المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

الحديث الأول: حديث (ابن عمر).

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكعَتَيْنِ بَعْدَهاَ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمْعُةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، فَأَمَّا المَغْرِبُ وَالعِشَاءُ فَفِي بَيْتِهِ". أخرجه الستة (1). [صحيح]

قوله: "ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها"، هذه عشر ركعات تضمنها الحديث.

"فأمّا المغرب والعشاء ففي بيته" لفظ ابن الأثير (2): وفي رواية (3) بمعناه: وزاد: "فأما المغرب والعشاء ففي بيته".

زاد البخاري (4) في رواية: "قال ابن عمر: وحدثتني حفصة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر" ويأتي [233 ب] في حديث عائشة قوله: "وركعتين بعد الجمعة" في رواية للشيخين (5): "وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف - أي من المسجد - فيصليها في بيته".

(1) أخرجه البخاري رقم (937)، وأطرافه في (1165، 1172، 1180)، ومسلم رقم (729، 882، 937)، وأبو داود رقم (1252)، والترمذي رقم (433، 434)، والنسائي رقم (873، 1427، 1428)، ومالك في "الموطأ"(1/ 166).

وهو حديث صحيح.

(2)

في "الجامع"(6/ 3).

(3)

أخرجها البخاري في "صحيحه" رقم (1172).

(4)

في "صحيحه" رقم (1180).

(5)

سيأتي تخريجه.

ص: 763

وأخرج الترمذي (1) عن ابن عمر: "أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فصلى سجدتين في بيته، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك".

قال الترمذي (2): حديث حسن صحيح.

وأخرج أيضاً (3) عن أبي هريرة: "أنه صلى الله عليه وسلم قال: من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً". قال (4): هذا حديث حسن صحيح.

فدلت الأحاديث على التخيير بين الركعتين والأربع.

الحديث الثاني: حديث (عائشة).

2 -

وعن عائشة رضي الله عنها قال: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَي الله لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ". أخرجه الترمذي (5)، والنسائي (6)، [صحيح]

"المُثَابِرةُ" المواظبة.

قوله: "من ثابر" بالمثلثة بعد الألف موحدة فراء.

(1) في "السنن" رقم (522)، وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن"(2/ 400).

(3)

الترمذي في "السنن"(523).

وأخرجه أحمد (2/ 63)، ومسلم رقم (881)، وأبو داود رقم (1131)، وابن ماجه رقم (1132)، والنسائي رقم (1426).

وهو حديث صحيح.

(4)

في "السنن"(2/ 400).

(5)

في "السنن" رقم (414).

(6)

في "السنن" رقم (1794، 1795). وهو حديث صحيح.

ص: 764

في "النهاية"(1): المثابرة: الحرص على الفعل والقول وملازمتهما. انتهى.

أي: من [حافظ](2) على فعلها وعدّها وهي التي في حديث ابن عمر إلا أنه زاد هنا: "ركعتين قبل الظهر" وزاد: "ركعتي الفجر" وحذف: ركعتي الجمعة.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (3): حديث عائشة حديث غريب من هذا الوجه، ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه.

ثم أخرجه (4) من حديث أم حبيبة، وقال (5): إنه حسن صحيح.

وذكره ابن الأثير (6) فقال: أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة بني له بيت في الجنة، وذكرت مثل حديث عائشة قال:"وركعتين قبل صلاة الغداة". انتهى.

وقال: أخرجه الترمذي (7)، والنسائي (8).

(1)(1/ 204)

(2)

في (أ) حفظ.

(3)

في "السنن"(2/ 273).

(4)

في "السنن" رقم (415).

(5)

في "السنن"(2/ 275).

(6)

في "الجامع"(6/ 5 رقم 4066).

(7)

في "السنن" رقم (415).

(8)

في "السنن" رقم (1801). وأخرجه أحمد (6/ 326)، ومسلم رقم (728)، وأبو داود رقم (1250)، وابن ماجه رقم (1141)، وهو حديث صحيح.

