المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر) - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

34 -

وعنه رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". أخرجه الستة (1) بهذا اللفظ. [صحيح]

قوله: "وعنه" أي: أبي هريرة.

"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة" أقول: قدمنا في حديث خباب بعضاً من بحث الإبراد.

قوله: "إذا اشتد الحر" أقول: أصله اشتدد بزنة افتعل [369 ب] من الشدة، ثم أدغمت إحدى الدالين في الأخرى، ومفهومه: أن الحر إذا لم يشتد لا يشرع الإبراد، وكذا لا يشرع في البرد من باب الأولى.

وقوله: "فأبردوا" بقطع الهمزة وكسر الراء، أي: أخروا إلى أن يبرد الوقت يقال: أبرد إذا دخل في البرد كأظهر إذا دخل في الظهيرة، واختلف في الأمر بالإبراد، فقيل: أمر استحباب. وقيل: أمر إرشاد. وقيل: للوجوب، فمن نقل أنه ليس للوجوب بالإجماع فقد عقل عما حكاه القاضي (2) عياض وغيره من القول بالإيجاب.

(1) أخرجه البخاري رقم (533، 534، 536)، ومسلم رقم (615)، وأبو داود رقم (402)، والترمذي رقم (157)، والنسائي (1/ 284 - 285)، وابن ماجه رقم (677).

وأخرجه أحمد (2/ 238)، وابن الجارود رقم (156)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 186)، وابن خزيمة (1/ 170 رقم 329)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 274)، والبيهقي في "السنن"(1/ 437)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(10/ 349)، والبغوي في "شرح السنة"(2/ 204 رقم 361)، والدارمي (1/ 274)، والطبراني في "الصغير"(1/ 236 رقم 384). وقد تقدم.

(2)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 583).

ص: 109

وقوله: "عن الصلاة" قالوا: يحتمل [بأن](1)"عن" هنا أوجهاً أحدها أن تكون بمعنى الباء [كما تكون الباء](2) بمعنى عن، فمن الأول على [411/ أ] ما قيل:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} (3)، ومن الثاني:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)} (4).

ثانياً: أنها زائدة أي: الصلاة. ثالثها: بضمير أبردوا معنى أخروا، وحذف مفعوله تقديره أخروا أنفسكم عن الصلاة، والمراد بالصلاة صلاة الظهر؛ لأنها التي يشتد الحر في وقتها غالباً، وقد حمل بعضهم ذلك على عمومه بناءً على أن المفرد المعرف يعم. قيل به في العصر، وعن أحمد (5) في العشاء يؤخر في الصيف دون الشتاء.

وقال: من خصه بالظهر إنه قد ورد كذلك: "فأبردوا بالظهر" رواه البخاري (6) من حديث أبي سعيد، واختلف في الإبراد بالجمعة. فقيل: يبرد بها؛ لأنها عوض عن الظهر، ولحديث أنس (7): كان النبي صلى الله عليه وسلم "إذا اشتد الحر أبرد بالصلاة" يعني به: الجمعة.

قوله: "فإن شدة الحر" تعليل للأمر بالتأخير، واختلف في وجهه فقيل: إنه لرفع المشقة لكونها قد تسلب الخشوع. وقيل: لكونها التي ينتشر فيها العذاب كما ورد "أن عند استواء الشمس [370 ب] تسجر جهم".

(1) سقطت من (ب).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

سورة النجم الآية (3).

(4)

سورة الفرقان الآية (59).

(5)

انظر: "مسائل أحمد وإسحاق"(1/ 32).

(6)

في "صحيحه" رقم (538) وطرفه رقم (3259).

(7)

تقدم تخريجه.

ص: 110

قوله: "من فيح جهنم" ويقال: فوح، والفاء فيهما مفتوحة، وبالحاء المهملة، وهو سطوع حرها وانتشاره يقال: فاحت القدر تفوح إذا غلت. واختلف هل هنا حقيقة أو مجاز، فالجمهور على أنه حقيقة.

فقالوا: وهج الحرّ من فيح جهنم، ويؤيده حديث أبي هريرة:"اشتكت النار إلى ربها عز وجل، فأذن لها بنفسين" يأتي.

وقيل: إنه كلام خرج مخرج التشبيه. أي: كأنه نار جهنم في الحر فاجتنبوا ضرره.

قال القاضي (1): حمله على الحقيقة أولى.

وقال ابن عبد البر (2): إنه لقصده عموم الخطاب، وظاهر الكتاب، وهو أولى بالصواب.

35 -

وفي رواية لمالك (3): "إِنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ". [صحيح لغيره]

قوله: "وفي رواية لمالك: أن النار اشتكت" إلى آخره. أقول: هذه الرواية في الصحيح (4) من حديث سعيد بن المسيب.

قوله: "اشتكت إلى ربها" أقول: اختلف في هذه الشكوى: هل هي بلسان المقال أو الحال؟

ذهب إلى كلِّ طائفة. قال ابن عبد البر (5): لكلا القولين وجه، ونظائر والأول أرجح.

(1) أي: القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 583).

