المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خامسها: ترك الكلام: - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌خامسها: ترك الكلام:

قوله في حديث معاذ: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يستحب الصلاة في الحيطان" قال أبو داود (1): يعني البساتين، هكذا في "سنن الترمذي"(2) نسبة تفسير الحيطان إلى أبي داود.

وقال الترمذي (3) بعد إخراجه: حديث معاذ غريب، ولا نعرفه إلا من حديث الحسن بن أبي جعفر، والحسن بن أبي جعفر قد ضعفه يحيى بن سعيد وغيره. انتهى.

‌خامسها: ترك الكلام:

قوله: "خامسها" أي: شرائط الصلاة.

"ترك الكلام" أي: ترك المصلي مكالمة غيره في حال صلاته.

1 -

عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "كُنَّا نَتكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ مِنَّا صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} (4) فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنْ الكَلَامِ". أخرجه الخمسة (5). [صحيح]

قوله في حديث زيد بن أرقم: "يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه" ظاهره لا لو بعد عنه.

(1) في "السنن"(2/ 155).

(2)

في "السنن"(2/ 155).

(3)

في "السنن"(2/ 155 - 156).

(4)

سورة البقرة الآية (238).

(5)

أخرجه البخاري رقم (4534)، ومسلم رقم (539)، وأبو داود رقم (949)، والترمذي رقم (405، 2986) وقال: حديث حسن صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة رقم (856، 857)، وأحمد (4/ 368)، وابن حبان رقم (2246)، والطبراني في "الكبير" رقم (5062)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 248).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

ص: 489

وقوله: "قوموا لله" أي: في صلاتكم.

"قانتين" القنوت له معان، أحدها: السكوت وهو المراد هنا لقرينة قوله: "فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام" يحتمل أنهم فهموا الأمر والنهي من الآية، أي: قوموا حال كونهم ساكتين، والأمر بالسكوت أي: حال القيام. والمراد به: أداء أركان الصلاة لا القيام [95 ب] فقط.

أفاد النهي عن الكلام؛ إما لأن الأمر بالشيء (1) نهي عن ضده، أو لأنه لازمه على ما عرف في الأصول (2).

2 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله! كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟ قَالَ: "إِنَّ في الصَّلَاةِ شُغْلاً". أخرجه الخمسة (3) إلا الترمذي. [صحيح]

قوله: في حديث ابن مسعود: "فلم يرد علينا" أي: بلفظ السلام، وإلا فإنه قد ثبت أنه كان يرد بالإشارة (4)، ولعله يأتي.

(1) انظر: "إرشاد الفحول"(ص 365 - 370) بتحقيقي. "البحر المحيط"(2/ 425)، "الإحكام" للآمدي (2/ 194).

(2)

انظر: "المحصول"(2/ 200)، "تيسير التحرير"(1/ 367).

(3)

أخرجه البخاري رقم (1199، 1216)، ومسلم رقم (34/ 538)، وأبو داود رقم (923)، والنسائي في "السنن"(1220، 1221)، وابن ماجه رقم (1019).

وأخرجه أحمد (1/ 377)، وأبو يعلى رقم (5188)، وابن خزيمة رقم (855)، والطبراني في "الكبير" رقم (10126)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 248)، وابن حبان رقم (2243، 2244).

وهو حديث صحيح.

(4)

يشير إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود رقم (925)، والنسائي (3/ 5)، والترمذي رقم (367)، وأحمد (2/ 10)، وابن ماجه رقم (1017)، وابن خزيمة رقم (888)، وابن حبان رقم (2258)، والطبراني في =

ص: 490

3 -

وعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: بَيْنَا أَنَا أُصلِّي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظرونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْربُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ يُصَمِّتُوننِي، فَلَمَّا قَضَى صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فوَالله مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي. وَلكِنْ قَالَ:"إِنْ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَمَّا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَنَا الله تَعَالى بِالإِسْلَامِ، وَاِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الكُهَّانَ؟ قَالَ:"فَلَا تَأْتِهِمْ". قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَّيرُونَ؟ قَالَ: "ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدُّهُمْ". قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟ قَالَ: "كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الأنبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ". قُلْتُ: وَإنَّهُ كانَ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا قِبَلَ أُحُدٍ وَالجوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كما يَأْسَفُونَ، فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً. قَالَ: فَعَظَّمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: "ائْتِنِي بِهَا" فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا:"أَيْنَ الله؟ " قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ: "مَنْ أَنَا؟ " قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ الله. قَالَ: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

= "الكبير" رقم (7291)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 12)، والبيهقي في "السنن" (2/ 259) عن ابن عمر عن صهيب أنه قال: مررتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلَّمتُ عليه فرد إشارة، قال: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بإصبعه. وهذا لفظ قتيبة. وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(1)

في صحيحه رقم (537).

