المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التشهد 1 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنِي - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌ ‌التشهد 1 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنِي

‌التشهد

1 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ كَفَّيَ بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرَآنِ: "التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عَبَّادِ الله الصَّالحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسُولُ الله"(1). [صحيح]

زاد في رواية (2) بعد عباد الله الصالحين: "فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ".

2 -

وفي أخرى (3): "ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الثَّناءِ مَا شَاءَ". أخرجه الخمسة، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

قوله: "التشهد".

أي: ذكر شرعيته أو وجوبه، وزاد في الترجمة في "الجامع" (4): والجلوس. وفي "صحيح البخاري"(5): باب سنة الجلوس في التشهد. وسيأتي للمصنف ذكره.

قوله: "عن ابن مسعود".

(1) أخرجه البخاري رقم (6265)، ومسلم رقم (59/ 402)، وأبو داود رقم (969)، والترمذي رقم (289)، والنسائي (2/ 241).

وأخرجه أحمد (1/ 414)، وابن أبي شيبة (1/ 292)، وأبو يعلى رقم (5347)، وأبو عوانة (2/ 228 - 229)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 138). وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجها البخاري في صحيحه رقم (831، 1202، 6328، 7381)، ومسلم رقم (55/ 402).

(3)

أخرجها البخاري في صحيحه رقم (835، 6230)، ومسلم رقم (58/ 402).

(4)

(5/ 395).

(5)

في صحيحه (2/ 305 الباب رقم 145 - مع الفتح).

ص: 384

أقول: في البخاري (1) ذكر سبب التعليم.

قال عبد الله: كنا [43 ب] إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله هو السلام

" الحديث.

وقوله: "فيه فلان وفلان" بينته رواية ابن ماجه (2): "يعنون الملائكة".

قوله: "وكفي بين كفيه" زيادة في العناية بالتحفيظ. وهذا اللفظ ذكره البخاري في "السنن" في الاستئذان (3) لا هنا.

ولفظه في البخاري (4) هنا: "إذا صلى أحدكم فليقل

" واستدل بهذا الأمر على وجوب التشهد، خلافاً لمن لم يقل به كمالك (5)، واستدل لمالك: بأن التسبيح في الركوع والسجود مندوب، وقد وقع الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} (6) قال: "اجعلوها في ركوعكم" (7).

(1) في صحيحه رقم (831)، وأطرافه (835، 1202، 6230، 6328، 7381).

(2)

في "السنن" رقم (899)، وهو حديث صحيح.

(3)

في صحيحه رقم (6230).

(4)

في صحيحه رقم (831).

(5)

انظر: "الاستذكار"(4/ 283).

(6)

سورة الواقعة الآية (74).

(7)

أخرجه أحمد (4/ 155)، وأبو داود رقم (869)، وابن ماجه رقم (8871).

وهو حديث ضعيف، وقد تقدم.

ص: 385

وأجاب الكرماني (1): الأمر حقيقة للوجوب، فيحمل عليه، إلا إذا دل دليل على خلافه، ولولا الإجماع على عدم وجوب التسبيح في الركوع والسجود لحملناه، أي: الأمر بها في قوله: "اجعلوها في ركوعكم" لما نزل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} [الواقعة: 74]

وتعقب قول الكرماني (2): الإجماع؛ بأن الإمام أحمد (3) يقول بوجوبه.

وإذا لم يتم الإجماع فالأصل في الأمرين الوجوب، فيجب التسبيح والتشهد.

قوله: "التحيات" جمع تحية، قيل: معناها السلام. وقيل: الثناء. وقيل: العظمة. وقيل: السلامة من الآفات والنقص. وقيل: الملك.

وهذه كلها لله يختص بها ولا تكمل إلا في صفاته (4).

"والصلوات" قيل: الخمس الفرائض. [44 ب].

وقيل: ما يعمها. والنوافل في كل شريعة. وقيل: العبادات كلها. [458/ أ].

"والطيبات" أي: ما طالب من الكلام وحسن، أن يثنى به على الله دون ما لا يليق بصفاته، مما كان الملوك يحيون به. والمراد: ما في قول الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (5).

وقيل: تفسير الطيبات بما هو أعم من الأقوال والأفعال والأوصاف أولى، وطيبها كونها كاملة خالصة عن الشوائب (6).

(1) في شرحه لصحيح البخاري (5/ 182).

(2)

في شرحه لصحيح البخاري (5/ 182 - 183).

(3)

انظر: "المغني"(2/ 226).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 312).

وقال البغوي في "شرح السنة"(3/ 182): المراد بالتحيات: أنواع التعظيم.

(5)

سورة فاطر الآية (10).

(6)

قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 312).

ص: 386

"السلام": هكذا بالتعريف في جميع روايات حديث ابن مسعود. ووقع في حديث ابن عباس محذوف اللام في رواية (1). وهي للتعريف (2) والعهد، أي: ذلك السلام الذي وجهه الله إلى رسله نحو: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)} (3)، وكذلك في حق كل نبي كما في سورة الصافات (4).

