المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

1 -

عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةَ، يَقُولُ:"اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ". قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: فَأَنْتُمُ اليَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا. أخرجه مسلم (1)، وأبو داود (2)، والنسائي (3). [صحيح]

قوله: "في حديث أبي مسعود: يمسح مناكبنا" أي: يسوّيها ويعدلها لئلا يتقدم أحد على أحد في الصف، ويجمع لهم بين الفعل والقول، ويقول "استووا" أي: في الصف.

وبوّب البخاري (4) لهذا في "صحيحه" باب: إلزاق المنكب بالمنكب، والقدم [163 ب] بالقدم في الصف [499/ أ].

"ولا تختلفوا" بالتقدم والتأخر.

"فتختلف قلوبكم" اختلاف القلوب تباغضها وعدم ألفتها، تكون عقوبة على اختلافهم في صفوف صلاتهم.

جعل عقوبة اختلاف الظواهر اختلاف البواطن، وهذا حكم من أحكام المؤتمين.

(1) في "صحيحه" رقم (122/ 432).

(2)

في "السنن" رقم (674).

(3)

في "السنن"(2/ 87 - 88).

وأخرجه أحمد (4/ 122)، وابن ماجه رقم (976)، والحميدي رقم (456)، والدارمي (1/ 290)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (315)، وابن خزيمة رقم (1542)، وأبو عوانة (2/ 41 - 42)، وابن حبان رقم (2178)، والبيهقي (3/ 97)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "صحيحه"(2/ 211 الباب رقم 76).

ص: 636

الثاني: قوله: "وليلني" بكسر اللّامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون، ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التأكيد (1).

" [منكم] (2) أولو الأحلام" هم العقلاء، وقيل: البالغون.

"النُهى"(3) بضم النون، جمع نهيه بالضم، والمراد بها العقول؛ لأنها تنهى عن القبائح [منطبقة](4) على أولي الأحلام تأكيد لاتحاد معناهما.

قيل: ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة (5) أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكثير المجالس كمجالس العلم، والقضاء، والذكر، والمشاورة، ومواقف القتال، وإمامة الصلاة، والتدريس، والإفتاء، وسماع الحديث ونحوه.

ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم، والدين، والعقل، والشرف، والسن، والكفاءة في ذلك الباب.

والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك.

"ثم الذين يلونهم" في ذلك "ثم الذين يلونهم" فهذا أمر لذوي النهى أن يكون أقرب إلى الإمام في الصلاة، وهو في الصف الأول، فإن تأخروا خالفوا أمره، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (6).

(1) ذكره النووي في شرح "صحيح مسلم"(4/ 154 - 155).

(2)

في (ب) مكررة.

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 813).

(4)

في (أ): "منتطيقة". هكذا رسمت غير مقروءة.

(5)

انظر: "المغني"(3/ 57 - 58).

(6)

سورة النور الآية (63).

ص: 637

وقد خالف الناس هذا الأدب قديماً كما قال أبو مسعود: "فأنتم اليوم أشد اختلافاً"، وقد كان هذا في عصره وأهله خير القرون فكيف من بعده؟؟!.

ولقد عهدنا في عصرنا مشايخ العلم وأهل الفضائل يتأخرون عمداً إلى آخر صف يتصل بالجدار! [164 ب].

وعهدنا العامة والجهال، بل والصغار الذين لم يبلغوا الحلم يحافظون على أول صف، كأنها فطرة من الله فطرهم عليها!

وقد رأيت في ترجمة بعض المحدثين ممن كان يتأخر عن الصفوف الأولى [منْ](1) الصلاة أنه قيل له يتقدم إلى الصف فقال: يزاحمني الحمّالون، أو نحو هذه العبارة، وقيل له: لو تقدمت صدر المسجد، فقال: أنا صدر حيث كنت فانظر كيف ضمّ إلى مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبرياء في موضع أمر الله فيه بالتواضع له؟!.

2 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ". أخرجه مسلم (2) وأبو داود (3) والترمذي (4).

"النُّهَى": العقول والألباب. [صحيح]

(1) في (أ): في.

(2)

في "صحيحه" رقم (123/ 432).

(3)

في "السنن" رقم (675).

(4)

في "السنن" رقم (228).

وأخرجه أبو يعلى رقم (5324)، والدارمي (1/ 290)، وابن خزيمة رقم (1572)، وأبو عوانة (2/ 42)، وابن حبان رقم (2180)، والطبراني في "الكبير" رقم (10041)، والبيهقي (3/ 96 - 97)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (821)، وهو حديث صحيح.

ص: 638

و"هَيْشَاتُ (1) الأَسْوَاقِ": الاختلاط، وكثرة اللغط.

قوله: "في حديث ابن مسعود: إياكم وهيشات الأسواق" هو بفتح الهاء وسكون التحتية وإعجام الشين، أي: اختلاطها والمنازعة والخصومات واللغط.

3 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِذُؤَابَتِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ". أخرجه الستة (2). [صحيح]

قوله: "في حديث ابن عباس: فأخذ بذؤابتي"(3) هي بضم الذال المعجمة وفتح الواو: الشعر المظفور من شعر الرأس، وذؤابة الجلد أعلاه.

وفيه: أنّ موقف المأموم إذا كان واحداً أيمن إمامه.

4 -

وعن علقمة والأسود أنهما قالا: استأذنا على ابن مسعود رضي الله عنه فأذن لنا، ثم قام فصلى بيني وبينه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعل. أخرجه مسلم (4) وأبو داود (5) والنسائي (6). [صحيح]

(1) انظر: "غريب الحديث" للهروي (4/ 84)، "الفائق" للزمخشري، (4/ 119 - 120).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (117)، وله أطراف كثيرة منها (138، 182، 697، 698، 699، 728، 859، 992، 1198).

ومسلم رقم (763)، وأبو داود رقم (610، 611)، والترمذي رقم (232)، والنسائي (2/ 104)، ومالك في "الموطأ"(1/ 121 - 122)، وهو حديث صحيح.

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 597)، "غريب الحديث" للخطابي (3/ 223).

(4)

في "صحيحه" رقم (369).

(5)

في "السنن" رقم (613).

(6)

في "السنن"(2/ 49، 50)، وهو حديث صحيح.

ص: 639

قوله: "وعن علقمة" بالعين المهملة، وبعد لامه قاف، وهو ابن قيس (1) بن عبد الله النخعي الكوفي عمّ والده إبراهيم النخعي، يكنى أبا شبل.

كان يشبّه بعبد الله بن مسعود، وكان من الربّانيين.

"والأسود" هو ابن يزيد (2) بن قيس بن عبد الله النخعي، أبو عمرو، وأبو عبد الرحمن الكوفي، مخضرم فقيه مكثر في الحديث.

