الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} (1) يفيد مطلق الشرعية غايته الوجوب.
ولا يلزم منه اختلال الصلاة مع انتفاءه. انتهى. وهو كلام حسن.
ثالثها: سترة العورة:
أقول: العورة في تحديدها اختلاف، وأدلة كونها ما بين السرة والركبة في الرجل وما عدا الوجه والكفين في الحرة، أدلة تنهض بذلك، والمراد عورة المرأة في صلاتها في بيتها، وإلا فالمرأة كلها عورة كما قررناه في رسالة (2):"الأدلة الجلية في تحريم رؤية الأجنبية" وهي رسالة مفيدة بحمد الله، وأودعنا معناها في نسخة "الغفار حاشية ضوء النهار"(3).
قيل: سميت العورة عروة لقبح ظهورها، ولغض الأبصار عنها مأخوذ من العور، وهو النقص والعيب والقبح، ومنه عور العين. والكلمة العوراء: القبيحة. واعلم أنه ذهب الجمهور (4) إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة.
وعن بعض المالكية (5): التفرقة بين الذاكر والناسي. ومنهم (6) من أطلق كونه سنة لا يبطل تركها، الصلاة. واحتج بأنه لو كان شرطاً للصلاة لاختص بها ولافتقر إلى النية،
(1) سورة الأعراف الآية (31).
(2)
وهي الرسالة رقم (105) من "عون القدير من فتاوى ورسائل ابن الأمير" بتحقيقي، ط: ابن كثير، دمشق.
(3)
(2/ 27 - 33 مع الضوء) بتحقيقي.
(4)
انظر: "فتح الباري"(1/ 466).
(5)
انظر: "المدونة"(1/ 94).
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 466).
[ولكان [79 ب] العاجز العريان] (1) كالعاجز عن القيام ينتقل إلى القعود، وأجيب (2) عن الأول بالنقص بالإيمان؛ فإنه شرط للصلاة ولا يختص بها. [468/ أ].
وعن الثاني: باستقبال القبلة، فإنه لا يفتقر إلى النية مع كونه شرطاً.
وعن الثالث: بالعاجز عن القراءة وعن التسبيح، فإنه يصلي ساكتاً.
ووجه الاستدل لإيجاب سترة العورة بقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3) نقل ابن حزم (4) الاتفاق على أن المراد ستر العورة، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يطوف بالبيت عريان"(5).
ووجه الاستدلال: أن الطواف إذا منع فيه التعري، فالصلاة أولى، إذ يشترط فيها ما يشترط في الطواف وزيادة.
1 -
عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! عَوْرَاتِنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: "احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَاّ مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! فَالرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ". قُلْتُ: الرَّجُلُ يَكُونُ خَالِياً؟ قَالَ: "فَالله أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ".
(1) كذا العبارة في المخطوط (أ. ب)، والتي في "فتح الباري" (1/ 466): "ولكان العاجز العريان ينتقل إلى بدل
…
".
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 466).
(3)
سورة الأعراف الآية (31).
(4)
في "المحلى"(4/ 72).
(5)
أخرجه أحمد (1/ 3)، والبخاري رقم (1622)، ومسلم رقم (435/ 1347) من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [حسن]
قوله: "عن بهز" بالموحدة المفتوحة وسكون الهاء آخره زاي: ابن حكيم بن معاوية القشيري، وبهز: صدوق. وكذلك أبوه كما في "التقريب"(3)، وأما جده فصحابي.
قوله: "عوراتنا ما نأتي منها وما نذر" ظاهر الإتيان المراد به: الوطء.
وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في جوابه: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" ظاهره جواز نظر كل من الزوجين إلى عورة صاحبه.
قالت الشافعية (4): إلا الفرج ففيه ثلاثة أقوال؛ أصحها: أنه مكروه لا حرام. وقيل: حرام [عليهما](5).
وقيل: حرام على الرجل مكروه للمرأة.
والنظر إلى باطن فرجها أشد كراهة. والسيد إن ملك وطئ أمة فهما كالزوجين، وإن لم يملك كأخته وعمته أو رضيعته أو صرته، فهي كما لو كانت حرة. كذا قالت الشافعية (6).