(2)

في "الاستذكار"(1/ 353 رقم 938)، حيث قال: القول الأول يعضده عموم الخطاب وظاهر الكتاب وهو أولى بالصَّواب. والله أعلم.

(3)

في "الموطأ"(1/ 15 رقم 27)، وهو حديث صحيح لغيره.

(4)

خرجه البخاري رقم (536، 537) وطرفه رقم (3260).

(5)

"التمهيد"(5/ 4 - 5)، "الاستذكار"(1/ 352 - 353).

ص: 111

وقال عياض: إنه الأظهر. وقال القرطبي (1): لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته. قال (2): وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى.

ورجح البيضاوي (3) حمله على المجاز. فقال: شكواها مجاز عن غليانها. وأكل بعضها بعضاً مجاز عن ازدحام أجزائها، ونفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها، واستبعده الزين ابن المنير (4)، وقال: حمله على الحقيقة لصلاحية القدرة لذلك أولى.

قوله: "بنفسين" أقول: النفس بفتح الفاء معروف، وهو ما يخرج من الجوف، ويدخل فيه من الهواء.

قوله: "نفس في الشتاء ونفس في الصيف" بالجر فيهما بدلاً أو بياناً، ويجوز الرفع والنصب [لو تباعدت علة الكتابة](5).

قلت: هكذا رواه ابن الأثير في "الجامع"(6) وتبعه "التيسير" ولكن في البخاري (7) زيادة: "فأشد ما يكون من الحر من فيح جهنم، وأشد ما تجدون من الزمهرير"، انتهى [371 ب].

والزمهرير: شدة البرد. واستشكل وجوده في النار، ولا إشكال؛ لأن المراد بالنار محلها وفيها طبقة زمهريرية. فإن قلت: فلم لم يؤمر بتأخير الصلاة في شدة البرد كما في شدة الحر؟

(1) في "المفهم"(2/ 244).

(2)

في "المفهم"(2/ 244).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 19).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 19).

(5)

في (أ): ساعدت عليه الكتابة.

(6)

(5/ 236).

(7)

في "صحيحه" رقم (536).

ص: 112

قلت: شدة البرد يكون غالباً وقت الصبح، ولا يزول إلا بطلوع الشمس وارتفاع النهار، فلو أخرت الصلاة لشدة البرد لخرجت عن وقتها، ولا سبيل إلى ذلك، ولم يقل به أحد، ثم إن التنفس يحصل عند أشدية الحر، ولم يقتصر في الإبراد على أشده لوجود المشقة عند شديده أيضاً، فالأشدية تحصل عند التنفس، والشدة مستمرة بعد ذلك فيستمر الإبراد إلى أن تذهب الشدة (1).

36 -

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ ألمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَبْرِدْ". ثُمَّ أَرَادَ المُؤَذِّن أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" مَرْتَيْنِ أَوْ ثَلاثَاً حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، ثُمّ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ شِدَّةَ الحَر مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ".

أخرجه الخمسة (2) إلا النسائي. [صحيح]

"الفَيْحُ": اللَّفح والوَهَج (3).

قوله في حديث أبي ذر: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبرد" ثم أراد أن يؤذن فقال له: "أبرد" أقول: ترجمة البخاري (4) باب الإبراد بالظهر في السفر. قال الحافظ (5): أراد بهذه الترجمة أن الإبراد لا يختص بالحضر، لكن محل ذلك ما إذا كان السافر نازلاً، أما إذا كان سائراً أو على سير ففيه جمع التقديم والتأخير. والمؤذن المذكور بينته روايات بأنه بلال، ووردت رواية بأنه قال له الثلاثة أيضاً. أي: أمره

(1) انظر: "فتح الباري"(2/ 19).

(2)

أخرجه البخاري رقم (535)، ومسلم رقم (616)، وأبو داود رقم (401)، والترمذي رقم (158).

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 236).

(4)

في "صحيحه"(2/ 20 الباب رقم 10 - مع الفتح).

(5)

في "فتح الباري"(2/ 20).

ص: 113

بالإبراد وهي عند البخاري (1) في باب الأذان للمسافرين. فإن قيل: الإبراد للصلاة، فكيف أمر به المؤذن للأذان؟ فالجواب: أن ذلك ينبني هل الأذان للوقت أو للصلاة وفيه [372 ب] خلاف معروف، والأمر المذكور يقوي القول بأنه للصلاة. وقيل: بل لأنها جرت عادتهم أن لا يتخلفوا عند سماع الأذان عن الحضور للجماعة، فالإبراد بالأذان لغرض الإبراد بالجماعة.

قوله: "حتى رأينا فيء التلول"(2) أقول: الفيء بفتح الفاء وسكون الياء بعدها همزة هو ما بعد الزوال من الظل.

والتلول: جمع تل بفتح المثناة الفوقية وتشديد اللام. وهو كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة، فلا يظهر لها ظل إلا إذا [412/ أ] ذهب أكثر وقت الظهر.

وقد اختلف (3) العلماء في حد الإبراد: فقيل: حتى يصير الظل ذراعاً بعد ظل الزوال. وقيل: ربع قامة. وقيل: ثلثها. وقيل: نصفها. وقيل غير ذلك.

