المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها] - البناية شرح الهداية - جـ ٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السرقة

- ‌[نصاب السرقة]

- ‌[شروط القطع]

- ‌ اشترك جماعة في سرقة

- ‌[باب في بيان ما يقطع فيه السارق وفي بيان ما لا يقطع فيه] [

- ‌سرقة ما دون النصاب]

- ‌[سرقة المصحف وآلات اللهو وآنية الخمر]

- ‌[سرقة باب المسجد والصليب من الذهب]

- ‌[سرقة الصليب من الفضة]

- ‌[سرقة الدفاتر والصحائف والكلب والدف والفصوص الخضر]

- ‌[قطع النباش ومن سرق درة من إصطبل]

- ‌[السرقة من بيت المال وحكم من سرق زيادة على حقه]

- ‌[سرق عيناً فقطع فيها فردها]

- ‌فصل في الحرز والأخذ منه

- ‌ سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم

- ‌[السرقة من بيت الأخت من الرضاع]

- ‌[سرقة أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده ومن سرق من أمه من الرضاعة]

- ‌[سرقة المولى من مكاتبه والسرقة من المغنم]

- ‌[أنواع الحرز]

- ‌ سرق شيئا من حرز أو من غير حرز وصاحبه عنده يحفظه

- ‌[سرق من المسجد متاعاً وصاحبه عنده والضيف إذا سرق ممن أضافه]

- ‌[نقب اللص البيت وناوله آخر خارج البيت أو ألقى المتاع في الطريق ثم خرج فأخذه]

- ‌ دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم

- ‌ سرق من القطار بعيرا أو جملا

- ‌ سرق جولقا فيه متاع وصاحبه عنده يحفظه، أو نائم

- ‌فصل في كيفية القطع وإثباته

- ‌قطع يمين السارق من الزند

- ‌[سرق ثانياً بعد قطع يده اليمنى]

- ‌[السارق إذا كان أشل اليد اليسرى أو أقطع]

- ‌[قال الحاكم للحداد اقطع يد هذا فقطع الحداد يساره]

- ‌[أخرج السارق يساره وقال هذه يميني فقطعها الحداد]

- ‌[الشهادة والإقرار في السرقة ومن له يد حافظة سوى المالك إذا سرق منه]

- ‌[السرقة من المرتهن]

- ‌ السرقة موجبة للقطع من نفسها

- ‌[استيفاء القطع بحضرة المالك]

- ‌[قطع بسرقة فسرقت منه أو رد المسروق قبل بلوغ الحاكم]

- ‌ قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له

- ‌[الفسق في الشهود على السرقة ورد المسروق بعد الواقعة قبل الاستيفاء]

- ‌ أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما: هو مالي

- ‌[أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها أوأقر بالسرقة ثم رجع]

- ‌ قطع السارق والعين قائمة في يده

- ‌[الضمان في المسروق]

- ‌ سرق سرقات فقطع في إحداها

- ‌باب ما يحدث السارق في السرقة

- ‌ قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن

- ‌[سرق ذهباً أو فضة فصنعه دراهم ودنانير]

- ‌باب قطع الطريق

- ‌[قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن]

- ‌[أحوال الحرابة]

- ‌[التخيير بين الصلب وتركه في الحرابة]

- ‌[قتل قطاع الطريق]

- ‌ كان في القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه

- ‌[ذو الرحم المحرم إذا قطع عليه الطريق ذو رحم منه]

- ‌ خنق رجلا حتى قتله

- ‌كتاب السير

- ‌[حكم الجهاد]

- ‌ الجهاد على الصبي

- ‌باب كيفية القتال

- ‌[امتناع المحاصرون من الكفار عن قبول الدعوة]

- ‌[قتال من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام]

- ‌[قتال من بلغته الدعوة]

- ‌[إخراج النساء والمصاحف مع المسلمين في الجهاد]

- ‌[محرمات الجهاد ومكروهاته]

