الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحسن بالرقة فسألهم عما رموا به فأنكروه فأمر أن يحمل ما في بيت أبي القراقر من الأوراق فوجدوا خط الحسن وابن أبي عوانة يخاطبانه بالالهية فأمر الراضي ابن أبي عوانة أن يصفع ابن أبي القراقر فلما نهض لذلك أظهر رعشة في يده ودنا إلى رأسه فقبلها وقال استغفرك يا إلهي وخالقي ورازقي فقال الراضي لابن أبي القراقر أليس قد أنكرت ما نسب إليك من ادعائك الإلهية فقال والله ما أمرته بذلك فأمر الراضي بهما فصلبا حيين أياماً ثم قتلا وأحرقا وبعث إلى الحسن من قتله بالرقة وذلك في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة
منهم من ارتقى بادعائه النبوة مرتقى صعبا
فصير جسمه للطير مرعى وللهوام نهبا
أول من ارتكب هذا المحظور وامتطى فيه صهوة الغرور بعد ما نسخ نور صبح الرسالة ظلام ليل الضلالة مسيلمة وهو مسيلمة بن حبيب بن ثمامة بن أثال ابن حبيب بن حنيفة بن عجل وكان صاحب نيرنجيات وهو أول من أدخل البيضة في القارورة وسجاح وهي سجاح ابنة الحرث من بني يربوع تنبأت وزعمت إن الوحي يأتيها وتابعها كثير من العرب ورؤساء الجزيرة قال ابن أبي الزلازل في كتاب أنواع الأسجاع كان من حديث سجاح اليربوعية بنت سويد بن خلف بن أسامة بن العنبر بن يربوع إنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله عنه تنبأت سجاح وخرجت من تغلب فتبعها منهم ناس كثير ومن النمر بن قاسط واياد وسارت بهم إلى بلاد بني تميم فقالت الأمرة منكم والملك ملككم وقد بعثت نبية فقالوا لها مرينا بأمرك فقالت إن رب السحاب والتراب يأمركم أن توجهوا الركاب وتستعدوا للذهاب حتى تغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب فسارت بنو حنظلة إلى بني ضبة وهم من الرباب وسارت سجاح ومعها بنو تغلب والنمر واياد إلى حفير تميم ولما بلغها حديث مسيلمة بن ثمامة قالت لهم عليكم باليمامة زفوا زفيف حمامة فإنها دار ثمامة نلقي مسيلمة بن ثمامة فإن كان نبياً ففي النبي علامة وإن كان كذاباً فلقومه الندامة فإنها عبرة مدامة لا يلحقكم بعدها ملامة فخرجوا معها وتبعها عطارد بن حاجب وعمرو بن الأهتم والأقرع بن حابس وشبيب بن ربعي وغيرهم من سادات العرب حتى نزلوا بالصمان فلما بلغ مسيلمة مسيرها إليه بمن جاء معها خافها
وهابها وأهدى لها ثم أرسل إليها يستأمنها على نفسه فأمنته وأذنته في القدوم عليها فجاء إليها وافداً في أربعين من بني حنيفة وكانت راسخة في النصرانية فقال مسيلمة لأصحابه اضربوا لها قبة وجمروها لعلها تذكر الباه ففعلوا وأرصدوا حول القبة أناساً منهم للحراسة فلما دخلت عليه حدثته وحادثها وقالت ما أوحى إليك قال أوحى إلي ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشي قالت ثم ماذا قال أوحى إلي إن الله خلق النساء أفواجاً وجعل الرجال لهن أزواجاً فنولج فيهن غرا ميلنا ايلاجاً ثم نخرجها إذا شئنا اخراجاً فينتجن لنا سخاً لا نتاجاً قالت أشهد أنك نبي قال هل لك أن أتزوجك فأذل بقومي وقومك العرب قالت نعم فقال
الا قومي إلى النيك
…
فقد هيي لك المضجع
فإن شئت ففي البيت
…
وإن شئت ففي المخدع
وإن شئت سلقناك
…
وإن شئت على أربع
وإن شئت بثلثيه
…
وإن شئت به أجمع