والأول تفصيل بلا دليل، بل الحديث بلفظ العورة شامل للفرجين في جواز الرؤية، والمراد به ما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ [80 ب] لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزوَاجِهِم
(1) في "السنن" رقم (4017).
(2)
في "السنن" رقم (2769).
وأخرجه النسائي في "الكبرى" رقم (8972)، وابن ماجه رقم (1920)، وذكره البخاري تعليقاً بصيغة الجزم (1/ 385 رقم الباب 20 - مع الفتح)، وأحمد (5/ 4)، وهو حديث حسن، والله أعلم.
(3)
(1/ 109 رقم 150).
(4)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 32).
(5)
في (ب): "عليها".
(6)
انظر تفصيله في "البيان" للعمراني (2/ 116 - 120).
أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (1) إلا أن قوله: "فالرجل يكون مع الرجل" دل على أنه أراد كشفها، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:"إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل" التقييد بالاستطاعة مبالغة في حفظها؛ لأنه يستطيع ذلك، فكأنه يقول: لو كان أمراً غير مستطاع لما عذرت عنه.
وقوله: "الله أحق أن يستحيا منه" من الناس يريد إذا كنت خالياً فالله مطلع عليك فأي منه أحق، ووجه الاستدلال به: أنه قد أمره صلى الله عليه وسلم بأن لا يرى عورته أحد إلا من استثناه، وهو عام لجميع الأوقات ومنه أوقات الصلوات، لكنه وإن دلَّ على الوجوب لا يدلُّ على الشرطية، كما يدل له حديث أبي سعيد (2) في نهي الرجل عن رؤية عورة الرجل، والمرأة عن رؤية عورة امرأة، وبالأولى: نهي الرجل عن رؤية عورة المرأة، وعكسه. وهذا لا دليل فيه على شرطية ستر العورة في الصلاة، بل فيه تحريم رؤية العورة مطلقاً. وقد فسر الإفضاء المصنف، إلا أن في حديث أبي هريرة عند أبي داود (3) استثناء ليس في رواية أبي سعيد فقال بعد النهي عن الإفضاء:"إلا إلى ولد أو والد" قال: وذكر الثالثة فنسيتها.
2 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا المَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثُّوْبِ الوَاحِدِ، وَلَا تُفْضِي المَرأَةُ إِلَى المَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ". أخرجه مسلم (4) وأبو داود (5) والترمذي (6).
(1) سورة المؤمنون الآية (56).
(2)
سيأتي نصه وتخريجه قريباً.
(3)
في "السنن" رقم (4019)، وهو حديث ضعيف.
(4)
في صحيحه رقم (338).
(5)
في "السنن" رقم (4018).
(6)
في "السنن" رقم (2793) وقال: هذا حسن غريب صحيح.
وهو حديث صحيح.
والمراد بقوله: "لَا يُفْضِي" إلخ، أي: لا يلصق جسده بجسده (1).
3 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّي فَإنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إلَاّ عِنْدَ الغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأكْرِمُوهُمْ". أخرجه الترمذي (2). [ضعيف]
"التَّعرِّي": التجرّد من الثياب.
قوله في حديث ابن عمر: "فإن معكم من لا يفارقكم"(3) أي: من هو مطلع عليكم وهو الله عز وجل، كما قال:"فالله أحق أن يستحيا منه أو الملائكة" بدليل قوله: "إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله" فإن الملائكة في هاتين الحالتين يفارقونهم، والله مطلع عليهم في كل حال، بدليل قوله:"فاستحيوهم وأكرموهم" أي: الملائكة.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: [و](4) قال (5): غريب.
قوله: "التعري: التجرد من الثياب".
(1) انظر: "القاموس المحيط"(ص 1703).
(2)
في "السنن" رقم (2800) وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو محيَّاة اسمه يحيى ابن يعلى.
قلت: وعلته ليث بن أبي سليم، قال الحافظ في "التقريب" رقم (5685): صدوق، اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه فترك.
