الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن وجوب الضمان ينافي القطع؛ لأنه يتملكه بأداء الضمان مستندا إلى وقت الأخذ، فتبين أنه ورد على ملكه فينتفي القطع للشبهة وما يؤدي إلى انتفائه فهو المنتفي
ــ
[البناية]
هنا كلاماً ولم يتعرض لبيان حال الحديث.
وقال الكاكي وذكر ابن قدامة في " المغني ": قال ابن المنذر: سعيد بن إبراهيم مجهول، وقال ابن عبد البر: الحديث ليس بقوي.
قلنا: ليس كذلك، فإن الزهري يروي عن سعيد بن إبراهيم هذا الحديث، نقله عبد الباقي. وقال عبد الباقي هذا صحيح، وقول ابن قدامة ليس أجود القاطع عليه.
قلنا: إطلاق الغرم على أجرة القاطع خلاف الظاهر، مع أنه نكرة في موضع النفي، انتهى.
قلت: رواه ابن جرير الطبري، هذا الحديث في " تهذيب الآثار " موصولاً، فقال حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير، عن الفضل بن فضالة، عن يونس بن يزيد، وسعد بن إبراهيم، حدثني أخو المسور بن إبراهيم، عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أقيم الحد على السارق فلا غرم عليه» .
وأخرجه أبو عمر عبد الله عن طريق ابن جرير، وهذا المسور وأبوه على شرط البخاري، وأبوه ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، ثم قال ابن جرير ما ملخصه فيه البيان من صحة قول من لم يضمن السارق بعد الحد وفساد قول من ضمنه، ثم حكي عدم التضمين عن ابن سيرين، والنخعي، والشعبي، وعطاء، والحسن، وقتادة.
وقال: وعلتهم مع الأثر القياس على إجماعهم على أن أهل العدل إذا ظهروا على الخوارج لم يغرموا ما استهلكوه، وكذا قطاع الطريق. ولو كان السارق في التضمين كالغاصب للتعدية لوجب الضمان على هؤلاء لتعديهم وظلمهم، قال: وهذا هو الصواب؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38](المائدة: الآية 38) ، فلم يأمر بالتغريم، ولو كان لازماً لعرفهم كما عرفهم بالقطع.
[الضمان في المسروق]
م: (ولأن وجوب الضمان ينافي القطع، أنه يتملكه) ش: أي لأن السارق يتملك المسروق م: (بأداء الضمان) ش: حال كونه م: (مستنداً إلى وقت الأخذ) ش: أي أخذ السرقة م: (فتبين أنه) ش: أي أن الأخذ م: (ورد على ملكه فينتفي القطع للشبهة وما يؤدي) ش: أي والشيء الذي يؤدي م: (إلى انتفائه) ش: أي انتفاء القطع المشروع م: (فهو المنتفي) ش: لأن انتفاء اللازم يدل على انتفاء
ولأن المحل لا يبقى معصوما حقا للعبد إذ لو بقي لكان مباحا في نفسه فينتفي القطع للشبهة فيصير محرما حقا للشرع كالميتة، ولا ضمان فيه، إلا أن العصمة لا يظهر سقوطها في حق الاستهلاك؛ لأنه فعل آخر غير السرقة ولا ضرورة في حقه، وكذا الشبهة تعتبر فيما هو السبب دون غيره. ووجه المشهور أن الاستهلاك إتمام المقصود فتعتبر الشبهة فيه، وكذا يظهر سقوط العصمة في حق الضمان، لأنه من ضرورات سقوطها في حق الهلاك لانتفاء المماثلة
ــ
[البناية]
م: (ولأن المحل) ش: أي المال م: (لا يبقى معصوماً) ش: قبل القطع حال كونه م: (حقاً للعبد، إذ لو بقي) ش: معصوماً حقاً للعبد م: (لكان مباحاً في نفسه) ش: لأنه عرف بالاستقراء ما هو حرام حقاً للعبد فهو مباح في نفسه، فكان المال للسارق حراماً من وجه دون وجه م:(فينتفي القطع للشبهة) ش: أي لشبهة كونه مباحاً في نفسه، حاصله: أن الشبهة هو أن تكون الحرمة ثابتة من وجه دون وجه، فحينئذ يندرئ الحد.
فإذا لم يبق معصوماً حقاً للعبد م: (فيصير محرماً حقاً للشرع كالميتة ولا ضمان فيه) ش: أي في المحرم حقاً للشرع، لأن العصمة جواب سؤال تقديره العصمة لما انتقلت إلى الله تعالى، فصار المال المسروق كالميتة والخمر وجب أن لا يجب الضمان عند الاستهلاك. وقد روى الحسن عن أبي حنيفة وجوب الضمان فيه كما مر عن قريب.
وتقدير الجواب أن يقال م: (إلا أن العصمة لا يظهر سقوطها في حق الاستهلاك؛ لأنه) ش: أي لأن الاستهلاك م: (فعل آخر غير السرقة ولا ضرورة في حقه) ش: أي في حق فعل آخر م: (وكذا الشبهة) ش: وهي كونه مباحاً في نفسه م: (تعتبر فيما هو السبب) ش: وهو السرقة م: (دون غيره) ش: وهو الاستهلاك.
م: (ووجه المشهور) ش: وهو عدم وجوب الضمان في الاستهلاك كما في الهلاك م: (أن الاستهلاك إتمام المقصود) ش: بالسرقة، لأنه إنما سرق ليصير إلى بعض حوائجه، فكانت تتمة السبب، لأنه فعل آخر م:(فتعتبر الشبهة فيه) ش: لإسقاط الضمان كاعتبارها في نفس السرقة.
م: (لأنه) ش: أي لأن سقوط العصمة م: (من ضرورات سقوطها في حق الهلاك لانتفاء المماثلة) ش: بين المال المسروق وبين الضمان؛ لأن الضمان مال معصوم حقاً للعبد في حالتي الهلاك والاستهلاك والمال المسروق معصوم حقاً في حال الاستهلاك فقط، فإذا انتفت المماثلة انتهى الضمان، لأن ضمان المقدور شرط بالمماثلة بالنص، ولهذا لا يجب الضمان عندنا بمقابلة استهلاك المنافع بالغصب لانتفاء المماثلة.