قال إبراهيم: كان يختم القرآن كل ليلتين، وروي أنه حج ثمانين حجة.

قوله: "فقام ثم صلى بيني وبينه" أي: أنه أمّهما وقام وسطهما، وأخبر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.

وقد عارض حديث ابن مسعود حديث جابر عند أحمد (3) قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب، فجئت فقمت عن يساره فنهاني، فجعلني عن يمينه، ثم جاء صاحب لي فصففنا خلفه، فصلى بنا في ثوب واحد مخالف بين طرفيه".

وفي رواية: "قام [165 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي، فجئت فقمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبَّار بن صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأيدينا جميعاً، فدفعنا حتى أقامنا خلفه" رواه مسلم (4) وأبو داود (5).

(1) ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 708 - قسم التراجم)، وانظر:"التقريب"(2/ 31 رقم 286).

(2)

انظر: "التقريب"(1/ 77 رقم 579).

(3)

في "المسند"(3/ 326)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "صحيحه" رقم (3010).

(5)

في "السنن" رقم (634). =

ص: 640

وحديث ابن مسعود قد رفعه فلعلّ هذا من العمل المخيرّ فيه. والله أعلم.

وأخرج الترمذي (1) من حديث سمرة بن جندب قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنَّا ثلاثة أن يتقدمنا أحدنا".

قال الترمذي (2): وفي الباب عن ابن مسعود وجابر وأنس بن مالك.

قال (3): وحديث سمرة غريب، قال (4): والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: إذا كانوا ثلاثة قام رجلان خلف الإمام.

5 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُها، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخيرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُها". أخرجه الخمسة (5) إلا البخاري. [صحيح]

قوله: "في حديث أبي هريرة: خير صفوف الرجال أوّلها" أي: أكثرها ثواباً وأجراً، ولذا ورد أنه صف الملائكة.

"وشرها آخرها" أي: أقلها أجراً، وهو حث على الصف الأول مع الرجال.

= وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" رقم (172)، وابن حبان رقم (2197)، والحاكم (1/ 254)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 239)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (827) ، وابن خزيمة رقم (1536)، (1674)، وهو حديث صحيح.

(1)

في "السنن" رقم (233)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

(2)

في "السنن"(1/ 453).

(3)

أي: الترمذي في "السنن"(1/ 453).

(4)

أي: الترمذي في "السنن"(1/ 453).

(5)

أخرجه مسلم رقم (132/ 440)، وأبو داود رقم (678)، والترمذي رقم (224)، والنسائي رقم (820)، وابن ماجه رقم (1000).

وهو حديث صحيح.

ص: 641

"وخير صفوف (1) النساء آخرها (2) "[166 ب].

6 -

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَتُسَوَّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ الله بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، أَوْ قَالَ: وُجُوهِكُمْ". أخرجه الخمسة (3). [صحيح]

7 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ". أخرجه الخمسة (4) إلا الترمذي. [صحيح]

(1) إنما كان خيرها لما في الوقوف فيه من البعد عن مخالطة الرجال، بخلاف الوقوف في الصف الأول من صفوفهن، فإنه مظنة المخالطة لهم، وتعلق القلب بهم المتسبب عن رؤيتهم، وسماع كلامهم، ولهذا كان شرّها.

(2)

توقف شرح الحديث إلى هنا، وباقي الصفحة بما يقارب خمسة أسطرٍ خالية من الشرح. والصفحات من (167 إلى 194) خالية كذلك من الشرح في (أ)(ب).

(3)

أخرجه أحمد (4/ 276)، ومسلم رقم (128/ 436)، والترمذي رقم (227)، والنسائي (2/ 89)، وأبو داود رقم (663)، وابن ماجه رقم (994)، وهو حديث صحيح.

قوله: "لتُسوّن صفوفكم" بضم التاء المثناة من فوق، وفتح السين وضم الواو وتشديد النون.

قال البيضاوي: هذه اللام التي يتلقى بها القسم، والقسم هنا مقدر، ولهذا أكده بالنون المشددة.

ذكره الكرماني في شرح صحيح البخاري (5/ 93).

والحافظ في "الفتح"(2/ 207).

قوله: "أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم".

قال النووي في "شرح صحيح مسلم"(4/ 157)، معناه: يوقع بينكم العداوة والبغضاء، واختلاف القلوب كما تقول: تغير وجه فلان أي: ظهر لي من وجهه كراهة؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.

وانظر: "فتح الباري"(2/ 207).

(4)

أخرجه البخاري رقم (718، 719، 723)، ومسلم رقم (124/ 433)، وأبو داود رقم (668)، وابن ماجه رقم (993)، والنسائي (2/ 91)، وأخرجه أحمد (3/ 177)، وأبو يعلى رقم (2997)، وابن خزيمة =

ص: 642

8 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقِيمُوا الصُّفُوفُ، وَحَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ، وَسُدُّوا الخَلَلَ، وَلينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ الله، وَمَنْ قَطَعَه قَطَعَهُ الله". أخرجه أبو داود (1) بطوله، والنسائي (2) من قوله: من وصل إلى آخره. [صحيح]

= رقم (1543)، والطيالسي رقم (1982)، وأبو عوانة (2/ 38)، (2/ 38 - 39)، وابن حبان رقم (2171)، (2174)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 99 - 100)، وهو حديث صحيح.

قوله: "سوّوا صفوفكم" فيه أن تسوية الصفوف الواجبة.

قوله: "فإن تسوية الصفِّ من تمام الصلاة"، في لفظ البخاري رقم (723):"من إقامة الصلاة"، والمراد بالصف الجنس، وفي رواية:"فإنّ تسوية الصفوف"[أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (723)].

قال ابن حزم في "المحلى"(4/ 55): "قال علي: تسوية الصف إذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض؛ لأنّ إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض".

انظر: "فتح الباري"(2/ 210).

(1)

في "السنن"(666).

(2)

في "السنن" رقم (819)، وهو حديث صحيح.

قوله: "وحاذوا بين المناكب" بالحاء المهملة، والذال المعجمة، أي: اجعلوا بعضها حذاء بعض بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين موازياً لمنكب الآخر ومسامتاً له، فتكون المناكب والأعناق على سمت واحد.

قوله: "وسدّوا الخلَلَ" هو بفتحتين: الفرجة بين الصفين.

قوله: "ولينوا بأيدي إخوانكم" أي: إذا جاء المصلي ووضع يده على منكب المصلي فليلن له بمنكبه، وكذا إذا أمره من يسوِّي الصفوف بالإشارة بيده أن يستوي في الصف أو وضع يده على منكبه فليستو، وكذا إذا أراد أن يدخل في الصف فليوسع له.

