المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بما استحسن من النثر والقريض - غرر الخصائص الواضحة

[الوطواط]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث في العقل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع في الحمق وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس في الفصاحة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس في العي وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السابع في الذكاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثامن في التغفل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب التاسع في السخاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الأول

- ‌الباب العاشر في البخل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الحادي عشر في الشجاعة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني عشر في الجبن وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث عشر في العفو وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع عشر في الانتقام وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس عشر في الاخوة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس عشر في العزلة وفيه ثلاثة فصول

- ‌في الكرم

- ‌في وصف الأخلاق الحسان

- ‌المتخلقة بها نفوس الأعيان

- ‌وعلى ذكر الحجاب وإن لم يكن من الباب

- ‌وصف أخلاق أهل الوفاق

- ‌عيون من مكارم الأخلاق الدالة على طيب الأعراق

- ‌من روائع عادات السادات ووشائع سادات العادات

- ‌جوامع ممادح الأخلاق والشيم

- ‌المتحلية بها ذوو الأصالة والكرم

- ‌الأسباب المانعة من السيادة سبعة

- ‌شرح ما ذكر من الأمثال الواقعة في هذا المثال

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول

- ‌في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر

- ‌فمن مآثر ذوي الكرم في النجار

- ‌الذب عن النزيل وحفظ الجار

- ‌من صنيع من زكت في الكرم أرومه

- ‌صون المضيم بنفسه من عدو يرومه

- ‌من أمتن أسباب الحسب والديانة وفاء العهد وأداء الأمانة

- ‌من أحاسن فعلات الأشراف الاتصاف بالعدل والإنصاف

- ‌ومما اتفق على مدحه الأوائل والأواخر تواضع من حاز الفضائل والمفاخر

- ‌مما يدل على شرف الأبوة إلزام النفس بأنواع المروة

- ‌الفصل الثالث من الباب الأول

- ‌في ذم التخلق بالإحسان

- ‌إذا لم يوافق القلب اللسان

- ‌ومما يلحق بهذا أنّ عمل الرياء سالب عن صاحبه جلباب الحياء

- ‌الباب الثاني

- ‌في اللؤم

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم من ليس له خلاق

- ‌وما اتصف به من الأخلاق

- ‌من مساوئ أخلاقهم الذميمة

- ‌نقل الأقدام بالسعاية والنميمة

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني

- ‌في ذكر الفعل والصنيع

- ‌الدالين على لؤم الوضيع

- ‌من الصنيع الدال على لؤم الأصول

- ‌من كان بسيف جوره على العباد يصول

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني

- ‌في أنّ من تخلق باللؤم انتفع

- ‌الباب الثالث

- ‌في العقل

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح العقل وفضله

- ‌شوارد مجموعة في احتياج ذوي العقل والحلم

- ‌إلى اكتساب فضيلتي الأدب والعلم

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث

- ‌في ذكر الفعل الرشيد

- ‌العاقل من شغله عيبه عن عيب من سواه

- ‌ولم يطع في جواب السفيه أمير هواه

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث

- ‌في هفوات العقال

- ‌الباب الرابع

- ‌في الحمق

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع

- ‌في ذكر النوادر

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع

- ‌في احتجاج الأريب المتحامق

- ‌ومن احتجاج من أطلق نفسه من عقال العقل

- ‌وألقى عصاه عامداً في بيداء الجهل

- ‌من أحاسن أقوالهم في أنّ العقل طريق إلى العنا

- ‌وسدّ يمنع صاحبه من الوصول للغنى

- ‌مما ذكر إنّ الحظ أجدى لصاحب الحجا

- ‌الباب الخامس

- ‌في الفصاحة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر

- ‌ولأبي إسحق الصابي في الوزير أبي محمد المهلبي رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس

- ‌في يتحلى به ألباب الأدباء

- ‌ولنذكر من كلام الخطباء ذوي البراعة واللسن ما كان ذا لفظ بديع

- ‌ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الخطب التي حكمت فصاحتها بالعي لقس

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس

- ‌في إنّ معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب

- ‌وربما أعدت حرفة الأدب أهل الوراقة

- ‌الباب السادس

- ‌في العي

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌فيما ورد عن ذوي النباهة في ذم العي والفهاهة

