المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس - غرر الخصائص الواضحة

[الوطواط]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث في العقل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع في الحمق وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس في الفصاحة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس في العي وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السابع في الذكاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثامن في التغفل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب التاسع في السخاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الأول

- ‌الباب العاشر في البخل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الحادي عشر في الشجاعة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني عشر في الجبن وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث عشر في العفو وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع عشر في الانتقام وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس عشر في الاخوة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس عشر في العزلة وفيه ثلاثة فصول

- ‌في الكرم

- ‌في وصف الأخلاق الحسان

- ‌المتخلقة بها نفوس الأعيان

- ‌وعلى ذكر الحجاب وإن لم يكن من الباب

- ‌وصف أخلاق أهل الوفاق

- ‌عيون من مكارم الأخلاق الدالة على طيب الأعراق

- ‌من روائع عادات السادات ووشائع سادات العادات

- ‌جوامع ممادح الأخلاق والشيم

- ‌المتحلية بها ذوو الأصالة والكرم

- ‌الأسباب المانعة من السيادة سبعة

- ‌شرح ما ذكر من الأمثال الواقعة في هذا المثال

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول

- ‌في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر

- ‌فمن مآثر ذوي الكرم في النجار

- ‌الذب عن النزيل وحفظ الجار

- ‌من صنيع من زكت في الكرم أرومه

- ‌صون المضيم بنفسه من عدو يرومه

- ‌من أمتن أسباب الحسب والديانة وفاء العهد وأداء الأمانة

- ‌من أحاسن فعلات الأشراف الاتصاف بالعدل والإنصاف

- ‌ومما اتفق على مدحه الأوائل والأواخر تواضع من حاز الفضائل والمفاخر

- ‌مما يدل على شرف الأبوة إلزام النفس بأنواع المروة

- ‌الفصل الثالث من الباب الأول

- ‌في ذم التخلق بالإحسان

- ‌إذا لم يوافق القلب اللسان

- ‌ومما يلحق بهذا أنّ عمل الرياء سالب عن صاحبه جلباب الحياء

- ‌الباب الثاني

- ‌في اللؤم

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم من ليس له خلاق

- ‌وما اتصف به من الأخلاق

- ‌من مساوئ أخلاقهم الذميمة

- ‌نقل الأقدام بالسعاية والنميمة

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني

- ‌في ذكر الفعل والصنيع

- ‌الدالين على لؤم الوضيع

- ‌من الصنيع الدال على لؤم الأصول

- ‌من كان بسيف جوره على العباد يصول

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني

- ‌في أنّ من تخلق باللؤم انتفع

- ‌الباب الثالث

- ‌في العقل

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح العقل وفضله

- ‌شوارد مجموعة في احتياج ذوي العقل والحلم

- ‌إلى اكتساب فضيلتي الأدب والعلم

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث

- ‌في ذكر الفعل الرشيد

- ‌العاقل من شغله عيبه عن عيب من سواه

- ‌ولم يطع في جواب السفيه أمير هواه

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث

- ‌في هفوات العقال

- ‌الباب الرابع

- ‌في الحمق

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع

- ‌في ذكر النوادر

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع

- ‌في احتجاج الأريب المتحامق

- ‌ومن احتجاج من أطلق نفسه من عقال العقل

- ‌وألقى عصاه عامداً في بيداء الجهل

- ‌من أحاسن أقوالهم في أنّ العقل طريق إلى العنا

- ‌وسدّ يمنع صاحبه من الوصول للغنى

- ‌مما ذكر إنّ الحظ أجدى لصاحب الحجا

- ‌الباب الخامس

- ‌في الفصاحة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر

- ‌ولأبي إسحق الصابي في الوزير أبي محمد المهلبي رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس

- ‌في يتحلى به ألباب الأدباء

- ‌ولنذكر من كلام الخطباء ذوي البراعة واللسن ما كان ذا لفظ بديع

- ‌ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الخطب التي حكمت فصاحتها بالعي لقس

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس

- ‌في إنّ معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب

- ‌وربما أعدت حرفة الأدب أهل الوراقة

- ‌الباب السادس

- ‌في العي

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌فيما ورد عن ذوي النباهة في ذم العي والفهاهة

