الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعبد الله بن عباس
ان يأخذ الله من عينيّ نورهما
…
ففي فؤادي وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل
…
وفي فمي صارم بالقول مشهور
ولبعضهم يتوجع
عزاكي أيها العين السكوب
…
وصبرك إنها نوب تنوب
وكنت كريمتي وجمال وجهي
…
وكانت لي بك الدنيا تطيب
وإني قد ثكلتك في حياتي
…
وفارقني من الدنيا الحبيب
على الدنيا السلام فما لشيخ
…
ضرير العين في الدنيا نصيب
من اخترع من الأوائل حكمة بثاقب فكره
فكانت سبباً لتنويه قدره وابقاء ذكره أردشير بن بابك والمخترعات أربعة اثنتان في صدر الاسلام وهما النرد والشطرنج واثنتان اسلاميان وهما النحو والعروض فأما النرد فوضعها أردشير بن بابك وهو أول ملوك الفرس الأخيرة وأول من وضع النرد وضربها مثلاً للقضاء والقدر وإن الانسان ليس له تصرف في نفسه لا يملك لها نفعاً ولا يدفع عنها ضرراً ولا يقدر أن يجلب لها موتاً ولا حياة ولا سعداً ولا شقاء بل هو مصرف على حكم القضاء والقدر معرض طوراً للنفع وطوراً للضرر وجعلها أيضاً تمثيلاً للحظ الذي يناله العاجز بما يجري لديه من الملك والحرمان الذي يبتلى به الحازم بما دار به عليه الفلك وضعها على مثال الدنيا وأهلها فرتب الرقعة اثني عشر بيتاً بعدد شهور السنة والبروج وجعل القطع ثلاثين قطعة بعدد أيام كل شهر والدرج التي هي لكل برج ثلاثين درجة ومعناهما أن كل ثلاثين درجة على سبعة أيام ومعناها الكواكب السبعة السيارة ثم جعل لها تشبيهاً فوضع وشبهها بالنير وصور فيها أربعة وعشرين بيتاً بعدد ساعات الليل والنهار في كل ناحية منها
اثنا عشر بيتاً وصير لها ثلاثين كلباً تشبيهاً بأيام الشهر ودرج الفلك ثم عمل فصين شبههما بالليل والنهار وتوصل إلى إيصال ذلك للعقول بأن جعل اللعب بالفصين اللذين أنزلهما منزلة الليل والنهار فجعل لكل فص ستة أوجه كجهات الانسان فوق وأسفل ووراء وأمام ويمين وشمال لأنه عدد له نصف وثلث وسدس وجعل في كل جهة من الفصين سبع نقط تحت الستة واحدة وتحت الخمسة ثنتين وتحت الأربعة ثلاثة تشبيهاً بعدد الأيام وعدد الكواكب السيارة وأنزلهما منزلة القضاء والقدر ثم جعلها محنة بين رجلين أنزلهما منزلة الليل والنهار يشير إلى أن الانسان لا يعلم من أين يأتيه الخير والشر فكما إن الانسان لا يعلم مما يردان عليه من خير أو شر أو نفع أو ضر فكذا لا يعلم ما يعطيانه الفصان أو يسلبانه هل يكون غالباً أو مغلوباً إذ ليس له من الأمر شيء وأشار فيها أيضاً إلى تقلب القدر بالانسان فتارة يكون شريفاً ثم يكون مشروفاً وبالعكس أو يكون فقيراً ثم يصير غنياً وبالعكس إلى ما لا نهاية له من تقلب الأطوار في تغاير الأوطار ولقد أحسن السري الرفاء في وصفها من أبيات
ومحكمان على النفوس وربما
…
لم يحكما فيهنّ حكماً عادلا
اخوان قد وسما على متنيهما
…
سمة تحث على البليد غوائلا
يلقاهما المرزوق سعداً طالعا
…
ويراهما المحروم سعداً آفلا
فإذا هما اصطحبا على كف الفتى
…
ضرّاه أو نفعاه نفعاً عاجلا
