المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدار الركوع والسجود - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٥

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الصاد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌القسم الأول في الفرائض

- ‌الباب الأول: في فضل الصلاة

- ‌الباب الثاني: في وجوب الصلاة أداء وقضاء

- ‌الباب الثالث: في المواقيت

- ‌(وقت الفجر)

- ‌(وقت الظهر)

- ‌(وقت العصر)

- ‌[وقت المغرب]

- ‌(الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر)

- ‌أوقات الكراهة

- ‌الباب الرابع: في الأذان والإقامة وفيه فروع

- ‌الفرع الأول: في فضله

- ‌الفرع الثاني: في بدئه

- ‌الفرع الثالث: في أحكام تتعلق بالأذان والإقامة

- ‌فصل في استقبال القبلة

- ‌الباب الخامس: في كيفية الصلاة وأركانها

- ‌القراءة

- ‌القراءة بفاتحة الكتاب

- ‌فضلها

- ‌السورة

- ‌صلاة الظهر والعصر

- ‌القراءة في المغرب

- ‌صلاة المغرب

- ‌القراءة في صلاة العشاء [6 ب]

- ‌الجهر

- ‌الاعتدال

- ‌مقدار الركوع والسجود

- ‌هيئة الركوع والسجود

- ‌أعضاء السجود

- ‌القنوت

- ‌التشهد

- ‌[الجلوس]

- ‌السلام

- ‌أحاديث جامعة لأوصاف من أعمال الصلاة

- ‌في طول الصلاة وقصرها

- ‌شرائط الصلاة وهي ثمانية

- ‌أحدها: طهارة الحدث:

- ‌ثانيها: طهارة اللباس:

- ‌ثالثها: سترة العورة:

- ‌رابعها: أمكنة الصلاة وما يصلى فيه:

- ‌خامسها: ترك الكلام:

- ‌سادسها: ترك الأفعال:

- ‌سابعها: قبلة المصلي:

- ‌ثامنها: في أحاديث متفرقة:

- ‌حمل الصغير

- ‌من نعس في الصلاة

- ‌عقص الشعر

- ‌مدافعة الأخبثين

- ‌فصل في السجدات

- ‌سجود السهو

- ‌سُجُودُ التِّلَاوَةِ

- ‌[(تَفْصِيْلُ سُجُودِ القُرْآن)]

- ‌سُجُودُ الشُّكْر

- ‌الباب السادس: في صلاة الجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌(الفصل الثاني: في وجوبها والمحافظة عليها)

- ‌(الفصل الثالث: في تركها للعذر)

- ‌(الفصل الرابع: في صفة الإمام)

- ‌الفصل الخامس: عقده لأربعة: أحكام المأموم، وترتيب الصفوف، وشرائط الاقتداء، وآداب المأموم

- ‌الباب السابع: في صلاة الجمعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها ووجوبها وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في الوقت والنداء

- ‌الفصل الثالث: في الخطبة وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع: في القراءة في الصلاة والخطبة

- ‌الفصل الخامس: في آداب الدخول في الجامع والجلوس فيه

- ‌الباب الثامن: في صلاة المسافر

- ‌الفصل الأول: في القصر

- ‌الفصل الثاني: في الجمع بين الصلاتين

- ‌الفصل الثالث: في صلاة النوافل في السفر

- ‌القسم الثاني: من كتاب الصلاة في النوافل

- ‌الباب الأول: في النوافل المقرونة بالأوقات

- ‌الفصل الأول: في رواتب الفرائض الخمس والجمعة

- ‌(راتبة الظهر)

- ‌(راتبة العصر)

- ‌(راتبة المغرب)

- ‌(راتبة العشاء)

- ‌(راتبة الجمعة)

- ‌(الفصل الثاني: في صلاة الوتر)

الفصل: ‌مقدار الركوع والسجود

ذكره ناصر الدين بن المنير (1) في الحاشية، ولم تتفق (2) الروايات عن أبي حميد على نفي هذه الجلسة كما يفهمه صنيع الطحاوي، بل أخرجه أبو داود عنه أيضاً من وجه آخر بإثباتها.

وأما قول بعضهم: لو كانت سنة [لوصفها](3) كل من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم، وإنما فعلها للحاجة؛ ففيه نظر؛ فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف، إنما أخذ مجموعها من مجموعهم.

‌مقدار الركوع والسجود

1 -

عن سعيد بن جبير قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا الفَتَى - يَعْني عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ - قَالَ: فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَفي سُجُودِهِ مِثْلَهُ". أخرجه أبو داود (4) والنسائي (5). [ضعيف]

مقدار الركوع والسجود

أي: مقدار بقاء الراكع راكعاً، والساجد ساجداً.

