المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدالين على لؤم الوضيع - غرر الخصائص الواضحة

[الوطواط]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث في العقل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع في الحمق وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس في الفصاحة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس في العي وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السابع في الذكاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثامن في التغفل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب التاسع في السخاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الأول

- ‌الباب العاشر في البخل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الحادي عشر في الشجاعة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني عشر في الجبن وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث عشر في العفو وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع عشر في الانتقام وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس عشر في الاخوة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس عشر في العزلة وفيه ثلاثة فصول

- ‌في الكرم

- ‌في وصف الأخلاق الحسان

- ‌المتخلقة بها نفوس الأعيان

- ‌وعلى ذكر الحجاب وإن لم يكن من الباب

- ‌وصف أخلاق أهل الوفاق

- ‌عيون من مكارم الأخلاق الدالة على طيب الأعراق

- ‌من روائع عادات السادات ووشائع سادات العادات

- ‌جوامع ممادح الأخلاق والشيم

- ‌المتحلية بها ذوو الأصالة والكرم

- ‌الأسباب المانعة من السيادة سبعة

- ‌شرح ما ذكر من الأمثال الواقعة في هذا المثال

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول

- ‌في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر

- ‌فمن مآثر ذوي الكرم في النجار

- ‌الذب عن النزيل وحفظ الجار

- ‌من صنيع من زكت في الكرم أرومه

- ‌صون المضيم بنفسه من عدو يرومه

- ‌من أمتن أسباب الحسب والديانة وفاء العهد وأداء الأمانة

- ‌من أحاسن فعلات الأشراف الاتصاف بالعدل والإنصاف

- ‌ومما اتفق على مدحه الأوائل والأواخر تواضع من حاز الفضائل والمفاخر

- ‌مما يدل على شرف الأبوة إلزام النفس بأنواع المروة

- ‌الفصل الثالث من الباب الأول

- ‌في ذم التخلق بالإحسان

- ‌إذا لم يوافق القلب اللسان

- ‌ومما يلحق بهذا أنّ عمل الرياء سالب عن صاحبه جلباب الحياء

- ‌الباب الثاني

- ‌في اللؤم

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم من ليس له خلاق

- ‌وما اتصف به من الأخلاق

- ‌من مساوئ أخلاقهم الذميمة

- ‌نقل الأقدام بالسعاية والنميمة

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني

- ‌في ذكر الفعل والصنيع

- ‌الدالين على لؤم الوضيع

- ‌من الصنيع الدال على لؤم الأصول

- ‌من كان بسيف جوره على العباد يصول

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني

- ‌في أنّ من تخلق باللؤم انتفع

- ‌الباب الثالث

- ‌في العقل

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح العقل وفضله

- ‌شوارد مجموعة في احتياج ذوي العقل والحلم

- ‌إلى اكتساب فضيلتي الأدب والعلم

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث

- ‌في ذكر الفعل الرشيد

- ‌العاقل من شغله عيبه عن عيب من سواه

- ‌ولم يطع في جواب السفيه أمير هواه

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث

- ‌في هفوات العقال

- ‌الباب الرابع

- ‌في الحمق

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع

- ‌في ذكر النوادر

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع

- ‌في احتجاج الأريب المتحامق

- ‌ومن احتجاج من أطلق نفسه من عقال العقل

- ‌وألقى عصاه عامداً في بيداء الجهل

- ‌من أحاسن أقوالهم في أنّ العقل طريق إلى العنا

- ‌وسدّ يمنع صاحبه من الوصول للغنى

- ‌مما ذكر إنّ الحظ أجدى لصاحب الحجا

- ‌الباب الخامس

- ‌في الفصاحة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر

- ‌ولأبي إسحق الصابي في الوزير أبي محمد المهلبي رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس

- ‌في يتحلى به ألباب الأدباء

- ‌ولنذكر من كلام الخطباء ذوي البراعة واللسن ما كان ذا لفظ بديع

- ‌ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الخطب التي حكمت فصاحتها بالعي لقس

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس

- ‌في إنّ معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب

- ‌وربما أعدت حرفة الأدب أهل الوراقة

- ‌الباب السادس

- ‌في العي

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌فيما ورد عن ذوي النباهة في ذم العي والفهاهة