ص: 765

قلت: فلو أتى به المصنف لكان أولى؛ لأنه قد صحّحهُ الترمذي، وحديث عائشة غرّبه كما عرفت والإتيان بالصحيح [234 ب] أولى عند الاختصار.

الحديث الثالث: حديث (عائشة).

3 -

وعنها رضي الله عنها قال: صَلَاتَانِ لَمْ يَتَرَكَهُمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً فِي سَفَرْ وَلَا حَضَرٍ، رَكْعَتَانِ قَبْلَ الفَجْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ العَصْرِ. أخرجه الخمسة (1)، إلا الترمذي. [صحيح]

قوله: "ركعتان بعد العصر" هاتان الركعتان هما اللتان صلاهما لما شغل عنهما، وهما راتبة الظهر فقضاهما بعد العصر، ثم لم يدعهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملاً أثبته، ولذا يقال: كان عمله ديمة.

وأخرج أبو داود (2) عن عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال".

الحديث الرابع: حديث (علي عليه السلام).

4 -

وعن علي رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى فِي إِثْر كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ رَكْعَتَينِ إِلَاّ الفَجْرَ وَالعَصْر". أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]

قوله: "إلا الفجر والعصر" أمّا العصر فقد ثبت حديث عائشة في صلاته بعد العصر، فحديث علي عليه السلام إخبار عمّا علمه.

قوله: "أخرجه أبو داود".

(1) أخرجه البخاري رقم (592)، ومسلم رقم (835)، وأبو داود رقم (1253)، والنسائي رقم (1757، 1758). وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (1280) وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن" رقم (1275)، وهو حديث ضعيف.

ص: 766

قلت: قال الحافظ المنذري (1): عاصم (2) بن حمزة وثقه يحيى بن معين وغيره، وتكلم فيه غير واحد. انتهى.

وعاصم بن حمزة هو الذي رواه عن علي عليه السلام.

الحديث الخامس: حديث (عائشة).

5 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدَاَ مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الفَجْرِ". أخرجه الخمسة (3). [صحيح]

وقد أفاده حديثها الأول بأنه ما تركهما في حضر ولا سفر.

- وفي رواية لأبي داود (4) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لَا تَدَعُوهُماَ وَلَوْ طَرَدَتْكُمُ الخَيْلُ". [ضعيف]

- وفي أخرى للنسائي (5): "رَكْعَتَانِ قَبْلَ الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْياَ جَمِيِعاً". [صحيح]

- وعنها (6) رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلَّي رَكْعَتيْنِ خَفِيفَتْينِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ". أخرجه الستة، إلا الترمذي. [صحيح]

(1) في "مختصر السنن"(2/ 80).

(2)

انظر: "التقريب"(1/ 384 رقم 13)، "الميزان"(2/ 352 رقم 4052).

(3)

أخرجه البخاري رقم (1169)، ومسلم رقم (94/ 724)، وأبو داود رقم (1254)، والترمذي رقم (416)، والنسائي رقم (1759)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "السنن" رقم (1258)، وهو حديث ضعيف.

(5)

في "السنن" رقم (1759).

أخرجه أحمد (6/ 265)، ومسلم رقم (96/ 725)، والترمذي رقم (416). وهو حديث صحيح.

(6)

أخرجه البخاري رقم (1171)، ومسلم رقم (724)، وأبو داود رقم (1255)، والنسائي (3/ 256)، ومالك في "الموطأ"(1/ 127). وهو حديث صحيح.

ص: 767

- وفي أخرى (1): "كَانَ يُخَفِّفُهُمَا حَتَّى أَقُولَ: هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ القُرْآنِ".

