المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سابعها: قبلة المصلي: - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌سابعها: قبلة المصلي:

‌سابعها: قبلة المصلي:

" سابعها" أي: شرائط الصلاة. "قبلة المصلي".

1 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، وَأَنَا مُعْتَرضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ كاعتِرَاضِ الجَنَازَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ. أخرجه الستة (1) إلا الترمذي. [صحيح]

قوله في حديث عائشة: "وأنا معترضة اعتراض الجنازة بينه وبين القبلة".

بوّب له البخاري (2): باب التطوع خلف المرأة، ودلالة الحديث أنه تطوع من جهة أن صلاته هذه في بيته بالليل [وكانت](3) صلاته الفرائض بالجماعة في المسجد، والمراد بقوله:"خلاف المرأة" وراءها فتكون هي نفسها أمام المصلي.

وبوّب (4) له: باب الصلاة خلف النائم، قال في "الفتح" (5): كأنه أشار إلى تضعيف الحديث (6) الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم.

(1) أخرجه البخاري رقم (512)، ومسلم رقم (512)، وأبو داود رقم (711)، والنسائي (1/ 101)، وابن ماجه رقم (956).

وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه (1/ 588 الباب رقم 588)، وحديث الباب رقم (513) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضتُ رجليَّ، فإذا قام بسطتهما. قالت: والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح.

(3)

في (ب): "فكانت".

(4)

أي البخاري في صحيحه (1/ 587 الباب رقم 103 - مع الفتح).

(5)

(1/ 587).

(6)

سيأتي قريباً.

ص: 519

وقد أخرجه أبو داود (1) وابن ماجه (2) من حديث ابن عباس [109 ب]، وقال أبو داود (3): وطرقه كلها واهية - يعني حديث ابن عباس - انتهى.

وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عدي (4)، وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني في "الأوسط"(5) وهما واهيان أيضاً.

(1) في "السنن" رقم (694).

(2)

في "السنن" رقم (959). وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن" بإثر الحديث رقم (1485).

قال الخطابي في "معالم السنن"(1/ 445 - 446 - مع السنن).

هذا حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لضعف سنده، وعبد الله بن يعقوب لم يُسمّ من حدثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيفان تمام بن بزيع وعيسى بن ميمون، وقد تكلم فيهما يحيى ابن معين والبخاري.

ورواه أيضاً عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس، وعبد الكريم متروك الحديث. قال أحمد: ضربنا عليه فاضربوا عليه. قال يحيى بن معين: ليس بثقة ولا يحمل عنه، وعبد الكريم هذا أبو أمية البصري وليس بالجزري، وعبد الكريم الجزري أيضاً ليس في الحديث بذلك، إلا أن البصري تالف جداً.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى وعائشة معترضة بينه وبين القبلة، وأما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي وأحمد، وذلك من أجل أن كلامهم يشغل المصلي عن صلاته، وكان أبو عمر لا يصلي خلف رجل يتكلم إلا يوم الجمعة. اهـ

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 587).

(5)

رقم (5246) بلفظ: "نهيت أن أُصلِّي خلف المتحدثين والنيام".

وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 62) وقال: وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف في الاحتجاج به.

قال الحافظ في "التقريب" رقم (6188): محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام. =

ص: 520

2 -

وفي أخرى للشيخين (1): ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، فَذُكِرَ الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: لَقَدْ شَبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلَابِ، وَالله لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَأَنا عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لِي الحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجْلِسَ فَأُوذِيَ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَأَنْسَلُّ منْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ. [صحيح]

قوله: "فقالت: لقد شبهتمونا بالحمر والكلاب" أي: في قطعنا صلاة المصلي بالمرور بين يديه.

"والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة" زاد أبو داود (2): "وإذا أراد أن يسجد ضرب رجلي فقبضتهما فيسجد".

وفيه في أخرى (3): "فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فقبضتهما إليَّ فيسجد".

وترجم أبو داود (4) لهذه: باب ما جاء في المرأة لا تقطع الصلاة.

3 -

وفي أخرى لأبي داود (5)، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جِئْتُ أنَّا وَغُلَامٌ مِنْ بَني عَبْدِ المُطَّلِبِ عَلَى حِمَارٍ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَنَزَلَ وَنَزَلْتُ، وَتَرَكْنَا الحِمَارَ أَمَامَ الصَّفِّ فَمَا بَالَاهُ،

= وقال المحرران: بل صدوق حسن الحديث، كما قال الذهبي، فقد وثقه النسائي وابن معين في أكثر الروايات. وقال يحيى بن سعيد القطان: صالح ليس بأحفظ الناس للحديث. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه

وإنما روى له البخاري مقروناً بغيره، ومسلم في المتابعات.

(1)

البخاري في صحيحه رقم (511، 514، 6276)، ومسلم رقم (270/ 512).

