الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو تبرأ عما انتقل إليه كفاه لحصول المقصود. قال: فإن قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه كره ولا شيء على القاتل. ومعنى الكراهية هاهنا ترك المستحب، وانتفاء الضمان؛ لأن الكفر مبيح للقتل والعرض بعد بلوغ الدعوة غير واجب. وأما المرتدة فلا تقتل.
ــ
[البناية]
قال في شرح الطحاوي: سئل أبو يوسف عن المرتد كيف يستتاب فقال: يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. ويقر بما جاء من عند الله من الذي انتحل، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقال: ولم أدخل في هذا الدين قط وأنا بريء منه، أي من الذي ارتد إليه فهي توبة أيضاً.
كذا نقل الشيخ أبو الحسن الكرخي عن أبي يوسف، وقال في شرح الطحاوي: إسلام النصراني أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ويبرأ من النصرانية، وإن كان يهودياً يبرأ من اليهودية.
وكذلك إذا كان كل ملة توقف عليها. وأما إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فإنه لا يكون مسلماً بهذا الاسم؛ لأنهم يقولون هذا إلا أنهم إذا فسروا قالوا: رسول الله إليكم، هذا في اليهود والنصارى والذمي بين ظهراني أهل الإسلام.
وأما إذا كان في دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فهذا دليل الإسلام، أو قال محمد رسول الله، أو قال: دخلت في دار الإسلام، أو قال: دخلت في دين محمد عليه السلام، فهذا دليل إسلامه، ذكره في كتاب المرتد.
[المرتد إذا قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه]
م: (ولو تبرأ عما انتقل إليه كفاه لحصول المقصود) ش: لأنه مسلمة للمرتد بعد ما كان عليه إذا تبرأ عما انتقل إليه حصل المقصود، والإقرار بالبعث والنشور مستحب، وبه قالت الأئمة الثلاثة.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه كره، ولا شيء على القاتل) ش: لأن القتل وجب عليه بالنصوص لمجرد الكفر، فلم يجب الضمان على قاتله لوجود المبيح م:(ومعنى الكراهية هاهنا ترك المستحب) ش: لأن في القتل تفويت الغرض المستحب.
وعند من قال بوجوب العرض يحرم قتله م: (وانتفاء الضمان لأن الكفر مبيح للقتل، والعرض بعد بلوغ الدعوة غير واجب) ش: لأن الكافر إذا بلغته الدعوة لا يجب تجديد العرض عليه، بل يستحب، فكذا هنا.
وفائدة الاستحباب محل قتله العرض م: (وأما المرتدة فلا تقتل) ش: ولكن حتى تسلم سواء كانت حرة أو أمة، ولو قتلها قاتل لم يجب عليه شيء.
وقال الشافعي رحمه الله: تقتل لما روينا؛ ولأن ردة الرجل مبيحة للقتل من حيث إنها جناية مغلظة فتناط بها عقوبة مغلظة، وردة المرأة تشاركها فيها فتشاركها في موجبها. ولنا أن النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء
ــ
[البناية]
وقال الشافعي رحمه الله: تقتل لما روينا؛ ولأن ردة الرجل مبيحة للقتل من حيث إنها جناية مغلظة فتناط بها عقوبة مغلظة، وردة المرأة تشاركها فيها فتشاركها في موجبها. ولنا «أن النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء»
م: (وقال الشافعي رحمه الله: تقتل) ش: وبه قال مالك وأحمد وأبو الليث والزهري والنخعي والأوزاعي ومكحول وحماد وإسحاق. وهو قول أبي يوسف أولاً، ذكره أبو الليث م:(لما روينا) ش: وهو قوله عليه السلام: «من بدل دينه فاقتلوه» ومن تعم الرجال والنساء.