قال الحافظ (4): والجاري على القواعد أنه يختلف باختلاف الأحوال، لكن يشترط أن لا يمتد إلى آخر الوقت.

وأما [ما](5) وقع عند البخاري (6) في الأذان بلفظ: "حتى ساوى الظل التلول"، فظاهره أنه أخرها إلى أن صار ظل كل شيء مثله. ويحتمل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظل تحت التل

(1) في "صحيحه"(2/ 111 الباب رقم 18 - مع الفتح).

(2)

"القاموس المحيط"(ص 1254).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 20).

(4)

في "فتح الباري"(2/ 20 - 21).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في "صحيحه"(2/ 111 الباب رقم 18 - مع الفتح).

ص: 114

بعد أن لم يكن ظاهراً، فساواه في الظهور لا في المقدار. أو يقال: كان ذلك في السفر فلعله أخر صلاة الظهر حتى يجمعها مع العصر. وتقدم الكلام على بقية الحديث وعلى معارضة أحاديث الإبراد في شرح حديث خباب.

37 -

وعن القاسم بن محمد قال: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسُ إِلَاّ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِعَشِي. أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح]

قوله: "في حديث القاسم بن محمد" وهو ابن أبي بكر: "ما أدركت الناس لا يصلون الظهر بعشي" أقول: العشي في "النهاية"(2): أن ما بعد الزوال إلى المغرب عشاء، وقيل: العشي: من زوال الشمس إلى الصباح، انتهى. وكأنه يريد القاسم أنهم يؤخرون الظهر [373 ب].

38 -

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: "كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كانَ الحَرُّ أَبرَدَ بِالصَّلَاةِ، وإِذَا كَانَ البرْدُ عَجَّلَ". أخرجه النسائي (3). [صحيح]

39 -

وعن عليّ بن شيبان رضي الله عنه قال: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يُؤَخِّرُ العَصْرَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً. أخرجه أبو داود (4). [ضعيف]

قوله: "علي بن شيبان" أقول: هو أبو يحيى علي بن شيبان الحنفي اليمامي. روى عنه ابنه عبد الرحمن حديثه في الصلاة. قاله ابن الأثير (5). ويريد بحديثه هذا. فإنه أخرجه أبو داود عن زيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه، عن جده. وتقدم معنى الحديث مراراً.

(1) في "الموطأ"(1/ 9 رقم 12)، وهو أثر موقوف صحيح.

(2)

(2/ 211).

(3)

في "السنن الكبرى"(1/ 465 رقم 1490/ 4).

(4)

في "السنن" رقم (408) وهو حديث ضعيف.

(5)

في "تتمة جامع الأصول"(2/ 608 قسم التراجم).

ص: 115

40 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قُدِّمَ العَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ صَلَاةَ المَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ". أخرجه الخمسة (1) إلا أبا داود. [صحيح]

قوله في حديث أنس: "إذا قدم العشاء" أقول: يأتي في حديث عائشة (2): "إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء" فزيد ذكر إقامة الصلاة وأما "حضر" فهو كقدم في معناه.

وفي حديث ابن عمر (3): "إذا وضع وأقيمت الصلاة".

قوله: "فابدءوا به" أقول: أي: بالعشاء قبل صلاة المغرب يأتي في حديث عائشة إطلاق الصلاة، وفي حديث ابن عمر، وهذا الحديث بينها.

وقوله: "أحدكم" هو أخص من قوله: "العشاء" فتحمل تلك الرواية على عشاء من يريد الصلاة، فلو وضع عشاء غيره لم يدخل في ذلك.

ويحتمل أن يقال: بالنظر إلى المعنى لو كان جائعاً واشتغل خاطره بطعام غيره كان كذلك قال الحافظ (4).

"ولا تعجلوا عن عشائكم" بل أبدءوا به. أقول: قال النووي (5): في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من ذهاب كحال الخشوع، ويلحق به ما في معناه مما يشغل القلب. وهذا إذا كان في الوقت سعة، فإن ضاق صلى على حاله محافظةً على حرمة الوقت، ولا يجوز التأخير.

(1) أخرجه البخاري رقم (672)، ومسلم رقم (557)، والترمذي رقم (353)، والنسائي (2/ 111).

(2)

سيأتي تخريجه. وهو حديث صحيح.

(3)

سيأتي تخريجه. وهو حديث صحيح.

(4)

في "فتح الباري"(2/ 160).

(5)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(5/ 46).

ص: 116

وحكى المتولي وجهاً أنه يبدأ بالأكل وإن خرج الوقت؛ لأن مقصود الصلاة [374 ب] الخشوع فلا يفوته، انتهى.

قال الحافظ (1): وهذا [إنما](2) يجيء على من يوجب الخشوع. ثم فيه نظر؛ لأن المفسدتين إذا تعارضتا اقتصر على أخفهما، وخروج الوقت أشد من ترك الخشوع بدليل صلاة الخوف، والغريق وغير ذلك. وإذا صلى لمحافظة الوقت صحت مع الكراهة، وتستحب الإعادة عند الجمهور. وادّعى ابن حزم (3) أن في الحديث دليلاً على امتداد الوقت في حق من وضع له الطعام، ولو خرج الوقت المحدود. وقال: مثل ذلك في حق النائم والناسي.