- ‌لبعضهم فيمن يلثغ بالراء

- ‌قد يكون البليغ عيياً عند سؤال مطلوبه

- ‌ولبعض الصوفية

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس

- ‌في ذكر من قصر باع لسانه عن ترجمة ما في جنانه

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس

- ‌في أنّ اللسن المكثار لا يأمن آفة الزلل والعثار

- ‌احتجاج من أمسك عن الكلام من غير خرس

- ‌الباب السابع

- ‌في الذكاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الفطن والاذهان

- ‌المعظمة من قدر المهان

- ‌وعلى أثر قبح الصورة يقول بعض الشعراء في جحظة

- ‌وأكثر ما يوجد الذكاء المفرط عند العميان

- ‌من اخترع من الأوائل حكمة بثاقب فكره

- ‌الفصل الثاني من الباب السابع

- ‌في ذكر بداهة الأذكياء البديعة

- ‌وأجوبتهم المفحمة السريعة

- ‌الفصل الثالث من الباب السابع

- ‌فيمن سبق بذكائه وفطنته إلى ورود حياض منيته

- ‌منهم من ارتقى بادعائه النبوة مرتقى صعبا

- ‌الباب الثامن

- ‌في التغفل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم البلادة والتغفل من ذوي التعالي والتنزل

- ‌وقد اخترت من مدام المتغفلين مما حسن وراق

- ‌الفصل الثاني من الباب الثامن

- ‌فيمن تأخرت منه المعرفة

- ‌ونوادر أخبارهم المستظرفة

- ‌الفصل الثالث من الباب الثامن

- ‌في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله

- ‌الباب التاسع

- ‌في السخاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أن التبرع بالنائل من أشرف الخلال والشمائل

- ‌ذكر الأجواد المعروفين ببذل الأموال

- ‌النوع الثاني

- ‌الفصل الثاني من الباب التاسع

- ‌في منح الأماجد الأجواد

- ‌وملح الوافدين والقصاد

- ‌ذكر من تبجح بذكر المعروف الذي أسدى إليه

- ‌الفصل الثالث من الباب التاسع

- ‌في ذم السرف والتبذير

- ‌إذ فلهما من سوء التدبير

- ‌الباب العاشر

- ‌في البخل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الإمساك والشح

- ‌وما فيهما من الشين والقبح

- ‌الفصل الثاني من الباب العاشر

- ‌في ذكر نوادر المبخلين

- ‌من الأراذل والمبجلين

- ‌من صان درهمه ولم يسمح به للعطاء

- ‌الفصل الثالث من الباب العاشر

- ‌في مدح القصد في الإنفاق

- ‌خوف التعيير بالإملاق

- ‌الباب الحادي عشر

- ‌في الشجاعة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الشجاعة والبسالة

- ‌وما فيها من الرفعة والجلالة

- ‌الفصل الثاني من الباب الحادي عشر

- ‌في ذكر ما وقع في الحروب

- ‌من شدائد الأزمات والكروب

- ‌يوم كربلاء

- ‌يوم الحرة

- ‌وصف النزال والقتلى

- ‌الفصل الثالث من الباب الحادي عشر

- ‌في ذم التصدي للهلكة

- ‌ممن لا يستطيع بها ملكة

- ‌الباب الثاني عشر

- ‌في الجبن

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أنّ خلتي الجبن والفرار مما يشين بني الأحرار

- ‌الفصل الثاني من البال الثاني عشر

- ‌في ذكر من جبن عند اللقاء

- ‌خوف الموت ورجاء البقاء

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني عشر

- ‌فيمن ليم على الفرار والإحجام

- ‌فاعتذر بما ينفي عنه الملام

- ‌الباب الثالث عشر

- ‌في العفو

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح من اتصف بالعفو

- ‌عن الذنب المتعمد والسهو

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث عشر

- ‌فيمن حلم عند الاقتدار

- ‌وقبل من المسئ الاعتذار

- ‌ولنعقب هذا الفصل من لطيف الاعتذار

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث عشر

- ‌في ذم العفو عمن أساء

- ‌وانتهك حرمات الرؤساء

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌في الانتقام

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في التشفي والانتقا

- ‌ممن أحضر قسراً في المقام

- ‌ما اخترناه من كلام الحكماء وأقوال الكرام الأماجد

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع عشر

- ‌في ذكر من ظفر فعاقب

- ‌بأشدّ العقوبة ومن راقب

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع عشر

- ‌في أن الانتقام بحدود الله خير فعلات من حكمه الله وولاه

- ‌ما الدية فيه كاملة من جوارح الانسان وحواسه

- ‌ما تختص به المرأة دون الرجل

- ‌الباب الخامس عشر

- ‌في الاخوة

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح اتخاذ الاخوان

- ‌فإنهم العدد والأعوان

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس عشر

- ‌فيما يدين به أهل المحبة

- ‌من شرائع العوائد المستحبة

- ‌ومما يثني عطف الصديق إلى التألف

- ‌اعتذار من لم يهد شيأً

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس عشر

- ‌في ذم الثقيل والبغيض

- ‌بما استحسن من النثر والقريض

- ‌الباب السادس عشر

- ‌في العزلة

- ‌فيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الاستئناس بالناس

- ‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس عشر

- ‌فيما يحض على الاعتزال

- ‌من ذميم الخلائق والخلال

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس عشر

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌فيما نختم به الكتاب من دعاء نرجو أن يسمع ويجاب