وأما الشطرنج فإن الفرس لما افتخرت بوضع النرد وكان ملك الروم يومئذ بلهيث فوضع له رجل من الحكماء يسمى صصة الشطرنج وضربها مثلاً على أن لا قدر وإن الانسان قادر بسعيه واجتهاده يبلغ المراتب العلية والخطط الستية وإن هو أهملها صارت به من الخمول إلى الحضيض وأخرجته من روض العيش الأريض ومما جعله دليلاً على ذلك أن البيدق ينال بحركته وسعيه منزلة الفرزان في الرياسة وجعلها مصورة تماثيل على صورة الناطق والصامت وجعلها درجات
ومراتب وجعل الشاة المدبر الرئيس والفرس والفيل مركوبان له والفرزان وزيره والبيادق رعاياه فكما إن الواحد من الرعية إذا أعطى الاجتهاد حقه في تهذيب نفسه وتأديبها كان ذلك عوناً له على أن ينال رتبة الفرزان فكذلك الفرزان إذا علت همة وتمكنت قدرته طمحت نفسه إلى نيل رتبة الشاه وقتاله وكذلك ما يليها من القطع ويقال في سبب وضعها إن بعض ملوك الهند كان له ولد يسمى شاه أخرجه إلى بعض الحروب فقتل فيها فهاب الناس الملك أن يعلموه بموته فوضع لهم بعض حكمائهم الشطرنج وبين لهم فيها ما خفي عنهم من مكايد الحروب وكيفية ظفر الغالب وخذلان المغلوب وبين فيها التدبير والحزم والاحتياط والمكيدة والاحتراس والتعبية والنجدة والقوة والجلد والشجاعة والباس فمن عدم شيأً من ذلك علم موضع تقصيره ومن أين أتى بسوء تدبيره لأن خطأها لا يستقال والعجز فيها متلف المهج والأموال واعلم إن في ترك الحزم ذهاب الملك وضعف الرأي جالب للعطب والهلك والتقصير سبب الهزيمة والتلاف وعدم المعرفة بالتعبية داع إلى الانكشاف وأمرهم أن يلعبوا بها بين يدي الملك فلما لعب بها قال الغالب للمغلوب شاه مات ففطن الملك للمراد وأمر أن يعزى بولده ثمرة الفؤاد ويقال إن صصة لما وضع الشطرنج وعرضها على الملك وأظهر له مكنون سرها قال له اقترح ما تشتهي قال أن تضع حبة بر في البيت الأول ولا تزال تضعفها حتى تنتهي إلى آخر البيوت فما بلغ تعطيني فاستخف الملك عقله واحتقر ما طلبه وقال كنت أظن برجاحة عقلك وتوقد فكرك أن تطلب شيأً نفيساً فقال أيها الملك إنك لما صرفتني إلى التمني لم يخطر ببالي غير ذلك ولا سبيل إلى الرجوع عنه فأنعم له الملك بما سأل وتقدم باحضار الحساب وأمرهم بحساب ذلك فاعملوا في بلوغ قصده مطايا الأفكار حتى لاح لهم نجم صدقه فعرفوه بعد الانكار فلم يجدوا في بلاد الدنيا من البر ما يفي للحكيم بمراده ولو كانت الرمال من أمداده وذلك إنهم وضعوا حبة في البيت الأول وفي الثاني حبتين وفي الثالث أربعة وفي الرابع ثمانية وفي الخامس ستة عشر وهكذا ولولا خشية التطويل لذكرنا تضعيف عددها ونهاية مددها ولم أهمل ذلك فإني وجدت بعض الحذاق حصرها بالاعداد الهندية ونظمها في بيت من الشعر
فذكرت ذلك استحساناً لوجازته فالبيت
ها واههط وصفر بعده زجر
…
وثنّ صفراً وقل ددّ زود دحا
615 551 9 0 7 0073 74 - 4 46 4 18 والعدد 615 09551 7 67440073 1844 وقال السري من الأبيات التي تقدم ذكرها في صفة النرد يصف الشطرنج وقد أحسن في قوله
وكتيينا زيج وروم اذكيا
…