قالت به أجمع فهو للشمل أجمع صلى الله عليك قال كذلك أوحى إلي فأقامت عنده قليلاً ثم انصرفت إلى قومها فقالوا لها ما عندك قالت وجدته على حق فتبعته وتزوجته قالوا فهل أصدقك شيأً قالت لا قالوا ارجعي إليه فقبيح بمثلك أن ينكح بغير صداق فرجعت إليه فلما رآها قال لها مالك قالت اصدقني صداقاً قال من مؤذنك قالت شبيب بن ربعي الرباحي قال علي به فلما جاء قال قد وضعت عنكم صلاة الغداة وصلاة العتمة وجعلت ذلك صداقها فناد في أصحابك إن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة فكان عامة بني تميم لا يصلونهما وكان مما شرع لهم من أصاب ولداً من امرأة لا يعود يطؤها إلا أن يموت الولد وحرم النساء على من ولد له ولد ذكر وفيه وفي سجاح يقول قيس بن عاصم المنقري
أضحت نبيتنا انثى يطاف بها
…
وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
فلعنة الله والأقوام كلهم
…
على سجاح ومن بالإفك أغرانا
أعني مسيلمة الكذاب لا سقيت
…
أصداؤه ماء مزن حيثما كانا
ولما تبعته العرب وارتدت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى اليمامة فقاتل بني حنيفة واستشهد خلق كثير من المهاجرين والأنصار وانهزم مسيلمة ومن بقي معه فأدركه وحشي بن حرب فقتله وأسلمت سجاح فيما بعد وحسن إسلامها ووحشي هذا هو الذي قتل حمزة بن عبد المطلب يوم أحد ووحشي يومئذ كافر وقال عند قتله لمسيلمة يا معشر العرب إن كنت قتلت بهذه الحربة أحب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قتلت بها اليوم أبغض الخلق إلى رسول الله فهذه بتلك وكان خروجه لعنه الله آخر سنة عشر من سني الهجرة قبل حجة الوداع وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام عليك أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ولكن قريشاً قوم يعتدون أي يجحفون فلما قرئ كتابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب لعنه الله السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين وكان كتاب مسيلمة بخط عمرو بن الجارود وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم بخط أبي بن كعب ذكر ذلك ابن عبدوس الجهشياري ثم كان من أمره ما ذكرناه آنفاً وممن تنبأ وزعم إن الوحي يأتيه الأسود العنسي واسمه عبهلة بن كعب وكان يلقب ذا الخمار بالخاء المعجمة لأنه كان يخمر وجهه أبداً وقيل بالحاء المهملة لأنه كان له حمار يقول له اسجد فيسجدوا برك فيبرك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاد من حجة الوداع توعك فبلغ ذلك العنسي فادعى النبوة وكان يعرف شيأً من الشعبذة والنيرنجيات ويرى منها عجائب فتبعته مذ حج وقصد نجران فاخرج منها عمرو بن حزم وملكها ثم قصد صنعاء وغلب على الطائف إلى عدن إلى البحرين واستفحل أمره فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى من باليمن من المسلمين ان اقتلوا الأسود العنسي أما مصادمة وأما غيلة وكان باليمن قوم من الفرس يسمعون الأبناء اسلموا مع بادام وكان بادام عاملاً للفرس على اليمن فلما أسلم ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان بيده وأقره عليها فلما مات فرق النبي صلى الله عليه وسلم بلاد اليمن على جماعة من أصحابه وكان الأسود لما قتل شهر بن بادام وملك صنعاء استصفى زوجته فاتفق الأبناء معها على قتله غيلة وواعدتهم على ليلة
