الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هيئة الركوع والسجود
1 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، فَكَّبرَ وَرَفَعَ يَدْيَهِ، فَلَمَّا رَكَعَ طَبَّقَ يَدْيَهِ بينَ رُكْبَتَيْهِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكُ سَعْدًا فَقَالَ: صَدَقَ أَخِي، كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا ثُمَّ أُمِرْنَا بِهَذَا، يَعْنِي: الإِمْسَاكَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ. أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [صحيح]
قوله: "هيئة الركوع والسجود".
أقول: الهيئة المشروعة الثابتة بالأدلة المرفوعة. وقدمنا الكلام فيمن زعم أنه ليس المراد بهما إلا معناهما اللغوي.
قوله: "وعن ابن مسعود: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة" لما علم من الله أمر بها في كتابه العزيز مجملة فبينها صلى الله عليه وسلم بأفعاله وأقواله. وهذا الحديث منه وفيه إثبات الرفع في تكبيرة الإحرام، ولم يبين مقداره إلى أين كان. وظاهره أن الرفع بعد التكبير وإن كان لا يقتضي الترتيب.
قوله: "فلما ركع طبق يديه".
أقول: كأنه قد طوى من الحديث تفاصيل بقية أفعال الصلاة التي علمهم؛ لأن ظاهره أنه أول تعليم، فلا بد أن يكون لها كلها.
والتطبيق (3): هو الإلصاق بين الكفين في الركوع وجعلهما [24 ب] بين الركبتين.
وعن عائشة: أن التطبيق من صنيع اليهود، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
(1) في "السنن" رقم (868).
(2)
في "السنن" رقم (1029، 1031).
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (534)، وهو حديث صحيح.
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 103)، "غريب الحديث" للهروي (4/ 224).
قوله: "فبلغ ذلك سعداً" يريد سعد بن أبي وقاص كما بينته رواية أبي داود (1) عن مصعب بن سعد قال: "صليت إلى جنب أبي وجعلت يدي بين ركبتي، فنهاني عن ذلك فعدت فقال: لا تصنع هذا، فإنا كنا نفعله فنهينا عنه، وأمرنا أن نضع أيدينا على الرُّكَب" هذا لفظ أبي داود في إحدى روايتيه، والأخرى (2) بلفظ:"وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه فخذيه، وليطبق بين كفيه" هذا الذي في السنن. فلفظ رواية ابن الأثير والمصنف هو لفظ النسائي (3)، وله عنده ألفاظ.
وقال الحافظ المنذري (4): أنه أخرج الحديث البخاري (5) ومسلم (6) والترمذي (7) والنسائي (8) انتهى.
ويريد أنهم اتفقوا على إخراج معناه، كما أن ابن الأثير والمصنف نسباه إلى أبي داود والنسائي وألفاظهما مختلفة، فكان حق ابن الأثير نسبته إلى الجميع (9).
(1) في "السنن" رقم (867).
وأخرجه البخاري رقم (790)، ومسلم رقم (535)، والترمذي رقم (259)، والنسائي رقم (1033، 1032)، وابن ماجه رقم (873). وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (868)، وهو حديث صحيح، وقد تقدم.
(3)
في "السنن" رقم (1029، 1031).
(4)
في "مختصر السنن"(1/ 418).
(5)
في صحيحه رقم (791).
(6)
في صحيحه رقم (535).
(7)
في "السنن" رقم (259).
(8)
في "السنن" رقم (1032). وأخرجه ابن ماجه رقم (873).
(9)
وهو كما قال.
2 -
وعن عمر رضي الله عنه قال: سُنَّتْ لكمُ الرُّكَبُ فَأَمْسِكُوا بِالرُّكَبِ. أخرجه الترمذي (1) والنسائي (2). [حسن]
قوله في حديث عمر: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (3): حديث عمر حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، لا اختلاف بينهم في ذلك، إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه: أنهم كانوا يطبَّقون، والتطبيق منسوخ عند أهل العلم.
قال سعد بن أبي وقاص (4): كنا نفعل ذلك، ثم انتهينا عنه، وأمرنا أن نضع الأكف على الرُّكب. انتهى بلفظه.