انظر: "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح". (3/ 177). "معالم السنن" للخطابي (1/ 435 - مع السنن).

قوله: "فرجات الشيطان": الفُرجات: جمع فُرجة، وهي الخلل الذي يكون بين المصلّين في الصفوف، فأضافها إلى الشيطان. =

ص: 643

"فُرُجَاتِ الشَّيْطَانِ": هي الخلل التي تكون بين المصلين في الصفوف.

9 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خِيَارَكُمْ اليَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي الصَّلَاةِ" أخرجه أبو داود (1). [حسن]

10 -

وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: "رَأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلاّةِ". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3). [صحيح]

= قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 610).

(1)

في "السنن" رقم (672)، وهو حديث حسن.

قوله: "ألينكم مناكب". قال الخطابي في "معالم السنن"(1/ 435 - مع السنن) معنى لين المنكب لزوم السكينة في الصلاة والطمأنينة فيها، لا يلتفت ولا يحاك بمنكبه منكب صاحبه.

وقد يكون فيه وجه آخر وهو أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان، بل يمكنه من ذلك، ولا يدفعه بمنكبه لتتراص الصفوف وتتكاتف الجموع" اهـ.

قال في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"(3/ 175): وهذا أولى وأليق من قول الخطابي: إن معنى لين المنكب: السكون والخشوع.

(2)

في "السنن" رقم (682).

(3)

في "السنن" رقم (231).

وأخرجه أحمد (4/ 228)، وابن ماجه رقم (1004)، والطيالسي رقم (1201)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (319)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 393)، والبيهقي (3/ 104)، وابن خزيمة رقم (1570)، وابن حبان رقم (403، 404 - موارد)، وهو حديث صحيح.

قوله: "وعن وابصة بن معبد" ابن معبد عتبة الأسدي، صحابي نزل الجزيرة، وعُمِّر إلى قرب سنة تسعين. "التقريب"(2/ 328 رقم 1).

قوله: "رجلاً يصلي خلف الصفِّ وحده": اختلف السلف في صلاة المأموم خلف الصف وحده، وممن قال بذلك النخعي، والحسن بن صالح، وأحمد وإسحاق، وحماد، وابن أبي ليلى، ووكيع.

انظر: "الأوسط" لابن المنذر (4/ 183). =

ص: 644

11 -

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: رَأَى النّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ لَهُمْ:"تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ، حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ الله"(1). [صحيح]

"المغني"(3/ 49 - 50).

وأجاز ذلك الحسن البصري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، وفرق آخرون في ذلك، فرأوا على الرجل الإعادة دون المرأة.

انظر: "المغني"(3/ 49)، "المجموع شرح المهذب"(4/ 189 - 190).

المدونة (1/ 105 - 106)، "الأوسط"(4/ 183).

- وتمسك القائلون بعدم الصحة بحديث وابصة - تقدم آنفاً - وبحديث علي بن شيبان وفيه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلِّي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرَّجل، فقال له: "استقبل صلاتك، فلا صلاة لمنفرد خلف الصف".

- وهو حديث صحيح أخرجه أحمد (4/ 23)، وابن ماجه رقم (1003)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 394)، والبيهقي (3/ 105)، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1569)، وابن حبان رقم (40 - موارد).

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 339): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.

- وتمسك القائلون بالصحة بحديث أبي بكرة أنه انتهى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو راكعٌ، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"زادك الله حرصاً ولا تعد"، وهو حديث صحيح.

[أحمد (5/ 39) البخاري في "صحيحه" رقم (783)، والنسائي رقم (871)، وغيرهم].

وقيل: الأولى الجمع بين أحاديث الباب يحمل عدم الأمر بالإعادة على من فعل ذلك لعذر مع خشية الفوت لو انضمّ إلى الصف، وأحاديث الإعادة على من فعل ذلك لغير عذر.

وانظر: "المغني"(3/ 76 - 77).

"فتح الباري"(2/ 268).

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (130/ 438)، والنسائي رقم (795)، وأبو داود رقم (680)، وابن ماجه رقم (978)، وهو حديث صحيح. =

ص: 645

12 -

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسولَ الله: "أَلَا تَصُفُّونَ كَما تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ". قُلْنَا: وَكَيْفَ تَصُفُّ المَلَائِكَةُ؟ قَالَ: "يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ المُقَدَّمَةَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ". أخرجهما مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

"التراصُّ": الاجتماع والانتظام.

قال الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} (4): أي متصل بعضه ببعض.

= قوله: "وليأتم بكم من بعدكم". أي: ليقتد بكم من خلفكم من الصفوف.

قال النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(4/ 159): وفيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه أو صف قدامه يراه متابعاً للإمام.

قوله: "لا يزال قوم يتأخرون" أي: عن الصف الأول.

وقوله: "حتى يؤخرهم الله" قال النووي في شرح "صحيح مسلم"(4/ 159) أي: حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة وعن العلم ونحو ذلك.

(1)

في "صحيحه" رقم (119/ 430).

(2)

في "السنن" رقم (661).

(3)

في "السنن" رقم (816).

وأخرجه أحمد (5/ 106)، وابن ماجه رقم (992)، وابن خزيمة رقم (1544)، وأبو عوانة (2/ 85)، وابن حبان رقم (2154)، و (2162)، وأبو يعلى رقم (7474)، و (7481)، و (7482)، والبيهقي (3/ 101)، والبغوي رقم (809)، وعبد الرزاق في "المصنف" رقم (2432)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 353)، وهو حديث صحيح.

قوله: "ألا تصفُّونَ كما تصف الملائكة؟ " فيه الاقتداء بأفعال الملائكة في صلاتهم وتعبداتهم.

قوله: "عند ربهم" كذا لفظ أبو داود في "السنن" رقم (661)، والنسائي في "السنن" رقم (816)، ولفظ ابن حبان في "صحيحه" رقم (2162)"عند ربها".

(4)

سورة الصف الآية (4).

ص: 646

13 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ مَا كَانَتُ إِلَاّ قُرْعَةً". أخرجه مسلم (1). [صحيح]

14 -

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَّبَرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ". أخرجه الخمسة (2) إلا الترمذي. [صحيح]

(1) في "صحيحه" رقم (439)، وهو حديث صحيح.

قوله: "لو تعلمون" في رواية البخاري رقم (615): "لو يعلم الناس".

قال الطيبي: وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم.

"فتح الباري"(2/ 96).

قوله: "ما" أطلق مفعول يعلم وهو (ما) ولم يبين الفضيلة ما هي ليفيد حزباً من المبالغة، وأنّه مما لا يدخل تحت الوصف، قاله الطيبي، كما في "فتح الباري"(2/ 96).

قوله: "ما كانت إلا قرعة" قال النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(4/ 158): ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه، وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها.

