الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أنه يكره لأن الذمي لا يهتدي إلى الجائز من العقود، ولهما أنه لا تساوي بينهما في التصرف فإن الذمي لو اشترى برأس المال خمورا أو خنازير صح، ولو اشتراها مسلم لا يصح.
ولا يجوز بين العبدين ولا بين الصبيين ولا بين المكاتبين لانعدام صحة الكفالة، وفي كل موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطها، ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا لاستجماع شرائط العنان، إذ هو قد يكون خاصا، وقد
ــ
[البناية]
الكاكي: وفي بعض النسخ بين الشافعي والحنفي يعني بالفاء بعد النون، والصواب الحنفي منسوب إلى أبي حنيفة بالنسبة إلى فعيلة فعلاً بحذف الياء، والحنفي بالياء منسوب إلى الحنف بدون الياء.
م: (إلا أنه يكره) ش: استثناء من قوله، وقال أبو يوسف يجوز التساوي بينهما في الوكالة والكفالة، ووجه الكراهة، وهو ما ذكره بقوله م:(لأن الذمي لا يهتدي إلى الجائز من العقود) ش: لأنه لا يحترز من الدين، فلا يؤمن أن يكون شريكه حراماً.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد م: (أنه لا تساوي بينهما في التصرف، فإن الذمي لو اشترى برأس المال خموراً أو خنازير صح، ولو اشتراها) ش: أي الخمر والخنازير م: (مسلم لا يصح) ش: فلا يساوي.
فإن قلت: لكل معاوضة الكتابي المجوسي بحيث يصح، ولا مساواة في التصرف منها، فإن المجوسي يتصرف في الموقودة؛ لأنه يعتقد المالية، والكتابي لا يتصرف، وكذا الكتابي يؤاجر نفسه للذبح والمجوسي لا يؤاجر نفسه للذبح. قلت: من جعل الموقودة مالاً يفصل بين الكتابي والمجوسي فتحقق المساواة، والمساواة في المؤاجرة ثابتة، يعني فإن كل واحد من المجوسي والكتابي من أجل أن ينقل ذلك العمل عليه أن يقيمه بنفسه أو بنائبه، وإجارة المجوسي للذبح صحيحة مستوجب بها الأجر، وإن كان لا يحل ذبيحته.
[المفاوضة بين العبدين والصبيين والمكاتبين]
م: (ولا يجوز) ش: أي المفاوضة م: (بين العبدين ولا بين الصبيين ولا بين المكاتبين لانعدام صحة الكفالة) ش: أي من العبد والصبي والمكاتب والمفاوضة تتضمن الكفالة، فلا يصح مفاوضتهم. قال: لا بين المكاتبين.
وكذا لا يصح بين المكاتب والحر م.
(وفي كل موضع تصح المفاوضة لفقد شرطها، ولا يشترط ذلك في العنان) ش: أي والحال أنه لا يشترط ذلك الشرط في شركة العنان م: (كان عناناً) ش: لأنه أتى بمعنى العنان بعبارة المفاوضة م: (لاستجماع شرائط العنان) ش:.
م: (إذ هو) ش: أي عقد شركة العنان م: (قد يكون خاصاً) ش: في نوع من التجارة م: (وقد
يكون عاما. قال: وتنعقد على الوكالة والكفالة، أما الوكالة فلتحقق المقصود وهو الشركة في المال على ما بيناه. وأما الكفالة لتحقق المساواة فيما هو من مواجب التجارات وهو توجه المطالبة نحوهما جميعا. قال ما يشتريه كل واحد منهما تكون على الشركة إطعام أهله وكسوتهم، وكذا كسوته، وكذا الإدام
ــ
[البناية]
يكون عاماً) ش: في أنواع التجارة، والمفاوضة عامة فيها نظيره ما ذكرناه في " الشامل " في قسم " المبسوط ". وإن تعارض عبدان مسلم وذمي كانت شركة العنان والمفاوضة أعم من العنان، فإذا بطل يعني العموم فبقي معنى الخصوص، فجاز إثبات العنان بلفظ المفاوضة، كما جاز إثبات الخصوص بلفظ العموم.