(2)

في "السنن" رقم (930).

(3)

في "السنن"(3/ 16).

وأخرجه أحمد (5/ 448)، وابن حبان رقم (2247)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 249 - 250). =

ص: 491

"الكَهْرُ"(1):الزجر والنهر.

"وَالتَّطيُّرُ": التشاؤم بالشيء.

"وَالخَط"(2): هو الذي يفعله المنجم في الرمل بأصابعه ويحكم عليه ويخرج به الضمير.

"وَالأسَفُ": الغضب.

"وَالصَّكُّ"(3): الضرب واللطم.

قوله: "في حديث معاوية السلمي"(4) هو بضم السين مهملة وفتح اللام، منسوب إلى سليم بن منصور.

قوله: "فرماني القوم بأبصارهم".

أقول: كأن المراد من بجنبه، ويحتمل أنه التفت المتقدمون إن كان في غير الصف الأول.

وقوله: "واثكل أمّياه" هو بضم المثلثة وسكون الكاف، وبفتحها لغتان كالبُخل والبَخل، حكاهما الجوهري (5) وغيره (6)، وهو فقدان المرأة ولدها.

= وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(1)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 572).

(2)

قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 489): التطيرُّ: التشاؤم بالشيء، وأصله: أن العرب كانوا إذا خرجوا في سفر، أو عزموا على عمل؛ زجروا الطائر تفاؤلاً به، فما غلب على ظنهم وقوي في أنفسهم فعلوه من قول أو عمل أو ترك، ونهى الشرع عنه تسليماً لقضاء الله وقدره، وجعل لهم بدل ذلك الاستخارة في الأمر، وما أحسن هذا البدل.

(3)

انظر: "النهاية"(2/ 43)، "الفائق" للزمخشري (2/ 308).

(4)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 855 - قسم التراجم).

(5)

في "الصحاح"(4/ 1647).

(6)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 214).

وقوله: "أميّاه" في رواية أبي داود رقم (930) أصله "أمي" زيدت عليه الألف الندبة لذلك. =

ص: 492

وامرأة ثكلى وثاكل وثكلته أمه بكسر الكاف، وأثكله الله أمه.

وقوله: "يصمتونني" قيل: كأنه كان قبل شرعية التسبيح لمن نابه شيء في صلاته.

قوله: "لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" الكلام في اللغة (1): اسم جنس يقع على القليل والكثير، ويقع على الكلمة الواحدة والجماعة منها، وعلى هذا ورد الحديث (2):"إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" فإنها تبطل بالكلمة الواحدة، ولا يتوقف الإبطال على اللفظ المفيد، فإن الحديث ورد على اللغة لا على الاصطلاح الحادث [96 ب] أي: عن أن الكلام هو اللفظ المفيد.

قلت: ثم إن المراد بكلام الناس مكالمتهم وخطابهم، كما قال: يرحمك الله، فإنه يريد به خطاب العاطس، وبه يعرف ضعف كلام] (3)[475/ أ] من جعل الحديث دليلاً على تحريم عموم (4) الدعاء في الصلاة؛ لأنه من كلام الناس لا يصح.

على أنه لو فرض صحته لكان الدعاء مخصصاً من عمومه لما ثبت من الإذن في الأدعية المأثورة وغيرها في الصلاة والأمر بها.

وقوله: "إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" خص أذكارها بالحصر؛ لأن المقام مقام الأذكار، وإلا فإنها كذلك وركوع وسجود، والتسبيح عام للأدعية.

وقوله: "الجاهلية" أي: ما قبل ورود الشرع، لكثرة جهالاتهم وفحشها.

قوله: "فلا تأتهم".

