الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خير منها أو مثلها ما حكى أن بعض ملوك الفرس وكان عظيم المملكة سيئ الملكة شريف الهمة شديد النقمة قرب إليه صاحب مطبخه طعاماً فوقعت نقطة من الطعام على المائدة فزوى لها الملك وجهه وأعرض عنه إعراضاً تحقق به الطباخ قتله فعمد إلى الصحفة فكفأها على المائدة فقال له الملك ما حملك على ما فعلت وقد علمت أن سقوط النقطة أخطأت بها يدك ولم يجرها تعمدك فما عندك في الثانية قال استحييت أن يسمع عن الملك أنه استوجب قتلي واستباح دمي مع قديم خدمتي ولزوم حرمتي في نقطة واحدة أخطأت بها يدي ولم يجرها تعمدي فأردت أن يعظم ذنبي ليحسن بالملك قتلي ويعذر في قتل من فعل مثل فعلي فقال الملك إن كان حسن صنيعك ينجيك من القتل والتعذيب فليس منجيك من التأديب اجلدوه مائة واخلعوا عليه خلع الرضا وسوغوه انعاماً يؤذن بالعفو عما مضى
ولنعقب هذا الفصل من لطيف الاعتذار
ما تستعطف به القلوب بعد النفار جرى بين الحسين بن علي وبين أخيه محمد بن الحنفية رضي الله عنهما كلام وافترقا متغاضبين فلما وصل محمد إلى منزله كتب إلى الحسين بعد البسملة من محمد بن علي إلى أخيه الحسين بن علي أما بعد فإن لك شرفاً لا أبلغه وفضلاً لا أدركه فإن أمي امرأة من بني حنيفة وأمك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان ملء الأرض نساء مثل أمي ما وفين بأمك فإذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك ونعليك وسر إلي لترضيني وإياك أن أسبقك إلى هذا الفضل الذي أنت أولى به مني والسلام فلبس الحسين رداءه ونعليه وجاء إليه وترضاه وكان في قلب الأمين من إسحق الموصلي شيء فأهدى له جارية فردها فكتب إليه إسحق
هتكت الضمير بردّ اللطف
…
وكشفت أمرك لي فانكشف
فإن كنت تحقد شيأً مضى
…
فهب للخلافة ما قد سلف
وجد لي بالعفو عن زلتي
…
فبالفضل تأخذ أهل الشرف
فلم يفعل فكتب إليه
أتيت ذنباً عظيماً
…
وأنت أعظم منه
فخذ بحقك أولاً
…
فامنن بصفحك عنه
فعاد إلى الجميل وقال أبو بكر الصولي أحسن رقعة كتبت في الاعتذار رقعة كتب بها الراضي إلى أخيه المتقي وكان قد جرى بينهما كلام بحضرة المؤدب وكان المتقي قد اعتدى على الراضي أنا معترف لك بالعبودية فرضا وأنت معترف لي بالاخوة فضلاً والعبد يذنب والمولى يعفو ويغفر وقد قال الشاعر
يا ذا الذي يغضب في غير شيّ
…
اعتب فعتباك حبيب إليّ
أنت على أنك لي ظالم
…
أعز خلق الله طرّاً عليّ
فلما وقف المتقي على الرقعة هبت عليه منها رياح الأريحية فعطفت منه عواطف النفس الأبية ومضى إليه راضياً وأكب عليه باكياً وانحسمت بينهما مواد الهجر بقبول صادق العذر وازيل مصون الحقد وانتظم بانتظام الشمل انتظام العقد وقع ذو الرياستين الفضل بن سهل إلى طاهر بن الحسين والله يا نصف انسان لئن أمرت لانفذن ولئن أنفذت لابرمن ولئن أبرمت لا تلفن فأجابه طاهر إنما أنا أعزك الله كالأمة السوداء إن حمل عليها دمدمت وإن رفه عنها أمسكت وإن عوقبت فبما وجب عليها وإن عفى عنها فبالاحسان إليها فعفا عنه وما الطف ما كتب به بعض الفضلاء إلى أخيه يستعطفه أنت سليل نبوة وشقيق أخوة أصلها من سوحة وفرعها من دوحة فنحن لذة أوان ونشوان زمان ورضيعا لبان وركيضا أمومة وغصنا جرثومة درجاً من وكر ومهداً في حجر فكيف توقظ عين الدهر وتبسط يد الهجر وتنبه غافي الرقاد والحسود لنا بمرصاد وكتب آخر إلى صديق يستعطفه أصفيت لك ودي وأكديت لك عقدي ومنحتك اخائي ولم أمزق لك صفائي فقرب الاخاء بالود أنقع للغله
