المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وما فيها من الرفعة والجلالة - غرر الخصائص الواضحة

[الوطواط]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث في العقل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع في الحمق وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس في الفصاحة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس في العي وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السابع في الذكاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثامن في التغفل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب التاسع في السخاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الأول

- ‌الباب العاشر في البخل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الحادي عشر في الشجاعة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني عشر في الجبن وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث عشر في العفو وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع عشر في الانتقام وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس عشر في الاخوة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس عشر في العزلة وفيه ثلاثة فصول

- ‌في الكرم

- ‌في وصف الأخلاق الحسان

- ‌المتخلقة بها نفوس الأعيان

- ‌وعلى ذكر الحجاب وإن لم يكن من الباب

- ‌وصف أخلاق أهل الوفاق

- ‌عيون من مكارم الأخلاق الدالة على طيب الأعراق

- ‌من روائع عادات السادات ووشائع سادات العادات

- ‌جوامع ممادح الأخلاق والشيم

- ‌المتحلية بها ذوو الأصالة والكرم

- ‌الأسباب المانعة من السيادة سبعة

- ‌شرح ما ذكر من الأمثال الواقعة في هذا المثال

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول

- ‌في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر

- ‌فمن مآثر ذوي الكرم في النجار

- ‌الذب عن النزيل وحفظ الجار

- ‌من صنيع من زكت في الكرم أرومه

- ‌صون المضيم بنفسه من عدو يرومه

- ‌من أمتن أسباب الحسب والديانة وفاء العهد وأداء الأمانة

- ‌من أحاسن فعلات الأشراف الاتصاف بالعدل والإنصاف

- ‌ومما اتفق على مدحه الأوائل والأواخر تواضع من حاز الفضائل والمفاخر

- ‌مما يدل على شرف الأبوة إلزام النفس بأنواع المروة

- ‌الفصل الثالث من الباب الأول

- ‌في ذم التخلق بالإحسان

- ‌إذا لم يوافق القلب اللسان

- ‌ومما يلحق بهذا أنّ عمل الرياء سالب عن صاحبه جلباب الحياء

- ‌الباب الثاني

- ‌في اللؤم

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم من ليس له خلاق

- ‌وما اتصف به من الأخلاق

- ‌من مساوئ أخلاقهم الذميمة

- ‌نقل الأقدام بالسعاية والنميمة

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني

- ‌في ذكر الفعل والصنيع

- ‌الدالين على لؤم الوضيع

- ‌من الصنيع الدال على لؤم الأصول

- ‌من كان بسيف جوره على العباد يصول

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني

- ‌في أنّ من تخلق باللؤم انتفع

- ‌الباب الثالث

- ‌في العقل

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح العقل وفضله

- ‌شوارد مجموعة في احتياج ذوي العقل والحلم

- ‌إلى اكتساب فضيلتي الأدب والعلم

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث

- ‌في ذكر الفعل الرشيد

- ‌العاقل من شغله عيبه عن عيب من سواه

- ‌ولم يطع في جواب السفيه أمير هواه

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث

- ‌في هفوات العقال

- ‌الباب الرابع

- ‌في الحمق

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع

- ‌في ذكر النوادر

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع

- ‌في احتجاج الأريب المتحامق

- ‌ومن احتجاج من أطلق نفسه من عقال العقل

- ‌وألقى عصاه عامداً في بيداء الجهل

- ‌من أحاسن أقوالهم في أنّ العقل طريق إلى العنا

- ‌وسدّ يمنع صاحبه من الوصول للغنى

- ‌مما ذكر إنّ الحظ أجدى لصاحب الحجا

- ‌الباب الخامس

- ‌في الفصاحة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر

- ‌ولأبي إسحق الصابي في الوزير أبي محمد المهلبي رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس

- ‌في يتحلى به ألباب الأدباء

- ‌ولنذكر من كلام الخطباء ذوي البراعة واللسن ما كان ذا لفظ بديع

- ‌ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الخطب التي حكمت فصاحتها بالعي لقس

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس

- ‌في إنّ معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب

- ‌وربما أعدت حرفة الأدب أهل الوراقة

- ‌الباب السادس

- ‌في العي

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌فيما ورد عن ذوي النباهة في ذم العي والفهاهة

