الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وعن عبد الله بن الأرقم: وَكانَ يَؤُمَّ قَوْماً، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ وَقالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَجَدَ أَحَدُكُمْ الخَلَاءَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِ". أخرجه الأربعة (1)، وهذا لفظ الترمذي. [صحيح]
فصل في السجدات
سجود السهو
قوله: "فَصْلٌ فِيْ السَّجَدَاتِ".
"سُجُوْدُ السَّهْوُ".
أقول: السهو: الغفلة (2) عن الشيء وذهاب القلب إلى غيره واختلف في حكمه؟
فقالت الشافعية (3): مسنون كله، وعن المالكية: السجود للنقص واجب دون الزيادة، وعن الحنابلة (4): التفصيل بين الواجبات غير الأركان فيجب لتركها سهواً، وبين السنن القولية فلا يجب، وكذا يجب إذا سها بزيادة قول أو فعل يبطلها عمده، وعن الحنفية (5): واجب كله، وهو مذهب الهادوية.
(1) أخرجه أبو داود رقم (88)، والترمذي رقم (142)، والنسائي رقم (852)، وابن ماجه رقم (616). وأخرجه أحمد (3/ 383)، ومالك في "الموطأ"(1/ 259)، والحاكم (1/ 168).
وهو حديث صحيح.
(2)
انظر: "لسان العرب"(14/ 406 - 407)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 830 - 831).
(3)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(67 - 69).
(4)
"المغني"(2/ 415).
(5)
"اللباب في الجمع بين السنة والكتاب"(1/ 310)، و"تبيين الحقائق"(1/ 191، 192).
وحجتهم: ثبوت الأمر به، والأمر للوجوب، وقد ثبت فعله صلى الله عليه وسلم وأفعاله في الصلاة محمولة على البيان وبيان الواجب واجب، لا سيّما مع قوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(1).
1 -
عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَامَ مِنْ اثْنَتيْنِ مِنْ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلَاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ". أخرجه الستة (2)، واللفظ للشيخين. [صحيح]
قوله: "ابن بحينة" بالموحدة فمهملة فمثناة تحتية فنون، بزنة جهينة وهو اسم أمه وأم أبيه.
وقوله: "قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما" ليتشهد [124 ب] زاد في رواية: "فسبحوا له فمضى حتى فرغ من صلاته"(3).
وقوله: "فلما قضى صلاته" أي: فرغ منها، زاد في البخاري (4):"ونظرنا تسليمة" أي: انتظرنا، وبلفظ:"انتظرنا" ورد في رواية للبخاري (5).
وقوله: "فسجد سجدتين" في البخاري (6): "كبّر قبل التسليم فسجد سجدتين" واستدل به على أنه يكبر فيها كما يكبر لسائر السجود.
(1) تقدم مراراً، وهو حديث صحيح.
(2)
أخرجه البخاري رقم (1224)، ومسلم رقم (85/ 570)، وأبو داود رقم (1034)، والترمذي رقم (391)، وابن ماجه رقم (1206)، والنسائي (1178).
وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجها النسائي في "السنن" رقم (1178).
(4)
في صحيحه رقم (1224).
(5)
في صحيحه رقم (829، 666) بلفظ: انتظر الناس.
(6)
في صحيحه رقم (1224).
وفي رواية أبي هريرة في قصة ذي اليدين: "أنه كبّر" ويأتي (1) تحقيق: هل كبر لافتتاح السجود أو لا؟
2 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كُنْتَ فِي صَلَاةٍ فَشَكَكْتَ فيِ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَأَكبرُ ظَنِّكَ عَلَى أَرْبَعٍ تَشَهَّدْتَ، ثُمَّ سَجَدْتَ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ، ثُمَّ تَشَهَّدْتَ أَيْضًا، ثُمَّ تُسَلِّمَ". أخرجه أبو داود (2)، وقال: وقد روى عنه ولم يرفعوه (3) إلى النبي صلى الله عليه وسلم. [ضعيف]
قوله في حديث ابن مسعود: "وأكبر ظنك على أربع تشهدت، ثم سجدت سجدتين، وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً، ثم تسلم".
