المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خوف التعيير بالإملاق - غرر الخصائص الواضحة

[الوطواط]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث في العقل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع في الحمق وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس في الفصاحة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس في العي وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السابع في الذكاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثامن في التغفل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب التاسع في السخاء وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الأول

- ‌الباب العاشر في البخل وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الحادي عشر في الشجاعة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثاني عشر في الجبن وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الثالث عشر في العفو وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الرابع عشر في الانتقام وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب الخامس عشر في الاخوة وفيه ثلاثة فصول

- ‌الباب السادس عشر في العزلة وفيه ثلاثة فصول

- ‌في الكرم

- ‌في وصف الأخلاق الحسان

- ‌المتخلقة بها نفوس الأعيان

- ‌وعلى ذكر الحجاب وإن لم يكن من الباب

- ‌وصف أخلاق أهل الوفاق

- ‌عيون من مكارم الأخلاق الدالة على طيب الأعراق

- ‌من روائع عادات السادات ووشائع سادات العادات

- ‌جوامع ممادح الأخلاق والشيم

- ‌المتحلية بها ذوو الأصالة والكرم

- ‌الأسباب المانعة من السيادة سبعة

- ‌شرح ما ذكر من الأمثال الواقعة في هذا المثال

- ‌الفصل الثاني من الباب الأول

- ‌في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر

- ‌فمن مآثر ذوي الكرم في النجار

- ‌الذب عن النزيل وحفظ الجار

- ‌من صنيع من زكت في الكرم أرومه

- ‌صون المضيم بنفسه من عدو يرومه

- ‌من أمتن أسباب الحسب والديانة وفاء العهد وأداء الأمانة

- ‌من أحاسن فعلات الأشراف الاتصاف بالعدل والإنصاف

- ‌ومما اتفق على مدحه الأوائل والأواخر تواضع من حاز الفضائل والمفاخر

- ‌مما يدل على شرف الأبوة إلزام النفس بأنواع المروة

- ‌الفصل الثالث من الباب الأول

- ‌في ذم التخلق بالإحسان

- ‌إذا لم يوافق القلب اللسان

- ‌ومما يلحق بهذا أنّ عمل الرياء سالب عن صاحبه جلباب الحياء

- ‌الباب الثاني

- ‌في اللؤم

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم من ليس له خلاق

- ‌وما اتصف به من الأخلاق

- ‌من مساوئ أخلاقهم الذميمة

- ‌نقل الأقدام بالسعاية والنميمة

- ‌الفصل الثاني من الباب الثاني

- ‌في ذكر الفعل والصنيع

- ‌الدالين على لؤم الوضيع

- ‌من الصنيع الدال على لؤم الأصول

- ‌من كان بسيف جوره على العباد يصول

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني

- ‌في أنّ من تخلق باللؤم انتفع

- ‌الباب الثالث

- ‌في العقل

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح العقل وفضله

- ‌شوارد مجموعة في احتياج ذوي العقل والحلم

- ‌إلى اكتساب فضيلتي الأدب والعلم

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث

- ‌في ذكر الفعل الرشيد

- ‌العاقل من شغله عيبه عن عيب من سواه

- ‌ولم يطع في جواب السفيه أمير هواه

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث

- ‌في هفوات العقال

- ‌الباب الرابع

- ‌في الحمق

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع

- ‌في ذكر النوادر

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع

- ‌في احتجاج الأريب المتحامق

- ‌ومن احتجاج من أطلق نفسه من عقال العقل

- ‌وألقى عصاه عامداً في بيداء الجهل

- ‌من أحاسن أقوالهم في أنّ العقل طريق إلى العنا

- ‌وسدّ يمنع صاحبه من الوصول للغنى

- ‌مما ذكر إنّ الحظ أجدى لصاحب الحجا

- ‌الباب الخامس

- ‌في الفصاحة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر

- ‌ولأبي إسحق الصابي في الوزير أبي محمد المهلبي رحمه الله تعالى

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس

- ‌في يتحلى به ألباب الأدباء

- ‌ولنذكر من كلام الخطباء ذوي البراعة واللسن ما كان ذا لفظ بديع

- ‌ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الخطب التي حكمت فصاحتها بالعي لقس

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس

- ‌في إنّ معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب

- ‌وربما أعدت حرفة الأدب أهل الوراقة

- ‌الباب السادس

- ‌في العي

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌فيما ورد عن ذوي النباهة في ذم العي والفهاهة