- وفي أخرى للنسائي (2): "كَانَ إِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ بَالأَذَانِ الأّوَّلِ مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبِينَ الفَجْرُ، ثُمَّ يَضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ". [صحيح]

قوله: "حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن"، كأنها تشكك في ذلك، ولكنه قد ثبت، ويأتي عند أبي داود (3) من حديث ابن عباس:"أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما بـ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (4) الآية، وفي الثانية: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ} (5) الآية".

وأخرج (6) أيضاً عن أبي هريرة: "أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر بقل يا أيها الكافرون - أي: في الأولى - وقل هو الله أحد - أي: في الثانية".

والمراد بهذا كله بعد الفاتحة.

قوله: "فركع ركعتين [235 ب] خفيفتين" قيل الحكمة (7) في تخفيفهما المسارعة إلى صلاة الصبح أول الوقت، وقيل: ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين، كما كان يصنع في صلاة الليل.

(1) أخرجه البخاري رقم (1171)، مسلم رقم (92/ 724).

(2)

في "السنن" رقم (1762)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن"(1259). أخرجه مسلم رقم (727)، والنسائي رقم (944)، وهو حديث صحيح.

(4)

سورة البقرة الآية (136).

(5)

سورة آل عمران الآية (53).

(6)

في "السنن" رقم (1256). وأخرجه مسلم رقم (726)، وابن ماجه رقم (1148)، والنسائي رقم (945).

(7)

انظر: "فتح الباري"(3/ 46).

ص: 768

قوله: "ثم اضطجع" يأتي أنها إذا كانت غير نائمة حدّثها وإلاّ اضطجع.

ويأتي الأمر بالاضطجاع قريباً والكلام عليه.

والحديث السادس والسابع لا كلام عليهما.

6 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كثِيرَاً مَا يَقْرَأُ في رَكْعَتَيْ الفَجْرِ، فِي الأُولَى مِنْهُمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (1) الآية. وَفِي الثَّانَيِةِ بِالَّتيِ فِي آلِ عِمْرَانَ: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (2) الآية". أخرجه مسلم (3)، وأبو داود (4)، والنسائي (5). [صحيح]

7 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كثِيراً مَا يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَي الفَجرْ فِي الأُولى مِنْهُمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (6) الآية. وَبِهَذِه الآَيَةِ: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} (7) ". أخرجه أبو داود (8). [حسن]

الحديث الثامن: حديث (أبي هريرة):

8 -

وعنه رضي الله عنه: "أَنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِي ركْعَتَي الفَجْر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ".

(1) سورة البقرة الآية (136).

(2)

سورة آل عمران الآية (64).

(3)

في "صحيحه" رقم (727).

(4)

في "السنن" رقم (1259).

(5)

في "السنن" رقم (944).

(6)

سورة البقرة الآية (136).

(7)

سورة آل عمران الآية (53).

(8)

في "السنن" رقم (1260)، وهو حديث حسن.

ص: 769

أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

- وللترمذي (4) عن ابن مسعود قال: رَمَقْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم شَهْراً، وَكانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} . [صحيح لغيره]

- وللنسائي (5): رَمَقْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عِشْرِينَ مَرَّةً يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ وَفي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجرِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [صحيح]

"أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ".

قال ابن القيم في الهدي (6): سمعت شيخ الإسلام يقول: سنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يصلي سُنّة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص، وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد، انتهى.

قال ابن القيم (7): كالمفسر لكلام شيخه -: فسورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرب تعالى من الأَحَديَّة المنافية لمطلق الشركية

(1) في "صحيحه" رقم (726).

(2)

في "السنن" رقم (1256).

(3)

في "السنن"(945)، وأخرجه ابن ماجه رقم (1148)، وهو حديث صحيح.

(4)

أشار إليه الترمذي في "السنن"(2/ 276). وأخرجه ابن ماجه رقم (1166)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 298). وهو حديث صحيح لغيره.

(5)

في "السنن" رقم (992)، وهو حديث صحيح.