قوله: "وعن أبي جبير" يريد سعيد المعروف.

قوله: "فحزرنا"(6) بالحاء المهملة فزاي: قدرنا مقدار بقائه راكعاً، ومقدار بقائه ساجداً، كل بقاء منهما قدر قول عشر تسبيحات، واقتصروا على حزر قدر الركوع والسجود فقط دون

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 302).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 302).

(3)

كذا في (أ. ب)، والذي في "الفتح" (2/ 302):"لذكرها".

(4)

في "السنن" رقم (888).

(5)

في "السنن" رقم (1135). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(6)

في "السنن" رقم (885). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 334

القيام والاعتدال بعد الركوع وبعد السجود؛ لأن الظاهر أن الإساءة [18 ب] وقعت من العامة بعده صلى الله عليه وسلم في تخفيف هذين الركنين.

2 -

وعن السعدي عن أبيه عن عمه قال: رَمَقْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ، فَكَانَ يَتَمَكَّنَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودَهَ قَدْرَ مَا يَقُولَ:"سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ" ثَلَاثًا. أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]

قوله: "وعن السعدي".

أقول: قال ابن الأثير (2): منسوب إلى سعد بن زيد مناة بن تميم، منهم الأحنف بن قيس ورهطه، وإلى سعد بن هزيم بن زيد. وقد تقدم النسب وإلى سعد العشيرة من مذحج، وإنما قيل له سعد العشيرة؛ لأنه كان يركب في ثلاثمائة من ولده، وولد ولده.

فإن قيل: من هؤلاء؟ قال: عشيرتي لمخافة العين عليهم. وإلى سعد بن بكر بن هوازن بطن منهم. انتهى.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال الحافظ المنذري في "مختصر السنن"(3): السعدي مجهول.

قلت: وقوله: عن أبيه أو عمه شك. وهما مجهولان، لا أن حديث (4) ابن مسعود مرفوعاً:"إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم" وذلك أدناه، ومثله في السجود بلفظ:"ربي الأعلى" يشهد لحديث السعدي.

(1) في "السنن" رقم (885) وهو حديث ضعيف.

(2)

في "تتمة جامع الأصول"(1/ 493 - قسم التراجم).

(3)

(1/ 422).

(4)

في "السنن" رقم (886).

وأخرجه الترمذي رقم (261)، وابن ماجه رقم (890). وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 335

وحديث ابن مسعود: أخرجه أبو داود (1)، ثم قال: إنه مرسل، عون لم يدرك عبد الله. يريد عون بن عبد الله رواية عن ابن مسعود.

3 -

وعن غُندر قال: غَلَبَ عَلَى الكُوفَةِ زَمَنَ ابْنِ الأَشْعَثِ مَطَرُ بنُ نَاجِيةَ، فَأَمَرَ أَبَا عُبَيْدَةَ ابْنَ عَبْدِ الله أَنْ يُصَلَّيَ بِالنَّاسِ، فَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَامَ قَدْرَ مَا أَقُولُ: اللهمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّناءِ وَالمَجْدِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ.

قَالَ الحَكَمُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ. قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ؛ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَلَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ هَكَذَا. أخرجه الخمسة (2). [صحيح]

4 -

وفي أخرى للشيخين (3) قال: "كَانَ رُكُوعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، مَا خَلَا القِيَامَ وَالقُعُودَ، قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ". [صحيح]

قوله: "عن غُنْدَر"(4).

(1) في "السنن" رقم (886).

وأخرجه الترمذي رقم (261)، وابن ماجه رقم (890).

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

أخرجه البخاري رقم (792، 801، 820)، ومسلم رقم (194/ 471)، وأبو داود رقم (852)، والترمذي رقم (279)، والنسائي رقم (1065، 1148، 1332).

وهو حديث صحيح.

(3)

البخاري في صحيحه رقم (792)، ومسلم رقم (471).

(4)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 764 - قسم التراجم). =

ص: 336

أقول: بضم الغين المعجمة، وسكون النون فدال مهملة مفتوحة فراء، وهو لقب لمحمد بن جعفر البصري أبي بكر، وسبب تلقيبه بذلك: أن ابن جريج قدم البصرة فحدثه بحديث عن الحسن البصري، فأنكروا عليه وشغبوا، وكان محمد بن جعفر ممن شغب عليه، فقال: اسكت يا غندر،

وأهل الحجاز يسمون المشغب غندراً.