فالمراد ذلك السلام الذي وجهه الله إلى رسله.

"عليك أيها النبي" وهو شامل لقوله: {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (5) إذ هو صلى الله عليه وسلم رأس من اصطفى، والسلام عليه صلى الله عليه وسلم كان معلوماً عندهم، ولذا قالوا: أما السلام فقد

(1) أخرجه النسائي في "المجتبى"(2/ 242)، وفي "السنن الكبرى" رقم (764)، والطبراني في "الكبير" رقم (10996). قال الحافظ في "الفتح" (2/ 213): لم يقع في شيء من طرق حديث ابن مسعود بحذف اللام، وإنما اختلف في ذلك في حديث ابن عباس.

(2)

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (4/ 116): لا خلاف في جواز الأمرين، ولكن بالألف واللام أفضل، وهو الموجود في روايات صحيحي البخاري ومسلم، وأصله النصب وعدل إلى الرفع على الابتداء للدلالة على الدوام والثبات، والتعريف فيه بالألف واللام؛ إما للعهد التقديري، أي: السلام الذي وجه إلى الرسل والأنبياء عليك أيها النبي، أو للجنس أي: السلام المعروف لكل أحد، وهو اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه: التعويذ بالله والتحصن به. أو هو السلام من كل عيب وآفة ونقص وفساد.

انظر: "البحر المحيط"(3/ 97 - 98)، و"معترك الأقران في إعجاز القرآن"(2/ 56 - 57).

(3)

سورة الصافات الآية (78 - 79).

(4)

يشير إلى قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181)} [الصافات: 181].

(5)

سورة النمل الآية (59).

ص: 387

عرفناه، فكيف نصلي عليك .. الحديث. ومعنى قولنا:"السلام عليك"(1) الدعاء، أي: سلمت من المكاره، وقيل غير ذلك. وإنما قال النبي وهو أعم، ولم يقل الرسول وهو أخص؛ للإشارة إلى أنه إذا استحق السلام عليه، وهو متصف بصفة النبوة، فبالأولى مع اتصافه بصفة الرسالة التي هي جزء من النبوة جزء من مسماها.

وقيل: لأنه يأتي وصفه بالرسالة في الشهادة، وقدم الأعم على الأخص.

"ورحمة الله": إحسانه.

"وبركاته": زيادته من كل خير.

"السلام علينا"(2): أخذ منه البداية بالنفس عند الدعاء. [45 ب].

وفي "سنن الترمذي"(3): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا دعا لأحد بدأ بنفسه".

قلت: ويرشد إليه قول نوح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} (4) الآية. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (5).

ويدل حديث: "ابدأ بنفسك"(6) فإنه عام لكل شيء.

(1) قال البيضاوي: علمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر لشرفه ومزيد حقه عليهم، ثم علَّمهم أن يخصوا أنفسهم؛ لأن الاهتمام بها أهم، ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلاماً منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملاً لهم. ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 313).

(2)

انظر التعليقة المتقدمة.

(3)

في "السنن" رقم (3385)، وهو حديث صحيح، وقد تقدم.

(4)

سورة نوح الآية (28).

(5)

سورة الحشر الآية (10).

(6)

تقدم، وهو حديث صحيح.

ص: 388

"وعلى عباد الله" لما كان لفظ عباد الله شاملاً لكل عبد مؤمن وكافر؛ قيده بقوله: "الصالحين"، والمشهور في تفسير الصالح: القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد. وتفاوت درجاتهم.

"أشهد أن لا إله إلا الله" زاد في رواية أبي موسى (1) عند مسلم: "وحده لا شريك له" ووردت هذه الزيادة في حديث ابن مسعود هذا لكن بسند ضعيف (2). وفي "سنن أبي داود"(3)[أنه](4) قال ابن عمر: زدت فيها وحده لا شريك له. وهذا ظاهر أنه موقوف عليه.

"وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" لم تختلف الروايات في حديث ابن مسعود (5) أنه بهذا اللفظ. وكذا في حديث أبي موسى (6) وعائشة (7).

(1) أخرجه مسلم رقم (404)، وأبو داود رقم (972)، والنسائي (2/ 242).

وأخرج هذه الزيادة أبو داود في "السنن" رقم (973)، وابن ماجه رقم (847).

(2)

قاله الحافظ في "الفتح"(2/ 313).

(3)

في "السنن" رقم (971)، وهو حديث صحيح.

وأخرجه الدارقطني في "السنن"(1/ 351)، والبيهقي (2/ 139)، وابن عدي في "الكامل" (2/ 152). وقال الترمذي في "العلل الكبير" (ص 70): سألت محمداً - أي: البخاري - عن هذا الحديث، فقال: روى شعبة عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر. وروى سيف عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود، قال محمد: وهو المحفوظ عندي. قلت: فإنه يُروى عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ويُروى عن ابن عمر عن أبي بكر الصديق، قال: يحتمل هذا وهذا. اهـ

(4)

سقطت من (ب).

