الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعاك إلى النوم وقد ظفرت بمن تهواه فقال يا سيدتي أتناوم لعلي أراك أيضاً في المنام كما قال الشاعر
وإني لأستغشى وما بي نعسة
…
لعل خيالاً منك يلقى خياليا
وكتب آخر إلى محبوبته إن رأيت أن تزورينا عصمنا الله وإياك فافعلي فكتبت إليه يا أحمق متى عصمنا لا نجتمع أبداً ووقع بين سليمان بن مروان الأعمش وبين زوجته وحشة فسأل بعض أصحابه الاصلاح بينهما فدخل إليها وقال إن أبا محمد شيخنا وفقيهنا فلا يزهدنك فيه عموشة عينيه ونتن ابطيه وبخر شدقيه وجمود كفيه وحموشة ساقيه وذلك بمرأى من الأعمش ومسمع منه فقال له الأعمش كف لا أم لك فقد ذكرت لها من عيوبي ما لم تكن تعرفه وذكر أن عبد الله بن فضلو به وكان عامل قزوين أنشد يوماً
يوم القيامة يوم لا دواء له
…
إلا الطلاء وإلا الطيب والطرب
فقال له من حضره أخطأت إنما هو يوم الحجامة فقال أعذروني فإني لا أعرف أيهما باع بعض المتجلفين بستاناً واشترى بثمنه حماراً فقال له صاحب له بعت ما كان يعلفه السماء فيعوضك الشعير واشتريت ما تعلفه الشعير فيعوضك الماء ومن هذا الباب تجلف أبي غبشان وكان سادناً للكعبة فإنه باع الكعبة بزق خمر حتى ضرب به المثل في التجلف فقيل أخسر صفقة من أبي غبشان وتجلف سلم الخاسر فإنه باع مصحفاً واشترى بثمنه طنبوراً فضرب به المثل فقيل أخسر من سلم
الفصل الثالث من الباب الثامن
في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهم وقال صلى الله عليه وسلم رب
أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره وقال عيسى عليه السلام للحواريين كونوا بلها كالحمام حلما كالحيات وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلعت على الجنة فرأيت أكثر أهلها البله قال العلماء هم البله في طلب الدنيا الأكياس في طلب الآخرة
فمنهم عليان الذي كان قالبه مع الخلق
…
وقلبه مستغرقاً في أسرار الحق
يحكى عنه أن رجلاً قال له من العاقل وهو يهزأ به فقال من حاسب نفسه وراقب ربه وقال حفص بن عتاب قاضي الكوفة مررت بعليان وهو جالس في السوق فلما رآني قال من أراد أن يتعجل سرور الدنيا والنار في الآخرة فليتمن ما هذا فيه قال ابن عتاب والله لقد تمنيت لما سمعت كلامه أن أمي لم تلدني أو أني مت قبل أن ألي القضاء وقال لأبي الوفاء وقد مر به رأيناك أسمنت دابتك وأهزلت دينك أما والله إن أمامك لعقبة كؤداً لا يجوزها إلا المخفون وعن ابن أبي فديك قال رأيت عليان وقد دلي رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب فقلت له ما تصنع ههنا قال أجالس أقواماً لا يؤذونني إن حضرت ولا يغتابونني إن غبت فقلت قد غلا السعر فهلا تدعو الله فيكشف عنا الضر فقال والله لا أبالي ولو حبة بديناران الله أخذ علينا العهد أن نعبد كما أمر وأن عليه رزقنا كما وعد ثم صفق بيديه وقام قائلاً
يا من تمتع بالدنيا وزينتها
…
ولا تنام عن اللذات عيناه
شغلت نفسك فيما ليس تدركه
…
تقول لله ماذا حين تلقاه
وتروى هذه الحكاية عن بهلول الآتي ذكره وقال الحسن بن سهل بن منصور رأيت الصبيان يرمون عليان بالحجارة فأدماه حجر منهم فقال
حسبي الله توكلت عليه
…
من نواصي الخلق طرّافي يديه
ليس للهارب في مهربه
…
أبدا من راحة إلا إليه
رب رام لي بأحجار الأذى
…
لم أجد بدّاً من العطف عليه
فقال له رجل تعطف عليهم وهم يرمونك بالحجارة فقال اسكت لعل الله يطلع على غمي ووجعي وشدت فيفرح هؤلاء ويهب بعضاً لبعض ومن شعره
أفلح الزاهدون والعابدونا
…
إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أقرحو الأعين القريرة شوقا
…
فمضى ليلهم وهم ساجدونا
حيرتهم مخافة الله حتى
…
زعم الناس أن فيهم جنونا
وممن كانت نفسه عن الشبهات مكفوفة
…
بهلول المعدود من مجانين الكوفة