3 -
وعن أبي إسحاق قال: وَصَفَ لَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ السُّجُودَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرَفَعَ عَجِيزَتَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ. [ضعيف]
وفي أخرى: "كَانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذّا صَلّى جَنَّحَ". أخرجه أبو داود (5) والنسائي (6). [ضعيف]
ومعنى: "جَنَّحَ" أي: جافى يديه عن جنبيه فصار له مثل الجناح (7).
(1) في "السنن" رقم (258).
(2)
في "السنن" رقم (1034، 1035).
(3)
في "السنن"(2/ 44).
(4)
أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (259).
(5)
في "السنن" رقم (896).
(6)
في "السنن" رقم (1104). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(7)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 370).
وانظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 274).
قوله: "وعن أبي إسحاق"[25 ب].
أقول: هو عمرو بن عبد الله السبيعي (1)، بفتح السين المهملة وكسر الموحدة فمثناة تحتية وعين مهملة، الهمداني الكوفي، رأى علياً عليه السلام وابن عباس وأسامة بن زيد وابن عمر، وسمع البراء بن عازب وزيد بن أرقم.
قوله: "وصف لنا البراء السجود" أي: سجود النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله آخره: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد.
قوله: "فوضع يديه" أي: على الأرض، والمراد: الكفان.
"واعتمد على ركبتيه ورفع عجيزته" وهي العجز، وهي للمرأة خاصة، فاستعارها للرجل.
قوله: "جنَّح" بفتح الجيم وتشديد النون فحاء مهملة. فسره المصنف.
4 -
وعن البراء رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَجَدْتَ فَضَعْ كفَّيْكَ وَارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ". أخرجه مسلم (2) والترمذي (3). [صحيح]
5 -
وفي رواية للترمذي (4) قال: قُلْتُ لِلْبَرَاءِ: أَيْنَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يضَعُ وَجْهَهُ إِذَا سَجَدَ؟ قَالَ: بَيْنَ كَفَّيْهِ. [صحيح]
قوله في حديث البراء: "وضع كفيك" هو بيان لقوله في روايته الأولى: "فوضع يديه ورفع مرفقيه لئلا يفترش ساعديه افتراش السبع".
(1) ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 723 - قسم التراجم).
(2)
في صحيحه رقم (234/ 494).
(3)
في "السنن" رقم (271)، وهو حديث صحيح.
(4)
في "السنن" رقم (271).
وقد ثبت عند الترمذي (1) في صفة الركوع: "أنه وتر يديه، فنحاهما عن جنبيه".
قال أبو عيسى (2): وهو الذي اختاره أهل العلم أن يجافي الرجل يديه عن جنبيه في الركوع والسجود.
6 -
وعن عبد الله بن مالك بن بحينة قال: "كَانَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ". أخرجه الشيخان (3) والنسائي (4). [صحيح]
قوله في حديث ابن بحينة: "إذا صلى فرَّج بين يديه، حتى يبدو بياض إبطيه" شامل لحالتي الركوع والسجود.
7 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَفْتَرِشْ ذرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الكَلْبِ". أخرجه الترمذي (5). [صحيح]
قوله في حديث أبي هريرة: "أخرجه الترمذي"(6).
قلت: وقال (7): هذا حديث حسن صحيح، وليس فيه (8):"وليضم فخذيه".
(1) في "السنن" رقم (260)، وهو حديث حسن.
(2)
في "السنن"(2/ 60).
(3)
البخاري في صحيحه رقم (390، 807، 3564).
(4)
في "السنن"(2/ 212).
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (235، 495)، وأحمد (5/ 345).
(5)
في "السنن" رقم (275) من حديث جابر، وهو حديث صحيح.
(6)
في "السنن" رقم (275)، وهو حديث صحيح.
(7)
في "السنن"(2/ 66).
(8)
وهو عند الترمذي بلفظ عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب".
قلت: وابن الأثير (1) نسب هذه الرواية وحدها إلى أبي داود، ونسب التي ليس [26 ب] فيها:"وليضم فخذيه" إلى الترمذي، ولم يجمعهما كما صنع المصنف. ثم إن حديث أبي هريرة (2) وحديث الترمذي (3) من حديث جابر كما ذكره ابن الأثير، والمصنف نسب الكل إلى رواية أبي هريرة، إلا أني وجدت نسخة من "التيسير" خالية عن رمز الترمذي، وهي الصواب [452/ أ]؛ لأن لفظ:"وليضم فخذيه" ليست في الترمذي (4). ورواية الحديث فيه عن جابر لا عن أبي هريرة.