وانظر: "فتح الباري"(2/ 96 - 97).

(2)

أخرجه البخاري رقم (722)، ومسلم رقم (415)، وأبو داود رقم (603 - 604)، والنسائي في "السنن" رقم (902)، وابن ماجه رقم (846)، وأخرجه أحمد (2/ 314)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (852)، وهو حديث صحيح.

قوله: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" لفظ إنّما من صيغ الحصر عند جماعة من أئمة الأصول والبيان.

انظر: "معجم البلاغة العربية"(ص 56 - 57).

"البحر المحيط" للزركشي (2/ 331). =

ص: 647

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومعنى الحصر فيها: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عمّا عداه.

وقال الآمدي في "إحكام الأحكام"(3/ 106 - 107) أنها لا تفيد الحصر، وإنّما تفيد تأكيد الإثبات فقط.

ونقله أبو حبان عن البصريين.

- والاتفاق على إفادتها للحصر. انظر: "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (1/ 203)، "البحر المحيط"(2/ 330).

والمراد بالحصر هنا حصر الفائدة في الاقتداء بالإمام والاتباع له، ومن شأن التابع أن لا يتقدم على المتبوع، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال التي فصلها الحديث ولا في غيرها قياساً عليها، ولكن ذلك مخصوص بالأفعال الظاهرة لا الباطنة، وهي ما لا يطلع عليه المأموم كالنية فلا يضر الاختلاف فيها، لذلك فلا يصح الاستدلال به على من:-

- جوز ائتمام من يصلي الظهر بمن يصلي العصر.

- ومن يصلي الأداء بمن يصلي التضاد.

- ومن يصلي الفرض بمن يصلي النفل، وعكس ذلك.

- وقد استدل بالحديث أيضاً القائلون: بأن صحة صلاة المأموم لا تتوقف على صحة صلاة الإمام إذا بان جنباً أو محدثاً، أو عليه نجاسة خفيف وبذلك صرّح أصحاب الشافعي بناء على اختصاص النهي عن الاختلاف بالأمور المذكورة في الحديث أو بالأمور التي يمكن المؤتم الاطلاع عليها.

الأم (8/ 541 - 542)، "المغني"(3/ 61 - 64).

"المحلى"(3/ 65 - 66).

قوله: "فإذا كبر فكبروا" فيه أن المأموم لا يشرع في التكبير إلا بعد فراغ الإمام منه، وكذلك الركوع والرفع منه والسجود.

ويدل على ذلك حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس! إنِّي إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود، ولا بالانصراف". وهو حديث صحيح.

[أخرجه أحمد (3/ 102)، ومسلم رقم (112/ 426)، وأبو داود رقم (426)].

قوله: "وإذا قال: سمع الله لمن حمده .. " فيه دليل لمن قال: إنَّه يقتصر المؤتم في ذكر الرفع من الركوع على قوله: ربنا لك الحمد. وقد تقدم توضيحه. =

ص: 648

15 -

وعنه (1) رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ الله رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ". أخرجه الخمسة (2). [صحيح]

= قوله: "وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً

" فيه دليل لمن قال: إن المأموم يتابع الإمام في الصلاة قاعداً وإن لم يكن المأموم معذوراً.

انظر: "المغني"(3/ 61 - 64)، "المحلى"(3/ 65 - 66).

"المجموع شرح المهذب"(4/ 161 - 162).

(1)

أي: عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري رقم (691)، ومسلم رقم (114، 115/ 427)، وأبو داود رقم (623)، والترمذي رقم (582)، والنسائي رقم (828)، وابن ماجه رقم (961)، وليس عندهم "إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود"، والله أعلم.

وأخرجه أحمد (2/ 260، 504)، وابن خزيمة رقم (1600)، والطيالسي رقم (2490)، وهو حديث صحيح.

الشرح:

قوله: "أمّا يخشى أحدكم" أما المخففة حرف استفتاح مثل "ألا"، وأصلها نافية دخلت على همزة الاستفهام وهي ها هنا استفهام توبيخ.

والاستفهام التوبيخي: هو ما يكون ظاهره الاستفهام، ومعناه التوبيخ، كقوله تعالى:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الأنعام: 130]، وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت، وبخ على فعله، كما يقع على ترك فعل ينبغي أن يقع كقوله تعالى:{أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97].

انظر: "معترك الأقران" للسيوطي (1/ 329).

"معجم البلاغة العربية"(ص 224). =

ص: 649

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قوله: "إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود" لم أقف على هذه العبارة عند الخمسة أو غيرهم. وهي في "الجامع"(5/ 626 رقم 3889)، ترجم البخاري في "صحيحه" (2/ 182 الباب رقم 53 باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام.

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 183): زاد ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1600) - من رواية حماد بن زيد عن محمد بن زياد: "في صلاته" وفي رواية حفص بن عمر المذكورة - أخرجها أبو داود رقم (623): "الذي يرفع رأسه والإمام ساجد" فتبين أن المراد الرفع من السجود، ففيه تعقب على من قال: إن الحديث نص في المنع من تقدم المأموم على الإمام في الرفع من الركوع والسجود معاً. وإنّما هو نص في السجود. ويلتحق به الركوع لكونه في معناه ثم قال الحافظ: ويمكن أن يفرق بينهما بأن السجود له مزيد مزية؛ لأن العبد أقرب ما يكون فيه من ربه؛ لأنَّه غاية الخضوع المطلوب منه، فلذلك خص بالتنصيص عليه ويحتمل أن يكون من باب الاكتفاء، وهو ذكر أحد الشيئين المشتركين في الحكم إذا كان للمذكور مزية.

قوله: "أو صورته صورة حمار" الشك وقع من شعبة فقد رواه الطيالسي في "مسنده" رقم (2490) عن حماد ابن سلمة وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1600) من رواية حماد بن زيد، ومسلم رقم (115، 116/ 427) من رواية يونس بن عبيد والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردد، فأما الحمادان فقالا:"رأس"، وأمَّا يونس - مسلم رقم (114/ 427) فقال:"صورة"، وأمّا الربيع فقال:"وجه"، والظاهر أنه من تصرف الرواة.

قال الحافظ في "الفتح"(2/ 183) لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضاً، وأمّا الرأس فرواتها أكثر وهي أشمل فهي المعتمدة. وخص وقوع الوعيد عليها؛ لأن بها وقعت الجناية وهي أشمل.

- وظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام لكونه توعد عليه بالمسخ وهو أشد العقوبات جزم به النووي في "المجموع شرح المهذب"(4/ 366)، ومع القول بالتحريم فالجمهور على أن فاعله يأثم وتجزئه صلاته.