(5)

تقدم، وهو حديث صحيح.

(6)

تقدم، وهو حديث صحيح.

(7)

أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده كما في "الخلاصة" للنووي (1/ 433)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 144) بإسناد جيد. =

ص: 389

وفي حديث ابن عباس عند مسلم (1) وأهل السنن (2): "وأشهد أن محمداً رسول الله" ومنهم من حذف: "وأشهد".

قوله: زاد في رواية: "عباد الله الصالحين، فإنكم إذا فعلتم ذلك" لفظ ابن الأثير (3) هكذا، والذي في "صحيح البخاري" (4):"فإنكم إذا قلتموها" أي: كلمة: "وعلى عباد الله الصالحين، فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض" استدل به على أن الجمع المضاف (5)، والمحلى باللام (6) يعم، لقوله أولاً: عباد الله الصالحين، ثم قال: كل عبد صالح. واستدل به على أن للعموم صيغة.

قال ابن دقيق العيد (7): [وهو مقطوع به عندنا في "لسان العرب"، وتصرفات الكتاب والسنة. قال: والاستدلال بهذا فرد من أفراد لا يخص](8).

قوله: "أخرجه الخمسة".

= قلت: بل سنده ضعيف مرفوعاً، وقد صح عن عائشة موقوفاً، أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 91).

(1)

في صحيحه رقم (404).

(2)

أبو داود في "السنن" رقم (972)، والنسائي (2/ 242)، وابن ماجه رقم (901).

(3)

في "الجامع"(5/ 397).

(4)

في صحيحه رقم (731).

(5)

انظر: "البحر المحيط"(3/ 109)، و"إرشاد الفحول"(ص 416) بتحقيقي.

(6)

انظر: "إرشاد الفحول"(ص 413 - 415)، "البحر المحيط"(3/ 72 - 73).

(7)

في "إحكام الأحكام"(ص 408).

(8)

كذا العبارة في المخطوط (أ. ب)، وإليك نصها من "إحكام الأحكام": دليلٌ على أن للعموم صيغة، وأن هذه الصيغة للعموم كما هو مذهب الفقهاء، خلافاً لمن توقف في ذلك من الأصوليين، وهو مقطوع به من لسان العرب، وتصرفات ألفاظ الكتاب والسنة عندنا.

ص: 390

قلت: قال الترمذي (1)[46 ب]: حديث ابن مسعود روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث روي في التشهد. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم. انتهى.

وقال البزار (2) لما سئل عن أصح حديث في التشهد، قال (3): هو عندي حديث ابن مسعود، وروي من نيف وعشرين طريقاً، ثم قال: ولا أعلم في التشهد أثبت منه ولا أصح أسانيد ولا أشهر رجالاً.

قال الحافظ ابن حجر (4): ولا اختلاف بين أهل الحديث في ذلك، وممن جزم بذلك البغوي في "شرح السنة"(5) وذكر مرجحات أخرى، بعدما ذكر من الحكم بأصحيته.

3 -

وفي رواية أبي داود (6): "وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لْيتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ". [صحيح]

4 -

ولأبي داود (7) في أخرى: وَكَانَ يُعَلِّمُنَاهُنَّ - أيْ: هذِهِ الدَّعَوَاتِ - كَمَا يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ: "اللهمَّ أَلَّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْماعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا

(1) في "السنن"(2/ 82).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 213).

(3)

أي الترمذي في "السنن"(2/ 82).

(4)

في "فتح الباري"(2/ 213).

(5)

(3/ 182 - 183).

(6)

في "السنن" رقم (968).

(7)

في "السنن" رقم (969) بإسناد ضعيف.

ص: 391

وَأَزْوَاجِنَا وَذُرَّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثْنِينَ بِهَا قَابِلِيهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا". [إسناده ضعيف]

قوله: "في رواية أبي داود: ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه".

أقول: قال الخطابي (1): فيه دليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست بواجبة في الصلاة، ولو كانت واجبة لم يخل مكانها منها، ويخيره بين ما شاء من الأذكار والأدعية، فلما وكل الأمر في ذلك إلى ما يعجبه منها بطل التعيين. قال (2): وعلى هذا قول جماعة [العلماء](3) إلا الشافعي (4)؛ فإنه قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[459/ أ] في التشهد الأخير واجبة، فإن لم يصل عليه بطلت صلاته.

وقد قال إسحاق بن راهويه (5) نحواً من ذلك أيضاً. ولا أعلم للشافعي [في هذا](6) قدوة.

قال (7): وأصحابه يحتجون له في ذلك بحديث كعب بن عجرة (8).