نعم. ابن الأثير أتى بالروايتين: رواية أبي هريرة ورواية جابر.
وأحسن المصنف بالإتيان برواية أبي هريرة (5) لما فيها من زيادة: "وليضم فخذيه" أي: لا يفرج بينهما، كما أنه ينبغب له التجافي لليدين في ركوعه وسجوده، أي: ينحيهما عن جنبيه وإبطيه.
8 -
وعن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِوَضْعِ اليَدَيْنِ وَنَصْبِ القَدَمَيْنِ". أخرجه الترمذي (6). [حسن]
قوله في حديث عامر بن سعد: "أنه صلى الله عليه وسلم أمر" بصيغة المعلوم.
"بوضع اليدين" أي: الكفين في سجوده ونصب القدمين أي: على رؤوس أصابع الرجلين.
(1) في "الجامع"(5/ 374 رقم 3509).
(2)
وكأن في العبارة قطع، وهو يشير إلى أن رواية أي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
في "السنن" رقم (275)، وقد تقدم.
(4)
وهو كما قال.
(5)
أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (901).
(6)
في "السنن" رقم (277، 278)، وهو حديث حسن.
قوله: "أخرجه الترمذي" إلا أنه ساقه (1) من طريق أخرى عن عامر بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
…
الحديث. وليس فيه عن أبيه. قال الترمذي (2): وهذا - أي: المرسل - أصح. ثم قال (3): وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه. انتهى.
9 -
وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: "كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَكَعَ اعْتَدَلَ وَلَمْ يَنْصِبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَإِذَا أَهْوَى إِلَى الأَرْضِ سَاجِدًا جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبِطَيْهِ وَفَتَحَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ". أخرجه النسائي (4). [صحيح]
قوله في حديث أبي حميد الساعدي: "ولم يصبّ رأسه" من صبَّ بفتح الصاد المهملة وتشديد الموحدة.
قال الخطابي (5): الرواية (6): "يصب". ورواه ابن المبارك عن فليح بن سليمان عن عيسى ابن عبد الله سمعه من عباس عن أبي حميد: "كان لا يصبي رأسه ولا يقنعه" يقال: صبى الرجل رأسه يصبي إذا خفضه جداً (7).
(1) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (278)، وهو حديث حسن.
(2)
في "السنن"(2/ 68).
(3)
في "السنن"(2/ 68).
(4)
في "السنن" رقم (1101)، وهو حديث صحيح.
وأخرجه البخاري رقم (828) مختصراً، وأبو داود رقم (730، 963)، وابن ماجه رقم (862، 863، 1061).
(5)
في "معالم السنن"(1/ 467).
(6)
قال الخطابي: هكذا جاء في هذه الرواية: "لا ينصب رأسه".
(7)
ثم قال الخطابي: وقد فسرته في "غريب الحديث": ومعنى لا يصب رأسه، أي: لا يميله إلى أسفل.
وقوله: "ولا يقنعه"(1) بضم حرف المضارعة فقاف ساكنة فنون خفيفة فعين مهملة، أي: لا يرفعه [27 ب] فالإقناع رفع الرأس. ويقال لمن خفض رأسه قد أقنع وانحرف من الأضداد (2).
قوله: "أخرجه النسائي".
قلت: لكن الذي رأيناه فيه: "لم ينصب رأسه" بنون بعد حرف المضارعة من النصب، وكأن لفظ المصنف وقبله ابن الأثير نسخة.
قوله: "وفتح أصابع رجليه".
أقول: بالفاء فمثناة فوقية فحاء معجمة، يقال: فتح أصابع رجله، أي: ثناها ولينها. قاله التوربشتي.
وقال ابن الأثير (3): [فتح](4) أصابع رجليه أي: نصبها وغمز موضع المفاصل منها وثناها إلى باطن الرجل، وأصل اللين. ومنه قيل للعقاب: فتخاء؛ لأنها إذا انحطَّت كسرت جناحها. انتهى.
10 -
وعنه أيضاً رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَجَدَ أَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنْ الأَرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ". أخرجه الترمذي (5) وصححه. [صحيح]
قوله في حديث أبي حميد الثاني: "أخرجه الترمذي وصححه".
