الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: و
وقف المشاع
جائز عند أبي يوسف رحمه الله لأن القسمة من تمام القبض، والقبض عنده ليس بشرط، فكذا تتمته، وقال محمد رحمه الله: لا يجوز؛ لأن أصل القبض عنده شرط، فكذا ما يتم به، وهذا فيما يحتمل القسمة، فأما فيما لا يحتمل القسمة فيجوز مع الشيوع
ــ
[البناية]
بخلاف قول أبي حنيفة رحمه الله، فإن بالوقف عنده حبس العين على ملك الواقف، والتصدق بالنفقة.
فإذا كان محبوسًا على ملك الواقف لا يصح قوله: خرج عن ملك الواقف، على مذهب، وقال الكاكي رحمه الله: قوله يجب أن يكون قولهما مطلقًا لا يستقيم. أجيب عنه: بأنه قال: وإذا صح الوقف لم تدل الصحة على اللزوم كالعقود الصحيحة الغير اللازمة من العارية والوكالة والمضاربة، فكان القول بخروج الوقف عن ملك الواقف إذا صح الوقف، قولهما: إذا حكم به، فحينئذ خروجه قول الكل.
[وقف المشاع]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله. م: (ووقف المشاع جائز عند أبي يوسف رحمه الله) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله. م: (لأن القسمة من تمام القبض) ش: لأن القبض للخيارة وتمام الخيارة مما يقسم بالقسمة. م: (والقبض عنده) ش: أي عند أبي يوسف. م: (ليس بشرط فكذا تتمته) ش: وهي القسمة وهو كونه مقسومًا مقررًا.
وهذا لأن الوقف إسقاط الملك كالإعتاق، والشيوع لا يمنع العتاق فَلَا خَوْفٌ الوقف أيضًا، يؤيده «حديث عمر رضي الله عنه أنه أصاب [..] ، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فيها فأمره عليه السلام بوقفها» .
م: (وقال محمد رحمه الله: لا يجوز؛ لأن أصل القبض عنده شرط، فكذا ما يتم به) ش: أي ما يتم به القبض وهو كونه مقسومًا.
وقال الولوالجي في " فتاوى مشايخ بلخ ": أخذوا بقول أبي يوسف ومشايخ بخارى رحمهم الله أخذوا بقول محمد رحمه الله، ثم قال: وبه يفتى ثم قال: فإن رفع إلى القاضي فقضى بجوازه جاز عند الكل؛ لأنه مختلف فيه فيصير متفقًا عليه باتصال القضاء.
وقال في " خلاصة الفتاوى ": ولو وقفت نصف الحمام، جاز يعني بلا خلاف من أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - لأنه لا يحتمل القسمة فصار كسهم المشاع فيما لا يحتمل القسمة.
م: (وهذا) ش: أي وهذا الخلاف المذكور بين أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -. م: (فيما يحتمل القسمة، وأما فيما لا يحتمل القسمة) ش: كالحمام والرحى ونحوهما. م: (فيجوز مع الشيوع
عند محمد رحمه الله أيضا؛ لأنه يعتبره بالهبة والصدقة المنفذة إلا في المسجد والمقبرة، فإنه لا يتم مع الشيوع فيما لا يحتمل القسمة أيضا عند أبي يوسف رحمه الله لأن بقاء الشركة يمنع الخلوص لله تعالى، ولأن المهايأة فيهما في غاية القبح بأن يقبر فيه الموتى سنة ويزرع سنة، ويصلى فيه في وقت ويتخذ إصطبلا في وقت بخلاف الوقف، لإمكان الاستغلال وقسمة الغلة. ولو وقف الكل، ثم استحق جزءا منه، بطل في الباقي، عند محمد رحمه الله لأن الشيوع مقارن، كما في الهبة، بخلاف ما إذا رجع الواهب في البعض، أو رجع الوارث في الثلثين بعد موت المريض، وقد وهب أو وقف في مرضه،
ــ
[البناية]
عند محمد رحمه الله أيضا؛ لأنه) ش: أي لأن محمدا. م: (يعتبره) ش: أي الوقف بالنوع. م: (بالهبة) ش: أي لجواز الهبة المشاعة. م: (والصدقة المنفذة) ش: وهي التي سلمت إلى الفقير وجعلت مملوكة له، وفيه لا يمنع الشيوع، وكذا في الصدقة الموقوفة، وهي التي لم يملكها الموقوف عليه إلا إذا تصدق عليه بمنفعتها. م:(إلا في المسجد والمقبرة) ش: استثناء من قول أبي يوسف رحمه الله يعني لا يصح وقف المسجد والمقبرة فيما لا يحتمل القسمة أيضًا بأن كان الموضع صغيرًا لا يصلح بما أراده الواقف من المسجد والمقبرة على تقدير القسمة؛ لأن المسجد خالص لله تعالى، والشيوع بناء في الخلوص، ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] (الجن: الآية 18) .
