الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الردة، ولا يبطل استحقاقه بموته بل يخلفه وارثه؛ لأن الردة بمنزلة الموت، وعنه أنه يعتبر وجود الوارث عند الموت؛ لأن الحادث بعد انعقاد السبب قبل تمامه كالحادث قبل انعقاده بمنزلة الولد الحادث من المبيع قبل القبض،
وترثه امرأته المسلمة إذا مات أو قتل على ردته وهي في العدة؛ لأنه يصير فارا، وإن كان صحيحا وقت الردة.
ــ
[البناية]
الردة) ش: وولد له من علوق حادث وبقي إلى موته يرثه.
ومن حدث بعد ذلك لا يرثه حتى لو أسلم بعض قرابته بعد ردته، وولد من علوق حادث بعد ردته لا يرثه على هذه الرواية م:(ولا يبطل استحقاقه) ش: أي استحقاق الوارث م: (بموته) ش: قبل موت المرتد م: (بل يخلفه وارثه. لأن الردة بمنزلة الموت) ش: في حكم التوريث. ومن مات من الورثة بعد موت مورثه قبل قسمة الميراث لا يبطل استحقاقه، ولكن يخلفه وارثه فيه، وهذا مثله.
م: (وعنه) ش: أي وعن أبي حنيفة هذه الرواية رواها محمد عن أبي حنيفة م: (أنه يعتبر وجود الوارث عند الموت) ش: سواء كان موجوداً عند الردة أو حدث بعدها. وفي المبسوط هذا أصح م: (لأن الحادث بعد انعقاد السبب قبل تمامه) ش: أي تمام السبب م: (كالحادث قبل انعقاده) ش: أي قبل السبب فلا جرم تعتبر زمان الموت؛ لأن السبب يتم به حتى يرثه الولد الحادث بعد الردة قبل القتل أو الموت.
وهذا م: (بمنزلة الولد الحادث من المبيع قبل القبض) ش: بغير الولد الحادث في المشتراة قبل القبض، حيث يكون له حصة من الثمن غير مضمونة، حتى إذا هلك من يد البائع قبل القبض بغير فعل أحد هلك معه العوض وبقي الثمن كله متعلقاً بالأصل، كما كان كذلك لو كان الولد حادثا قبل انعقاد السبب وهو البيع.
قال في " النهاية ": وحاصله أنه على رواية الحسن يشترط الوصفان وهما: كونه وارثاً وقت الردة، وكونه باقياً إلى وقت الموت أو القتل، حتى لو كان وارثاً ثم مات قبل موت المرتد أو جد وارث بعد الردة فإنه لا يرثانه.
وعلى رواية أبي يوسف: يشترط الوصف الأول دون الثاني، وعلى رواية محمد: يشترط الوصف الثاني دون الأول.
[ميراث زوجة المرتد إذا قتل على ردته وهي في العدة]
م: (وترثه) ش: أي ترث المرتد م: (امرأته المسلمة إذا مات) ش: أي المرتد م: (أو قتل على ردته وهي في العدة) ش: الواو فيه للحال م: (لأنه يصير فاراً، وإن كان) ش: أي المرتد والواو للاتصال م: (صحيحاً وقت الردة) ش: لأن الردة سبب الهلاك كالمرض، فأشبه بردته التي حصلت بها بينونة الطلاق في حالة المرض.
والمرتدة كسبها لورثتها؛ لأنه لا حراب منها فلم يوجد سبب الفيء، بخلاف المرتد عند أبي حنيفة رحمه الله ويرثها زوجها المسلم إن ارتدت وهي مريضة لقصدها إبطال حقه، وإن كانت صحيحة لا يرثها؛ لأنها لا تقتل فلم يتعلق حقه بمالها بالردة، بخلاف المرتد. قال: وإن لحق بدار الحرب مرتدا وحكم الحاكم بلحاقه عتق مدبروه
ــ
[البناية]
والطلاق البائن حالة المرض يوجب الإرث إذا كانت في العدة. وفي رواية أبي يوسف: يرث وإن انقطعت العدة؛ لأن العدة تغير قيام السبب وقت الردة، ذكره في " المبسوط ".
فإن قيل: أضاف أبو حنيفة التوريث إلى ما قبل الردة، وذلك مستلزم أن لا يتفاوت الحكم بين المدخول بها وغير المدخول؛ لأن الردة موت، وامرأة الميت ترثه سواء كان مدخولاً بها أو لم تكن.
