المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الإباق الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه - البناية شرح الهداية - جـ ٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السرقة

- ‌[نصاب السرقة]

- ‌[شروط القطع]

- ‌ اشترك جماعة في سرقة

- ‌[باب في بيان ما يقطع فيه السارق وفي بيان ما لا يقطع فيه] [

- ‌سرقة ما دون النصاب]

- ‌[سرقة المصحف وآلات اللهو وآنية الخمر]

- ‌[سرقة باب المسجد والصليب من الذهب]

- ‌[سرقة الصليب من الفضة]

- ‌[سرقة الدفاتر والصحائف والكلب والدف والفصوص الخضر]

- ‌[قطع النباش ومن سرق درة من إصطبل]

- ‌[السرقة من بيت المال وحكم من سرق زيادة على حقه]

- ‌[سرق عيناً فقطع فيها فردها]

- ‌فصل في الحرز والأخذ منه

- ‌ سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم

- ‌[السرقة من بيت الأخت من الرضاع]

- ‌[سرقة أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده ومن سرق من أمه من الرضاعة]

- ‌[سرقة المولى من مكاتبه والسرقة من المغنم]

- ‌[أنواع الحرز]

- ‌ سرق شيئا من حرز أو من غير حرز وصاحبه عنده يحفظه

- ‌[سرق من المسجد متاعاً وصاحبه عنده والضيف إذا سرق ممن أضافه]

- ‌[نقب اللص البيت وناوله آخر خارج البيت أو ألقى المتاع في الطريق ثم خرج فأخذه]

- ‌ دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم

- ‌ سرق من القطار بعيرا أو جملا

- ‌ سرق جولقا فيه متاع وصاحبه عنده يحفظه، أو نائم

- ‌فصل في كيفية القطع وإثباته

- ‌قطع يمين السارق من الزند

- ‌[سرق ثانياً بعد قطع يده اليمنى]

- ‌[السارق إذا كان أشل اليد اليسرى أو أقطع]

- ‌[قال الحاكم للحداد اقطع يد هذا فقطع الحداد يساره]

- ‌[أخرج السارق يساره وقال هذه يميني فقطعها الحداد]

- ‌[الشهادة والإقرار في السرقة ومن له يد حافظة سوى المالك إذا سرق منه]

- ‌[السرقة من المرتهن]

- ‌ السرقة موجبة للقطع من نفسها

- ‌[استيفاء القطع بحضرة المالك]

- ‌[قطع بسرقة فسرقت منه أو رد المسروق قبل بلوغ الحاكم]

- ‌ قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له

- ‌[الفسق في الشهود على السرقة ورد المسروق بعد الواقعة قبل الاستيفاء]

- ‌ أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما: هو مالي

- ‌[أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها أوأقر بالسرقة ثم رجع]

- ‌ قطع السارق والعين قائمة في يده

- ‌[الضمان في المسروق]

- ‌ سرق سرقات فقطع في إحداها

- ‌باب ما يحدث السارق في السرقة

- ‌ قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن

- ‌[سرق ذهباً أو فضة فصنعه دراهم ودنانير]

- ‌باب قطع الطريق

- ‌[قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن]

- ‌[أحوال الحرابة]

- ‌[التخيير بين الصلب وتركه في الحرابة]

- ‌[قتل قطاع الطريق]

- ‌ كان في القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه

- ‌[ذو الرحم المحرم إذا قطع عليه الطريق ذو رحم منه]

- ‌ خنق رجلا حتى قتله

- ‌كتاب السير

- ‌[حكم الجهاد]

- ‌ الجهاد على الصبي

- ‌باب كيفية القتال

- ‌[امتناع المحاصرون من الكفار عن قبول الدعوة]

- ‌[قتال من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام]

- ‌[قتال من بلغته الدعوة]

- ‌[إخراج النساء والمصاحف مع المسلمين في الجهاد]

- ‌[محرمات الجهاد ومكروهاته]

- ‌باب الموادعة ومن يجوز أمانه

- ‌[صالح الإمام أهل الحرب مدة معينة]

- ‌[بدء الكفار بالخيانة]