كانت عادته يشرب فيها ودلتهم على مكان ينقبونه يصلون منه إليه فوجدوه قد سكر ونام فوثبوا عليه فسمع الحرس ضوضاء فقالوا لزوجته ما هذا قالت نزل عليه الوحي فلما قتلوه خرجوا مظهرين شعار الاسلام فوثب المسلمون من كل جانب وقتلوا خلقاً ممن كان معه ورجع العمال إلى أعمالهم وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافى الرسول المدينة فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات قال عبد الله بن عمر أتانا الخبر من السماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة التي قتل فيها فقال قتل العنسي فقيل من قتله قال رجل مبارك من أهل بيت مبارك قيل من هو قال فيروز وفي صبيحة تلك الليلة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مدة العنسي من أولها إلى آخرها ثلاثة أشهر وممن امتطى مطا هذا الغرر فرمته الأيام من تغيظها بالشرر المختار بن أبي عبيد الثقفي وكان قد جمع ليطلب ثأر الحسين عليه الرحمة والرضوان وكان المختار لا يوقف له على مذهب كان خارجياً ثم صار رافضياً في ظاهره ثم تنبأ وزعم أن جبريل يأتيه بالوحي فلما بويع عبد الله بن الزبير بالخلافة بعث أخاه مصعباً إلى العراق فقاتل المختار فقتله وقتل معه خلق كثير ممن تابعه وذلك في سنة سبع وستين وتنبأ أبو الحسين المتنبي في بادية السماوة ونواحيها وتبعه من فيها من كلب وغيرها فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الأخشيد فقاتله وأسره وشرد من كان اجتمع عليه وحبسه مدة طويلة فاعتل وكاد أن يتلف فسئل فيه فاستتابه وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه إلى الاسلام وأن لا يعود إلى مثله وتنبأ حائك بالكوفة وأحل الخمر فقال رجل لابن عباس ذلك فقال لا يقبل منه حتى لا يبرئ الأكمه والأبرص فأتى به وإلى الكوفة فاستتابه فأبى أن يتوب ويرجع فأتته أمه تبكي فقال لها تنحى ربط على قلبك كما ربط على قلب أم موسى وأتاه أبوه فسأله أن يرجع فقال له تنح يا آزر فأمر الوالي
بقتله فقتل وصلب وظهر في أيام أبي مسلم نها فرند المجوسي وكان قد غاب عن أهله سبع سنين في الصين فأصاب من طرفها قميصاً تحويه قبضة الرجل فجاء مختفياً فظهر في ناووس تجاور بلده وادعى إنه كان مرفوعاً في السماء وإنه نبي فضل به خلق كثير وجاء بسبع صلوات وحرم الميتة وتزويج الأم والأخت وبنات العم وبنات الأخ وهذا مما يخالف دين المجوسية وفرض عليهم السبع في الأموال وحظر أن يتجاوز بالمهر أربعمائة درهم فاجتمع موابذة المجوس إلى أبي مسلم وقالوا هذا أفسد علينا ديننا ودينكم فأنفذ إليه أبو مسلم من أخذه وقتله وصلبه وادعى رجل النبوة في زمن خالد ابن عبد الله القسري وعارض القرآن فأتى به خالد فقال له ما تقول قال عارضت القرآن قال بماذا قال يقول الله تعالى إنا أعطيناك الكوثر وتلا السورة إلى آخرها وقلت إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وهاجر ولا تطع كل ساحر فضربت رقبته وصلب فمر به خليفة الشاعر فضرب بيده على الخشبة وقال إنا أعطيناك العود فصل لربك من قعود وأنا ضامن لك أن لا تعود فقتل وصلب وظهر في أيام أبي مسلم نها فرند المجوسي وكان قد غاب عن أهله سبع سنين في الصين فأصاب من طرفها قميصاً تحويه قبضة الرجل فجاء مختفياً فظهر