(1) انظر: "غريب الحديث" للهروي (2/ 274)، و"النهاية"(2/ 494).
(2)
قاله الخطابي في "معالم السنن"(1/ 647 - 648 - مع السنن).
(3)
في "النهاية"(2/ 339)، وفي "غريب الجامع"(5/ 377).
(4)
كذا في المخطوط (أ. ب)، والذي في "غريب الجامع":"فتخ"، وانظر:"غريب الحديث" للهروي (1/ 303).
(5)
في "السنن" رقم (270)، وهو حديث صحيح.
قلت: قال (1) بعد سياقة: وفي الباب عن ابن عباس، ووائل بن حجر وأبي سعيد. قال أبو عيسى (2): حديث أبي حميد حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم، أن يسجد الرجل على جبهته وأنفه، فإن سجد على جبهته دون أنفه، فقد قال قوم من أهل العلم: يجزئه. وقال غيرهم: لا يجزئه حتى يسجد على جبهته وأنفه.
11 -
وعن وائل بن حُجر رضي الله عنه قال: "كانَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وإذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ". أخرجه أصحاب السنن (3). [ضعيف]
(1) في "السنن"(2/ 60).
(2)
في "السنن"(2/ 60).
(3)
أخرجه أبو داود رقم (838)، والترمذي رقم (268) ، والنسائي (2/ 206 - 207)، وابن ماجه رقم (882).
قلت: وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 255)، والدارمي (1/ 303)، والدارقطني (1/ 345)، والبيهقي (2/ 98)، والحاكم (1/ 226)، وابن خزيمة (1/ 318 رقم 626)، والحازمي في "الاعتبار"(ص 222).
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرف أحداً رواه مثل هذا عن شريك.
وقال الحاكم: احتج مسلم بشريك، ووافقه الذهبي، وليس كما قالا؛ فإن مسلماً أخرج له في المتابعات، كما صرح بذلك المنذري في خاتمة "الترغيب والترهيب"(4/ 571).
وقال ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 223) وقد ذكر الحديث: هو الصحيح.
وخالفهم الدارقطني فقال عقبه: تفرد به يزيد بن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به. اهـ
وخالفهم البيهقي أيضاً (2/ 99) بقوله: هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلاً، هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تعالى. اهـ
والخلاصة: أن الحديث ضعيف.
12 -
وفي أخرى لأبي داود (1): "فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذِهِ". [إسناده ضعيف]
قوله في حديث وائل بن حجر: "إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه".
أقول: عقد له الترمذي ترجمة (2) فقال: باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود. وساق حديث وائل هذا، ثم قال: قال أبو عيسى (3): هذا حديث غريب حسن، لا نعرف أحد رواه غير شريك. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.
وروى همام عن عصام هذا مرسلاً، ولم يذكر فيه وائل بن حجر. انتهى.
وقال المنذري في "مختصر السنن"(4) بعد نقله لفظ [28 ب] الترمذي هذا: وقال النسائي (5): لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون.
وقال الدارقطني (6): تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به. انتهى.
(1) في "السنن" رقم (839) بإسناد ضعيف.
(2)
في "السنن"(2/ 56 الباب رقم 199).
(3)
في "السنن"(2/ 57).
(4)
(1/ 397 - 398).
(5)
في "السنن"(2/ 207).
(6)
في "السنن"(1/ 345).
وقال أبو بكر البيهقي (1): هذا يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام مرسلاً (2). هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين. رحمهم الله.
وشريك هذا: هو ابن عبد الله النخعي القاضي. وفيه مقال.
وقد أخرج له (3) مسلم في المتابعة. انتهى.
13 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ البَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكبَتَيْهِ". أخرجه أصحاب السنن (4). [صحيح]
قوله في حديث أبي هريرة: "فلا يبرك كما يبرك البعير، يضع يديه قبل ركبتيه".
أقول: أولاً: قد تطابق لفظ ابن الأثير (5) والمصنف على قوله: "يضع يديه
…
" إلى آخره. والذي في كتب الحديث كلها: "وليضع" بلام الأمر. فهذا لفظه باللام في "سنن أبي داود" (6) و"سنن الترمذي" (7)، وفي أطراف المزي (8) ونهاية (9) المالكية.