(2)

في "السنن" رقم (713)، وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه البخاري رقم (519)، ومسلم رقم (512) بنحوه. وأبو داود رقم (712)، والنسائي رقم (167).

(4)

في "السنن"(1/ 456 الباب رقم 112 باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة).

(5)

في "السنن" رقم (715). =

ص: 521

وَجَاءَتْ جَارِيَتَانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ فَدَخَلَتَا بينَ الصَّفِّ كما بَالَى ذَلِكَ. [صحيح]

قوله في رواية ابن عباس: "جئت أنا وغلام" زاد البخاري (1): "وأنا قد ناهزت الاحتلام".

وقوله: "يصلي بالناس" زاد فيه أيضاً (2): "بمنى" ووقع عند مسلم (3): "بعرفة".

قال الحافظ ابن حجر (4): إن رواية: "بعرفة" شاذة.

وقوله: "فنزل" أي: الغلام.

"ونزلت وتركنا الحمار أمام الصف" وفي رواية للبخاري (5): "فلم ينكر عليّ ذلك أحد".

قال ابن دقيق العيد (6): استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز، ولم يستدل بترك إعادتهم الصلاة؛ لأن ترك الإنكار أكثر فائدة.

= وأخرجه البخاري رقم (76)، ومسلم رقم (504)، وابن ماجه رقم (947)، والترمذي رقم (337)، والنسائي (2/ 64).

وأخرجه أحمد (1/ 242)، وأبو يعلى رقم (2382)، وابن خزيمة رقم (833)، والحميدي رقم (475)، وابن أبي شيبة (1/ 278 - 280)، وأبو عوانة (2/ 54)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 459)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 276).

(1)

في صحيحه رقم (493).

(2)

البخاري في صحيحه رقم (76)، ومسلم رقم (254/ 504).

(3)

في صحيحه رقم (504).

(4)

في "فتح الباري"(1/ 572) وإليك نص كلامه: ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينة: "بعرفة" قال النووي: يحمل ذلك على أنهما قضيتان، وتعقب بأن الأصل عدم التعدد ولا سيما مع اتحاد مخرج الحديث، فالحق أن قول ابن عيينة:"بعرفة" شاذ.

(5)

في صحيحه رقم (493).

(6)

في "إحكام الأحكام"(2/ 45).

ص: 522

قال الحافظ (1): قلت: وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط، لا على جواز المرور، وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة.

قلت: وترك الإنكار هو [110 ب] معنى قول ابن عباس: "فما بالاه" أي: النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على علمه صلى الله عليه وسلم بذلك؛ لأنه لا يكون ترك الإنكار حجة على الجواز إلا بشرط انتفاء الموانع عن الإنكار، وثبوت علمه صلى الله عليه وسلم بالفعل.

وفيه دليل على أن الحمار والمرأة لا يقطعان الصلاة.

وهذه الرواية أخرجها أبو داود (2) عن أبي الصهباء قال: تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس قال: جئت

الحديث.

قال الحافظ المنذري (3): وأخرجه النسائي (4) بنحوه، وأبو الصهباء هو البكري، وقيل: مولى عبد الله بن عباس واسمه صهيب، وقيل: أنه بصري، وسئل عنه أبو زرعة الرازي، فقال: إنه مدني ثقة. انتهى.

4 -

وفي أخرى له (5): أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى غَيْرِ السُّتْرَةِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاتَهُ: الحِمَارُ، وَالخِنْزِير، وَاليَهُودِيُّ، وَالمَجُوسِيُّ، وَالمَرْأةُ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ إِذَا مَرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ". [ضعيف]

وفي أخرى (6): "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الحَائِضُ وَالكَلْبُ". [صحيح موقوفاً]

(1) في "الفتح"(1/ 572).

(2)

في "السنن" رقم (716) بإسناد حسن.

(3)

(1/ 349).

(4)

في "السنن" رقم (752، 754).

(5)

أي: لأبي داود في "السنن" رقم (704)، وهو حديث ضعيف.

(6)

لأبي داود في "السنن" رقم (703)، وهو صحيح موقوفاً. =

ص: 523

قوله: "وفي أخرى له".

أقول: لأبي داود، ولكنه قال أبو داود (1): في نفسي من هذا الحديث شيء، [و](2) قد ذاكرت به إبراهيم وغيره، فلم أر أحداً جاء به من هشام ولا يعرفه، وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة، واسمه محمد بن إسماعيل البصري مولى بني هاشم، والمنكر فيه: ذكر المجوسي، وفيه:"على قذفةٍ بحجر"، وذكر الخنزير فيه نكارة.

قال أبو داود (3): لم أسمع هذا الحديث من محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة وأحسبه وهم؛ لأنه كان يحدثنا به من حفظه. انتهى بلفظه.

