الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بخلاف الكافر؛ لأن نفس الكفر مبيح عنده. ولنا أن الحكم يدار على الدليل وهو الاجتماع والامتناع، وهذا لأنه لو انتظر الإمام حقيقة قتالهم وربما لا يمكنه الدفع، فيدار الحكم على الدليل ضرورة دفع شرهم.
وإذا بلغه أنهم يشترون السلاح، ويتأهبون للقتال ينبغي أن يأخذهم ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك، ويحدثوا توبة دفعا للشر بقدر الإمكان. والمروي عن أبي حنيفة رحمه الله من لزوم البيت محمول على حال عدم الإمام.
ــ
[البناية]
سمى البغاة مؤمنين م: (بخلاف الكافر؛ لأن نفس الكفر مبيح عنده) ش: أي عند الشافعي، يعني أن علة إباحة القتال وهي الكفر عنده، وعندنا العلة هو الخراب.
م: (ولنا أن الحكم يدار على الدليل) ش: أي دليل القتال م: (وهو الاجتماع والامتناع) ش: يعني إذا اجتمعوا فصارت لهم منعة دفعهم بالقتال.
م: (وهذا) ش: يعني دوران الحكم على الدليل م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (لو انتظر الإمام حقيقة قتالهم، وربما لا يمكنه الدفع) ش: أي دفعهم بحصول الشوكة لهم والقوة على المؤمنين، فإذا كان الأمر كذلك م:(فيدار الحكم على الدليل) ش: أي دليل قتالهم وهو شجرهم واجتماعهم م: (ضرورة) ش: أي لأجل الضرورة م: (دفع شرهم) ش: وفي " المبسوط " و " الإيضاح ": فحالهم في ذلك كحال المرتدين وأهل الحرب الذين بلغتهم الدعوة.
ولهذا يجوز قتالهم بكل ما يجوز قتال أهل الحرب به كالرمي بالنبل والمنجنيق وإرسال الماء والنار عليهم والبيان بالنبل؛ لأن قتالهم حينئذ فرض كقتال أهل الحرب والمرتدين. وعند الأئمة الثلاثة قتالهم بالمنجنيق وإرسال الماء والنار لا يجوز إلا إذا لم يندفعوا بدونه.
[إعانة الإمام الحق على قتال البغاة]
م: (وإذا بلغه) ش: أي الإمام م: (أنهم) ش: أي أن البغاة م: (يشترون السلاح ويتأهبون للقتال ينبغي أن يأخذهم) ش: أي الإمام م: (ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك) ش: أي حتى يمتنعوا عما قصدوه، ويقلعوا بضم الياء من الإقلاع وهو الامتناع، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«أقلعوا عن المعاصي قبل أن يأخذكم الله» م: (ويحدثوا توبة) بضم الياء، أي يحدثوا توبة عما هم فيه م:(دفعاً للشر بقدر الإمكان) ش: أي لأجل دفع شرهم بحسب إمكانهم.
م: (والمروي عن أبي حنيفة رحمه الله من لزوم البيت محمول على حال عدم الإمام) ش: بيان ذلك أن الشيخ أبا الحسن الكرخي قال في مختصره: قال الحسن بن زياد وقال أبو حنيفة: إذا وقعت الفتنة بين المسلمين فينبغي للرجل أن يعتزل الفتنة ويلزم بيته ولا يخرج في الفتنة، لقوله عليه السلام:«من فر من الفتنة أعتق الله رقبته من النار» .
وقال المصنف: هذا محمول على حال عدم الإمام الداعي إلى القتال، أما إذا كان المسلمون مجتمعين على إمام كانوا آمنين به وإسلامه، فخرج عليه طائفة من المؤمنين فحينئذ يجب على كل
أما إعانة الإمام الحق فمن الواجب عند الغناء والقدرة، فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع موليهم دفعا لشرهم كي لا يلتحقوا بهم. وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم لاندفاع الشر دونه. وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز ذلك في الحالين؛ لأن القتال إذا تركوه لم يبق قتلهم دفعا، وجوابه ما ذكرناه أن المعتبر دليله لا حقيقته، ولا يسبى لهم ذرية ولا يقسم لهم مال؛ لقول علي رضي الله عنه يوم الجمل: ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ولا يؤخذ مال،
ــ
[البناية]
من يقوى على القتال أن يقاتلهم نصرة لإمام المسلمين.
أشار إليه بقوله: م: (أما إعانة الإمام الحق فمن الواجب) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: 9]
…
الآية (الحجرات: الآية 9) فإن الأمر للوجوب م: (عند الغناء) ش: بفتح الغين المعجمة وبالمد، وهو الكفاية م:(والقدرة) ش: بالجر عطفاً على ما قبله، ويجوز أن يكون العطف للتفسير.
فإن قلت: روي عن ابن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم قعودهم وترك الإعانة.
قلت: هو أيضاً محمول، ولكن على عدم قدرتهم على القتال، والعاجز لا يلزمه الحضور.