حربا يسل بها الذكاء مناصلا
في معرك قسم النزال بقاعه
…
بين الكماة المعلمين منازلا
لم يسفحا فيه دماً وكأنما
…
رشح الدماء أعالياً وأسافلا
تبدي لعينك كلما عاينتها
…
قرنين جالا مقدماً ومخاتلا
فكأنّ ذا صاح يسير مقوّما
…
وكان ذا نشوان يخطر مائلا
فاعجب لها حرباً تثير إذا التظت
…
فضل الرجال ولا تثير قساطلا
وقالوا إن أصل شطرنج شش رنك ومعناه ستة ألوان لأن شش عندهم ستة ورنك لون فكأنهم قالوا ستة ألوان فالشاه لون والفرزان لون والفيل لون والرخ لون والفرس لون والبيدق لون وأما ما اخترع في الاسلام فالنحو والعروض فأما النحو فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الذي ابتكره واخترعه وقالوا في أصل وضعه له إن أبا الأسود الدؤلي كان ليلة على سطح بيته وعنده بيت له فرأت السماء ونجومها وحسن تلألؤ أنوارها مع وجود الظلمة فقالت يا أبت ما أحسن السماء بضم النون فقال أي بنية نجومها وظن أنها أرادت أي شيء أحسن منها فقالت يا أبت إنما أردت التعجب من حسنها فقال قولي ما أحسن السماء فلما أصبح عدا على علي رضي الله عنه وقال يا أمير المؤمنين حدث في أولادنا ما لم نعرفه وأخبره بالقصة فقال هذا بمخالطة العجم ثم أمره فاشترى صحفاً وأملى
عليه بعد أيام أقسام الكلام ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى وجملة من باب التعجب وقال انح نحو هذا فكان ذلك أول ما ألف في النحو ثم قال تتبعه وزد فيه ما وقع لك واعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر قال فجمعت منها أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها إن وإن وليت ولعل وكان ولم أذكر لكن فقال لي لم تركتها فقلت لم أحسبها منها قال بل هي منها فزدتها فيها ثم جاء بعد أبي الأسود ميمون الأقرن فزاد على ما ألفه أبو الأسود ثم تلاه في ذلك عنبسة بن معدان الذي يقال له عنبسة الفيل فزاد فيه ثم جاء عبد الله ابن أبي إسحق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء فزاد في ذلك ثم الخليل بن أحمد وكان علي بن حمزة الكسائي رسم في ذلك رسوماً أخذها عنه الكوفيون ثم أخذ ذلك سيبويه عن الخليل وكل من جاء بعده فمن بحر كتابه يغترفون وبتقدمه عليهم يعترفون وأما العروض فأول من اخترعه وابتدعه الخليل بن أحمد وأبوه أول من سمى أحمد في الاسلام وهو أول من وضع العروض واستخرج غرائبه واستنبط عجائبه وجعله ميزاناً للشعر يعرف به التام من الناقص وصاغ له من التفاعيل ثمانية أجزاء لا يخرج شعر موزون عنها صيرها له كالمثاقيل وهي فعولن فأعلن مفاعيلن مستفعلن فاعلاتن مفاعلتن متفاعلن مفعولات وهذه المثاقيل مركبة من سبب ووتد فالسبب نوعان خفيف وثقيل فالخفيف متحرك بعده ساكن نحو ما وهل والثقيل متحركان نحو لم وبم إذا سألت والوتد نوعان مجموع ومفروق فالمجموع متحركان بعدهما ساكن نحو دعا ورمى وسعى والمفروق متحركان بينهما ساكن نحو كيف وجعل البيت الشعر مثال بيت الشعر لأن البيت من الشعر لا يقوم إلا بالأسباب وهي الأطناب والأوتاد التي تضرب في الأرض وتربط فيها الأطناب فيقوم البيت وإنما مثل بذلك لأن في الشعر حروفاً مضطربة يطرأ عليها الزحاف فسميت أسباباً لاضطرابها تشبيهاً بأسباب البيت الشعر وفيه حروف ثابتة لا يطرأ عليها الزحاف فسميت أوتاداً لثباتها وإلى ما قصده الخليل في هذا التمثيل أشار أبو العلاء المعري في