- ‌لبعضهم فيمن يلثغ بالراء

- ‌قد يكون البليغ عيياً عند سؤال مطلوبه

- ‌ولبعض الصوفية

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس

- ‌في ذكر من قصر باع لسانه عن ترجمة ما في جنانه

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس

- ‌في أنّ اللسن المكثار لا يأمن آفة الزلل والعثار

- ‌احتجاج من أمسك عن الكلام من غير خرس

- ‌الباب السابع

- ‌في الذكاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الفطن والاذهان

- ‌المعظمة من قدر المهان

- ‌وعلى أثر قبح الصورة يقول بعض الشعراء في جحظة

- ‌وأكثر ما يوجد الذكاء المفرط عند العميان

- ‌من اخترع من الأوائل حكمة بثاقب فكره

- ‌الفصل الثاني من الباب السابع

- ‌في ذكر بداهة الأذكياء البديعة

- ‌وأجوبتهم المفحمة السريعة

- ‌الفصل الثالث من الباب السابع

- ‌فيمن سبق بذكائه وفطنته إلى ورود حياض منيته

- ‌منهم من ارتقى بادعائه النبوة مرتقى صعبا

- ‌الباب الثامن

- ‌في التغفل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم البلادة والتغفل من ذوي التعالي والتنزل

- ‌وقد اخترت من مدام المتغفلين مما حسن وراق

- ‌الفصل الثاني من الباب الثامن

- ‌فيمن تأخرت منه المعرفة

- ‌ونوادر أخبارهم المستظرفة

- ‌الفصل الثالث من الباب الثامن

- ‌في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله

- ‌الباب التاسع

- ‌في السخاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أن التبرع بالنائل من أشرف الخلال والشمائل

- ‌ذكر الأجواد المعروفين ببذل الأموال

- ‌النوع الثاني

- ‌الفصل الثاني من الباب التاسع

- ‌في منح الأماجد الأجواد

- ‌وملح الوافدين والقصاد

- ‌ذكر من تبجح بذكر المعروف الذي أسدى إليه

- ‌الفصل الثالث من الباب التاسع

- ‌في ذم السرف والتبذير

- ‌إذ فلهما من سوء التدبير

- ‌الباب العاشر

- ‌في البخل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الإمساك والشح

- ‌وما فيهما من الشين والقبح

- ‌الفصل الثاني من الباب العاشر

- ‌في ذكر نوادر المبخلين

- ‌من الأراذل والمبجلين

- ‌من صان درهمه ولم يسمح به للعطاء

- ‌الفصل الثالث من الباب العاشر

- ‌في مدح القصد في الإنفاق

- ‌خوف التعيير بالإملاق

- ‌الباب الحادي عشر

- ‌في الشجاعة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الشجاعة والبسالة

- ‌وما فيها من الرفعة والجلالة

- ‌الفصل الثاني من الباب الحادي عشر

- ‌في ذكر ما وقع في الحروب

- ‌من شدائد الأزمات والكروب

- ‌يوم كربلاء

- ‌يوم الحرة

- ‌وصف النزال والقتلى

- ‌الفصل الثالث من الباب الحادي عشر

- ‌في ذم التصدي للهلكة

- ‌ممن لا يستطيع بها ملكة

- ‌الباب الثاني عشر

- ‌في الجبن

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أنّ خلتي الجبن والفرار مما يشين بني الأحرار