م: (فإنه لا يتم) ش: أي فإن الوقف لا يتم. م: (مع الشيوع فيما لا يحتمل القسمة أيضًا عند أبي يوسف رحمه الله لأن بقاء الشركة يمنع الخلوص لله تعالى) ش: كما ذكرناه.
م: (ولأن المهايأة فيهما) ش: أي في المسجد والمقبرة. م: (في غاية القبح بأن يقبر بأن يقبر فيه الموتى سنة ويزرع سنة ويصلى فيه في وقت ويتخذ إصطبلًا في وقت بخلاف الوقف) ش: أي وقف المشاع، فإنه لا قبح فيه.
م: (لإمكان الاستغلال وقسمة الغلة) ش: بين مستحق الوقف وبين صاحب الملك. م: (ولو وقف الكل) ش: ذكر هذا تفريعًا لمسألة القدوري رحمه الله وهو أنه وقف عقارًا كله. م: (ثم استحق جزءًا منه) ش: بأن مالكه مستحقًا في النصف أو الثلث أو الربع ونحوهما. م: (بطل) ش: أي الوقف. م: (في الباقي) ش: بعد الاستحقاق. م: (عند محمد رحمه الله لأن الشيوع مقارن) ش: للقبض؛ لأن حق المستحق كان ثابتًا في الموقوف حال الوقف فلم يتم القبض، وهو شرط عند محمد رحمه الله فبطل في الباقي لانتفاء الشرط. م:(كما في الهبة) ش: المشاعة لمقارنة الشيوع فيه عند القبض. م: (بخلاف ما إذا رجع الواهب في البعض) ش: في النصف مثلًا بعد قبض الموهوب له. م: (أو رجع الوارث في الثلثين) ش: بأن وهب في مرض موته فمات ورجع الوارث. م: (بعد موت المريض، وقد وهب أو وقف في مرضه) ش: والحال أن الواهب وهب في مرضه أو
وفي المال ضيق؛ لأن الشيوع في ذلك طارئ، ولو استحق جزء مميز بعينه لم يبطل في الباقي لعدم الشيوع، ولهذا جاز في الابتداء وعلى هذا الحكم الهبة والصدقة المملوكة.
قال: ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد رحمه الله حتى يجعل آخره لجهة لا تنقطع أبدا. وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم، لهما أن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك، وأنه يتأبد كالعتق، فإذا كانت الجهة يتوهم انقطاعها لا يتوفر عليه
ــ
[البناية]
الواقف وقف في مرضه.
م: (وفي المال ضيق) ش: أي والحال أن في المال ضيقًا، يعني لا مال سواه لا يسع المال الهبة ولا الوقف، وأصله أن حكم هبة المريض كحكم الوهب حتى يصير خروجها من الثلث، وكذلك الوقف، ثم إن الوارث لما أبطله فيما زاد على الثلث بقي في الثلث صحيحًا؛ لأن حق الوارث إنما يثبت بعد الموت، فإبطاله بعد الموت في القدر الذي بطل فيقدر على ذلك الوقف ولا يتعين الوقف في الجزء الشائع.
م: (لأن الشيوع في ذلك طارئ) ش: وهذا مجرى الرجوع في الهبة ظاهرًا، وكذا في رجوع الورثة؛ لأن حقهم يثبت في المال ثم سد فيكون طارئًا. م:(ولو استحق جزء مميز بعينه) ش: يعني في المسألة المذكورة. م: (لم يبطل) ش: أي الوقف. م: (في الباقي لعدم الشيوع) ش: لأن المفسد هو الشيوع وهو منتف هنا.