في ناووس تجاور بلده وادعى إنه كان مرفوعاً في السماء وإنه نبي فضل به خلق كثير وجاء بسبع صلوات وحرم الميتة وتزويج الأم والأخت وبنات العم وبنات الأخ وهذا مما يخالف دين المجوسية وفرض عليهم السبع في الأموال وحظر أن يتجاوز بالمهر أربعمائة درهم فاجتمع موابذة المجوس إلى أبي مسلم وقالوا هذا أفسد علينا ديننا ودينكم فأنفذ إليه أبو مسلم من أخذه وقتله وصلبه وادعى رجل النبوة في زمن خالد ابن عبد الله القسري وعارض القرآن فأتى به خالد فقال له ما تقول قال عارضت القرآن قال بماذا قال يقول الله تعالى إنا أعطيناك الكوثر وتلا السورة إلى آخرها وقلت إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وهاجر ولا تطع كل ساحر فضربت رقبته وصلب فمر به خليفة الشاعر فضرب بيده على الخشبة وقال إنا أعطيناك العود فصل لربك من قعود وأنا ضامن لك أن لا تعود
ومنهم من ادعى إنه الامام المنتظر
…
فصير عبرة لمن أمعن في العواقب النظر
ظهر في شوال سنة خمس وخمسين ومائتين في قرى البصرة رجل ادعى إنه على ابن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن أبي طالب واستعمل الزنج الذين يعملون في السباخ وأطمعهم في مواليهم ووعدهم إنه يملكهم ما في أيدي مواليهم فاجتمع له خلق كثير وجم غفير وعبر دجلة ونزل قرية تسمى الدينارية وزعم إن سحاية أظلته ونودي منها اقصد البصرة تملكها وإنه يطلع على ما في ضمائر أصحابه وما يفعل كل واحد منهم فلما كان يوم عيد الأضحى من هذه السنة صلى بهم وخطب لهم وذكرهم ما كانوا فيه من الشقاء وسوء الحال وإن الله أنقذهم من ذلك وإنه يريد أن يرفع أقدارهم ويملكهم العبيد والأموال وشن بهم الغارات على أطراف بلاد العراق فأجلى أهل الضياع منها واستفحل أمره وقصد البصرة فملكها سنة تسع وخمسين وقتل من فيها من الرجال والنساء والصبيان وأحرق المسجد الجامع وبنى مدينتين على شاطئ دجلة وحصنهما بالأسوار والخنادق فانتبذت إليه العساكر من بغداد براً وبحراً فكانت الحرب بينه وبينهم سجالاً إلى أن كانت الدائرة عليه في صفر سنة سبعين ومائتين ونسبه الذي ادعاه لم يكن صحيحاً والصحيح أن اسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم ونسبه
في عبد قيس وكان ظهوره في أيام المهدي وقتله في أيام المعتمد على يد أخيه الموفق وظهر في أيام خلافة المعتمد سنة ثمان وسبعين ومائتين بقرية من سواد الكوفة رجل أحمر العينين يسمى كرميتة فاستثقلو هذه اللفظة فخففوها وقالوا قرمط فكان يظهر الزهد والتقشف وكثرة الصلاح فاجتمع إليه أهل القرية وعظموه فلما تمكن منهم أعلمهم إنه الذي يشير إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سيخرج لكم من أهل بيتي رجل اسمه كاسمي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فلما أطاعوه أعلمهم إن الصلاة المفروضة عليهم خمسون صلاة في اليوم والليلة فشكوا إليه كثرتها وإنها تعطلهم عن أشغالهم فسوفهم أياماً ثم أتاهم بكتاب يقول الفرج بن عثمان يقول فيه إنه المسيح وهو عيسى وهو الكلمة وهو المهدي وهو محمد بن الحنفية وهو جبريل وذكر إن المسيح تصور له على صورة إنسان وقال له إنك الداعية وإنك الحجة وإنك الناقة وإنك الدابة وإنك روح القدس وإنك يحيى بن زكريا وعرفه إن الصلاة أربع