- ‌الفصل الثاني من البال الثاني عشر

- ‌في ذكر من جبن عند اللقاء

- ‌خوف الموت ورجاء البقاء

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني عشر

- ‌فيمن ليم على الفرار والإحجام

- ‌فاعتذر بما ينفي عنه الملام

- ‌الباب الثالث عشر

- ‌في العفو

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح من اتصف بالعفو

- ‌عن الذنب المتعمد والسهو

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث عشر

- ‌فيمن حلم عند الاقتدار

- ‌وقبل من المسئ الاعتذار

- ‌ولنعقب هذا الفصل من لطيف الاعتذار

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث عشر

- ‌في ذم العفو عمن أساء

- ‌وانتهك حرمات الرؤساء

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌في الانتقام

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في التشفي والانتقا

- ‌ممن أحضر قسراً في المقام

- ‌ما اخترناه من كلام الحكماء وأقوال الكرام الأماجد

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع عشر

- ‌في ذكر من ظفر فعاقب

- ‌بأشدّ العقوبة ومن راقب

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع عشر

- ‌في أن الانتقام بحدود الله خير فعلات من حكمه الله وولاه

- ‌ما الدية فيه كاملة من جوارح الانسان وحواسه

- ‌ما تختص به المرأة دون الرجل

- ‌الباب الخامس عشر

- ‌في الاخوة

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح اتخاذ الاخوان

- ‌فإنهم العدد والأعوان

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس عشر

- ‌فيما يدين به أهل المحبة

- ‌من شرائع العوائد المستحبة

- ‌ومما يثني عطف الصديق إلى التألف

- ‌اعتذار من لم يهد شيأً

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس عشر

- ‌في ذم الثقيل والبغيض

- ‌بما استحسن من النثر والقريض

- ‌الباب السادس عشر

- ‌في العزلة

- ‌فيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الاستئناس بالناس

- ‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس عشر

- ‌فيما يحض على الاعتزال

- ‌من ذميم الخلائق والخلال

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس عشر

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌فيما نختم به الكتاب من دعاء نرجو أن يسمع ويجاب

الفصل: ‌الدالين على لؤم الوضيع

ومن التلفيق فلان يروغ من الحق روغان الثعلب ويشره إلى الادناس شره الخنزير ويستسلم إلى عدوه استسلام الضبع ويدب إلى الشر دبيب العقرب وينام عن الخير نوم الفهد ويجبن عن القرن جبن العصفور ويخبط في الجهل خبط الناقة ابن عروس يهجو

كم قال منتقدوك أحمر زائف

ماذا أقول وقد عصيت الناقدا

ولقد عرضتك يا زنيم بدرهم

فيمن يزيد فما وجدت مزايدا

سافر بطرفك هل ترى لك شاكراً

أو ذاكراً أو حاسداً أو حامدا

آخر

أمّا الهجاء فدق عرضك دونه

والمدح فيك كما علمت جليل

فاذهب فأنت طليق عرضك إنه

عرض عززت به وأنت ذليل

‌الفصل الثاني من الباب الثاني

‌في ذكر الفعل والصنيع

‌الدالين على لؤم الوضيع

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت وقال الشاعر

إذا لم تصن عرضاً ولم تخش خالقاً

وتستحي مخلوقاً فما شئت فاصنع

وقالوا فلان لا يستحيي من الشر ولا يحب أن يكون من أهل الخير فلو أفلتت كلمة سوء لم تنسب إلا إليه وإن رفعت لعنة لما وقعت إلا عليه وسئل معاوية عن السفلة فقال الذي ليس له فعل موصوف ولا نسب معروف كما قال بعض الاعراب وقد سئل عن رجل فقال عليه كل يوم قسامة من فعله تشهد عليه بلؤم أصله وشهادات الأفعال أصدق من شهادات الرجال وقال بعض

ص: 75

العارفين أفعال المر مشهود لواصفيه وسئل محمد بن الحسن عن السفلة فقال من يبخل بقطعه الحجام ويفعل في الطريق فعل الطغام وقال الأصمعي السفلة من لا يبالي بما قال أو قيل له وقال يحيى بن أكثم السفلة الذي لا يعيبه ما صنع وقال أبو مسلم ألأم الأعراض عرض لم يرتع فيه مدح ولا ذم وسمع الأحنف رجلاً يقول لا أبالي مدحت أو ذممت فقال يا هذا استرحت من حيث تعب الكرام

فمن فعلات من خلع في اللؤم الرسن

المكافأة بالقبيح عن الفعل الحسن

من أمثال العرب في ذلك أكفر من ناشرة وذلك أن همام بن مرة كان قد أخذ ناشرة من أمه لما مات أبوه وضاقت بتربيته ذرعاً فرباه وأحسن إليه فلما بلغ الحلم هجاه هجواً قبيحاً فنهاه عنه فتركه حتى تام واغتاله وحكى الأصمعي أن أعرابياً ربى جرو ذئب وجعل يغذيه بلبن شاة له حتى كبر فخرج معها يوماً للرعي كعادته فحركته الطبيعة الدنية والنفس الذئبية على افتراس الشاة فلما رأى الأعرابي الشاة فريسة أنشد

عقرت شويهتي وفجعت قومي

بشاتهم وأنت لها ربيب

غذيت لبانها ونشأت معها

فمن أنباك أنّ أباك ذيب

إذا كان الطباع طباع سوء

فليس بنافع أدب الأديب

وأغار خيثمة بن مالك الجعفي على بني القين فاستاق منهم إبلاً فأطلقوا خلفه الأعنة فلم يقدروا عليه ولا وصلوا إليه فنادوه وقالوا له إن أمامك مفازة ولا ماء معك وقد فعلت جميلاً فانزل ولك الذمام والخباء فنزل فلما اطمأن وسكن أخذته سنة فنام فوثبوا عليه وقتلوه