(1) في "معالم السنن"(1/ 591 - مع السنن).

(2)

أي الخطابي في "معالم السنن"(1/ 591 - مع السنن).

(3)

كذا في (أ. ب)، والذي في "المعالم":"الفقهاء".

(4)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(3/ 449).

(5)

انظر: "المغني"(2/ 233).

(6)

سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من "المعالم".

(7)

قاله الخطابي في "معالم السنن"(1/ 598 - مع السنن).

(8)

أخرجه البخاري رقم (3370)، ومسلم رقم (68/ 406)، والنسائي في "المجتبى"(3/ 47)، وفي "الكبرى" رقم (1211)، وأبو داود رقم (976)، وابن ماجه رقم (904)، والترمذي رقم (483)، وأحمد (4/ 241، 243، 244)، وعبد الرزاق رقم (3105)، والطبراني في "الكبير"(ج 19 رقم 266)، =

ص: 392

وقد رواه أبو داود (1) وساق سند أبي داود أنه قال أو قالوا: يا رسول الله! أمرتنا أن نصلي عليك .. إلى قوله: فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".

قالوا: قوله: "أمرتنا" يدل على وجوبه؛ لأن الأمر لازم، وطاعته واجبة. وقوله:"قولوا" أمر ثان.

قالوا: وقد قال الله: {صَلُّوا عَلَيْهِ} (2) الآية. فكان ذلك منصرفاً إلى الصلاة؛ لأنه إن صرف إلى غيرها عاد ندباً، كان صرف إليها كان فرضاً، إذ لا خلاف [47 ب] أن الصلاة عليه غير واجبة في غير الصلاة، فدل على وجوبها فىِ الصلاة. انتهى كلام الخطابي.

واعلم: أنه قد وسع القول في وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة: العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على سيد الأنام"(3) فقال بعد كلام الشافعي، فقال: إن ابن مسعود وابن عمر وأبو مسعود من الصحابة، والشعبي وابن [حيان] (4) وجعفر بن محمد وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد في آخر قوليه: يوجبون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد، وأطال المقام ووسع الاستدلال ورد أدلة المخالفين بما لم يبق لخلاف الإيجاب مجال.

= والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" رقم (2233)، وعبد بن حميد رقم (368)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (681). وهو حديث صحيح.

(1)

في "السنن" رقم (976)، وهو حديث صحيح، وقد تقدم.

(2)

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56].

(3)

(ص 390).

(4)

في (ب): "حبان".

ص: 393

قال (1): أما عبد الله بن مسعود (2)؛ فإنه كان يقول: لا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها. ذكره ابن عبد البر (3). ثم ذكر نسبة أقوال من ذكرهم، وكلامه واسع، وإنما نبهت بنقل ما قاله؛ لأنه أوهم كلام الخطابي أن قول جماعة العلماء أنها غير واجبة في الصلاة إلا الشافعي وحده، هذا ثم قال الخطابي (4): واختلفوا في التشهد هل واجب أم لا؟

فروي عن عمر بن الخطاب (5) أنه كان يقول: "من لم يتشهد فلا صلاة له" وبه قال الحسن البصري، وإليه ذهب الشافعي (6)، ومذهب مالك (7) قريب منه.

وقال الزهري وقتادة وحماد: إن ترك التشهد حتى انصرف مضت صلاته (8).

وقال أبو حنيفة (9) وأصحابه: التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحب غير واجب، والقعود قدر التشهد واجب. انتهى.

وفي "نهاية المجتهد"(10) بعد ذكر الخلاف في إيجاب التشهد وعدمه ما لفظه:

(1) ابن القيم في "جلاء الأفهام"(ص 394).

(2)

انظر: "الشفاء" للقاضي عياض (1/ 247)، "الحاوي الكبير"(2/ 179).

(3)

في "التمهيد"(16/ 194) وهو عنده لأبي مسعود، وليس لابن مسعود.

(4)

في "معالم السنن"(1/ 598 - مع السنن).

(5)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم (3067 - 3069)، ومالك في "الموطأ"(1/ 90)، وابن أبي شيبة (1/ 293)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 261)، والحاكم (1/ 266)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 142) بإسناد صحيح.

(6)

"المجموع شرح المهذب"(3/ 449).

(7)

"التمهيد"(16/ 194).

(8)

"فتح الباري"(11/ 153)، "المغني"(2/ 233).

(9)

"البناية في شرح الهداية"(2/ 319).

(10)

"بداية المجتهد ونهاية المقتصد"(1/ 316 - 317) بتحقيقي.

