الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي" في "الجامع"(1): واختصره الترمذي (2) وقال (3): "رأيت ابن عمر صلى بعد ركعتين، ثم صلى بعد ذلك أربعاً". انتهى.
قال المنذري (4): أنه قال الترمذي (5): إنه حديث حسن صحيح.
[قوله](6)
(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)
ترجم البخاري (7) بقوله: أبواب (8) الوتر، والوتر بالكسر (9): الفرد، وبالفتح: الثأر وفي لغة مترادفان، ولم يتعرض البخاري لحكمه.
قال ابن التين (10): اختلف في الوتر في سبعة أشياء: في وجوبه، وعدده، واشتراط النية فيه، واشتراطه بقراءة، وفي اشتراط شفع قبله، وفي آخر وقته، وصلاته في السفر [253 ب] على الدابة.
زاد الحافظ ابن حجر (11): وفي قضائه، والقنوت فيه، وفيما يقال فيه، وفي محل القنوت منه، وفيما يقال فيه، وفي فصله ووصله، وهل يسن ركعتان بعده، وفي صلاته من قعود.
(1)(6/ 42).
(2)
في "السنن" رقم (523).
(3)
في "السنن"(2/ 402).
(4)
انظر: "مختصر السنن"(2/ 26) ولم أجده.
(5)
في "السنن"(2/ 400).
(6)
زيادة من (أ).
(7)
في "صحيحه"(2/ 477 الباب رقم 1).
(8)
كتاب "الوتر": باب ما جاء في الوتر.
(9)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 478).
(10)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 478).
(11)
في "الفتح"(2/ 478).
لكن هذا [الأخير](1) ينبني على كونه مندوباً أولا، وقد اختلفوا في أول وقته أيضاً، وفي كونه أفضل صلاة التطوع، أو الرواتب أفضل منه، أو خصوص ركعتي الفجر. انتهى.
ثاني عشرة وقع الخلاف فيها في الوتر.
الأول: حديث (بريدة).
1 -
عن بريدة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا. قَالهَاَ ثَلَاثاً". أخرجه أبو داود (2). [حسن لغيره]
قوله صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا، قالها ثلاثاً".
أي: قال: "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا" كما في "الجامع"(3).
قال ابن عبد البر (4): في السلف من يقول بوجوب الوتر، وهو مذهب أبي حنيفة (5) وأصحابه، وحجتهم حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه (6)، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله قد زادكم صلاة إلى صلاتكم، وهي الوتر فحافظوا عليها".
(1) سقطت من (أ. ب) وأثبتناها من "فتح الباري"(2/ 478).
(2)
في "السنن" رقم (1419).
وأخرجه أحمد (5/ 357) وفي إسناده عبيد الله بن عبد الله العتكي متكلم فيه، وقال الحافظ في "التقريب" رقم (4312): صدوق يخطئ. وهو حديث حسن لغيره.
(3)
(6/ 42 رقم 4128).
(4)
في "الاستذكار"(5/ 263 رقم 6726، 6727، 6728).
(5)
انظر: "البناية في شرح الهداية"(2/ 565).
(6)
أخرجه أحمد (2/ 206) بسند ضعيف، لضعف المثنى بن الصباح، وابن أبي شيبة، في "المصنف"(2/ 297)، بسند ضعيف، لضعف الحجاج بن أرطاة، والمروزي في كتاب "الوتر"(ص 111)، والطيالسي رقم (2263)، وهو حديث حسن لغيره.
وحديث خارجة بن حذافة (1) قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله أمدَّكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، الوتر جعلها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر".
وحديث بريدة (2) الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منّا".
قال ابن عبد البر (3): وهذه آثار محتملة للتأويل؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: "زادكم صلاة" ليس بموجب للفرض لاحتماله أن يكون زادنا فيما يكون لنا زيادة في أعمالنا، كما جاء في الوصية عنه صلى الله عليه [254 ب] وآله وسلم:"إن الله جعل لكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم"(4)، ومعلوم أن ما هو لنا فهو خلاف ما افترض علينا، ويصحح هذا التأويل قوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (5)، ولو كانت ستاً لم يكن فيها وسطى.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد". وقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الصلوات الخمس"(6).
(1) أخرجه أبو داود رقم (1418)، والترمذي رقم (452)، وابن ماجه رقم (1168).
وهو حديث حسن، دون قوله:"هي خير لكم من حمر النعم".
(2)
تقدم، وهو حديث حسن لغيره.
(3)
في "الاستذكار"(5/ 264) رقم (6730، 6731 ،6732، 6733).
(4)
أخرجه ابن ماجه رقم (2709)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 268)، والبزار في "مسنده" كما في "نصب الراية"، (4/ 400)، وقال: لا نعلم رواه عن عطاء إلا طلحة بن عمرو، وليس بالقوي: وهو حديث ضعيف، وسيأتي تخريجه مطولاً.
(5)
سورة البقرة الآية (238).
(6)
أخرجه البخاري رقم (528)، ومسلم رقم (283)، وقد تقدم.
وقال الأعرابي: هل عليَّ غيرها يا رسول الله؟ قال: "لا. إلا أن تطوع"(1). والآثار في مثل هذا كثيرة جداً.
ثم قال: قال أبو عمر (2): - يريد نفسه - الفرائض لا تثبت إلاّ بيقين لا خلاف فيه، فكيف والقول بأن الوتر ليس بواجب يكاد أن يكون إجماعاً لشذوذ الخلاف فيه. انتهى.
قوله: "أخرجه أبو داود" قال الحافظ ابن حجر (3): فيه أبو المنيب وقد ضعف. انتهى.
والحديث من أدلة من يوجب الوتر.
الثاني: حديث (علي عليه السلام).
2 -
وعن علي رضي الله عنه قال: الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَالصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ الله تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرْآنِ". أخرجه أصحاب السنن (4). [صحيح]
قوله: "الوتر ليس بحتم كالصلاة المكتوبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن". هو من الأدلة على عدم وجوب الوتر؛ لأنه لا يقوله علي عليه السلام إلاّ عن توقيف.
فالأمر منه بالإيثار أمر ندب، وأيضاً فليس بعام للأمة بل خاص بأهل القرآن.
(1) أخرجه البخاري رقم (46، 1891، 2678)(6956)، ومسلم رقم (178).
(2)
ابن عبد البر في "الاستذكار": (5/ 267 رقم 6744).
(3)
في "التلخيص"(2/ 45).
(4)
أخرجه أبو داود رقم (1416)، والترمذي رقم (453)، والنسائي رقم (1675) وابن ماجه رقم (1169)، وأخرجه أحمد (1/ 86).
وهو حديث صحيح.
والظاهر أن المراد بهم المؤمنون؛ لأنهم أهل القرآن، وأمّا من قال للأعرابي:"ليس لك (1) " فما فيه حجة لأنه كلام صحابي.
قوله: "أخرجه أصحاب السنن".
قلت: إنّ الترمذي (2) بوّب له باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم، فساق حديث علي هذا، ثم قال (3): وفي الباب عن ابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس.
قال أبو عيسى (4): حديث علي حسن، وروى سفيان الثوري وغيره عن أبي إسحاق، عن عاصم بن حمزة، عن علي قال: الوتر ليس بحتم كهيئة الصلاة المكتوبة، ولكن سنة سنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) حدّثنا بذلك بندار، وقال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، وهذا أصح من حديث أبي بكر بن عيَّاش. انتهى.
يريد بحديث أبي بكرة بن عياش، هو ما ساق لفظه المصنف هنا، وابن [512/ أ] الأثير (6)[255 ب] ساق الروايتين جميعاً عن الترمذي، فلو اختار المصنف الرواية (7) التي قال الترمذي.
أنها أصح لكان أولى.
(1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (1417)، وابن ماجه رقم (1170). وهو حديث ضعيف.
(2)
في "السنن"(2/ 316).