- ‌لبعضهم فيمن يلثغ بالراء

- ‌قد يكون البليغ عيياً عند سؤال مطلوبه

- ‌ولبعض الصوفية

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس

- ‌في ذكر من قصر باع لسانه عن ترجمة ما في جنانه

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس

- ‌في أنّ اللسن المكثار لا يأمن آفة الزلل والعثار

- ‌احتجاج من أمسك عن الكلام من غير خرس

- ‌الباب السابع

- ‌في الذكاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الفطن والاذهان

- ‌المعظمة من قدر المهان

- ‌وعلى أثر قبح الصورة يقول بعض الشعراء في جحظة

- ‌وأكثر ما يوجد الذكاء المفرط عند العميان

- ‌من اخترع من الأوائل حكمة بثاقب فكره

- ‌الفصل الثاني من الباب السابع

- ‌في ذكر بداهة الأذكياء البديعة

- ‌وأجوبتهم المفحمة السريعة

- ‌الفصل الثالث من الباب السابع

- ‌فيمن سبق بذكائه وفطنته إلى ورود حياض منيته

- ‌منهم من ارتقى بادعائه النبوة مرتقى صعبا

- ‌الباب الثامن

- ‌في التغفل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم البلادة والتغفل من ذوي التعالي والتنزل

- ‌وقد اخترت من مدام المتغفلين مما حسن وراق

- ‌الفصل الثاني من الباب الثامن

- ‌فيمن تأخرت منه المعرفة

- ‌ونوادر أخبارهم المستظرفة

- ‌الفصل الثالث من الباب الثامن

- ‌في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله

- ‌الباب التاسع

- ‌في السخاء

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أن التبرع بالنائل من أشرف الخلال والشمائل

- ‌ذكر الأجواد المعروفين ببذل الأموال

- ‌النوع الثاني

- ‌الفصل الثاني من الباب التاسع

- ‌في منح الأماجد الأجواد

- ‌وملح الوافدين والقصاد

- ‌ذكر من تبجح بذكر المعروف الذي أسدى إليه

- ‌الفصل الثالث من الباب التاسع

- ‌في ذم السرف والتبذير

- ‌إذ فلهما من سوء التدبير

- ‌الباب العاشر

- ‌في البخل

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الإمساك والشح

- ‌وما فيهما من الشين والقبح

- ‌الفصل الثاني من الباب العاشر

- ‌في ذكر نوادر المبخلين

- ‌من الأراذل والمبجلين

- ‌من صان درهمه ولم يسمح به للعطاء

- ‌الفصل الثالث من الباب العاشر

- ‌في مدح القصد في الإنفاق

- ‌خوف التعيير بالإملاق

- ‌الباب الحادي عشر

- ‌في الشجاعة

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح الشجاعة والبسالة

- ‌وما فيها من الرفعة والجلالة

- ‌الفصل الثاني من الباب الحادي عشر

- ‌في ذكر ما وقع في الحروب

- ‌من شدائد الأزمات والكروب

- ‌يوم كربلاء

- ‌يوم الحرة

- ‌وصف النزال والقتلى

- ‌الفصل الثالث من الباب الحادي عشر

- ‌في ذم التصدي للهلكة

- ‌ممن لا يستطيع بها ملكة

- ‌الباب الثاني عشر

- ‌في الجبن

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في أنّ خلتي الجبن والفرار مما يشين بني الأحرار