أقول: دل على أحكام؛ الأول: أنه يجزي الخروج من الصلاة بالظن، ولا يلزم اليقين.
والثاني: أنه يسجد لأجل الخروج بالظن، أو لأجل ما عرض من الشك سجدتين قبل السلام.
الثالث: أنه يتشهد ثم يسلم، ويأتي الكلام على ما عارضه.
قوله: "أخرجه أبو داود وقال:
…
" إلى آخره.
(1) يأتي نصه وتخريجه.
(2)
في "السنن" رقم (1028)، وأخرجه النسائي في "السنن" رقم (605).
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(3)
قال البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 336): هذا حديث مختلف في رفعه، ومتنه غير قوي، وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، قال البيهقي: مرسل.
وقد ضعف الحديث الحافظ في "فتح الباري"(3/ 99).
قلت: لفظ "السنن": قال أبو داود (1): وكذا رواه عبد الواحد عن حصيف ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان وشريك واسرائيل في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه. انتهى.
وقال المنذري (2): إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. انتهى.
وذلك أنه رواه أبو داود عن عبيدة عن أبيه وهو عبد الله بن مسعود. انتهى.
فهو منقطع.
3 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؛ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتهُ، وَإِنْ كانَ صَلَّى تَمَاماً لِأرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ". أخرجه الستة (3) إلا البخاري. [صحيح]
"تَرْغِيمُ الشَّيْطَانِ": إلصاق أنفه بالرّغام، وهو التراب ذلاً (4).
قوله في حديث أبي سعيد: "فليطرح الشك وليبن على ما استيقن".
أقول: هذا ظاهره معارضة: "وأكبر ظنك" لأنه هنالك فعل البناء على أكثر الظن، وهنا جعله على اليقين، أي: فيجعل الأربع ثلاثاً.
(1) في "السنن"(1/ 623 - 624).
(2)
في "مختصر السنن"(1/ 467).
(3)
أخرجه مسلم رقم (88/ 571)، وأبو داود رقم (1024، 1026، 1027، 1029)، والترمذي رقم (396)، والنسائي (3/ 27)، ومالك في "الموطأ"(1/ 95).
(4)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(5/ 536).
قوله: "وليبن على ما استيقن" لفظ أبي داود (1): "فليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين قبل السلام" وفي حديث ابن عباس (2) كذلك: "فإن [125 ب] صلى خمساً" أي: في نفس الأمر وعِلمُ الله.
"شفعن له صلاته" صيرنها شفعاً، أي: ستاً؛ لأنه مأمور بالصلاة شفعاً، فحيث تبين الأربع فقد وقع الشفع بالسجدتين.
"وإن كانت صلاته" في علم الله، "تماماً لأربع كانتا" أي: السجدتان.
"ترغيماً للشيطان" أي: إلصاقاً لأنفه بالرغام وهو التراب، وهو كناية عن إذلاله؛ لأنه قد أراد تلبيس الصلاة على العبد فأمر الله بترغيم أنفه؛ ولأنه امتنع عن السجود وامتثل العبد فأرغم أنفه وأذله. [484/ أ].
وإنما قلنا: هو من تلبيس الشيطان، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس" أخرجه الترمذي (3) وقال (4): حسن صحيح.
4 -
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قَالَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلْيَبْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ اثْنَتَيْنِ صَلَّى أَمْ ثَلَاثًا فَلْيَبْنِ
(1) في "السنن" رقم (1024)، وقد تقدم.
(2)
أخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(3/ 308 ث 1696) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدري كم صلى ثلاثاً أو أربعاً؛ فليقم فليصل ركعة ويسجد سجدتين وهو جالس قبل السلام، فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين، وإن كانت رابعة فالسجدتين ترغيم للشيطان".
(3)
في "السنن" رقم (397).
(4)
في "السنن"(2/ 24).