5 -

وعن الفضل بن العباس رضي الله عنهما قال: "زَارَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَادِيَةٍ لنَا وَلنَا كُلَيْبَةٌ وَحِمَارَةٌ، فَصَلَّى النَّبِي صلى الله عليه وسلم العَصْرَ وَهُمَا بينَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُزْجَرَا وَلمْ يُؤَخَّرَا". أخرجه أبو داود (4) والنسائي (5). [ضعيف]

قوله في حديث الفضل: "ولنا كليبة" تصغير كلبة. "وحمارة".

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال الحافظ المنذري (6): وأخرجه النسائي (7) بنحوه.

= وأخرجه ابن ماجه رقم (949)، والنسائي رقم (751) بلفظ:"الكلب الأسود والحائض".

(1)

في "السنن"(1/ 453 - 454).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

في "السنن"(1/ 453 - 454).

(4)

في "السنن" رقم (718).

(5)

في "السنن" رقم (753). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(6)

في "مختصر السنن"(2/ 350).

(7)

في "السنن" رقم (753).

ص: 524

وقال بعضهم: إن في إسناده مقالاً، وقال: إنه لم يذكر فيه نعت الكلب، وقد يجوز أن يكون ليس بأسود. انتهى.

ولم يخرج المصنف رواية تقييد الكلب الأسود، وهي في "سنن أبي داود" (1) من حديث أيي ذر عنه صلى الله عليه وسلم:"يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه قيد [111 ب] آخرة الرحل الحمار والكلب الأسود والمرأة" قلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ قال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: "الكلب الأسود شيطان".

6 -

وعن كثير بن كثير بن أبي وداعة عن بعض أهله عن جده رضي الله عنه: أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِمَّا يَلي بَابَ بَنِي سَهْمٍ، وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَةِ سُتْرَةٌ. أخرجه أبو داود (2) والنسائي (3). [ضعيف]

قوله: "في حديث كثير بن أبي كثير أنه رأى

" إلى آخره، قال ابن حجر في "الفتح" (4): أنه حديث معلول، فقد رواه أبو داود عن أحمد عن ابن عيينة قال: كان ابن جريج أخبرني به هكذا، ثم وافيت كثيراً فقال: ليس من أبي سمعته ولكن من بعض أهلي عن جدي. انتهى.

7 -

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ". أخرجه الستة (5) إلا الترمذي. [ضعيف]

(1) في "السنن" رقم (702).

قلت: وأخرجه مسلم رقم (510)، وابن ماجه رقم (952، 3210)، والترمذي رقم (338)، والنسائي رقم (750)، وأحمد (5/ 149).

(2)

في "السنن" رقم (2016).

(3)

في "السنن" رقم (758، 2959)، وهو حديث ضعيف.

(4)

(1/ 576).

(5)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (719)، وهو حديث ضعيف. =

ص: 525

قوله في حديث أبي سعيد: "لا يقطع الصلاة شيء

" الحديث، وقد اختلف العلماء في العمل بهذه الأحاديث، فمال الطحاوي (1) وغيره (2) إلى أن حديث أبي ذر وما وافقه منسوخ بحديث عائشة.

وتعقِّب بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وتعذر الجمع، والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر.

ومال الشافعي (3) وغيره (4) إلى تأويل القطع في حديث أبي ذر بأن المراد به نقص الخشوع، لا الخروج من الصلاة، ويؤيد ذلك أن الصحابي راوي الحديث سأله عن الحكمة في التقييد بالأسود، فأجيب: بأنه شيطان، وقد علم أن الشيطان لو بين يدي المصلي لم تفسد صلاته كما سيأتي في الصحيح:"إذا ثوب بالصلاة" إلى قوله: "فإذا قضى التثويب أقبل يخطر بين المرء ونفسه"(5).

قلت: قد مر هذا في باب الأذان.

= الحديث في إسناده مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني الكوفي، وقد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم حديثاً مقروناً بجماعة من أصحاب الشعبي.

انظر: "التقريب" رقم الترجمة (6478).

(1)

في "شرح معاني الآثار"(1/ 463 - 464).

(2)

انظر: "التمهيد"(4/ 120 - 123).

(3)

انظر: "شرح صحيح مسلم"(4/ 227).

(4)

انظر: "المغني"(2/ 101 - 102).

(5)

تقدم، وسيأتي أيضاً.

ص: 526

وقال أحمد (1): يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي النفس من الحمار والمرأة شيء، ووجهه [112 ب] ابن دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عباس الذي تقدم في مروره وهو راكب بمنى، ووجد في المرأة حديث عائشة.

وقيل: حديث: "تقطع الصلاة المرأة"(2) يشمل ما إذا كانت قائمة أو قاعدة أو مضطجعة أمامه، فلما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى وهي مضطجعة أمامه؛ دلَّ ذلك على نسخ الحكم في المضطجع، وفي الباقي بالقياس عليه.