واستدل به القرطبي (4) على أن شهود الجماعة ليس بواجب؛ لأن ظاهره: أنه يشتغل بالأكل وإن فاتته الصلاة في جماعة.

قال الحافظ (5): وفيه نظر؛ لأن بعض من ذهب إلى الوجوب كابن حبان جعل حضور الطعام عذراً في ترك الجماعة، فلا دليل فيه حينئذٍ على إسقاط الوجوب مطلقاً. واستدل بقوله:"فابدءوا" على تخصيص ذلك لمن لم يشرع في الأكل، وأما من شرع فيه وأقيمت الصلاة فلا يتمادى بل يقوم إلى الصلاة. وتعقب بما يأتي عن ابن عمر. وأجيب بأنه رأي له، وإلا فالنظر إلى المعنى يقتضي ما ذكروه؛ لأنه يكون قد أخذ من الطعام ما يدفع به شغل البال.

(1) في "فتح الباري"(2/ 161).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

في "المحلى"(4/ 46 - 47).

(4)

في "المفهم"(1/ 274).

(5)

في "الفتح"(2/ 161).

ص: 117

41 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ، وَحَضَرَ العِشَاءُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ". أخرجه الشيخان (1). [صحيح]

42 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ، وَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإِمَامِ". أخرجه الستة (2) إلا النسائي. [صحيح]

43 -

وفي أخرى لأبي داود (3) عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: "كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي زَمَانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ: إِنَّا سَمِعْنَا أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالعَشَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: وَيْحَكَ، مَا كَانَ عَشَاؤُهُمْ؟ أَتُرَاهُ كَانَ مِثْلَ عَشَاءِ أَبِيكَ". [إسناده قوي].

قوله في حديث ابن عمر: "وكان ابن عمر" أقول: قال الحافظ (4): هذه موصولة عند أبي عوانة في "مستخرجه"(5)، وروى سعيد بن منصور (6)، وابن أبي شيبة (7) بإسناد حسن عن أبي

(1) أخرجه البخاري رقم (671) ومسلم رقم (558).

(2)

أخرجه البخاري رقم (673)، ومسلم رقم (559)، وأبو داود رقم (3757)، والترمذي رقم (354)، ومالك في "الموطأ"(1/ 971).

(3)

في "السنن" رقم (3759) بإسناد قوي.

(4)

في "فتح الباري"(2/ 161 - 162).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 161).

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 161).

(7)

في "مصنفه"(2/ 420).

ص: 118

هريرة، وابن عباس: أنهما كان يأكلان طعاماً وفي التنور شواء، فأراد المؤذن أن يقيم الصلاة [375 ب] فقال [413/ أ] له ابن عباس: لا تعجل لئلا تقوم وفي أنفسنا منه شيء.

وفي رواية ابن أبي شيبة (1): "لئلا يعرض لنا في صلاتنا"، وله (2) عن الحسن بن علي قال: العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوامة.

قلت: وهذا كله من عناية الشارع بشأن الصلاة، وأنه يتفرغ العبد للإقبال عليها وعلى خشوعها بعد قضاء ما يشغله عن شيء من أفعالها وأقوالها وخشوعها.

قوله: "وعن عبد الله بن عبيد بن عمير" أقول: هو أبو هاشم (3) عبد الله بن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي، يعد في التابعين، كثير الحديث، روى عن أبيه، وعن ابن عمر. مات سنة عشر ومائة.

وأما عباد بن عبد الله بن الزبير (4). أي: ابن العوام، فهو حجازي من أهل مكة وسادات التابعين، سمع أباه وعائشة.

قوله: "ما كان عشاؤهم أتراه مثل عشاء أبيك" يريد ابن عمر بعشائهم. أي: الصحابة الذين خوطبوا بحديث: "فابدءوا بالعشاء" كعشاء ابن الزبير أيام خلافته، وهذا كأنه يخصص ابن عمر العشاء بالعادة التي وقعت زمن الخطاب بالحديث، وهذا لا وجه له، بل العشاء يطلق على الخشن والحسن، وهذا ابن عباس، وابن عمر، قدما الشواء على الصلاة، وغاية عشاء ابن الزبير أن يكون كذلك.

(1) في "مصنفه"(2/ 421).

(2)

لابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 421).

(3)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 670 - قسم التراجم).

(4)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 628 - قسم التراجم).

ص: 119

44 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُؤَخَّرُوا الصَّلاةَ لِطَعَامٍ، وَلَا لِغَيْرِهِ". أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]

قوله في حديث جابر: "لا تؤخروا الصلاة لطعامٍ ولا لغيره". أقول: هذا مخالف لما تقدم من أحاديث الأمر بتقديم العشاء على الصلاة.