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
يعتقد أهل الحق أهل السنة والجماعة: أن الله معنا على الحقيقة، وأنه فوق سماواته مستوٍ على عرشه، وهذه معية ثابتة بالكتاب والسنة. وقد تقدم بيانه.
(4)
سقطت من (ب).
(5)
في "السنن"(5/ 112)، وتقدم قوله تاماً.
قالوا: إن كان في خلوة [81 ب] بحيث لا يراه أحد، وإن كان لحاجة جاز، وإلا ففيه خلاف في كراهيته وتحريمه، والأصح عندنا - أي: الشافعية (1) - تحريمه.
4 -
وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ، أَوْ عَبْدهُ، أَوْ أَجِيرَهُ؛ فَلَا يَنْظُرَنَّ إِلَى عَوْرَتِهَا" أخرجه أبو داود (2). [حسن]
قوله في حديث ابن عمرو: "فلا ينظرن إلى عورتها" هذا فيه تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم في حديث بهز بن حكيم (3): "أو ما ملكت يمينك" فإنه عام لكل مملوكه، فأخرج هنا من زوجها مالكها.
وقوله: "أجيره أو خادمه" المراد مثلاً، وإلا فكل من زوجها من أي رجل فالحكم ما ذكر. وحاصله: أنه يصير مالكها كالأجنبي عنها.
5 -
وعن علي رضي الله عنه قال: قَالَ لِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَلِيُّ! لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، ولَا تَنْظُرُ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ". أخرجه أبو داود (4). [ضعيف جداً]
قوله في حديث علي عليه السلام: "لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي أو ميت".
أقول: بوب له البخاري (5): باب ما يذكر في الفخذ.
(1) انظر: "البيان" للعمراني (2/ 118 - 120).
(2)
في "السنن" رقم (4113)، وهو حديث حسن.
(3)
تقدم آنفاً، وهو حديث حسن.
(4)
في "السنن" رقم (4015).
وأخرجه ابن ماجه رقم (1460)، والحاكم (4/ 180 - 181)، والبزار في "مسنده البحر الزخار"(2/ 274 رقم 694). وهو حديث ضعيف جداً.
(5)
في صحيحه (1/ 478 الباب رقم 12 - مع الفتح).
وعلق آثاراً عن الصحابة فقال: ويروى عن ابن عباس (1) وجرهد (2) ومحمد بن جحش (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الفخذ عورة".
وقال أنس (4): "حسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فخذه".
(1) أخرجه الترمذي رقم (2796)، وأحمد (5/ 290)، والبخاري في صحيحه تعليقاً (1/ 478 الباب رقم 12 - مع الفتح)، والحاكم (4/ 181)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 228) عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفخذ عورة"، وفي لفظ:"غطِّ فخذيك فإن فخذ الرجل من عورته".
(2)
أخرجه أحمد (3/ 478)، وأبو داود رقم (4014)، والترمذي رقم (2795)، وابن حبان رقم (353 - موارد)، وعلقه البخاري في صحيحه (1/ 478 الباب رقم 12) بصيغة التمريض، وضعفه في تاريخه (2/ 748 رقم الترجمة 2354).
وأخرجه الطيالسي رقم (1176)، والدارمي (281)، والبيهقي (2/ 228)، وهو حديث حسن، عن جَرْهَد الأسلمي رضي الله عنه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليَّ بردةٌ وقد انكشفت فخذي فقال: "غطِّ فخذك، فإن الفخذ عورة".
(3)
عن محمد بن جحش رضي الله عنه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال:"يا معمر! غطِّ فخذيك فإن الفخذين عورة".
أخرجه أحمد (5/ 290)، والبخاري في تاريخه (1/ 1/ 13)، وفي صحيحه (1/ 471 الباب رقم 12 - مع الفتح).
وهو حديث حسن لغيره، والله أعلم.
(4)
أخرجه أحمد (3/ 102)، والبخاري في صحيحه رقم (371).