وتنعقد أي المعاوضة في بعض النسخ م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وتنعقد على الوكالة والكفالة) ش: يعني أن كل واحد من الشريكين يكون فيما باشر وكيلاً عن الآخر وكفيلاً عنه م: (أما الوكالة فلتحقق المقصود وهو الشركة في المال) ش: لأن التصرف في مال الغير لا يجوز إلا بولاية أو وكالة، ولم توجد الولاية فتثبت الوكالة لتحقق المقصود من الشركة فيكون كل واحد منهما وكيلاً عن صاحبه في النصف م:(على ما بيناه) ش: يعني عند قوله قبل هذا ليكون ما تستفاد بالتصرف مشتركاً بينهما.
م: (وأما الكفالة لتحقق المساواة فيما هو من مواجب التجارات) ش: أي وأما انعقاد المفاوضة على الكفالة فيتحقق معنى المفاوضة وهي المساواة في أمر هو من موجبات التجارة أي من مقتضياتها، أي الأمر الآخر الذي هو من مواجب التجارة ويوجب التجارة.
م: (وهو توجه المطالبة نحوهما جميعاً) ش: فيكون كل واحد منهما كفيلاً عن الآخر فيما وجب عليه بسبب التجارة، وإذا كفل أحدهما بمال عن أجنبي لزم الآخر عند أبي حنيفة، وخلافاً لهما على ما يجيء إن شاء الله تعالى. وإذا اشتراه كل واحد منهما وفي أكثر النسخ.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وما يشتريه كل واحد منهما) ش: أي من المتعاوضين م: (تكون على الشركة إطعام أهله وكسوتهم) ش: فإنها تكون الذي اشتراه خاصة.
قال المصنف م: (وكذا كسوته) ش: أي وكذا كسوة الذي اشتراه يكون له خاصة م: (وكذا الإدام) ش: يعني يكون الذي اشتراه لا على الشركة، لكن يطالب كل واحد منهما بالثمن، ألا ترى إلى ما قاله الكرخي في " مختصره ".
وإذا اشترى أحدهما طعاماً لأهله أو كسوة أو ما لا بد لهم منه، فذلك جائز وهو قول خاصة دون صاحبه، وللبائع أن يطالب بثمن ذلك أيهما شاء على ما يجيء.
وكذا إذا اشترى أحدهما جارية ليطأها بإذن شريكه، وليس له أن يشتري جارية للوطء إذا
لأن مقتضى العقد للمساواة، وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه في التصرف، وكان شراء أحدهما كشرائهما إلا ما استثناه في الكتاب فهو استحسان لأنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة، فإن الحاجة الراتبة معلومة الوقوع ولا يمكن إيجابه على صاحبه ولا الصرف من ماله، ولا بد من الشراء فيختص به ضرورة، والقياس أن يكون على الشركة لما بينا، وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء المشتري بالأصالة، وصاحبه بالكفالة، ويرجع الكفيل على المشتري بحصته بما أدى؛ لأنه قبض دينا عليه من مال مشترك بينهما. قال: ولا يلزم كل واحد منهما من الديون بدلا عما يصح فيه الاشتراك فالآخر
ــ
[البناية]
لم يأذن له شريكه.
وكذلك إذا اشترى جارية للخدمة وفي " مختصر الكرخي " رحمه الله أيضاً وإن اشترى أحدهما جارية للوطء بإذن شريكه فاستولدها ثم استحقت فعلى الواطئ العقد يأخذ المستحق بالعقد أيهما شاء.
م: (لأن مقتضى العقد) ش: أي عقد شركة المفاوضة م: (للمساواة) ش: وهذا تعليل للمثنى منه، وهو قوله يكون على الشركة م:(وكل واحد منهما) ش: أي من المتعاوضين م: (قائم مقام صاحبه في التصرف وكان شراء أحدهما كشرائهما إلا ما استثناه في الكتاب) ش: أي في القدوري.
م: (فهو) ش: أي المستثنى منه م: (استحسان لأنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة) ش: لأن كل واحد منهما حين يشارك شارك صاحبه عالم بحاجته إلى ذلك، ومعلوم أن كل واحد منهما لم يقصد بلفظ المفاوضة أن تكون نفقته ونفقة عياله على شريكه.