- ‌لبعضهم فيمن يلثغ بالراء

- ‌قد يكون البليغ عيياً عند سؤال مطلوبه

- ‌ولبعض الصوفية

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس

- ‌في ذكر من قصر باع لسانه عن ترجمة ما في جنانه

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس

- ‌في أنّ اللسن المكثار لا يأمن آفة الزلل والعثار

- ‌احتجاج من أمسك عن الكلام من غير خرس

- ‌الباب السابع

- ‌في الذكاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الفطن والاذهان

- ‌المعظمة من قدر المهان

- ‌وعلى أثر قبح الصورة يقول بعض الشعراء في جحظة

- ‌وأكثر ما يوجد الذكاء المفرط عند العميان

- ‌من اخترع من الأوائل حكمة بثاقب فكره

- ‌الفصل الثاني من الباب السابع

- ‌في ذكر بداهة الأذكياء البديعة

- ‌وأجوبتهم المفحمة السريعة

- ‌الفصل الثالث من الباب السابع

- ‌فيمن سبق بذكائه وفطنته إلى ورود حياض منيته

- ‌منهم من ارتقى بادعائه النبوة مرتقى صعبا

- ‌الباب الثامن

- ‌في التغفل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم البلادة والتغفل من ذوي التعالي والتنزل

- ‌وقد اخترت من مدام المتغفلين مما حسن وراق

- ‌الفصل الثاني من الباب الثامن

- ‌فيمن تأخرت منه المعرفة

- ‌ونوادر أخبارهم المستظرفة

- ‌الفصل الثالث من الباب الثامن

- ‌في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله

- ‌الباب التاسع

- ‌في السخاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أن التبرع بالنائل من أشرف الخلال والشمائل

- ‌ذكر الأجواد المعروفين ببذل الأموال

- ‌النوع الثاني

- ‌الفصل الثاني من الباب التاسع

- ‌في منح الأماجد الأجواد

- ‌وملح الوافدين والقصاد

- ‌ذكر من تبجح بذكر المعروف الذي أسدى إليه

- ‌الفصل الثالث من الباب التاسع

- ‌في ذم السرف والتبذير

- ‌إذ فلهما من سوء التدبير

- ‌الباب العاشر

- ‌في البخل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الإمساك والشح

- ‌وما فيهما من الشين والقبح

- ‌الفصل الثاني من الباب العاشر

- ‌في ذكر نوادر المبخلين

- ‌من الأراذل والمبجلين

- ‌من صان درهمه ولم يسمح به للعطاء

- ‌الفصل الثالث من الباب العاشر

- ‌في مدح القصد في الإنفاق

- ‌خوف التعيير بالإملاق

- ‌الباب الحادي عشر

- ‌في الشجاعة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الشجاعة والبسالة

- ‌وما فيها من الرفعة والجلالة

- ‌الفصل الثاني من الباب الحادي عشر

- ‌في ذكر ما وقع في الحروب

- ‌من شدائد الأزمات والكروب

- ‌يوم كربلاء

- ‌يوم الحرة

- ‌وصف النزال والقتلى

- ‌الفصل الثالث من الباب الحادي عشر

- ‌في ذم التصدي للهلكة

- ‌ممن لا يستطيع بها ملكة

- ‌الباب الثاني عشر

- ‌في الجبن

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أنّ خلتي الجبن والفرار مما يشين بني الأحرار