ومما يستغرب منه ويستعجب

في هذا الباب ويستعذب

لما حارب الحجاج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بر زمن أصحاب عبد الرحمن عبد الله بن سواد الحارثي وطلب المبارزة فبرز إليه بعض أصحاب الحجاج فقتله عبد الله ثم عاد فطلب المبارزة فخرج إليه آخر فقتله ثم عاد

ص: 76

فطلب البراز فخرج إليه آخر فقتله ثم عاد وطلب البراز فقال الحجاج للجراح بن عبد الله الحكمي اخرج إليه فخرج فقال له عبد الله وكان صديقاً له ما أخرجك قال ابتليت بك قال فهل لك في خير قال الجراح وما هو قال أنهزم لك فترجع إلى الحجاج وقد أحسنت عنده وأما أنا فأحتمل مقالة الناس في انهزامي حباً لسلامتك فإني لا أحب قتل مثلك من قومي قال افعل فحمل الجراح على عبد الله فاستطرد له عبد الله وتبعه الجراح يريد قتله فصاح بعبد الله غلام له وكان ناحية عنه وكان معه إداوة وقال له يا سيدي إن الرجل يريد قتلك فعطف على الجراح فضربه بعمود على رأسه فصرعه فقال له يا جراح بئس ما جزيتني به أردت لك العافية وتريد قتلي انطلق فقد تركتك للصداقة التي بيني وبينك فشتان ما بين الفعلين قصد أبو بكر الخوارزمي الصاحب بن عباد ومدحه بقصيدة قال فيها

وما خلقت كفاك إلا لأربع

عوائد لم يخلق لهنّ يدان

لشكرك أفواه وتنويل نائل

وتغليب هندي وأخذ عنان

فلما بلغ إلى هذا البيت قال له لم تذكر القلم وهو آلة الكاتب وبه تقدم ورأس فقال قصيدة مدحه بها جاء منها

يد تراها أبداً

فوق يد وتحت فم

ما خلقت بنانها

إلا لسيف وقلم

فخلع عليه كل ملبوسه وخلع عليه كل من كان في مجلسه من الثياب موافقة للصاحب فحصلت له مائة جبة فلم يرضه ذلك وانصرف فهجاه بقوله

لا تحمدنّ ابن عباد ولو مطرت

كفاه بالجود حتى جازت الديما

لكنها خطرات من وساوسه

يعطى ويمنع لا بخلاً ولا كرما

ص: 77

واتفق إن مات الخوارزمي عقب قوله هذه الأبيات فلما بلغ الصاحب موته قال

سألت بريداً من خراسان مقبلاً

أمات خوارزميكم قال لي نعم

فقلت اكتبوا بالجص من فوق قبره

ألا لعن الرحمن من يكفر النعم

ومما يدل على خبث نجار اللئيم

الغدر بمن يركن إليه ويستنيم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جمع الله الأولين والآخرين رفع لكل غادر لواء وقيل هذه غدرة فلان وقالوا من نقض عهده ومنع رفده فلا خير عنده وقالوا العذر يصلح في كثير من المواطن ولا عذر لغادر ولا خائن شاعر

أخلق بمن رضى الخيانة شيمة

أن لا يرى إلا صريع حوادث

ما زالت الآراء تلحق بؤسها

أبداً بغادر ذمّة أو ناكث

وقالوا الغدر من صغر القدر ويقال من تعدى على جاره دل على لؤم نجاره وقال علي رضي الله عنه الوفاء بأهل الغدر غدر والغدر بأهل الغدر وفاء ذكر أن عيسى عليه السلام مر بانسان يطارد حية وهي تقول له واله لئن لم تذهب عني لأنفخن عليك نفخة أقطعك بها قطعاً فمضى عيسى وعاد فوجد الحية في جونة الرجل محبوسة فقال لها ويحك أين ما كنت تقولين قالت يا روح الله إنه حلف لي وغدر وأن سم غدره أقتل له من سمي أعرق الناس في الغدر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس بن معد يكرب فإن عبد الرحمن غدر بالحجاج لما ولاه بلاد خراسان وادعى الخلافة وقاتله وكانت بينهم ثمانون وقعة وكان آخرها دائرة السوء عليه وغدر محمد بن الأشعث بأهل طبرستان وكان عبيد الله ولاه إياها فصالح أهلها على أن لا يدخلها ثم عاد إليهم غادراً فأخذوا عليه الشعاب وقتلوا ابنه أبا بكر وغدر الأشعث بن قيس ببني الحرث بن كعب غزاهم فأسروه ففدى نفسه بمائتي بعير فأعطاهم مائة وبقيت عليه مائة فلم