م: (فإن الحاجة الراتبة) ش: أي الراتبة من قولهم رتب الشيء إذا استقر ودام، وأمر مرتب دائم ثابت م:(معلومة الوقوع، ولا يمكن إيجابه) ش: أي إيجاب شراء أحد المتعاوضين م: (على صاحبه ولا الصرف) ش: أي صرف الثمن م: (من ماله، ولا بد من الشراء) ش: أي شراء طعام الأهل وكسوتهم م: (فيختص به) ش: أي يختص المشتري بالطعام والكسوة م: (ضرورة) ش: لأنه لا بد من شراء ذلك.
م: (والقياس أن يكون) ش: كل ذلك م: (على الشركة لما بينا) ش: وهو قوله لأن مقتضى العقد المساواة م: (وللبائع أن يأخذ بالثمن) ش: أي بثمن الطعام والكسوة والإدام م: (أيهما) ش: أي المتعاوضين م: (شاء المشتري) ش: أي يطالب المشتري م: (بالأصالة) ش: لأنه هو المباشر م: (وصاحبه) ش: أي يطالب صاحبه م: (بالكفالة) ش: لأنه كفيل عنه م: (ويرجع الكفيل على المشتري بحصته بما أدى) ش: يعني من مال الشركة م: (لأنه قضى ديناً عليه من مال مشترك بينهما) ش: أي بين المتعاوضين م: (وما يلزم كل واحد منهما من الديون بدلاً عما يصح فيه الاشتراك فالآخر) ش: أي
ضامن له تحقيقا للمساواة، فما يصح فيه الاشتراك الشراء والبيع والاستئجار، ومن القسم الآخر الخيانة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد وعن النفقة ولو كفل أحدهما بمال عن أجنبي لزم صاحبه عند أبي حنيفة رحمه الله وقال لا يلزم لأنه تبرع،
ــ
[البناية]
فالشريك الآخر م: (ضامن له، تحقيقاً للمساواة) ش: أي يعني المساواة الذي تقتضيه شركة المتعاوضة م: (فما يصح الاشتراك فيه) ش: أي فمن جملة ما يصح الاشتراك فيه.
م: (البيع والشراء) ش: صورتهما ظاهرة، لكن الثمن في البيع الجائز، والقيمة في البيع الفاسد م:(والاستئجار) ش: صورته أن مستأجر أحد المتعاوضين أجير في تجارتهما أو دابة أو شيئاً من الأشياء فللمؤجر أن يأخذ الأجر أيهما شاء؛ لأن الإجارة من عقود التجارة، وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه لما يلزمه من التجارة.
وكذلك إن استأجره لحاجة نفسه أو استأجر إبلاً إلى مكة تحج عليها فللمكاري أن يأخذ أيهما شاء، إلا أن شريكه إذا أدى من خالص ماله يرجع به عليه؛ لأنه أدى ما كفل عنه بأمره وإن أدى من مال الشركة يرجع عليه نصيبه من الدرئ.
وأما في شركة العنان فلا يؤخذ به غير الذي استأجر لأنه هو الذي استأجره؛ لأنه هو الملتزم بالعقد وصاحبه ليس بكفيل عنه م: (ومن القسم الآخر) ش: أي مما لا يصح فيه الاشتراك م: (الخيانة) ش: أراد بها الخيانة على نفي الدم؛ لأن ضمان العقب يلزم الشريك، وفي " المبسوط " إذا ادعى رجل على أحدهما خطأ لهما إن شق مقدورات استحلفه فحلف، ثم أراد أن يستحلف شريكه ليس له ذلك إذ لا خصومة له مع شريكه إذ لا يكون أحد كفيلاً عن الآخر فيما ليس في التجارة.
م: (والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد) ش: ففي هذه الأشياء إذا ادعى رجل على أحدهما وحلفه ليس له أن يحلف الآخر بخلاف ما لو ادعى على أحدهما ببيع خادم يخدم للمدعي أن يحلف المدعى عليه على الثبات وشريكه على العلم، وصورة الخلع ما لو عقدت المرأة مع آخر عقد مفاوضة ثم خالعت زوجها بمال لا يلزم ذلك على شريكها، كذا لو أقرت ببدل الخلع لا يلزم شريكها.