- ‌الفصل الثاني من البال الثاني عشر

- ‌في ذكر من جبن عند اللقاء

- ‌خوف الموت ورجاء البقاء

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني عشر

- ‌فيمن ليم على الفرار والإحجام

- ‌فاعتذر بما ينفي عنه الملام

- ‌الباب الثالث عشر

- ‌في العفو

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح من اتصف بالعفو

- ‌عن الذنب المتعمد والسهو

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث عشر

- ‌فيمن حلم عند الاقتدار

- ‌وقبل من المسئ الاعتذار

- ‌ولنعقب هذا الفصل من لطيف الاعتذار

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث عشر

- ‌في ذم العفو عمن أساء

- ‌وانتهك حرمات الرؤساء

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌في الانتقام

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في التشفي والانتقا

- ‌ممن أحضر قسراً في المقام

- ‌ما اخترناه من كلام الحكماء وأقوال الكرام الأماجد

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع عشر

- ‌في ذكر من ظفر فعاقب

- ‌بأشدّ العقوبة ومن راقب

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع عشر

- ‌في أن الانتقام بحدود الله خير فعلات من حكمه الله وولاه

- ‌ما الدية فيه كاملة من جوارح الانسان وحواسه

- ‌ما تختص به المرأة دون الرجل

- ‌الباب الخامس عشر

- ‌في الاخوة

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح اتخاذ الاخوان

- ‌فإنهم العدد والأعوان

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس عشر

- ‌فيما يدين به أهل المحبة

- ‌من شرائع العوائد المستحبة

- ‌ومما يثني عطف الصديق إلى التألف

- ‌اعتذار من لم يهد شيأً

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس عشر

- ‌في ذم الثقيل والبغيض

- ‌بما استحسن من النثر والقريض

- ‌الباب السادس عشر

- ‌في العزلة

- ‌فيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الاستئناس بالناس

- ‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس عشر

- ‌فيما يحض على الاعتزال

- ‌من ذميم الخلائق والخلال

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس عشر

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌فيما نختم به الكتاب من دعاء نرجو أن يسمع ويجاب

الفصل: ‌وما فيها من الرفعة والجلالة

‌الباب الحادي عشر

‌في الشجاعة

‌وفيه ثلاثة فصول

‌الفصل الأول من هذا الباب

‌في مدح الشجاعة والبسالة

‌وما فيها من الرفعة والجلالة

الشجاعة غزيرة في الانسان يمنحها واهب الاحسان كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الشجاعة غريزة يضعها الله فيمن شاء من عباده إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية وحدها قالوا هي سعة الصدر والاقدام على الأمور المتلفة وقالوا الشجاع من تكن من شجاعته عند الفرار وفقد الأنصار وسئل بعضهم عن الشجاعة فقال جبلة نفس أبية قيل له فما النجدة قال ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت حتى يحمد فعلها عند الخوف وقال بعض أهل التجارب الرجال ثلاثة فارس وشجاع وبطل فالفارس الذي يشد إذا شدوا والشجاع الداعي إلى البراز والمجيب داعيه والبطل المحامي لظهور القوم إذا ولوا وقال يعقوب بن السكيت في ألفاظه العرب تجعل الشجاعة أربع طبقات تقول رجل شجاع فإذا كان فوق ذلك قالوا بطل فإذا كان فوق ذلك بهمة فإذا كان فوق ذلك قالوا أليس

من عرف من الأكابر في قومه بالبأس والنجدة وكان لهم عند الهياج معقلاً وشدة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس بن مالك رضي الله عنه كان صلى الله عليه وسلم أجمل الناس وجهاً وأجود الناس كفاً وأشجع الناس قلباً لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق

ص: 403

الناس ثائرين قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً قد سبقهم إلى الصوت وسبر الخبر على فرس لأبي طلحة عرى والسيف في عنقه وهو يقول لن تراعوا لن تراعوا وقال عمران بن الحصن ما لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتيبة قط إلا كان أول من يضرب ومن ذلك ثباته يوم حنين في مركزه لا يتخلخل ولا يتزيل ليس معه إلا عمه العباس آخذاً بلجام دابته وابن عمه أبو سفيان بن الحرث وكان المسلمون يومئذ اثني عشر ألفاً فأعجبتهم كثرتهم حتى قال قائلهم لن نغلب اليوم من قلة وزل عنهم إن الله هو الناصر لا كثرة الجنود ولا العساكر فانهزموا حتى بلغ أولهم مكة ثم تدارك الله الملة الاسلامية بنصره فأنزل ملائكة على خيول بلق وتراجع المسلمون فقاتلوا فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة قتالهم قال هذا حين حمى الوطيس وهو أول من قال هذه الكلمة ثم أخذ كفاً من تراب فرمى به المشركين وقال شاهت الوجوه فانهزموا قال ابن عباس فلكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم فناهيك بهذا الثبات شهادة صدق على تناهي شجاعته وبسالته ورباط جأشه وما هو إلا من آيات النبوة وعلامات الرسالة ومما عرف فيه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بقوة الجأش وثبات القلب وشجاعة النفس والصبر في المواطن الكريهة يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن عمر رضي الله عنه كذب بموته وقال ما مات وإنما واعده ربه كما واعد موسى وليرجعنه الله فليقطعن أيدي قوم وأرجلهم يسومون النبي الموت من قال إن محمداً مات علوته بسيفي هذا واعتراه ذهول حتى صار لا يدري أين يذهب وأما عثمان رضي الله عنه فدهش فجعل لا يكلم أحداً فيؤخذ بيده فيقاد وأما علي رضي الله عنه فقعد في البيت لم يبرح منه وكان أبو بكر رضي الله عنه حينئذ غائباً في ناحية من نواحي المدينة على ميل منها تسمى السخ فلما بلغه الخبر جاء حتى دخل عليه وهو مسجى فكشف عن وجهه الكريم وأكب عليه وقبل بين عينيه وقال طبت حياً وميتاً وأعول بالبكاء ثم خرج وهو رابط الجأش ثابت القلب مصيب في القول والناس على خلاف ذلك من الذهول واختلاط العقل وهم في أمر مريج قد ضلت افئدتهم في تيه الحزن وزلت أقدام صبرهم

