الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم غسل يده وانصرف إلى القصص واحترز في قراءتها وتثبت في حروفها فما حرف حرفاً حتى أتى على آخرها
وقد اخترت من مدام المتغفلين مما حسن وراق
درراً ضمنتها أصداف هذه الأوراق ذم أبو عبيدة معمر بن المثنى كيسان مستمليه وقد أملى عليه شيأً فعجز عن إدراكه فقال والله ما فهم ولو فهم لوهم وقال الجاحظ كان كيسان مستملي أبي عبيدة يكتب غير ما يسمع ويستفتي غير ما يكتب ويقرأ غير ما يستفتي أمليت عليه يوما
عجبت لمعشر عدلوا
…
بمعتمر أبا عمرو
فكتب أبا بشر واستفنى أبا زيد وقرأ أبا حفص وسأله أبو عبيدة عن رجل من شعراء العرب ما اسمه فقال هو خداش أو خراش أو رياش أو خماش أو شيء آخر وأظنه قرشياً فقال له أبو عبيدة من أين علمت أن نسبه في قريش قال رأيت اكتناف الشينات عليه من كل جانب وذكر الجاحظ عنه أنه شهد على رجل عند بعض الولاة فقال سمعت بأذني وأشار إلى عينه ورأيت بعيني وأشار إلى أذنه إنه أمسك بتلابيب هذا الرجل وأشار إلى كمه وما زال يضرب خاصرته وأشار إلى فكه فضحك الوالي وقال أحسبك قرأت كتاب خلق الانسان على الأصمعي قال نعم مرتين وذم بعض البلغاء فدما فقال لا يفهم ولا يفهم وينقض ما يبرم ولا يعلم ولا يتعلم ويستصغر من يتعلم وسأل أبو عون رجلاً عن مسئلة فقال على الخبير بها سقطت سألت عنها أبي فقال سألت عنها جدك فقال لا أدري وقالوا فلان يسمع غير ما يقال ويحفظ غير ما يسمع ويكتب غير ما يحفظ ويقرأ غير ما يكتب وقالوا فلان ذو بصيرة عمياء عند تأمل الثواقب وتجربة صماء عند تشابه النوائب وقال شاعر يهجو رجلاً
جهول غاص في لحم وشحم
…
ولم ينسب إلى عقل وفهم
إذا لبس البياض فعدل جص
…
وإن لبس السواد فعدل فحم
وممن تقاصر فهمه عن إدراك الصواب البادي فتطاول بذمه لسان الحاضر والبادي أحمد بن الخصيب وزير المستنصر ووزر أيضاً للمستعين عمل أبو العيناء كتاباً في ذمه حكى فيه إن جماعة من الفضلاء اجتمعوا في مجلس وكل منهم يكره ابن الخصيب لما كان فيه من الفدامة والجهالة والتغفل فتجاذبوا أطراف الملح في ذمه فقال علي بن بسام كان جهله غامراً لعقله وسفهه قاهراً لحلمه وقال لمعرة الرابض لو كان دابة لتقاعس في عنانه وحرن في ميدانه وقال آخر كنت إذا وقع لفظه في سمعي أحسست النقصان في عقلي وقال بعض كتابه كنت أرى قلم ابن الخصيب يكتب بما لا يصيب ولو نطق لنطق بنوك عجيب وقال إبراهيم بن المدبر كنت يوماً عنده فقدم الطعام وفيه هليون فأكب عليه فقلت له أراك راغباً في الهليون فقال إنه يزيد في الباه وسئل عنه أبو العيناء بعد هذا التصنيف فقال إن دنوت منه غرك وإن بعدت عنه ضرك فحياته لا تنفع وموته لا يضر وقال آخر لو غابت عنه العافية لنسيها وكان ابن الخصيب إذا ناظر شعب وحلب وربما رفس من ناظره إذا أفحم عن الجواب وخفي عنه الصواب واستولت عليه البلادة وعرى كلامه عن الافادة وفيه يقول محمد بن الفضل
قل للخليفة يا ابن عم محمد
…
أشكل وزيرك إنه ركال
قد أحجم المتظلمون مخافة
…
منه وقالوا ما نروم محال
ما دام مطلقة علينا رجله
…
أو دام للنزق الجهول مقال
قد نال من أعراضنا بلسانه
…
ولرجله بين الصدور مجال
أمنعه من ركل الرجال فإن ترد
…
مالاً فعند وزيرك الأموال