وتعقب (3) بأنه يتوقف على إثبات المساواة بين الأمور المذكورة، ولو ثبت أن حديث عائشة متأخر عن حديث أبي ذر؛ لما دلَّ إلا على نسخ الاضطجاع فقط.

وقيل: إن المرأة في حديث أبي ذر مطلقة، وفي حديث عائشة مقيدة بكونها زوجته، فقد يحمل المطلق على المقيد.

ويقال بتقييد القطع بالأجنبية لخشية الافتتان بها بخلاف الزوجة.

وقيل (4): حديث عائشة واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، بخلاف حديث أبي ذر؛ فإنه مسوق مساق التشريع العام.

وقيل (5): بل ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يقدر من ملك إربه ما لا يقدر عليه غيره.

(1) انظر: "المغني"(2/ 103 - 105)، و"الاستذكار"(6/ 180 - 181).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 590).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 590).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 590).

(5)

قاله ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (1/ 142 - 143).

ص: 527

وقيل (1): فرق بين المار وبين النائم في القبلة بأن المرور حرام بخلاف الاستقرار نائماً كان أو غيره، فالمرأة يقطع مرورها دون لبثها، هذا كله مستفاد من "فتح الباري"(2) من موضعين بتلخيص.

8 -

وفي رواية لأبي داود (3): "مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ أَحَدٌ، فَلْيَفْعَلْ". [ضعيف]

9 -

وفي أخرى للبخاري (4): قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبِي فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ". [صحيح]

قوله: "وفي أخرى للبخاري".

أقول: ترجم البخاري (5): باب سترة الإمام سترة من خلفه، وأورد أحاديث (6) منها: أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه أن يتخذوا سترة غير سترته.

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 590).

(2)

(1/ 590).

(3)

في "السنن" رقم (689).

وأخرجه ابن ماجه رقم (942)، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(4)

أخرجه البخاري رقم (509).

وأخرجه مسلم رقم (258/ 505)، وأحمد (3/ 34)، وأبو داود رقم (697)، والنسائي (2/ 66)، وأبو عوانة (2/ 43)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 460)، وفي "شرح مشكل الآثار" رقم (2610)، وابن حبان رقم (2367، 2368)، والبيهقي (2/ 267).

وهو حديث صحيح.

(5)

في صحيحه (1/ 571 الباب رقم 90 - مع الفتح).

(6)

برقم (494، 495).

ص: 528

قال الحافظ في "الفتح"(1): ولفظ ترجمة الباب وردت في حديث مرفوع رواه الطبراني في "الأوسط"(2) من طريق سويد بن عبد العزيز عن عاصم عن أنس مرفوعاً: "سترة الإمام سترة لمن خلفه" تفرّد به سويد عن عاصم، وسويد ضعيف.

قوله: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز" يمر.

"بين يديه" أي: بينه وبين سترته.

"فليدفعه" يرده، ولمسلم (3):"فليدفع [113 ب] في نحره" قال القرطبي (4): بالإشارة ولطيف المنع.

وقوله [480/ أ]: "فليقاتله" أي: يزيد في دفعه الثاني أشد من الأول.

قال: وأجمعوا (5) على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح، لمخالفة ذلك لقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها والخشوع فيها. انتهى.

وأطلق جماعة من الشافعية أن له أن يقاتله (6) حقيقة، فإن قتله فلا شيء عليه؛ لأن الشارع أذن له بمقاتلته، والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها.

ونقل عياض (7): أن عندهم خلافاً في وجوب الدية في هذه الحالة، وهل يجب الدفع أو لا؟

(1)(1/ 571).

(2)

رقم (465). وأورده الهيثمي في "المجمع"(2/ 62) وقال: وفيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف.

(3)

في صحيحه رقم (258، 505).

(4)

في "المفهم"(2/ 104 - 105).

(5)

قاله عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 419)، والقرطبي في "المفهم"(2/ 105).

(6)

واستبعده ابن العربي، وقال: المراد بالمقاتلة: المدافعة.

(7)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 419).

ص: 529

قال النووي (1): لا نعلم أحداً قال بوجوب هذا الدفع، بل صرّح أصحابنا بأنه مندوب. انتهى.

قال ابن حجر (2): قد صرّح بوجوبه أهل الظاهر (3)، وكأن الشيخ لم يراجع كلامهم فيه. انتهى.

وأما قدر السترة في ارتفاعها وغلظها، فقد اختلف العلماء في ذلك، قال مالك (4): أقل ما يجزئ المصلي في السترة غلظ الرمح، وكذلك السوط إن كان قائماً والعصا، وارتفاعها قدر عظم الذراع هذا أقل ما يجزئ عندي، ولا تفسد صلاة من صلى إلى غير سترة، وإن كان ذلك مكروهاً.

وقول الشافعي (5) في ذلك كقول مالك.

وقال الثوري وأبو حنيفة (6): أقل السترة قدر مؤخرة الرَّحل، ولم يقدِّر وأذراعاً ولا عظم ذراع ولا غير ذلك.