م: (وعن النفقة) ش: أي وكذا الصلح عن النفقة على شيء لا يلزم شريكه شيء من ذلك م: (ولو كفل أحدهما) ش: أي أحد المفاوضين م: (بمال عن أجنبي لزم صاحبه عند أبي حنيفة، وقال: لا يلزمه) ش: أي لأن الكفيل متبرع على صيغة اسم الفاعل وفي بعض النسخ م: (لأنه تبرع) ش: بصفة المصدر أي لأن عقد الكفالة تبرع.
وكذا في نسخة شيخي العلاء، وقال الفقيه أبو الليث: وهذا إذا كفل بأن المكفول عنه وإن
ولهذا لا يصح من الصبي والعبد والمأذون والمكاتب ولو صدر من المريض يصح من الثلث وصار كالإقراض والكفالة بالنفس، ولأبي حنيفة رحمه الله أنه تبرع ابتداء ومعاوضة بقاء؛ لأنه يستوجب الضمان بما يؤدي عن المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره فبالنظر إلى البقاء صح لتضمنه المفاوضة وبالنظر إلى الابتداء لم تصح ممن ذكره،
ــ
[البناية]
كفل بغير إذنه ينبغي أن لا يجب شيء على صاحبه في قولهم جميعاً، وفي " شرح الطحاوي " إن كانت الكفالة بالنفس فلا يؤاخذ به صاحبه بالإجماع.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون عقد الكفالة متبرعاً م: (لا يصح من الصبي والعبد والمأذون والمكاتب) ش: لأنهم ليسوا من أهل التبرع م: (ولو صدر) ش: أي التكفل أو عقد الكفالة م: (من المريض) ش: مرض الموت م: (يصح من الثلث) ش: قال الكاكي: وقيد صدور الكفالة بحالة المرض؛ لأن المريض لو أقر بالكفالة السابقة في حالة الصحة يعتبر ذلك في جميع المال بالإجماع.
م: (وصار) ش: أي عقد الكفالة بالمال م: (كالإقراض) ش: حيث لا يلزم الشريك، وقال الكاكي: وفي الإقراض اختلاف فإنه ذكر في " الإيضاح ": لو قرض أحد المتفاوضين مالاً، وأعطاه رجلاً وأخذ الصحة كان جائراً عليهما ولا يضمن ثمن المال أولاً، وفي قياس قول أبي يوسف رحمه الله: يضمن القرض صحة شريكه.
م: (والكفالة بالنفس) ش: حيث لا يؤاخذ به الآخر م: (ولأبي حنيفة) ش: أي عقد الكفالة م: (أنه تبرع ابتداء) ش: أي في ابتداء الأمر، ألا ترى أن المريض لو كفل يعتبر من الثلث، ولو كفل العبد المأذون لا يجوز كفالته م:(ومعاوضة بقاء) ش: أي في حالة البقاء ألا ترى أنه [
…
] على الأداء م: (لأنه) ش: هذا تعليل لكون الكفالة مفاوضة بقاء، يعني أن الكفيل م:(يستوجب الضمان) ش: أي يستحقه على المكفول عنه م: (بما يؤدي عن المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره) ش: أي بأمر المكفول عنه.
م: (فبالنظر إلى البقاء صح لتضمنه المفاوضة وبالنظر إلى الابتداء لم تصح) ش: وكلامنا في البقاء؛ لأنه يلزم شريكه بعد ما لزم عليه، وفي نسخة شيخنا العلاء لأنه مستوجب الضمان عما يؤدي على المكفول عنه.
فإذا كانت الكفالة بأمره فبالنظر إلى البقاء تتضمنه المعاوضة وبالنظر إلى الابتداء لم يصح، وكذا قال الأكمل فبالنظر إلى البقاء تتضمنه المفاوضة يعني وحاجتنا هاهنا إلى البقاء إذ المطالبة متوجه بعد الكفالة لأنها حكمها، فلما لزم المال على الشريك الضامن لزم الأجر.
وهذه هي حالة البقاء بخلاف الصبي وغيره لأن كلامنا ثمة في الابتداء بأنه قد يضمنه أولاً، فاعتبرنا [
…
] النزع فيه ولم يعتبره هاهنا؛ لأن الابتداء ثمة محتاج إليه ولا كذلك هاهنا لصحة