قوله
والحسن يظهر في شيئين رونقه
…
بيت من الشعر أو بيت من الشعر
وفسر الناس هذا البيت بأن بيت الشعر يحتوي على المعاني كاحتواء بيت الشعر على الصور وسمي نصف البيت الأول صدراً والنصف الأخير عجزاً وآخر جزء في الصدر عروضاً وآخر جزء في العجز ضرباً وحصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحراً وهي المختلف والمؤتلف والمجتلب والمشتبة والمتفق فالطويل وهو أصل دائرة المختلف مبني على فعولن مفاعيلن ثمانية أجزاء وسمي طويلاً لأنه أكثر الشعر عدد حروف وعدد حروفه سبعة وأربعون حرفاً وربما كان مصرعاً فجاء على ثمانية وأربعين حرفاً والمديد وهو مبني على فاعلاتن فاعلن ثمانية أجزاء وإنما سمي مديداً لامتداد سببه فصار سبب في أول جزء ابتدائه وسبب في آخره والبسيط وهو مبني على مستفعلن فاعلن ثمانية أجزاء وإنما سمي بسيطاً لانبساط الأسباب في أول أجزائه في الدائرة وهن يفككن من دائرة المختلف والوافر وهو أصل دائرة المؤتلف وهو مبني على مفاعلتن مفاعلتن فعول ستة أجزاء وسمي بذلك لأنه استوفى عدد أجزائه في الدائرة فهو موفور الحركات ناقص الحروف والكامل وهو مبني من متفاعلن متفاعلن ستة أجزاء وإنما سمي بذلك لكمال أجزائه وحركاته وحروفه ولم ينقص منه شيء كما نقص من الوافر ومنها إنه جاء على اثنين وأربعين حرفاً منها ثلاثون متحركات فلما كثرت حركاته وزادت على سائر الأجناس سمي كاملاً وهما يفكان من دائرة المؤتلف والهزج وهو أصل دائرة المجتلب وهو مبني على مفاعيلن مفاعيلن ستة أجزاء وهو مشتق من تهزج الصوت وهو التردد لأنه يتوالى في آخر كل جزء سببان فتواليهما هو التهزج
والرجز وهو مبني على مستفعلن مستفعلن ستة أجزا سمي بذلك لأن في كل جزء منه سببين فهو سريع لاضطرابه والرجز هو أن تتحرك قوائم البعير مرة وتسكن أخرى والرمل وهو مبني على فاعلاتن فاعلاتن ستة أجزاء وهو مشتق من السرعة في السير وهن يفككن من دائرة المجتلب والسريع وهو أصل دائرة المشتبه وهو مبني على مستفعلن فاعلاتن ستة أجزاء وسمي بذلك لسرعته على اللسان والمنسرح وهو مبني على مستفعلن مفعولات ستة أجزا سمي بذلك لانسراحه في سهولته والخفيف كالرمل في السرعة وإنما غوير بينهما في التسمية وهو مبني على فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن ستة أجزاء والمضارع وهو مبني على مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن ستة أجزاء وسمي بذلك لمضارعته الهزج وقيل المجتث وقيل المنسرح وقيل الخفيف ولكل قول من هذه الأقوال حجة مذكورة في كتب العروض يضيق عنها الوقت ويفوت الغرض المقصود في هذا الكتاب والمقتضب وهو مبني على مفعولات مستفعلن ستة أجزاء سمي بذلك لأنه اقتضب من المنسرح وقيل من السريع والمجتث وهو مبني على مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن ستة أجزاء وسمي بذلك لأنه اجتث من الخفيف كما اقتضب المقتضب من المنسرح وهن يفككن من دائرة المشتبه والمتقارب وهو رب دائرة المتفق لا يشركه فيها غيره وهو مبني على فعول ثمانية أجزاء وسمي بذلك لتقارب أوتاده من أسبابه لأنه سبب ووتد ووتد وسبب فأسبابه كأوتاده وأوتاده كأسبابه