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
قال النووي في "الخلاصة"(1/ 325 رقم 952): وفي رواية مسلم: "انحسر الإزار عن فخذه" فهذه الرواية تبين رواية البخاري، وأن المراد أنه انحسر بغير اختياره لضرورة الإجراء، فلا يلزم من هذا كون الفخذ ليست عورة يجب سترها في حال الاختيار. اهـ =
وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط، حتى نخرج من اختلافهم. انتهى بلفظه.
قال النووي (1): ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة.
وعن أحمد (2) ومالك (3) في رواية: "العورة القبل والدبر فقط" وبه قال الظاهر (4) والإصطخري (5) واستدل الجمهور بحديث علي هذا، وبما أخرجه الحاكم عن مولى محمد بن جحش (6) عنه قال:"مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال: يا معمر! غط عليك فخذيك، فإن الفخذ عورة".
قال الحافظ ابن حجر (7): [رجاله](8) رجال الصحيح غير أبي كثير، وقد روى عنه جماعة لكن لم أجد فيه تصريحاً بتعديل.
= وقد جمع ابن القيم في "تهذيب السنن"(6/ 17) بين الأحاديث بقوله: وطريق الجمع بين هذه الأحاديث ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة فالمغلظة السوأتان، والمخففة الفخذان.
ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة، والله أعلم.
(1)
في "شرح صحيح مسلم"(15/ 168 - 169)، وانظر:"المجموع شرح المهذب"(3/ 174 - 175).
(2)
انظر: "المغني"(2/ 283 - 289).
(3)
انظر: "الخرشي على خليل، المدونة"(1/ 94).
(4)
"المحلى"(4/ 71 - 73).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 478)، وانظر:"المجموع شرح المهذب"(3/ 174)، "بدائع الصنائع"(5/ 122).
(6)
تقدم تخريجه، وهو حديث حسن.
(7)
في "الفتح"(1/ 479).
(8)
في (ب): "وأخذ به".
ومعمر المشار إليه: هو معمر بن عبد الله بن [نَضْلَة](1) القرشي (2) العدوي [82 ب]. انتهى.
قلت: وحديث جرهد الذي أشار إليه البخاري (3)[469/ أ] أخرجه أبو داود (4) والترمذي (5) وكان من أهل الصفة أنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فرأى فخذي منكشفة فقال: "أما علمت أن الفخذ عورة" وفي رواية: أنه صلى الله عليه وسلم مرَّ به في المسجد، وقد كشف فخذه فقال له:"غط فخذك، فإنها من العورة".
وحديث أنس (6) الذي أشار إليه البخاري؛ رواه البخاري (7) وأحمد (8): أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه" وهو الذي قال البخاري (9) إنه أسند، أي: أصح إسناداً.
وأجاب القرطبي (10) عن حديث أنس وما معه: بأنها إنما وردت في قضايا معينة في
أوقات مخصوصة يتطرق إليها من احتمال الخصوصية أو البناء على أصل الإباحة ما لا يتطرق
(1) في (ب): "فضلة"، وما أثبتناه من (أ)، و"الفتح".
(2)
انظر: "التقريب"(2/ 266 رقم 1287).
(3)
في صحيحه (1/ 478 الباب رقم 12 - مع الفتح).
(4)
في "السنن" رقم (4014).
(5)
في "السنن" رقم (2795)، وهو حديث حسن، وقد تقدم.
(6)
تقدم، وهو حديث صحيح.
(7)
في صحيحه رقم (371).
(8)
في "المسند"(3/ 102).
(9)
في "الفتح"(1/ 479).
(10)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 480).
إلى حديث جرهد وما معه؛ لأنه يتضمن حكماً كلياً، وإظهار شرع عام فكان العمل به أولى. انتهى.
قلت: ولأن قوله: "حسر عن فخذه" فعل، والقول أقوى منه؛ ولأنه في رواية مسلم:"ما تحسر".
وفي رواية الإسماعيلي (1): "أجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم دابته في زمان خيبر إذخر الإزار".