= وعند الآخرين: "أمّاه" بتشديد الميم، وأصله:"أم" زيدت عليه ألف الندبة لمدّ الصوت وأردفت بها السكت.

(1)

انظر: "القاموس المحيط"(ص 1491).

(2)

تقدم، وهو حديث صحيح.

(3)

إلى هنا انتهى النقص من المخطوط (أ).

(4)

انظر: "المغني"(2/ 449 - 450)، "البناية في شرح الهداية"(2/ 488 - 490).

ص: 493

أقول: قال العلماء (1): وجه النهي عن إتيانهم؛ لأنهم يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة، فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك، ولأنهم يلبسون على الناس كثيراً من الشرائع.

وقد (2) تظاهرت الأحاديث الصحيحة على النهي عن إتيانهم وتحريم ما يأخذونه على كهانتهم، وهو الحلوان (3)، وهو حرام بإجماع المسلمين؛ لأن فعل الكهانة باطلة لا يجوز أخذ أجرة عليه، ومثله حلوان العرّاف.

والكاهن كما قال الخطابي (4): من يتعاطى الإخبار عن الكوائن المستقبلة، ويدعي معرفة الأسرار.

والعرّاف (5): من يتعاطى معرفة الشيء السروق، ومكان الضالة ونحوها.

قال (6): فمن الكهنة من يدعي أن له رئيّاً من الجن وتابعه تلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي إدراك ذلك بفهم أوتيه، ومنهم (7) من يزعم معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها كمعرفة من سرق الشيء [97 ب] الفلاني ونحو ذلك، ومنهم من يسمي المنجم كاهناً.

قال (8): والحديث يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم، وتصديقهم فيما يدعون.

(1) ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 22).

(2)

ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 22).

(3)

ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 22).

(4)

في "معالم السنن"(4/ 225 - مع السنن).

(5)

قال الخطابي: العراف وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها.

(6)

أي الخطابي في "معالم السنن"(4/ 225 - مع السنن).

(7)

وهو العرَّاف.

(8)

أي الخطابي في "معالم السنن"(4/ 225 - مع السنن).

ص: 494

قوله: "يتطيرون" أي: يتشاءمون بالشيء من مرئي أو مسموع.

وقوله: "فلا يصدّهم" نهي (1) عن العمل بالطيرة والامتناع من تصرفاتهم بسببها، لا أنه نهي عما يوجد في النفس من غير عمل على مقتضاه؛ لأن وجدانه في النفس يهجم عليها بغير إرادة ولا تكليف به.

وأخرج [رسته](2) في الإيمان عن الحسن: "ثلاث لم تسلم منها هذه الأمة: الحسد والظن والطيرة، ألا أنبئكم بالمخرج منها؟ إذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغِ، وإذا تطيرت فامضِ"(3).

قوله: "قوم يخطّون" أراد به خط الرمل المعروف.

وقوله: "كان نبي يخط" قيل: هو إدريس.

"فمن وافق خطه فذاك" أي: جائز، لكن لا يعلم (4) موافقة خطه أحد إلا بوحي ولا وحي به فلا يجوز له، والمقصود أنه حرام، إذ لا يتعين بالموافقة.

وقال القاضي عياض (5): المختار أن معناه: من وافق خطه فذاك الذي تجدون إصابته فيما يقول، لا أنه أباح ذلك لفاعله.

قال: فحصل من مجموع كلام العلماء الاتفاق على النهي عنه.

(1) ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(5/ 23).

(2)

هكذا رسمت في (ب)، وفي (أ) غير مقروءة.

(3)

قال الحافظ في "الفتح"(10/ 213): أخرج عبد الرزاق عن معمر بن إسماعيل بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد، فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق" وهذا مرسل أو معضل.

(4)

ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(5/ 23).

(5)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 465).

ص: 495

قوله: "والجوانية" بفتح الجيم وتشديد الواو، ثم نون وتحتية مثناة: موضع بقرب أحد شمالي المدينة (1).

"قوله: "فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء

" إلى آخره.

أقول: هذا (2) الحديث من أحاديث الصفات، وفيهما مذهبان تقدم ذكرهما مرات، أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أن الله ليس كمثله شيء، وتنزيهه عن سمات المخلوقين.