وحكي عنه أنه رأى جراداً كثيراً يطير فقال لجلسائه لا تغتموا إني أحسبه كأنه ميت وفيه يقول بعض الشعراء يهجوه من أبيات
حمار في الكتابة يدعيها
…
كدعوى آل حرب في زياد
فخل عن الكتابة لست منها
…
ولو لطخت ثوبك بالمداد
وقد هجا أبو العيناء أسد بن جوهر ونحا فيه هذا المعنى فقال
تعس الزمان لقد أتى بعجاب
…
ومحا رسوم الظرف والآداب
وافى بكتاب لو انبسطت يدي
…
فيهم رددتهم إلى الكتاب
جيل من الانعام إلا إنهم
…
من بينها خلقوا بلا أذناب
لا يعرفون إذا الجريدة جردت
…
ما بين عياب إلى عتاب
أو ما ترى أسد بن جوهر قد غدا
…
متشبهاً لأجلة الكتاب
لكن يمزق ألف طومار إذا
…
ما احتيج منه إلى جواب كتاب
فإذا أتاه سائل في حاجة
…
رد الجواب له بغير جواب
وسمعت من غث الكلام ورثه
…
وقبيحه باللحن والاعراب
ثكلتك أمّك هبك من بقر الفلا
…
ما كنت تغلط مرة بصواب
ولآخر يهجو كاتب خراج
لو قيل كم خمس وخمس لارتأى
…
يوماً وليلته يعدّ ويحسب
يرمي بمقلته السماء مفكراً
…
ويظل يرسم في التراب ويكتب
ويقول معضلة عظيم أمرها
…
ولئن فهمت فإنّ فهمي أعجب
حتى إذا خدرت أنامل كفه
…
عدّا وكادت عينه تتصوب
أوفى على نشز وقال ألا اسمعوا
…
قد كدت من طرب أجنّ وأسلب
خمس وخمس ستة أو سبعة
…
قولان قالهما الخليل وثعلب
فيه خلاف ظاهر ومذاهب
…
لكن مذهبنا أصح وأصوب
وخواطر الحساب فيها كثرة
…
وأظن قولي فيهم لا يكذب
وممن كان صوابه عن غير اعتماد وخطؤه بعد ترو واجتهاد شجاع بن القاسم كاتب أو تامش التركي وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولا يفهم ولا يفهم وإنما علم علامات كان يكتبها في التوقيعات قال الحسن بن المخلد كنت يوماً عند المستعين ومعنا أو تامش إذ دخل شجاع بن القاسم وسراويله قد خرج من
خفه حتى وقع على قدمه وهو يسحبه ويدوسه فقال له المستعين ويحك يا شجاع ما هذه الحالة فقال الساعة يا سيدي داسني كلب فخرقت سراويله وثيابه فضحك المستعين وقال لا وتامش مثل هذا ينبغي أن يستعمل في الكتاب ومن ظريف ما يخبر عنه أن أحمد بن عمار عمل شعراً مختلف القوافي ولا معنى له مما يليق بفهمه وعقله متعمداً ذلك ليضحك منه اخوانه ووقف إليه وقال أيها الوزير ليس الشعر صناعتي ولكنك أحسنت إلي وإلى أهلي بما أوجب علي شكرك فعملت أبياتاً أمدحك بها فتفضل بسماعها فقال له أغناك شرفك عن التكسب بالشعر وانشاده فقال لا بد أن تتفضل وتأذن لي فأذن له فأنشد
شجاع لجاج كاتب لائب معا
…
كجلمود صخر حطه السيل من عل
خبيص لبيص مستمر مقوّم
…
كثير أثير ذو شمال مهذب
بليغ لبيغ كل ما شئت قلته
…
لديه وإن أسكت عن الأمر يسكت
فطين لطين أمره لك زاجر
…
خصيف لصيف كل ذلك يعلم
أديب لبيب فيه فهم وعفة
…
عليم بشعري حين أنشد يشهد
كريم حليم قابض متباسط
…
إذا جئته يوماً إلى البذل يسمح
فسر بذلك وشكره على انشاده ووصله بعشره آلاف درهم وأجرى له ألف درهم في كل شهر وكان محموداً الوراق عنى هذا المذكور بقوله من أبيات
يا ناظراً يرنو بعيني راقد
…
ومشاهداً للأمر غير مشاهد
أو أبا تمام بقوله
ولو نشد الخليل له لعفت
…
بلادته على فطن الخليل
أو قول هذا القائل فيه فلان لا ينتبه ولو أدخل في الكور ونفخ عليه إلى أن ينفخ في الصور وحكى الجاحظ في كتاب البيان أن المأمون كان يستقل