قال الإسماعيلي (2). هكذا وقع عندي بالخاء المعجمة والراء، فإن كان محفوظاً فليس فيه دليل على ما ترجم به، أي: البخاري، وإن كانت روايته هي المحفوظة فهي دالة على أن الفخذ ليست بعورة. انتهى.
6 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "عَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الفَخِذَ عَوْرةً". أخرجه الترمذي (3)[حسن]
قوله في حديث ابن عباس: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (4): حسن غريب.
7 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ، أوْ قَالَ: عَلَى عَاتِقَيْهِ، مِنْهُ شَيْءٌ". أخرجه الخمسة (5) إلا الترمذي. [صحيح]
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 480).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 480).
(3)
في "السنن" رقم (2797 و2798)، وهو حديث حسن، وقد تقدم.
(4)
في "السنن"(5/ 111).
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (359)، ومسلم رقم (516)، وأبو داود رقم (626)، والنسائي (2/ 71 رقم 769). وهو حديث صحيح. =
قوله في حديث أبي هريرة: "ليس على عاتقه منه شيء".
أقول: المراد أنه لا يئتزر في وسطه، ويشدَّ طرفي ثوبه في حقويه، بل يتوشح بهما على عاتقه، يحصل الستر لجزء من أعالي البدن [83 ب] وإن كان ليس بعورة، أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة.
8 -
وعنه رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ". أخرجه البخاري (1) وأبو داود (2)[صحيح]
وعنده (3): "فَلْيُخَالِفُ بِطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ".
قوله في حديث أبي هريرة: "من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه" زاد في رواية (4) تأتي، وهي عند أحمد (5):"فليخالف بين طرفيه على عاتقيه"، وكذا الإسماعيلي (6) وأبي نعيم. وقد حمل الجمهور هذا الأمر على الاستحباب، والنهي الذي قبله على التنزيه.
= قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 231 - 232): قال العلماء: حكمته: أنه إذا اتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يؤمن أن تنكشف عورته، بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه، ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده فيشتغل بذلك وتفوته سنة وضع اليمنى على اليسرى تحت صدره ورفعهما.
(1)
في صحيحه رقم (360).
(2)
في "السنن" رقم (627).
وأخرجه أحمد (2/ 255، 427، 520)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 381)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (516)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 238). وهو حديث صحيح.
(3)
أي عند أبي داود رقم (627).
(4)
أي عند أبي داود رقم (627).
(5)
في "المسند"(2/ 427، 520).
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 472).
وعن أحمد (1): لا تصح صلاة من قدر على ذلك فتركه. جعله من الشرائط وعنه تصح ويأثم، جعله واجباً مستقلاً.
واستدل الخطابي (2) على عدم الوجوب: أنه صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب كان أحد طرفيه على بعض نسائه وهي نائمة. قال: ومعلوم أن الطرف الذي هو لابسه من الثوب غير متسع لأن يترز به، ويفضل منه ما كان بعاتقه. انتهى.
قلت: ويأتي هذا آخر ستر العورة في حديث عائشة.
9 -
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَن الصَّلَاةِ فِي الثُّوْبِ الوَاحِدِ، فقَالَ:"أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ". أخرجه الستة (3) إلا الترمذي. [صحيح]
قوله في حديث أبي هريرة: "سئل عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: أو لكلكم ثوبان" أي: أنه لا يجد كل أحد ثوبين يصلي فيهما، فتجزئ الصلاة في ثوب واحد، ويأتي أنه صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد خالف بين طرفيه.
(1) قال النووي في "المجموع شرح المهذب"(3/ 180 - 181): وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" نهي كراهية تنزيه لا تحريم، فلو صلى مكشوف العاتقين صحت صلاته مع الكراهة، هذا مذهبنا، ومذهب مالك وأبي حنيفة وجمهور السلف والخلف، وقال أحمد وطائفة قليلة: يجب وضع شيء على عاتقه لظاهر الحديث، فإن تركه ففي صحة صلاته عن أحمد روايتان، وخص أحمد ذلك بصلاة الفرض، دليلنا حديث جابر في قوله صلى الله عليه وسلم:"فاتزر به" هكذا احتج به الشافعي في "الأم"، واحتج به الأصحاب وغيرهم، والله أعلم.