ركعات ركعتان قبل الفجر وركعتان قبل الغروب وإن الآذان في كل صلاة أربع تكبيرات ويتشهد مرتين ثم يقول أشهد أن آدم رسول الله أشهد أن لوطا رسول الله أشهد أن إبراهيم رسول الله أشهد أن موسى رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن أحمد بن محمد بن الحنفية رسول الله ومن شرائعه إن الصوم يومان في السنة يوم المهرجان ويوم النوروز وإن النبيذ والخمر غير حرام ولا غسل من جنابة ويؤكل كل ذي ناب وذي مخلب وإن القبلة إلى بيت المقدس ويوم الجمعة يوم الاثنين ويشترك في المرأة جماعة من الرجال فأجابه زهاء من عشرة آلاف رجل واتخذ منهم اثني عشر نقيباً وقال لهم أنتم كحواري عيسى ثم إن هذا الشقي المذكور اختفى وأقام رجلاً يعرف بأبي الفوارس واسمه خلف بن عثمان داعياً لمذهبه فتعطل على المعتضد الخراج من سواد الكوفة ونفضوا أيديهم من طاعته وشقوا العصا بمخالفته فأرسل إليهم مسكاً غلام أحمد بن محمد الطائي في عشرة آلاف فارس فظفر بهم وقتلهم وأخذ أبا الفوارس أسيراً وحمله إلى المعتضد فأمر به فقلعت أضراسه وخلعت أعضاؤه ثم قطعت يداه ورجلاه وضرب عنقه وصلب بالجانب الشرقي سنة تسع وثمانين ومائتين
وفي شهر ربيع الآخر من هذه السنة مات المعتضد وله من العمر سبع وأربعون سنة وكانت مدة خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وأياماً ثم قام فيهم آخر يسمى علي بن عبد الله فعاث في بلاد الشأم عيثاً ذريعاً وأخرب مدناً وقرى كثيرة وكان بينه وبين طفج بن حف الأخشيدي صاحب مصر والشأم حروب كثيرة أجلت عن قتل الأخشيد الفرغاني فخرجت إليه الجيوش من مصر فحاربوه فقتل في بعض الحروب على دمشق سنة تسعين ومائتين وكان يسمى صاحب الجمل فقام بعده أخوه ويسمى أحمد وتلقب بذي الشامة لشامة كانت في وجهه وأقام له داعيين سمى أحدهما المدثر وزعم إنه لمذكور في القرآن وسمي الآخر المطوق فاشتدت في العناد شوكته وسلطت على العباد فتكته وسار إلى دمشق فصولح عليها بمال فرجع عنها في سنة تسعين وكانت عادته إذا فتح بلداً عنوة قتل من فيها من الرجال والنساء والولدان والبهائم فضاق المسلمون به ذرعاً
فاستغاثوا بالمكتفي فجهز لهم جيشاً عظيماً وقدم عليهم الحسين بن حمدان والقاسم بن عبيد الله الكاتب وأمر الجيش بالسمع والطاعة له فواقعهم في شهر المحرم سنة إحدى وتسعين فانهزم وأسلم من كان معه فقتلوا وهرب معه المدثر والمطوق وألجأتهم الهزيمة والخوف إلى قرية من أعمال الفرات تسمى دالية فأنكرهم أهلها واستفصحوا أحدهم عن أمرهم فجمجم في كلامه فعوقب حتى أقر فأخذهم متوليها وحملهم إلى المكتفي وكان بالرقة فرحل بهم إلى بغداد فدخلها ومن معه من الأسراء في شهر ربيع الأول وأمر ببناء دكة في المصلى العتيق ارتفاعها عشرة أذرع ثم أصعدوا عليها فقطعت أيديهم وأرحلهم من خلاف ثم ضربت رقابهم بين يديه ثم أمر بالقرمطي فضرب مائتي سوط وكويت خواصره ثم قتل وصلب على الجسر الأعظم ثم ظهر فيهم رجل يسمى زكروية بن مهرويه في سنة ثلاث وتسعين ونعت نفسه بالمهدي فقطع الطريق على الحاج ونهب القوافل وقتل أهلها وسبي حريمهم فبعث إليه من بغداد جيشاً فحاربه بذي قار وهو موضع بين الكوفة والبصرة فانهزم وأخذ أسيراً جريحاً في شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين فحمل إلى