- ‌لبعضهم فيمن يلثغ بالراء

- ‌قد يكون البليغ عيياً عند سؤال مطلوبه

- ‌ولبعض الصوفية

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس

- ‌في ذكر من قصر باع لسانه عن ترجمة ما في جنانه

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس

- ‌في أنّ اللسن المكثار لا يأمن آفة الزلل والعثار

- ‌احتجاج من أمسك عن الكلام من غير خرس

- ‌الباب السابع

- ‌في الذكاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الفطن والاذهان

- ‌المعظمة من قدر المهان

- ‌وعلى أثر قبح الصورة يقول بعض الشعراء في جحظة

- ‌وأكثر ما يوجد الذكاء المفرط عند العميان

- ‌من اخترع من الأوائل حكمة بثاقب فكره

- ‌الفصل الثاني من الباب السابع

- ‌في ذكر بداهة الأذكياء البديعة

- ‌وأجوبتهم المفحمة السريعة

- ‌الفصل الثالث من الباب السابع

- ‌فيمن سبق بذكائه وفطنته إلى ورود حياض منيته

- ‌منهم من ارتقى بادعائه النبوة مرتقى صعبا

- ‌الباب الثامن

- ‌في التغفل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم البلادة والتغفل من ذوي التعالي والتنزل

- ‌وقد اخترت من مدام المتغفلين مما حسن وراق

- ‌الفصل الثاني من الباب الثامن

- ‌فيمن تأخرت منه المعرفة

- ‌ونوادر أخبارهم المستظرفة

- ‌الفصل الثالث من الباب الثامن

- ‌في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله

- ‌الباب التاسع

- ‌في السخاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أن التبرع بالنائل من أشرف الخلال والشمائل

- ‌ذكر الأجواد المعروفين ببذل الأموال

- ‌النوع الثاني

- ‌الفصل الثاني من الباب التاسع

- ‌في منح الأماجد الأجواد

- ‌وملح الوافدين والقصاد

- ‌ذكر من تبجح بذكر المعروف الذي أسدى إليه

- ‌الفصل الثالث من الباب التاسع

- ‌في ذم السرف والتبذير

- ‌إذ فلهما من سوء التدبير

- ‌الباب العاشر

- ‌في البخل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الإمساك والشح

- ‌وما فيهما من الشين والقبح

- ‌الفصل الثاني من الباب العاشر

- ‌في ذكر نوادر المبخلين

- ‌من الأراذل والمبجلين

- ‌من صان درهمه ولم يسمح به للعطاء

- ‌الفصل الثالث من الباب العاشر

- ‌في مدح القصد في الإنفاق

- ‌خوف التعيير بالإملاق

- ‌الباب الحادي عشر

- ‌في الشجاعة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الشجاعة والبسالة

- ‌وما فيها من الرفعة والجلالة

- ‌الفصل الثاني من الباب الحادي عشر

- ‌في ذكر ما وقع في الحروب

- ‌من شدائد الأزمات والكروب

- ‌يوم كربلاء

- ‌يوم الحرة

- ‌وصف النزال والقتلى

- ‌الفصل الثالث من الباب الحادي عشر

- ‌في ذم التصدي للهلكة

- ‌ممن لا يستطيع بها ملكة

- ‌الباب الثاني عشر

- ‌في الجبن

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أنّ خلتي الجبن والفرار مما يشين بني الأحرار