(3)
الترمذي في "السنن"(2/ 316).
(4)
في "السنن"(2/ 316).
(5)
أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (454).
(6)
في "الجامع"(6/ 43).
(7)
برقم (454)، وهو حديث صحيح.
الثالث:
3 -
وعن ابن مُحيريز: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى المُخْدَجِيَّ سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُك الوِتْرُ وَاجِبٌ. قَالَ الكِناَنُّيِ: فَسَألتُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، فَقَالَ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ. سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتبَهُنَّ الله عَلَى العِبَادِ. فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ الله عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الله عَهْدٌ، إِنْ شاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شاءَ أَدْخَلَهُ الجَنَّةَ". أخرجه الأربعة (1)، إلا الَترمذي. [صحيح]
"أَبُو مُحَمَّدٍ (2) " هذا من الأنصار له صحبة.
وقول عبادة: "كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ" أي أخطأ، ولا يجوز (3) أن يكذب في شيء من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حديث: "ابن محيريز" في "التقريب"(4): بمهملة وراء، واخره زاي، مصغر، ابن جنادة (5) بن وهب الجمحي، بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة، المكي.
(1) أخرجه أبو داود رقم (1420)، وابن ماجه رقم (1401)، والنسائي (1/ 230).
وأخرجه أحمد (5/ 315)، ومالك في "الموطأ"(1/ 123 رقم 14)، وابن حبان رقم (1732، 2417).
وهو حديث صحيح.
(2)
أبو محمد: هو مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن عثمان بن مالك بن النجار.
وقيل: مسعود بن زيد بن سبيع يعد في الشاميين، وقد عدّه الواقدي وطائفة من البدريين، ولم يذكره ابن إسحاق فيهم، وذكره جماعة من الصحابة.
(3)
ولا يجوز أن يراد به حقيقة الكذب؛ لأنه في "الفتوى"، ولا يقال لمن أخطأ في فتواه كذب.
(4)
(1/ 449 رقم 620).
(5)
عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي.
كان يتيماً في حجر أبي محذورة بمكة، ثم نزل ببيت المقدس، ثقة عابد من الثالثة. انتهى ذكره (1) في من اسمه عبد الله.
قوله: "أن رجلاً من بين كنانة يدعى المخدجي" بضم أوله، وسكون المعجمة، وفتح الدال المهملة، ثم جيم، قيل: اسمه رفيع (2).
قوله: "سمع رجلاً بالشام يكنى أبا محمد" هو أبو محمد مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن عثمان بن مالك بن النجار، يعدُّ في الشاميين، معدود في البدريين عند الواقدي وطائفة، ولم يذكره ابن إسحاق فيهم، قاله السهيلي (3).
قوله: "يقول: الوتر واجب" قدّمنا البحث فيه قريباً.
ومن الأدلة على عدم وجوبه ما استدل به ابن عبد البر (4) من "أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على (5) بعيره في سفره".
قال (6): ففيه أوضح دليل على أنه ليس بواجب فرضاً، ولا يشبه المكتوبة؛ لأن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز لأحد أن يصلي شيئاً من الفرائض على الدواب إلا في شدة الخوف
(1) أي: ابن حجر في "التقريب"(1/ 449 رقم 620).
(2)
ذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 570).
(3)
في "الروض الأنف"(3/ 92 - 93).
(4)
في "الاستذكار"(5/ 271 رقم 241).
(5)
أخرجه أحمد (2/ 7)، البخاري رقم (999)، ومسلم رقم (36/ 700)، وأبو داود رقم (1226)، والترمذي رقم (472)، والنسائي (3/ 232)، وابن ماجه رقم (1200) كلهم من حديث ابن عمر، وهو حديث صحيح.
(6)
أي: ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 272 رقم 6753).
خاصة، وفي غلبة المطر عليه، إذا كان الماء تحته وفوقه، فإنهم اختلفوا (1) في ذلك. انتهى.
قوله: "أخرجه الأربعة، إلا الترمذي".
الرابع: حديث (ابن عمر).
4 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِالِّليْلِ وِتْرَاً". أخرجه الخمسة (2)، إلا الترمذي. [صحيح]
قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" في رواية أبي داود (3)، والنسائي (4) عن ابن عمر، وصحّحه أبو عوانة (5) وغيره [256 ب] "أنه كان يقول ابن عمر: من صلى بالليل فليجعل آخر صلاته وتراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك".
(1) لا يجوز عند الشافعية صلاة الفرض على الدابة، إلا إذا كانت واقفة أو سائرة، وكانت صلاة مستوفية لفروضها وشرطها وأركانها وسننها، سواء في حالة الأمن والقدرة، وغيرهما: إلا أن الخائف في الأحوال المتقدمة يصلي حسب قدرته، وعليه الإعادة.
انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 504 - 506)، "الأوسط"(5/ 167 - 168).
وقالت الحنفية: لا تصح صلاة الفرض على الدابة لغير عذر، ولو أتى بها كاملة، سواء كانت الدابة سائرة أو واقفة، أما المعذور فإنه يصلي حسب قدرته، وتقاس الطائرة، وغيرها على ذلك.
انظر: "البناية في شرح الهداية"(2/ 565).
(2)
أخرجه البخاري رقم (998)، ومسلم رقم (151/ 751)، وأبو داود رقم (1438)، والنسائي رقم (1682). وأخرجه أحمد (2/ 20، 102، 135)، والبغوي في "شرح السنة"(4/ 86 رقم (965)، وابن خزيمة رقم (1082)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن" رقم (1438).
(4)
في "السنن" رقم (1682).
(5)
في "مسنده"(2/ 310). وهو حديث صحيح.
"فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر"، وفيه: أنه لا وتر بعد طلوع الفجر.
وفي صحيح (1) ابن خزيمة من حديث أبي سعيد مرفوعاً: "من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له"، إلاّ أنه عارضه حديثه عند أبي داود (2) مرفوعاً: لمن نسي الوتر أو نام فليصله إذا ذكره".
ورفعت المعارضة بأن قوله (فلا وتر له) محمول على من تركه تعمداً، أو المراد لا وتر له إذاً، والصواب أن من نام عن وتره أو نسيه فأداؤه عند الاستيقاظ والذكر.
وحكى ابن المنذر (3) عن جماعة من السلف أنه يخرج بالفجر وقته الاختياري، ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح، وحكاه القرطبي (4) عن مالك والشافعي (5)، وأحمد (6).
(1) في "صحيحه" رقم (1092)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 301 - 302)، وقال: هذا حديث صحيح على "شرح مسلم" ولم يخرجاه، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 478)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (1431)، وأخرجه الترمذي رقم (465) وابن ماجه رقم (1188)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 302)، والدارقطني (2/ 22)، والبيهقي (2/ 480)، كلهم من طريق محمد بن مطرف المدني، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا: وهو حديث صحيح.
(3)
في "الأوسط"(5/ 190 - 193).
(4)
في "المفهم"(2/ 382).
(5)
"المجموع شرح المهذب"(3/ 533)"حلية العلماء"(2/ 144 - 145).
(6)
قال المروزي في مختصر قيام الليل، كتاب "الوتر"(ص 333 - 334)، وسئل أحمد عن رجل عليه صلوات فواتر أيوتر؟ قال: إن فعل لم يضره، وسئل عمن أصبح ولم يوتر؟ قال: يوتر ما لم يصل الغداة.
وفي رواية: ما أعرف الوتر بعد صلاة الغداة. =
واختلف السلف في مشروعية قضاءه فنفاه الأكثر.
وفي مسلم (1) وغيره (2) عن عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نام من الليل من وجع أو غيره فلم يقم من الليل صلى في النهار اثنتي عشرة ركعة".
وقال محمد بن نصر (3): لم نجد في شيء من الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم قضى صلاة الوتر ولا أمر بقضاءه، ومن زعم في ليلة نومهم عن الصبح في الوادي أنه قضى الوتر فلم يصب.