- ‌باب الموادعة ومن يجوز أمانه

- ‌[صالح الإمام أهل الحرب مدة معينة]

- ‌[بدء الكفار بالخيانة]

- ‌[موادعة المرتدون]

- ‌ حاصر العدو المسلمين وطلبوا الموادعة على مال يدفعه المسلمون

- ‌فصل إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة فردا أو جماعة

- ‌ حاصر الإمام حصنا وأمن واحد من الجيش وفيه مفسدة

- ‌[أمان الذمي]

- ‌ أمان العبد المحجور عليه

- ‌[أمان الصبي]

- ‌باب الغنائم وقسمتها

- ‌[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها]

- ‌[إذا أسلم الأسارى بعد الأسر]

- ‌[مفاداة الأسرى بمال يؤخذ منهم]

- ‌[إذا أسلم أسير في أيدينا هل يفادى بمسلم أسير في أيديهم]

- ‌[أراد الإمام العود إلى دار الإسلام ومعه المواشي]

- ‌[ذبح الحيوان لكسر شوكة الأعداء]

- ‌[قسمة الغنائم في دار الحرب]

- ‌[مشاركة المدد العسكر في الغنيمة]

- ‌ بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب

- ‌[حق من مات من الغانمين في دار الحرب من الغنيمة]

- ‌[تناول شيء من الأدوية والطيب ودهن البنفسج ودهن الخيري قبل القسمة للغنائم]

- ‌[الانتفاع بالثياب والمتاع قبل القسمة]

- ‌[من قاتل من عبيد الذمي الذي أسلم هل يعد فيئا]

- ‌[الأكل وعلف الدواب من الغنيمة إذا خرج المسلمون من دار الحرب]

- ‌[الرد إلى الغنيمة]

- ‌فصل في كيفية القسمة

- ‌[قسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً وهلك فرسه]

- ‌[دخل دار الحرب فارساً ثم باع فرسه أو وهب أو أجر أو رهن]

- ‌[هل يسهم للمملوك والمرأة والصبي والمجنون والذمي]

- ‌[متى يرضخ للمرأة]

- ‌[متى يرضخ للذمي]

- ‌[تقسيم خمس النبي]

- ‌إذا دخل الواحد أو الاثنان دار الحرب مغيرين

- ‌[دخول الواحد أو الاثنان دار الحرب بإذن الإمام]

- ‌فصل في التنفيل

- ‌[النفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام]

- ‌[من يستحق السلب من الغنيمة]

- ‌[المراد بالسلب]

- ‌باب استيلاء الكفار

- ‌[شراء الذي استولى عليه الحربي]

- ‌[أبق عبد مسلم لمسلم فدخل إلى أهل الحرب فأخذوه]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب

- ‌[أسلم عبد الحربي ثم خرج إلينا]

- ‌باب المستأمن

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه

- ‌ دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا

- ‌[قتل مسلم تاجرا أسيراً]

- ‌[فصل إذا دخل الحربي إلينا مستأمنا]

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراج

- ‌ دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا

- ‌ دخل حربي بأمان فتزوج ذمية

- ‌ دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال

- ‌[أسلم في دار الحرب ثم جاء إلى دار الإسلام]

- ‌من قتل مسلما خطأ لا ولي له، أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان

- ‌باب العشر والخراج

- ‌[مشركوا العرب هل يقبل منهم الخراج]

- ‌ وضع الخراج على الشام

- ‌[من أحيا أرضاً مواتاً من حيز أرض الخراج]

- ‌[توظيف العشر على البصرة]

- ‌[أنواع الخراج]

- ‌[استأجر رجل أرضاً فزرعها فاصطلمت الزرع آفة]

- ‌من أسلم من أهل الخراج

- ‌[الجمع بين العشر والخراج]

- ‌[لا يؤخذ خراج الأرض في سنة إلا مرة واحدة]

- ‌باب الجزية

- ‌[وجوب الجزية بدلا عن القتل]