- ‌[موادعة المرتدون]

- ‌ حاصر العدو المسلمين وطلبوا الموادعة على مال يدفعه المسلمون

- ‌فصل إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة فردا أو جماعة

- ‌ حاصر الإمام حصنا وأمن واحد من الجيش وفيه مفسدة

- ‌[أمان الذمي]

- ‌ أمان العبد المحجور عليه

- ‌[أمان الصبي]

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها]

- ‌[إذا أسلم الأسارى بعد الأسر]

- ‌[مفاداة الأسرى بمال يؤخذ منهم]

- ‌[إذا أسلم أسير في أيدينا هل يفادى بمسلم أسير في أيديهم]

- ‌[أراد الإمام العود إلى دار الإسلام ومعه المواشي]

- ‌[ذبح الحيوان لكسر شوكة الأعداء]

- ‌[قسمة الغنائم في دار الحرب]

- ‌[مشاركة المدد العسكر في الغنيمة]

- ‌ بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب

- ‌[حق من مات من الغانمين في دار الحرب من الغنيمة]

- ‌[تناول شيء من الأدوية والطيب ودهن البنفسج ودهن الخيري قبل القسمة للغنائم]

- ‌[الانتفاع بالثياب والمتاع قبل القسمة]

- ‌[من قاتل من عبيد الذمي الذي أسلم هل يعد فيئا]

- ‌[الأكل وعلف الدواب من الغنيمة إذا خرج المسلمون من دار الحرب]

- ‌[الرد إلى الغنيمة]

- ‌فصل في كيفية القسمة

- ‌[قسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً وهلك فرسه]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن]

- ‌[هل يسهم للمملوك والمرأة والصبي والمجنون والذمي]

- ‌[متى يرضخ للمرأة]

- ‌[متى يرضخ للذمي]

- ‌[تقسيم خمس النبي]

- ‌إذا دخل الواحد أو الاثنان دار الحرب مغيرين

- ‌[دخول الواحد أو الاثنان دار الحرب بإذن الإمام]

- ‌فصل في التنفيل

- ‌[النفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام]

- ‌[من يستحق السلب من الغنيمة]

- ‌[المراد بالسلب]

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌[شراء الذي استولى عليه الحربي]

- ‌[أبق عبد مسلم لمسلم فدخل إلى أهل الحرب فأخذوه]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب

- ‌[أسلم عبد الحربي ثم خرج إلينا]

- ‌باب المستأمن

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا

- ‌[قتل مسلم تاجرا أسيراً]

- ‌[فصل إذا دخل الحربي إلينا مستأمنا]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراج

- ‌ دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا

- ‌ دخل حربي بأمان فتزوج ذمية

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال

- ‌[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام]

- ‌من قتل مسلما خطأ لا ولي له، أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان

- ‌باب العشر والخراج

- ‌[مشركوا العرب هل يقبل منهم الخراج]

- ‌ وضع الخراج على الشام

- ‌[من أحيا أرضاً مواتاً من حيز أرض الخراج]

- ‌[توظيف العشر على البصرة]

- ‌[أنواع الخراج]

- ‌[استأجر رجل أرضاً فزرعها فاصطلمت الزرع آفة]

- ‌من أسلم من أهل الخراج

- ‌[الجمع بين العشر والخراج]

- ‌[لا يؤخذ خراج الأرض في سنة إلا مرة واحدة]

- ‌باب الجزية

- ‌[وجوب الجزية بدلا عن القتل]

- ‌وضع الجزية على أهل الكتاب

- ‌[الجزية على المرأة والصبي]

- ‌[أصحاب الصوامع هل يوضع عليهم الخراج]

- ‌من أسلم وعليه جزية

- ‌[اجتمعت علي الذمي جزية الحولين]

- ‌فصل ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام

- ‌[إحداث البيع والكنائس في أرض العرب]

- ‌[تمييز أهل الذمة عن المسلمين في زيهم]

- ‌[نقض عهد من امتنع من أداء الجزية]

- ‌[فصل نصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة]

- ‌باب أحكام المرتدين

- ‌[المرتد إذا قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه]