وعن ابن عمر: تبطل. وبه قال أحمد في رواية، وأهل الظاهر بناءً على أن النهي يقتضي الفساد والوعيد بالمسخ في معناه.

انظر: "المحلى"(4/ 60 - 61)، "فتح الباري"(2/ 183).

"المجموع شرح المهذب"(4/ 367). =

ص: 650

16 -

وعنه رضي الله عنه قال: "الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَخْفِضُهُ قَبْلَ الإِمَامِ إِنَّمَا نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ". أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح]

17 -

وعن البراء (2) رضي الله عنه قال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جَبْهَتهُ عَلَى الأَرْضِ". أخرجه الخمسة (3). [صحيح]

= وقد اختلف في معنى الوعيد المذكور:

فقيل: يحتمل أن يرجع ذلك إلى أمر معنوي، فإنَّ الحمار موصوف بالبلادة، فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الإمام.

ويرجع هذا المجاز أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين، لكن ليس في الحديث ما يدل على أن ذلك يقع ولا بدّ، وإنّما يدل على كون فاعله متعرضاً لذلك. ولا يلزم من التعرُّض للشيء وقوعه.

وقيل: هو على ظاهره إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك.

(1)

في "الموطأ"(1/ 92)، وهو أثر موقوف صحيح.

وأخرجه البزار في "المسند"(رقم 475 - كشف)، والطبراني في "الأوسط"(7/ 348 رقم 7692)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 78)، وقال: رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن.

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" رقم (3753)، موقوفاً، وهو المحفوظ.

وخلاصة القول: أن حديث أبي هريرة موقوف صحيح، والله أعلم.

(2)

الذي في "الجامع"(5/ 627 رقم 3892)، البراء بن عازب رضي الله عنه.

(3)

أخرجه البخاري رقم (690، 747، 811)، ومسلم رقم (474)، وأبو داود رقم (622)، والترمذي رقم (281)، والنسائي (2/ 96).

وهو حديث صحيح.

قوله: "إذا قال: سمع الله لمن حمده" في رواية شعبة: "إذا رفع رأسه من الركوع" ولمسلم من رواية محارب بن دثار: "فإذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده لم نزل قياماً"، "فتح الباري"(2/ 182).

قوله: "لم يحن" بفتح التحتانية وسكون المهملة أي: لم يثن، يقال: حنيت العود: إذا ثنيته.

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 445). =

ص: 651

18 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدَرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الإِمَامِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا". أخرجه الثلاثة (1) وأبو داود (2). [صحيح]

19 -

وفي أخرى لأبي داود (3): "إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ". [حسن]

= قوله: "حتى يضع النبي صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض" قال الحافظ في "الفتح": والذي يظهر في مراده أن الأحاديث الواردة بالاقتصار على الجبهة كهذا الحديث لا تعارض الحديث المنصوص فيه على الأعضاء السبعة، بل الاقتصار على ذكر الجبهة إما لكونها أشرف الأعضاء المذكورة، أو أشهرها في تحصيل هذا الركن، فليس فيه ما ينفي الزيادة في غيره.

(1)

أخرجه البخاري رقم (580)، ومسلم رقم (162/ 607)، ومالك في "الموطأ"(1/ 11).

(2)

في "السنن" رقم (893).

قوله: "فقد أدرك الصلاة" ليس على ظاهره بالإجماع؛ لأنه لا يكون بالركعة الواحدة مدركاً لجميع الصلاة، بحيث تحصل براءة ذمته من الصلاة، فإذا فيه إضمار فتقديره: فقد أدرك وقت الصلاة، أو حكم الصلاة، أو نحو ذلك. ويلزمه إتمام بقيتها.

ومفهوم التعبيد بالركعة أن من أدرك دون الركعة لا يكون مدركاً لها، وهو الذي استقر عليه الاتفاق.

انظر: "المجموع شرح المهذب"(4/ 113)، "فتح الباري"(2/ 57).

(3)

في "السنن" رقم (893)، وهو حديث حسن.

وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1622)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 216)، وصححه ووافقه الذهبي.

قوله: "ولا تعدُّوها شيئاً" أي: وافقوه في السجود، ولا تجعلوا ذلك ركعة.

قوله: "فقد أدرك الصلاة" قال ابن رسلان: المراد بالصلاة هنا: الركعة أي: صحت له تلك الركعة وحصل له فضيلتها. اهـ.

وانظر ما تقدم ذكره.

ص: 652

20 -

ولفظ مالك (1): "مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ، وَمَنْ فَاتَتْهُ قِرَاءَةُ أُمِّ القُرْآنِ فَقَدْ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ". [موقوف ضعيف]

21 -

وعن علي ومعاذ رضي الله عنهما قالا: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ". أخرجه الترمذي (2). [صحيح لغيره]

22 -

وعن همام بن الحارث: أَنَّ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَمَّ النَّاسَ بِالمَدَائِنِ عَلَى دُكَّانٍ، فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلَى، قَذ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي. أخرجه أبو داود (3). [صحيح]

(1) في "الموطأ"(1/ 11 رقم 18)، وهو أثر موقوف ضعيف.

قوله: "فقد أدرك السجدة". قال الخطابي: المراد بالسجدة الركعة بركوعها وسجودها، والركعة إنّما يكون تمامها بسجودها، فسميت على هذا المعنى سجدة.

انظر: "فتح الباري"(2/ 38).

(2)

في "السنن" رقم (591)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعلم أحداً أسنده إلا ما رُويَ من هذا الوجه.

وهو حديث صحيح لغيره.

قوله: "فليصنع كما يصنع الإمام" فيه مشروعية دخول اللاحق مع الإمام في أي جزء من أجزاء الصلاة أدركه من غير فرقٍ بين الركوع والسجود، والعقود لظاهر قوله:"والإمام على حال".

(3)

في "السنن" رقم (597).

وأخرجه الحاكم (1/ 210)، وعنه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 108).

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة رقم (1523)، وابن حبان رقم (373 - موارد)، وهو حديث صحيح.

قوله: "بالمدائن" هي مدينة قديمة على دجلة تحت بغداد.

معجم البلدان (5/ 74 - 75). =

ص: 653

23 -

وعن أبي حازم بن دينار: "أَنَّ نَفَرًا جَاءُوا إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ يَتَمَارُونَ فِي المِنْبَرِ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْرِفُ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ، وَمَنْ عَمِلَهُ، وَأيِّ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ. أَرْسَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى فُلَانَةً امْرَأةً مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا". فَعَمِلَ هَذ الثَّلَاثَ الدَّرَجَاتِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوضَع هَذَا المَوْضِعَ: فَهْيَ مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ. فَقَامَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، ثُمَّ رَكَعَ فَنَزَلَ القَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبَرِ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:"إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي وَلتَعَلَّمُوا صَلَاتِي". أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي. [صحيح]

= قوله: "كانوا ينتهون" بفتح الباء والهاء، وفي رواية ابن حبان في "صحيحه" رقم (373 - موارد): "أليس قد نهي عن هذا؟

قوله: "حين مددتني" أي: مددت قميصي وجبذته إليك.