عَلَى اثْنَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ عَلَى ثَلَاثٍ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ". أخرجه الترمذي (1). [صحيح]
قوله في حديث عبد الرحمن: "فليبن على واحدة
…
" إلى آخره، هو دليل على أنه يبني على اليقين كما دل له حديث أبي سعيد (2)، وهما أرجح من رواية ابن مسعود المتقدمة سنداً وحكماً.
5 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو اليَدَيْنِ: أَقُصِرَتِ الصَّلاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ. فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ. أخرجه الستة (3). [صحيح]
قوله في حديث أبي هريرة: "انصرف من اثنتين".
أقول: في البخاري (4): "الظهر أو العصر" كذا [في](5) روايته هنا.
(1) في "السنن" رقم (398) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
وأخرجه أحمد (1/ 190)، وابن ماجه رقم (1209)، والبزار رقم (996)، وأبو يعلى رقم (839)، والشاشي رقم (234)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 433)، والحاكم (1/ 324 - 325)، والبيهقي (2/ 332، 339) من طرق. وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(2)
تقدم، وهو حديث صحيح.
(3)
أخرجه البخاري رقم (1229)، ومسلم رقم (573)، وأبو داود رقم (1008، 1009، 1010، 1011، 1012)، والترمذي رقم (394، 399، والنسائي في "السنن" (3/ 30 - 36)، ومالك في "الموطأ"(1/ 93 - 94).
(4)
في صحيحه رقم (1229).
(5)
سقطت من (ب).
وتقدم فيه في أبواب الإمام بالجزم بأنها الظهر، ولمسلم روايتان [126 ب] أحدهما (1):"الظهر" والأخرى (2): "العصر" بالجزم، وله (3) رواية بالشك.
قال ابن حجر (4): والظاهر أن الاختلاف فيه من الرواة، ويأتي قول ابن سيرين: وأكثر ظني أنها العصر (5).
[و](6) قوله: "فقال له ذو اليدين" في رواية: "فقال له رجل في يده طول يقال له: ذو اليدين" وهو محمول على الحقيقة، ويحتمل أن يكون كناية عن طولها بالعمل أو بالبذل، قاله القرطبي (7).
وجزم ابن قتيبة (8): أنه كان يعمل بيديه جميعاً، واسم ذي اليدين الخرباق بكسر المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة وآخره قاف.
قال (9): وهو غير ذي الشمالين؛ لأن ذا اليدين سُلمي، وذا الشمالين خُزاعي، واسمه عميرو بن عمرو بن نضلة، وذو الشمالين قتل ببدر، وذو اليدين تأخر بعد النبي صلى الله عليه وسلم مدة، وبه
(1) في صحيحه رقم (100/ 573).
(2)
في صحيحه رقم (99/ 573).
(3)
أي لمسلم في صحيحه رقم (97/ 573).
(4)
في "فتح الباري"(3/ 97).
(5)
أخرجها البخاري في صحيحه رقم (1228).
(6)
زيادة من (أ).
(7)
في "المفهم"(2/ 188).
(8)
ذكره القرطبي في "المفهم"(2/ 188)، والحافظ في "الفتح"(3/ 100).
(9)
انظر: "فتح الباري"(3/ 100)، "التمهيد"(3/ 259).
يعرف أن القصة وقعت بعد بدر بمدة، وأنه حضرها أبو هريرة، وأنه وهم من قال أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد.
وقوله: "أقصرت الصلاة؟ " بهمزة الاستفهام، فيه دليل على ورعهم إذ لم يجزموا بوقوع شيء بغير علم، وهابوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يسألوه، وإنما استفهموا؛ لأن الزمان زمان النسخ.
وقُصرت بضم القاف وكسر الراء على البناء للمفعول، أي: أنه قصرها.
وبفتحٍ ثم ضمٍ على البناء للفاعل، أي: صارت قصيرة.
قال النووي (1): هذا أكثر وأرجح.