ص: 404

في مزالق الشجن فصعد المنبر وقال بعد حمد الله والثناء عليه في كلام طويل من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيأً وسيجزي الله الشاكرين فثاب إلى عمر عقله وقال والله لكأني لم أسمع بها قط في كتاب الله قبل ما نزل بنا وقالت عائشة رضي الله عنها في خطبتها التي افتخرت فيها لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع نجم النفاق وارتدت العرب وصار المسلمون كالغنم السارحة في الليلة الماطرة فحمل أبي من الأمر الفخم ما لو حملته الجبال لهافها وما يدري أيما أربط جأشاً وأثبت قلباً في هذا الأمر الشديد والمصاب العتيد أهو رضي الله تعالى عنه أم ابنتاه عائشة وأسماء رضي الله عنهما فأما عائشة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات بين سحرها ونحرها وشاهدت ذلك الهول ثم احتملته فألقته على فراشه وسجته ببردته ولم تدع أحداً من نسائه وأهله يعينها عليه وعمرها إذ ذاك ثماني عشرة سنة ثم بكت بادية بصوت لا يكاد يعدي صاحبه فلما سمع الناس بكاءها وشجنها تحققوا موته ولم تظهر رزية ولا عويلاً ولم تشق جيباً ولم تخمش وجهاً ولم تدع ويلاً وإنما علم الناس موته ببكائها وأما أسماء فإن ولدها عبد الله بن الزبير لما رأى الغلبة دخل عليها وشكا إليها ما آل إليه أمره فقالت إياك أن تنكل أو تفشل ومت كريماً احتسبك عند الله فقال لها ما أخاف الموت وإنما أخاف أن يمثل بي فقالت إن الشاة إذا ذبحت لا تبالي بسلخها وكان عمر رضي الله عنه من الأشداء من الأقوياء موصوفاً بالشدة موسوماً بالحدة والشجاعة والنجدة كان يضع يده اليمنى على أذن فرسه اليسرى ثم يجمع جراميزه ويثب على فرسه

فكأنما خلق على متنه وكان علي رضي الله عنه شجاعاً بطلاً ذكر عنه إنه قتل في ليلة الهرير من حرب صفين خمسمائة وثلاثاً وعشرين رجلاً وكان إذا ضرب لا يثني وقيل له إنك مطلوب فلو اتخذت طرفاً سابقاً فقال إني لا أفر على من كر ولا أكر على من فر فالبغلة تكفيني وقيل له في حرب صفين أتقاتل أهل الشأم بالغداة وتطهر لهم بالعشي بازار ورداء فقال أبا الموت أخوف والله لا أبالي أسقطت على الموت أو سقط علي ومن الشجعان الزبير بن العوام قالوا لم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فارس أشجع من الزبير ولا راجل أشجع من علي وفي الزبير تقول زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوي تخاطب عمرو بن جرموز لما قتله غدراً بوادي السباعنما خلق على متنه وكان علي رضي الله عنه شجاعاً بطلاً ذكر عنه إنه قتل في ليلة الهرير من حرب صفين خمسمائة وثلاثاً وعشرين رجلاً وكان إذا ضرب لا يثني وقيل له إنك مطلوب فلو اتخذت طرفاً سابقاً فقال إني لا أفر على من كر ولا أكر على من فر فالبغلة تكفيني وقيل له في حرب صفين أتقاتل أهل الشأم بالغداة وتطهر