وعن عطاء (4) والأوزاعي: يقضي ولو طلعت الشمس إلى الغروب.
قال الحافظ (5) ابن حجر: وهو وجه عند الشافعية (6)، وعن سعيد بن جبير يقضي من القابلة.
قوله: "أخرجه الخمسة، إلاّ الترمذي".
- ولمالك (7) عن ابن مسعود: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ الِّليْلِ وِتْرَاً".
= وفي أخرى: يصلي الوتر ما لم يصل الغداة، وليس عليه بعد صلاة الفجر أن يصليه.
وكذلك قال أيوب، وأبو خيثمة، وإسحاق رحمهم الله.
(1)
في "صحيحه" رقم (140/ 746).
(2)
كالترمذي في "السنن" رقم (445)، والنسائي رقم (1789)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "مختصر قيام الليل كتاب الوتر"(ص 334).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 290) من طريق ليث، عن عطاء والشعبي، والحسن، وطاووس ومجاهد، قالوا: لا ندع الوتر، وإن طلعت الشمس.
وانظر: "مختصر قيام الليل، كتاب الوتر"(ص 333 - 334).
(5)
في "فتح الباري"(2/ 480).
(6)
حكاه النووي في "شرح صحيح مسلم"(6/ 31 - 32).
(7)
لم أجده في "الموطأ" انظر: ما تقدم من حديث ابن عمر. و"المدونة"(1/ 89).
ظاهر عبارة المصنف أنه موقوف على ابن مسعود وليس كذلك، ففي "الجامع" (1): عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وساقه.
الخامس: حديث (أبي أيوب)[257 ب].
5 -
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ". أخرجه أبو داود (2)، وهذا لفظه، والنسائي (3). [صحيح]
قوله: "الوتر حق على كل مسلم"، هو مثل حديث بريدة (4)، وتقدم الكلام عليه.
قوله: "على كل مسلم" ظاهر في عموم شرعيته، وحديث:"فأوتروا يا أهل القرآن" يراد بهم المسلمون.
ثم بين عدده بقوله: "فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل" ظاهر موصولة.
(ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل) ظاهره كالأول أنها موصولة إلا أنه قد عارضه حديث أبي هريرة (5) مرفوعاً وموقوفاً: "لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب".
صحّحه الحاكم (6)، وروي من طرق وصحّح ابن حبان بعضها.
(1)(6/ 46 رقم 4134).
(2)
في "السنن"(1422).
(3)
في "السنن" رقم (1711)، وأخرجه أحمد (712)، وابن ماجه رقم (1190). وهو حديث صحيح.
(4)
وهو حديث حسن لغيره، وقد تقدم.
(5)
أخرجه الدارقطني في "السنن"(2/ 24 - 25 رقم 1)، وهو حديث صحيح.
(6)
في "المستدرك"(1/ 304)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في "السنن"(3/ 31). وهو حديث صحيح.
وأخرج الحاكم عن عائشة (1) وابن عباس (2) كراهية الوتر بثلاث.
وذهبت الحنفية (3) إلى أنه يوتر بثلاث موصولة واحتج لهم بأن الصحابة أجمعوا على أن الإيتار بثلاث حسن، وردّ أنه أي إجماع منهم مع خلاف من ذكرنا.
ولكنه روى الحاكم (4) من حديث عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث لا يقعد [522/ أ] إلاّ في آخرهن"، وروى النسائي (5) من حديث أُبَّي بن كعب مثله.
وجمع بن الروايتين النهي عن التشبه بصلاة المغرب بحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين وحديث: "لا يقعد إلا في آخرهن" يرشد إلى هذا.
ثم قد عارض قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" ما أخرجه مسلم (6) عن عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس"، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم (7) وجعل قوله:"اجعلوا صلاتكم آخر الليل وتراً" مختصاً [بمن](8) أوتر آخر الليل.
وأجاب من لم يقل بذلك بأنّ الركعتين المذكورتين هما ركعتان الفجر، وحمله النووي (9) على أنه صلى الله عليه وسلم فعلهما لبيان جواز التنفل بعد الوتر، وجواز التنفل جالساً.
(1) في "المستدرك"(1/ 303 - 304).
(2)
في "المستدرك"(1/ 304).
(3)
انظر: شرح "معاني الآثار"(1/ 342).
(4)
في "المستدرك"(1/ 305) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(5)
في "السنن" رقم (1699)، وهو حديث صحيح.
(6)
في "صحيحه" رقم (126/ 738).
(7)
انظر: "الأوسط"(5/ 202) شرح "صحيح مسلم" للنووي (6/ 21)، "المجموع شرح المهذب"(3/ 511).
(8)
في (ب) إن.
(9)
في "شرحه لصحيح مسلم"(6/ 21).
قال ابن القيم في الهدي (1): وفي المسند (2) عن أبي أمامة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر، وهو جالساً يقرأ فيهما بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [258 ب] "، وروى الدارقطني (3) نحوه من حديث أنس.
وقد أشكل هذا على كثير من الناس، فظنوه معارضاً لقوله صلى الله عليه وسلم:"اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً" وأنكر مالك (4) هاتين الركعتين.
وقال أحمد (5): لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال: وأنكره مالك.
وقالت طائفة (6): إنما فعل هاتين الركعتين ليبين جواز الصلاة بعد الوتر، وأن فعله لا يمنع التنفل، وحملا قوله:"اجعلوا صلالكم آخر الليل وتراً" على الاستحباب، وصلاة الركعتين بعده على الجواز.
(1) في "زاد المعاد"(1/ 322 - 323).
(2)
في "المسند"(5/ 260). وأخرجه البيهقي في "السنن"(3/ 33).
(3)
في "السنن"(2/ 41 رقم 19).
وأخرجه البيهقي في "السنن"(3/ 33)، من طريقين عن بقية عن عتبة بن أبي حكيم، عن قتادة، عن أنس به، بسند ضعيف. وله طريق آخر أخرجه ابن خزيمة رقم (158)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 341)، والبيهقي (3/ 33) من طريق عمارة بن زاذان عن ثابت، عن أنس به، بسند ضعيف أيضاً.
ويتقوى حديث أنس بالشوهد عن أبي أمامة، وأم سلمة، وعائشة فهو حديث حسن لغيره.
(4)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 202) عن أحمد بن حنبل في مسألة الصلاة بعد الوتر.
قال: أرجوا إن فعله إنسان لا يضيق عليه، وقال أحمد: لا أفعله، وأورده محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل: كتاب الوتر" (ص 310):
قيل: (وليس عليه وتر؟ قال: لا).
(5)
ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(5/ 202).
(6)
ذكره ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 322).
والصواب (1): أن يقال: أن هاتين الركعتين تجري مجرى السنة، وتكميل الوتر، فإن الوتر عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه، فتجري الركعتان بعده مجرى سنة المغرب من المغرب، فإنها وتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل. انتهى كلامه.
ويتصل بالحديث مسألة: من أوتر ثم أراد أن يتنفل في الليل هل يكفي وتره الأول ويتنفل ما شاء؟ أو يشفع وتره بركعة ثم يتنفل؟.
ثمّ إذا فعل هل يحتاج إلى وتر آخر؟ أم لا؟.
ذهب الأكثر إلى أن يصلي شفعاً ما شاء، ولا ينقض وتره عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم "لا وتران في ليلة" وهو حديث حسن أخرجه النسائي (2)، وابن خزيمة (3)، وغيرهما (4)، من حديث طلق ابن علي.
(1) قاله ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 322 - 323).
(2)
في "السنن" رقم (3/ 229).
(3)
في "صحيحه" رقم (1101).
(4)
كأحمد (4/ 23)، وأبو داود رقم (1493)، والترمذي رقم (470)، وقال: حديث حسن غريب. وابن حبان رقم (671 - موارد)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 36)، وابن حزم في "المحلى"(3/ 50).