وانظر: "المغني"(2/ 292 - 293).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 472).
(3)
أخرجه البخاري رقم (358)، ومسلم رقم (515)، وأبو داود رقم (625)، والنسائي (2/ 69 - 70)، وابن ماجه رقم (1047). وهو حديث صحيح.
وورد في الصلاة في القميص وحده، حديث سلمة بن الأكوع قلت: يا رسول الله! إني رجل أتصيد أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: "نعم، زره ولو بشوكة" رواه أبو داود (1) وابن خزيمة (2) وابن حبان (3) واللفظ له.
10 -
وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: "أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا بِهِ مُخَالِفًا بينَ طَرَفَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ". أخرجه الستة إلا الترمذي (4). [صحيح]
11 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْبَلُ الله صَلَاةَ الحَائِضِ إِلَّا بِخِمَارٍ". أخرجه أبو داود (5) والترمذي (6). [صحيح]
(1) في "السنن" رقم (632).
(2)
في صحيحه رقم (777، 778).
(3)
في صحيحه رقم (2294).
وأخرجه أحمد (4/ 49، 50)، والنسائي (2/ 70)، والشافعي في مسنده رقم (187 - ترتيب)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 380)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 250)، وعلقه البخاري في صحيحه (1/ 465 الباب رقم 2 - مع الفتح)، ووصله في تاريخه (1/ 296) وقال: في إسناده نظر.
وهو حديث حسن، والله أعلم.
(4)
أخرجه البخاري رقم (356)، ومسلم رقم (517)، وأبو داود رقم (628)، والترمذي رقم (339)، والنسائي (2/ 70)، وابن ماجه رقم (1049).
وهو حديث صحيح.
(5)
في "السنن" رقم (641).
(6)
في "السنن" رقم (377).
وأخرجه أحمد (6/ 150)، وابن ماجه رقم (655)، وابن خزيمة رقم (775)، والحاكم (1/ 251)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (173)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 233).
وهو حديث صحيح.
قوله في حديث عائشة: "لا يقبل الله صلاة الحائض إلا بخمار".
المراد بالحائض: المكلفة، وإنما تكلفت بالاحتلام مثلاً، إنما عبر بالحيض نظراً إلى الأغلب. والخمار (1) بكسر الخاء المعجمة اَخره راء: هو هنا ما يغطى به الرأس والعنق.
قوله: "أخرجه أبو داود [84 ب] والترمذي".
قلت: قد ذكرنا في "سبل السلام"(2) أنه أعله الدارقطني (3)، وقال: إن وقفه أشبه. وأعله الحاكم (4) بالإرسال، والحديث دليل على وجوب ستر المرأة رأسها وعنقها ونحو ذلك مما يقع عليه الخمار.
12 -
وعن عبيد الله بن الأسود الخولاني، وكان في حجر ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: كَانَتْ مَيْمُونَةُ تُصَلِّي فِي الدِّرْعِ الْوَاحِد وَالخِمَارِ لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَارٌ. أخرجه مالك (5). [موقوف صحيح]
قوله في حديث عبيد الله الخولاني (6): "كانت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم" وهي بنت الحارث الهلالية.
"تصلي في الدرع الواحد" وهو القميص والخمار.
"ليس عليها إزار" دل على أنه لا يجب الإزار، بل يكفي القميص والخمار.
(1) انظر: "لسان العرب"(9/ 332).
(2)
(2/ 81) بتحقيقي.
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 279).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 279).
(5)
في "الموطأ"(1/ 142 رقم 37)، وهو أثر موقوف صحيح.
(6)
انظر: "التقريب"(1/ 530 رقم 1424).
وحديث أم سلمة (1) قيّد الدرع بأن يكون سابغاً يغطي ظهور قدميها، إلا أنه موقوف. وقد روي مرفوعاً كما في "بلوغ المرام" (2) ولفظه: عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها".
وقال أخرجه أبو داود: وصحح الأئمة وقفه. انتهى.