وفي رواية ابن حبان: "ألم ترني قد تابعتك". وقد استدل بهذا الحديث على أنه يكره ارتفاع الإمام في المجلس.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (917)، ومسلم رقم (544)، وأبو داود رقم (1080)، وابن ماجه رقم (1416)، والنسائي رقم (739). وهو حديث صحيح.

قوله: "عن أبي حازم بن دينار" هو سلمة بن دينار الأعرج المدني، أبو حازم، مولى الأسود بن سفيان المخزومي، القاص، من عباد أهل المدينة، وثقاتهم، والمشهورين من تابعيهم.

روى عن سهل بن سعد، وابن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم، مات سنة (33 هـ)، قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(1/ 470 - قسم التراجم).

قوله: "يتمارون" من المماراة، وهي المجادلة.

قوله: "والله إني لأعرف مما هو" فيه القسم على الشيء لإرادة تأكيده للسامع.

قوله: "وأول يوم جلس عليه" زيادة على السؤال، لكن فائدته إعلامهم بقوة معرفته بما سألوه عنه. وقد جاء في "صحيح البخاري" رقم (377) قوله:"ما بقي في الناس أعلم مني". =

ص: 654

24 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا. فَقَامَ الثَّانِيَةِ وَقَامُوا فَصَنَعُوا ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَلَمّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ:"إِنِّي خِفْتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ". أخرجه البخاري (1) وأبو داود (2). [صحيح]

= قوله: "إلى فلانة امرأةً من الأنصار" قال الحافظ في "الفتح"(1/ 486): وأمَّا المرأة فلا يعرف اسمها لكنها أنصارية.

ونقل ابن التين عن مالك: أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة. فيحتمل أن يكون في الأصل مولى امرأته ونسب إليه مجازاً، واسم امرأته فكيهة بنت عبيد بن دليم، وهي ابنة عمه، أسلمت وبايعت.

قوله: "غلامك النّجار": سمّاه عباس بن سهل عن أبيه فيما أخرجه قاسم بن أصبغ وأبو سعد في "شرف المصطفى" جميعاً من طريق يحيى بن بكير عن أبي لهيعة حدثني عمارة بن غزية عنه ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى خشبة. فلما كثر الناس، قيل له: لو كنت جعلت منبراً. قال: وكان بالمدينة نجار واحد يقال له: ميمون.

قوله: "ولتعلموا صلاتي". وأمّا صلاته على المنبر فقيل: إِنَّه إنّما فعل ذلك لغرض التعليم كما يدل عليه قوله: "ولتعلموا صلاتي"، وغاية ما فيه جواز وقوف الإمام على محل أرفع من المؤتمين إذا أراد تعليمهم.

قال ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام"(1/ 201 - 202): من أراد أن يستدل به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم؛ لأن اللفظ لا يتناوله. ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بد منه.

انظر: "المحلى"(4/ 84)، "المجموع شرح المهذب"(4/ 200 - 201).

"فتح الباري"(2/ 400 - 401).

(1)

في "صحيحه" رقم (729)، وأطرافه (730، 924، 1129، 2011، 2012، 5861).

(2)

في "السنن" رقم (1126)، وهو حديث صحيح.

قوله: "في حجرته" ظاهره: أن المراد حجرة بيته، ويدل عليه ذكر جدار الحجرة. =

ص: 655

25 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". أخرجه الستة (1). [صحيح]

= وأوضح منه رواية حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن أبي نعيم بلفظ: "كان يصلي في حجرة من حجر أزواجه صلى الله عليه وسلم " قاله الحافظ في "فتح الباري"(2/ 214).

قوله: "فقام أناس" أي: أنهم كانوا يصلون بصلاته وهو داخل الحجرة وهم خارجها.

قوله: "ذكروا له" أفاد عبد الرزاق أن الذي خاطبه بذلك عمر رضي الله عنه.

قوله: "إني خفت أن تكتب عليكم صلاة الليل" أي: تفرض عليكم.

- وقد استدل البخاري في "صحيحه"(2/ 213 رقم الباب 80) بحديث عائشة رضي الله عنها على جواز أن يكون بين الإمام وبين القوم المؤتمين به حائط أو سترة.

حيث قال: باب إذا كان بين الإمام وبن القوم حائط أو سترة.

وقال الحسن: لا بأس أن تصلّي وبينك وبينه نهر. وقال أبو مجلز: يأتم بالإمام - وإن كان بينهما طريقٌ أو جدار، إذا سمع تكبير الإمام.

(1)

أخرجه البخاري رقم (636)، ومسلم رقم (151، 153/ 602)، وأبو داود رقم (572)، والنسائي رقم (861) وابن ماجه رقم (775) ، ومالك في "الموطأ"(1/ 68 - 69). وهو حديث صحيح.

قوله: "إذا سمعتم" هو أخص من قوله في حديث أبي قتاد: "إذا أتيتم الصلاة" لكن الظاهر أنه من الموافقة؛ لأنَّ المسرع إذا أقيمت الصلاة يترجى إدراك فضيلة التكبيرة الأولى ونحو ذلك، ومع ذلك فقد نهى عن الإسراع.

قوله: "فعليكم السكينة والوقار" السكينة: التأني في الحركات واجتناب العبث، والوقار في الهيئة كغضِّ البصر، وخفض الصوت وعدم الالتفات.

انظر: "فتح الباري"(2/ 118).

قوله: "ولا تسرعوا" فيه زيادة تأكيد، وعدم الإسراع أيضاً يستلزم كثرة الخطا، وهو معنى مقصور لذاته، وردت فيه أحاديث كحديث جابر عند مسلم:"إن بكل خطوة درجة" =

ص: 656

26 -

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِلنِّسَاءِ: "مَنْ كَانَتْ مِنْكُنَّ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا تَرْفَعْ رَأْسهَا حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ رُءُوسَهُمْ". كَرَاهَةَ أَنْ يَرَيْنَ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ. أخرجه أبو داود (1). [صحيح]

27 -

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعْضَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا بِالقُرْآنِ فَالتبَسَتْ عَلَيْهِ القِرَاءَةُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "هَلْ تَقْرَءُونَ إِذَا جَهَرْتُ بِالقِرَاءَةِ؟ " فَقَالَ بَعْضُنَا: إِنَّا نَصْنَعُ ذَلِكَ. قَالَ: "فَلَا. وَأَنَا أَقُولُ: مَا لِي يُنَازَعُنِي القُرْآنُ؟ فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ إِلَاّ بِأُمِّ القُرْآنِ". أخرجه أصحاب السنن (2). [ضعيف]

= قوله: "فما أدركتم" قال الحافظ في "الفتح"(2/ 118): التقدير إذا فعلتم فما أدركتم، أي: فعلتم الذي أمرتكم به من السكينة وترك الإسراع.