- ‌[ميراث المرتد إن مات أو قتل على ردته]

- ‌[ميراث زوجة المرتد إذا قتل على ردته وهي في العدة]

- ‌[كسب الردة قضاء الدين منه]

- ‌ تصرفات المرتد

- ‌[وطئ المرتد جاريته النصرانية فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد]

- ‌ قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب

- ‌ قطعت يد المرتد ثم أسلم فمات من ذلك

- ‌ ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ أسيرا بماله

- ‌[ارتد الرجل وامرأته ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب]

- ‌[الشهادة على الردة]

- ‌باب البغاة

- ‌[إعانة الإمام الحق على قتال البغاة]

- ‌ما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر

- ‌[المقتول من عسكر أهل البغي]

- ‌ قتل رجل من أهل العدل باغيا

- ‌كتاب اللقيط

- ‌[حكم الإ لتقاط]

- ‌[الإنفاق علي اللقيط]

- ‌[الرجل يلتقط اللقيط فيدعيه النصراني]

- ‌ وجد مع اللقيط مال مشدود عليه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌[تعريف اللقطة]

- ‌[الإشهاد على اللقطة]

- ‌ الالتقاط في الشاة والبقر والبعير

- ‌[تعريف لقطة الحرم]

- ‌كتاب الإباق

- ‌[رد الآبق على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام]

- ‌كتاب المفقود

- ‌[حفظ مال من غاب فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت]

- ‌[حق امرأة المفقود]

- ‌[إذا تم للمفقود من عمره مائة وعشرون منذ ولدته أمه]

- ‌ أوصى للمفقود ومات الموصي

- ‌كتاب الشركة

- ‌[تعريف الشركة]

- ‌[أنواع الشركة]

- ‌ التفاضل فيما لا يصلح الشركة فيه

- ‌[حكم شركة المعاوضة]

- ‌[المفاوضة بين العبدين والصبيين والمكاتبين]

- ‌[عقد الكفالة من المريض]

- ‌[الكفالة بغير أمر المكفول]

- ‌[بطلان المفاوضة وصيرورتها عنانًا]

- ‌فصل ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة

- ‌[الشركة بالفلوس النافقة]

- ‌[عقد الشركة بما سوى المذكور من الدراهم والدنانير والفلوس النافقة]

- ‌[صورة شركة العنان]

- ‌ هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا

- ‌ شركة الصنائع

- ‌[المراد بشركة الوجوه]

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌ فسخ أحد الشريكين الشركة

- ‌[أداء الزكاة من مال الشريكين]

- ‌كتاب الوقف

- ‌[حكم الوقف]

- ‌ وقف في مرض موته

- ‌وقف المشاع

- ‌ وقف العقار

- ‌[بيع الوقف أو تمليكه]

- ‌[ما انهدم من آلة الوقف]

- ‌ جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه

- ‌[شرط الواقف الغلة لنفسه]

- ‌[شرط الواقف أن يستبدل بالوقف أرضا أخرى]

- ‌فصل وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه

- ‌[الواقف لو نصب المتولي على المقبرة]

- ‌[الأوقاف إذا تعطلت وتعذر اشتغالها هل للمتولي بيعها ويشتري مكانها]

الفصل: ‌ ‌كتاب الإباق الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه

‌كتاب الإباق

الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه لما فيه من إحيائه، وأما الضال فقد قيل كذلك، وقد قيل تركه أفضل؛ لأنه لا يبرح مكانه فيجده المالك ولا كذلك الآبق، ثم آخذ الآبق يأتي به إلى السلطان؛ لأنه لا يقدر على حفظه بنفسه بخلاف اللقطة، ثم إذا رفع الآبق إليه يحبسه، ولو رفع الضال لا يحبسه؛ لأنه لا يؤمن على الآبق الإباق ثانيا

ــ

[البناية]

[كتاب الإباق]

م: (كتاب الإباق) ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الإباق وهو الهرب من أبق من باب ضرب يضرب، وفي " المبسوط " الإباق التمرد في الانطلاق وهو من سوء الأخلاق، ورواة الأعراق يطهر العبد عن نفسه فراراً ليصير ماله ضماناً أو رده إلى مولاه إحسان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

والآبق هو الذي يهرب عن مولاه قصداً، والضال هو الذي ضل الطريق إلى منزله، وفي النهاية هذا الكسب أعني اللقيط واللقطة والإباق والعتق ركيت يجانس بعضها بعضاً من حيث إن في كل منها عرضة الزوال والهلاك.