(6)

في "زاد المعاد"(1/ 306).

(7)

في "زاد المعاد"(1/ 306).

ص: 770

بوجه من الوجوه، والصمديَّة المثبتة له جميع صفات [236 ب] الكمال الذي لا يلحقه نقص بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد الذي هو من لوازم الصمديَّة، وغناه، وَأَحَدَّيته، ونفي الكفء المتضمن لنفي التشبيه والتمثيل والنظير.

فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له، ونفي كل نقص عنه، ونفي إثبات شبيه أو مثيل له في كماله، ونفي مطلق الشريك عنه، وهذه الأصول هي مجامع التوحيد العلمي الاعتقادي الذي يُباين صاحبه جميع فرق الضلال والشرك، ولذلك كانت تعدل ثلث (1) القرآن، فإنّ القرآن مداره على الخبر والإنشاء، والإنشاء ثلاثة: أمرٌ ونهي وإباحة، والخبر نوعان: خبر عن الخالق تعالى، وأسمائه وصفاته وأحكامه، وخبر عن خلقه، فأخلصت سورة الإخلاص للخبر عنه، وعن أسمائه، وصفاته، فعدلت ثلث القرآن، وخلَّصت قارئها المؤمن بها من الشرك العلمي.

كما خلَّصته سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} عن الشرك العملي الإرادي القصدي، ولمّا كان العلم قبل العمل وهو إمامه وقائده وسائقه، والحاكم عليه ومنزله منازله، كانت سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} تعدل ثلث القرآن، والأحاديث بذلك تبلغ مبلغ التواتر، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} تعدل ربع القرآن (2).

ولمّا كان الشرك العملي الإرادي أغلبَ على النفوس لأجل مانعها هواها، وكثير منها ترتكبه مع علمها بمضرَّته وبطلانه، لما لها فيه من نيل [515/ أ] الأغراض، وإزالته، وقلعه منها أصعب، وأشد من قلع الشرك العملي وإزالته؛ لأنَّ هذا يزول بالعلم والحجة، ولا يمكن صاحبه أن يعلم الشيء على خلاف ما هو عليه، بخلاف شرك الإرادة والقصد، فإنّ صاحبه

(1) تقدم ذكرها.

(2)

تقدم ذكرها.

ص: 771

يرتكب ما يدله العلم على بطلانه وضرره لأجل غلبة هواه، واستيلاء سلطان الشهوة والغضب على نفسه.

فجاء من التأكيد والتكرير في سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} المتضمنة لإزالة الشرك العملي ما لم يجيء [به](1) في سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، انتهى كلام ابن القيم.

قلت: ولقد تكلم رحمه الله في كتابه "بدائع الفوائد"(2) في تفسير سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [237 ب] بنفائس لم يأت بها أحد غيره، وكلام يأخذ بمجامع القلوب فجزاه الله خيراً.

إلاّ أنه لا يخفى أنّ نفي الشرك العملي متفرع عن نفي الشرك الاعتقادي، إذ العمل يتفرع عن العلم، فكان الأظهر تقديم قراءة سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} على قراءة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ، والواقع خلاف ذلك، وكأنه يقال: لما كان نفي العملي أهم قدّم.

الحديث التاسع: حديث (عائشة):

9 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَني وإِلَاّ اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤَذَّنَ بِالصَّلَاةِ".

أخرجه الخمسة (3) إلا النسائي (4). [صحيح]

تقدّم الكلام على معناه.

(1) سقطت من (ب). وفي "زاد المعاد" مثله.

(2)

(1/ 134 - 146).

(3)

أخرجه البخاري رقم (1160)، ومسلم رقم (133/ 743)، وأبو داود رقم (1263)، والترمذي رقم (420)، والنسائي رقم (1762)، وابن ماجه رقم (1198).

(4)

في "السنن" رقم (1762)، وفيه:"إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يتبين الفجر ثم يضجع على شقه الأيمن".