- ‌وضع الجزية على أهل الكتاب

- ‌[الجزية على المرأة والصبي]

- ‌[أصحاب الصوامع هل يوضع عليهم الخراج]

- ‌من أسلم وعليه جزية

- ‌[اجتمعت علي الذمي جزية الحولين]

- ‌فصل ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام

- ‌[إحداث البيع والكنائس في أرض العرب]

- ‌[تمييز أهل الذمة عن المسلمين في زيهم]

- ‌[نقض عهد من امتنع من أداء الجزية]

- ‌[فصل نصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة]

- ‌باب أحكام المرتدين

- ‌[المرتد إذا قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه]

- ‌[ميراث المرتد إن مات أو قتل على ردته]

- ‌[ميراث زوجة المرتد إذا قتل على ردته وهي في العدة]

- ‌[كسب الردة قضاء الدين منه]

- ‌ تصرفات المرتد

- ‌[وطئ المرتد جاريته النصرانية فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد]

- ‌ قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب

- ‌ قطعت يد المرتد ثم أسلم فمات من ذلك

- ‌ ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ أسيرا بماله

- ‌[ارتد الرجل وامرأته ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب]

- ‌[الشهادة على الردة]

- ‌باب البغاة

- ‌[إعانة الإمام الحق على قتال البغاة]

- ‌ما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر

- ‌[المقتول من عسكر أهل البغي]

- ‌ قتل رجل من أهل العدل باغيا

- ‌كتاب اللقيط

- ‌[حكم الإ لتقاط]

- ‌[الإنفاق علي اللقيط]

- ‌[الرجل يلتقط اللقيط فيدعيه النصراني]

- ‌ وجد مع اللقيط مال مشدود عليه

- ‌كتاب اللقطة

- ‌[تعريف اللقطة]

- ‌[الإشهاد على اللقطة]

- ‌ الالتقاط في الشاة والبقر والبعير

- ‌[تعريف لقطة الحرم]

- ‌كتاب الإباق

- ‌[رد الآبق على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام]

- ‌كتاب المفقود

- ‌[حفظ مال من غاب فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت]

- ‌[حق امرأة المفقود]

- ‌[إذا تم للمفقود من عمره مائة وعشرون منذ ولدته أمه]

- ‌ أوصى للمفقود ومات الموصي

- ‌كتاب الشركة

- ‌[تعريف الشركة]

- ‌[أنواع الشركة]

- ‌ التفاضل فيما لا يصلح الشركة فيه

- ‌[حكم شركة المعاوضة]

- ‌[المفاوضة بين العبدين والصبيين والمكاتبين]

- ‌[عقد الكفالة من المريض]

- ‌[الكفالة بغير أمر المكفول]

- ‌[بطلان المفاوضة وصيرورتها عنانًا]

- ‌فصل ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة

- ‌[الشركة بالفلوس النافقة]

- ‌[عقد الشركة بما سوى المذكور من الدراهم والدنانير والفلوس النافقة]

- ‌[صورة شركة العنان]

- ‌ هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا

- ‌ شركة الصنائع

- ‌[المراد بشركة الوجوه]

- ‌فصل في الشركة الفاسدة

- ‌ فسخ أحد الشريكين الشركة

- ‌[أداء الزكاة من مال الشريكين]

- ‌كتاب الوقف

- ‌[حكم الوقف]

- ‌ وقف في مرض موته

- ‌وقف المشاع

- ‌ وقف العقار

- ‌[بيع الوقف أو تمليكه]

- ‌[ما انهدم من آلة الوقف]

- ‌ جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه

- ‌[شرط الواقف الغلة لنفسه]

- ‌[شرط الواقف أن يستبدل بالوقف أرضا أخرى]

- ‌فصل وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه

- ‌[الواقف لو نصب المتولي على المقبرة]