قال عبد العزيز المتكلم رأيت بهلولاً يوماً باكراً فقلت يا بهلول كيف أصبحت قال بخير أنتظر لقاء من يوجب الأجر ويحط الوزر ويشد الأزر ثم قال لي يا عبد العزيز أحسن مجاورة النعم بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء ولما دخل الرشيد الكوفة خرج الناس لينظروا إليه فناداه بهلول يا هرون ثلاثاً فقال الرشيد من يجترئ علينا في هذا الموضع فقيل له بهلول فرفع طرف السجف وقال ادن فقال يا أمير المؤمنين روينا بالاسناد عن قدامة بن عبد الله العامري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة لا ضرب ولا طرد ولا قيل بين يديه إليك إليك وتواضعك في شرفك هذا خير من تجبرك وتكبرك قال فبكى الرشيد حتى بدت دموعه على الأرض وقال أحسنت يا بهلول زدنا يرحمك الله قال روينا عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال أيما رجل آتاه الله مالاً وسلطاناً وجمالاً فأنفق من ماله وعف في جماله وعدل في سلطانه كتب في
ديوان الله من الأبرار قال الرشيد أحسنت يا بهلول وأمر لهب جائزة فقال ازددها على من أخذتها منه فلا حاجة لي بها قال يا بهلول إن كان عليك دين قضيته عنك قال يا أمير المؤمنين إن هؤلاء أهل الرأي بالكوفة أجمعوا على أن قضاء الدين بالدين لا يجوز قال فهل لك أن أجرى عليك رزقاً يقوم بك ويكفيك فرفع طرفه إلى السماء وقال يا أمير المؤمنين أنا وأنت عيال الله ثم تركه ومضى وهذه الحكاية لذوي العقول كافية وللقلوب من أدواء الذنوب شافية
ومن مشاهير هذه الطائفة سعدون
…
الطالب للعلا والراغب عن الدون
روى خالد بن عبد الله الطوسي قال لما حج هرون الرشيد فرش له من جوف العراق إلى مكة لبودمر عزية فمشى عليها القضاء نذر وجب عليه فاستند يوماً إلى ميل من تعب ناله وإذا بسعدون قد عارضه وهو يقول
هب الدنيا تواتيكا
…
أليس الموت ياتيكا
فما تصنع بالدنيا
…
وظل الميل يكفيكا
ألا يا طالب الدنيا
…
دع الدنيا لشانيكا
كما أضحكك الدهر
…
كذاك الدهر يبكيكا
فبكى هرون وقال الويل لنا إن لم يعف الله عنا وقال عيسى بن علي رأيت سعدوناً والصبيان يرمونه بالحجارة فصرفتهم عنه فقال لي بعض الصبيان إنه يزعم أنه يرى ربه فقلت له ما تسمع مقالة الصبيان فقال يا أخي مذ عرفت الله ما فقدته ثم قال
زعم الناس أنني مجنون
…
كيف أسلو ولي فؤاد مصون
علق القلب بالبكا في الدياجي
…
وهو بالله مغرم محزون
وعن عطاء بن سعيد قال كتب سعدون إلى والينا أما بعد يا هذا إن لم تستح من الخلق فاستح من الخالق واحذر سهماً من سهامه فإن سهامه لا
تخطئ ولا يغرنك حلمه عنك فإنه إن عاقبك أهلكك وهتكك ثم كتب عنوانه إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلاً وقال إسمعيل بن عطاء مررت بسعدون فلم أسلم عليه فنظر إلي وقال
يا ذا الذي ترك السلام تعمدا
…
ليس السلام بضائر من سلما
إن السلام تحية مبرورة
…
ليست تحمل قائليها مغرما
ورؤى سعدون يكتب بفحم على جدار
ما حال من سكن الثرى ما حاله
…
أمسى وقد رثت هناك حباله
أمسى ولا روح الحياة تصيبه
…
أبداً ولا لطف الحبيب يناله
أمسى وقد درست محاسن وجهه
…
وتفرقت في قبره أوصاله
واستبدلت منه المحاسن غبرة
…
وتقسمت من بعده أمواله
ما زالت الأيام تلعب بالفتى
…
والمال يذهب صفوه وحلاله
وكان إذا اشتد الجوع رمق بطرفه إلى السماء وقال
أتتركني وقد آليت حلفا
…
بأنك لا تضيع من خلقتا
وأنك ضامن للرزق حتى
…
تؤدى ما ضمنت وما قسمتا
فإني واثق بك يا إلهي
…
ولكن القلوب كما علمتا
ومن محاسن أخبارهم وأحاسن آثارهم التي هي للقلوب الممحلة ربيع وللصدور الصدئة غيث مريع ما حكى أن سمنون قال لرجل يعظه اجعل قبرك خزانتك واحشها من كل عمل صالح فإذا وردت على ربك سرك ما ترى ومن كلامه إذا بسط الجليل بساط العفو دخلت ذنوب الأولين والآخرين تحت حواشيه وإذا بدت ذرة من عين الجود ألحقت المسيئين بالمحسنين ومن شعره
لئن أمسيت في ثوبي عديم
…
لقد بليا على حرّ كريم
فلا يحزنك إن أبصرت حالا
…
مغيرة عن الحال القديم
وقيل لشقران من الحكيم قال الذي لا يتعرض للعذاب الأليم قيل وما العذاب الأليم قال البعد عن الرب الكريم وقال بعضهم رأيت فليتا والصبيان حوله يؤذونه ويرمونه بالحجارة وهو يقول ولمن صبر وغفران ذلك لمن عزم الأمور وقال أبو همام إسرائيل بن محمد القاضي رأيت سابقاً المعتوه وهو يكتب على حائط بالفحم هذه الأبيات
نظرت إلى الدنيا بعين مريضة
…
وفكرة معتوه وتأميل جاهل
فقلت هي الدنيا التي ليس مثلها
…
ونافست منها في غرور وباطل
وضيعت أياماً طوالاً كثيرة
…
بلذات أيام قصار قلائل
وقيل لمجنون فيم يسعى هذا الخلق قال في طلب ما لا يكون من الدنيا قيل فما يطلبون قال الراحة وذلك ما لا يجدون