- ‌الفصل الثاني من البال الثاني عشر

- ‌في ذكر من جبن عند اللقاء

- ‌خوف الموت ورجاء البقاء

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني عشر

- ‌فيمن ليم على الفرار والإحجام

- ‌فاعتذر بما ينفي عنه الملام

- ‌الباب الثالث عشر

- ‌في العفو

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح من اتصف بالعفو

- ‌عن الذنب المتعمد والسهو

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث عشر

- ‌فيمن حلم عند الاقتدار

- ‌وقبل من المسئ الاعتذار

- ‌ولنعقب هذا الفصل من لطيف الاعتذار

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث عشر

- ‌في ذم العفو عمن أساء

- ‌وانتهك حرمات الرؤساء

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌في الانتقام

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في التشفي والانتقا

- ‌ممن أحضر قسراً في المقام

- ‌ما اخترناه من كلام الحكماء وأقوال الكرام الأماجد

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع عشر

- ‌في ذكر من ظفر فعاقب

- ‌بأشدّ العقوبة ومن راقب

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع عشر

- ‌في أن الانتقام بحدود الله خير فعلات من حكمه الله وولاه

- ‌ما الدية فيه كاملة من جوارح الانسان وحواسه

- ‌ما تختص به المرأة دون الرجل

- ‌الباب الخامس عشر

- ‌في الاخوة

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح اتخاذ الاخوان

- ‌فإنهم العدد والأعوان

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس عشر

- ‌فيما يدين به أهل المحبة

- ‌من شرائع العوائد المستحبة

- ‌ومما يثني عطف الصديق إلى التألف

- ‌اعتذار من لم يهد شيأً

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس عشر

- ‌في ذم الثقيل والبغيض

- ‌بما استحسن من النثر والقريض

- ‌الباب السادس عشر

- ‌في العزلة

- ‌فيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الاستئناس بالناس

- ‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس عشر

- ‌فيما يحض على الاعتزال

- ‌من ذميم الخلائق والخلال

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس عشر

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌فيما نختم به الكتاب من دعاء نرجو أن يسمع ويجاب

الفصل: ‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

‌الباب السادس عشر

‌في العزلة

‌فيه ثلاثة فصول

‌الفصل الأول من هذا الباب

‌في ذم الاستئناس بالناس

‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين وقال عليه الصلاة والسلام أحب العباد إلى الله الأتقياء الأحفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا شهدوا لم يقربوا أولئك أئمة الهدى ومصابيح الظلم وقيل لبعض العباد ما أصبرك على الوحدة قال أنا جليس الرب إذا شئت أن يناجيني قرأت كتابه وإذا شئت أن أناجيه صليت له وقال ذو النون المصري الأنس بالله نور ساطع والأنس بالخلق غم قاطع وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم صومعة المؤمن بيته يكف فيها نفسه وبصره ولسانه وفرجه وقال الجنيد للسري السقطي أوصني فقال لا تكن مصاحباً للأشرار ولا تشتغل باللاهي عن الأخيار وفي كتاب كليلة ودمنة ينبغي لذي المروءة أن يكون إما مع الملوك مبجلاً أو مع النساك متبتلا كالفيل إما أن يكون مركباً نبيلاً أو في البرية مهيباً جليلاً وقال علي رضي الله عنه من وجد في نفسه وحشة من الناس فليعلم أن الله أحب أن يؤنسه به وقالوا ما استغنى أحد بالله إلا وافتقر الناس إليه وقال بعض الحكماء الأنس بالله من حبه لك فإن الله إذا أحب عبداً أوحشه من خلقه وقد قيل من خلق التوحيد حب الوحدة وقال الجنيد أطيب ساعاتي خلواتي وألذ طاعاتي في

ص: 583

مناجاتي ولله در من قال

من حمد الناس ولم يبلهم

ثم بلاهم ذمّ من يحمد

وصار بالوحدة مستأنساً

يوحشه الأقرب والأبعد

فمما يكون عوناً للكريم على الانقطاع ذم ما الناس عليه من لؤم الطباع قال سفيان الثوري للحسن البصري دلني على من أجلس إليه قال تلك ضالة لا توجد وقيل لبعضهم ما الصديق قال اسم وضع على غير مسمى وحيوان غير موجود الناشي

سمعنا بالصديق ولا نراه

على التحقيق يوجد في الأنام

وأحسبه محالاً نمقوه

على وجه المجاز من الكلام

وقيل لبعضهم من أبعد الناس سفراً قال من كان في طلب صديق صدوق يكون عوناً له على مهماته وغوثاً على ملماته سمع المأمون أبا العتاهية ينشد

وإني لمحتاج إلى ظل صاحب

يروق ويصفو إن كدرت عليه

فقال خذ مني الخلافة وأعطني هذا الصاحب وقبل هذا البيت

عذيري من الاخوان لا من جفوته

صفا لي ولا من كنت طوع يديه

وقال بعضهم إن كان في مخالطة الناس خير فإن تركهم أسلم وقال بعض الرهبان لرجل إن استطعت أن يكون بينك وبين الناس سور من حديد فافعل وإن كان الأنس في الجماعة فإن السلامة في العزلة وقال الشاعر