من طريق عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه، به مرفوعاً، وقد توبع عبد الله بن بدر، عند الطيالسي رقم (1095)، والطبراني في "الكبير"(ج 8 رقم 8247)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 342) عن أيوب بن عتبة، عن قيس بن
وتابعهم كذلك سراج بن عقبة، عن قيس به. أخرجه أحمد (4/ 23).
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 36): وقال الترمذي: حسن، وقال عبد الحق: وغيره يصححه.
وهو حديث صحيح.
قوله: "ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل"، استدل به على أن الركعة الآخرة، أي: الوتر، وأن كل ما تقدمها شفع.
وادعى بعض الحنفية (1) أنّ هذا إنما شرع لمن طرقه الفجر قبل أن يوتر، فيكفي واحدة لقوله:"فإذا خشي الصبح".
قال الحافظ ابن حجر (2): قد صح [عن](3) جماعة من الصحابة أنهم أوتروا بواحدة من غير تقدم نقل قبلها. انتهى.
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار"(4): أن الشافعي قال: إن الوتر بركعة لمن خشي الصبح جائز، وإن لم يصلِ قبلها شيء.
قال (5): والقياس أنه يجوز ذلك لكل الناس خشيوا الصبح أم لم يخشوه؛ لأنه إذا جاز أن يفصل بسلام مما قبلها جاز أن تصلى وحدها.
قوله: "أخرجه أبو داود [259 ب] وهذا لفظه، والنسائي"، قال: الحافظ (6) ابن حجر: وصحّحه ابن حبان (7) والحاكم (8).
السادس: حديث (أم سلمة).
(1)"البناية في شرح الهداية"(2/ 575)"تبيين الحقائق"(1/ 170).
(2)
في "فتح الباري"(2/ 481).
(3)
سقطت من (ب).
(4)
(5/ 259 رقم 6717).
(5)
ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار": (5/ 259 رقم 6718).
(6)
في "التلخيص"(2/ 36).
(7)
في "صحيحه" رقم (671 - موارد).
(8)
في "المستدرك"(1/ 301 - 302).
6 -
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بَثَلَاثَ عَشَرَةَ. فَلَمَّا كبُرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ". أخرجه الترمذي (1)، والنسائي (2). [إسناده صحيح]
وزاد الترمذي (3) فقال: وقال إسحاق بن إبراهيم: معنى ما روى أنه كان يُوتر بثلاث عشرة، أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، فنسبت صلاة الليل إلى الوتر. [إسناده صحيح]
قوله: "بثلاث عشر" قد عارضه حديث عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة"(4) وقد روي عنها (5) أيضاً مثل حديث أم سلمة: "وأنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء ركعتين خفيفتين" فهذا أكثر ما روي في عدد صلاته بالليل.
قال ابن عبد البر (6): فهذه شهادات عدول على غالب، فمن زاد في ذلك زيادة قبلت منه؛ لأنها شهادة مستأنفة.
قال (7): وأهل العلم يقولون أن الاضطراب عنها في أحاديثها في الحج، وأحاديثها في الرضاع، وأحاديثها في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وأحاديثها في قصر صلاة المسافر، لم يأت
(1) في "السنن" رقم (458) بإسناد صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (1708).
(3)
في "السنن"(2/ 320 رقم 458).
(4)
أخرجه البخاري رقم (1147)، ومسلم رقم (125/ 738).
(5)
أخرجه البخاري رقم (994)، ومسلم رقم (122/ 736)، وأبو داود رقم (1336)، والنسائي (3/ 234)، وابن ماجه رقم (1198)، وأحمد (6/ 34).
(6)
في "الاستذكار"(5/ 242 رقم 6625).
(7)
في "الاستذكار"(5/ 242 رقم 6626).
ذلك إلا عنها؛ لأن الذين يروون ذلك عنها حفّاظ أثبات: القاسم بن محمد، وعروة، والأسود، ومسروق، ونظرائهم.
قال (1): وقد أجمع العلماء على أن [لا حدَّ ولا](2) شيء مقدر في صلاة الليل وأنها نافلة، فمن شاء أطال القيام فيها وقلّل ركعاته، ومن شاء أكثر الركوع والسجود. انتهى.
واعلم أنه لم يقع البيان في كيفية صلاة هذه الركعات الثلاث عشرة والتسع، هل موصولة أو لا؟ إلاّ أنه قد ثبت حديث:"صلاة الليل مثنى مثنى" فقيل: المراد أنه يتشهد بين كل ركعتين، قال هذا الحنفية.
ولكن عند مسلم (3) من حديث عقبة [260 ب] بن حريث قال: "قلت لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: يسلم من كل ركعتين"، وراوي الحديث أعلم بالمراد منه، وما فسره به هو المتبادر إلى الفهم؛ لأنه لا يقال في الرباعية مثلاً أنها مثنى.
واستدل [523/ أ] بالحديث على تعين الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل.
قال ابن دقيق (4) العيد: وهو ظاهر السياق بحصر المبتدأ في الخبر، وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل، لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم بخلافه، ولم يتعين أيضاً كونه لذلك، بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلام بين كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها، لما فيه من الراحة غالباً وقضاء ما يعرض من أمر مهم.
ولو كان الأصل لبيان الجواز فقط، لم يواظب صلى الله عليه وسلم عليه، ومن ادعى اختصاصه فعليه البيان.
(1) ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 244 رقم 6627).
(2)
سقطت من (ب).
(3)
في "صحيحه" رقم (159/ 749).
(4)
في "إحكام الأحكام"(2/ 83).
وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم الفصل كما صحّ عنه الوصل فعند أبي داود (1)، ومحمد بن نصر (2)، من طريق الأوزاعي، وابن أبي ذئب كلاهما عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:"إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين".
قال الحافظ (3) ابن حجر: إسنادهما على شرط الشيخين.
قال: واستدل به أيضاً على عدم النقصان على ركعتين في النافلة ما عدا الوتر، والاستدلال به قوي.
وإذا عرفت أنه قد ثبت الوصل والفصل فقد اختلف أيهما أفضل؟.
قال الأثرم عن الإمام أحمد (4): الذي اختاره في صلاة الليل مثنى مثنى فإن صلى النهار أربعاً فلا بأس.
وقال محمد (5) بن نصر: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بخمس (6) لم يجلس إلا في آخرها، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الوصل، إلاّ أنا نختار أن يسلم من كل ركعتين، لكونه أجاب به السائل، ولكن أحاديث الفصل أثبت وأكثر طرقاً.
(1) في "السنن" رقم (1336).
(2)
في "مختصر قيام الليل. كتاب الوتر"(ص 285).
(3)
في "الفتح"(2/ 479).
(4)
انظر: "المغني"(2/ 578 - 579)، "فتح الباري"(2/ 480).
(5)
في "مختصر قيام الليل. كتاب الوتر"(ص 284 - 285).
(6)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، (يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس، ولا يجلس في شيء منهن إلا في آخرهن).
[البخاري رقم (1140)، ومسلم رقم (123/ 737)، وأحمد (6/ 50)].
وفي كلامه (1) الرد على من ادعى أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى النافلة أكثر من ركعتين.
قوله: "أخرجه الترمذي، والنسائي".
قلت: بوّب له [261 ب] الترمذي (2) باب ما جاء في الوتر سبع، ثم قال (3) بعد إخراجه: وفي الباب عن عائشة.
قال أبو عيسى (4): حديث أم سلمة حديث حسن، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه أوتر بثلاث عشرة وإحدى عشرة، وتسع، وسبع، وخمس، وثلاث، وواحدة".
قال إسحاق بن إبراهيم: معنى ما روي: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة" أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، فنسبت صلاة الليل إلى الوتر، وروي في ذلك حديثاً عن عائشة (5)، واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أوتروا يا أهل القرآن"(6).