(1) في "السنن الكبرى"(2/ 98).
(2)
أي من هذا الوجه، كما في "سنن البيهقي"(2/ 98).
(3)
ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 571).
(4)
أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (840، 841)، والنسائي في "المجتبى"(2/ 207)، وفي "السنن الكبرى" رقم (681)، والترمذي رقم (269).
وهو حديث صحيح.
(5)
في "الجامع"(5/ 378 رقم 3518).
(6)
في "السنن" رقم (840، 841).
(7)
في "السنن" رقم (269).
(8)
(10/ 143 رقم 13592).
(9)
"بداية المجتهد ونهاية المقتصد"(1/ 337 - 338) بتحقيقي.
وفي "المنتقى"(1) وعزاه لأحمد (2)، وكذلك هو في "الإلمام"(3) وغيره.
ولا شك أن ابن الأثير قصر في النقل؛ فإنه بحذف اللام في جميع نسخه والتيسير تبعه.
ثانياً: [إن صح](4) أن هذا يعارض حديث وائل.
قال المنذري (5): قال الترمذي (6) بعد إخراجه: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه.
قلت: ثم قال الترمذي (7): وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن سعيد المقبري ضعفه يحيى بن سعيد القطان، وغيره. انتهى كلام الترمذي.
ولم يذكر كلام البخاري الذي هو قوله: وذكر البخاري (8): أن محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه.
وقال (9): لا أدري سمع (10) من أبي الزناد أم لا. انتهى.
(1) الحديث رقم (86/ 747 - مع السبل) بتحقيقي.
(2)
في "المسند"(2/ 381).
(3)
انظر: كتاب "الاهتمام بتلخيص كتاب الإمام"(ص 137 رقم 282).
(4)
سقطت من (ب).
(5)
في "مختصر السنن"(1/ 398 - 399).
(6)
في "السنن"(2/ 58).
(7)
في "السنن"(2/ 58).
(8)
في "التاريخ الكبير"(1/ 139).
(9)
البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 139). وانظر: "التقريب"(2/ 176 رقم 370).
(10)
هذه ليست بعلة إلا عند البخاري بناءً على أصله المعروف، وهو اشتراط معرفة اللقاء، وليس ذلك بشرط عند جمهور المحدثين، بل يكفي عندهم مجرد إمكان اللقاء مع أمن التدليس، وهذا متوفر هنا.
وقال الخطابي (1): حديث [29 ب] وائل بن حجر أثبت من هذا، وزعم بعض العلماء أن هذا منسوخ.
وقال الدارقطني: تفرد به (2) الدراوردي عن محمد بن عبد الله العلوي عن أبي الزناد. وفيما قاله الدارقطني نظر، فقد روى نحوه عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن.
وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديثه. وقال أبو بكر بن أبي داود [453/ أ] السجستاني: وهذه سنة تفرد بها أهل المدينة. ولهم فيها إسنادان، هذا أحدهما، والآخر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قول أصحاب الحديث: وضع اليدين قبل الركبتين.
قال الدارقطني (3): وهذا تفرد به الدراوردي عن عبيد الله بن عمر هذا. وقال في موضع آخر: تفرد به أصبغ بن الفرج عن عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله [و](4) هذا أخرجه الدارقطني في سننه (5) بإسناد حسن.
(1) في "معالم السنن"(1/ 535 - مع السنن).
(2)
لم يتفرد الدراوردي بالحديث، بل توبع عليه في الجملة، فقد أخرجه أبو داود رقم (841)، والنسائي (2/ 207 رقم 1090)، والترمذي رقم (269) من طريق عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن به، مختصراً بلفظ:"يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل" فهذه متابعة قوية؛ فإن نافع ثقة أيضاً من رجال مسلم كالدراوردي.
(3)
في "السنن"(1/ 344).
(4)
سقطت من (ب).
(5)
في "السنن"(1/ 344).
وأصبغ بن الفرج (1): حدث عنه البخاري في صحيحه محتجاً به، وحدث الترمذي والنسائي عن رجل عنه. وعبد العزيز الدراوردي: احتج مسلم بحديثه في صحيحه، وأخرج البخاري حديثه في صحيحه مقروناً بعبد العزيز بن حاتم. انتهى كلام المنذري في "مختصر السنن"(2).