وأنفع للعله وأسكن للروعة وأشفى للوعة وأطفأ للحرقة وآنس للفرقة وقال أعرابي لأمير نقم عليه هذا مقام من لا يتكل على المعذرة بل يعتمد منك على المغفرة وقال آخر لان يحسن في العفو وقد أسأنا في الذنب أولى من أن يسئ بالعقوبة وقد أحسنا في الاعتذار واعتذر آخر فقال لذت بعفوك واستجرت بصفحك فأذقني حلاوة الرضا وأجرني من مرارة السخط فيما مضى وكتب آخر لكل ذنب عفو وعقوبة فذنوب الخاصة مستورة وسيآتهم مغفورة وذنب مثلي من العامة لا يغفر وكسره لا يجبر وإن كان ولا بد من العقوبة فعاقبني باعراض لا يؤدي إلى ابعاد ولا يفضي في الصفح إلى ميعاد ولان تحسنوا وقد أسانا خير من أن تسيؤا وقد أحسنا فإن كان الاحسان منا فما أحقكم بمكافأته وإن كان منكم فما أحقكم باستتمامه أبيات في المعنى
أقل ذا الودّ عثرته وقفه
…
على سنن الطريق المستقيمه
ولا تسرع بمعتبة إليه
…
فقد يهفو وبيته سليمه
آخر
أسأت ولم أحسن وجئتك هارباً
…
وأين لعبد من مواليه مهرب
يؤمل غفراناً فإن خاب ظنه
…
فما أحد منه على الأرض أخيب
آخر
إن كان ذنبي قد أحاط بزلتي
…
فأحط بذنبي عفوك المأمولا
فلقد رجوتك في الذي لا يرتجى
…
في مثله أحد فنلت السولا
وضللت عنك فلم يكن لي مذهب
…
فوجدت حلمك لي عليك دليلا
آخر
يا من أسأت وبالاحسان قابلني
…
وجوده لجميع الناس مبذول
قد جاء عبدك يا مولاي معتذراً
…
وأنت للعفو مرجوّ ومأمول
آخر
إنّ الكرام إذا ما استعطفوا عطفوا
…
والحرّ يغضي ويهفو وهو معترف
والعفو بعد اقتدار فعله كرم
…
والهجر بعد اعتداء فعله شرف
عاقب بما شئت غير الهجر أرض به
…
فالهجر فيه لاحزان الفتى تلف
آخر
هبني أسأت فأين الفضل والكرم
…
إذ قادني نحوك الاذعان والندم
يا خير من مدّت الأيدي إليه أما
…
ترثى لشيخ نعاه عندك الهرم
بالغت في السخط فاصفح صفح مقتدر
…
إنّ الملوك إذا ما استرحموا رحموا
الخيزراني
نحن قوم نرى فراقك عيباً
…
ونرى القرب منك حتماً وفرضا
أنت إن كنت قد غضبت جعلنا
…
لك حرّ الوجوه أرضاً لترضى
آخر
ليالي صدودك ليست تضي
…
وعمر تجنيك ما ينقضي
وما يألف القلب يا سيدي
…
سوى ما تحب وما ترتضي
آخر
ما أحسن العفو من القادر
…
لا سيما من قادر قاهر
إن كان لي ذنب ولا ذنب لي
…
فماله غيرك من غافر
بحرمة الودّ الذي بيننا
…
لا تفسد الأوّل بالآخر
آخر
أسأت إليك ثم أسأت عوداً
…
فأين عوائد الصفح الجميل
وأين الصفو من مولى عزيز
…
يجود به على عبد ذليل
آخر
إن كنت عبداً مذنباً
…
فاعطف عليّ بحسن رأيك
أو كنت لست بمذنب
…
فدع التمادي في جفائك
بعض العرب
فمهلاً أبيت اللعن لا تخزيننا
…
بذنب امرئ أمسى من العلم معدما
فما العبد بالعبد الذي ليس مذنبا
…
وما الرب بالرب الذي ليس منعما
آخر
وما قابلت سخطك باعتذار
…
ولكني أقول كما تقول
سأطرق باب عفوك باعتراف
…
ويحكم بيننا الخلق الجميل
آخر
هبني كما زعم الواشون لارحموا
…
أني أسأت وزلت مني القدم
وهبك جار على ذا العهد في جرم
…
لم أجنه ضاق منك العفو والكرم
ما أنصفتني في حكم الهوى أذن
…
تصغي للومى وعن عذري بها صمم
آخر
أخلاقك الغر السجايا مالها
…
حملت رديّ العنف وهي سلاف
والبشر في مرآة وجهك ماله
…
يخفى وأنت الجوهر الشفاف
آخر
ليت شعري وقد تمادى بك الهج
…
ر أمنك الجفاء أم كان مني
فلئن جئته فعنك عفا
…
الله وإن كنت جئته فاعف عني