ص: 405

لهم بالعشي بازار ورداء فقال أبا الموت أخوف والله لا أبالي أسقطت على الموت أو سقط علي ومن الشجعان الزبير بن العوام قالوا لم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فارس أشجع من الزبير ولا راجل أشجع من علي وفي الزبير تقول زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوي تخاطب عمرو بن جرموز لما قتله غدراً بوادي السباع

غدر ابن جرموز بفارس بهمة

يوم اللقاء وكان غير معرّد

يا عمرو لو نبهته لوجدته

لا طائشاً رعش الجنان ولا اليد

ومن الشجعان بنو قيلة وهم الأنصار قال ابن عباس ما سلت السيوف ولا زحفت الزحوف ولا أقيمت الصفوف حتى أسلم أبناء قيلة يعني الأوس والخزرج وهم الأنصار وصفهم مادح فقال كانوا يحبون الموت كما تحبون الحياة ويرغبون في الآخرة كما ترغبون في الدنيا وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع يريد أنهم يريدون بقتالهم وجه الله والدار الآخرة فلا تميل نفوسهم إلى ما يقسم من الفئ والغنيمة رغبة فيما هم بصدده من إعلاء كلمة الاسلام وإخفاء ما ظهر من شرك عبدة الأصنام فهم يكثرون إذا دعوا للقتال ويقلون عند قسم الأنفال قال كعب بن زهير يمدحهم

من سره كرم الحياة فلا يزل

في عصبة من صالح الأنصار

الباذلين نفوسهم لنبيهم

يوم الهياج وصفوة الجبار

يتطهرون كأنه نسك لهم

بدماء من علقوا من الكفار

ص: 406

ومن الشجعان معاذ بن عفراء قطع كفه يوم بدر فبقي معلقاً بجلدة بطنه فلم يزل يقاتل يومه أجمع وهو معلق حتى وجد آلمه فوضع رجله على يده وتمطى حتى قطع الجلدة وحمل رجل على حكيم بن جبلة في يوم من أيام حرة وقد قطع ساقه فأخذها في يده وضرب بها من قطعها فصرعه ثم أتاه واتكأ عليه فقتله وقال مرتجزاً يا ساق لن تراعي إن معي ذراعي أحمي به كراعي وحكي عنه أنه قيل له من قطع ساقك قال وسادتي ولم يكن في الجاهلية ولا في الاسلام أشجع من خالد بن الوليد رضي الله ولشجاعته سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف الله وذلك أنه لم ينهزم في جاهلية ولا اسلام ومات على فراشه ويقال إنه قال عند موته ما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو جرح بسهم وها أنا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء ومن شجعان الصحابة البراء بن مالك قيل عنه إنه قتل مائة مبارز سوى من شورك في قتله وكتب عمر بن الخطاب إلى عماله أن لا يولوه جيشاً للمسلمين فإنه يهلكه ومن شجعان الصحابة طلحة بن عبيد الله وحارثة بن حذيفة والزبير بن العوام والمقداد بن الأسود يروى أن عمرو بن العاص بعت إلى عمر بن الخطاب وهو يحاصر مصر يطلب سنه ثلاثة آلاف فارس فبعث إليه حارثة والزبير والمقداد لا غير أقام كل واحد منهم مقام ألف فارس رضي الله تعالى عنهم أجمعين وكان مصعب بن عبد الرحمن بن عوف شجاعاً ذكر عنه أنه كان يثب ثلاث وثبات كل وثبة ثنتا عشرة ذراعاً حتى يصل إلى قرنه فيقتله ومن الفرسان مالك بن الحويرث المعروف بالاشتر النخعي من أصحاب علي رضي الله عنه قال أبو بكر بن أبي شيبة أعطت عائشة للذي بشرها بحياة عبد الله بن الزبير بن العوام إذ التقى بالأشتر يوم الجمل أربعة آلاف درهم ذكران