بغداد فمات في الطريق في شهر ربيع الآخر ثم ظهر فيهم رجل يسمى علي بن شبيب ويعرف بالمبرقع فحورب وانهزم وأخذ أسيراً وأدخل بغداد على جمل وضرب عنقه ثم ظهر فيهم أبو سعيد الحسن ابن يوسف بن كودر كان الخيامي بالبحرين فقتله خادمان له صتليان في سنة عشرة وثلثمائة فقام بعده سليمان بن الحسن الجباري فعاث في البلاد وأفسد وقصد مكة شرفها الله تعالى فدخلها يوم التروية سنة سبع عشرة وثلثمائة في خلافة المقتدر فقتل من وجد من الحاج في المسجد الحرام ورمى بالقتلى في بئر زمزم وعرى الكعبة وقلع بابها وأخذ الحجر الأسود فبقى الحجر عندهم اثنتين وعشرين سنة إلا اشهراً ثم ردوه مكسوراً على يد سنان بن الحسن بن سنان في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلثمائة ونصب في مكانه يوم النحر من السنة المذكورة وكان محكم الرايفي بذل لهم فيه خمسين ألف دينار فأبوا وكان موت سليمان في سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة ثم لما دخل المعز لدين الله مصر بعد أخذ جوهر مولا ملها وذلك في سنة اثنتين وستين وثلثمائة في أيام المطيع قصد القائم فيهم يومئذ رجل يعرف بابن غزوان فخرج إليه جعفر بن فلاح فالتقاه بالرملة فقاتله وهزم عسكره وقتله في سنة تسع وستين وثلثمائة ثم قام فيهم رجل يسمى حسناً ويعرف بالأعصم فملك الشأم وأخرج منه عمال المعز فانهزموا بين يديه فتبعهم إلى مصر وملك الصعيد وأسفل الأرض ووصل إلى مصر ونزل بعسكره عليها فخرج إليهم القائد جوهر فحاربهم فاقتتلوا قتالاً شديداً وقتل من العسكر خلق كثير وذلك يوم الجمعة غرة شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وثلثمائة ثم انصرفوا وتركوا الحرب يوم السبت ورجعوا يوم الأحد وهم واثقون بالظفر فلما التقى الجمعان أعطى الله النصر لعساكر القائد جوهر وانكشفت القرامطة بالانهزام وساروا إلى البحرين على نية العود إليها وإلى الشأم فوجدوا بني حمدان قد ملؤا شعابه وأوديته ورفعوا به قواعد الدين والويته ولم يجمع الله للأعصم على شق عصا الاسلام شملاً ولم يمض له بعد في الاسلام قولاً ولا فعلاً وتفرق أصحابه في البلاد أيدي سبا واسترجع منه الدهر ما نهب وسبى وكانت مدة دولتهم ستاً وثمانين سنة وهذا الذي ذكرناه يشترك في القول به أصحاب الآراء والمقالات الخابطون في عشواء الجهالات كأصحاب النحل والملل المتمسكين بآرائهم مع ما فيها من الفساد والخلل كالمعتزلة والحشوية وغلاة الرافضة وسائر الفرق الاسلامية غير الفرقة الناجية التي هي لعواطف لطف الله راجية وكل منهم قد أضله الله على علم فنعوذ بالله من الغواية بعد الهداية ومن الجور بعد الكور ومن الانكار بعد الاستبصار إنه سميع قريب تواب مجيبا بالمكتفي فجهز لهم جيشاً عظيماً وقدم عليهم الحسين بن حمدان والقاسم بن عبيد الله الكاتب وأمر الجيش بالسمع والطاعة له فواقعهم في شهر المحرم سنة إحدى وتسعين فانهزم وأسلم من كان معه فقتلوا وهرب معه المدثر والمطوق وألجأتهم الهزيمة والخوف إلى قرية من أعمال الفرات تسمى دالية فأنكرهم أهلها واستفصحوا أحدهم عن أمرهم فجمجم في كلامه فعوقب حتى أقر فأخذهم متوليها وحملهم إلى المكتفي وكان بالرقة فرحل بهم إلى بغداد فدخلها ومن معه من الأسراء في شهر ربيع الأول وأمر ببناء دكة في المصلى