قال: إنما عنى به قيام الليل يقول: إنما قيام الليل على أصحاب القرآن. انتهى كلامه.
السابع: حديث (ابن عمر).
7 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الوِتْرُ مِنْ آخِرِ الَّليْلِ".
(1) أي: الداودي ومن تبعه. "فتح الباري"(2/ 480).
(2)
في "السنن"(2/ 319 الباب رقم 334).
(3)
أي: "الترمذي في "السنن" (2/ 320).
(4)
في "السنن"(2/ 320).
(5)
تقدم نصه وتخريجه.
(6)
تقدم نصه وتخريجه.
أخرجه الستة (1)، إلا أبا داود، وهذا لفظ مسلم. [صحيح]
- وفي رواية للبخاري (2): "صَلَاةُ الَّليِلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفِ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ". [صحيح]
قوله: "الوتر ركعة من آخر الليل" فيه بيان وقت الإيتار وأنه آخر الليل، وأنه ركعة واحدة، والمراد بها منضافة إلى شفع قبلها كما أفادته رواية البخاري.
وعقد البخاري (3) لأوقات الوتر ترجمة بلفظ: باب ساعات الوتر، أي: أوقاته.
ومحصل (4) ما ذكره أن الليل كله وقت الوتر، لكن أجمعوا على أن ابتداءه مغيب الشفق بعد صلاة العشاء، وقد عارض حديث ابن عمر حديث وصيته صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة بالوتر (5) قبل النوم، وقول عائشة:"وانتهى وتره إلى السحر"(6)، وجمع بينهما بأن حديث وصية أبي هريرة
(1) أخرجه مسلم رقم (155/ 753)، ومالك (1/ 123)، والترمذي رقم (437)، والنسائي (3/ 227، 228).
(2)
في "صحيحه" رقم (472، 473، 690).
وأخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (145/ 749).
(3)
في "صحيحه"(2/ 486 الباب رقم 2 - مع الفتح).
(4)
قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 486).
(5)
أخرجه أحمد (5/ 173)، والنسائي رقم (2404)، وابن خزيمة رقم (1083، 1221، 2122)، وابن المنذر في "الأوسط"(5/ 170).
وهو حديث صحيح.
(6)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله من أول الليل وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر".
[أخرجه أحمد (6/ 46)، والبخاري رقم (996)، ومسلم رقم (136/ 745)، وأبو داود رقم (1435)، والترمذي رقم (456)، والنسائي رقم (1682)، وابن ماجه رقم (1182)، وهو حديث صحيح].
لمن لم يثق من نفسه بقيام آخر الليل، وحديث ابن عمر لمن وثق من نفسه بأنه يقوم آخر الليل، كما يفيده حديث مسلم (1):"من طمع منكم أن يقوم آخر الليل فليوتر من آخره، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، ومن خاف منكم أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله [262 ب] (2) ".
وهو نص في وجه الجمع.
وعورض حديث ابن عمر في الإيتار بواحدة، بحديث أبي سعيد (3):"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها" وردّ بأنّ فيه عثمان بن محمد بن ربيعة.
قال عبد الحق في "الأحكام"(4) من جهة ابن عبد البر: أن الغالب على حديث عثمان بن محمد الوهم، وقال ابن القطان (5): حديث عثمان بن محمد بن ربيعة شاذ لا يعرج على روايته.
(1) في "صحيحه" رقم (163/ 755) عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أيكم خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر، ثم ليرقد، وقد وثق بقيام الليل فليوتر من آخره، فإن قراءة آخر الليل محضورة وذلك أفضل".
وأخرجه أحمد (3/ 348)، والترمذي رقم (455)، وابن ماجه رقم (1187)، وهو حديث صحيح.
(2)
انظر: نص الحديث المتقدم.
(3)
أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 177) من طريق عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمر بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء، أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها.
وعثمان بن محمد بن أبي ربيعة بن عبد الرحمن، قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم.
وضعفه الدارقطني، وقال ابن القطان: هذا حديث شاذ لا يعرج على رواته، "لسان الميزان"(4/ 152)، و"الميزان" (3/ 53). وقال النووي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 519): حديث البتيراء ضعيف مرسل.
(4)
في "الأحكام الوسطى"(2/ 50).
(5)
في "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام". (3/ 154 - 155).
قوله: "أخرجه الستة، إلا أبا داود، وهذا لفظ مسلم"(1).
قوله: "وفي رواية للبخاري (2) صلاة الليل مثنى مثنى"، أي: اثنتين اثنتين.
ولفظ: "مثنى" غير منصرف للعدل (3) والوصف، ولمسلم (4): "قلت: ما مثنى مثنى؟
قال: أن تسلم من كل اثنتين" وقد قدّمناه.
قوله: "فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك". أي: تفسير ما قبلها من شفع وتراً، وهو مطلق عن التقييد بخشية الصبح [524/ أ].
قال في "فتح الباري"(5): أنه ادعى بعض الحنفية (6) أن هذا - أي: الإيتار بركعة - إنما شرع لمن طرقه الفجر قبل أن يوتر فيكتفي بواحدة، لقوله:"فإذا خشي الصبح".
قال (7): ويحتاج - أي: بعض الحنفية - إلى دليل يعين الثلاث.
قلت: وحديث "من شاء أن يوتر بواحدة فليفعل" دال على جواز (8) الإيتار بها، وإن لم يخش الفجر، ومن أجاز الإيتار بواحدة قال: إن سبق الشفع شرط في الإكمال لا في الصحة.
(1) في "صحيحه" رقم (155/ 753) وقد تقدم.
(2)
في "صحيحه" رقم (473، 472، 690)، وقد تقدم.
(3)
قاله الحافظ في "فتح الباري"(2/ 479).
(4)
في "صحيحه" رقم (159/ 749).
(5)
(2/ 478 - 479).
(6)
"البناية في شرح الهداية"(2/ 575)، "تبيين الحقائق"(1/ 170).
(7)
قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 479).
(8)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 518 - 519).
"المدونة"(1/ 126)"الحجة"(1/ 190).
الثامن: حديث (عبد العزيز بن جريج).
8 -
وعن عبد العزيز بن جريج قال: "سَألنَا عَائِشَةَ رضي الله عنها: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وَفي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، وَفي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ الله أَحَدٌ وَالمُعَوِّذَتَيْنِ". أخرجه أصحاب السنن (1). [صحيح]
قوله: "بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: يقرأ في وتره كما دل جوابها بقولها: "يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى" أي: بعد الفاتحة، وكذلك بقية الركعات، وهذا قراءته في الأيتار بثلاث، وأنه يجمع المعوذتين:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} مع الصمد في ركعة. [263 ب].
ولم يبين في هذا الحديث أموصولة الثلاث أو مفصولة؟ لكن أخرج النسائي (2) من حديث أُبيّ بن كعب نحوه ولفظه: "يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، ولا يسلم إلا في آخرهن".
قوله: "أخرجه أصحاب السنن".
قلت: قال الترمذي (3): هذا حديث حسن غريب، وعبد العزيز هذا هو والد ابن جريج صاحب عطاء، وابن جريج هذا اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة.
(1) أخرجه أبو داود رقم (1424)، والترمذي رقم (463)، وابن ماجه رقم (1173)، والنسائي رقم (1731)، من حديث عبد الرحمن بن أبزى.
وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (1730).
وأخرجه أحمد (5/ 123)، وأبو داود رقم (1423)، وابن ماجه رقم (1171)، وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن"(2/ 327).
وقال في محل آخر (1): والذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، يقرأ في كل ركعة من ذلك سورة. انتهى.
وفي "التلخيص"(2) أنه أخرجه أبو داود (3)، والترمذي (4)، وابن ماجه (5)، عن عائشة، وفيه خصيف الجزري وفيه لين.