أجيب: بأن الموت الحقيقي سبب للإرث حقيقة، يستوي فيه المدخول بها وغيرها. وأما الردة فإنها جعلت موتاً حكماً ليكون توريث المسلم، فهي ضعيفة في السببية فلا من تقررها بما هو من آثار النكاح من الدخول وقيام العدة.
م: (والمرتدة كسبها) ش: أي كسب المرتدة م: (لورثتها؛ لأنه لا حراب منها) ش: أي من المرأة. ومعنى هذا أن عصمة المال تبع لعصمة النفس، فالردة لا تزيل عصمة نفسها حتى لا تقتل، فكذا لا تزيل عصمة مالها، فكان الكسبان ملكها فيكون ميراثاً لورثتها. فإذا لم يكن حراب منها م:(فلم يوجد سبب الفيء) ش: فلا يترتب عليه الحكم م: (بخلاف المرتد عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: فإن كسبه فيء لكونه محارباً في الحال أو في المآل باللحاق.
وحاصل العرف أن عصمة المال تابعة للنفس، فالمرتدة لا تقتل فلا تسقط عصمة نفسها، فكذا لا تسقط عصمة مالها، بخلاف المرتد فإنه يقتل فتسقط عصمة نفسه، فكذا عصمة ماله لما ذكرنا م:(ويرثها) ش: أي المرتدة م: (زوجها المسلم إن ارتدت وهي مريضة) ش: الواو فيه للحال م: (لقصدها إبطال حقه) ش: أي حق الزوج بقصد الفرار من ميراث الزوج.
م: (وإن كانت) ش: أي المرتدة م: (صحيحة لا يرثها؛ لأنها لا تقتل، فلم يتعلق حقه بمالها بالردة) ش: لأنها ماتت بنفس الردة، فلم يضر فيه على الهلاك لأنها لا تقتل م:(بخلاف المرتد) ش: فلا يكون في حكم الفارة المريضة، فلا يرث زوجها منها، بخلاف المرتد منفصل بقوله: فلم يتعلق حق بمالها.
وفي المرتد يتعلق حقها بماله إذا مات وهي في العدة سواء ارتد في صحته أو في مرضه؛ لأنه مستحق القتل فكان فاراً بالارتداد فورثته.
م: (قال: وإن لحق بدار الحرب) ش: حال كونه م: (مرتداً وحكم الحاكم بلحاقه عتق مدبروه
وأمهات أولاده وحلت الديون التي عليه، ونقل ما اكتسبه في حال الإسلام إلى ورثته من المسلمين. وقال الشافعي رحمه الله: يبقى ماله موقوفا كما كان؛ لأنه نوع غيبة فأشبه الغيبة في دار الإسلام. ولنا أنه صار مرتدا باللحاق من أهل الحرب وهم أموات في حق أحكام الإسلام، لانقطاع ولاية الإلزام كما هي منقطعة عن الموتى، فصار كالموت، إلا أنه لا يستقر لحاقه إلا بقضاء القاضي لاحتمال العود إلينا، فلا بد من القضاء. وإذا تقرر موته ثبتت الأحكام المتعلقة به وهي ما ذكرناها، كما في الموت الحقيقي، ثم يعتبر كونه وارثا عند لحاقه في قول محمد رحمه الله؛ لأن اللحاق هو السبب والقضاء لتقرره بقطع الاحتمال.
ــ
[البناية]
وأمهات أولاده) ش: من جميع المال، كذا في شرح الطحاوي م:(وحلت الديون التي عليه) ش: يعني ديونه المؤجلة م: (ونقل ما اكتسبه في حال الإسلام إلى ورثته من المسلمين. وقال الشافعي رحمه الله: يبقى ماله موقوفاً كما كان) ش: في دار الإسلام، ويحفظه الحاكم وبه قال مالك وأحمد. والذي نقله المصنف عن الشافعي وأحمد، وأقواله.
كذا قاله الأكمل: وليس له إلا قولان، أحدهما: ما نقله، والآخر أن ملكه يزول م:(لأنه) ش: أي لأن إلحاقه بدار الحرب م: (نوع غيبة، فأشبه الغيبة في دار الإسلام) ش: فلا يتغير حكم ماله.
م: (ولنا أنه صار مرتداً باللحاق من أهل الحرب وهم أموات في حق أحكام الإسلام) ش: ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122](الأنعام: الآية 122)، أي كافراً فهديناه م:(لانقطاع ولاية الإلزام) ش: هذا تعليل لقوله: وهم أموات؛ لأنه بإلحاق ينقطع عنه الأحكام كما ينقطع عنه بموته.