- ‌الفصل الثاني من البال الثاني عشر

- ‌في ذكر من جبن عند اللقاء

- ‌خوف الموت ورجاء البقاء

- ‌الفصل الثالث من الباب الثاني عشر

- ‌فيمن ليم على الفرار والإحجام

- ‌فاعتذر بما ينفي عنه الملام

- ‌الباب الثالث عشر

- ‌في العفو

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح من اتصف بالعفو

- ‌عن الذنب المتعمد والسهو

- ‌الفصل الثاني من الباب الثالث عشر

- ‌فيمن حلم عند الاقتدار

- ‌وقبل من المسئ الاعتذار

- ‌ولنعقب هذا الفصل من لطيف الاعتذار

- ‌الفصل الثالث من الباب الثالث عشر

- ‌في ذم العفو عمن أساء

- ‌وانتهك حرمات الرؤساء

- ‌الباب الرابع عشر

- ‌في الانتقام

- ‌وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في التشفي والانتقا

- ‌ممن أحضر قسراً في المقام

- ‌ما اخترناه من كلام الحكماء وأقوال الكرام الأماجد

- ‌الفصل الثاني من الباب الرابع عشر

- ‌في ذكر من ظفر فعاقب

- ‌بأشدّ العقوبة ومن راقب

- ‌الفصل الثالث من الباب الرابع عشر

- ‌في أن الانتقام بحدود الله خير فعلات من حكمه الله وولاه

- ‌ما الدية فيه كاملة من جوارح الانسان وحواسه

- ‌ما تختص به المرأة دون الرجل

- ‌الباب الخامس عشر

- ‌في الاخوة

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في مدح اتخاذ الاخوان

- ‌فإنهم العدد والأعوان

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس عشر

- ‌فيما يدين به أهل المحبة

- ‌من شرائع العوائد المستحبة

- ‌ومما يثني عطف الصديق إلى التألف

- ‌اعتذار من لم يهد شيأً

- ‌الفصل الثالث من الباب الخامس عشر

- ‌في ذم الثقيل والبغيض

- ‌بما استحسن من النثر والقريض

- ‌الباب السادس عشر

- ‌في العزلة

- ‌فيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأول من هذا الباب

- ‌في ذم الاستئناس بالناس

- ‌لتلون الطباع وتنافي الأجناس

- ‌الفصل الثاني من الباب السادس عشر

- ‌فيما يحض على الاعتزال

- ‌من ذميم الخلائق والخلال

- ‌الفصل الثالث من الباب السادس عشر

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌فيما نختم به الكتاب من دعاء نرجو أن يسمع ويجاب

الفصل: ‌خوف التعيير بالإملاق

ولم أسمع بأظرف من قول القائل

ونديم رقيق حاشية الحي

لة صافي زجاجة الآداب

شغلته الرقاع منه إليه

داعياً نفسه إلى الأصحاب

آخر يصف طفيلياً

لو طبخت قدر بمطمورة

بالشأم أو أقصى جميع الثغور

وأنت بالصين لوافيتها

يا عالم الغيب بما في القدور

‌الفصل الثالث من الباب العاشر

‌في مدح القصد في الإنفاق

‌خوف التعيير بالإملاق

قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ناصحاً بالاشفاق وآمراً له بالقصد في الانفاق مثبتاً لكماله قواماً مشكوراً ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً فنهاه عن التقتير كما نهاه عن التبذير وقال تعالى مثنياً على المقتصدين بحسن تقديرهم اكراماً والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عال من اقتصد أي ما افتقر وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الله بحب القصد والتقدير ويكره السرف والتبذير وقال معاوية رضي الله عنه حسن التقدير نصف الكسب وهو قوام المعيشة وقال لولده كن مقدراً ولا تكن مقتراً وأوصى حكيم ولده فقال يا بني عليك بالتقدير بين الطرفين لا منع ولا اسراف ولا بخل ولا اتلاف لا تكن رطباً فتعصر ولا يابساً فتكسر وقالوا حسن التقدير رأس التدبير وقال ذو النون حسن التقدير مع الكفاف أكفى من الكثير مع الاسراف ويقال لا تسمح لولدك ولا لامرأتك ولا لغلامك وخادمك بما فوق الكفاية فان طاعتهم لك بقدر حاجتهم ليك

ص: 387

ومن هذا وهو لائق بالملوك ما حكى إن ابرويز قال لابنه لا توسعن على جندك فيشتغلوا عنك ولا تضيقن عليهم فيضجوا منك وأعطهم عطاء قصداً وأمنعهم منعاً جميلاً ووسع لهم في الرجاء ولا توسع عليهم في العطاء وفي وصيته لولده أي بني قول لا تدفع البلاء وقول نعم تزيل النعم وسماع الغناء برسام حاد لان الانسان إذا سمع الغناء شرب وإذا شرب طرب وإذا طرب وهب وإذا وهب عطب وإذا عطب اعتل ثم يموت من غم ذلك والدرهم محموم إن حركته مات والدينار محبوس إن أطلقته طار وكذب من قال اليمين تذر الديار بلاقع وإنما الاسراف يفعل ذلك والأصدقاء هم الأعداء لأنك إذا احتجت إليهم منعوك وإن احتاجوا إليك ومنعتهم سبوك وإذا لم يكن لك بد منهم فكن معهم كلاعب الشطرنج يحفظ ما معه ويحتال في أخذ ما مع غيره وسأل رجل زياد ابن سمية فأعطاه درهماً فقال صاحب العراقين أسأله فيعطيني درهماً فقال من بيده خزائن السموات والأرض ربما رزق أخص عباده عنده وأكرمهم لديه التمرة واللقمة وما يكبر عندي إن أصل رجلاً بمائة ألف درهم ولا يصغر عندي أن أعطي سائلاً رغيفاً إذا كان رب العالمين يفعل ذلك وقيل ينبغي للعاقل أن يكسب ببعض ماله المحمدة ويصون ببعضه وجهه عن المسئلة وقال الأصمعي سمعت بعض الأعراب يقول من اقتصد في الغنى والفقر فقد استعد لنوائب الدهر ويقال اقتصد في انفاق الدراهم فانها الجراح الفاقة مراهم وقالوا اسقاط الفضول في النفقة ربح بضاعة لا تمل فان الاسراف ربما كان سبباً في التقتير وقال الثعالبي من كثرت في دعوته نفقته أسلم ماله ونقصت مروأته وقال أفلاطون راس العقل الاقتصاد في الانفاق من غير بخل ومن الكلام البديع للبديع الهمذاني قوله مثل الاحسان في الانسان مثل الثمار في الأشجار فحقه إذا أتى بالحسنة أن يرفه إلى سنه وما أحسن ما قيل في المعنى