واعلم: أن العلامة ابن القيم قد ذكر المسألة في "زاد المعاد"(3)، وأطال البحث، وأول كلامه في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم: وكان صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه قبل يديه، ثم يديه بعدهما، ثم جبهته وأنفه. هذا هو الصحيح. وذكر حديث وائل بن حجر، وقال (4): إنه لم يُرو في فعله صلى الله عليه وسلم ما يخالف ذلك. ثم ذكر حديث أبي هريرة وقال: إنه قد وقع فيه وهم من بعض [30 ب] الرواة؛ فإن أوله يخالف آخره، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، فإن البعير إنما يضع يديه أولاً، ثم قال (5): وكان يقع لي أن حديث أبي هريرة مما انقلب على بعض الرواة [متنه](6) ولعله: "وليضع ركبتيه قبل يديه" ثم قال: حتى رأيت أبا بكر بن أبي شيبة قد رواه كذلك، فقال أبو بكر بن أبي شيبة (7): حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده
(1) أصبغ: هو أبو عبد الله أصبغ بن الفرج القرشي المصري، سمع عبد الله بن وهب ومالك بن أنس، مات سنة ست وعشرين ومائتين. قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(1/ 181 - قسم التراجم).
(2)
(1/ 398 - 399).
(3)
(1/ 215 - 225).
(4)
ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 216).
(5)
ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 218).
(6)
كذا في (أ. ب)، والذي في "زاد المعاد":"متنه وأصله".
(7)
ذكره ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 219).
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل".
ورواه الأثرم (1) في سننه عن أبي بكر كذلك. قال: وقد روي عن أبي هريرة ما يوافق حديث وائل بن حجر.
قال ابن أبي داود (2): ثنا يوسف بن عدي ثنا فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه. ثم أطال في ذلك" ثم قال: وخبر وائل أولى؛ لوجوه. وعد عشرة أوجه (3) ترجح (4) حديث وائل، فظهر بها قوة حديث وائل، وأن العمل به هو الأوفق بهيئة المصلي، فإن أول ما يقع عليه من الأرض الأقرب منها فالأقرب، وأول ما يرتفع منها الأعلى فالأعلى، فيضع ركبتيه أولاً ثم يديه ثم جبهته، وإذا رفع: رفع رأسه أولاً ثم يديه ثم ركبتيه. وهذا عكس (5) فعل البعير، وهو صلى الله عليه وسلم نهى في الصلوات عن التشبه بالحيوانات. فنهى عن بروك كبروك البعير، وعن التفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، ونقر كنقر الغراب (6). ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب خيل شمس. انتهى ملتقطاً من كلام ابن القيم (7) رحمه الله[31 ب].
(1) ذكره ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 219).
(2)
ذكره ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 219).
(3)
في "زاد المعاد"(1/ 223 - 224).
(4)
بل المرجح حديث أبي هريرة رضي الله عنه. انظر ما تقدم.
(5)
انظر: "زاد المعاد"(1/ 223).
(6)
أخرجه أحمد: (2/ 265، 311) بسند ضعيف، إلا أن الحديث صحيح بشواهده عن أبي هريرة قال: قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: عن نقرةٍ كنقرة الدِّيك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب.
(7)
في "زاد المعاد"(1/ 215 - 225).
14 -
وعن علي رضي الله عنه: أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا عَلِيُّ! إنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، وَأَكرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي، فلَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجدَتَيْنِ". أخرجه الترمذي (1)[ضعيف]
"الإقعاء" في الصلاة أن يُلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه بالأرض كما يقعد الكلب في بعض حالاته (2).
و"الإقعاء" عند الفقهاء أن يضع أليته على عقبه بين السجدتين (3).
قوله في حديث علي عليه السلام "أخرجه الترمذي".
قلت: بوب (4) له: باب كراهية الإقعاء بين السجدتين، ثم قال (5) بعد إخراجه: هذا حديث لا نعرفه من حديث علي إلا من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام. وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء.
(1) في "السنن" رقم (282).
وأخرجه أبو داود رقم (908)، وابن ماجه رقم (894)، وأحمد (1/ 146)، والطيالسي رقم (182)، وعبد ابن حميد رقم (67)، وعبد الرزاق رقم (2822)، والبزار رقم (854).
