليه) ش: أي على الشافعي م: (ما بينا) ش: وهو قوله لا يقتل يابس الشق.

فإن قلت: احتج الشافعي بقوله عليه السلام: «اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم

» الحديث يروى عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.

قلت: المراد من الشيوخ الذين يقاتلون توفيقاً بين الحديثين، أو من له رأي في الحرب كما قتل دريد بن الصمة يوم أوطاس وهو ابن مائة وعشرين سنة، لأنه كانوا يأخذون برأيه في الحرب، وقتله ربيعة بن رفيع من المسلمين.

م: (وقد صح «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الصبيان والذراري» ش: هذا حديث غريب بهذا اللفظ ولم يتكلم أحد من الشراح فيه غير أن بعضهم قالوا المراد بالذراري النساء مجازاً باعتبار السبب، إذ النساء سبب لحصول الذراري، ولا يمكن جريه على حقيقته بدليل عطفه على الصبيان.

قلت: هذا التكلف كله لأجل قول المصنف، وقد صح ولم يصح بهذا اللفظ، وإنما الذي صح ما رواه الجماعة، إلا ابن ماجه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتوله فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان» وفي لفظ الشيخين «فأنكر قتل النساء والصبيان» .

م: «وحين رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة قال هاه، ما كانت هذه تقاتل فلم قتلت» ش: هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي بإسنادهما إلى رياح بن الربيع قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شيء، فبعث رجلا فقال: انظر على ما اجتمع هؤلاء، فجاء فقال: امرأة قتيل.

فقال ما كانت هذه لتقاتل، وعلى المقدمة خالد بن الوليد رضي الله عنه فبعث رجلاً فقال: قل لخالد لا تقتلن امرأة ولا صبياً» وأخرجه أحمد في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " مستدركه "، وفي لفظه فقال:«هذه ما كانت لتقاتل» . ورياح بالياء آخر الحروف، ويقال بالباء الموحدة.

ص: 110

قال: إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب، أو تكون المرأة ملكة لتعدي ضررها إلى العباد، وكذا يقتل من قاتل من هؤلاء دفعا لشره، ولأن القتال مبيح حقيقة.

ولا يقتلوا مجنونا، لأنه غير مخاطب إلا أن يقاتل فيقتل دفعا لشره، غير أن الصبي والمجنون يقتلان ما داما يقاتلان وغيرهما لا بأس بقتله بعد الأسر، لأنه من أهل العقوبة لتوجه الخطاب نحوه

ــ

[البناية]

وقال الدارقطني: ليس في الصحابة أحد يقال له رياح إلا هذا مع اختلاف فيه، وقال ابن ماكولا: رياح بالياء الموحدة ابن ربيع حنظة الكاتب له صحبة، روى عنه المدفع بن صفي، وقيل فيه: رياح بالياء المعجمة بنقطتين من تحتها، قوله: هاه كلمة تنبيه، والهاء في آخرها ليسكت.

م: (قال: إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب) ش: هذا لفظ القدوري في " مختصره " استثناء من قوله: «ولا تقتلوا امرأة ولا صبياً ولا شيخاً فانياً ولا أعمى ولا مقعداً» إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب.

وقد نقل المصنف قوله: «ولا تقتلوا امرأة....» إلى آخره، ثم تكلم ما ذكره بعده ثم نقل إسناده بقوله إلا أن يكون إلى آخره، وقال أبو بكر الرازي في كتاب " المرتد " من " شرح الطحاوي "، وأما الشيخ الفاني فأنا أقتله إذا كان ذا رأي في الحرب أو كان كامل العقل، ومثله يقتله إذا ارتد، والذي لا تقتله هو الشيخ الفاني الذي خرف وزال عن حدود العقلاء المميزين.

فهذا حينئذ يكون بمنزلة المجنون والصبي، فلا يقتل إذا كان حربياً، ولا إذا ارتد، وأما الذميون فهم بمنزلة الشيوخ ويجوز قتلهم إذا رأى الإمام ذلك، كما يقتل سائر الناس بعد أن يكونوا عقلاء، ويقتلهم إذا ارتدوا، كذا في " شرح الطحاوي ".

م: (أو تكون المرأة ملكة) ش: هذا أيضاً من جملة كلام القدوري، ذكره بعد قوله: إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب م: (لتعدي ضررها) ش: أي لتعدي ضرر المرأة الملكة م: (إلى العباد) ش: باعتبار حكمها م: (وكذا يقتل من قاتل من هؤلاء) ش: أشار به إلى الشيخ الفاني والأعمى والمقعد والمرأة م: (دفعاً لشره) ش: أي يقتل القاتل من هؤلاء لأجل دفع شره عن المسلمين م: (ولأن القتال مبيح حقيقة) ش: أي لأن قتال هؤلاء مبيح لقتالهم من حيث الحقيقة لكفرهم وإيذائهم.