ص: 407

رجلاً سب الأشتر فقال له رجل من النخع اسكت فإن حياته هدمت أهل الشأم وموته هدم أهل العراق ومن الشجعان مصعب بن الزبير سأل عبد الملك يوماً جلساءه من أشجع الناس فعدوا جماعة فقال أشجع الناس من العرب من ولي العراق فأصاب الف ألف وألف ألف وعدها مراراً وجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسن وأم كلثوم بنت عبد الله بن عامر وهند بنت ريان سيد كلب فخذله أهل العراق فأعطيناه الأمان على ما شاء فقال إن مثلي لا ينصرف إلا غالباً أو مقتولاً وقاتل حتى قتل والله لا ولدت النساء مثله وقال أخوه عبد الله لما بلغه قتله أن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وعمه وإنا لا نموت حتفاً ولكن نموت بين أطراف الرماح وتحت ظلال الصفاح وقال الزبير بن بكار آل الزبير أعرق الناس في القتل ولا يعرف في العرب ولا في العجم ستة مقتولون في نسق إلا من آل الزبير وهم عمارة بن حمزة بن مصعب بن الزبير ابن العوام بن خويلد قتل عمارة وحمزة معاً في حرب الأباضية وقتل مصعب بدير الجاثليق وقتل محمد أخوه في حرب الجمل وقتل عبد الله بمكة في حرب الحجاج ولما قتل عبد الله أمر الحجاج بشق صدره فإذا فؤاده مثل فؤاد الجمل فكان إذا ضرب به الأرض ينزو كما تنزو المثانة المقطوعة وقتل الزبير بوادي السباع في حرب الجمل وقتل العوام في الفجار قتله بشر بن عبد الله بن دهمان الثقفي وقتل خويلد في حرب خزاعة وقيل لعبد الملك من أشجع الناس فقال العباس بن مرداس الذي يقول فيه الشاعر

أشدّ على الكتيبة لا أبالي

أحتفي كان فيها أم سواها

وقيس بن الحطيم حيث يقول

وإني في حرب العوان موكل

باقدام نفس لا أريد بقاءها

ص: 408

ومن فرسان الخوارج قطري بن الفجاءة ويكنى أبا نعامة وخرج زمن مصعب ابن الزبير لما كان مصعب والياً على العراق من قبل أخيه عبد الله بن الزبير سنة ست وثلاثين وفي هذه السنة بويع عبد الله أخوه وعبد الملك بن مروان بالشأم فبقي قطري عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة ذكر عنه إنه مر في بعض حروبه على فرس أعجف وبيده عمود خشب فدعا إلى البراز فبرز له رجل فحسر له عن وجهه فلما رآه الرجل ولي عنه فقال له قطري إلى أين قال لا نستحي أن نفرعنك وكذلك كان عبد الله بن حازم وشبيب الحروري يصيح في جنبات الجيش فلا يلوى أحد على أحد وفيه يقول بعض شعراء الخوارج في الجاهلية

إن صاح يوماً حسبت الصخر منحدراً

والريح عاصفة والبحر يلتطم

ومن شجعان العرب وفرسانهم الفند الزماني كان يقاس بألف ذكر أنه حمل على فارس مردوف بآخر فطعنهما فانتظما في رمحه وقال شاعر يمدح شجعان العرب

فواحدهم كالألف بأساً ونجدة

والفهم للعرب والعجم قاهر

وليس نظم الفند فارسين في طعنة بكبير فقد فعل مثل هذه الفعلة أبو دلف في بعض حروبه وفيه يقول بكر بن النطاح يذكر طعنته من أبيات

وإذا بدا لك قاسم يوم الوغى

يختال خلت أمامه قنديلا

وإذا تلوذ بالعمود ولونه

خلت العمود بكفه منديلا

وإذا تناول صخرة ليرضها

عادت كثيباً في يديه مهيلا

قالوا أينظم فارسين بطعنة

يوم اللقاء ولا تراه كليلا

لا تعجبوا لو كان مدّ قناته

ميلاً إذا نظم الفوارس ميلا

ص: 409

ومما يعد من شدة الشجعان الأبطال رفض التواني بالمناجزة ودفع المطال قالوا العزم التأهب قبل الأمر والحزم المضئ فيه وقالوا الحزم انتهاز الفرصة عند تمكن القدرة وترك التواني فيما يخاف فيه الفوت وقال عبد الملك لعمر بن عبد العزيز ما العزيمة في الأمر قال اصداره إذا ورد بالحزم شاعر