قال الخطابي (2): وجه الجمع بين الحديثين: أن [حديث](3) الأمر بتقديم الطعام إنما جاء فيمن كانت نفسه تنازعه شهوة الطعام، وكان شديد التوقان إليه، فإذا كان كذلك، وحضر الطعام وكان في الوقت فضل بدأ بالطعام لتسكن شهوة نفسه، فلا يمنعه عن توفية الصلاة [حقها](4) وكان [376 ب] الأمر يخف عليهم في الطعام وقرب مدة الفراغ منه إذ كانوا لا يستكثرون منه، ولا ينصبون الموائد، [ولا يتناقلون](5) الألوان، وإنما هو مذقة من لبن أو شربة من سويق أو كف من تمر أو نحو ذلك، ومثل هذا لا يؤخر الصلاة عن زمانها، ولا يخرجها عن وقتها.

وأما حديث جابر (6): "لا تؤخروا الصلاة لطعام ولا لغيره" فهو لما كان بخلاف ذلك من حال المصلي، وصفة الطعام، ووقت الصلاة وإن كان الطعام لم يوضع، وكان الإنسان متماسكاً في نفسه وحضرت الصلاة وجب أن يبتدئ بها ويؤخر الطعام. وهذا وجه بناء أحد الحديثين على الآخر. انتهى.

(1) في "السنن" رقم (3758)، وهو حديث ضعيف.

(2)

في معالم "السنن"(4/ 134 - مع السنن).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

سقطت من (أ. ب) ، وأثبتناها من "المعالم".

(5)

كذا في (أ. ب)، والذي في "المعالم": ويتناولون.

(6)

قاله الخطابي في "معالم السنن"(4/ 134 - مع السنن).

ص: 120

45 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أَعْتَمَ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم بِالعِشَاءِ، فَخَرَجَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ الله، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، يَقُولُ:"لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالصَّلَاةِ هَذِهِ السَّاعَةَ". أخرجه الشيخان (1) والنسائي (2). [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء" أقول: قد ثبت النهي عن تسمية صلاة العشاء بالعتمة.

وفي مسلم (3): "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، فإنها في كتاب الله العشاء، وهم يعتمون بِحلَاب الإبل"، انتهى.

وكان ابن عمر إذا سمعهم يقولون: العتمة صاح وغضب. أخرجه الشافعي، واختلف السلف في ذلك منهم من كرهه، ومنهم من جعله خلاف الأولى، وأن النهي كان للتنزيه، والأحاديث قد وردت بتسميتها بالأعتمة وبالإعشاء. وأما إطلاق أعتم ونحوه فإنه لا نهي عنه وإنما النهي عن إطلاق الاسم.

قوله: "الصلاة" بالنصب على الإغراء.

[و](4) قوله: "رقد النساء والصبيان" أي: ممن ينتظر الصلاة منهم في المسجد. قيل: إنما [قال ذلك عمر؛ لأنه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما](5) أخر الصلاة ناسياً لها أول وقتها.

فائدة: زاد الطبراني (6) في حديث ابن عباس هذا. قال: ذهب الناس إلا عثمان بن

(1) أخرجه البخاري رقم (567)، ومسلم رقم (642).

(2)

في "السنن"(1/ 265، 266) في "المواقيت" باب: ما يستحب من تأخير العشاء.

(3)

في "صحيحه" رقم (644) من حديث عبد الله بن عمر.

(4)

زيادة من (أ).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في "المعجم الكبير"(11/ 11023). =

ص: 121

مظعون في ستة عشر رجلاً فخرج صلى الله عليه وسلم فقال: "ما صلى هذه الصلاة أحد قبلكم"(1)

قوله: "ورأسه يقطر" معناه: أنه اغتسل حينئذٍ. فقوله: "أعتم" أي: أخر صلاة العشاء حتى اشتدت عتمة الليل. وهي ظلمته.

قال النووي (2): وأعلم أن التأخير المذكور في هذا الحديث [377 ب] وما بعده كله تأخير لم يخرج به عن وقت الاختيار، وهو نصف الليل أو ثلثه على الخلاف المشهور.

46 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: أَنَّهُ سُئِلَ: هَلِ اتَّخَذَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَاتِمًا؟ قَالَ: أَخَّرَ لَيْلَةً العِشَاءِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ، وَقَالَ:"إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَرَقَدُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا". أخرجه الشيخان (3) والنسائي (4). [صحيح]

"الوَبِيصُ"(5): البريق واللمعان.

47 -

وعنه رضي الله عنه قال: أُقِيْمَتْ العِشَاءُ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِي حَاجَةٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ القَوْمُ، أَوْ بَعْضُ القَوْمِ ثُمَّ صَلَّوْهَا. أخرجه الخمسة (6)، واللفظ لمسلم. [صحيح]

= وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 313) وقال: رجاله موثقون.

(1)

كذا في المخطوط والذي في "المعجم الكبير": "ما صلى صلاتكم هذه أمة قط قبلكم، وما زلتم في صلاة بعد

".

(2)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(5/ 137 - 138).

(3)

أخرجه البخاري رقم (572، 600، 661، 847، 5869)، ومسلم رقم (640).

(4)

في "السنن"(1/ 268) في "المواقيت"، باب: آخر وقت العشاء.