قوله: "وما فاتكم فأتموا" أي: أكملوا. تقدم شرحه.

(1)

في "السنن" رقم (851)، وهو حديث صحيح.

- وهو واضح المعنى، ويوضحه حديث أبي سعيد: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "

وإنّ خير الصفوف صفوف الرجال المقدم، وشرها المؤخّر، وخير صفوف النساء المؤخّر وشرها المقدَّم، يا معشر النساء! إذا سجد الرجال فاغضضن أبصاركنَّ لا ترين عورات الرجال من ضيق الأزر". وهو حديث صحيح.

أخرجه أحمد (3/ 2)، وابن خزيمة رقم (177)، وابن ماجه رقم (427) و (766)، وأبو يعلى رقم (1355)، وعبد بن حميد رقم (984)، والدارمي (1/ 177 - 178)، وابن حبان رقم (402)، والحاكم (1/ 191 - 192)، والبيهقي (2/ 16) مطولاً ومختصراً.

(2)

أخرجه أبو داود رقم (823، 824)، والترمذي رقم (311)، والنسائي في "السنن"(2/ 141).

وأخرجه أحمد (5/ 313)، والبخاري في "جزء القراءة" رقم (64)، (257)، (258)، وابن حبان رقم (1785)، (1792)، (1848)، والحاكم (1/ 238)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 164)، وفي "القراءة خلف الإمام" رقم (108، 110، 111)، والبزار في "مسنده" رقم (2701)(2702)، (2703)، =

ص: 657

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن حزيمة رقم (1581)، والشاشي في "مسنده" رقم (128)، والدارقطني (1/ 318 - 319)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (606)، وابن الجارود رقم (321).

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

- قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي"(2/ 108 - 111): "اختلف الناس في صلاة المأموم على ثلاثة أقوال:

الأول: أنه يقرأ إذا أسر، ولا يقرأ إذا جهر. وقال به: مالك، وابن القاسم.

الثاني: يقرأ في الحالين. وقال به الشافعي وغيره لكنه قال: إذا جهر الإمام قرأ هو في سكتاته.

الثالث: لا يقرأ في الحالين. وقال به: ابن حبيب، وأشهب، وابن عبد الحكم.

والصحيح: وجوب القراءة عند السر؛ لقوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".

ولقوله للأعرابي: "اقرأ ما تيسر معك من القرآن". وتركه في الجهر. يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} [الأعراف: 204]، وفي "صحيح مسلم" رقم (63/ 404):"إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قرأ فأنصتوا". رواه سليمان التيمي، ونازع أبو بكر بن أبي النضر فيه مسلماً، فقال له مسلم:"يزيد" أحفظ من "سليمان" ولو لم يكن هذا الحديث لكان نص القرآن به أولى، ويقال للشافعي: عجباً لك، كيف يقدر المأموم في الجهر على القراءة، أينازع القرآن الإمام، أم يُعرض عن استماعه، أم يقرأ إذا سكت؟ فإن قال: يقرأ إذا سكت قيل له: فإن لم يسكت الإمام وقد أجمعت الأمة على أن سكوت الإمام غير واجب، متى يقرأ؟!

ويقال له: أليس في استماعه لقراءة الإمام قراءة منه، وهذا كاف لمن أنصفه وفهمه.

وقد كان ابن عمر لا يقرأ خلف الإمام، وكان أعظم الناس اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم "، اهـ

انظر: مناقشة المسألة وأدلتها في كتاب "المسائل التي بناها الإمام مالك على عمل أهل المدينة" توثيقاً ودراسة. د. محمد المدني بوساق. (1/ 286 - 316)، المبحث السابع.

وانظر ما كتبه المحدث الألباني في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "(ص 97 - 101).

ولمزيد من معرفة هذه المسألة ارجع إلى "المغني" لابن قدامة (2/ 156 - 157)، و"المجموع" للإمام النووي (3/ 322)

ص: 658

28 -

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:"أَيُّكُمْ القَارِئُ؟ " قَالَ الرَجُلُ: أَنَا. قَالَ: "قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالجَنِيهَا". أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

29 -

وعن المُسْوَّر بن يزيد المالكي قال: "كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فَتَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَقْرَأْهُ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله! تَرَكْتَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَهَلَاّ أَذْكَرْتَنِيهَا؟ "(4). [حسن]

(1) في "صحيحه" رقم (45/ 398).

(2)

في "السنن" رقم (828، 829).

(3)

في "السنن"(2/ 140) و (3/ 247).

وأخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" رقم (93)، وأحمد (4/ 426، 431، 433)، وهو حديث صحيح.

قوله: "خالجنيها" أي: نازعنيها.

قال الخطابي في معالم "السنن"(1/ 519): "خالجنيها" أي: جاذبنيها، والخلج: الجذب. وهذا وقوله: "ونازعنيها" سواء. وإنّما أنكر عليه محاذاته في قراعة السورة حتى تداخلت القراءتان وتجاذبتا، وأمّا قراءة فاتحة الكتاب، فإنه مأمور بها في كل حال إن أمكنه أن يقرأ في السكتتين فعل وإلا قرأ معه لا محالة.

ثم قال: وقد اختلف العلماء في هذه المسألة - تقدم ذكر أقوالهم.

انظر: شرح "صحيح مسلم" للنووي (4/ 109).

(4)

أخرجه أبو داود رقم (907)، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"(4/ 74)، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" رقم (194)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (872)، (1059)، (2699)، وابن خزيمة رقم (1648)، وابن حبان رقم (2240)، (2241)، والطبراني في "الكبير"(ج 20 رقم 34).

وهو حديث حسن.

ص: 659

زاد في رواية (1). "كُنْتُ أُرَى أَنَّهَا نُسِخَتْ".

30 -

وعن علي رضي الله عنه قال: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَا عَلِيُّ لَا تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاةِ"(2). أخرجهما أبو داود. [ضعيف]

31 -

وعن بُسْر بن مَحْجنٍ عن أبيه: أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُذِّنَ بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فصَلَّى وَرَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ:"مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ، أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ ". قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ مَعَ أَهْلِي. فَقَالَ لَهُ:"إِذَا جِئْتَ إِلَى المَسْجدِ وَأُقِيْمَتِ الصَّلاةُ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ، وإنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ". أخرجه مالك (3) والنسائي (4). [حسن]

(1) أبو داود رقم (9071).