قوله: "زمن ابن الأشعث".

أقول: هو محمد (1) بن الأشعث بن قيس الكندي، عداده [19 ب] في الكوفيين، سمع عائشة، روى عنه الشعبي وسليمان بن يسار والزهري.

ومحمد بن الأشعث هو الذي خرج على عبد الملك بن مروان، وتولى قتاله الحجاج، واتفقت بينهما فتن عظيمة آلى أمرها إلى هلاك ابن الأشعث.

وقوله: "مطر بن ناجية"(2) بفتح الميم وسكون الطاء فراء.

وناجية: بالنون فجيم بعد الألف فمثناة تحتية هو: مطر بن ناجية اليربوعي، الذي غلب على الكوفة من قبل ابن الأشعث أيام عبد الملك بن مروان، وأخرج منها عامل الحجاج ابن يوسف.

قوله: "فأمر" أي: مطر بن ناجية. "أبا عبيدة بن عبد الله" هو ابن مسعود أن يصلي بالناس.

قوله: "قدر ما

" الحديث.

= وانظر: "التقريب"(2/ 151 رقم 108)، "ميزان الاعتدال"(3/ 502 رقم 7324).

(1)

انظر: "ميزان الاعتدال"(3/ 486 رقم 7248).

(2)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 905 - قسم التراجم).

ص: 337

أقول: قد ورد مرفوعاً عنه صلى الله عليه وسلم هذا اللفظ في "سنن أبي داود"(1) وغيره (2)، أخرجه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول: "سمع الله لمن حمده: اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت" زاد محمود: "ولا معطي لما منعت" ثم اتفقا: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد".

وأخرجه (3) عن ابن أبي أوفى إلى قوله: "وملء ما شئت من شيء بعد".

فالعجب من ابن الأثير، وأما المصنف فهو ناقل عنه [450/ أ] في إثباته هذا الحديث المرسل، وأنه قدر ما قاله الإمام بما ذكره من الدعاء تقديراً. وهذا الحديث المرفوع مصرح بأن هذا الدعاء كان يقوله صلى الله عليه وسلم في عقب ركوعه بلفظه وزيادة. فكيف يعدل ابن الأثير عن المرفوع إلى حديث مرسل؟ قال [20 ب] راويه: الدعاء تقديراً.

قوله: "قال الحكم".

أقول: في "رابع الجامع"(4): أربعة كل منهم يسمى الحكم، إلا أن أحدهم صحابي فليس بالمراد هنا. واثنان تابعيان لا أدري أيهما أراد الراوي، ثم رأيته صرح به في "فتح الباري" (5) فقال: الحكم هو ابن عتيبة.

(1) في "السنن" رقم (852)، وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (847).

وأخرجه مسلم رقم (477)، والنسائي رقم (1068)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (846).

وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (476)، وابن ماجه رقم (878)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "تتمة جامع الأصول"(1/ 316 - 317).

(5)

(2/ 276).

ص: 338

وليس في "الجامع": الحكم بن عتيبة. وضبط في "التقريب"(1): عتيبة بالمثناة ثم موحدة مصغراً، وعليه رمز الستة أنهم رووا له.

قوله: "لعبد الرحمن بن أبي ليلى".

أقول: هو أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى (2)، واسم أبي ليلى: يسار، ويقال: داود بن بلال (3)، ولد لست سنين بقيت من خلافة عمر، وحديثه في الكوفيين، سمع أباه، وعلي بن أبي طالب عليه السلام وعثمان بن عفان، وآخرين منهم: البراء بن عازب وحذيفة.

قوله: "سمعت البراء" أي: ابن عازب الصحابي الجليل، تقدم ذكره وضبطه.

قوله: "ما خلا القيام والقعود" بالنصب فيهما قيل: أراد بالقيام: الاعتدال، وبالقعود: بين السجدتين. وتمسك به من قال: إنهما لا يطولان.

ورده ابن القيم (4) في كلامه على حاشية السنن فقال: هذا سوء فهم من قائله؛ لأنه قد ذكرهما بعينهما، فكيف يستثنيهما؟ وهل يحسن قول القائل: جاء زيد وعمر وبكر وخالد إلا زيداً وعمراً؟ فإنه متى أراد نفي المجيء عنهما كان تناقضاً. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر (5): وتعقب بأن المراد إدخالها في الطمأنينة، وباستثناء بعضها إخراج المستثنى من المساواة. انتهى.

(1)(1/ 192 رقم 494).

(2)

قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(2/ 647 - 648 - قسم التراجم).

(3)

في "تتمة جامع الأصول": داود بن بلال بن أحيحة بن الجلاح الأنصاري.