ليست تكون عزيمة ما لم يكن

معها من الحزم المشيد رافع

وقالوا من لم يقدمه عزمه أخره عجزه وقالوا الحازم من اشتدت شكيمته وقعدت عزيمته وقالوا الحرب كالنار إذا تداركت أولها خمد ضرامها وإن استحكم أمرها صعب مرامها ويقال قبل الاقدام تراش السهام والعجز عجزان عجز التقصير وقد أمكن والجد في طلبه وقد فات تمثل المنصور عند قتله لأبي مسلم الخراساني

إذا كنت ذا رأى فسكن ذا عزيمة

فإن فساد الرأي أن يتردّدا

ولا تمهل الأعداء يوماً بقدره

وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا

ولآخر

ما العزم أن تشتهي شيأً وتتركه

حقيقة العزم منك الجد والطلب

كم سوفت خدع الآمال ذا أرب

حتى انقضى قبل أن ينقضي له الأرب

وقالوا من تفكر في العواقب لم يشجع في النوائب وجد على سيف مكتوب أيها المقاتل احمل تغنم ولا نفكر في العواقب تندم شاعر

ص: 410

خاطر بنفسك لا تقعد بمعجزة

حتى تباشرها منه بتغرير

لن يبلغ المرء بالاحجام همته الرياشي

وعاجز الرأي مضباع لفرصته

حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

ويقال مفتاح الدعة مفتاح البؤس أبو دلف العجلي

ليس المروأة أن تبيت منعما

وتظل معتكفاً على الأقداح

ما للرجال وللتنعم إنما

خلقو اليوم كريهة وكفاح

وقالوا زوج العجز التواني فأنتج بينهما الحرمان قال المعافي في مثل ذلك

إنّ التواني أنكح العجز بنته

وساق إليها حين أنكحها مهرا

فراشاً وطيأً ثم قال له اتكى

رويد كما لا شك أن تلدا فقرا

وقالت الحكماء الحزم طبع الحياة والعجز طبع الموت والنفس لا تحب أن تموت فكذلك تحب أن تحيا وأخذ الشيء بالحزم لا بالعجز المتنبي

ولو أنّ الحياة تبقى لحيّ

لوددنا ضلالنا الشجعانا

وإذا لم يكن من الموت بدّ

فمن العجز أن تكون جبانا

وقالوا أشعر قلبك الجراءة فإنها سبب الظفر وأحرص على الموت توهب لك الحياة وقال أكثم بن صيفي من التواني والعجز أنتجت الهلكة وقالوا التفكر في عواقب الحرب من امارات العجز والتهور فيه من علامات الجزع

ص: 411

أبو عبادة مادحاً

صار الحزم ما مضى العرّم ساري ال

فكر ثبت الجنان صلب العود

آخر مادحاً

ويلحظ بالأمر الصواب كأنما

يلاحظه من كل أمر عواقبه

وقال حكيم تجرع من عدوك الغصة إلى أن تجد الفرصة فإذا وجدتها فانتهزها قبل أن يفوتك الدرك أو يعينه الفلك فإنما الدنيا دول تقلبها الأقدار ويهدمها الليل والنهار ولما أحيط بمروان بن محمد الجعدي قال والهفاه على دولة ما نصرت وكف ما ظفرت ونعمة ما شكرت فقال له بعض كماته وكان من أشراف الروم فوقع عليه سبي من أغفل الصغير حتى يكبر والقليل حتى يكثر والخفي حتى يظهر أصابه هذا