الفصل: ‌بما استحسن من النثر والقريض

وهذا غاية ما بلغه علمي وأدركه فهمي وتصرف الناس في حسن الاختيار معدود من المواهب وللناس فيما يعشقون مذاهب وقد أحسن الشريف الرضي في قوله يخاطب أبا إسحق الصابي

أنت الكرى مؤنس طرفي وبعضهم

مثل القذى مانع طرفي من الوسن

لقد تمازج قلبانا كأنهما

تراضعاً بدم الأحشاء لا اللبن

ويقال كاتب صديقك كما تكاتب حبيبك فإن عذل الصداقة أرق من عذل العلاقة والنفس بالصديق آنس منها بالعشيق ويقال إذا كاتبت أخاك فليكن المداد من سواد الفؤاد والقرطاس من بياض الوداد فإن من كرمت خصاله وجب وصاله

‌الفصل الثالث من الباب الخامس عشر

‌في ذم الثقيل والبغيض

‌بما استحسن من النثر والقريض

قال الله تعالى وإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث قالت عائشة رضي الله عنها هذه الآية نزلت في الثقلاء وكان أبو هريرة رضي الله عنه إذا استثقل رجلاً يقول اللهم اغفر له وأرحنا منه وكان الأعمش واسمه سليمان ابن مهران إذا رأى ثقيلاً قال ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون وروى عنه أنه قال من فاتته ركعتا الفجر فليلعن الثقلاء وقيل له لم عمشت عينك قال من نظري إلى الثقلاء فإني ما رأيت ثقيلاً قط إلا وأعمشت عيني وكان يقول إذا كان عن يسارك ثقيل في الصلاة فتسليمة واحدة تكفيك وكان بعضهم إذا رأى ثقيلاً قال استراح العميان من النظر وقيل لأرسطو طاليس لم صار الثقيل أثقل من الحمل الثيل قال لأن الحمل تشترك الجوارح في حمله والثقيل ينفرد القلب بثقله شاعر

إنّ الثقيل وإن تخفف جهده

كان الثقيل على الفؤاد ثقيلا

ص: 576

وقال بعض الملوك الطبيب جس نبضي فجسه وقال مزاج معتدل إلا أني أرى فيه تكديراً فهل جالسك اليوم ثقيل قال نعم فقال هذا من ذاك وقال بختيشوع للمأمون لا تجالس الثقلاء فإن الفلاسفة قالوا مجالسة الثقلاء حمى الروح وقيل لمحمد بن زكريا الرازي أيما أمر الثقيل المبرم أو شرب الدواء الكريه الرائحة المر الطعم فقال ليس ما أكسب الداء كما أعقب الشفاءان مجالسة الثقيل تجلب الأسقام وتنحل الأجسام وتورث الأحزان وتؤلم الأبدان وتهد الأركان وشرب الدواء يجلو الأجسام ويحلل الأسقام ويشحذ الأفهام ويدفع الأحزان وينشط الكسلان ويقوي الامكان وقال أرسطاليس للاسكندر إياك ومجالسة الثقيل فإن منها ذبول الروح وذهول العقل وموت الفزع وقال الأصمعي ستة بضنين وربما قتلن انتظار المائدة ودمدمة الخادم والسراج المظلم وبكاء الأطفال وخلاف من تحب ورؤية الثقيل

ومما أثار بطلعته كوامن البغضاء

فكشفت عن مساويه ستور الأعضاء

عاد الأعمش أبو حنيفة فقال له بعدما أبرم في جلوسه يا أبا محمد ما أشد شيء مر بك في علتك قال جلوسك عندي قال ما تشتهي قال أشتهي أن لا أراك ويحكى أنه قال له يا أبا محمد لولا ما أخاف من التثقيل عليك لأتيتك في كل وقت فقال إنك لتثقل علي وأنت في بيتك فكيف إذا جئتني وقال رجل لأبي العيناء إن الله لم يأخذ من عبد كريمتيه إلا عوضه الله خيراً منهما فما الذي عوضك قال أن لا أرى ثقيلاً مثلك واعتذر رجل إلى آخر في تقليل زيارته فقال ما رأيت احساناً يعتذر منه إلا هذا صلى امام بقوم فأطال فلما سلم لأمه بعض من صلى خلفه من الظرفاء فقال وإنها الكبيرة إلا على الخاشعين فقال أنا رسول الخاشعين إليك بأنك ثقيل فإنهم لا يطيقون الصبر على احتمال بردك وقد نظم أبو الحسن علي بن أبي الطيب الباخرزي أبياتاً يهجو بها اماماً ثقيلاً ويذكر ما وجد من جوره في تطويله مقيلاً ذكرها في هذا الموضع لائق لما جمعت من المعنى البديع واللفظ الرائق