- ‌[الأوقاف إذا تعطلت وتعذر اشتغالها هل للمتولي بيعها ويشتري مكانها]

الفصل: ‌[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها]

‌باب الغنائم وقسمتها

وإذا فتح الإمام بلدة عنوة أي قهرا، فهو بالخيار، إن شاء قسمها بين الغانمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج، كذلك فعل عمر رضي الله عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة رضي الله عنهم

ــ

[البناية]

[باب الغنائم وقسمتها]

م: (باب الغنائم وقسمتها) ش: أي هذا باب في بيان أحكام الغنائم: وهي جمع غنيمة، والغنيمة اسم لمال مأخوذ من الكفرة بالقهر والغلبة والحرب قائمة. والفيء: اسم المال يؤخذ منهم بغير قتال كالخراج والجزية ويخمس الغنيمة وأربعة أخماسه للغانمين، والفيء لا يخمس، بل هو لكافة المسلمين، والعقل: ما يخص الإمام الغازي زيادة على سهمه.

[إذا فتح الإمام بلدة عنوة كيف يقسمها]

م: (وإذا فتح الإمام بلدة عنوة أي قهراً، فهو بالخيار، إن شاء قسمها بين الغانمين) ش: أي فهذا ليس بتفسير للعنوة لغة، لأن عنا يعنو بمعنى ذل وخضع، وهو لازم، وقهر متعد، بل يكون هو تفسيره من طريق شعور الذهن، لأن من الذلة يلزم القهر، أو أن الفتح بالمذلة ملتزم للقهر. قوله قسمة أي قسم البلدة بتأويل البلد، وإلا كان ينبغي أن يقال قسمها م:(كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر) ش: أخرجه أبو داود في مسنده عن يحيى بن زكريا عن يحيى بن سعيد عن بشير بن بشار عن سهل بن خيثمة قال: «قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفاً لنوائبه ونصفاً بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً» .

م: (وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج، كذلك فعل عمر رضي الله عنه بسواد العراق) ش: أخرج ابن سعد في " الطبقات " بإسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه بعث عثمان بن حنيف على خراج السواد

الحديث، وفيه أنه أفرض الخراج على كل حربي، إلى أن قال: وأفرض على رقابهم على الموسر ثمانية وأربعين درهماً، وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين درهماً، وعلى من لم يجد شيئاً اثني عشر درهماً

الحديث.

ورواه ابن زنجويه في كتاب " الأموال " كذلك، وسمي سواد العرق لخضرة أشجاره وزروعه. حده طولاً من مدينة الموصل إلى عبادان، وعرضاً من العذيب إلى حلوان، وهو الذي على عهد عمر رضي الله عنه وهو أطول من العراق وثلاثين فرسخاً.

م: (بموافقة من الصحابة رضي الله عنهم) ش: ما خالفه في ذلك إلا بلال وأصحابه.

ص: 130

ولم يحمد من خالفه، وفي كل من ذلك قدوة فيتخير.

ــ

[البناية]

وفي " المبسوط " من صحابة سلمان، وأبا بردة فقالوا: اقسم بيننا، فإن الغنيمة حقنا، وكان عمر رضي الله عنه يقول: ما فعلت هو الحق، ولم يدركوا الحكمة فيما فعل عمر رضي الله عنه وتمسكوا بالظاهر فيما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، ولم يكن فعله ذلك بأهل خيبر بطريق الحتم، إذ لو كان بطريق الحتم لما خالفه عمر رضي الله عنه وقد روى البخاري في صحيحه بإسناده إلى زيد بن أسلم عن أبيه، قال: قال عمر رضي الله عنه: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، ولما لم يرجع بلال وأصحابه عما قالوا ولم يتركوا المنازعة مع عمر رضي الله عنه دعا عمر عليهم.