ص: 772

العاشر: حديث (أبي هريرة):

10 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعُ عَلَى يَمِينِهِ". أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح]

قوله: "فليضطجع على يمينه" تقدّم في حديث عائشة فعلاً له، وهنا الأمر لكل مصلٍ.

وعقد أبو داود (3) له باب في ذلك فقال: باب الاضطجاع بعدها، وساق حديث (4) أبي هريرة بالأمر منه صلى الله عليه وسلم بها وفيه:"أنه قال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه؟ قال عبيد الله في حديثه [قال] (5): لا، فبلغ ذلك ابن عمر فقال: أكثر أبو هريرة على نفسه، فقيل لابن عمر: هل تنكر شيئاً مما يقول؟ قال: لا ولكنه اجترأ وجَبُنَّا، فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: وما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا".

قال العلامة ابن القيم في "الهدي النبوي"(6): أنه قال شيخه ابن تيمية في حديث أبي هريرة الذي أخرجه الترمذي (7) أنه قال فيه (8): حسن صحيح غريب. أنه باطل وليس بصحيح إنما الصحيح فيه الفعل لا الأمر بها.

(1) في "السنن" رقم (1261).

(2)

في "السنن" رقم (420)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد (6/ 254)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن"(2/ 47 الباب رقم 293).

(4)

في "السنن" رقم (1261).

(5)

سقطت من (أ. ب).

(6)

في "زاد المعاد"(1/ 308).

(7)

في "السنن" رقم (420).

(8)

في "السنن"(2/ 481).

ص: 773

وحديث الأمر بها تفرد عبد الواحد بن زياد وغلط فيه.

وأمّا ابن حزم (1) ومن تابعه (2) فإنهم يوجبون هذه الضجعة، ويبطل ابن حزم [238 ب] صلاة من لم يضطجعها لهذا الحديث، وهذا ممّا انفرد به عن الأمة.

ورأيت مجلداً لبعض أصحابه قد نصر فيه هذا المذهب، وقد ذكر عبد الرزاق في "المصنف" (3) عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين:"أن أبا موسى ورافع بن خديج وأنس بن مالك كانوا يضطجعون بعد ركعتي الفجر ويأمرون بذلك"(4).

وذكر (5) عن معمر عن نافع: "أنّ ابن عمر كان لا يفعله ويقول: كفى بالتسليم".

وذكر (6) عن ابن جريج: "أخبرني من أصدق أنّ عائشة كانت تقول: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يضطجع لسنة ولكنه كان يدأب ليلته فيستريح".

قال (7): "وكان ابن عمر يحصبهم إذا رآهم يضطجعون على أيمانهم"(8).

وذكر ابن أبي شيبة (9): أنّ ابن عمر رأى قوماً اضطجعوا بعد ركعتي الفجر، فأرسل إليهم فيها، فقالوا: نريد سنة فقال: أخبرهم أنها بدعة.

(1) في "المحلى"(3/ 199).

(2)

انظر: "فتح الباري"(3/ 43 - 44).

(3)

(3/ 42 - 44).

(4)

انظر: "فتح الباري"(3/ 43)، و"طرح التثريب"(2/ 671 - 672).

(5)

انظر: "المحلى"(3/ 200).

(6)

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(4722) بسند ضعيف.

(7)

ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 309).

(8)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 248).

(9)

في "مصنفه"(2/ 249).

ص: 774

ثم قال ابن القيم (1): وقد غلا في هذه الضجعة طائفتان، وتوسط فيها ثالثة، فأوجبها جماعة من أهل الظاهر (2)، وأبطلوا الصلاة بتركها كابن حزم ومن تبعه.

وكرهها جماعة من الفقهاء (3) وسمّوها بدعة، وتوسط فيها مالك (4) وغيره فلم يروا بها بأساً لمن فعلها راحة، وكرهوها لمن فعلها استناناً، واستحبها طائفة (5) على الإطلاق سواء استراح بها أو لا. انتهى باختصار فقد طوّل الكلام فيها.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".