وروى الدارقطني «أن امرأة يقال لها مروان ارتدت فأمر عليه السلام أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت» م: (ولأن ردة الرجل مبيحة للقتل من حيث إنها جناية مغلظة فتناط بها) ش: أي يتعلق بها م: (عقوبة مغلظة) ش: وهو القتل م: (وردة المرأة تشاركها فيها) ش: أي تشارك ردة الرجل في هذه العقوبة م: (فتشاركها في موجبها) ش: وهو القتل؛ لأن الاشتراك في العلة موجب الاشتراك في المعلول، فصار كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وفيه نظر؛ لأنه إثبات ما يندرئ بالشبهات بالرأي.
م: (ولنا أن النبي عليه السلام نهى عن قتل النساء) ش: وروى الجماعة إلا ابن ماجه عن نافع عن ابن عمر «أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى عن قتل النساء والصبيان» .
وفي لفظ البخاري ومسلم: «فأنكر قتل النساء والصبيان» . وأخرج أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انطلقوا باسم الله وعلى ملة رسول الله، لا تقتلوا شيخاًَ فانياً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة» .... الحديث، فإذا لم يقتل بالكفر الأصلي فبالطارئ بطريق الأولى كالصبي.
وروى الدارقطني في " سننه " عن عبد الله بن عيسى الجزري حدثنا عقال شعير عن عاصم عن أبي ربيعة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل المرأة إذا ارتدت» ، قال الدارقطني: وعبد الله هذا كذاب يضع الحديث على عقال وغيره، هذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن الحديث الذي اتضح به الشافعي أنه عام متروك الظاهر؛ لأن من بدل دينه من اليهودية إلى النصرانية أو من النصرانية إلى اليهودية أو من الكفر إلى الإسلام، لا يقتل مع وجود التبديل على الرجل المرتد توفيقاً بين الحديثين.
ولأن الأصل تأخير الأجزية إلى دار الآخرة، إذ تعجيلها يخل بمعنى الابتلاء، وإنما عدل عنه دفعا لشر ناجز وهو الحراب، ولا يتوجه ذلك من النساء لعدم صلاحية البنية. بخلاف الرجال فصارت المرتدة كالأصلية. قال: ولكن تحبس حتى تسلم لأنها امتنعت عن إيفاء حق الله تعالى بعد الإقرار، فتجبر على إيفائه بالحبس كما في حقوق العباد. وفي " الجامع الصغير ": وتجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة، والأمة يجبرها مولاها. أما الجبر فلما ذكرنا من المولى لما فيه من الجمع بين الحقين،
ــ
[البناية]
م: (ولأن الأصل تأخير الأجزية إلى دار الآخرة، إذ تعجيلها يخل بمعنى الابتلاء) ش: الذي هو من الله إظهار علمه؛ لأن الناس يمتنعون خوفاً من لحوقه، فصاروا في المعنى كالمحورين، وفيه إخلال بالإسلام م:(وإنما عدل عنه) ش: أي عن هذا الأصل م: (دفعاً لشر ناجز) ش: أي واقع م: (وهو الحراب) ش: يقال: ناجزاً مناجزاً، أي يتداخل.
م: (ولا يتوجه ذلك) ش: أي الحرب م: (من النساء لعدم صلاحية البنية) ش: يعني بنيتهن غير صالحة لذلك.
م: (بخلاف الرجال، فصارت المرتدة كالأصلية) ش: كالكافرة الأصلية والكافرة الأصلية لا تقتل، فكذا المرتدة.
وقال الأكمل: ما قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مرتدة فقد قيل: إنه عليه السلام لم يقتلها لمجرد الردة، بل؛ لأنها كانت شاخة شاعرة تهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لها ثلاثون ابناً، وهي تحرضهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلها.
م: (قال: ولكن تحبس حتى تسلم؛ لأنها امتنعت عن إيفاء حق الله تعالى بعد الإقرار فتجبر على إيفائه) ش: أي إيفاء حق الله تعالى م: (بالحبس كما في حقوق العباد) ش: حيث تحبس لإيفاء ما عليها من الحق.