(5)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 247).

(6)

أخرجه البخاري رقم (642، 643، 6292)، ومسلم رقم (376)، وأبو داود رقم (201، 542، 544)، والترمذي رقم (518)، والنسائي رقم (791).

ص: 122

قوله في حديث أنس: "إلى وبيص خاتمه" أقول: أول الحديث في "الجامع"(1) سئل أنس: "اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً؟ قال: أخَّر" الحديث.

وقوله: "وبيص خاتمه" أقول: بفتح الواو فموحدة فمثناة تحتية فصاد مهملة فسره المصنف، زاد في مسلم (2):"من فضة"، ورفع إصبعه اليسرى بالخنصر.

قال النووي (3): هكذا هو في الأصول. وفيه محذوف تقديره مشيراً بالخنصر. أي: أن الخاتم كان في خنصر يده اليسرى، وهذا الذي رفع إصبعه هو أنس. قال: وفي الإصبع عشر لغات، كسر الهمزة وفتحها وضمها مع كسر الباء وفتحها وضمها. والعاشرة أصبوع، وأفصحهن كسر الهمزة مع فتح الباء. انتهى. [414/ أ].

قوله: "إن الناس" قيل: أراد بهم اليهود والنصارى.

وقوله: "لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها" أي: لكم أجر الراكع الساجد القائم مهما كنتم منتظرين لأداء الصلاة تفضلاً من الله عز وجل.

وفي "الجامع"(4) قال الحسن: إن الناس لا يزالون في خير ما انتظروا الخير.

قوله في حديث أنس: "حتى نام القوم أو بعض القوم" أقول: كأنه شك من الراوي.

قال النووي (5): إنه محمول على نوم لا ينقض الوضوء، وهو نوم الجالس ممكناً مقعدته. وفيه دليل على أن مثل هذا النوم لا ينقض، انتهى.

(1)(5/ 245 - 246 رقم 3318).

(2)

في "صحيحه" رقم (222/ 640).

(3)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(5/ 140).

(4)

(5/ 246).

(5)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(5/ 39).

ص: 123

قلت: يأتي في نواقض الوضوء تحقيقه. وفيه دليل على أنه لا بأس بالخطاب بعد الإقامة، وبعد قيام الإمام إلى الصلاة وتوجهه نحو القبلة، إذ في رواية:"لقد رأيت رسول الله [378 ب]صلى الله عليه وسلم بعد ما تقام الصلاة يكلِّمه الرجل يقوم بينه وبين القبلة"(1).

48 -

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: بَقِينَا نَنْتَظِرُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ العَتَمَةِ فَتَأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ، وَالقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: قَدْ صَلَّى، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُ كَمَا قَالُوا؟ فَقَالَ:"أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ، لَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ". أخرجه أبو داود (2). [صحيح]

قوله في حديث معاذ: "فقالوا له كما قالوا" أي: من أنهم ظنوا أنه ليس بخارج أو أنه قد صلى.

قوله: "قد فضلتم بها على سائر الأمم" فيه دليل أنهم اختصوا بفريضة صلاة العشاء، أو أنهم اختصوا بفضيلة تأخيرها لقوله:"فإن الناس قد صلوا ورقدوا" حيث أريد بهم أهل الكتابين.

49 -

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: عَتَمَ بِالصَّلَاةِ، يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ. قَالَ لمِنْ حَضَرَهُ:"عَلَى رِسْلِكُمْ أُعْلِمُكُمْ وَأَبْشِرُوا، إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ الله عَلَيْكُمْ أنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِه السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ".

أخرجه الشيخان (3). [صحيح]

(1) سيأتي نصه وتخريجه.

(2)

في "السنن" رقم (421).

وأخرجه أحمد (5/ 237)، والبيهقي (1/ 451)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 331)، وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه البخاري رقم (567)، ومسلم رقم (641).

ص: 124

"ابْهَارَّ الليْلُ"(1): ذهب معظمه، أو نصفه.

"وَرِسْلِكُمْ"(2): بكسر الراء، أي: على هينتكم.

قوله في حديث أبي موسى: "حتى ابهارَّ الليل" أقول: بفتح الهمزة فموحدة ساكنة وآخره راء مشدودة، أي: انتصف. قاله النووي (3). وفي "الفتح"(4) أي: طلعت نجومه واشتبكت. والباهر الممتلئ بهاءً ونوراً قاله أبو سعيد الضريرِ.

وعن سيبويه (5)، ابهار الليل كثرت ظلمته، وابهارَّ القمر كثر ضوءه.

وقال الأصمعي (6): ابهار انتصف مأخوذة من بهرة الليل، وهو وسطه، ويؤيده أنه في بعض الروايات "حتى إذا كان قريباً من نصف الليل". وسيأتي في حديث أنس عند المصنف - أي البخاري - إلى نصف الليل. انتهى.

وقوله: "على رسلكم" هو بكسر الراء وفتحها لغتان والكسر أفصح وأشهر. أي: تأنوا.

وقوله: "أن من نعم الله عليكم" هو بفتح الهمزة معمول لقوله: "أعلمكم" وكذلك أنه ليس بفتحها.