قلت: وعقد له الترمذي (6) باباً كما عقد له أبو داود (7) فقال: باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، وساق حديث أبي هريرة ثم قال (8): حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، انتهى.

أخرجه أبو داود (9) من طريق عبد الواحد بن زياد وفيه قال الذهبي في "المغني"(10): عبد الواحد بن زياد العبدي عن الأعمش وغيره، صدوق يغرب، قال ابن معين: ليس بشيء،

(1) في "زاد المعاد"(1/ 309).

(2)

في "المحلى"(3/ 199).

(3)

انظر: "فتح الباري"(3/ 43)، "المحلى"(3/ 199).

(4)

انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 83)، "عارضة الأحوذي"(2/ 216).

(5)

"المجموع شرح المهذب"(3/ 523)، "المحلى"(3/ 200).

(6)

في "السنن"(2/ 281 الباب رقم 311).

(7)

في "السنن"(2/ 47 الباب رقم 293).

(8)

في "السنن"(2/ 281).

(9)

في "السنن" رقم (1261)، وهو حديث صحيح.

(10)

"المغني في الضعفاء"(2/ 410 رقم 3867).

ص: 775

وقال أبو داود الطيالسي [239 ب]: عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها وليّنه القطان، انتهى.

الحادي عشر:

11 -

وعن محمد بن إبراهيم عن جده قيس بن عمرو قال: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَجَدَنِي أُصَلِّي فَقَالَ:"مَهْلاً يَا قَيْسُ، أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ ". فَقُلْتُ: إِنَّي لَمْ أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَي الصُّبْح. قَالَ: "فَلَا إِذًا". أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح]

حديث "محمد بن إبراهيم عن جده قيس" وهو قيس بن عمرو، وقيل: قيس بن قهد بفتح القاف، قاله ابن الأثير (3).

وفي الكاشغري: قيس بن شماس له رواية في ركعتي الفجر [516/ أ].

وقيل: الحديث عن قيس بن سهل وهو الصحيح، انتهى.

قوله: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: من بيته لصلاة الفجر.

"فأقيمت الصلاة" صلاة الفجر.

(1) في "السنن" رقم (1267).

(2)

في "السنن" رقم (422).

وأخرجه ابن ماجه رقم (1154)، والطبراني في "الكبير"(ج 18 رقم 937)، والدارقطني (1/ 384 - 385)، والحاكم (1/ 275)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 483)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 254)، والحميدي رقم (868)، وابن خزيمة رقم (1116)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (4138، 4139)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "تتمة جامع الأصول"(2/ 791).

ص: 776

"فصليت معه الصبح، ثم انصرف فوجدني أصلي فقال: "مهلاً يا قيس أصلاتان معاً؟ قلت: إني لم أكن ركعت ركعتي الصبح، قال: فلا إذاً" أي: لا نكير عليك، وكأنه قد علم أنها تقضى النوافل.

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".

قلت: قال الترمذي (1): حديث محمد بن إبراهيم لا نعرفه مثل هذا إلاّ من حديث سعد ابن سعيد.

قال: وسعد بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري، وقيس هو جدّ يحيى بن سعيد، ويقال: هو قيس بن عمرو، ويقال: ابن قهد، وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل، محمد ابن إبراهيم لم يسمع من قيس.

وقال أبو داود (2): روى هذا الحديث عبد ربّه، ويحيى بن سعيد مرسل.

الحديث الثاني عشر:

12 -

وعن عبد الله بن مالك بن بُحَيْنة قال: رَأَى رسول الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُصلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَاثَ بِهِ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ:"آلصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ آلصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ ". أخرجه الشيخان (3) والنسائي (4). [صحيح]

(1) في "السنن"(2/ 385).