م: (ولا يقتلوا مجنوناً لأنه غير مخاطب، إلا أن يقاتل فيقتل دفعاً لشره، غير أن الصبي والمجنون يقتلان ما داما يقاتلان) ش: دفعاً لشرهما م: (وغيرهما) ش: أي وغير الصبي والمجنون م: (لا بأس بقتله بعد الأسر، لأنه من أهل العقوبة لتوجه الخطاب نحوه) ش: بالعقل والبلوغ، وكذلك الرهابين إذا قاتلوا حيث يباح قتلهم جزاء على قتالهم.

وفي " السير الكبير ": لا يقتل الراهب في صومعة ولا أهل الكنائس الذي لا يخالطون

ص: 111

وإن كان يجن ويفيق فهو في حال إفاقته كالصحيح. ويكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وصاحبهما في الدّنيا معروفا} [لقمان: 15](لقمان: الآية 35) ، ولأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق عليه فيناقضه الإطلاق في إفنائه، فإن أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره، لأن المقصود يحصل بغيره من غير اقتحامه المأثم، وإن قصد الأب قتله بحيث لا يمكنه دفعه إلا بقتله لا بأس به، لأن مقصوده الدفع، ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه ولا يمكنه دفعه إلا بقتله يقتله لما بينا، فهذا أولى

ــ

[البناية]

الناس، فإن خالطوا يقتلون كالقسيس وغيره، وكذلك الراهب إن دل على عورة المسلمين جاز قتله م:(وإن كان) ش: أي المجنون م: (يجن ويفيق فهو في حال إفاقته كالصحيح) ش: يعني يقتل حال إفاقته سواء وجد منه القتال أو لا لكونه مقاتلاً مخاطباً، ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة.

م: (ويكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله) ش: بنصب اللام م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] (لقمان: الآية 35) ش: وفي السير الكبير: المراد الأبوان المشركان بدليل قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي} [لقمان: 15](لقمان الآية 35) ، وليس من المعروف أن يقتله أن يتركهما حرزاً للسباع، وروي أنه عليه السلام منع أبا بكر رضي الله عنه عن قتل أبيه يوم بدر، ولا خلاف عليه.

م: (ولأنه) ش: أي ولأن الابن م: (يجب عليه إحياؤه) ش: أي إحياء أبيه م: (بالإنفاق عليه) ش: والإنفاق سبب الإحياء م: (فيناقضه الإطلاق في إفنائه) ش: أي تناقض الإحياء إطلاقاً وقتل بإفنائه ولزوم المناقض لا يجوز، وقال الأترازي: الإطلاق في إفنائه، أي إفناء الأب م:(فإن أدركه) ش: أي فإن أدرك الابن أباه في الحرب م: (امتنع عليه) ش: أي امتنع الابن عن قتل أبيه وانتفاء عليه بأن يعالجه فيضرب قوائم فرسه ونحو ذلك.

م: (حتى يقتله غيره) ش: أي غير الابن لئلا يلحقه مأثم بمباشرة قتل أبيه، وفي " الذخيرة ": لو ظفر عليه قتل أبيه لا ينبغي أن يقصده بالقتل، ولا ينبغي أن يمكنه من الرجوع حتى لا يعود حرباً علينا، ولكنه يلحقه إلى موضع يتمسك به حق غيره فيقتله، م:(لأن المقصود) ش: أي من يقتله م: (يحصل بغيره) ش: أي بغير الابن م: (من غير اقتحامه الإثم) ش: أي من غير دخوله في الإثم بقتل أبيه.

م: (وإن قصد الأب قتله) ش: أي قتل ابنه م: (بحيث لا يمكنه دفعه) ش: أي بحيث لا يمكن الابن دفع أبيه عنه م: (إلا بقتله لا بأس به) ش: أي يقتله حينئذ م: (لأن المقصود الدفع) ش: عن نفسه م: (ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه) ش: وقد قصد قتل ابنه م: (ولا يمكنه دفعه إلا بقتله يقتله لما بينا) ش: أشار به إلى قوله لأن مقصوده الدفع م: (فهذا أولى) ش: لأنه كان هكذا في الأم والجد والجدة، ولو كان المشرك حالا أن يبتدئ بالقتل، وعند الشافعي يكره أن يقتل ذا

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

رحم محرم من الكفار، وفي الرحم غير المحرم وجهان، في وجه يكره، والثاني لا يكره، وقول مالك وأحمد كقولنا.

وفي " شرح الطحاوي ": وما سوى السوء الدين من ذوي الرحم المحرم فلا بأس بقتله، هذا في الكافر، وأما في أهل الخوارج والبغي فكل ذي رحم محرم كالأب سواء، وأما في الرحم في باب الزنا فإن البداية بالشهود شرط، فلو كان الشاهد هو الولد فلا بأس بأن يرمي ولا يقصد القتل.

ص: 113