أنفق بمقدار ما استفدت ولا

تسرف وعش فيه عيش مقتصد

من كان فيما استفاد مقتصداً

لم يفتقر بعدها إلى أحد

ص: 388

آخر

كن بما أوتيته مغتبطاً

تستدم عيش القنوع المكتفي

إن في نيل المنى وشك الردى

واجتناب القصد عين السرف

كسراج دهنه قوت له

فإذا غرّقته فيه طفى

ما قيل إنّ في صلاح الأموال صلاح ما فسد من الأحوال

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقل مع الاصلاح شيء كما لا يكثر مع الافساد شيء ويقال من الفساد اضاعة الزاد المتلمس

لحفظ المال خير من فناه

وسير في البلاد بغير زاد

قليل المال تصلحه فيبقى

ولا يبقى الكثير مع الفساد

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصلحوا أموالكم التي رزقكم الله فان اقلالا في رفق خير من اكثار في خرق وقالوا إن في صلاح الأموال سلامة الدين وجمال الوجه وبقاء العز وصون العرض وقالوا أصلح مالك تجده لروعة الزمان وجفوه السلطان ونبوة الاخوان ودفع الأحزان وكتب عتبة بن أبي سفيان إلى وكيله يعاهده صغير مالي يكبر ولا يخف كبيره فيصغر فإنه ليس يشتغلني كثير مالي عن اصلاح قليله ولا يمنعني قليله عن كثير ما ينوبني وقال أحيحة بن الحلاج أصلحوا أموالكم فانكم لا تزالون ذوي مروات ما استغنيتم عن عشيرتكم وقال شبيب بن شيبة لبنيه إن كنتم تحبون المروأة والفتوة فأصلحوا أموالكم وقال معاوية اصلاحك ما في يدك أسلم من طلبك ما في أيدي الناس وقال عبد الله بن عباس اطلبوا الغنى باصلاح ما في أيديكم فان الفقر مجمع العيوب وقال البستي

اشفق على الفضة والعين

تسلم من القلة والدين

فقوة العين بانسانها

وقوة الانسان بالعين

ص: 389

احتجاج من خمدت يده عن النوال

خوف التعيير بالفقر وذل السؤال

قال أبو حنيفة لا خير فيمن لا يحفظ ماله ليصون به عرضه ويصل به رحمه ويستغنى به عن لئام الناس وقال الأصمعي لامت أعرابية أباً لها على اتلاف ماله فقال يا أبت حبس المال يمنع العيال من بذل الوجه للسؤال أسرفت في النوال وكثرة النحال امسك فقد أتلفت الطارف والتلاد وبقيت ترقب ما في أيدي العباد يا أبت من لم يحفظ ما ينفعه يوشك أن يقع بالفقر فيما يضره وقال عبد الله بن المعتز

أعاذل ليس البخل مني سجية

ولكن وجدت الفقر شر سبيل

لموت الفتى خير من البخل للفتى

وللبخل خير من سؤال بخيل

وقال سفيان الثوري لان أخلف عشرة آلاف درهم أحاسب عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس وكان داود بن علي يقول لابن يترك الرجل ماله بعده لاعدائه خير من الحاجة في حياته لأوليائه وقال يعقوب الكندي من جاد بماله فقد جاد بنفسه لأنه جاد بما لا قوام لها إلا به وقال الشاعر

يا رب جود جر فقر امرئ

فقام للناس مقام الذليل

فاشدد عرى مالك واستبقه

فالموت خير من سؤال البخيل

آخر

الموت خير للفتى

من أن يعيش بغير مال

والموت خير للكريم

من التضرّع والسؤال

وقال أبو الأسود الدؤلي لو لم نبخل على السؤال بما يسالونا لكنا اسوأ حالاً منهم وقالوا ختم المال حتم وليم مروان بن أبي حفصة على الامساك فأنشد