وقال القاضي أبو زيد: روي أن عمر قال: اللهم اكفني بلالاً وأصحابه، فحال الحول وما فيهم عين تطرف ماتوا كلهم. وقال تاج الشريعة: فدعا عليهم عمر رضي الله عنه على المنبر وقال: اللهم اكفني بلالاً وأصحابه، فماتوا جميعاً قبل تمام السنة، وأشار المصنف إلى ذلك بقوله م:(ولم يحمد من خالفه) ش: أي من خالف عمر رضي الله عنه م: (وفي كل من ذلك قدوة) ش: أي من القسمة بين الغانمين وإقرار أهلها قدوة، أي اتباع لما فعله عمر ومن وافقه من الصحابة، فإذا كان كذلك م:(فيتخير) ش: الإمام بين القسمة وإقرار أهلها عليها. ولقائل أن يقول: لا نسلم أن أحداً من الصحابة بل أكثرهم يصير قدوة على خلاف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا لم يصل إلى حد الإجماع. والجواب عنه من وجهين، أحدهما أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل إلى حد الإجماع يعلم أنه عليه السلام على أي جهة فعله يحمل على أدنى منازل فعاله وهي الإباحة، وحينئذ لا يستوجب لا محالة، فإذا ظهر دليل صحابي جاز أن يعمل بخلافه.

قلت: فيه تأمل. والآخر أن يقال فيه: إن عمر رضي الله عنه قد علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن ما فعله بأهل خيبر لم يكن على وجه الحتم، كما ذكرناه الآن.

الوجه الثاني: أنه على تقدير أنه عليه السلام فعل ذلك وجوباً، فإن عمر رضي الله عنه فعل ما فعل مستنبطاً من قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] بعد قَوْله تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7](الحشر: الآية 7) .

فيكون ثابتاً بإشارة النص وهي تفيد القطع، فيكون الواجب أحدهما يتعين بفعل الإمام كالواجب المخير في خصال الكفارة فعل النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما وفعل عمر رضي الله عنه الآخر، هذا الذي ذكره الأكمل.

وقال صاحب " النهاية ": روي [أن] عمر رضي الله عنه استشار الصحابة مراراً ثم

ص: 131

وقيل: الأولى هو الأول عند حاجة الغانمين، والثاني عند عدم الحاجة؛ ليكون عدة في الزمان الثاني، وهذا في العقار، وأما في المنقول المجرد لا يجوز المن بالرد عليهم؛ لأنه لم يرد به الشرع فيه،

وفي العقار خلاف الشافعي رحمه الله لأن في المن إبطال حق الغانمين أو ملكهم، فلا يجوز من غير بدل يعادله، والخراج غير معادل لقلته.

ــ

[البناية]

جمعهم فقال: أما إني تلوت آية من كتاب الله استغنيت بها عنكم، ثم تلا قَوْله تَعَالَى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] إلى قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: 8] إلى قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} [الحشر: 9] وهكذا قرأ عمر رضي الله عنه إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] ثم قال: أرى لمن بعدكم في هذا الفيء نصيباً ولو قسمتها بينكم لم يكن لمن بعدكم نصيب.

قسمها عليهم وجعل الجزية على رؤوسهم والخراج على أراضيهم ليكون لهم ولمن يأتي من بعدهم من المسلمين، ولم يخالفه على ذلك إلا نفر منهم بلال، ولم يحمدوا على خلافه.

م: (وقيل) ش: في التوفيق بينهما م: (الأولى) ش: أي القسمة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم م: (وهو الأول عند حاجة الغانمين) ش: أي عند احتياجهم إليها، وفي بعض النسخ: وقيل: الأول هو الأولى.

م: (والثاني) ش: أي إقرار أهل البلد عليه بالمن، ووضع الجزية والخراج، كما فعل عمر رضي الله عنه م:(عند عدم الحاجة) ش: أي حاجة الغانمين إليها م: (ليكون عدة في الزمان الثاني) ش: أي في الذي يأتي بعدهم م: (وهذا) ش: أي إقرار أهل البلد على بلدهم بالمن م: (في العقار، أما في المنقول المجرد لا يجوز المن بالرد عليهم لأنه لم يرد به الشرع فيه) ش: بأن يدفع إليهم مجاناً ويقسم به عليهم، وإنما قيد المنقول بالمجرد لأنه يجوز المن عليهم في المنقول بطريق التبعية بالعقار على ما يأتي عن قريب.