م: (الآبق) ش: على وزن فاعل مرفوع بالابتداء، وقوله م:(أخذه) ش: مبتدأ ثان وخبره هو قوله م: (أفضل) ش: والجملة خبر المبتدأ الأول م: (في حق من يقوى عليه) ش: أي من يقدر على أخذه ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم م: (لما فيه) ش: أي لما في أخذه م: (من إحيائه) ش: لأنه هالك في حق المولى، فيكون الرد إحياءه.

م: (وأما الضال فقد قيل كذلك) ش: أي حكم الآبق أخذه أفضل، لما فيه من إحياء النفس ومن التعاون على البر كالآبق م:(وقد قيل تركه أفضل لأنه لا يبرح مكانه) ش: يعني الضال يطلب مالكه فلا يبرح عن مكانه م: (فيجده المالك ولا كذلك الآبق) ش: بخلاف الآبق؛ لأنه يخفى عن مولاه، وإذا لم يؤخذ يضيع حقه م:(ثم آخذ الآبق) ش: الآخذ على صيغة اسم الفاعل م: (يأتي به) ش: أي بالآبق م: (إلى السلطان) ش: أو نائبه أو القاضي م: (لأنه) ش: أي لأن آخذه م: (لا يقدر على حفظه) ش: أي حفظ الآبق م: (بنفسه) ش: لتمرده أو عجز آخذه، ثم هذا الذي ذكر من الإتيان بالعبد الآبق إلى السلطان اختيار شمس الأئمة السرخسي، وأما اختيار شمس الأئمة الحلواني فالآخذ بالخيار إن شاء حفظه لنفسه وإن شاء دفعه إلى الإمام.

وكذلك الضال والضالة الواجد فيهما بالخيار كذا في الذخيرة م: (بخلاف اللقطة) ش: حيث لا يرفعها إلا السلطان؛ لأنه قادر على حفظها بنفسه م: (ثم إذا رفع الآبق إليه) ش: أي إلى السلطان م: (يحبسه، ولو رفع الضال لا يحبسه لأنه لا يؤمن على الآبق الإباق ثانياً) ش: فيكون ترك

ص: 346

بخلاف الضال، قال: ومن رد آبقا على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله عليه جعله أربعون درهما، وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه، وهذا استحسان، والقياس أن لا يكون له شيء إلا بالشرط وهو قول الشافعي رحمه الله لأنه متبرع بمنافعه فأشبه العبد الضال. ولنا أن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على وجوب أصل الجعل، إلا أن منهم من

ــ

[البناية]

حبسه تعريضاً على الإباق م: (بخلاف الضال) ش: لأن الظاهر أنه لا يروح إذا لم يحبس.

وقال الحاكم الشهيد في " الكافي ": وإذا أتى الرجل بالعبد فأخذه السلطان فحبسه فادعاه رجل وأقام البينة أنه عبده قال: يستحلفه ما بعته ولا رهنته، ثم يدفعه إليه ولا أحب أن يأخذ منه كفيلاً.

وإن أخذ منه القاضي كفيلاً لم يكن ليأخذه ولكن لا يأخذه أحب إلي، قال الحاكم: هذه رواية أبي حفص ورأيت في بعض روايات سليمان قال: أحب إلي أن يأخذ منه كفيلاً.

وإن لم يأخذ منه كفيلاً وسعه ذلك وإن لم يكن للمدعي بينة، وأقر العبد أنه عبده قال: يدفعه إليه ويأخذ منه كفيلاً، وإن لم يجئ للعبد طالب. قال: إذا طال بعد ذلك باعه الإمام وأمسك ثمنه حتى يجيء له طالب ويقيم البينة بأن العبد عبده فيدفع الثمن ولا ينقض بيع الإمام، وينفق عليه الإمام في مدة حبسه من بيت المال ثم يأخذ من صاحبه إن حضر ومن ثمنه إن باعه.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ومن رد آبقاً على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً فله عليه جعله أربعون درهماً، وإن رده لأقل من ذلك) ش: أي من مسيرة السفر م: (فبحسابه) ش: أي فيحسب الجعل بحساب ما دون السفر، والجعل بالضم ما يجعل للعامل على عمله.