وزاد الأخفش بحراً آخر وسماه الخبب وهو مبني على فعلن فعلن ثمانية أجزاء وهو عند الخليل غير مستعمل ويسمى المتدارك والمخترع وركض الخيل وهو والمتقارب يفكان من دائرة المتفق نادرة حكي أن الخليل كان له ولد جلف فدخل عليه يوماً فوجد أباه قد أدخل رأسه في حب وهو يقطع بيت شعر فخرج صارخاً يقول أدركوا أبي فقد جن فدخل إليه أصحابه وأعلموه بما قال ولده فأنشد مخاطباً له
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني
…
أو كنت أجهل ما تقول عدلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني
…
وعلمت أنك جاهل فعذرتكا
ومن بديع فصاحة البلغاء
…
وصنيع بلاغة الفصحاء
في وصف ذي الذهن الوقاد
…
والطبع السليم المنقاد
وصف بعض البلغاء ذكياً فقال فلان يعلم من مفتتح الأمر خاتمته ومن بديهه عاقبته فلان له بصيرة حاضره وروية مستأمره كل علم في سكناته وكل دهاء في حركاته فلان له رأي كاهن وطنة منجم متى حصل في عارض مشكل وأمر معضل دله فؤاده على الهداية وأمنه من الجهالة والغواية فلان عنده مشكل الأمر مشكول أخذه من قول حبيب
يرى الحادث المستعجم الخطب معجما
…
لديه ومشكولاً إذا كان مشكلا
ولعنان جارية الناطفي في جعفر بن يحيى
بديهته وفكرته سواء
…
إذا اشتبهت على الناس الأمور
وصدر فيه للهمّ اتساع
…
إذا ضاقت من الهمّ الصدور
وصف رجل عضد الدولة فقال له وجه فيه ألف عين وفم فيه ألف لسان وصدر فيه ألف قلب وصف سهل بن هرون رجلاً فقال ما رأيت أكثر فهماً لجليل ولا أحسن تفهماً لدقيق منه وصف الباخرزي أطروشاً يفهم ما يكتب له على ظهر الكف فقال إذا خط له صاحب عرض ببنانه على ظهر كفه وقف على المراد ورضي نيابة البنان عن الأنبوب المغموس في المداد حتى كأن لكل شعرة من بدنه واعياً مصغياً باذنه وذاك لعمري كالرقم على بسيط الماء بالخيال أو كالنقش على قائم الهواء بالهباء ومن عجيب أمره إنه في الصمم بحيث أقول في غيره
وأصلخ في منفذي سمعه
…
صمام من الصمم المطبق
فلو نفخ الصور في عصره
…
لأفلت حياً ولم يصعق
وصف اليوسفي غلاماً بالذكاء فقال كان يعرف المراد باللحظ كما يعرفه باللفظ ويعاين في الناظر ما يجري في الخاطر أقرب إلى داعيه من يد متعاطيه حديد الذهن ثاقب الفهم يغنيك عند الملامة ولا يحوجك إلى الاستزادة قال أبو نواس يصف نفسه في محبة مخدومه بالذكاء
إذا جعل اللفظ الخفي كلامه
…
جعلت له عيني لتفهمه أذنا
وقال الشريف ابن طباطبا يمدح صاحباً له بهذه الصفة
في صاحب لا غاب عني شخصه
…
أبداً وظلت ممتعاً بوداده
فطن بما يوحي إليه كأنما
…
قد نيط هاجس فكرتي بفؤاده