ليس في الناس وفاء

لا ولا في الناس خير

قد بلوت الناس طرّاً

فكسير وعوير

ص: 584

آخر

كن لقعر البيت جلساً

وارض بالخلوة أنسا

واغرس الناس بأرض الز

هد مهما شئت غرسا

وليكن بأسك دون ال

طمع الكاذب ترسا

لست بالواجد حراً

أو ترد اليوم أمسا

كتب بعضهم إلى صديق له أما بعد فإني أحمد الله إلى الناس وأذم الناس إليه وقيل لبعضهم ما تجد في الخلوة قال الراحة من مدارة الناس والسلامة من شرهم وقال الشاعر وقالوا لقاء الناس أنس وراحة ولو كنت أرضى الناس ما عشت مفرداً وكتب محمد بن عبد الله بن طاهر إلى أخيه من مدينة السلام وكان أخوه بخراسان يشكو إليه قلة وفاء الرئيس وتأدبه بحضرة الجليس فكتب إليه جواباً

طب عن الأمة نفساً

وارض بالوحدة أنسا

ما رأينا أحداً سا

وى على الخبر فلسا

آخر

قد بلوت الناس طراً

لم أجد في الناس حرا

صار أحلى الناس في الع

ين إذا ما ذيق مرا

أبو حامد الغزالي

لا تجز عنّ لوحدة وتفرد

ومن التفرد في زمانك فازدد

ذهب الأخاء فليس ثمّ أخوة

إلا التملق باللسان وباليد

فإذا كشفت ضمير ما بصدورهم

أبصرت ثمّ نقيع سمّ الأسود

ص: 585

آخر

إذا ما طلبت أخاً مخلصاً

فهيهات منك الذي تطلب

فكن بانفرادك ذا غبطة

فما في زمانك من تصحب

آخر

بلوت الأناس وأهل الزمان

وكل بهجر ولؤم خليق

وأوحشني من عدوّي الزمان

وآنسني بالعدوّ الصديق

آخر

بلوت الناس من غرب وشرق

فلم تظفر يدي بصديق صدق

فقلت مجانباً للخلق طراً

يبيت منادمي قدحي وزقي

وفي الآداب لي ألف وأنس

وفضل الله يأتيني برزقي

آخر

ما أعجب الناس في تقلبهم

ذا شهد طعمه وذا صبر

ترضى على الشخص حين تبصره

ويسخط العقل حين يختبر

وقال بعض الحكماء الوحشة من الناس على قدر المعرفة بهم منه قول علي رضي الله عنه أخبر تقله وقال المأمون لولا أن كلام علي فرع من كلام النبوة لعكسته وقلت أقله تخبر وقال وهيب بن الورد صحبت الناس منذ خمسين سنة فما وجدت رجلاً غفر لي زلة ولا أزاح لي علة ولا أقالني عثرة ولا ستر لي عورة وقال علي رضي الله عنه إذا كان الغدر طباعاً فالثقة بكل أحد عجز شاعر

أما الوفاء فشيء قد سمعت به

وما وجدت له عيناً ولا أثرا

فمن توهم في الدنيا أخاً ثقة

فإنه بشر لا يعرف البشرا

ص: 586

آخر

ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب

فالناس بين مخاتل وموارب

يفشون بينهم المودّة والصفا

وقلوبهم محشوّة بعقارب

آخر

لك الخير فاعلم ليس في الناس منصف

وكل وداد فهو منهم تكلف

وكل إذا عاهدته فهو ناقض

لعهدك أو واعدته فهو مخلف

وأبناء هذا الدهر كالدهر لم يثق

به وبهم إلا جهول مسوّف

آخر

ذهب الوفاء فلا وفا

ء ولا حياء ولا مروّة

إلا التواصل باللسا

ن من النفوس بلا أخوة

عبد المحسن الصوري

نزع الدهر خلتين من النا

س وفاء الأخاء وصدق الصديق

ويقال العزلة عن الناس توفر العرض وتبقى الجلالة وتستر الفاقة وتدفع مؤنة المكافأة في الحقوق لما وقع الاختلاف في المدينة خرج عروة بن الزبير إلى العقيق واعتزل الناس فعاتبه بعض اخوانه فقال رأيت ألسنتهم لاغية وقلوبهم لاهية وأديانهم واهية فخفت أن تلحقني معهم الداهية شاعر