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(2)
ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم"(5/ 19)، وفي "المجموع شرح المهذب"(3/ 416).
وهذا النوع هو المكروه الذي ورد النهي عنه.
(3)
انظر: "غريب الحديث" للهروي (1/ 210)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 475).
(4)
في "السنن"(2/ 72 الباب رقم 209).
(5)
في "السنن"(2/ 73).
وفي الباب: عن عائشة (1) وأنس (2) وأبي هريرة (3). انتهى كلامه.
ثم بوب (4) للرخصة في ذلك، ثم أخرج (5) عن أبي الزبير أنه قال: سمعت طاووساً يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: هي السنة.
فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرَّجل؟ قال: بل هي سنة نبيكم، ثم قال (6): إنه حديث حسن.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون بالإقعاء بأساً. وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم، وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين. انتهى كلامه.
قلت: ظاهر كلام الترمذي: أن الإقعاء في حديث النهي، وفي كلام ابن عباس نوع واحد.
(1) أخرجه أحمد (6/ 194)، ومسلم رقم (498)، وأبو داود رقم (783)، وابن ماجه رقم (812، 869، 893)، وابن حبان رقم (1768)، وأبو يعلى رقم (4667)، وابن خزيمة رقم (699)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 15، 85، 113، 172) من طرق. وهو حديث صحيح بشواهده.
(2)
أخرجه ابن ماجه في "السنن" رقم (896).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 308): هذا إسناد ضعيف.
قال ابن حبان والحاكم: العلاء أبو محمد روى عن أنس أحاديث موضوعة.
وقال البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال ابن المديني: كان يضع الحديث.
(3)
تقدم نصه وتخريجه.
(4)
أي الترمذي في "السنن"(2/ 73 الباب رقم 210).
(5)
أي الترمذي في "السنن" رقم (283).
وأخرجه مسلم برقم (536)، وأبو داود رقم (845)، وهو حديث صحيح.
(6)
الترمذي في "السنن"(2/ 74).
والذي في "سنن البيهقي الكبرى"(1) أنه نوعان؛ فإنه قال: باب (2) القعود على العقبين بين السجدتين، ثم ذكر حديث ابن عباس هذا الذي ذكره الترمذي، ثم ساقه من طرق كثيرة. وذكر (3) أن طاوساً ذكر أن العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك [32 ب] عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير [454/ أ]، ثم ساق بسنده إلى طاووس قال: رأيت (4) ابن عباس وابن عمر وهما يقعيان بين السجدتين على أطراف أصابعهما.
قال إبراهيم (5): سألت عطاء عن ذلك، فقال: أي ذلك فعلت أجزأك، إن شئت على أطراف أصابعك، وإن شئت على عجزك.
قال البيهقي (6): فهذا [الإقعاء](7) المرخص فيه، أو المسنون على ما روينا عن ابن عباس وابن عمر، هو أن يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض، ويضع إليتيه على عقبيه، ويضع ركبتيه على الأرض. ثم عقد (8) باباً للإقعاء المكروه فقال: باب الإقعاء المكروه في الصلاة. ثم ساق أحاديث النهي، ثم نقل تفسيره عن أبي عبيدة أنه قال: الإقعاء هو أن يلصق إليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه بالأرض.
(1)(2/ 120).
(2)
في "السنن الكبرى"(2/ 119 الباب رقم 222).
(3)
أي البيهقي في سننه (2/ 120).
(4)
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم (3033).
(5)
ذكره البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 121).
(6)
في "السنن الكبرى"(2/ 121).
(7)
في (أ): "الإجزاء"، وفي (ب):"الاجرو"، وما أثبتناه من "سنن البيهقي".
(8)
أي البيهقي في "السنن"(2/ 120 رقم 223).
وقال في آخر الإقعاء: جلوس الإنسان على إليتيه ناصباً فخذيه، مثل إقعاء الكلب والسبع.
قال الشيخ - أي: البيهقي (1) نفسه -: وهذا النوع من الإقعاء غير ما روينا عن ابن عباس وابن عمر، فهذا منهي عنه، وما رويناه عن ابن عباس وابن عمر مسنون.