(2)

في "السنن"(2/ 52). وقد جاء متصلاً من رواية يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس. أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1116)، وابن حبان رقم (1563، 2471)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 483)، وابن المنذر في "الأوسط"(2/ 391)، والطحاوي في "مشكل الآثار" رقم (4137)، والدارقطني (1/ 383 - 384)، والحاكم (1/ 274 - 275).

(3)

البخاري في "صحيحه" رقم (663)، ومسلم رقم (711).

(4)

والنسائي رقم (867)، وهو حديث صحيح.

ص: 777

حديث "عبد الله بن مالك بن بحينة" تقدّم ضبطه.

قوله: "آلصبح أربعاً؟ آلصبح أربعاً؟ " استفهام إنكار (1)، ونصبه بفعل مقدّر، أي: أَتصلي الصبح أربعاً؟ ومعناه: أنه لا يشرع للصبح بعد الإقامة بالصبح إلاّ الفريضة.

قالوا (2): فمن صلى ركعتين بعد الإقامة ثم صلى معهم الفريضة كان في معنى "من صلى [240 ب] الصبح أربعاً" لأنه صلى بعد الإقامة أربعاً.

قال الحافظ المنذري (3) بعد نسبته إلى مسلم (4): إنّ في رواية: "يوشك أن يصلي أحدكم الصبح أربعاً" قال بعضهم: هذا إشارة إلى علة المنع، وهي حماية للذريعة لئلا يطول الأمر، ويكثر ذلك فيظن الظان أنّ الفرض قد تغيّر.

وفيه ردٌّ على من يجيز ركعتي الفجر والإمام يصلي الصبح، وإن أدركها معه بدليل قوله في حديث ابن سرجس:"بأيّ الصلاتين اعتددت بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا؟ ".

[قال ابن عبد البر (5): اختلف الفقهاء في الذي لم يصل ركعتي الفجر وأدرك الإمام في الصلاة أو دخل المسجد فيصليهما فأقيمت الصلاة؟

فقال مالك (6): إذا كان قد دخل المسجد فليدخل مع الإمام [و](7) لا يركعهما في شيء

(1) وأعاده تأكيداً للإنكار، قاله ابن مالك. كما في "فتح الباري"(2/ 150).

(2)

انظر: "فتح الباري"(2/ 150).

(3)

في مختصر "السنن"(2/ 79).

(4)

في "صحيحه" رقم (65/ 711).

(5)

في "الاستذكار"(5/ 304 - 305).

(6)

ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 305 رقم 6939).

(7)

وتمام العبارة كما في "الاستذكار": "ولا يركعهما في المسجد، وإن كان لم يدخل المسجد فإن لم يخف أن يفوته الإمام بركعةٍ فليركعهما خارج المسجد".

ص: 778

من أفنية المسجد اللاحقة به التي يصلي فيها الجمعة، فإن خاف أن تفوته الركعة الأولى مع الإمام، فليدخل وليصل معه ثم يصليهما إذا طلعت الشمس إن أحب، ولَأنْ يصليهما إذا طلعت الشمس أحبَّ إليَّ من تركهما.

وقال الثوري (1): إن خشي فوت ركعة دخل معه ولا يصلِّهما وإلاّ صلَاّهما، وإن كان قد دخل المسجد.

ثم ذكر أقوالاً للعلماء (2)، ثم قال (3) مختاراً لا أفاده حديث أبي هريرة (4) وساقه بسنده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة" وساقه موقوفاً وقال (5): الذين يرفعونه أكثر عدداً. انتهى من كلام له طويل] (6).

قوله: "أخرجه الشيخان والنسائي".

الحديث الثالث عشر:

13 -

وعن عبد الله بن سَرْجَس رضي الله عنه قال: دَخَلَ رَجُلٌ المَسْجِدَ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الغَدَاةِ. فَصَلَّى رَكْعَتيْنِ فِي جَانِبِ المَسْجِدِ. ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَّما انْصَرَفَ قَالَ:

(1) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 305 رقم 6940).