وقالوا: يجزئ السهم والسوط والسيف، يعني في الغلظ.

واختلفوا في ما يعرض ولا ينصب وفي الخط، ذكر ذلك ابن عبد البر (7).

(1) في شرحه لصحيح مسلم (4/ 223)، "المجموع شرح المهذب"(3/ 225).

(2)

في "فتح الباري"(1/ 584).

(3)

انظر: "المحلى"(4/ 6 - 8).

(4)

"التمهيد"(5/ 36 - 37).

(5)

انظر: "شرح السنة"(2/ 447)، "المغني"(3/ 83).

(6)

انظر: "البناية شرح الهداية"(2/ 513 - 514).

(7)

في "التمهيد"(5/ 37 - 38).

ص: 530

قال: والفرق عندي بين من صلى بغير سترة، وبين ما يدرؤه، وبين ما لا يدرؤه هو المقدار الذي لا ينال المصلي فيه المار بين يديه، فيدرؤه ويمنعه لإجماعهم على [114 ب] أن المشي إليه باعاً أو باعين من غير أثر لزمها أكثر من ذلك، وذلك فاسد بالإجماع.

10 -

وعن بسر بن سعيد: أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ: مَاذَا سَمِعَ مِنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي المَارِّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بينَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ".

قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِى؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً. أخرجه الستة (1). [صحيح]

قوله في حديث بسر بن سعيد: "لو يعلم المار" عقد له البخاري (2) ترجمة فقال: باب: إثم المار بين يدي المصلي، وذكر حديث بسر بن سعيد.

وزيد بن خالد هو الجهني الصحابي، وأبو جهم هو ابن الحارث بن الصمة الأنصاري.

وقوله: "بين يدي المصلي" أي: أمامه بالقرب منه، واختلف في تحديد ذلك فقيل: إذا مر بينه وبين مقدار سجوده، وقيل: بينه وبين قدر ثلاثة أذرع. وقيل: بينه وبين قدر رمية حجر.

قوله: "ماذا عليه" زاد بعض رواة البخاري (3): "من الإثم".

قال الحافظ ابن حجر (4): ليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره ولا في شيء من الستة، ولا في رواية أصحاب المسانيد المستخرجات.

(1) أخرجه البخاري رقم (510) ومسلم رقم (507) وأبو داود رقم (701) والترمذي رقم (336) والنسائي (2/ 66) وابن ماجه رقم (944) وأخرجه أحمد (4/ 169). وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه (1/ 584 الباب رقم 101 - مع الفتح).

(3)

وهو الكشميهني.

(4)

في "فتح الباري"(1/ 585).

ص: 531

قال (1): ولم أرها إلا في "مصنف ابن أبي شيبة"(2) - يعني: "من الإثم" - هذا معنى كلامه لا لفظه.

قال (3): وقد عزاها المحب الطبري في "الأحكام" للبخاري، وأطلق فعيب عليه ذلك، وعلى صاحب "العمدة" في إبهامه أنها في الصحيحين.

قوله: "أن يقف أربعين" يعني: أن المار لو علم مقدار ما يلحقه من الإثم بمروره بين يدي المصلي، لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه الإثم.

قوله: "قال أبو النضر

" إلى آخره.

أقول: أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله (4) أحد رواة الحديث، واسم أبي النضر [سالم (5) ابن عبد الله بن أبي أمية التيمي، مولاهم المدني].

وعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي كان أميراً على حرب الخوارج.

قال ابن حجر (6): وقع في رواية البزار (7) من طريق ابن عيينة التي ذكرها ابن القطان: "لكان أن يقف أربعين خريفاً". انتهى.

(1) الحافظ في "فتح الباري"(1/ 585).

(2)

(1/ 282 - 283).

(3)

انظر "فتح الباري"(1/ 585 - 586)، "الاستذكار"(6/ 164 - 165).

(4)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 719 - قسم التراجم).

(5)

كذا في (أ. ب)، والذي في "تتمة جامع الأصول" (1/ 456): سالم أبو النضر، هو أبو النضر سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني، يعد في التابعين، وأكثر رواته عنهم.

(6)

"الفتح"(1/ 585).

(7)

أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 62).

وقال: ورجاله رجال الصحيح.

ص: 532

قال النووي (1): فيه دليل على تحريم المرور، فإن معنى الحديث النهي الأكيد والوعيد الشديد على ذلك. انتهى.

وسرد الحافظ (2) هنا تنبيهات، أحدها: أنه استنبط ابن بطال (3) أنه يختص الإثم بمن يعلم بالنهي وارتكبه.

قال (4): وأخذه من ذلك فيه بُعد، لكنه معلوم من أدلة أخرى.