قال: وأما حديث (2) عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان ينهى عن عقب الشيطان، ويفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى" فيحتمل أن يكون توارداً في الجلوس للتشهد الآخر، ولا يكون منافياً لما روينا عن ابن عباس وابن عمر في الجلوس بين السجدتين. انتهى بلفظه.
قلت: وبه يعلم ما في كلام الترمذي من إبهام أنه نوع واحد، وأن الرخص فيه هو المنهي عنه.
وأما صاحب "التيسير"؛ فقد فسر الإقعاء بما هو في اللغة وما هو الذي عند الفقهاء، فذكر النوعين وأصاب [إلا](3) أنه قصر كما قصر ابن الأثير [33 ب] في ترك رواية حديث ابن عباس الذي ذكره أيضاً الترمذي، وعقد له باباً (4) وقد قدمناه؛ لأنه الذي يفيد الإقعاء الذي نسبه إلى تفسير الفقهاء.
15 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِيْهِ". أخرجه أبو داود (5). [صحيح]
(1) في "السنن الكبرى"(2/ 120).
(2)
تقدم تخريجه، وهو حديث صحيح بشواهده.
(3)
في (ب): "أمّا".
(4)
في "السنن"(2/ 73 الباب رقم 210).
(5)
في "السنن" رقم (992)، وهو حديث صحيح.
وفي أخرى (1): "نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا نَهَضَ مِنَ الصَّلَاةِ". [شاذ]
16 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]
قوله في حديث ابن عمر: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يديه"(3).
أقول: هذا أحد ألفاظ روايات أبي داود.
وفي الرواية الأخرى (4): "نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض من الصلاة" ثم أخرج رواية مالك بن الحويرث (5) قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه"(6).
فالنهي عن الاعتماد على اليدين في الجلوس بين السجدتين، وحال التشهدين، وعن اعتمادهما عند النهوض من الصلاة. ومثله حديث أبي هريرة الذي ذكره المصنف، إلا أنه قال ابن حجر (7): إنه ضعيف.
(1) عند أبي داود في "السنن" بإثر الحديث رقم (992) وهو من قول عبد الملك، وهو شاذ.
(2)
لم يخرجه أبو داود، وإنما أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (288)، وهو حديث ضعيف.
(3)
في "السنن" رقم (992)، وهو حديث صحيح.
(4)
أخرجها أبو داود في "السنن" بإثر الحديث رقم (992) من قول عبد الملك، وهي شاذة، وقد تقدمت.
(5)
سيأتي نصه وتخريجه.
(6)
وليس هذا نصه، بل هو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه الترمذي برقم (288)، وهو حديث ضعيف.
(7)
في "فتح الباري"(2/ 302).
17 -
وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: "أَنَّهُ رَأَى النّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا". أخرجه الخمسة (1) إلا مسلماً. [صحيح]
18 -
وعن نافع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ وَجْهِهِ، وَلَقَدْ (2) رَأَيْتُهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ البَرْدِ، وَإِنَّهُ لَيُخْرِجُ كَفَّيْهِ مِنْ تَحْتِ بُرْنُسٍ لَهُ حَتَّى يَضَعَهُمَا عَلَى الحَصْبَاءِ. أخرجه مالك (3). [موقوف صحيح]
قوله في حديث مالك بن الحويرث: "حتى يستوي قاعداً".
أقول: هذه هي جلسة الاستراحة، وتقدم الكلام عليها، والأدلة فيها.
19 -
وعن مَجْزأة بن زاهر عن رجل من أصحاب الشجرة اسمه أهبان بن أوْس: "وَكَانَ يَشْتَكِي رُكبَتَيْهِ، فكَانَ إِذَا سجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ وِسَادَةً". أخرجه البخاري (4). [صحيح]
20 -
وعن نافع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ المَرِيضُ السُّجُودُ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ إِلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا. أخرجه مالك (5). [موقوف صحيح]
(1) أخرجه البخاري رقم (823)، وأبو داود رقم (844)، والترمذي رقم (287)، والنسائي رقم (1152)
وهو حديث صحيح.
(2)
في "الموطأ"(1/ 163 رقم 59) قال نافع.
(3)
في "الموطأ"(1/ 163 رقم 56).
(4)
في صحيحه رقم (4174)، وهو حديث صحيح.
(5)
في "الموطأ"(1/ 168 رقم 74)، وهو أثر موقوف صحيح.