ص: 394

وسبب اختلافهم معارضة القياس لظاهر [الأثر](1)، وذلك أن القياس يقتضي إلحاقه بسائر الأذكار التي ليست بواجبة في الصلاة لاتفاقهم على وجوب القراءة، وأن التشهد ليس بقرآن، فيجب. وحديث ابن عباس (2) أنه صلى الله عليه وسلم[48 ب] كان يعلمنا التشهد كما يعلم السورة من القرآن، يقتضي وجوبه مع أن الأصل عند هؤلاء أن أفعاله وأقواله في الصلاة يجب أن تكون محمولة على الوجوب حتى يدل الدليل على خلاف ذلك، والأصل عند غيرهم على خلاف هذا، وهو إنما ثبت وجوبه في الصلاة مما اتفق عليه أو صرح بوجوبه، فلا يجب أن يلحق به إلا ما صرح به ونص عليه. وهما كما ترى أصلان متعارضان. انتهى كلامه.

قلت: القول بأن كل ما فعله صلى الله عليه وسلم أو قاله في صلاته للوجوب هو الأقوى؛ لأنهما بيان لمجمل الصلاة المأمور بها في القرآن، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(3) فما صح فعله فيها أو قوله فهو واجب حتى يقوم الدليل على خلافه.

5 -

وله (4) في رواية أخرى بعد: وأشهد أن محمداً رسُولُ الله: إِذَا قُلتَ هَذَا أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ. [إسناده صحيح]

(1) كذا في (أ. ب)، والذي في "بداية المجتهد":"الآثار".

(2)

أخرجه مسلم رقم (60/ 403)، وأبو داود رقم (974)، والترمذي رقم (290)، والنسائي (2/ 242)، وابن ماجه رقم (900)، والدارقطني (1/ 350 رقم 2)، والبيهقي (2/ 140)، والشافعي في "ترتيب المسند"(1/ 97 رقم 276).

وهو حديث صحيح.

(3)

تقدم، وهو حديث صحيح.

(4)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (970). =

ص: 395

قوله: "إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد".

أقول: من أدلة القائلين أنها لا تجب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد، لكن قال ابن القيم في كتابه المذكور (1): أن هذه الزيادة مدرجة في الحديث ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك الأئمة الحفاظ.

قال الدارقطني في كتاب "العلل"(2): رواه الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن عبد الله ثم أبان أن قوله: "إذا قضيت هذا

" إلى آخره من كلام ابن مسعود، وأبان الدليل على ذلك.

وقال المنذري في "مختصر السنن"(3): قال أبو بكر الخطيب (4): قائل: "فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك" وما بعده؛ ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول ابن مسعود أدرج في الحديث. وقد بينه شَبَابةُ بن سوَّار في روايته عن زهير بن معاوية، وفصل كلام ابن مسعود عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحرِّ مفصلاً مبيناً.

= وأخرجه أحمد (1/ 422)، والدارمي (1/ 309)، والطيالسي رقم (275)، وابن حبان رقم (1961)، والدارقطني في "السنن"(1/ 353)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 275)، و"المشكل"(9/ رقم 3799، 3800)، والطبراني في "الكبير" رقم (9925) بإسناد صحيح.

(1)

"جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام"(ص 404).

(2)

رقم (766).

(3)

(1/ 450).

(4)

في "الفصل والوصل"(1/ 103 - 104).

ص: 396

قال الخطابي (1): قد اختلفوا في هذا الكلام، هل هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول ابن مسعود؟ فإن صح مرفوعاً ففيه دلالة على أن [49 ب] الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتشهد غير واجبة. [460/ أ].

وقوله: "قد قضيت صلاتك" أي: معظم صلاتك من القرآن والذكر والخفض والرفع، وأنه بقي عليك الخروج بالسلام إذا كان القيام إنما يقع عقبه، ولا يجوز أن يقوم بغير تسليم؛ لأنها تبطل صلاته، لقوله صلى الله عليه وسلم:"تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" انتهى كلام المنذري (2).

6 -

وفي أخرى للنسائي (3): كُنَّا إذَا صَلّيْنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى الله، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لَا تَقُولُوا السَّلَامُ، عَلَى الله، فَإِنَّ الله هُوَ السَّلَامُ، وَلَكِنْ قُولُوا التَّحِيَّاتُ" الحديث. [صحيح دون] قوله: "وحده لا شريك له" فالزيادة شاذة.

قوله: "لا تقولوا السلام على الله".

أقول: نهاهم عن السلام على الله تعالى؛ لأنه دعاء بالسلامة من المكاره، وهو مالك ذلك كله ومعطيه والمدعو، فكيف يدعى له؟ ولم ينههم عن السلام على جبريل وميكائيل، بل أرشدهم إلى ما يعم المذكورين وغيرهم بقوله:"وعلى عباد الله الصالحين" وقال: إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض. وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم.

7 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرآنَ، فكَانَ يَقُولُ: "التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ للهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ

(1) في "معالم السنن"(1/ 593 - مع السنن).

(2)

في مختصره (1/ 450 - 451).

(3)

في "السنن" رقم (1168).

قال الألباني: شاذ بزيادة: "وحده لا شريك له".