العتيق ارتفاعها عشرة أذرع ثم أصعدوا عليها فقطعت أيديهم وأرحلهم من خلاف ثم ضربت رقابهم بين يديه ثم أمر بالقرمطي فضرب مائتي سوط وكويت خواصره ثم قتل وصلب على الجسر الأعظم ثم ظهر فيهم رجل يسمى زكروية بن مهرويه في سنة ثلاث وتسعين ونعت نفسه بالمهدي فقطع الطريق على الحاج ونهب القوافل وقتل أهلها وسبي حريمهم فبعث إليه من بغداد جيشاً فحاربه بذي قار وهو موضع بين الكوفة والبصرة فانهزم وأخذ أسيراً جريحاً في شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين فحمل إلى بغداد فمات في الطريق في شهر ربيع الآخر ثم ظهر فيهم رجل يسمى علي بن شبيب ويعرف بالمبرقع فحورب وانهزم وأخذ أسيراً وأدخل بغداد على جمل وضرب عنقه
ثم ظهر فيهم أبو سعيد الحسن ابن يوسف بن كودر كان الخيامي بالبحرين فقتله خادمان له صتليان في سنة عشرة وثلثمائة فقام بعده سليمان بن الحسن الجباري فعاث في البلاد وأفسد وقصد مكة شرفها الله تعالى فدخلها يوم التروية سنة سبع عشرة وثلثمائة في خلافة المقتدر فقتل من وجد من الحاج في المسجد الحرام ورمى بالقتلى في بئر زمزم وعرى الكعبة وقلع بابها وأخذ الحجر الأسود فبقى الحجر عندهم اثنتين وعشرين سنة إلا اشهراً ثم ردوه مكسوراً على يد سنان بن الحسن بن سنان في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلثمائة ونصب في مكانه يوم النحر من السنة المذكورة وكان محكم الرايفي بذل لهم فيه خمسين ألف دينار فأبوا وكان موت سليمان في سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة ثم لما دخل المعز لدين الله مصر بعد أخذ جوهر مولا ملها وذلك في سنة اثنتين وستين وثلثمائة في أيام المطيع قصد القائم فيهم يومئذ رجل يعرف بابن غزوان فخرج إليه جعفر بن فلاح فالتقاه بالرملة فقاتله وهزم عسكره وقتله في سنة تسع وستين وثلثمائة ثم قام فيهم رجل يسمى حسناً ويعرف بالأعصم فملك الشأم وأخرج منه عمال المعز فانهزموا بين يديه فتبعهم إلى مصر وملك الصعيد وأسفل الأرض ووصل إلى مصر ونزل بعسكره عليها فخرج إليهم القائد جوهر فحاربهم فاقتتلوا قتالاً شديداً وقتل من العسكر خلق كثير وذلك يوم الجمعة غرة شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعين وثلثمائة ثم انصرفوا وتركوا الحرب يوم السبت ورجعوا يوم الأحد وهم واثقون بالظفر فلما التقى الجمعان أعطى الله النصر لعساكر القائد جوهر وانكشفت القرامطة بالانهزام وساروا إلى البحرين على نية العود إليها وإلى الشأم فوجدوا بني حمدان قد ملؤا شعابه وأوديته ورفعوا به قواعد الدين والويته ولم يجمع الله للأعصم على شق عصا الاسلام شملاً ولم يمض له بعد في الاسلام قولاً ولا فعلاً وتفرق أصحابه في البلاد أيدي سبا واسترجع منه الدهر ما نهب وسبى وكانت مدة دولتهم ستاً وثمانين سنة وهذا الذي ذكرناه يشترك في القول به أصحاب الآراء والمقالات الخابطون في عشواء الجهالات كأصحاب النحل والملل المتمسكين بآرائهم مع ما فيها من الفساد والخلل كالمعتزلة والحشوية وغلاة الرافضة وسائر الفرق الاسلامية غير الفرقة الناجية التي هي لعواطف لطف الله راجية وكل منهم قد أضله الله على علم فنعوذ بالله من الغواية بعد الهداية ومن الجور بعد الكور ومن الانكار بعد الاستبصار إنه سميع قريب تواب مجيب