قال النووي (7): فيه جواز الحديث بعد صلاة العشاء إذا كان في خيرٌ، وإنما نهى عن

(1) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 250).

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 657).

(3)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(5/ 141).

(4)

في "فتح الباري"(2/ 48).

(5)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 48).

(6)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 48).

(7)

في شرحه لـ "صحيح مسلم"(5/ 141).

ص: 125

الكلام إذا كان في غير خير. انتهى.

قال في "الفتح": إن إن في "إن من نعمة"[379 ب] مكسورة ووهم من ضبطها بالفتح وأما قوله: "أنه ليس أحد" فهو بفتح أن للتعليل، انتهى.

قلت: والظاهر مع النووي أن الأولى مفتوحة معمولة لأعلمكم كما قال، وليس بوهم، إلا أنه ليس في رواية البخاري (1):[لأعلمكم](2) بل فيها "أبشروا" فالكسر في روايته متعين، والفتح في رواية مسلم (3) متعين. زاد في رواية (4) البخاري قال أبو موسى: فرجعنا فرحى بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى. وهو بفتح الفاء وسكون الراء فحاء مهملة فألف مقصورة.

قال الحافظ (5): جمع فرحان على غير القياس. ومثله {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} (6) في قراءة من قرأ. أو تأنيث أفرح، وهو نحو الرجال فعلت، وفي رواية الكشميهني (7):"فرجعنا وفرحنا" وسبب فرحهم علمهم باختصاصهم بهذه العبادة التي هي نعمة عظمى، مستلزمة للمثوبة الحسنى، مع [ما](8) انضاف إلى ذلك من تجميعهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى.

(1) في "صحيحه" رقم (567).

(2)

في (أ): وأعلمكم.

(3)

في "صحيحه" رقم (641).

(4)

أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (567).

(5)

في "فتح الباري"(2/ 49).

(6)

سورة الحج الآية (2).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 49).

(8)

سقطت من (ب).

ص: 126

وفي "جامع الأصول"(1) بلفظ: "فرجعنا فرحين" وكأنه عبارة رواية مسلم (2).

50 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصّلَاةَ كُلَّهَا" أخرجه الستة (3). [صحيح]

وفي رواية (4): "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاّةِ مَعَ الإِمَامِ". [صحيح]

قوله في حديث أبي هريرة: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كلها" أقول: تقدم الكلام قريباً فيمن أدرك ركعة من الصبح، الحديث فيشمل من أدرك ركعة مع الإمام كما صرحت به الرواية الآتية، وقلنا بعد خروجه من الصلاة: أنه أدركها جماعة، ويدل على أنه قد يستحق بعمل البعض أجر الكل مثل الذي من العصر إلى الليل أو النهار كله، وهو نظير الذي يعطي أجر الصلاة كلها، ولو لم يدرك إلا ركعة.

قال الحافظ (5): ونسبة الركعة إلى الرباعية الربع. كما أن نسبة ما بين العصر إلى النهار الربع [380 ب] قوله (6).

51 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ مِنَ الصّلَوَاتِ، فَقَدْ أَدْركَهَا إِلَاّ أنّهُ يَقْضِي مَا فاتَهُ". أخرجه النسائي (7). [صحيح]

(1)(5/ 250).

(2)

في "صحيحه" رقم (224/ 641).

(3)

أخرجه البخاري رقم (580)، ومسلم رقم (607)، وأبو داود رقم (1121)، والترمذي رقم (5240)، وابن ماجه رقم (1122)، والنسائي رقم (553 - 556).

(4)

أخرجه البخاري رقم (580)، ومسلم رقم (262/ 607).

(5)

في "فتح الباري"(2/ 39).

(6)

كذا في المخطوط (أ. ب).

(7)

في "السنن" رقم (558) ، وهو حديث صحيح.

ص: 127

في حديث ابن عمر: "إلا أنه يقضي ما فاته" أي: يأتي به وهو أداء، وكأنه احتراس عن ظن من يظن أن من أتى بركعة أجزأته لقوله:"فقد أدرك الصلاة".

52 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "مَا صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم -صَلَاةً لِوَقْتِهَا الآخِرِ مَرَّتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ الله"(1). [حسن]

قوله في حديث عائشة: "لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله" أقول: حديث: "إن للصلاة أولاً وآخراً" تقدم، وبيَّنَ الأول والآخر بياناً شافياً. كقوله:"إن أول وقت [الظهر] (2) حين تزول الشمس، وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر"(3). وعن غيره كذلك، وإن كان قدمنا في الحديث مقالاً في رفعه، لكن أحاديث التوقيت القولية والفعلية دالة عليه. فقولها: آخر وقتها تريد به ما ذكر.

وقوله: "مرتين" كأنها تشير إلى ما في حديث ابن عباس (4) من أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. أي: أنه أخر الظهر إلى آخر وقتها، وأخر المغرب إلى آخر وقتها، كما صرح به أبو الشعثاء ظناً منه، ووافقه عليه غيره، ودلَّ له حديث عائشة هذا.