م: (وهذا استحسان) ش: أي وجوب الجعل استحسان المشايخ لاتفاق الصحابة على ذلك م: (والقياس أن لا يكون له) ش: أي للمسير م: (شيء إلا بالشرط وهو قول الشافعي رحمه الله) ش: وبه قال ابن المنذر وبعض أصحاب أحمد، وهو قول إبراهيم النخعي أيضاً.

ولكن ما أنفق عليه إنما يجب بالشرط، بأن قال: من رد عبدي علي فله كذا م: (لأنه) ش: أي لأن المراد م: (متبرع بمنافعه) ش: في رده م: (فأشبه العبد الضال) .

ش: حيث لا يجب شيء فيه، ولو تبرع عليه يعني من أعيان ماله فلا يرجع عليه، فكذا إذا تبرع بمنافعه، ولا يستوجب الآبق نهياً له عن المنكر، والنهي عن المنكر فرض، فإذاً لا يستوجب فاعل الفرض جعلاً.

م: (ولنا أن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على وجوب أصل الجعل، إلا أن منهم من أوجب أربعين درهماً، ومنهم من أوجب ما دونها) ش: أي ما دون الأربعين، فمن الصحابة الذين أوجبوا الأربعين درهماً، عن عمر رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه "، حدثنا

ص: 347

أوجب أربعين درهما، ومنهم من أوجب ما دونها فأوجبنا الأربعين في مسيرة السفر وما دونها فيما دونه، توفيقا وتلفيقا بينهما؛ ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد،

ــ

[البناية]

محمد بن يزيد عن أيوب عن أبي العلاء عن قتادة وأبي هاشم أن عمر رضي الله عنه " قضى في جعل الآبق أربعين درهماً " ومنهم معاوية رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة أيضاً، حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي إسحاق قال: أعطيت الجعل في زمن معاوية رضي الله عنه أربعين درهماً، ومنهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن أبي رباح عن عبد الله بن رباح عن أبي عمرو الشيباني رضي الله عنه قال: أصبت غلماناً أباقاً بالغين، فذكرت ذلك لابن مسعود رضي الله عنه فقال: الأجر والغنيمة، قلت: هذا الأجر، فما الغنيمة؟ قال: أربعون درهماً من كل رأس.

ومن الصحابة الذين أوجبوا أقل من أربعين درهماً علي بن أبي طالب رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا محمد بن يزيد ويزيد بن هارون عن حجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي رضي الله عنه أنه جعل في جعل الآبق ديناراً، أو اثني عشر درهماً، وفيه حديث مرفوع مرسل: أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في " مصنفيهما " عن عمرو بن دينار «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العبد الآبق يؤخذ خارج الحرم بدينار أو عشرة دراهم» .

م: (فأوجبنا الأربعين في مسيرة السفر وما دونها) ش: أي أوجبنا ما دون الأربعين م: (فيما دونه) ش: أي فيما دون السفر م: (توفيقاً) ش: بين الآثار المذكورة م: (وتلفيقاً بينهما) ش: أي جمعاً بين الروايات المتعارضة، والتلفيق الضم يقال: لفقت الثوب ألفقه وهو أن يضم شفة إلى أخرى كذا في " الصحاح ".