ورواه الدارقطني (6)، وابن حبان (7)، والحاكم (8) من حديث يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، وتفرد به يحيى بن أيوب عنه، وفيه مقال ولكنه صدوق.
وقال العقيلي (9): إسناده صالح، ولكن حديث ابن عباس (10)، وأُبيَّ (11) بن كعب بإسقاط المعوذتين أصح.
(1) في "السنن"(2/ 326).
(2)
(2/ 39 رقم 534).
(3)
في "السنن" رقم (1424).
(4)
في "السنن" رقم (463).
(5)
في "السنن" رقم (1173)، وقد تقدم وهو حديث صحيح.
(6)
في "السنن"(2/ 35).
(7)
في "صحيحه" رقم (2439).
(8)
في "المستدرك"(2/ 520).
(9)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 40).
(10)
أخرجه أحمد (1/ 300)، والترمذي رقم (462)، والنسائي رقم (1702)، وابن ماجه رقم (1172)، وهو حديث صحيح.
(11)
تقدم، وهو حديث صحيح.
وقال ابن الجوزي (1): أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين. انتهى.
قلت: ولا يخفى أن المصنف نسب رواية المعوذتين إلى أهل السنن، ولم يخرجها النسائي وهو منهم، وقد فصّل ابن الأثير (2) الروايات تفصيلاً واضحاً.
التاسع: حديث (خارجة بن حذافة).
9 -
وعن خارجة بن حذيفة رضي الله عنه قال: رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَدَّكُمُ الله بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. وَهيَ الوتِرُ. فَجَعَلَهاَ الله لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ العِشَاءِ الآخِرَةِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ". أخرجه أبو داود (3)، والترمذي (4). [حسن دون قوله: هي خير من حمر النعم]
"حُمْرِ النَّعَمِ" خيار الإبل وأغلاها قيمة.
قوله: "فجعلها [264 ب] الله لكم فيما بين العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر"، فيه: أن كل الليل وقت لصلاة الوتر، وأن أوله من بعد العشاء إلى الفجر، وأنه ينقطع الوقت بطلوع الفجر، ويأتي فيه الكلام.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (5): حديث خارجة بن حذافة حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب. انتهى.
(1) ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 40).
(2)
في "الجامع"(6/ 51 - 54).
(3)
في "السنن" رقم (1418).
(4)
في "السنن" رقم (452).
وأخرجه ابن ماجه رقم (1168)، وهو حديث حسن دون قوله:"هي خير لكم من حُمر النعم".
(5)
في "السنن"(2/ 315).
قلت: في "التقريب"(1): يزيد بن أبي حبيب البصري ثقة فقيه، ورمز له أنه أخرج له الستة، وليس فيه يزيد بن أبي حبيب غير هذا، ويدل له الحديث.
العاشر: حديث (عائشة).
10 -
وعن عائشة رضي الله عنها قال: "مَنْ كُلَّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوَلِ الَّليْلِ وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ". أخرجه الخمسة (2). [صحيح]
"من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم" وبينت ذلك بقولها: "من أوله، وأوسطه، وآخره، وانتهى وتره إلى السحر"، هو بيان لآخره، وزاد أبو داود (3):"حين مات".
قال الحافظ (4) ابن حجر: يحتمل أن يكون اختلاف وقت الوتر باختلاف الأحوال، فحيث أوتر في أوله لعله كان وجعاً، وحيث أوتر في وسطه لعله كان مسافراً، أمّا وتره في آخره فكأنه غالب أحواله لما عرف من مواظبته على الصلاة في أكثر الليل، والسحر قبيل الصبح. انتهى.
قوله: "أخرجه الخمسة".
(1)(2/ 363 رقم 237).
(2)
أخرجه البخاري رقم (996)، ومسلم رقم (136/ 745)، وأبو داود رقم (1435)، والترمذي رقم (456)، والنسائي رقم (1682)، وابن ماجه رقم (1158)، وأخرجه أحمد (6/ 46).
وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن" رقم (1435)، وهو حديث صحيح.
(4)
في "فتح الباري"(2/ 487).
الحادي عشر: حديث (جابر).
11 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، مَحْضُورَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ". أخرجه مسلم (1)، والترمذي (2). [صحيح]
قوله: "من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله" وهذا الإيتار مأذونُ فيه على تقدير أن لا يظن قيام آخر الليل.
قوله: "مشهودة محضورة" أي: تشهدها ملائكة (3) الرحمة، وفيه دليل صريح على أن من وثق باستيقاظه آخر الليل، فتأخيره الوتر إلى آخره أفضل، ومن لا يثق بذلك فتقديمه أفضل.
قوله: "أخرجه مسلم، والترمذي".
قلت: الترمذي (4) رواه بصيغة التمريض ولفظه: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من خشي منكم ألاّ يستيقظ من آخر الليل
…
" الحديث.
وقال (5): "فإن قراءة القرآن في آخر الليل محضورة، وهي أفضل".
ثم قال (6): حدّثنا بذلك هنّاد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر [265 ب]، عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. فهذا سنده آخر.
(1) في "صحيحه" رقم (163/ 755).
(2)
في "السنن" رقم (456).
أخرجه أحمد (3/ 348)، وابن ماجه رقم (1187)، وهو حديث صحيح. وقد تقدم.
(3)
قاله النووي في "شرح صحيح مسلم"(6/ 25).
(4)
في "السنن"(2/ 318).
(5)
أي: الترمذي في "السنن"(2/ 318).
(6)
في الترمذي في "السنن"(2/ 318).
الثاني عشر: حديث (أبي قتادة).
12 -
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: "مَتَى تُوتِرُ؟ " فَقَالَ: أوْتِر مِنْ أَوَّلَ اللَّيْلِ. وَقَالَ لِعُمَرُ رضي الله عنه: "مَتَى تُوتِرُ؟ " فَقَالَ: أَوُتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ. فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ: "أَخَذَ هَذَا بِالحَذَرِ، وَأَخَذَ هَذَا" يَعْنيِ عُمَرُ بِالقُوَّةِ. أخرجه مالك (1)، وأبو داود (2). [صحيح]
قوله: "أخذ هذا بالحذر" أي: مخافة أن ينام عن وتره.
وقوله: "وأخذ هذا بالقوة" أي: بقوة وثوقه بنفسه أنه يستيقظ آخر الليل.
قوله: "أخرجه مالك، وأبو داود".
الثالث عشر: حديث (ابن عمر).
13 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنىَ مَثْنىَ". أخرجه أصحاب السنن (3). [صحيح]
قوله: "صلاة الليل والنهار" أي: نوافلهما.
"مثنى مثنى" تقدم الكلام فيه، قال الحافظ ابن حجر (4): زيادة: "والنهار" أكثر أئمة الحديث علّلوا هذه الزيادة بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه.
(1) في "الموطأ"(1/ 124).
(2)
في "السنن" رقم (1434). وأخرجه الحاكم (1/ 301). وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه أبو داود رقم (1421)، والترمذي رقم (437)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (3/ 227)، وابن ماجه رقم (1322).
وهو حديث صحيح.
(4)
في "التلخيص"(2/ 47 - 48).
وحكم النسائي (1) على راويها بأنه أخطأ فيها، وقال يحيى بن معين: من علي الأزدي حتى أقبل منه.
قوله: "أخرجه أصحاب السنن" قال الحافظ ابن حجر (2): وصحّحه ابن خزيمة (3).
الرابع عشر: حديث (أبي سعيد).
14 -
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ وِتَرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرهَ أَوِ اسْتَيْقَظَ". أخرجه أبو داود (4)، والترمذي (5). [صحيح]
ترجمة ابن الأثير (6) بقوله: الوتر بعد الصبح.
قوله: "فليصل إذا ذكر أو إذا استيقظ" لفظه في "الجامع"(7): "من نام عن وتره فليصل إذا أصبح" ونسبه إلى الترمذي.