وقوله: "فقال" أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"أصدق ذو اليدين" استفهم أصحابه المصلين معه.
"فقالوا: نعم" عند أبي داود (2): "أنهم لم ينطقوا إنما ارموا" واعتمد هذا الخطابي (3) وقال (4): حمل القول على الإشارة مجاز شائع بخلاف عكسه، فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول. أي هذه.
وعلى هذا فلا يتم الاستدلال به على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يفسدها.
قيل (5): وعلى تقدير أنهم قطعوا؛ فإن كلامهم كان جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم، وجوابه لا يقطع الصلاة.
(1) في "شرح صحيح مسلم"(5/ 68 - 69).
(2)
في صحيحه رقم (1008).
(3)
في "معالم السنن"(1/ 613 - 614 - مع السنن).
(4)
الخطابي في "معالم السنن"(1/ 613 - مع السنن).
(5)
ذكره الخطابي في "معالم السنن"(1/ 613 - 614 - مع السنن).
كما ورد في تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (1) الآية. ويكون من خواصه صلى الله عليه وسلم.
ويأتي بقية الكلام على الحديث في شرح الثاني فإنه استوفاه.
6 -
وفي رواية (2): صَلَّى إِحْدَى صَلَاتَيِ العَشِيِّ، قَالَ مُحَمَّدٌ: - وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهَا العَصْرُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَاهُ أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، فَقَالُوا: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ؟ وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَا اليَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله! أقَصُرَتِ أَمْ أَنَسِيتَ؟ فَقَالَ: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ" فَقَالَ: بَلَى قَدْ نَسِيتَ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ. [صحيح]
"سُرْعَانُ النَّاسِ"(3) أوائلهم ومتقدموهم.
وقوله: "إلى خشبة في مقدم المسجد [127 ب] " أي: في جهة القبلة.
"فوضع يده عليها" ولمسلم (4): "فاستند إليها مغضباً".
وقوله: "فهاباه أن يكلّماه" يريد أنه غلب عليهما احترامه صلى الله عليه وسلم وتعظيمه عن الاعتراض عليه، وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على تعلم العلم.
(1) سورة الأنفال الآية (24).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 234 - 235)، والبخاري رقم (1229)، ومسلم رقم (97/ 573).
(3)
السرعان بفتح السين والراء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء، ويقبلون عليه بسرعة، ويجوز تسكين الراء.
"النهاية في غريب الحديث"(1/ 771)، "المجموع المغيث"(2/ 80).
(4)
في صحيحه رقم (97/ 573).
وقوله: "سرعان الناس"(1) بفتح المهملات ومنهم من سكن الراء، وضبط بضم ثم إسكان كأنه جمع سريع ككثيب وكثبان، والمراد: أوائل الناس خروجاً من المسجد وهم ذو الحاجات.
وقوله: "لم أنسَ ولم تقصر" نفي للأمرين معاً، وهو يبين المراد بقوله في رواية مسلم (2):"كل ذلك لم يكن" ويؤيد قول أئمة البيان (3) أن لفظ (كل) إذا تقدم وعقبها النفي كان نفياً لكل فرد لا للمجموع، بخلاف ما إذا تأخرت كأن يقول: لم يكن كل ذلك، ولذا أجاب ذو اليدين في رواية (4) بقوله:"بعض ذلك قد كان"، وفي هذه الرواية:"بلى قد نسيت" لأنه صلى الله عليه وسلم لما نفى الأمرين، وكان مقرراً عند الصحابي أن السهو غير جائز عليه في الأمور البلاغية جزم بوقوع النسيان لا القصر.
[و](5) قوله: "قال: أصدق ذُو اليدين؟ " استفهام منه عن صدقه، وقد استشكل بأن ذا اليدين عدل ولم يقبل خبره بمفرده.
(1) انظر ما تقدم.
(2)
في صحيحه رقم (99/ 573).