م: (وفي " الجامع الصغير ") ش: إنما أعاد رواية " الجامع الصغير " لاشتمالها على ذكر الحر والحرة والأمة م: (وتجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة، والأمة يجبرها مولاها، أما الجبر فلما ذكرنا) ش: يعني أنه امتنعت عن إيفاء حق الله بعد الإقرار م: (من المولى) ش: أي وأما الإجبار من المولى م: (لما فيه من الجمع بين الحقين) ش: أي حق الله تعالى وهو الجبر على الإسلام وحق العبد وهو الاستخدام.
وفي " الإيضاح " قال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن احتاج المولى إلى خدمتها دفعها القاضي إليه وأمره أن يجبرها إلى الإسلام وأرسل إليها القاضي كل أيام يهددها ويضربها أسواطاً حتى تموت أو تسلم. والصحيح أنه يدفعها إلى المولى احتاج أو استغنى طلب أم لا؛ لأن الحبس
ويروى: تضرب في كل أيام مبالغة في الحمل على الإسلام. قال: ويزول ملك المرتد عن أمواله بردته زوالا مراعى، فإن أسلم عادت إلى حالها. قالوا هذا عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما لا يزول ملكه؛ لأنه مكلف محتاج فإلى أن يقتل بقي ملكه كالمحكوم عليه بالرجم والقصاص. وله أنه حربي مقهور تحت أيدينا حتى يقتل. ولا قتل إلا بالحراب وهذا
ــ
[البناية]
تصرف فيها، وذا إلى المولى.
فإن قيل: للمولى حق الاستخدام في العبد والأمة جميعاً، فكيف دفعت إليه الأمة دون العبد.
أجيب: بأن العبد إذا أبى يقتل، فلا فائدة في الدفع إلى المولى.
م: (ويروى: تضرب في كل أيام مبالغة في الحمل على الإسلام) ش: وعن الحسن أن المرتدة تضرب كل يوم تسعة وثلاثين سوطا حتى تموت أو تسلم.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويزول ملك المرتد عن أمواله بردته) ش: أي بسبب ردته م: (زوالاً مراعى) ش: أي محفوظاً موقوفاً حتى يتبين حاله. وبه قال الشافعي في الأصح ومالك وأحمد في رواية، وبيانه في قوله م:(فإن أسلم عادت) ش: أي أمواله م: (إلى حالها) ش: أي تبقى ملكاً له كما كانت م: (قالوا) ش: أي المشايخ م: (هذا) ش: أي الذي ذكره القدوري من الزوال المراعى قول أبي حنيفة رضي الله عنه.
وفي بعض النسخ م: (عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وهو الأصح م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد م: (لا يزول ملكه) ش: وبه قال الشافعي في قوله، واختاره المزني وأحمد في ظاهر الرواية، وبه قال ابن المنذر وأكثر أهل العلم على أنه لا يزول بمجرد الردة م:(لأنه مكلف محتاج فإلى أن يقتل بقي ملكه) ش: ولا يتمكن من إقامة التكلف وأثر الردة في إباحة دمه لا في زوال ملكه كالمقضي عليه بالقود والرجم وهو معنى قوله م: (كالمحكوم عليه بالرجم والقصاص) ش: فإن ملكه لا يزول بإباحة دمه.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنه) ش: أي أن المرتد م: (حربي مقهور) ش: أما كونه حربياً، فلأنه كافر غير مستأمن والحربي كذلك؛ لأنه كافر غير مستأمن. وأما كونه مقهوراً فلأنه م:(تحت أيدينا حتى يقتل) ش: وقد زالت عصمة نفسه بالردة حتى يستحق القتل، ولذلك إن زالت عصمة نفسه تبعا له م:(ولا قتل إلا بالحراب) ش: فكان القتل هنا مستلزما للحراب، لأن نفس الكفر ليس مبيح له، ولهذا لا يقتل الأعمى والمقعد والشيخ الفاني، وقد تحقق اللزوم بالاتفاق، وهو كونه: من يقتل، فلا بد من لازمه، وهو كونه حربياً (وهذا) ش: أي كونه حربياً