وأثقل روحاً من عقاب عقنقل

أخفّ دماغاً من جنوب وشمأل

يؤم بنا في القطع قطع خميسة

وأمّ بصخر حطه السيل من عل

ص: 577

يطيل قياماً في المقام كأنه

منارة قس راهب متبتل

ويفحش في القرآن لحناً كأنما

يشدّ بامراس إلى صمّ جندل

فقلت له لما تمطى بصلبه

واردف أعجازاً وناء بكلكل

وزاد برغمي ركعة في صلاته

ألم يكن التسليم منك بأمثل

دخل ثقيل على الصاحب بن عباد فأطال الجلوس وأبرم في المحادثة فكتب الصاحب رقعة وأعطاه إياها فقرأها فإذا فيها

إن كنت تزعم أنّ الدار تملكها

حتى نقوم فنبغي غيرها دارا

أوكنت تعلم أنّ الدار أملكها

فقم لكي تذهب الأشجان والعارا

ولما قدم محمد بن المكرم من الجبل قال له أبو العيناء مالك لم تهد لنا شيأً فقال والله ما جئت إلا في خف قال كذبت لو قدمت في خف خلفت روحك يا عجباً من جسم كالخيال وروح كالجبال وقال رجل لبعض المغنين في مشاجرة جرت بينهما والله ما تعرف الثقيل الأول ولا الثقيل الثاني فقال كيف لا أعرفهما وأنا أعرفك وأعرف أباك ألم بهذا بعض الشعراء فقال

ثقيلاً براه الله وابن ثقيلة

أرى الثقل طبعاً في أبيك وفيكا

أبوك امام الناس في الثقل كلهم

وأنت وليّ العهد بعد أبيكا

آخر

يا من تبرمت الدنيا بطلعته

كما تبرمت الأجفان بالسهد

يمشي على الأرض مختالاً فأحسبه

من بغض طلعته يمشي على كبدي

لو إن في الناس جزأ من سماجته

لم يقدم الموت اشفاقاً على أحد

قصد حماد الراوية دار مطيع بن اياس فحجب فكتب إليه يسأله الدخول عليه

هل لذي حاجة إليك سبيل

لا نطيل الجلوس فيمن يطيل

فلما قرأ البيت أجابه

أنت يا صاحب الكتاب ثقيل

وكثير من الثقيل القليل

ص: 578

وقال محمد بن عرفة النحوي المعروف بنفطويه يهجو ثقيلاً

يا ثقيلاً على القلوب إذا ع

نّ فقد أيقنت بطول السهاد

يا قذى في العيون ما بين ألف

يا غريماً أتى على ميعاد

يا ركوداً في يوم غيم وصيف

يا وجوه التجار يوم الكساد

خلّ عنا فإنما كنت فينا

واوعمرو كما لحديث المزاد

الناجم يذم ثقيلا

يا قوّة الناس ويا ضعف الأمل

يا حيرة المملق أعيته الحيل

يا زحل الدهر ومريخ الدول

ومما استجدته من مذامّ الثقلاء

الشافية محاسنها أفهام العقلاء

قال بعض البلغاء محذراً من مجالسة الثقيل إذا وافاك ثقيل فأره من خلقك التصرم ومن طبعك التبرم ولا توسعه ترحيباً ولا تحفل به تقريباً ولا تقبل إليه بوجهك ولا تبخل عليه بنهجك وأوحشه عند استئناسه وتهجم له بين جلاسه وأبعده ما استطعت واقطعه فيمن قطعت فبعده راحة لنفسك ومجلبة لأنسك فإنك إن أدنيته إليك وأدللته عليك ضنى به جسدك وكبدك وزاد به نكدك وكمدك أبو بكر الخوارزمي فلان أثقل من موت الخناق وكتاب الطلاق وفقد الحبيب وطلعة الرقيب وقدح اللبلاب في كف المريض وأشد من خراج بلا غلة ودواء بلا علة ورؤية الموت عند الكافر وقد ختم أعماله بالكبائر فلان وخز في الأكباد وسقم في الأجساد وصف العباس ابن الأحنف ثقيلاً فقال والله ما الحمام مع الاصرار وكثرة الذنوب مع الأقتار وشدة السقم في الأسفار بآلم من لقائه أبو نواس الحسن بن هانئ الحكمي يذم