ثانيها: ظاهر الحديث أن الوعيد المذكور لمن مرَّ لا بمن وقف عامداً مثلاً بين يدي المصلي [115 ب] أو قعد أو رقد، لكن إن كانت العلة التشويش على المصلي فهو في معنى المار.

ثالثها: ظاهر عموم النهي في كل مصلٍ، وخصه بعض المالكية بالإمام والمنفرد؛ لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه؛ لأن سترة إمامه سترة له. انتهى.

والتعليل (5) المذكور لا يطابق المدعى؛ لأن السترة تفيد رفع الحرج عن المصلي، لا عن المار، فاستوى الإمام والمأموم والمنفرد.

رابعها: ذكر ابن دقيق العيد (6) أن بعض المالكية قسم أحوالي المصلي والمار في الإثم وعدمه إلى أربعة أقسام:

يأثم المار دون المصلي وعكسه، يأثمان جميعاً وعكسه.

(1) في شرحه لصحيح مسلم (4/ 225 - 226).

(2)

في "الفتح"(1/ 586).

(3)

في شرحه لصحيح البخاري (2/ 138).

(4)

الحافظ في "الفتح"(1/ 586).

(5)

قال الحافظ في "الفتح"(1/ 586).

(6)

في "إحكام الأحكام"(ص 371).

ص: 533

فالصورة الأولى: أن يصلي إلى سترة في غير مشروع، وللمار مندوحة فيأثم المار دون المصلي.

الثانية: أن يصلي في مشرع مسلوك بغير سترة أو متباعد منها، ولا يجد المار مندوحة، فيأثم المصلي دون المار.

والثالثة: مثل الثانية، لكن يجد المار مندوحة، فيأثمان جميعاً.

الرابعة: مثل الأولى، لكن لا يجد المار مندوحة، فلا يأثمان جميعاً. انتهى.

وظاهر الحديث يدل على منع المار (1) مطلقاً، ولو لم يجد مسلكاً بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته.

11 -

وعن يزيد بن نمران قال: رَأَيْتُ رَجُلاً بِتَبُوكَ مُقْعَدًا، فَقَالَ: مَرَرْتُ بينَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ:"اللهمَّ اقْطَعْ أَثَرَهُ" قَالَ: فَمَا مَشَيْتُ عَلَيْهَا بَعْدُ (2). [ضعيف جداً]

وفي رواية: "قَطَعَ صَلَاتَنَا قَطَعَ الله أَثَرَهُ" أخرجه أبو داود (3). [ضعيف جداً].

قوله: "في حديث يزيد بن نمران"(4) وهو بكسر النون وسكون الميم ثم راء.

"رأيت رجلًا مقعداً

" الحديث.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: أخرجه عن مولى ليزيد بن نمران عن يزيد، ومولى يزيد بن نمران مجهول.

(1) انظر: "المغني"(3/ 86 - 90)، "فتح الباري"(1/ 586).

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (705)، وهو حديث ضعيف جداً.

(3)

في "السنن" رقم (706)، وهو حديث ضعيف جداً.

(4)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 1012 - قسم التراجم).

ص: 534

12 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا المُتَحَدِّثِ" أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]

قوله في حديث ابن عباس [481/ أ]: "لا تصلوا خلف النيام (2) ولا المتحدثين ولا المتحلقين".

أقول: لفظه في "السنن"(3) بعد أن ترجمه بباب (4) في الصلاة إلى المتحدثين والنيام، وساق سنده إلى ابن عباس:"أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث" هذا لفظه في [116 ب] نسختين صحيحتين ليس فيهما المتحلقين (5) ولا جمع النائم والمتحدث.

ثم راجعت "الجامع"(6) لابن الأثير فقال: ذكر الرواية التي فيها الجمع وزيادة المتحلقين رزين، وذكر الرواية التي ذكرنا أنها لفظ أبي داود فقال: أخرجها أبو داود. انتهى.

فالعجب من المصنف حيث ذكر ما ذكره رزين ونسبه لأبي داود.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال الحافظ المنذري (7): وأخرجه ابن ماجه (8)، وفي إسناده رجل مجهول.

(1) في "السنن" رقم (694)، وقد تقدم.

(2)

لم يأت الشارح هنا بنص الحديث كما هو في "التيسير".

(3)

في "السنن" رقم (694)، وهو حديث ضعيف، وقد تقدم.

(4)

أي في "سنن أبي داود"(1/ 445 الباب 106).

(5)

وهو كما قال الشارح.

(6)

(5/ 518 - 519 الحديث رقم 3737).

(7)

في "مختصر السنن"(1/ 341).

(8)

في "السنن" رقم (959)، وهو حديث ضعيف.

ص: 535

قال الخطابي (1): هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لضعف سنده وبسط القول فيه، والطريق التي خرّجه بها ابن ماجه فيها أبو المقدام هشام بن زياد البصري، ولا يحتج بحديثه. انتهى.

وقد قدّمنا الإشارة إلى ضعفه.