(3)
ذكر علماء النحو والبيان الفرق بين أن يتقدم النفي على (كل) وبين أن تتقدم هي عليه، فإذا تقدمت على حرف النفي نحو: كل القوم لم يقم، أفادت التنصيص على انتفاء قيام كل فرد فرد، وإن تقدم النفيُّ عليها مثل: لم يقم كل القوم، لم تدل إلا على نفي المجموع وذلك بصدق بانتفاء القيام عن بعضهم ويسمى الأول عموم السلب، والثاني سلب العموم من جهة أن الأول يحكم فيه بالسلب عن كلِّ فردٍ والثاني لم يفد العموم في حق كل أحد إنما أفاد نفي الحكم عن بعضهم، قال القرافي: وهذا شيء اختصت به (كل) من بين سائر صيغ العموم. قال: وهذه القاعدة متفق عليها عند أرباب البيان وأصلها قوله صلى الله عليه وسلم: "كل ذلك لم يكن".
انظر: "البحر المحيط"(3/ 64)، "أصول السرخسي"(1/ 158)، "إرشاد الفحول"(ص 406) بتحقيقي.
(4)
أخرجها مسلم في صحيحه رقم (99/ 573).
(5)
زيادة من (أ).
وأجيب عنه: بأنه لما كان خبراً يتعلق بفعل المسئول مغايراً لما في اعتقاده وتفرد به من بين جماعة كانوا أولى بالاستفهام عنه كالشيخين، ولذا قال أئمة الأصول: أن من تفرد بالإخبار بقتل خطيب على المنبر، لا يقبل خبره إذا كان المسجد واحداً.
ثم اختلف العلماء في هذا الحكم، وهو جواز البناء (1) على الصلاة لمن أتى بالمنافي لها سهواً، فقال سحنون: إنما يبني من سلم على ركعتين كما في هذه القصة؛ لأن ذلك واقع على غير القياس، فيقصر به على مورد النص وألزمه بقصر ذلك على إحدى صلاتي العشي فيمنعه مثلاً في العشاء.
وقال آخرون: يجوز البناء مطلقاً [128 ب] ما لم يطل الفصل، واختلفوا في قدر الطول، فحدّ الشافعي (2) بالعرف، وعنه بقدر ركعة، وعن أبي هريرة بقدر الصلاة التي يقع السهو فيها.
قلت: هذه تقادير لا دليل عليها، بل متى ذَكر أو ذُكِّر بنى (3) على ما صلَّى كما اتفق له صلى الله عليه وسلم.
قوله: "ثم كبرّ فسجد" هذا بوّب له البخاري (4): باب يكبر في سجود السهو [485/ أ] اختلف في سجود السهو بعد السلام، هل يشترط له تكبيرة إحرام أو يكتفي بتكبير السجود؟
فالجمهور (5) على الاكتفاء، وهو غالب ظاهر الأحاديث، ويدل حديث أبي داود في رواية ابن سيرين لهذا الحديث أنه قال:"فكبر، ثم كبر وسجد للسهو".
(1) انظر: "المغني"(2/ 403)، "فتح الباري"(2/ 102 - 103).
(2)
"المجموع شرح المهذب"(4/ 64 - 69)، "التمهيد"(2/ 277)، و"الأوسط" لابن المنذر (3/ 308).
(3)
انظر: "المغني"(2/ 403)، و"فتح الباري"(3/ 101).
(4)
في صحيحه (3/ 99 الباب رقم "5" باب من يكبر في سجدتي السهو).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 99).
إلا أنه قال أبو داود (1): "ولم يقل أحد: فكبر ثم كبر" إلا حماد بن زيد، يشير إلى شذوذ هذه الزيادة.
قوله: "ثم رفع رأسه وكبّر" كذا في نسخ "التيسير"، ولعله سقط منه سهواً من المصنف ما زاده في الرواية في "الجامع" (2):"ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع وكبر" قال: فقيل لمحمد: سلم في السهو؟ قال: لم أحفظه من أبي هريرة، لكن نبئت أن عمران بن حصين قال:"ثم سلم".