والثاني: تأويله بما يليق به، فمن قال هذا قال هنا: كأن المراد امتحانها [98 ب] هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر للأفعال الله وحده، وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء؟ كما إذا صلى له المصلي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنه منحصر في السماء، كما أنه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين، وأن الكعبة قبلة المصلين.

أم هي من عبدة الأوثان الذين بين أيديهم؟ فلما قالت: في السماء؛ علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان (3).

قال القاضي عياض (4): لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظائرهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله في السماء كقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (5)

(1) قال القاضي عياض في "إكمال المعلم"(2/ 464): والجوانية أرض من عمل الفرع من جهة المدينة.

(2)

ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(5/ 24).

(3)

قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 24).

(4)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 465).

(5)

سورة الملك الآية (16).

ص: 496

ونحوه؛ ليست على ظاهرها، بل هي متأولة عند جميعهم، فمن قال بجهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين تأول {فِي السَّمَاءِ} (1) على السماء.

ومن قال من دهماء النظار والمتكلمين وأصحاب التنزيه، بنفي الحد لاستحالة الجهة في حقه؛ تأولهما تأويلاً بحسب متقضاها.

وقال (2): ويا ليت شعري ما الذي جمع أهل السنة (3) والحق على وجوب الإمساك عن التفكر في الذات، كما أمروا وسكتوا الحيرة العقل، واتفقوا على تحريم الكيف والتشبيه، وأن ذلك من وقوفهم وإمساكهم، لا عن شك في الوجود والموجود غير قادح في التوحيد.

قلت: هو خبر قوله: وإمساكهم بل هو حقيقته، ثم تسامح بعضهم بإثبات الجهة، وهل بين التكييف وإثبات الجهة فرق؟

لكن إطلاق ما أطلقه الشارع من أنه {الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (4) وأنه {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (5) مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلي، الذي لا يصح في معقول غيره وهو قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (6) فهي عصمة لمن وفق الله إلى هداه. انتهى.

(1) سورة البقرة الآية (144).

(2)

القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 465).

(3)

فأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله فوق جميع مخلوقاته، مستوٍ على عرشه، في سمائه، عالياً على خلقه، بائناً منهم، يعلم أعمالهم ويسمع أقوالهم، ويرى حركاتهم وسكناتهم، لا تخفى عليه خافية.

وقد تقدم تفصيل ذلك.

(4)

سورة الأنعام الآية: (18)، قال تعالى:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18].

(5)

سورة طه الآية: (5).

قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5].

(6)

سورة الشورى الآية (11).

ص: 497

وهو كلام نافع [99 ب] وللخير جامع، وطريقته التفويض وهي الأولى.

هي والله الأحوط للعبد والأولى، وفقنا الله اعتقاداً وقولاً وعملاً [475/ أ] لما يرضى.

4 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِالله مِنْكَ" ثُمَّ قَالَ: "ألعَنُكَ بِلَعْنَةِ الله" ثَلَاثًا، وَبَسَطَ يَدَهُ كأنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله! سَمِعْنَاكَ تَقُولُ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ؟ قَالَ:"إِنَّ عَدُوَّ الله إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ، لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِالله مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: العَنُكَ بِلَعْنَةِ الله التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَهُ، فَوالله لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ لأَصبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ المَدِينَةِ". أخرجه مسلم (1) والنسائي (2). [صحيح]

"أَرَادَ بِدَعْوَةِ سُلَيْمَانَ قوله: "رب هب لي ملكاً" (3) الآيةَ، وَمَنْ جُمْلَةِ مُلْكِهِ تَسْخِيرُ الِجنِّ لَهُ وَاْنقِيَادِهِمْ".

قوله في حديث أبي الدرداء: "ألعنك بلعنة الله التامة".

أقول: قيل: يحتمل تسميتها تامة أنه لا نقص فيها، ويحتمل الواجبة له، والمستحقة عليه أو الموجبة له العذاب سرمداً.

قال القاضي عياض (4): فيه دليل لمن لا يبطل الصلاة بالدعاء لغيره أو على غيره بصيغة الخطاب، خلافاً لابن شعبان من أصحاب مالك في قوله: تبطل بذلك.

(1) في صحيحه رقم (542).

(2)

في "السنن" رقم (1215). وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(3)

يشير إلى قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)} [ص: 35].

(4)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 473).

ص: 498