فإن قلت: كان الواجب أن يؤخذ بأقل المقادير تيقنة. قلت: لم يؤخذ بالأقل لإمكان التوفيق بين أقاويلهم وأشار إليه المصنف بقوله: فأوجبنا الأربعين إلى آخره، وعن أحمد: إن رده من المصر فله عشرة دراهم أو دينار، وإن رده من خارج المصر سواء كان مدة السفر أو لا فله أربعون، وقال مالك: له أجر مثله في قدر تعبه وسفره، وتكلف طلبه ممن شأنه وعادته طلب الإباق، وإن لم يكن ممن نصب نفسه كذلك فله نفقته عليه؛ لأنه اختلف فيه الصحابة، فعلم أنه غير مقدر بشيء معين فيجب أجر المثل م:(ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد) ش: هذا دليل عقلي لوجوب الجعل، بيانه أن الأصل في إيجاب الجعل هو أنه يحمل على رد الآبق.

ص: 348

إذ الحسبة نادرة فتحصل صيانة أموال الناس، والتقدير بالسمع ولا سمع في الضال فامتنع، ولأن الحاجة إلى صيانة الضال دونها إلى صيانة الآبق؛ لأنه لا يتوارى، والآبق يختفي، ويقدر الرضخ في الرد عما دون السفر باصطلاحهما، أو يفوض إلى رأي القاضي، وقيل: يقسم الأربعون.

ــ

[البناية]

م: (إذ الحسبة) ش: أي العمل فيه لأجل اعتقاد الأجر م: (نادرة) ش: فإذا كان كذلك م: (فتحصل) ش: بوجوب الجعل م: (صيانة أموال الناس) ش: من الضياع فيرغب كل واحد عن تحصيل الآبق ليرده إلى صاحبه، فيأخذ الجعل. والرد يحتاج إلى عناء فقلما يرغب الناس في التزام ذلك حسبة، ففي إيجاب الجعل يحصل صيانة الأموال م:(والتقدير بالسمع) ش: جواب عن قياس الشافعي الآبق على الضال في عدم وجوب الجعل أي تقدير الجعل في الآبق بدليل سمعي أو هو إجماع الصحابة الذي ورد في حكم الآبق من وجوب الجعل على حسب الاختلاف في كمية المقدار فيه، ولا اختلاف في أصل الوجوب؛ لأنه وقع مجمعاً عليه من غير نكير منهم. م:(ولا سمع في الضال) ش: أي لم يرد شيء في وجوب شيء في رد الضال م: (فامتنع) ش: قياس الآبق على الضال، وكان القياس في رد الآبق عدم الوجوب أيضاً، إلا أنا تركنا القياس فيه لوجود السمع.

ولا سمع في الضال، فبقي على أصل القياس م:(ولأن الحاجة) ش: إشارة إلى بقاء إلحاق الآبق بالضال، بيانه أن الحاجة م:(إلى صيانة الضال دونها) ش: أي دون الحاجة م: (إلى صيانة الآبق لأنه) ش: أي لأن الضال م: (لا يتوارى) ش: أي لا يختفي م: (والآبق يختفي) ش: لأنه هارب، والهارب يخفي نفسه.

م: (ويقدر الرضخ) ش: تفصيل لقوله: وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه بأن عملوا بالقسمة كان لكل يوم ثلاثة عشر درهماً، وثلاثة دراهم، ورد هذا قول من قال: إن قوله رضخ إلى آخره تكرار لما ذكره قبله، وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه، بيانه أن هذه الأوجه الثلاثة أعني قوله: الرضخ إلى قوله: وإن كانت تفصيل لما ذكره أولاً. فإن التقدير الشرعي إذا ثبت على خلاف القياس يمنع أن يكون لما دون القدر حكم القدر فقال: لأجل ذلك ويقدر الرضخ بالمعجمتين من قولهم، أرضخ فلان بفلان ماله إذا أعطاه قليلاً من كثير، والاسم الرضيخة يقال: أعطاه رضيخة من ماله ورضاخة كذا ذكره ابن دريد.

م: (في الرد عما دون السفر باصطلاحهما) ش: أي باصطلاح الراد والمالك يجب ما يقع عليه اتفاقهما، وهذا أحد الوجوه الثلاثة التي أشرنا إليها م:(أو يفوض إلى رأي القاضي) ش: هذا هو الوجه الثاني أو يفوض أمر الرضخ إلى رأي القاضي على حسب ما يرى.

قالوا: هذا هو الأشبه بالاعتبار م: (وقيل: يقسم الأربعون) ش: هذا هو الوجه الثالث أي

ص: 349