وهو معنى قوله م: (كما هي) ش: أي أحكام الإسلام م: (منقطعة عن الموتى فصار) ش: أي المرتد باللحاق م: (كالموت إلا أنه) ش: أي غير أنه م: (لا يستقر لحاقه إلا بقضاء القاضي لاحتمال العود إلينا فلا بد من القضاء) ش: لترجح جانب عدم العود إلينا م: (وإذا تقرر موته) ش: أي موته الحكمي بالقضاء م: (ثبتت الأحكام المتعلقة به) ش: أي بالمرتد.
م: (وهي ما ذكرناها) ش: أي الأحكام المتعلقة به، ما ذكرناها من عتق مدبريه أو أمهات أولاده وحلول ديونه المؤجلة ونقل كسب الإسلام إلى ورثته م:(كما في الموت الحقيقي) ش: أي كما تثبت هذه الأحكام في الموت الحقيقي.
م: (ثم يعتبر كونه) ش: أي كون وارث المرتد م: (وارثاً عند لحاقه) ش: أي عند لحاق المرتد بدار الحرب م: (في قول محمد رحمه الله لأن اللحاق هو السبب) ش: لزوال ملكه م: (والقضاء لتقرره) ش: أي لتقرير السبب، وقيل: لتقرير اللحاق وهما متفاوتان م: (بقطع الاحتمال) ش: أي احتمال العود إلى دار الإسلام.
وقال أبو يوسف رحمه الله: وقت القضاء لأنه يصير موتا بالقضاء. والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب فهي على هذا الخلاف، وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام مما اكتسبه في حال الإسلام، وما لزمه في حال ردته من الديون يقضى مما اكتسبه في حال ردته. قال العبد الضعيف عصمه الله: هذه رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وعنه أنه يبدأ بكسب الإسلام، فإن لم يف بذلك يقضي من كسب الردة، وعنه على عكسه، وجه الأول: أن المستحق بالسببين مختلف، وحصول كل واحد من الكسبين باعتبار السبب الذي وجب به الدين، فيقضى كل دين من الكسب المكتسب الذي في تلك الحالة، ليكون الغرم
ــ
[البناية]
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله: وقت القضاء) ش: أي يعتبر كونه وارثاً وقت القضاء باللحاق م: (لأنه) ش: أي لأن المرتد م: (يصير موتاً بالقضاء) ش: أي بقضاء القاضي واللحاق غلبة م: (والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب فهي على هذا الخلاف) ش: أي على هذا الخلاف بين أبي يوسف ومحمد، فعند أبي يوسف: يعتبر وجود الوارث وقت القضاء، وعند محمد: وقت اللحاق أو معناه على هذا الذي ذكرناه من عتق المدبر وأم الولد وحلول الدين ونقل الكسب إلى الورثة، لكن إلى ورثته قبل اللحاق أو وقت القضاء على الاختلاف م:(وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام مما اكتسبه في حال الإسلام، وما لزمه في حال ردته من الديون يقضى مما اكتسبه في حال ردته) ش: هذا كله قول القدوري.
م: (قال العبد الضعيف -عصمه الله -:) ش: أي المصنف م: (هذه رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وعنه) ش: أي وعن أبي حنيفة رحمه الله م: (أنه) .
وقال الأترازي: إن الشأن م: (يبدأ) ش: في قضاء الذي م: (بكسب الإسلام) ش: وهذه الرواية رواها الحسن عن أبي حنيفة م: (فإن لم يف بذلك) ش: أي فإن لم يكن في كسب الإسلام وفاء بالدين م: (يقضى من كسب الردة. وعنه) ش: أي وعن أبي حنيفة م: (على عكسه) ش: أي يقضى كسب الردة، فإن لم يف يقضى من كسب الإسلام، وهذه الرواية رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة.
م: (وجه الأول) ش: أي وجه المذكور الأول وهو قضاء دين على كل حال من كسب تلك الحال م: (أن المستحق بالسببين مختلف) ش: أحدهما: بالسبب الواقع في حالة الإسلام، والآخر: بالسبب الواقع في حالة الردة مختلف؛ لأن الحد الواقع بالسبب في حالة الإسلام يخالف الدين الواجب بالسبب الواقع في حالة الردة.
م: (وحصول كل واحد من الكسبين) ش: أي من كسب الإسلام وكسب الردة م: (باعتبار السبب الذي وجب به الدين فيقضى كل دين من الكسب المكتسب الذي في تلك الحالة ليكون الغرم