م: (وفي العقار خلاف الشافعي رحمه الله) ش: فإن عنده لا يجوز إقرار أهل البلد على بلدتهم بالمن في العقار، بل يقسم الأرض أيضاً ولا يتركها في أيديهم، وبه قال أحمد، وعن مالك يقسمها، وعنه كقولنا: م: (لأن في المن إبطال حق الغانمين) ش: أي عندنا لأنه لا يثبت الملك قبل الإحراز بدار الإسلام م: (أو ملكهم) ش: أي أو إبطال ملكهم عند الشافعي، لأن الغنيمة تملك عنده قبل الإحراز بالدار م:(فلا يجوز) ش: أي المن م: (من غير بدل يعادله) ش: أي يعادل حق الغانمين فإن قيل الخراج معادله.

أجاب بقوله: م: (والخراج غير معادل) ش: أي يعادل حق الغانمين، فإن قيل: الخراج يعادله، أجاب بقوله: والخراج غير معادل م: (لقلته) ش: فإن قيل: فالحق إذ الملك ثبت في رقابهم أيضاً وجاز أن يقسمها.

ص: 132

بخلاف الرقاب، لأن للإمام أن يبطل حقهم رأسا بالقتل والحجة عليه ما رويناه، ولأن فيه نظرا لهم لأنهم كالأكرة العاملة للمسلمين العالمة بوجوه الزراعة والمؤن مرتفعة، مع ما أنه يحظى به الذين يأتون من بعد، والخراج وإن قل حالا فقد جل مآلا لدوامه. وإن من عليهم بالرقاب والأراضي يدفع إليهم من المنقولات بقدر ما يتهيأ لهم العمل ليخرج عن حد الكراهة.

ــ

[البناية]

فأجاب بقوله: م: (بخلاف الرقاب) ش: يعني أن حقهم لم يتعلق بها م: (لأن للإمام أن يبطل حقهم رأساً) ش: يعني بالكلية م: (بالقتل) ش: فكذا له أن يبطل بالخلف وهو الجزية، وهذا لأنها خلقت في الأصل حراً، والملك يثبت معارضاً، فالإمام إذا استرقهم فقد بدل حكم الأصل، فإذا جعلهم أحراراً فقد بقي حكم الأصل فكان جائزاً.

م: (والحجة عليه) ش: أي على الشافعي م: (ما رويناه) ش: أي من فعل عمر رضي الله عنه بموافقة الصحابة م: (ولأن فيه) ش: أي في إقرار أهله عليه م: (نظراً لهم) ش: أي للمسلمين م: (لأنهم) ش: أي لأن الكفار يكونون م: (كالأكرة) ش: بفتح الهمزة والكاف والراء، أي كالمزارعين م:(العاملة للمسلمين العالمة بوجوه الزراعة) ش: حاصل الكلام أن تصرف الإمام وقع على وجه النظر في إقرار أهلها عليها، لأنه لو قسمها بين الغانمين اشتغلوا بالزراعة وقعدوا عن الجهاد.

وكان يكره العدو، وربما لا يهتدون لذلك العمل أيضاً، فإذا تركها في أيديهم وهم عارفون بالعمل صاروا كالأكرة المزارعين للمسلمين القائمة بوجوه الزراعة م:(والمؤن) ش: أي مؤن الزراعة م: (مرتفعة) ش: عن الإمام وعن المسلمين م: (مع أنه يحظى) ش: بالظاء المعجمة م: (به الذين يأتون من بعد) ش: قال شيخنا: هذا إشارة إلى قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] .