ص: 390

يقيم الرجال الموسرون بأرضهم

وترمى النوى بالمقترين المراميا

وما فارقوا أوطانهم عن ملالة

ولكن حذاراً من شمات الأعاديا

ومن قولهم في أن الفقر والاقلال

مقرونان بالدحر والاذلال

قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه الفقر داء لا دواء له من كتمه قتله ومن أذاعه فضحه وقال أيضاً رضي الله عنه مارست كل شيء فغلبته ومارسني الفقر فغلبني إن سترته أهلكني وإن أذعته فضحني وقال لولده محمد بن الحنفية يا بني إني أخاف الفقر فإنه منقصة للدين مذهبة للعقل داعية للمقت وقالوا الفاقة هي الموت الأصغر لا بل هي الموت الأكبر وذكر إن السفاح لما ضرب أعناق بني أمية قام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين هذا والله جهد البلاء فقال مه لا أم لك ما هذا وشرطة حجام الاسواء ولكن جهد البلاء فقر مذقع بعد غنى موسع وقال ابن دأب لقيت رجلاً كنت أعرفه حسن الحال ومن أصحاب الأموال في حالة ردية كأنما أصابته رزية فسلم علي فقلت له ما الذي غير حالك وأذهب مالك فقال تنقل الزمان وكر الحدثان فآثرت الضرب في البلدان والبعد عن الأوطان ومفارقة المعارف والاخوان وعملت بقول الشاعر

سأعمل نصب العيس حتى يكفني

غنى المال يوماً أو غنى الحدان

فللموت خير من حياة يرى بها

على الحر ذي الاقلال وسم هوان

متى يتكلم بلغ حكم كلامه

وإن يقل قالوا عديم بيان

وقوله هذا ينظر إلى قولهم فيما ضربوه من الأمثال مناقب الموسر مثالب المعسر وذلك أنه إذا كان جواداً قالوا مبذر وإن كان لسناً قالوا مهدار وإن كان ذكياً قالوا بليد وإن كان شجاعاً قالوا أهوج وإن كان صموتاً قالوا عيي وإن كان وقوراً قالوا متكبر ومن نزل به الفقر لم يجد بداً من ترك الحياء ومن ذهب حياؤه ذهبت مروأته ومن ذهبت مروأته مقت ومن مقت أوذى ومن أوذى حزن ومن حزن ذهب عقله ومن أصيب بهذا كله كان كلامه كلا عليه لا له

ص: 391

شاعر

لما رأيت اخلائي وخالصتي

الكل منقبض عني ومحتسم

أبد واجفاء واعراضاً فقلت لهم

أذنبت ذنباً فقالوا ذنبك العدم

آخر

يغطي عيوب المرء كثرة ماله

يصدّق فيما قال وهو كذوب

ويزري بعقل المرء قلة ماله

يحمقه الأقوام وهو لبيب

آخر

أنطقتك الثياب لا الآداب

وطوتني عن الكلام الثياب

والصواب الذي أقول خطأ

والخطأ الذي تقول الصواب

وقالوا من حسن حاله استحسن قاله وقالوا الفقر يخرس الفطن عن حجته ويجعله غريباً في بلدته وقالوا إذا افتقر الرجل اتهمه من كان يأتمنه وأساء به الظن من كان يحسنه فإذا أذنب غيره نسب إليه ومن كان له صار عليه وقال إبراهيم بن محمد بن المدبر جهدت جهدي أن أنظر إلى الفقير بالعين التي أنظر بها لغني فلم يتهيأ لي ذلك وقال الشاعر

يغدو الفقير وكل شيء ضدّه

والأرض تغلق دونه أبوابها

وتراه ممقوتاً وليس بمذنب

ويرى العداوة لا يرى أسبابها

حتى الكلاب إذا رأت ذا بزة

أصغت إليه وحركت أذنابها

وإذا رأت يوماً فقيراً عارياً

نبحت عليه وكشرت أنيابها

وقالوا ما أطيب الافاقة من سم الفاقة وقال عبد الملك بن صالح الفقر جند الله الأكبر يذل به من طغى وتجبر ويقال رب حسب دفنه الفقر

ص: 392

شاعر

الفقير يزري بأقوام ذوي حسب

وقد يسوّد غير السيد المال

وقال بعضهم الفقير كميت في بيت لا يملك غير الجلدة بردة ولا يلتقي لحياه إلا برعدة شاعر