م: (ولهذا جاز في الابتداء) ش: أي ولكون استحقاق جزء معين في المكان غير مانع جاز الوقف في ابتداء الأمر لعدم الشيوع المفسد. م: (وعلى هذا الحكم الهبة والصدقة المملوكة) ش: أي للفقير، يعني إذا استحق جزءًا معينًا لا تبطل الهبة والصدقة في الباقي.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله. م: (ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - حتى يجعل آخره لجهة لا تنقطع أبدًا) ش: مثل أن يقول: علي كذا وكذا ثم على فقراء المسلمين حيث ما وجدوا.
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز، وصار بعدها) ش: أي بعد تلك الجهة. م: (للفقراء وإن لم يسمهم) ش: مثل أن يثبت علي كذا وكذا، وعلى أمهات أولاده، جاز، صار بعدها للفقراء. م:(لهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. م: (أن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك) ش: يعني لا إلى ملك. م: (وأنه) ش: أي وأن زوال الملك بدون التمليك. م: (يتأبد كالعتق) ش: فإنه زوال الملك وهو متأبد.
م: (فإذا كانت الجهة) ش: التي عينها الواقف. م: (يتوهم انقطاعها لا يتوفر عليها) ش: أي على
مقتضاه، ولهذا كان التوقيت مبطلا له كالتوقيت في البيع ولأبي يوسف رحمه الله أن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى، وهو موفر عليه؛ لأن التقرب تارة يكون في الصرف إلى جهة تنقطع، ومرة بالصرف إلى جهة تتأبد، فيصح في الوجهين، وقيل: إن التأبيد شرط بالإجماع، إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله لا يشترط ذكر التأبيد؛ لأن لفظة الوقف والصدقة مبينة عنه، لما بينا أنه
ــ
[البناية]
الوقف. م: (مقتضاه) ش: وهو التأبيد. م: (ولهذا كان التوقيت) ش: في الوقف. م: (مبطلًا له) ش: أي للوقف كما إذا وقف داره عشرين سنة فلا يجوز. م: (كالتوقيت في البيع) ش: إلى عشرة أيام مثلًا.
فإن قيل: كيف يستقيم قوله: إنه زوال الملك بدون التمليك على قول أبي حنيفة رحمه الله فإن عنده الوقف حبس العين على ملك الواقف، ولم يزل ملكه، وهذا تناقض.
أجيب: بأن في " المبسوط " و" الذخيرة " و" التتمة " وغيرها جعل زوال الملك بشرط التأبيد، [وهو] قول محمد رحمه الله خاصة وقول أبي حنيفة رحمه الله.
فعلى ما ذكر في الكتاب جاز أن يكون عند أبي حنيفة رحمه الله روايتان أو أراد هاهنا ما إذا حكم الحاكم بصحته ولزومه فحينئذ يخرج بالاتفاق، وفرع أبو حنيفة على قول من يرى خروجه وهو قولهما كما في المزارعة.
م: (ولأبي يوسف رحمه الله أن المقصود) ش: من الوقف. م: (هو التقرب إلى الله تعالى) ش: بالتصدق بالنفقة.
م: (وهو موفر عليه) ش: أي بالتقرب إلى الله تعالى موفر على جعل الوقف بجهة تنقطع وبجهة لا تنقطع. م: (لأن التقرب تارة يكون في التصرف إلى جهة تنقطع ومرة بالصرف إلى جهة تتأبد) ش: يعني لا تنقطع. م: (فيصح في الوجهين) ش: فعلى هذا إذا انقطعت الجهة عاد الوقف إلى ملكه إن كان حيّا، وإلى ملك ورثته إن كان ميتًا.
ولقائل أن يقول: هذا التعليل غير مطابق لما ذكر عن أبي يوسف رحمه الله لأنه قال: وصار بعدها للفقراء فإن لم يسمهم وذلك يدل على أن التأبيد شرط.
والجواب: أن المروي عن أبي يوسف رحمه الله أمران: أحدهما: أنه لا يشترط التأبيد أصلًا، والثاني: أنه يشترط، لكن لا يشترط ذكره باللسان.
والمصنف رحمه الله أشار إلى القول الأول بالتعليل وإلى الثاني بذكر المذهب، واستدل عليه بقوله. م:(وقيل: إن التأبيد شرط بالإجماع، إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله لا يشترط ذكر التأبيد؛ لأن لفظة الوقف والصدقة مبينة عنه) ش: أي عن التأبيد. م: (لما بينا) ش: فيما مضى. م: (أنه)