وزاد في رواية في "السنن"(3) بعد قوله - نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلّم -: قال: قلت: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد وأحبّ إليَّ أن يتشهد. انتهى.
وعقد البخاري (4) باباً لذلك قال: باب من لم يتشهد في سجدتي السهو.
قال في "الفتح"(5): أي: إذا سجدهما بعد السلام من الصلاة، وأما قبل السلام فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد، وأما من سجد بعد السلام فحكى الترمذي (6) عن أحمد (7) وإسحاق أنه يتشهد.
وقال ابن المنذر (8): لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت.
(1) في "السنن"(1/ 615 - 617).
(2)
(5/ 544).
(3)
عند أبي داود في "السنن" رقم (1010).
(4)
في صحيحه (3/ 97 الباب رقم 4 - مع الفتح).
(5)
(3/ 98).
(6)
في "السنن"(2/ 242).
(7)
حكاه أبو داود عن أحمد في "مسائل أحمد"(ص 53)، وكذا في "مسائل أحمد وإسحاق"(1/ 50 ، 60).
(8)
في "الأوسط"(3/ 316).
لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود (1) والنسائي (2)، وعن المغيرة عند البيهقي (3)، وفي إسنادهما ضعف.
ولا يقال أن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن.
قال العلائي (4): وليس ذلك ببعيد، وقد صح عن ابن مسعود من قوله أخرجه ابن أبي شيبة (5). انتهى ملخصاً.
وقد استدل بالحديث على أن الإمام يرجع [129 ب] إلى قول المأمومين في أفعال الصلاة ولو لم يتذكر، وبه قال مالك (6) وأحمد (7) وغيرهما (8)، ويدل له ما ثبت [من] (9) حديث ابن مسعود (10):"فإذا نسيت فذكروني".
وقال الشافعي (11): معنى فذكروني، أي: لأتذكر، ولا يلزم منه أنه يرجع لمجرد إخبارهم، واحتمال كونه يتذكر عند إخبارهم لا يدفع.
(1) في "السنن" رقم (1028).
(2)
في "السنن" رقم (605)، وهو حديث ضعيف.
(3)
في "السنن الكبرى"(2/ 355)، وهو حديث ضعيف.
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(3/ 99).
(5)
في مصنفه (2/ 31).
(6)
انظر: "التهذيب في اختصار المدونة"(1/ 300 - 301).
(7)
"المغني"(2/ 412 - 414).
(8)
انظر: "فتح الباري"(3/ 101).
(9)
سقطت من (ب).
(10)
تقدم نصه وتخريجه وسيأتي، وهو حديث صحيح.
(11)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(4/ 42)، "حلية العلماء"(1/ 302).
قلت: لا ريب أنه احتمال صحيح، كما أن احتمال أنه يريد ذكروني لأعمل بتذكيركم فلا يتم الاستدلال.
قلت: إن صحت رواية أبي داود (1): "أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد للسهو حتى يقّنَهُ الله ذلك" فلا يتم القول بأنه عمل بقول المأمومين.
7 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "صَلى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فزَادَ أَوْ نَقَصَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله! أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أنبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنِّي بَشَرٌ أَنْسَى كَما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ وَلْيَبْنِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ". أخرجه الخمسة (2). [صحيح]
قوله في حديث ابن مسعود: "زاد أو نقص".
أقول: شك من الراوي.
وقوله: "فثنى رجليه فسجد" يؤيد أنه زاد، إذ لو كان نقصاً لأتى به، ثم سجد ولم يذكر الراوي ذلك.
وتقدير: "فأتى بما نقص ثم سجد" لا دليل عليه.
وقوله فيه: "فإذا نسيت فذكروني".
أقول: في "شرح مسلم"(3): فيه أمر التابع بتذكير المتبوع.
(1) في "السنن" رقم (1012) بسند ضعيف.
(2)
أخرجه البخاري رقم (401)، ومسلم رقم (89/ 572)، وأبو داود رقم (1020)، والنسائي رقم (1243)، وابن ماجه رقم (1211)، وأخرجه أحمد (1/ 424).