(1) ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 48).
(2)
في "التلخيص"(2/ 48).
(3)
في "صحيحه" رقم (1210).
(4)
في "السنن" رقم (1431).
(5)
في "السنن" رقم (465، 466).
وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2/ 22)، وأبن ماجه رقم (1188)، والحاكم (1/ 302)، والبيهقي (2/ 480)، من طريق محمد بن مطرف المدني عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وهو حديث صحيح.
(6)
في "الجامع"(6/ 59 - 60 رقم 4258).
(7)
(6/ 59 رقم 4158).
قال: وله (1) في أخرى: "من نام عن وتره
…
" الحديث الذي أتى به المصنف، إلا أنه بلفظ: "فليصل (2) إذا ذكر وإذا استيقظ" بالواو لا بأو.
قال: وأخرج أبو داود (3)، الرواية الثانية إلى قوله:"إذا ذكر". انتهى.
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: قال الترمذي (4) - بعد سياقه اللفظين اللذين سقناهما -: وفي لفظ: "من نام عن وتره فليصل إذا أصبح" أصح من الحديث [266 ب]، الأول: وذكر وجه ذلك بأن الأول من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
والثاني: من رواية عبد الله بن زيد بن أسلم، وذكر عن البخاري أن علي بن عبد الله ضعّف عبد الرحمن، ووثق عبد الله. انتهى.
قال الترمذي (5): وقد ذهب بعض أهل الكوفة إلى هذا، قالوا: يوتر الرجل إذا ذكر وإن كان بعدما طلعت الشمس، وبه يقول سفيان (6) الثوري. انتهى.
قلت: إلاّ أنه قد عارضه ما قاله الترمذي أيضاً: أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا وتر بعد صلاة الصبح"(7).
(1) أي: للترمذي في "السنن" رقم (465)، وهو حديث صحيح.
(2)
وهو كما قال الشارح.
(3)
في "السنن" رقم (1431)، وهو حديث صحيح.
(4)
في "السنن"(2/ 330 - 331).
(5)
في "السنن"(2/ 331).
(6)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 533)، "المحلى"(4/ 179 - 181).
(7)
تقدم نصه وتخريجه.
قال: وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول الشافعي (1)، وأحمد (2)، وإسحاق. انتهى.
ويمكن الجمع بأن يراد بهذا من أخّر الوتر حتى أصبح، والأول: على من نام.
وقال الحافظ (3) ابن حجر: أنه حكى ابن المنذر (4) عن جماعة من السلف أن الوتر يخرج بالفجر وقته الاختياري، ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح.
فلو أتى المصنف باللفظ الآخر المصحح أو أشار إليه لكان أولى، لكنه اقتصر على غير الأصح، وأتى بلفظه.
[الحديث](5) الخامس عشر:
15 -
وعن أبي جمرة قال: سَألتُ عَائِذَ بِنَ عَمْروٍ وَكَانَ مَنَ أَصحَابِ الشَّجَرَةِ رضي الله عنهم، هَلْ يُنْقَضُ الوتِرُ؟ قَالَ: إِذّا أَوْتَرتَ مَنْ أَوَّلِهِ، فَلَا تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ. أخرجه البخاري (6). [صحيح]
وزاد رزين رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ"(7). [صحيح]
حديث (أبي جمرة) وهو بالجيم والراء، صاحب ابن عباس.
(1) انظر: "حلية العلماء"(2/ 144 - 145)، "المجموع شرح المهذب"(3/ 533).
(2)
انظر: "مختصر قيام الليل كتاب الوتر"(ص 333 - 334).
(3)
في "فتح الباري"(2/ 479 - 480).
(4)
انظر: "الأوسط"(5/ 190 - 191).
(5)
سقطت من (ب).
(6)
في "صحيحه" رقم (4176).
(7)
سيأتي تخريجه.
وابن الأثير (1) ترجمه بقوله: الفرع الخامس في نقض الوتر.
قوله: "وكان من أصحاب الشجرة" أي: من الذين بايعوه صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة بيعة الرضوان الذين قال الله فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (2).
قوله: "هل ينتقض الوتر" قال في "النهاية"(3): نقضه إبطاله وتشفيعه بركعة لمن يريد أن يتنفل بعد أن أوتر. انتهى.
قوله: "قال: إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره" قال الحافظ (4) ابن حجر: أنه ذهب الأكثر إلى أنه يصلي شفعاً ما أراد، ولا ينقض وتره [267 ب] عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا وتران في ليلة".
قال: وهو حديث حسن، أخرجه النسائي (5)، وابن خزيمة (6). انتهى.
(1) في "الجامع"(6/ 61).
(2)
سورة الفتح الآية (18).
(3)
(2/ 788)، وانظر:"الفائق" للزمخشري (1/ 139).
(4)
في "فتح الباري"(2/ 481).
(5)
في "السنن"(3/ 229 رقم 1679).
(6)
في "صحيحه" رقم (1101).
وأخرجه أحمد (4/ 223)، وأبو داود رقم (1493)، والترمذي رقم (470)، وابن حبان رقم (671 - موارد)، والبيهقي (3/ 36)، وابن حزم في "المحلى"(3/ 50).
من طريق عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، به مرفوعاً.
وقد توبع عبد الله بن بدر.
أخرج هذه المتابعة، الطيالسي رقم (1095)، والطبراني في "الكبير"(ج 8/ رقم 8247)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 342) عن أيوب بن عتبة، عن قيس به. =
قلت: وأخرجه الترمذي (1): وترجم له: باب لا وتران في ليلة، وساقه بسنده إلى قيس ابن طلق بن علي، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا وتران في ليلة".
قال أبو عيسى (2): هذا حديث حسن غريب، واختلف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقض الوتر، وقالوا: يضيف إليه ركعة ويصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته؛ لأنه لا وتران في ليلة، وهو الذي ذهب إليه إسحاق (3).
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل ثم نام، ثم قام من آخر الليل، فإنه يصلي ما بدا له، ولا ينقض وتره، ويدع وتره على ما كان، وهو قول سفيان (4) الثوري، ومالك (5) بن أنس، وابن المبارك (6)[526/ أ]، وأحمد (7)، وهذا أصح (8)؛ لأنه قد روي من غير وجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر. انتهى.
قوله: "أخرجه البخاري".
قوله: "وزاد رزين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
" الحديث.
= وتابعهم كذلك السراج بن عقبة، عن قيس به. أخرجه أحمد (4/ 23).
وهو حديث صحيح.
(1)
في "السنن"(2/ 333 الباب رقم 344).
(2)
في "السنن"(2/ 334).
(3)
انظر: "المغني"(2/ 598).
(4)
انظر: "الأوسط"(5/ 200).
(5)
انظر: "المنتقى" للباجي (1/ 224)"إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 101).
(6)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 521).
(7)
"المغني"(2/ 598).
(8)
انظر: "الأوسط"(5/ 199).
قلت: قدّمنا أنه أخرجه الترمذي (1) وترجم له، وأخرجه النسائي (2)، وابن خزيمة (3).
إلا أن رزيناً زاده في رواية عائذ بن عمرو، ولم نجدها في روايته عند من أخرج حديثه. وأمّا الترمذي فأخرجه من حديث طلق بن علي، عن أبيه، وأخرجه عن طلق أبو داود، والنسائي كما في "الجامع"(4).
السادس عشر: حديث (نافع، عن ابن عمر).