ص: 78

يؤدها لهم حتى جاء الاسلام فهدم ما كان في الجاهلية وكان بين قيس بن معد يكرب وبين مراد عهد إلى أجل فغزاهم في آخر يوم من الأجل وكان يوم الجمعة فقالوا له إنه لا يحل لنا أن نقاتل يوم السبت فأخرهم فلما كان صبيحة السبت قاتلهم فقتلوه وهزموا جيشه وغدر معد يكرب بمهرة وكان بينه وبينهم عهد إلى أجل فغزاهم ناقضاً لعهدهم فقتلوه وفتقوا بطنه وملؤه بالحصا

ومما ينزع لباس الحسب والصيانة

رفول المرء في أطمار الخيانة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له وقال صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير ما لم تر الأمانة مغنماً والصدقة مغرماً ومن الحكايات في هذا الباب ما يحكي أن شهر بن حوشب وكان من أجلة القراء وأصحاب الحديث دخل على معاوية وبين يديه خرائط قد جمعت لتوضع في بيت المال فقعد على إحداها ومعاوية يراه فلما رفعت الخرائط فقد من عددها خريطة فأعلم الخازن بذلك معاوية فقال هي محسوبة لكم ولا تسألوا عن أخذها وفيه يقول الشاعر

لقد باع شهر دينه بخريطة

فمن يأمن القراء بعدك يا شهر

كان للمأمون خادم يسرق طسه الذي يتوضأ فيه فقال له يوماً هلا إذا سرقت تأتيني بما تسرقه فأشتريه منك قال فاشتر مني هذه وأشار إلى التي بين يديه قال بكم هي قال بدينارين قال على أن لا تسرقها فقال نعم فأعطاه دينارين ولم يعد الخادم يسرق شيأً لما رأى من حلمه عنه وقال المنصور لعامل بلغه عنه خيانة يا عدو الله وعدو أمير المؤمنين وعدو المسلمين أكلت مال الله وخنت خليفة الله فقال يا أمير المؤمنين نحن عيال الله وأنت خليفته والمال مال الله فمن أين نأكل إذاً فضحك منه وأطلقه وأمر أن لا

ص: 79

يولي عملاً بعدها سرق رجل في مجلس أنوشروان جام ذهب وهو يراه فلما فقده الشرابي قال والله لا يخرج أحد حتى يفتش فقال أنوشروان لا تتعرض لأحد فقد أخذه من لا يرده ورآه من لا ينم عليه وأودع بعض التجار عند قاضي معرة النعمان وديعة وغاب عنها مدة فلما جاء طالبه بها فأنكرها فتشفع إليه برؤساء بلده في ردها فلم يزالوا به حتى أقر بها وادعى أنها سرقت من حرزه فاستحلفه فحلف فعمل فيه ابن الدويرة الشاعر المعري أبياتاً منها

لا يصدق القاضي الخؤن إذا ادّعى

عدم الوديعة من حصين المودع

إن قال قد ضاعت فيصدق إنها

ضاعت ولكن منك يعني لو تعي

أو قال قد وقعت فيصدق إنها

وقعت ولكن منه أحسن موقع

وقال ابن حجاج

وأدعوهم إلى القاضي عساهم

إذا وقع الجحود يحلفوني

وأضيع ما يكون الحق عندي

إذا عزم الغريم على اليمين

آخر

إذا حلفوني بالغموس منحتهم

يميناً كسحق إلا لحميّ الممزق

وإن أحلفوني بالعتاق فقد درى

سحيم غلامي أنه غير معتق

وإن أحلفوني بالطلاق رددتها

على خير ما كانت كان لم تطلق

وقف بعض المجان على قبر سارق فقال رحمك الله فلقد كنت أحمر الأزار حاد السكين إن نقبت فجرد وإن تسلقت فسنور وإن استلبت فحدأة وإن ضربت فقاض ولكنك اليوم وقعت في زاوية سوء وليس كل حبس تحبس فيه إلى التناد على أموال العباد

ص: 80