م: (فإن كانت لهم فئة) ش: أي جماعة غير المصدرين للقتال م: (أجهز) ش: على صيغة المجهول من أجهزت م: (على جريحهم) ش: إذا أسر عن قتله وقد تممت عليه، يعني كان مجروحاً أشرف على الموت قيمة م:(واتبع موليهم) ش: على صيغة المجهول أيضاً وبكسر اللام وسكون الياء.
وهو الذي يولي ويهرب خوفاً بنفسه م: (دفعاً لشرهم) ش: أي لأجل دفع شر البغاة م: (كي لا يلتحقوا) ش: أي الجريح والمولي م: (بهم) ش: أي لبغاة فيميلان إليهم م: (وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم) ش: وكلا اللفظين أيضا على صيغة المجهول م: (لاندفاع الشر دونه) ش: أي دون إجهاز جريحهم واتباع موليهم.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز ذلك في الحالين) ش: أي فيما إذا كانت لهم فئة، وإن لم يكن لهم فئة م:(لأن القتال إذا تركوه لم يبق قتلهم دفعاً) ش: للشر؛ لأن شرهم قد اندفع فلا حاجة إلى الامتناع، وهذا لأنه قتال على وجه الدفع، فصار كقتال غير الخوارج.
م: (وجوابه) ش: أي جواب الشافعي م: (ما ذكرناه أن المعتبر دليله) ش: أي دليل القتال وهو الإجماع م: (لا حقيقته) ش: أي لا حقيقة القتال، وبقولنا قال مالك وبعض أصحاب الشافعي: م: (ولا يسبى لهم ذرية ولا يقسم لهم مال لقول علي رضي الله عنه يوم الجمل: ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ولا يؤخذ مال) ش: يوم الجمل هو اليوم الذي كان فيه وقعة عائشة مع علي رضي الله عنهما.
وهو الذي يقتدى به في هذا الباب. وقوله في الأسير: تأويله إذا لم يكن لهم فئة، فإن كانت يقتل الإمام الأسير، وإن شاء حبسه لما ذكرنا، ولأنهم مسلمون والإسلام يعصم النفس والمال، ولا بأس بأن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه. وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز، والكراع على هذا الخلاف. له أنه مال مسلم فلا يجوز الانتفاع به إلا برضاه. ولنا أن عليا -
ــ
[البناية]
وذلك أن عثمان رضي الله عنه لما قتل يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين بويع لعلي رضي الله عنه بالمدينة بالخلافة يوم قتل عثمان، بايعه من كان في المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم وفيهم طلحة وزيد.
وذكر أنهما بايعاه كارهين غير طائعين، فخرجا من مكة ومعهما عائشة إلى البصرة يطالبون بدم عثمان، وبلغ علياً ذلك فخرج من المدينة إلى العراق، وبعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى الكوفة يستنصر أهلها بالمسير معه، فقدموا عليه فأنزلهم البصرة فلقي طلحة والزبير وعائشة ومن معهم من أهل البصرة وغيرهم، فوقع بينهم قتال عظيم، فظنوهم قتل يومئذ طلحة والزبير وغيرهما، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألف قتيل، وإنما سمي يوم الجمل؛ لأن عائشة كانت يومئذ على جمل يسمى عكرا.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة بن سليمان عن جرير عن الضحاك أن علياً رضي الله عنه لما هزم طلحة والزبير وأصحابهما أمر منادياً فنادى أن لا يقتل مقبل ولا مدبر، ولا يفتح باب، ولا يقل قرح، ولا مال. قوله: ولا يكشف ستر أي لا يسبى نساؤهم وهو القدوة عن علي رضي الله عنه.
م: (وهو الذي يقتدى به في هذا الباب) ش: أي في باب قتال الخوارج م: (وقوله) ش: أي قول علي رضي الله عنه م: (في الأسير) ش: أي: ولا يقتل أسير م: (تأويله) ش: أي تأويل كلامه م: (إذا لم يكن لهم فئة، فإن كانت يقتل الإمام الأسير، وإن شاء حبسه لما ذكرنا) ش: أي عند قوله ويحبسهم إلى قوله دفعاً لشرهم، وعند الأئمة الثلاثة: لا يقتل الأسير بل يحبسه م: (ولأنهم) ش: أي ولأن البغاة م: (مسلمون، والإسلام يعصم النفس والمال) ش: للحديث المشهور.
م: (ولا بأس بأن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه) ش: أي إلى سلاحهم لأجل القتال م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز) ش: وبه قال أحمد في رواية م: (والكراع على هذا الخلاف) ش: أي الخلاف الذي بيننا وبين الشافعي، يعني: يجوز استعمال الكراع وهو الجمل عند الحاجة عندنا. وقال الشافعي وأحمد في رواية: لا يجوز، وبقولنا قال مالك وأحمد في رواية.
م: (له) ش: أي للشافعي م: (أنه مال مسلم فلا يجوز الانتفاع به إلا برضاه. ولنا: أن علياً -