(2)

أي: ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 305 - 308).

(3)

ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 308 رقم 6967).

(4)

أخرجه أحمد (2/ 455)، ومسلم رقم (63/ 710)، وأبو داود رقم (1266)، والترمذي رقم (421)، والنسائي (2/ 116)، وابن ماجه رقم (1151)، وأبو عوانة (2/ 32)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (4124)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 222)، والبيهقي (2/ 482)، وابن خزيمة رقم (1123)، والدارمي رقم (1488)، و"الخطيب في تاريخ بغداد"(7/ 195) من طرق وهو حديث صحيح.

(5)

ابن عبد البر في "الاستذكار"(5/ 308).

(6)

ما بين الحاصرتين سقطت من المخطوط (أ).

ص: 779

"يَا فُلَانُ! بِأَيَّ الصَّلَاتَيْنِ اعْتَدَدْتَ أَبِصَلَاتِكَ وَحْدَكَ؟ أمْ بِصَلاتِكَ مَعَنَا". أخرجه مسلم (1) أبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

حديث "عبد الله بن سرجس" تقدّم ضبطه وتقدم الكلام عليه.

قوله: " [أخرجه] (4) مسلم وأبو داود والنسائي".

الحديث الرابع عشر:

14 -

وعن أبي سلمة قال: سَمِعَ قَوْمٌ الإِقَامَةَ فَقَامُوا يُصَلُّونَ. فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَصَلَاتَانِ مَعًا؟ أَصَلَاتَانِ مَعًا". وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ. أخرجه مالك (5). [صحيح لغيره]

حديث "أبي سلمة" وهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي (6) زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم، له صحبة ورواية.

قوله: "سمع قوم الإقامة [241 ب] فقاموا يصلون

" الحديث كحديث عبد الله بن سرجس يفيد ما أفاده.

(1) في "صحيحه" رقم (67/ 712).

(2)

في "السنن" رقم (1265).

(3)

في "السنن"(868). وأخرجه ابن ماجه رقم (1152)، وهو حديث صحيح.

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في "الموطأ"(1/ 128 رقم 31)، وهو حديث صحيح لغيره.

(6)

قال ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 578 - قسم التراجم): "هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي، ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه برة بنت عبد المطلب بن هاشم، وكان زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم بعد عشرة، وكان الحادي عشر من المسلمين، وهو أول من هاجر هو وزوجته أم سلمة إلى الحبشة، وشهد بدراً

".

ص: 780

الحديث الخامس عشر: حديث "أبي هريرة".

15 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَي الفَجْرِ، فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَ مَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ". أخرجه الترمذي (1). [صحيح]

قوله: "من لم يصل ركعتي الفجر" أي: نافلته.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (2): هذا حديث لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه، وقد روي عن ابن عمر (3): أنه فعله، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري (4) والشافعي (5) وأحمد (6) وإسحاق (7) وابن المبارك.

قال (8): ولا نعلم أحداً روى هذا الحديث عن همام بهذا الإسناد نحو هذا إلاّ عمرو بن عاصم الكلابي، والمعروف من حديث قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي

(1) في "السنن" رقم (423).

وأخرجه ابن حبان رقم (2463)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 274)، وصححه ووافقه الذهبي، والدارقطني (1/ 382 - 383 رقم 6)، واليهقي في "السنن الكبرى"(2/ 484)، وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن"(2/ 288).

(3)

أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 128 رقم 32)، وهو أثر موقوف صحيح.

(4)

انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 544).

(5)

"المجموع شرح المهذب"(3/ 533 - 533).

(6)

"المغني"(2/ 544 - 545).

(7)

انظر: "المغني"(2/ 544)، و"الأوسط"(5/ 228).

(8)

الترمذي في "السنن"(2/ 288 - 289).

ص: 781