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا

وأقبح القل والافلاس بالرجل

آخر

لبست صروف الدهر كهلاً وناشياً

وجربت حاليه على العسر واليسر

فلم أر بعد الدين خير من الغنى

ولم أر بعد الكفر شراً من الفقر

آخر

رزقت لباً ولم أرزق مروأته

وما المروأة إلا كثرة المال

إذا أردت مساماة تقيدني

عما ينوه باسمي رقة الحال

آخر

كفى حزناً أنّ الغنى متعذر

عليّ وأني بالمكارم مغرم

وما قصرت بي في المطالب همة

ولكنني أسعى إليها فأحرم

آخر

كفى حزناً إني أروح وأغتدي

ومالي من مال أصون به عرضي

وأكثر ما ألقي صديقي بمرحبا

وذلك لا يكفي الصديق ولا يرضي

ص: 393

آخر

أرى نفسي تتوق إلى أمور

يقصر دون مبلغهن مالي

فنفسي لا تطاوعني لبخل

ولا مالي يبلغني فعالي

آخر

إذا قل مال المرء قل صديقه

ولم يحل في عين الصديق لقاؤه

وأصبح لا يدري وإن كان حازماً

أقدّامه خير له أم وراؤه

فإن مات لم يفقد ولم يحزنوا له

وإن عاش لم يفرح به أولياؤه

قيس بن عاصم

يسوّد هذا المال غير مسود

ويحرمه ليث فيصبح ثعلبا

وأول ما يجفو الفقير لفقره

بنوه ولم يرضوه في فقره أبا

كأنّ فقير القوم في الناس مذنب

وإن لم يكن من قبل ذلك أذنبا

آخر

لعمرك إن الغنى يجعل الفتى

سرياً وإنّ الفقر بالمرء قد يزري

ولا رفع النفس الدنيئة كالغنى

ولا وضع النفس النفيسة كالفقر

آخر

ألم تر أنّ المرء يزداد عزة

على أهله أن يعلموا إنه مثري

وينحط منه القدر إن كان معدما

وأصبح لا يرجى لنفع ولا ضر

ص: 394

آخر

أرى ذا الغنى في الناس يسعون حوله

وإن قال قولاً تابعوه وصدّقوا

فذلك دأب الناس ما دام ذا غنى

وإن مال عنه المال يوماً تفرقوا

ومن المنظوم في سلك الرشاقة ما قيل في التشكي من ضرر الاقلال والفاقة مجد العرب العامري

هجرت للعدم كل خل

وصرت للانقباض خدنا

فلا أهني ولا أعزي

ولا أعزي ولا أهنا

ابن الخياط الدمشقي

لم يبق عندي ما يباع بحبة

وكفاك شاهد منظري عن مخبري

إلا بقية ماء وجه صنتها

عن أن تباع وأين أين المشتري

آخر

قعدت عن الاخوان من غير ما قلى

وكان صواباً ما أتيت على عمد

وجهد الفتى أن يستر البيت حاله

إذا لم يجد حراً يعين على الجهد

آخر

الحمد لله ليس لي نشب

قد خف ظهري وقل زواري

من نظرت عينه إليّ فقد

أحاط علماً بما قد حوت داري

ص: 395

آخر

أنا في حال تعالى الله

ما أعظم حالي

ليس لي شيء إذا قي

ل لمن ذا قلت ذا لي

ولقد أفلست حتى

حل أكلي لعيالي

من رأى شيأً محالاً

فأنا عين المحال

فبلاد الله أرضى

والسموات ظلالي

لو يكن في الناس حر

لم أكن في مثل حالي

آخر

جاء الشتاء وليس عندي درهم

وبدون ذلك قد يصاب المسلم

وتقطع الناس الجباب وغيرها

وكأنني بأزاء مكة محرم

آخر

طشتي الأرض ومنديلي الهوا

وعلى الخبز من الجوع احتلامي

هل سمعتم أو رأيتم أحداً

أكل الخبز سواي في المنام

آخر

خلق المال واليسار لقوم

وأراني خصصت بالاملاق

أنا فيما أرى بقية قوم

خلقوا بعد قسمة الأرزاق

آخر

إذا جزت يوماً بالسويق يمسني

لقلة نقدي ذلة وخضوع

فلا قائل للمشتري كيف تشتري

ولا سائل البياع كيف تبيع

آخر

الحمد لله ليس لي فرس

ولا على باب منزلي حرس

ص: 396

ولا غلام إذا هتفت به

بادر نحوي كأنه قبس

ابني غلامي وزوجتي أمتي

ملكتها بالملاك والعرس

غنيت بالياس واعتصمت به

عن كل قرد بوجهه عبس

فما يراني ببابه أبداً

طلق المحيا سمح ولا شرس

وما أحسن قول أبي العير الهاشمي

ولقد أبان عن شرف وعلو همة

فصار بما قال في الناس أمة

قنعت نفسي بما رزقت

وتمطت في العلا هممي

ولبست الصبر سابغة

هي من قرني إلى قدمي

فإذا ما الدهر عاتبني

لم يجدني كافر النعم

لا أقول الله يظلمني

كيف أشكو غير متهم

وواجب اتباع هذا الفصل بمدح المال

إذ به يدرك ما شسع من الآمال

قالوا اليسار علاء والاقتاء بلاء وقالوا الغني سني كبير والفقير دني حقير ويقال قيمة كل امرئ ما معه شاعر