ص: 397

وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَاّ الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله". أخرجه الخمسة (1) إلا البخاري، وهذا لفظ مسلم. [صحيح]

8 -

وعند الترمذي (2): "سَلَامٌ عَلَيْكَ، سَلَامٌ عَلَيْنَا بِغَيْرِ ألفٍ وَلَامٍ". [صحيح]

9 -

وللنسائي (3) عن أبي موسى رضي الله عنه: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَاّ الله وَحْدَهُ لَا شَريك لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله". [صحيح]

10 -

وله في أخرى (4) عن جابر رضي الله عنه قال: "يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ القُرآنِ، بِسْمِ الله وَبِالله التَّحِيَّاتُ". وذكر الحديث. [ضعيف]

وفيه: بَعْدَ عَبدُهُ وَرَسُولُهُ: أَسْأَلُ الله الجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ.

11 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ: "التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيَّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا: وَبَرَكَاتُهُ. "السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَاّ الله". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. "وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". أخرجه مالك (5) وأبو داود (6) واللفظ له. [صحيح]

(1) أخرجه مسلم رقم (60/ 403)، وأبو داود رقم (974)، والترمذي رقم (290)، والنسائي في "المجتبى"(2/ 242)، وفي "الكبرى" رقم (764)، وابن ماجه رقم (900).

وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (290)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (1173)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "السنن" رقم (1175)، وهو حديث ضعيف.

(5)

في "السنن" رقم (971)، وهو حديث صحيح.

(6)

في "الموطأ"(1/ 91).

ص: 398

قوله في حديث ابن عباس: "يعلِّمنا التشهد".

أقول: قال البيهقي (1): لا شك أن هذا التشهد الذي علَّمه صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وأقرانه [لا شك في كونه](2) بعد التشهد الذي علَّمه صلى الله عليه وسلم ابن مسعود وأضرابه.

واعلم: أن التشهد قد روي من وجوه كثيرة عن ابن مسعود وعن ابن عباس وعن جابر وعن ابن عمر وعائشة، وهذه الروايات ذكرها المصنف وألفاظها متقاربة، إلا أنه اتفق أهل الحديث على ترجيح حديث ابن مسعود. هذا الذي ذكره المصنف أولاً وقال (3): إنه أصح حديث روي في التشهد؛ لأنه روي عنه من نيف وعشرين طريقاً. وهو أصح الأحاديث إسناداً [50 ب] وأشهرها رجالاً؛ لأنه متفق عليه دون غيره، ولأن الرواة عنه من الثقات لم يختلفوا في ألفاظه بخلاف غيره وأنه تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم تلقيناً كما ثبت من طرق، ولثبوت الواو في الصلوات والطيبات؛ ولأنه ورد بصيغة الأمر بخلاف غيره، فإنه مجرد حكاية، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه إياه وأمره أن يعلمه الناس. أخرجه أحمد. ولم ينقل ذلك في غيره، ففيه دليل على مزيته.

قلت: ومما يرجحه أنه قال الترمذي في "السنن"(4): حدثنا أحمد بن محمد بن موسى حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن خصيف قال: رأيت [رسول الله صلى الله عليه وسلم](5) في المنام، فقلت: يا رسول الله! إن الناس قد اختلفوا في التشهد. فقال: عليك بتشهد ابن مسعود. انتهى بلفظه.

(1) في "السنن"(2/ 140).

(2)

سقطت من (أ. ب)، وأثبتناها من "سنن البيهقي".

(3)

انظر: في "السنن الكبرى"(2/ 138 - 140)، "التلخيص"(1/ 475 - 488).

(4)

في "السنن" رقم (289).

(5)

كذا في (أ. ب)، والذي في "السنن":"النبي صلى الله عليه وسلم".

ص: 399

ورجح الشافعي (1) حديث (2) ابن عباس؛ لأنه أجمع، ففيه زيادة المباركات وهو موافق للفظ القرآن، وفي تشهد ابن عمر:"الزاكيات"(3) بدل "المباركات".

قال الشافعي (4): وقد سئل عن اختياره تشهد ابن عباس لما رأيته واسعاً وسمعته عن ابن عباس صحيحاً، كان عندي أجمع وأكثر لفظاً من غيره فأخذت به غير معنف لمن أخذ بغيره، واختار مالك (5) وأصحابه تشهد عمر لكونه علمه الناس وهو على المنبر فلم ينكروه فيكون إجماعاً.

قلت: وفيه تأمل؛ لأنه يكثر في مثل ذلك.

12 -

وفي "الموطأ"(6): أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَتَشَهَّدُ: بِسْمِ الله التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ للهِ، الزَّاكِيَاتُ للهِ، السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ الله وَبرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ

(1) انظر: "الأم"(2/ 269)، و"المجموع شرح المهذب"(3/ 439).

(2)

تقدم، وهو حديث صحيح.