ألام على التفرد كل وقت

ولي فيما ألام عليه عذر

وكل أذى فمصبور عليه

وليس على قرين السوء صبر

ص: 587

آخر

وأفردني عن الاخوان علمي

بهم فبقيت مهجور النواحي

فكم ذم لهم في جنب مدح

وجد بين أثناء المزاح

الامام الشافعي رضي الله تعالى عنه

إذا لم أجد خلاً تقياً فوحدتي

ألذ وأشهى من غويّ أعاشره

وأجلس وحدي للسفاهة آمناً

أقر لعيني من جليس أحاذره

وقال جعفر الصادق العزلة أسكن للفؤاد وأبعد من الفساد وأعود للمعاد الثعالبي إذا كان الصديق المجانس متعذراً وصحيح الأخاء لا يكاد يرى فالثقة بغير الله منفصمة العرى وقالوا إذا أنس اللبيب بالوحدة دون المصاحب ونزه نفسه باكرامها عند تغير الأخ والصاحب وتزين بالدين وتحلى بحلية المؤمنين وألزم نفسه الرياضة بالآداب وأعتق رقها من أليم العذاب فقد استراح وأراح ووجد في كل قطر المطار والمراح وأنشد لعلي بن عبد العزيز الجرجاني

ما تطعمت لذة العيش حتى

صرت في وحدتي لكتبي جليسا

ليس شيء ألذ عندي من نف

سي فلم أبتغي سواها أنيسا

إنما الذل في مداخلة النا

س فدعها وعش كريماً رئيسا

وما أحسن قول بعضهم في المعنى

إذا ما خلوت من المؤنسين

جعلت المؤانس لي دفتري

فلم أخل من شاعر محسن

ومن مضحك طيب مندر

ومن حكم بين أثنائها

فوائد للناظر المفكر

فإن ضاق صدري بأسراره

وأودعته السر لم يظهر

فلست أرى مؤثراً ما حييت

عليه نديماً إلى المحشر

ص: 588

ولآخر

وما ظفرت يدي بصديق صدق

أخاف عليه إلا خفت منه

ولم تدع التجارب لي صديقاً

أميل إليه إلا ملت عنه

أنست بوحدتي حتى لو أني

رأيت الأنس لأستوحشت منه

أبو فراس

بمن يثق الانسان فيما ينوبه

ومن أين للحرّ الكريم صحاب

ومما اخترت من كلام الحكماء الأجلاء في التحذير من اتخاذ الأصدقاء والأخلاء قال بعض الزهاد لو أن الدنيا ملئت سباعاً ما خفتها ولو بقى واحد من الناس لخفته وقالوا استعذ من شرار الناس وكن من خيارهم على حذر وقال آخر ما بقي في الناس إلا حمار رامح أو كلب نابح أو أخ فاضح وقال أبو الدرداء كان الناس ورقاً لا شوك فيه فصاروا شوكاً لا ورق فيه وقال سلمان الناس أربعة أصناف آساد وذئاب وثعالب وضأن فالآساد الملوك والذئاب التجار والثعالب القراء المخادعون والضأن المؤمن ينهشه كل من يراه شاعر

الناس أخلاقهم شتى وإن جبلوا

على تشابه أفراد وأزواج

وقال بعض الحكماء احذروا الناس فما ركبوا سنام بعير إلا أدبروه ولا ظهر جواد إلا عقروه ولا قلب مؤمن إلا أخربوه وقال خالد بن صفوان الناس أجياف فمنهم كالكلب لا تراه الدهر إلا هراراً على الناس ومنهم كالقرد يضحك من نفسه وقال عبد الحميد الكاتب الناس أجياف مختلفون وأطوار متباينون فمنهم من علق مظنة لا تباع ومنهم من غل مظنة لا تبتاع وقال جعفر الصادق لبعض اخوانه اقلل من معرفة الناس وأنكر من عرفت منهم وإن كان لك مائة