ولا يساوي درهماً واحداً

من لم يكن في كفه درهم

وقالوا المرء بدرهميه لا بأصغريه نظمه بعض الشعراء فقال

قد قال قوم بغير علم

ما المرء إلا بأصغريه

وقلت قول امرئ عليم

ما المرء إلا بدرهميه

وقال بعضهم لولده ليكن معك من العين ما تقربه العين وقالوا المال معشوق الورى فمن عدمه نبذ بالعراء منفصم العرى وقيل للحسن ما بال الناس يكرمون صاحب المال قال لان عنده معشوقهم فإليه القلوب تمال وقالوا المال يستعبد الأحرار ويذل الأشرار وقال آخر بقدر ما تعطى من المال تعطى

ص: 397

من الاجلال سمع قيس بن عبادة يقول في دعائه اللهم ارزقني حمداً ومجداً فإنه لا حمد إلا بفعال ولا مجد إلا بمال اللهم إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه أشار في هذا إلى قول الشاعر

ولا مجد في الدنيا لمن قل ماله

ولا مال في الدنيا لمن قل مجده

عوتب ابن أبي ليلى في تعظيم موسر فقال إن تعظيم ذوي المال سر جعله الله في القلوب لا يستطاع رده شاعر

يعير الغنى ثوب المكارم للفتى

وإن كان من ثوب المكارم عاريا

ومر موسر بالشعبي فتزحزح له فقيل له في ذلك فقال رأيت ذا المال مهيبا شاعر

إني وجدت الغنى زيناً لصاحبه

في أهله وفقير القوم محقور

إنّ المقلين لا تنسى ذنوبهم

وذنب ذي المال عند الناس مغفور

وقال معاوية إن الشرف والسودد لينتقلان مع الغنى كما ينتقل الظل شاعر

الناس ما استغنيت كنت صديقهم

وإذا افتقرت إليهم فهم العدى

ذو المال عندهم يسود بماله

ويزول سودده إذا فقد الغنى

آخر

كم من لئيم الجدود سوده ال

مال أبوه وأمه الورق

وكم كريم الجدود ليس له

عيب سوى أنّ ثوبه خلق

آخر

إذا كنت ذا ثروة من غنى

فأنت المسوّد في العالم

وحسبك من نسب صورة

تخبرانك من آدم

ص: 398

وقال عبد الرحمن بن عوف حبذا المال أصون به عرضي وأصل به رحمي وأتقرب به إلى ربي وأبر به صديقي وأكمد به عدوي وأفضل به على عشيرتي وقال الثعالبي من كان كيسه صفراً من البيض والصفر فليبشر بجفاء الدهر وانقطاع الظهر وكان محمد بن الجهم يقول من وهب ماله في عمله فهو أحمق ومن وهبه بعد العزل فهو مجنون ومن وهبه من ارثه فهو جاهل ومن وهبه من ملكه فهو مخذول ومن وهبه من كسبه وما استفاده من كده بحيلة فهو المطبوع على قلبه المأخوذ بسمعه وبصره وقال من عهده بالافلاس تقادم محل المال من المنزل محل الشمس في العالم وقال بعض عقلاء الفرس من زعم أنه لا يحب المال فهو عندي كاذب حتى يثبت صدقه فإذا ثبت صدقه فهو عندي أحمق وقال عمرو بن العاص لمعاوية ما أشد حبك للمال فقال كيف لا أحبه وقد استعبدت به مثلك واشتريت به مروأتك ودينك وقال الحسن بن المنذر وددت أن لي مثل أحد ذهباً لا أنتفع بشيء منه قيل له فما ترجو بذلك قال أريده لكثرة من يخدمني عليه ويجلني لأجله وقالوا المال يجمع الشمل ويستر الأهل ويزيد في العقل وقالوا من استغنى عن الناس عظموه ووقروه ومن احتاج إليهم ازدروه واحتقروه وقيل لبعض الحكماء أيما أفضل الأدب أو المال قال الأدب قيل له فما بال الأدباء يأتون أبواب الأغنياء ولا تأتي الأغنياء أبواب الأدباء قال ذلك لعلم الأدباء بمقدار فضل المال وجهل الأغنياء بمقدار فضل الأدب شاعر