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 276).

(5)

في "فتح الباري"(2/ 276).

ص: 339

قلت: الطمأنينة لم تذكر في حديث البراء (1)، والذي يظهر لي أن قوله:"ما خلا القيام" أي: قيامه حال القراءة والقعود: قعوده للتشهد الأخير، فإنه كان يطيلها لطول ذكرهما. القراءة ودعاء التشهد.

فقوله: "قريباً من السواء" أي: فيما عداهما، فهما أطول من سائر الأركان بخلاف [21 ب] الركوع والاعتدال بعده، والسجود والاعتدال بين السجدتين.

فالتقريب بينهما في السواية، ويدل لذلك رواية النسائي (2) والترمذي (3) بلفظ:"كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود؛ قريباً من السواء" انتهى.

وقال الترمذي (4): حسن صحيح. فصرح بمحلات التسوية ولم يستثن القيام والقعود لعدم دخولهما فيما ذكره.

وفي لفظ للبخاري (5) عن البراء أيضاً: "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وإذا رفع من الركوع وبن السجدتين قريباً من السواء" والرواية التي فيها [زيادة](6): "ما خلا القيام والقعود" هي (7) بلفظ: "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من

(1) تقدم تخريجه، وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن" رقم (1065، 1148، 1332).

(3)

في "السنن" رقم (279). وهو حديث صحيح، وقد تقدم.

(4)

في "السنن"(2/ 69).

(5)

في صحيحه رقم (801).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

أخرجها البخاري رقم (792)، وقد تقدم تخريجها.

ص: 340

الركوع ما خلا القيام والقعود قريباً من السواء" فيكون قوله: "ما خلا القيام والقعود" استثناء متقطع لعدم دخولهما فيما ذكره، والمراد بهما ما ذكرناه.

5 -

وعن زيد بن وهب قال: رَأَى حُذَيْفَةَ رَجُلًا يُصَلِّي فَطَفَّفَ، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مُذْ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعيِنَ سَنَةً. قَالَ: مَا صلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ مُتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ وَيُتِمُّ وَيُحْسِنُ. أخرجه البخاري (1) والنسائي (2)، واللفظ له. [صحيح]

قوله: "وعن زيد بن وهب".

أقول: هو أبو سليمان زيد بن وهب الهمداني ثم الجهني (3)، أدرك الجاهلية والإسلام، ورحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق، وسمع عمر بن الخطاب ومن بعده.

قوله: "فطفَّف" لفظ البخاري (4) من رواية الأعمش: "لا يتم الركوع والسجود".

قوله: "منذ أربعين سنة".

(1) في صحيحه رقم (791 و808).

(2)

في "المجتبى"(3/ 58)، وفي "السنن الكبرى" رقم (611).

وأخرجه أحمد (5/ 384)، وابن حبان رقم (1894)، والبزار في مسنده رقم (2819)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 386)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (616)، وعبد الرزاق في "المصنف" رقم (3732، 3733).

وهو حديث صحيح.

(3)

ذكره ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول"(1/ 421 - قسم التراجم).

وانظر: "التقريب"(1/ 277 رقم 210).

(4)

في صحيحه رقم (791).

ص: 341

أقول: قيل: هي زيادة غريبة أو شاذة أو وهم، وحذفها البخاري من روايته. قال الحافظ (1): لم يذكرها البخاري؛ لأن حذيفة مات سنة ست وثلاثين، فعلى هذا يكون ابتداء الصلاة المذكورة قبل الهجرة بأربع سنين، ولعل الصلاة [22 ب] لم (2) تكن فرضت بعد، فلعله أطلق، وأراد المبالغة. انتهى.

قوله: "على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم ".

أقول: استدل به على دخول الطمأنينة في الركوع والسجود، وعلى أن الإخلال بها يبطل الصلاة، وعلى تكفير تارك الصلاة؛ لأن ظاهره: أن حذيفة نفى الإسلام عمّن لم يصل، وهو على حقيقته عند قوم، أو للزجر.

قال الخطابي (3): الفطرة: الملة والدين، فيحتمل أن يكون المراد بها: السنة كما جاء: "خمس من الفطرة

" (4) الحديث. وبكون حذيفة قد أراد زجر الرجل ليرتدع في المستقبل، ويرجحه وروده من طرق آخر بلفظ: "سنة محمد صلى الله عليه وسلم " وهو مصير من البخاري إلى أن الصحابي إذا قال سنة محمد أو فطرته كان حديثاً مرفوعاً، وقد خالف فيه قوم، والأول الراجح. انتهى.