16 -
وعن نافع قال: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِمَكَّةَ وَالسَّمَاءُ مُغِيمَةٌ، فَخَشِيَ الصُّبْحَ فَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ. ثُمَّ انْكَشَفَ الغَيْمُ فَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا فَشَفَعَ بِوَاحِدَةٍ. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. فَلَمَّا خَشِيَ الصُّبْحَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ. أخرجه مالك (5). [موقوف صحيح]
قوله: "فرأى أنّ عليه ليلاً فشفع بواحدة"[268 ب] وهذا يصح عند من يقول بمشروعية التنفل بركعة واحدة غير الوتر، وكأنه رأي ابن عمر.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(6): إن هذه المسألة يعرفها أهل العلم بنقض الوتر، وقد روي (7) مثل قول ابن عمر في ذلك عن علي، وعثمان، وابن مسعود، وأسامة، ولم يختلف
(1) في "السنن"(2/ 333 رقم 344).
(2)
في "السنن"(2/ 229 رقم (1679).
(3)
في "صحيحه" رقم (1101)، وهو حديث صحيح، وقد تقدم.
(4)
(6/ 62 رقم 4165).
(5)
في "الموطأ"(1/ 125 رقم 19).
وهو أثر موقوف صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 282)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(3/ 229)، "وشرح معاني الآثار"(1/ 201).
(6)
(5/ 278 رقم (6777).
(7)
ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 278 رقم 6778).
عنهم في ذلك، وقال بمذهب (1) ابن عمر في ذلك جماعة منهم عروة بن الزبير، ومكحول، وعمرو بن ميمون، وحجّتهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"الوتر ركعة من آخر الليل"(2)، وقوله:"فإذا خشي الصبح أوتر بركعة"(3).
وذكر من خالف في ذلك واستدلالهم بحديث: "لا وتران في ليلة"(4) وأورد عليه: إن من نقض الوتر قد شفعه بركعة فلم يوتر في ركعة.
قيل: إنه محال (5) أن يشفع ركعة قد سلّم منها، ونام مصليها، وتراخى الأمر فيها، وقد كتبها الملك الحافظ وتراً، فكيف تعود شفعاً؟! هذا ما لا يصح في قياسٍ ولا نظر. انتهى.
فرجّح عدم صحة النقض وهو الأرجح.
- وعن عائشة رضي الله عنها قال: "كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيِ الوَتْرِ". أخرجه النسائي (6). [شاذ]
السابع عشر: حديث (ابن عمر).
17 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ فِي الرَّكعَتَيْنِ مَنْ الوَتِرِ حَتَّى يَأَمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ". أخرجه البخاري (7)، ومالك (8). [صحيح]
(1) انظر: "الاستذكار"(5/ 279 رقم 6780).
(2)
تقدم مراراً.
(3)
تقدم مراراً.
(4)
تقدم، وهو حديث صحيح.
(5)
ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 280 رقم 6790).
(6)
في "السنن" رقم (1698).
(7)
في "صحيحه" رقم (991).
(8)
في "الموطأ"(1/ 125 رقم 20).
- وله (1) في أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ المَغْرِبِ وَتْرُ النَّهَارِ". [موقوف صحيح]
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم في الركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته".
قلت: هكذا هو في "الجامع"(2) مرفوعاً إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي في "البخاري" و"الموطأ": أنه كان يفعله ابن عمر لا غير.
ولفظه في البخاري (3): عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
ولفظ "الموطأ"(4): كان ابن عمر يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر (5).
قال ابن عبد البر: في "الاستذكار"(6): هذه المسألة اختلف فيها السلف والخلف، فروي الفصل بين الشفع وبين الوتر بالسلام عن عثمان وسعد، وزيد بن ثابت وابن عمر، وابن عباس، وأبي موسى، ومعاوية، وابن الزبير، وعلي.
وبهذا (7) قال: مالك، والشافعي، وأصحابهما [269 ب] وأحمد، وأبو ثور.
(1) أي: لمالك في "الموطأ"(1/ 125 رقم 21)، وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
(6/ 63 رقم 4165).
(3)
في "صحيحه" رقم (991).
(4)
(1/ 125 رقم 20) وتمامه: حتى يأمر ببعض حاجته.
(5)
(5/ 281 رقم 6791).
(6)
(5/ 281 رقم 6791).
(7)
"الاستذكار"(5/ 281 رقم 6792).
قال: وقال (1) آخرون: الوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام، روي ذلك عن عمر، عن أبي بن كعب، وأنس بن مالك، وأبي أمامة.
وبه يقول عمر بن عبد العزيز، وأبو حنيفة (2) وأصحابه، وحجتهم حديث عائشة:"أنه أوتر بثلاث"(3) وبما رواه ابن سيرين (4)، عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"صلاة المغرب وتر صلاة النهار"(5)، ومعلوم (6) أن المغرب ثلاث ركعات لا يسلم إلا في آخرهن، فكذلك وتر صلاة الليل.
وبحديث أبي أيوب (7): "من شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة". انتهى باختصار.
قوله: "أخرجه البخاري ومالك".
قلت: قد عرفت أن فيه وهمان زيادة رفع الحديث ونقصان (بين كل ركعة) ولكنه وقع لابن الأثير (8)، والمصنف تبع له، وكأنه اتفق لرزين فتبعه ابن الأثير.
(1) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 282 رقم 6789، 6799).
(2)
انظر: "بدائع الصنائع"(1/ 27).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 285 رقم (6818).
(5)
تقدم آنفاً.
(6)
ذكره بن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 283 رقم 6806).
(7)
تقدم نصه وتخريجه، وهو حديث صحيح.
(8)
في "الجامع"(6/ 63 - 64).
قوله: "وله" أي: ابن عمر في رواية أخرى، ويحتمل أن ضمير (له) لمالك لأنه لم يرو هذا اللفظ وهو قوله:"صلاة المغرب وتر النهار" إلا مالك، كما رأيناه في "الموطأ"(1)، ولم نجده في البخاري؛ ولأن ابن الأثير (2) أيضاً إنما نسبه إلى "الموطأ".
واعلم أنه في "الموطأ" وجامع ابن الأثير موقوف على ابن عمر، ليس بمرفوع إليه صلى الله عليه وسلم، والمصنف رفعه إليه صلى الله عليه وسلم وهو وهم.
الثامن عشر: حديث (علي عليه السلام).
18 -
وعن علي رضي الله عنه قال: "كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُوُل فِي وِتْرِهِ: اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِك، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". أخرجه أصحاب السنن (3). [صحيح]
قوله: "كان يقول في وتره". لفظ أبي داود (4): "في آخر وتره".
قال ابن القيم (5): وهذا يحتمل أن يكون قبل فراغه منه وبعده، وفي إحدى روايات النسائي (6):"كان يقول إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه" وفي هذه [270 ب] الرواية: "لا
(1)(1/ 125 رقم 22) وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
في "الجامع"(6/ 63 - 64 رقم 4169).
(3)
أخرجه أبو داود رقم (1427)، والترمذي رقم (3566)، وقال: حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والنسائي رقم (1747)، وابن ماجه رقم (1179).
وهو حديث صحيح.
(4)
في "السنن" رقم (1427).
(5)
في "زاد المعاد"(1/ 325).
(6)
انظر: "زاد المعاد"(1/ 325).
أحصي ثناءاً عليك ولو حرصت" وثبت أنه قال ذلك في السجود (1)، فلعله قاله في الصلاة وبعدها. انتهى.
قوله: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على [527/ أ] نفسك".
واعلم أنه قد استعاذ من كل شيء بضده، فاستعاذ من الغضب بالرضا من الغضب؛ لأنه ضده، وبالمعافاة من العقوبة، ولما لم يكن له تعالى ما يعيذ منه استعاذ به منه.
قوله: "لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" إقرار بالعجز عن الثناء عليه تعالى، وأنه لا يحصيه ولا يحيط به، كما أنه لا يحاط بذاته، فلا يحاط بصفاته، ولا يحيطون به علماً، وهو نظير سبحانه من لا يعرف قدره غيره.
قوله: "أخرجه أصحاب السنن (2) أبو داود، والترمذي، والنسائي".
(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (486)، والنسائي في "السنن" رقم (1130)، وهو حديث صحيح.
(2)
تقدم، وهو حديث صحيح.