قلت: ويأتي أنه أخرج حديث عائشة هذا الترمذي، لكنه قال عقب (5) إخراجه: هذا حديث غريب، وليس إسناده بمتصل. وفي حواشي:"التلخيص" أنه بناء على أن عمر بن علي عليه السلام (6) لم يسمع من أبيه لصغره.

(1) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (174)، وقال: حديث حسن غريب، وهو حديث حسن.

(2)

في (ب): للظهر.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

في "السنن"(1/ 328).

(6)

انظر "التقريب"(2/ 61 رقم 590).

ص: 128

وقال أبو حاتم: إنه سمع من أبيه فاتصل إسناده (1).

ثم قال: قال الشافعي (2): الوقت الأول من الصلاة أفضل، ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل، ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون أول الوقت. حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي، انتهى. [415/ أ].

53 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوَقْت الأَوَّلُ مِنَ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ الله، وَالآخِرُ عَفْوُ الله"(3). أخرجهما الترمذي. [حسن]

قوله في حديث ابن عمر: "أول الوقت رضوان الله" أقول: قد نسبه إلى الترمذي.

وقال ابن حجر في "التلخيص"(4): وأخرجه الدارقطني (5) من حديث يعقوب بن الوليد المديني، عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ويعقوب.

قال أحمد بن حنبل (6)[381 ب]: كان من الكذابين الكبار، وكذبه ابن معين (7).

وقال النسائي: متروك.

وقال ابن حبان (8): كان يضع الحديث، وما روى هذا الحديث غيره.

(1) انظر: "نصب الراية"(1/ 435).

(2)

"البيان" للعمراني (2/ 360).

(3)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (174). وهو حديث حسن.

(4)

(1/ 321 رقم 260/ 18).

(5)

في "السنن"(1/ 249).

(6)

ذكره الذهبي في "الميزان"(4/ 455 رقم 9829).

(7)

ذكره الذهبي في "الميزان"(4/ 455).

(8)

في "المجروحين"(3/ 137 - 138).

ص: 129

وقال الحاكم (1): الحمل فيه عليه.

وقال البيهقي (2): يعقوب كذبه سائر الحفاظ، ونسبوه إلى الوضع، وذكر (3) أنه روى عن جماعة من الصحابة وذكر رواياتهم وطعن فيها كلها.

54 -

وعن رافع بن خديج رضي الله عنه: أنّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ". أخرجه أصحاب السنن (4).

وزاد رزين: "وَإِنّ أَفْضَلَ العَمَل الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا".

قوله في حديث رافع بن خديج: "أسفروا بالفجر". أقول: تقدم القول فيه، وأن المراد: اتضاح وقته.

قال في "الفتح"(5): وحمله الطحاوي (6) على أن المراد الأمر بتطويل القراءة حتى يخرج من الصلاة مسفراً وأبعد من قال: إنه ناسخ للصلاة في الغلس.

(1) انظر: "ميزان الاعتدال"(4/ 455).

(2)

ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 321).

(3)

أي: الحافظ في "التلخيص"(1/ 322).

(4)

أخرجه أبو داود رقم (424)، والترمذي رقم (154)، والنسائي (1/ 272)، وابن ماجه رقم (672). وأخرجه أحمد (3/ 465)، وابن حبان رقم (1491)، والطيالسي رقم (959)، والدارمي (1/ 277)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 178)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 94).

وفي "أخبار أصبهان"(2/ 329)، والقضاعي في "مسند الشهاب" رقم (458)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 457)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(13/ 45).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(5)

(2/ 55).

(6)

في "شرح معاني الآثار"(1/ 178).

ص: 130

55 -

وعن يحيى بن سعيد رضي الله عنه قال: إِنَّ المُصَلِّيَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَتْهُ، وَلمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَعْظَمُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. أخرجه مالك (1). [مقطوع صحيح]

قوله: "وعن يحيى بن سعيد" أقول: هو موقوف ومعناه صحيح.

56 -

وعن أمّ فروة رضي الله عنها: وَكَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ لأَوَّلِ وَقْتِهَا". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3). [صحيح]

قوله: "وعن أم فروة" أقول: هي أخت أبي بكر الصديق لأبيه. ومن قال فيها: أم فروة الأنصارية فقد وهم. قاله عبد العظيم المنذري (4).

قال السهيلي (5): ولم يعش لأبي قحافة ولد ذكر إلا أبو بكر، ولا يعلم له بنت إلا أم فروة التي أنكحها أبو بكر الأشعث بن قيس. وقيل: كانت له أخرى تسمى قريبة تزوجها قيس بن سعد بن عبادة.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي" قلت: [وقال الترمذي (6): قال أبو عيسى](7): حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث، واضطربوا في هذا الحديث، انتهى.

(1) في "الموطأ"(1/ 12 رقم 23)، وهو أثر مقطوع صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (170).

(3)

في "السنن" رقم (426)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "مختصر السنن"(1/ 247).

(5)

انظر: "الروض الأنف"(1/ 287 - 288).

(6)

في "السنن"(1/ 323).

(7)

وهما واحد.

ص: 131