ص: 579

ثقيلاً

ثقيل يطالعنا من أمم

إذا سرّه رغم أنفي ألمّ

لطلعته وخزة في الفؤاد

كوخز المشارط في المحتجم

أقول له إذ أتى لا أتي

ولا نقلته إلينا قدم

فقدت خيالك لا من عمي

وصوت كلامك لا من صمم

وصف بعضهم ثقيلاً فقال لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملته وكيف احتاجت إلى الجبال بعد ما أقلته كأنما قربه فقد الحبائب وسوء العواقب وكأنما وصله عدم الحياة وموت الفجاة شاعر

يطول بقربك اليوم القصير

ويرحل إن مررت بنا السرور

لقاؤك للمبكر فأل سوء

ووجهك أربعاء لا تدور

آخر

إذا ما تبدى طالعاً فكأنه

حضور غريم أو طلوع رقيب

وإن جاء فحوى قاصداً فكأنه

كتاب بعزل أو فراق حبيب

آخر

وثقيل أشدّ من غصص المو

ت ومن كيده العذاب الأليم

لو عصت ربها الجحيم لما كا

ن سواه عقوبة للجحيم

حسام الدين البخاري

خلق الناس من منىّ وهذا ال

ولد النحس من رجيع أبيه

ففشا لا فشا ثقيلاً مقيتاً

ليس يه خير لمن يرتجيه

ص: 580

لم يكن منهما نكاح ولكن

فتحت فرجها فاحدث فيه

نتهيا لناظري ولقلبي

حرجاً كلما نظرت إليه

نادرة دخل أعرابي على ثلاثة يشربون واغلا فقال أحدهم

أيها الداخل الذي جاء يطوي

حين لذا الحديث لي ولصحبي

فقال الثاني

خف عنا فأنت أثقل والل

هـ علينا من فرسخي دبر كعب

وقال الثالث

ومن الناس من يخف وفيهم

كرحى البزر دائر فوق قطب

فقال الأعرابي

لست بالبارح العشية والل

هـ لشتم ولا لشدّة ضرب

أو تميلوا بالكبر فوراً علينا

ثم تعلوا من فوق ذاك بقعب

فاستظرفوه وخلطوه بهم

ومما يكون لنفس المتأمل قوتاً

ذم من كان بغيضاً ممقوتا

سئل جعفر الصادق رضي الله عنه هل يكون المؤمن بغيضاً قال لا ولا يكون ثقيلاً وذكر أنوشروان أنه لما أراد أن يصير ولده هرمز ولي عهده استشار أولياءه في ذلك فكل ذكر عيباً لا يستحق به الملك فمن قائل لا يصلح للملك لأنه قصير وذلك مما يذهب بهاء الملك فقال أنوشروان محتجاً له إنه لا يكاد يرى إلا راكباً أو جالساً على سرير فلا يبين عليه ذلك ومن قائل إنه ابن رومية والملك إذا كان ابن أمة نقصه ذلك من أعين الناس فقال أنوشروان محتجاً له إن الأبناء ينتسبون إلى الآباء ولا ينتسبون إلى الامهات فلا يضره ما قلت فقال الموبذان إن فيه عيباً وهو أنه مبغض إلى الناس فقال أنوشروان عند ذلك هذا هو العيب الذي لا مدح معه ولا عذر عنه والداء الذي لا برء له فقد قيل إن من كان فيه خير ولم يكن ذلك الخير للناس فلا خير فيه وقالوا فلان أوحش من ربع تحول سكانه وتحمل أظعانه وغارت نجومه وعفت رسومه وقالوا فلان أقذى للعين من ساعة داعية البين بين المحبين وقالوا فلان لا تحبه الناس حتى

ص: 581

تحب الأرض الدم وذلك إنها تعاف الدم فلا تقبله شاعر يهجو بغيضاً

يا بغيضاً زاد في البغ

ض على كل بغيض

أنت عندي قدح اللب

لاب في كفّ المريض

وقالوا فلان أبغض من زوال النعمى وفوت المنى وطلعة الردى وقالوا مجالسة البغضاء تزيد الهموم وتجلب الغموم وتؤلم القلب وتشد أزر الكرب وتكدح في النشاط وتطوي بساط الانبساط

ص: 582