م: (والخراج وإن قل) ش: هذا جواب عن قول الشافعي، والخراج غير معادل لعلته، تقدير الجواب أن الخراج وإن قل م:(حالاً) ش: لكونه بعض ما يمكن أن يخرج في سنته م: (فقد جل) ش: بالجيم م: (مآلاً) ش: أي في المستقبل م: (لدوامه) ش: في وجوبه كل سنة.

م: (وإن من) ش: أي الإمام م: (عليهم) ش: أي على الكفار م: (بالرقاب والأراضي يدفع إليهم من المنقولات بقدر ما يتهيأ لهم العمل) ش: لأنهم لا يتمكنون من الانتفاع بالأراضي إلا بأسباب الزراعة، فلا بد من أن يدع لهم ما به يتقوون على ذلك م:(ليخرج عن حد الكراهة) ش: معناه ما قال الإمام التمرتاشي فإن من عليهم برقابهم وأراضيهم وقسم النساء والذراري وسائر الأموال جاز.

ولكن يكره لأنهم لا ينتفعون بالأراضي بدون الأموال ولا يقالهم بدون ما يمكن به مرجئة العمر إلا أن يدع لهم ما يمكنهم به العمل في الأرض، لأن عمر رضي الله عنه لم يفعل ذلك

ص: 133

قال: وهو في الأسارى بالخيار، إن شاء قتلهم لأنه عليه السلام قد قتل، ولأن فيه حسم مادة الفساد، وإن شاء استرقهم، لأن فيه دفع شرهم مع وفور المنفعة لأهل الإسلام، وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين لما بينا. إلا في مشركي العرب والمرتدين على ما نبين إن شاء الله تعالى،

ــ

[البناية]

وهو الإمام في هذا الكتاب وفيه تعذيب الحيوان بلا فائدة.

م: (قال) ش: أي الإمام، وفي بعض النسخ: قال القدوري: م: (وهو في الأسارى بالخيار إن شاء قتلهم لأنه عليه السلام) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتلهم، أخرج البخاري ومسلم عن الزهري عن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه مغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: يا رسول الله من جعل متعلقاً بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه» زاد البخاري: وقال مالك: «ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى والله أعلم يومئذ محرماً» . وأخرج أبو داود في المراسيل عن سعيد بن جبير «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم م: (قد قتل) ش: يوم بدر ثلاثة من قريش صبراً» : مطعم بن عدي، والنفس بن عدي وهو غلط، وإنما هو طعمة بن عدي وهو أخو مطعم، وأهل المغازي ينكرون قتل مطعم بن عدي يومئذ ويقولون مات بمكة قبل بدر، والذي قتل يوم بدر هو أخوه طعمة ولم يقتل صبراً وإنما قتل في المعركة، والله أعلم.

م: (ولأن فيه) ش: أي في قتل الأسارى م: (حسم مادة الفساد) ش: أي قطع مادته م: (وإن شاء) ش: أي الإمام م: (استرقهم لأن فيه) ش: أي في استرقاقهم م: (دفع شرهم مع وفور المنفعة لأهل الإسلام، وإن شاء تركهم أحراراً ذمة للمسلمين لما بينا) ش: أي فعل عمر رضي الله عنه.

فإن قيل: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] ينافي ترك قتلهم، فلا يجوز.

أجيب: بأنه ترك العمل به في حق أهل الذمة والمستأمن، هكذا في المتنازع فيه بفعل عمر رضي الله عنه.

وقال الأترازي: وأما جعلهم أهل ذمة على الجزية، توضع الجزية والخراج، فلما روي عن عمر رضي الله عنه أنه فعل كذلك بأرض السواد. وهو معنى قوله لما بينا، لكن هذا الحكم في غير المشركين من العرب وغير المرتدين لأنه لا يجوز استرقاقهم، ولا وضع الجزية ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأشار إليه المصنف بقوله: م: (إلا في مشركي العرب والمرتدين على ما نبين) ش: أي في باب الجزية م: (إن شاء الله تعالى) .

ص: 134