13 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْههِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخْطُطْ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

وقال (3): قالوا: الخَطُّ بِالطُّولِ، وَقالُوا: بِالعَرْضِ مِثْلُ الِهلَالِ.

قوله: "في حديث أبي هريرة

"، الحديث إلى قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: وقال: قال سفيان - يعني ابن عيينة (4) - لم أجد شيئاً يشد به هذا الحديث، ولم يجيء إلا من هذا الوجه. انتهى.

قال المنذري (5): وقد أشار الشافعي إلى ضعفه.

(1) في "معالم السنن"(1/ 445).

(2)

في "السنن" رقم (689).

وأخرجه أحمد (2/ 249)، وابن ماجه رقم (943)، وابن حبان رقم (2361)، والطيالسي (ص 338 رقم 2592)، والبيهقي (2/ 270)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (541) وقال: في إسناده ضعف.

(3)

أبو داود في "السنن"(1/ 444).

(4)

أخرجه أبو داود رقم (690)، وذكره السيوطي في "تدريب الراوي"(1/ 264).

وانظر تفصيل ذلك في "التمهيد"(4/ 199).

(5)

في "مختصر السنن"(1/ 340).

ص: 536

قال أبو بكر البيهقي (1): ولا بأس به في مثل هذا الحكم إن شاء الله تعالى.

وعن سفيان بن عيينة (2) قال: رأيت شريكاً صلّى بنا في جنازةٍ العصر، فوضع قلنسوته بين يديه - يعني في فريضة حضرت - .. انتهى.

وقال ابن عبد البر في "الاستذكار"(3): أن مالكاً والليث وأبا حنيفة كلهم يقول: الخط ليس بشيء، وقال أحمد بن حنبل (4) وأبو ثور: إذا لم يجد تلقاء وجهه شيئاً ولم يجد عصاً ينصبها فليخط خطاً، وكذلك قال الشافعي بالعراق.

ونقل عن الطحاوي: أن في حديث أبي هريرة مجهولين: أبو عمرو وجده.

قوله: "وقال: قالوا الخط

".

أقول: لفظ أبي داود (5): سمعت أحمد بن حنبل سئل عن [117 ب] وصف الخط غير مرة، فقال: هكذا عرضاً مثل الهلال - يعني بالعرض هو مثل الهلال منعطفاً - قال أبو داود: [وسمعت](6) مسدداً يقول: الخط بالطول (7). انتهى بلفظه وهو نسخة من "سنن أبي داود".

وقال ابن عبد البر (8): اختلف القائلون بالخط كيف يكون نصبه بين يدي المصلي؟

(1) في "السنن الكبرى"(2/ 270).

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (691).

(3)

(6/ 173 رقم 8479).

(4)

انظر: "المغني"(3/ 86).

(5)

في "السنن" رقم (690).

(6)

سقطت من (أ. ب).

(7)

ثم قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة فقال: هكذا يعني بالعرض مَوْراً دوْراً مثل الهلال، يعني منعطفاً.

(8)

في "الاستذكار"(6/ 173 - 175).

ص: 537

فقالت طائفة: يجعله بالأرض كما يفعله قائماً ولا يعرضه عرضاً.

وقال آخرون: بل يجعله معترضاً بين يديه، وقال آخرون: بل يخط خطاً كالمحراب

ويصلي إليه كالصلاة في المحراب، وكان أحمد بن حنبل (1) يختار هذا ويجيز الوجوه الثلاثة. انتهى.

14 -

وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ، فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِي مَا مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ". أخرجه مسلم (2) وأبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح]

قوله في حديث طلحة بن عبيد الله: "مثل مؤخرة الرحل".

أقول: في "التوشيح": مؤخرة بضم الميم ثم همزة ساكنة والخاء مكسورة ومفتوحة، العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب (5).

وفي الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي، وأن أقلها (6) كمؤخرة الرحل، وهي قدر ثلثي ذراع وتحصل بأي شيء أقامه بين يديه.

(1) انظر: "المغني"(3/ 86)، "الاستذكار"(6/ 175 رقم 8495).

(2)

في صحيحه رقم (242، 499).

(3)

في "السنن" رقم (685).

(4)

في "السنن" رقم (335).

وأخرجه أحمد (1/ 161)، وابن ماجه رقم (940)، والبزار رقم (939)، وأبو يعلى رقم (630)، وابن خزيمة رقم (805، 842)، وابن حبان رقم (2380)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 269).

وهو حديث صحيح.

(5)

انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 216)، "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"(2/ 489 - 490).

(6)

انظر: "الاستذكار"(6/ 171 - 173).

ص: 538

والحكمة (1) فيه: كفّ البصر عما وراءها، ومنع من يجتاز بقربه، وينبغي أن يدنو من السترة.

