الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزادها عجباً إذ رحت في سمل
…
وما درت درّ أن الدرّ في الصدف
ولا خرفي المعنى
يا هذه كم يكون اللوم والفند
…
لا تنكري رجلاً أثوابه قدد
أن يمس منفرداً فالسيف منفرد
…
والليث منفرد والبدر منفرد
أو كنت أنكرت طمريه وقد خلقا
…
فالبحر من فوقه الأقذاء والزبد
إن كان صرف الليالي درّ بزغته
…
فبين طمريه منه ضيغم لبد
ومن المروأة التطيب فإنه ورد عن مكحول أنه قال من نظف ثوبه قل همه ومن طاب ريحه زاد عقله ومن جمع بينهما ظهرت مروأته وقيل من الظرف والكرم الاستقصاء في التبخر وكان صلى الله عليه وسلم يعرف خروجه من منزله برائحة المسك وكان إذا سلك طريقاً عرف السائل عنه أين يمم لطيب ريحه وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا اجتاز في طريق قال الناس لطيمة مسك أو ابن عباس لطيب ريحه قال الشاعر
ويفوح مسكاً طيب ريح ثيابه
…
وكذاك ريح الماجد الوهاب
الفصل الثالث من الباب الأول
في ذم التخلق بالإحسان
إذا لم يوافق القلب اللسان
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذا الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تخلق بما ليس من خلقه فهو منافق وقال ابن مسعود من كان كلامه لا يوافق فعله فإنما يوبخ بذلك نفسه وقيل ما الدخان بأدل على النار من ظاهر الرجل على
باطنه وقال زهير بن أبي سلمى
ومهما تكن عند امرء من خليقة
…
وإن خالها تخفي على الناس تعلم
وقال آخر
كل أمرئ راجع يوماً لشيمته
…
وإن تخلق أخلاقاً إلى حين
وقال بعض الحكماء لتلميذ له يا من باطنه منظور الحق وظاهره منظور الخلق حسن ما شئت لما شئت وقالوا ما أقبح بالانسان أن يقول ما لا يفعل وما أحسس الفعل ابتداء قبل القول فإن من مات محموداً أحسن حالاً ممن عاش مدموماً وقال أكثم بن صيفي فضل القول على الفعل دناءة وفضل الفعل على القول مكرمة ويقال أحسن المقال ما صدق بحسن الفعال وكان رجل يكثر الثناء على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بلسان لا يوافقه القلب فقال له رضي الله عنه يوماً وقد ألح عليه في الثناء أنا دون ما تقول وفوق ما في نفسك فانظر إلى هذه الفراسة المفترسة لحبات القلوب المكشوف لها الغطاء عن خفيات الغيوب وقال بعض الحكماء لأن يكون لي نصف لسان ونصف وجه على ما فيهما من قبح المنظر وسوء المخبر أحب إلي من أن أكون ذا وجهين وذا لسانين وذا قولين مختلفين وقال أرسطو طاليس وجهك مرآة قلبك فإنه يظهر على الوجوه ما تضمره القلوب وقالوا العيون طلائع القلوب وقد أولع الشعراء بنظم هذا المعنى كثيراً فمن ذلك قول بعضهم
إنّ العيون لتبدي في نواظرها
…
ما في القلوب من البغضاء والأحن
وقال آخر
تريك أعينهم ما في صدورهم
…
إن الصدور يؤدّي سرّها النظر
آخر
عيناك قد دلتا عينيّ منك على
…
أشياء لولاهما ما كنت أدريها
تظلّ في نفسك البغضاء كامنة
…
والقلب يضمرها والعين تبديها
والعين تعرف من عيني محدّثها
…
إن كان من حزبها أو من أعاديها
ويقال العادات قاهرات فمن اعتاد شيأً في السر فضحه في العلانية وقالوا حقيقة النفاق اختلاف السر والعلن واختلاف القول والعمل وقال أبو سعيد الجرجاني لا ينبغي أن يكون حسن القول تمهيداً لقبح الفعل لام الشعبي واسمه عامر بن شراحيل عبد العزيز بن مروان على تقصير في الخطبة لما كان عاملاً على مصر وتركه استعمال البلاغة مع القدرة عليها فقال إني لأستحيي من الله تعالى أن أقول بلساني على منبري خلاف ما أعلمه من قلبي وكتب رجل إلى صديق له إما بعد فعظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك وأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه الصلاة والسلام يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس
ومما يعاب من خلال الانسان أن يكون بديع مقال اللسان بعيد مجال الاحسان
قال عليه الصلاة والسلام ليس الملق من أخلاق المؤمنين ابن المعتز من كثر ملقه لم يعرف بشره ذم أعرابي قوماً فقال قلوبهم أمر من الدفلي وألسنتهم من العسل أحلى وقال الشاعر
إذا نصبوا للقول قالوا فأحسنوا
…
ولكنّ حسن القول خالفه الفعل
وقال ابن حبير
الناس شبه ظروف حشوها صبر
…
وفوق أفواهها شيء من العسل
تحلو لذائقها حتى إذا انكشفت
…
له تبين ما تحويه من زغل
وقالوا فلان يبدي وجه المطابق الموافق ويخفي نظر المسارق المنافق قال شاعر
يا أيها المتحلى غير شيمته
…
ومن شمائله التبديل والملق
ارجع إلى خلقك المعروف ديدنه
…
إنّ التخلق يأتي دونه الخلق
وقالوا شر الناس من هو في الظاهر صديق موافق وفي الباطن عدو منافق قال شاعر
لعمرك ما ودّ اللسان بنافع
…
إذا لم يكن أصل المودّة في القلب
وقال رجل لعلي رضي الله عنه علمني السلام على الاخوان فقال لا تبلغ بهم النفاق ولا تقصر بهم عن الاستحقاق ولقد صدق صالح بن عبد القدوس في قوله
وأكثر من تلقى يسرّك قوله
…
ولكن قليل من يسرّك فعله
وقد كان حسن الظنّ بعض مذاهبي
…
فأدّبني هذا الزمان وأهله
وقال آخر وبالغ في الذم
لم يبق في الناس إلا المكر والملق
…
شوك إذا اختبروا زهر إذا رمقوا
فإن دعاك إلى إئتلافهم قدر
…
فكن جحيماً لعلّ الشوك يحترق