واعلم أنه قد قدم (5) المصنف هذا الحديث عن حذيفة، ونسبه إلى تعليق البخاري وقد تكلمنا عليه. وأنه سقط عليه بعض لفظها، وذكرها في سياق رواية رزين عن محارب بن دثار، ولفظها قد قدمناه، وأنه سقط عليه قوله:"وأحسبه قال: ولو مت مت على غير سنة محمد"

(1) في "فتح الباري"(2/ 275).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 275).

(3)

في "معالم السنن"(1/ 44 - مع السنن).

(4)

البخاري في صحيحه (2/ 295 الباب رقم 132 رقم 808).

(5)

نعم، تقدم برقم (3405).

ص: 342

فسقط عليه لفظ "أحسبه" ورواه (1) في: "إذا لم يتم الركوع والسجود، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمد صلى الله عليه وسلم[451/ أ] " إلا أنه ليس في البخاري في الموضعين (2) لفظ: "أيالم ظهرُك؟ " كما ساقه ابن الأثير (3) والمصنف، ولكن ابن الأثير (4) قد بيض له؛ لأنه من زيادات رزين، والمصنف قال: قلت: هو في البخاري (5)، وساقه، وكأنه يريد معناه في البخاري لا اللفظ الذي ساقه رزين، ثم لا يخفى أن تقدمه هنالك ليس له مناسبة، وأن هذا محله. وقد اتفق في بعض روايات البخاري ذكره مرتين في محله هنا وفي غير محله، ونبه الحافظ ابن حجر (6) على ذلك. [23 ب].

6 -

وعن عبد الرحمن بن شِبْل قال: "نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ نَقْرَةِ الغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ بِالمَكَانَ الَّذِي في المَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ البَعِيرُ". أخرجه أبو داود (7) والنسائي (8). [حسن]

(1) البخاري في صحيحه (2/ 295 الباب رقم 132 رقم 808).

(2)

في صحيحه (2/ 274 الباب رقم 119 باب: إذا لم يتم الركوع، رقم 791).

وفي صحيحه (2/ 295 الباب رقم 132 باب: إذا لم يتم السجود، رقم 808).

(3)

في "الجامع"(5/ 318 رقم 3405).

(4)

في "الجامع"(5/ 318 رقم 3405).

(5)

في صحيحه رقم (791، 808).

(6)

في "فتح الباري"(2/ 275 - 276).

(7)

في "السنن" رقم (862).

(8)

في "المجتبى"(2/ 214)، وفي "السنن الكبرى"(700).

وأخرجه ابن ماجه رقم (1429)، وأحمد (3/ 428)، وابن خزيمة رقم (622 و1319)، وابن حبان رقم (2277)، والحاكم (1/ 229)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 118)، "والبغوي في "شرح السنة" رقم (666) من طرق. وهو حديث حسن.

ص: 343

"نقرةُ الغرابِ" المتابعة (1) بين السجدتين من غير طمأنينة بينهما (2).

"وافتراشُ السبعِ" أن يضع ساعديه على الأرض في السجود كالكلب وغيره من السباع (3).

وقوله: "وَأنْ يُوطِّنَ الرَّجُلُ بِالمَكانِ كمَا يُوطِّنُ البَعِيرُ" معناه أن يألف مكاناً معلوماً من المسجد يصلي فيه لا يعدوه كالبعير لا يأوي من عَطَن الإبل إلا إلى مكان قد اعتاده (4).

قوله: "وعن عبد الرحمن بن شبل"(5).

أقول: بكسر الشين المعجمة فموحدة، وهو ابن عمرو الأوسي وأخوه عبد الله، روى عبد الرحمن حديث:"نهي المصلي عن نقرة الغراب وافتراش السبع" وروى أيضاً حديث: "اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به"(6).

قال الكاشغري: وقد فسر المصنف ما تضمنه الحديث من الثلاث المنهي عنها.

(1) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 368).

(2)

ثم قال ابن الأثير: شبَّهه بنقر الغراب إذا وقع على الجيفة فأكل منها، فتراه يتابع بين نقراته لحمها.

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 368).

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 369).

(5)

انظر: "التقريب"(1/ 483 رقم 970).

(6)

أخرجه أحمد (3/ 428)، والطبراني في "الأوسط" رقم (2574)، والبزار في مسنده رقم (2320 - كشف).

وأورده الهيثمي في "المجمع"(7/ 167) وقال: رواه أحمد والبزار بنحوه، ورجال أحمد ثقات.

وهو حديث صحيح، والله أعلم.

ص: 344