وقدمنا كلامهم في مقدار الدنو، وله منع المار حينئذ بينه وبينها، فإن لم تكن سترة فلا يحرم المرور، بل يكره وليس له حينئذ دفعه لتقصيره، ويستحب جعل السترة عن يمينه أو شماله ولا يصمد لها.

15 -

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ قَطَعَ صَلَاتَهُ الكَلْبُ الأَسْوَدُ، وَالمَرْأَةُ، وَالحِمَارُ". قِيلَ لِأَبِي ذَرٍّ: مَا بَالُ الأَسْوَدِ مِنْ الأَحْمَرِ مِنْ الأَبْيَضِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! سَألتَنِي كَمَا سَألتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"الكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ". أخرجه الخمسة (2) إلا البخاري. [صحيح]

قوله: "وعن أبي ذر".

أقول: قدمنا [118 ب] الكلام عليه.

وقوله: "الكلب الأسود شيطان" ظاهره أنه شيطان حقيقة تشكّل بشكل الكلب، وتقدم الكلام في قطع الصلاة (3).

16 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إذْ خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ أَمَرَ بِالحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْه، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأُمَرَاءُ".

(1) ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(4/ 216).

(2)

أخرجه مسلم رقم (510)، وأبو داود رقم (702)، والترمذي رقم (338)، والنسائي (2/ 63)، وابن ماجه رقم (952). وهو حديث صحيح، وقد تقدم.

(3)

انظر: "المغني"(3/ 97 - 110)، و"المجموع شرح المهذب"(3/ 229)، و"الاستذكار"(6/ 179 - 181).

ص: 539

أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي. [صحيح]

قوله في حديث ابن عمر: "فيأمر بالحربة، فتوضع بين يديه، فيصلي إليها" يجعلها سترة له في مصلاه، وكذلك في السفر.

17 -

وعنه رضي الله عنه قال: "كانَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا". [صحيح]

وفي رواية: "أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إلى بَعِيرِهِ" أخرجه الستة (2) إلا النسائي، ولم يرفعه مالك (3) وأبو داود (4). [صحيح]

قوله في حديث ابن عمر الثاني: "يعرض راحلته" بتشديد الراء، أي: يجعلها عرضاً، وترجم له البخاري (5): باب الصلاة إلى الراحلة والبعير.

"فيصلي إليها" أي: يجعلها سترة.

قال القرطبي (6): في هذا الحديث دليل على جواز التستر بما يستقر من الحيوان، ولا يعارضه النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء وكراهته حينئذ عندها، إما لشدة نتنها، وإما لأنهم كانوا يتخلون بينها متسترين بها. انتهى.

(1) أخرجه البخاري رقم (494)، ومسلم رقم (501)، وأبو داود رقم (687)، والنسائي رقم (747، 1565)، وابن ماجه رقم (1305).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(2)

أخرجه البخاري رقم (430، 507)، ومسلم رقم (502)، وأبو داود رقم (692)، والترمذي رقم (352)، ومالك في "الموطأ"(1/ 157 رقم 41).

(3)

في "الموطأ"(1/ 157 رقم 41)، وأخرجه البخاري موصولاً، وانظر ما تقدم.

(4)

في "السنن" رقم (692).

(5)

في صحيحه (1/ 580 الباب رقم 98 - مع الفتح).

(6)

في "المفهم"(2/ 101).

ص: 540

18 -

وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى إِلَى عُودٍ ولَا عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ، إِلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الأَيمَنِ، أَوْ الأَيْسَرِ، وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا (1). [ضعيف]

"الصَّمْدُ" القصد للشيء والتوجه إليه (2).

قوله في حديث المقداد: "ولا يصمد [لها] (3) صمداً" تقدم ما يفيده.

19 -

وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه قال: قَالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا، لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلِيهِ صَلاتَهُ". أخرجه أبو داود (4). [صحيح]

قوله: "فليدن منها" من الدنو، وقد قدمنا المقدار الذي ذكره العلماء في مقدار الدنو.

(1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (693).

وأخرجه أحمد (6/ 4)، والطبراني في "الكبير"(ج 2 رقم 610)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (538)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 2542)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 272) من طرق بإسناد ضعيف جداً، الوليد بن كامل عنده عجائب، والمهلب بن حُجْر وضباعة مجهولان.

انظر: "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام"(3/ 351 - 352 رقم 1099).

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

انظر: "القاموس المحيط"(ص 375)، وقد تقدم شرحها.

(3)

كذا في الشرح، والذي في نص الحديث:"له".

(4)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (695).

وأخرجه أحمد (4/ 2)، والنسائي في "المجتبى"(2/ 62)، وفي "السنن الكبرى" رقم (826)، وابن خزيمة رقم (803)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 458)، وفي "مشكل الآثار" رقم (2613)، وابن حبان رقم (2373)، والطبراني في "الكبير" رقم (5624)، والحاكم (1/ 251 - 252)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 272).

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

ص: 541