(3)

عن عمر بن الخطاب، أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 90 رقم 53)، والشافعي في "المسند" رقم (275 - ترتيب)، وفي "الرسالة"(ص 738)، والحاكم (1/ 266)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 144) عن عبد الرحمن بن عبد القاريّ: أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد، يقول: قولوا: التحيات لله، الزّاكيات لله

وهو أثر موقوف صحيح.

قال الدارقطني في "العلل"(2/ 82 - 83 س 125): لم يختلفوا في أنه موقوف عليه.

وعن ابن عمر أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 91 رقم 54) وهو موقوف صحيح.

عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول: باسم الله التحيات الله، الصلوات لله، الزَّاكيات لله

(4)

"الأم"(2/ 269)، و"الرسالة"(ص 738)، "المجموع شرح المهذب"(3/ 439).

(5)

انظر: "قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية" لابن جزي (ص 80)، "المدونة"(1/ 143)، "الاستذكار"(4/ 274).

(6)

في "الموطأ"(1/ 91 رقم 54)، وهو أثر موقوف صحيح.

ص: 400

الله الصَّالحِينَ، شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَشَهِدْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، يَقُولُ هَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وَيَدْعُو إِذَا قَضَى ثَشَهُّدَهُ، فَإِذَا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ تَشَهَّدَ كَذَلِكَ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ يُقَدَّمُ التَّشَهُّدَ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا بَدَا لَهُ، وإِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ قَالَ: السَّلَامُ عَلَى النَبِيِّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَليْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحينَ، ثُمَّ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى الإِمَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عَنْ يَسَارِهِ رَدَّ عَلَيْهِ. [موقوف صحيح]

زاد رزين قال: إنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم أمَرَهُ بِذلِكَ.

13 -

ولمالك (1) في أخرى عن القاسم بن محمد: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَقُولُ إِذَا تَشَهَّدَتْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيَّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ الزَّاكِيَاتُ للهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرحْمةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَليْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالحِينَ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. [موقوف صحيح]

قوله: "أن ابن عمر كان يتشهد: باسم الله".

أقول: هذا في "الموطأ"(2) عن ابن عمر موقوف. ووقع أيضاً في حديث جابر (3) المرفوع، تفرد به أيمن بن نابل، بالنون ثم الموحدة، عن أبي الزبير عنه، وحكم الحفاظ البخاري (4)

(1) في "الموطأ"(1/ 91 رقم 55)، وهو أثر موقوف صحيح.

(2)

(1/ 91 رقم 54).

(3)

أخرجه النسائي في "السنن" رقم (1175، 1281)، وابن ماجه رقم (902)، والترمذي في "العلل الكبير" رقم (105)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 267).

وهو حديث ضعيف.

(4)

ذكره الحافظ في "التلخيص"(1/ 478).

ص: 401

[51 ب] وغيره أنه أخطأ في إسناده. وأن الصواب رواية أبي الزبير عن طاووس وغيره عن ابن عباس، قال الحافظ ابن حجر (1): وفي الجملة لم يصح عنده. يريد البخاري الزيادة.

وقد ترجم البيهقي (2) عليها من استحب وأباح التسمية قبل التحية، وهو وجه لبعض الشافعية وضعف.

ويدل على عدم اعتبارها: أنه ثبت في حديث أبي موسى (3) المرفوع وغيره: "فإذا قعد أحدكم فليكن أول قوله: التحيات لله

" الحديث.

[كذا](4) رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بسنده، وأخرج مسلم من طريق عبد الرزاق هذه، وقد أنكر ابن عباس وابن مسعود وغيرهما على من رواها، أخرجه البيهقي (5) وغيره، ونقل بعض العلماء (6) الاتفاق على جواز التشهد بكل ما ثبت.

وذهب ابن خزيمة (7) إلى عدم الترجيح، أي: وإن بأيها أخذ فقد أحسن، وقد قدمنا الخلاف في وجوب التشهد، والأدلة قاضية بإيجابه، كما عرفت من الأمر به. والأمر بتعليم الناس إياه وتعليم عمر لهم وهو على المنبر.

(1) انظر: "التلخيص الحبير"(1/ 478 - 479).

(2)

في "السنن الكبرى"(2/ 141 الباب رقم 249).

(3)

تقدم، وهو حديث صحيح.

(4)

في (ب): "لذا"، وما أثبتناه من (أ) و"الفتح"(2/ 316).

(5)

في "السنن الكبرى"(2/ 143).

(6)

انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 116)، "المغني"(2/ 226)، "فتح الباري"(2/ 316).

(7)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 316).

ص: 402

وأما قول الشافعي (1): لو لم يزد الرجل على قول: "التحيات لله، سلام عليك أيها النبي" إلى آخره؛ كرهت له ذلك، ولم أر عليه إعادة. فلا يظهر وجه لتفرقة بين ألفاظه، بعد قوله: إنه فرض.