قلت: ولعله لا مسرح للاجتهاد فيه، فله حكم المرفوع.
13 -
وعن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه: أَنَّهَا سأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ المَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَتْ: تُصَلِّي فِي الخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابغِ إِذَا غَيَّبَ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا. أخرجه ما لك (3) وأبو داود (4). [ضعيف]
14 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: صَلَّى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم في خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرةٌ، فَقَالَ:"اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبى جَهْمٍ بنْ حُذَيْفَةَ، وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانيَتِهِ؟ فَإِنَّهَا الهَتْنِي آنِفاً عَنْ صَلَاتِي".
أخرجه الستة (5) إلا الترمذي. [صحيح]
(1) أخرجه أبو داود في "السنن"(640)، والحاكم (1/ 250)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 233).
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(2)
الحديث رقم (5/ 197).
(3)
في "الموطأ"(1/ 142 رقم 36).
(4)
في "السنن" رقم (639، 640)، وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (373، 752، 5817)، ومسلم رقم (61/ 556)، ومالك في "الموطأ"(1/ 97 - 98)، وأبو داود رقم (914 و4052)، والنسائي رقم (771)، وابن ماجه رقم (3550).
وفي رواية مالك (1) وأبي داود (2): "كُنْتُ أَنْظُر إلَيْهَا وَأنَا في الصَّلَاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي".
"الانْبِجَانِيَّةُ": كساء له خمل، وقيل: هو الغليظ من الصوف (3).
ومعنى "الهَتْنِي": شغلتني.
وقوله: "آنِفًا": أي الآن.
قوله في حديث عائشة: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة" بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة، كساء مربع له أعلام فنظر إلى أعلامها [نظرة] (4) فقال:"اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم" هو عبيد، ويقال: عامر بن حذيفة العدوي، صحابي مشهور، وإنما خصه صلى الله عليه وسلم بإرسال الخميصة إليه؛ لأنه كان أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره مالك في "الموطأ" (5) [470/ أ] من طريق أخرى عن عائشة قالت: أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها أعلام، فشهد فيها الصلاة، فلما رجع قال: ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانيته" [85 ب] بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة: كساء غليظ، لا علم له.
قال ثعلب (6): يجوز فتح همزته وكسرها وكذا الموحدة، وهو منسوب إلى موضع يقال له: انبجان.
(1) في "الموطأ"(1/ 97 - 98).
(2)
في "السنن" رقم (4052).
(3)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 463).
(4)
في (ب): "مرة".
(5)
(1/ 97 رقم 67)، وهو حديث صحيح.
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 483).
قال ابن بطال (1): إنما طلب منه ثوباً غيرها، ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافاً به.
قال (2): وفيه أن الواهب إذا ردت عليه عطيته من غير أن يكون هو الراجع فيها فله أن يقبلها من غير كراهة.
قوله: "فإنها ألهتني عن صلاتي".
وأخرج الموطأ (3) وأبو داود (4) والنسائي (5): كنت أنظر إلى علمها في الصلاة فأخاف أن تفتنني.
وأخرجه البخاري (6) تعليقاً، ففيه أنه لم يحصل له الإلهاء عن صلاته، بل خاف ذلك، أي: كادت.
قال ابن دقيق العيد (7): فيه مبادرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مصالح الصلاة، ونفي ما لعله يخدش فيها. وأما بعثه بالخميصة إلى أبي جهم فلا يلزم أن يستعملها في الصلاة.
15 -
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: أُهْدِيَ لِرسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرُّوجُ مِنْ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنزعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالكَارِهِ لَهُ وَقَالَ:"لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ". أخرجه النسائي (8). [صحيح]
(1) في شرحه لصحيح البخاري (2/ 37).
(2)
في شرحه لصحيح البخاري (2/ 37).
(3)
(1/ 97 رقم 67).
(4)
في "السنن" رقم (4/ 9، 4052).
(5)
في "السنن"
(6)
في صحيحه (1/ 482 الباب رقم 14 الحديث رقم 373).
(7)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 483).
(8)
في "السنن"(2/ 72). =