قوله: "آية كذا وكذا"، وعند ابن حبان رقم (2240):"يا رسول الله إنك تركت آية كذا وكذا".

قوله: "فهلا ذكرتنيها" زاد ابن حبان في "صحيحه" رقم (2241): "ظننت أنها قد نسخت، قال: فإنها لم تنسخ".

وقد استدل بهذا الحديث على مشروعية الفتح على الإمام.

انظر: "المغني"(2/ 459).

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (908)، وهو حديث ضعيف.

قال أبو داود في "السنن"(1/ 560): أبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها.

- واحتج به من قال بكراهة الفتح على الإمام.

انظر: "البناية في شرح الهداية"(2/ 494).

ولكن هذا الحديث - علي رضي الله عنه لا ينتهض لمعارضة الأحاديث القاضية بمشروعية الفتح.

(3)

في "الموطأ"(1/ 132 رقم 8).

(4)

في "السنن" رقم (857). =

ص: 660

32 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثُمَّ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الإِمَامِ، أَفَأُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ الرَّجُلُ: فَأَيَّتَهُما أَجْعَلُ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: أَوَ ذلِكَ إِلَيكَ؟ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الله يَجْعَلُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ. أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح]

33 -

وعن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ".

= وأخرجه أحمد (4/ 338)، ابن حبان رقم (2405)، والحاكم (1/ 224)، وعبد الرزاق في "مصنفه" رقم (3932)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" رقم (958)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 362، 363)، والدارقطني (1/ 415)، والطبراني في "الكبير"(ج 20 رقم 698، 700، 701، 702).

وهو حديث حسن.

- استدل به على مشروعية الدخول في صلاة الجماعة لمن كان قد صلى تلك الصلاة، ولكن ذلك مقيد بالجماعات التي تقام في المساجد.

قال ابن عبد البر في "التمهيد"(4/ 247) قال جمهور الفقهاء: إنما يعيد الصلاة مع الإمام في جماعة من صلى وحده في بيته أو في غير بيته، وأمّا من صلى في جماعة وإن قلَّت فلا يعيد، في أخرى: قلَّت أو كثرت، ولو أعاد في جماعة أخرى لأعاد في ثالثة ورابعة إلى ما لا نهاية. وهذا لا يخفى فساده.

وقال: قال ذلك مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم، ومن حجتهم:"لا تصلي صلاة في يوم مرتين"[أحمد (2/ 19، 41)، وأبو داود رقم (579)، والنسائي (2/ 114)، وابن حبان رقم (2396)، والطبراني رقم (13270)، والدارقطني (1/ 415، 416)، والبيهقي (2/ 303)، وابن خزيمة رقم (1641) وهو حديث حسن].

وكذلك استدلوا بحديث أبي داود المتقدم، وهو حديث حسن.

انظر: "البناية في شرح الهداية"(2/ 674 - 675).

"الأم"(8/ 561 - 563)، "المنتقى" للباجي (1/ 332 - 333)، "الأوسط" لابن المنذر (2/ 404).

(1)

"الموطأ"(1/ 133 رقم 9)، وهو أثر موقوف صحيح.

وانظر: "التمهيد"(4/ 257 - 260)

ص: 661

أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [حسن]

34 -

وعن نافع: أَنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كانَ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى المَغْرِبَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمَا مَعَ الإِمَامِ فَلَا يَعُدْ لَهُمَا. أخرجه مالك (3). [موقوف صحيح]

35 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَاّ المَكْتُوبَةُ". أخرجه الخمسة (4) إلا البخاري. [صحيح]

(1) في "السنن" رقم (579).

(2)

في "السنن"(2/ 114).

وقد تقدم تخريجه. وهو حديث حسن.

(3)

في "الموطأ"(1/ 133)، وهو أثر موقوف صحيح.

(4)

أخرجه مسلم رقم (710)، وأبو داود رقم (1266)، والنسائي رقم (865)، وابن ماجه رقم (1151)، والترمذي رقم (421)، وأحمد (2/ 517).

وأخرجه ابن حبان رقم (1755)، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1644).

وهو حديث صحيح.

- والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أقيمت الصلاة أن لا يصلِّي الرجل إلا المكتوبة، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

وقال النووي في شرح "صحيح مسلم"(5/ 221 - 223): قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".

وفي الرواية الأخرى: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل وقد أقيمت صلاة الصبح، فقال: يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعاً" فيها النهي الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة، سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها، وهذا مذهب الشافعي والجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا لم يكن صلى ركعتي سنة الصبح صلاهما بعد الإقامة في المسجد ما لم يخشى فوت الركعة الثانية، وقال الثوري ما لم يخشى فوت الركعة الأولى، وقالت طائفة: يصليهما خارج المسجد ولا يصليهما بعد الإقامة في المسجد. =

ص: 662

36 -

وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: كَانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِذَا جَاءَ المَسْجِدَ - وَقَدْ صَلَّى النَّاسُ - بَدَأَ بِالمَكْتُوبَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا شَيْئًا. أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح لغيره]

37 -

وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَضَى الإِمَامُ الصَّلاةَ وتَشهّدَ فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُ، وَصَلَاة مَنْ خَلْفَهُ مِمَّنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

38 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ". أخرجه البخاري (3). [صحيح]

= ثم قال النووي: والصحيح أن الحكمة فيه أنْ يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام مع الإمام وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها.

(1)

في "الموطأ"(1/ 168 رقم 75)، وهو أثر موقوف صحيح لغيره.

انظر: ما تقدم.

(2)

في "السنن" رقم (617)، وهو حديث ضعيف.

وأخرجه الترمذي رقم (408) دون ذكر الإمام.

قال الترمذي في "السنن"(2/ 261 - 262): هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي، وقد اضطربوا في إسناده.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، قالوا: "إذا جلس مقدار التشهد وأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته.

وقال بعض أهل العلم: إذا أحدث قبل أن يتشهد وقبل أن يسلم أعاد الصلاة.

انظر: "الاستذكار"(4/ 284 - 286).

(3)

في "صحيحه" رقم (694).

قوله: "يصلون لكم" أي: الأئمة، واللام في "لكم" للتعليل.

قوله: "فإن أصابوا فلكم" أي: ثواب صلاتكم. زاد أحمد عن الحسن بن موسى: "ولهم" أي: ثواب صلاتهم.

وقال ابن المنذر: هذا الحديث يرد على من زعم أن صلاة الإمام إذا فسدت، فسدت صلاة من خلفه.

قوله: "وإن اخطئوا" أي: ارتكبوا الخطيئة، ولم يرد به الخطأ المقابل للعمد؛ لأنه لا إثمَ فيه. =

ص: 663