قوله في حديث ابن عمر (2): "يقول هذا في الركعتين الأوليتين".

أقول: هذا هو التشهد الأوسط في الرباعية والثلاثية [52 ب]، واختلف في وجوبه؛ فالأكثر أنه غير واجب، والظاهر وجوبه؛ لحديث:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(3)، وأنه إذا نسيه المصلي [جبر](4) سجود السهو كما يأتي.

وقوله: "ويدعو إذا قضى تشهد" عام في التشهدين. قال ابن دقيق العيد (5): المختار أن يدعو في التشهد الأول كما يدعو في التشهد الأخير، لعموم الحديث الصحيح (6):"إذا تشهد أحدكم فليتعوذ بالله من أربع" وتعقب بأنه فىِ الصحيح عن أبي هريرة بلفظ: "إذا فرغ أحدكم من التشهد"(7) يريد الأخير.

(1) في "الأم"(2/ 269 - 270).

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

تقدم مراراً، وهو حديث صحيح.

(4)

في (ب): "أجبره".

(5)

في "إحكام الأحكام"(ص 415).

(6)

أخرجه مسلم في صحيحه رقم (588).

(7)

أخرجه مسلم رقم (30/ 588)، وأحمد (2/ 237)، والنسائي (3/ 58)، وابن ماجه رقم (909)، وأبو داود رقم (983)، وابن خزيمة رقم (721)، وابن حبان رقم (1967)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (693)، وأبو عوانة (2/ 235)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 154) من طرق.

وهو حديث صحيح.

ص: 403

وعقد البخاري (1) ترجمة في الصحيح فقال: باب الدعاء قبل السلام، أي: بعد التشهد هذا الذي يتبادر من ترتيبه. وقد ورد تعيين محله في حديث ابن مسعود في بعض طرقه: "ثم ليتخير من الدعاء ما شاء"، ثم ذكر حديث عائشة (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة:"اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم". وقد تقدم للمصنف في كتاب الدعاء عن ابن عباس بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعد التشهد: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" ونسبه إلى أبي داود (3).

واعلم: أن لفظ "الموطأ"(4) بعد قوله: "بما بدا له" فإذا جلس في آخر صلاته تشهد كذلك أيضاً إلا أنه يقدم التشهد، ثم يدعو بما بدا له، فإذا قضى تشهده وأراد أن يسلم؛ قال: السلام على النبي، إلى آخر ما هنا.

وهذا ساقط في "الجامع"(5) وأسقطه المصنف تبعاً له، ولا أدري ما وجه إسقاطه.

(1) في صحيحه (2/ 317 الباب رقم 149 - مع الفتح).

(2)

أخرجه البخاري رقم (932 و2397)، ومسلم رقم (589)، وأحمد (6/ 88 - 89)، وأبو داود رقم (880)، والنسائي (3/ 56 - 57)، والترمذي رقم (3495)، وابن حبان رقم (1968)، وعبد بن حميد رقم (1472)، وابن أبي عاصم في "السنة" رقم (871)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (691)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 154).

وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (984) بإسناد حسن.

(4)

في "الموطأ"(1/ 91 رقم 54)، وهو أثر موقوف صحيح، وقد تقدم.

(5)

(5/ 395 - 401).

ص: 404

وقوله: لا أنه يقدم التشهد كأنه يريد على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عباد الله الصالحين، ولهذا قال: وإذا قضى [53 ب] تشهده وأراد أن يسلم قال: السلام على النبي إلى آخره.

وقوله: السلام عليكم عن يمينه، هو حال الخروج وهو السلام المراد في حديث:"وتحليلها التسليم"(1).

وقوله: "ثم يرد على الإمام" كأنه يريد: ينوي الرد عليه، فإن سلم عليه أحد عن يساره [يرد](2) عليه. ظاهره أنه لم يكن عن يساره أحد؛ لأنه ما سلم إلا عن يمينه فقط، وذلك إذا كان هو والإمام فقط لم ينضم إليهما أحد. [461/ أ].

14 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّهُ كانَ يَقُولُ: "مِنَ السُّنَّةِ إِخفَاءُ التَّشَهُّدَ". أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح]

قوله في حديث ابن مسعود: "من السنة إخفاء التشهد".

قوله: "أخرجه الترمذي"(5).

قلت: بلفظ: "من السنة أن يخفي التشهد" وكذا لفظه في "سنن أبي داود".

(1) أخرجه أحمد (3/ 123)، وأبو داود رقم (61، 618)، وابن ماجه رقم (275)، والترمذي رقم (3) عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم".

وهو حديث حسن.

(2)

كذا في الشرح والذي في المتن: "ردَّ".

(3)

في "السنن" رقم (986).

(4)

في "السنن" رقم (291)، وهو حديث صحيح.

(5)

في "السنن" رقم (291)، وهو حديث صحيح.

ص: 405