ص: 589

صديق فاطرح منهم تسعة وتسعين وكن من الواحد على حذر وقال بعض البلغاء بلوت الناس طراً فلم أجد إلا من يرى الحق باطلاً والباطل حقاً واللئيم مرفوعاً والكريم ملقى والنصح غشاً والغش نصحاً والمدح هجاء والهجاء مدحاً العتابي في مثل ذلك

تساوي أهل دهرك في المساوي

فما يستحسنون سوى القبيح

وصار الناس كلهم غثاء

فما يرجون للأمر النجيح

وأضحى الجود عندهم جنوناً

فما يستعقلون سوى الشحيح

وكانوا يغضبون من الأهاجي

فصاروا يغضبون من المديح

وقال حكيم مصاحبة الناس خطر فمن صبر على صحبتهم فقد بالغ في العذر إنما هو كراكب بحر إن سلم بدنه من الغرق لم يسلم قلبه من الفرق شاعر

تجنب قرين السوء واصرم حباله

وإن لم تجد عنه محيصاً فداره

ومن يطلب المعروف في غير أهله

تجده وراء الحبر أو في قراره

وصف بعض البلغاء أهل زمانه فقال أحظى الناس لديهم من أحسن إليهم فإن قصر عنهم رفضوه وأبغضوه ووتروه ولم يعذروه إن حضروا داهنوا وإن غابو شاحنوا ينطوون على الأحن ولا يرتون للممتحن غنيهم شحيح وفقيرهم مجيح إن رأوا خيراً دفنوه وإن ظنوا شراً أعلنوه الواثق منهم على غرر والمتمسك بهم على خطر هم بين طاعن ثالب ومتقول كاذب وحسود موارب إن اختبرتهم تكشفوا وإن اعتبرتهم تزيفوا وأنشد

ان يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا

شراً أذيع وإن لم يسمعوا كذبوا

ص: 590

ولقد أحسن في التحذير من قال

إياك أن تصطفي ممن ترى أحداً

ولا تثق بامرئ في حالة أبدا

من عاش منفرداً لم يأته ندم

على اتخاذ صديق في الأنام غدا

ومما يكون مماثلاً لهذا القول ومعادلاً التحذير من صحبة السلطان وإن كان عادلاً قال الأعمش صحبة السلطان خطر إن أطعته خاطرت بدينك وإن أغضبته خاطرت بنفسك والسلامة منه أن لا تعرفه وقال ابن مسعود إن الرجل ليدخل إلى ذي سلطان ومعه دينه ويخرج وليس معه منه شيء وقال عبد الله بن عمر ما ازداد رجل من ذي سلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً وقال الفضيل بن عياض كنا نتعلم اجتناب السلطان كما نتعلم السورة من القرآن وقال أيضاً لأن يدنو الرجل إلى حتفه ومنيته خير له من أن يدنو إلى ذي سلطان وقال أيضاً ما أقبح بالعالم أن يقال أين هو فيقال هو في بيت الأمير وكتب أبو بكر بن عياش إلى عبد الله بن المبارك إن كان الفضيل بن موسى لا يجالس السلطان فأقرئه مني السلام أبو الفتح البستي

يا من يرى خدمة السلطان عدّته

ما أرش ذلك إلا الذلّ والندم

فجسمه تعب والنفس خائفة

وعرضه غرض والدين منثلم

هذا إذا شرفت أيام دولته

نعوذ بالله إن زلت به القدم

وقال زياد بن أبي سفيان يوماً لجلسائه من أنعم الناس عيشاً قالوا أمير المؤمنين يعني معاوية قال فكيف بثغوره وأموره إن لأعواد المنبر لهيبة ولقرع لجام البريد لروعة قال فمن قالوا فأنت قال فكيف بجنودي وخراجي ومداراة الناس قالوا فمن إذا قال رجل له دار يسكنها وزوجة صالحة يأوي إليها وخادم وكفاف من العيش لا يعرفها ولا نعرفه فإنه إن عرفنا وعرفناه

ص: 591