ومن الأبيات في انتهاز الفرصة

وتفريج الغصة قول بعضهم

يا ابنة القوم ما تريدين مني

صارمي منطقي ووجهي مجني

ما يزور الكرى جفوني إلا

جسوة الطائر الذي لا يثني

فعلوى إذا استقلّ بعزم

لم يعرّج بليتني ولواني

آخر

حلفت لان ألقى الشدائد كلها

ومالي بأن ألقى الهوان يدان

تذكرت إني هالك وابن هالك

فهانت عليّ الأرض والثقلان

فدع كل شيء خالف العزم إنه

سيكفيكه جد إن معتلجان

وما يدرك الحاجات مثل مثابر

ولا عاق عنها النجح مثل توان

أبو نصر بن أحمد الميكالي

قالوا تمهل في الذي ترتجي

بلوغه من نافع الأمر

قلت التأني مظفر بالمنى

لكنه يجحف بالعمر

ص: 412

آخر

على كل حال فاجعل الحزم عدة

لما أنت باغيه وعوناً على الدهر

فإن نلت أمراً نلته عن عزيمة

وإن قصرت عنك الحظوظ فعن عذر

إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه

ونكب عن ذكر العواقب حاجبا

ولم يستشر في أمره غير نفسه

ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا

آخر

إذا فرصة أمكنت في العدى

فلا تبد فعلك إلا بها

فإن لم تلج بابها مسرعاً

أتاك عدوّك من بابها

ومن ممادح من عرف في قومه بالشجاعة ومد إلى قطف الرؤس سيفه وباعه قالوا فلان أبلغ صولة من أسد العرين وأشد منعة من الحصن الحصين وصف أعرابي رجلاً بالشجاعة فقال هو ابن الحرب أرضع بدرها وربى في حجرها وسئل أعرابي عن قومه فقال كانوا والله إذا اصطفوا تحت القتام صغرت بينهم السهام بشؤبوب الحمام وإذا تصافحوا بالسيوف فغرت أفواهها الحتوف فرب يوم شموس أحسنت أدبه عزمتهم وحرب عبوس أضحكتها أسنتهم ومدح أعرابي قومه فقال قومي والله ليوث حرب وغيوث جدب ليس لأسيافهم أغماد غير الهام ولا رسل للمنايا غير السهام وقالوا فلان يبادر

ص: 413

المهل مبادرة الأجل الأمل أطراف الأسل أحلى عنده من لعق العسل ابن شرف القيرواني فلان قلبه يخرجه عن القلب وصرامته تقتاده إلى مكان الطعن والضرب رماحه نجوم ظلام القتام وسهامه رجوم شياطين الأنام لا ترد حاجته مواضيه ولا تمطله المغافر المنية عند تقاضيه شاعر مادحاً

يلقى السيوف بوجهه وبنحره

ويقيم مهجته مقام المغفر

ما إن يريد إذا الرماح شجرنه

ذرعاً سوى سربال طيب العنصر

ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا

فعقرت ركن المجد إن لم تعقر

أبو الفرج

يسعى إلى الموت والفنا قصد

وخيله بالرؤس تنتعل

كأنه واثق بأنّ له

عمراً مقيماً وماله أجل

آخر

كأنّ سيوفه صيغت عقوداً

تجول على الترائب والنحور

وسمر رماحه جعلت هموماً

فما يخطرن إلا في ضمير

البحتري مادحاً

يلقى السيوف بوجه منه ليس لها

ظهر وهادي جواد ماله كفل

يسعى به البرق إلا أنه فرس

في صورة الموت إلا أنه رجل

مسلم بن الوليد

لو أن قوماً يخلقون منية

من بأسهم كانوا بني جيريلا

قوم إذا حمى الوطيس لديهم

جعلوا الجماجم للسيوف مقيلا

ص: 414

ولآخر

وحامي بلاد الله من كل مارق

له الطير ضيف والوحوش وفود

مليك له زهر النجوم أسنة

إذا أمّ أفقاً والسحاب بنود

آخر

عقبان روع والسروج وكورها

وليوث حرب والفنا آجام

وبدور تمّ والترائك في الوغى

هالاتها والسائرون غمام

جادوا بممنوح التلاد وجودوا

ضرباً بجديه الطلى والهام

وتجاوبت أسيافهم وجيادهم

فالأرض تمطر والسماء تغام

البحتري

معشراً أمسكت حلومهم الأر

ض وكادت لولاهم أن تميدا

فإذا الجدب جاء جاد واغيوثا

وإذا النقع ثار ثاروا أسودا

وكأنّ الإله قال لهم في ال

حرب كونوا حجارة أو حديدا

آخر

إن ترد خبر حالهم عن يقين

فاتهم يوم نائل أو نزال

تلق بيض الوجوه سود مثار الن

قع خضر الأكتاف حمر النصال

آخر

قوم شراب سيوفهم ورماحهم

في كل معترك دم الأشراف

رجعت إليهم خيلهم بمعاشر

كل لكل جسيم أمر كافي

يتحننون إلى لقاء عدوّهم

كتحنن الآلاف للإيلاف

ويباشرون ظبا السيوف بأسهم

أمضى وأقطع من مضي الأسياف

ص: 415