أصون دراهمي وأذب عنها

لعمري إنها درعي وترسي

وأخبؤها إلى أعدى الأعادي

من الوراث حتى أبناء جنسي

ولا سؤلي إلى رجل لئيم

ليقرض درهماً نقداً بخمس

فيعرض وجهه ويصدّعني

فتبقى مثل نفس الكلب نفسي

فيا ذل الرجال بغير مال

ولو جاؤا بنسبة آل عبس

ابن الرومي

لا تلم المرء على بخله

ولمه إن زاد على بذله

حق على كل امرئ حازم

يحفظ ما يكرم من أجله

ص: 399

ولقد أحسن القائد وأجاد

من كان يملك درهمين تعلمت

شفتاه أنواع الكلام فقالا

وتقدّم الاخوان فاستمعوا له

ورأيته بين الورى مختالا

لولا دراهمه التي في كيسه

لرأيته أسوا البرية حالا

إن الغنيّ إذا تكلم بالخطا

قالوا صدقت وما نطقت محالا

وإذا الفقير أصاب قالوا كلهم

أخطأت يا هذا وقلت ضلالا

إنّ الدراهم في المواطن كلها

تكسو الرجال مهابة وجلالا

فهي اللسان لمن أراد فصاحة

وهي السنان لمن أراد قتالا

والمعين على طلب البغية من المال

طلب المعيشة في الأيام والليال

قال بعضهم

لا ترهبنّ الهول خوف منية

واقذف بنفسك في طلاب الدرهم

ودع المخاوف والمتالف إنها

نفس مؤقتة ورزق يقسم

آخر

فجب عرض البلاد فلست تدري

غناك بأيّ آفاق البلاد

ولا تقعد على ظما وفقر

فذو الأقتار ممنوع الرقاد

آخر

سأضرب في الآفاق التمس الغنى

وأرمي بنفسي في بحور المطالب

فإن أعط مسروراً فداك وإن أخب

فعلمي بأني لست أوّل خائب

آخر

إذا المرء لم يطلب معاشاً لنفسه

شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا

وصار على الأهلين كلا وأوشكت

صلات ذوي القربى بأن تتكسرا

ص: 400

فسر في بلاد الله والتمس الغنى

تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا

ولا ترض من عيش بدون ولا تنم

وكيف ينام الليل من كان معسرا

آخر

لا يمنعنك نفيس العيش تطلبه

نزوع نفس إلى أهل وأوطان

تلقى بكل بلاد إذ حللت بها

أهلاً بأهل واخواناً باخوان

آخر

وما طلب المعيشة بالتمني

ولكن ألق دلوك في الدلاء

تجئ بملئها يوماً ويوما

تجئ بحمأة وقليل ماء

آخر

ومن كان مثلي ذا عيال مقترا

من المال يطرح نفسه كل مطرح

ليبلغ عذراً أو ينال غنيمة

ومبلع نفس قصدها مثل منجح

آخر

العز تحت ظلال السيف معدنه

فاطلب بسيفك عزاً آخر الأبد

لا ترض بالدون من دنيا بليت بها

قد ذل من كان محتاجاً إلى أحد

آخر

خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة

إنّ الجلوس مع العيال قبيح

فالمال فيه مجلة ومهابة

والفقر فيه مذلة وفضوح

ص: 401

آخر

أشدّ من فاقة الزمان

مقام حر على هوان

فاسترزق الله واستعنه

فإنه خير مستعان

وإن نبا منزل بحرّ

فمن مكان إلى مكان

وقال فتى من قيس لغلام له

اقذف السرج على المه

ر وقرّطه اللجاما

ثم صب الدرع في رأ

سي وناولني الحساما

فمتى أطلب إن لم

أطلب الرزق غلاما

سأجوب الأرض أبغي

هـ حلالاً أو حراما

فلعل الظعن يبقى ال

فقر أو يدني الحماما

آخر

ألا خلني أمضي لشأني ولا أكن

على الأهل كلا إنّ ذاك شديد

أرى السير في البلدان يغني معاشراً

ولم أر من يجدي عليه قعود

آخر

وقبيح مقام ذي الهمة الحر

بأرض مرعاه فيها جديب

لا عدوّا أنكى ولا النفس أغنى

وهو راض بها أكول شروب

وتراه يجوب في طلب الما

ل سهوبا وخلفهن شهوب

خلبا قلبا إذا ملّ أرضا

جدّ منها إلى سواها ركوب

ليس في فوت ما يحاوله الطا

لب من رزقه عليه عيوب

إنما العيب أن يرى ساقط اله

مة والرزق طالب مطلوب

ص: 402