وهو حديث صحيح.
(3)
(5/ 62).
وقوله: "أنسى كما تنسون" فيه دليل على جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم في أحكام الشرع، وهو مذهب جمهور العلماء (1)، وهو ظاهر القرآن والأحاديث.
واتفقوا (2) على أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر عليه، بل يعلمه الله به.
ومنعت (3) طائفة من العلماء السهو عليه صلى الله عليه وسلم في الأفعال البلاغية والعبادات كما أجمعوا على منعه واستحالته عليه في الأقوال البلاغية. وأجابوا عن الظواهر الواردة في ذلك.
قال (4): والصحيح الأول؛ لأن السهو لا يناقض النبوة، وإذا لم يقر عليه لم يحصل منه مفسدة، بل تحصل فيه فائدة وهي بيان أحكام [130 ب] الناسي وتقرير الأحكام. انتهى.
قلت: وقد صرح صلى الله عليه وسلم بأنه ينسى (5) وأمرهم أن يذكرونه، وقد صرح بأنه إنما ينسى أو يُنسى ليسن، فكيف يقال لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم ما صرّح بوقوعه؟
وما أرى مانع ذلك إلا أُتي من الغلو في أحوال النبوة!
قوله: "ثم سجد سجدتين" أطلق هنا محل السجدتين عن قيد قبل السلام أو بعده.
قال أبو عيسى الترمذي (6): اختلف أهل العلم في سجدتي السهو، متى يسجدهما الرجل، قبل السلام أو بعده؟
(1) انظر: "فتح الباري"(3/ 101).
(2)
قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 62).
(3)
ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 61).
(4)
أي النووي في شرحه لصحيح مسلم (5/ 61 - 62).
(5)
انظر: "فتح الباري"(3/ 101).
(6)
في "السنن"(2/ 237).
فرأى بعضهم أن يسجدهما بعد السلام، وهو قول سفيان الثوري (1) وأهل الكوفة (2).
وقال بعضهم: يسجدهما قبل السلام، وهو قول أكثر الفقهاء من أهل المدينة، مثل يحيى بن سعيد وربيعة وغيرهما (3)، وبه يقول الشافعي (4).
وقال بعضهم: إذا كانت زيادة في الصلاة فبعد السلام، وان كانت نقصاً فقبل السلام، وهو قول مالك بن أنس (5).
وقال أحمد (6): ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في سجدتي السهو يستعمل كلٌّ على جهته، يرى إذا قام في الركعتين على حديث ابن بحينة، فإنه يسجدهما قبل السلام، وإذا صلى الظهر خمساً فإنه يسجدهما بعد السلام، وإذا سَلَّم في الركعتين من الظهر والعصر فإنه يسجدهما بعد السلام، وكل يستعمل على جهته. وكل سهو ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر؛ فإن سجدتي السهو قبل السلام.
وقال إسحاق (7) نحو قول أحمد، إلا أنه قال: كل سهو ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كانت زيادة في الصلاة سجدهما بعد السلام، وإن كانت نقصاناً سجدهما قبل السلام. انتهى. [486/ أ].
(1) انظر: "المغني"(2/ 414 - 415).
(2)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(4/ 42).
(3)
"المجموع شرح المهذب"(4/ 42 - 43)، "المغني"(2/ 414 - 415).
(4)
"حلية العلماء"(2/ 178).
(5)
انظر: "الموطأ"(1/ 95)، "الاستذكار"(4/ 356 - 357).
(6)
انظر: "المغني"(2/ 412 - 415).
(7)
انظر: "المغني"(2/ 415)، "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب"(1/ 310).
8 -
وعن المغيرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ الإِمَامُ فِي الرَّكْعَة فَذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِنِ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ، وَليَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ". أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح بطرقه ومتابعاته]
قوله في حديث المغيرة: "إذا قام الإمام في الركعة".
أقول: في "الجامع"(3): "فنهض في الركعتين، فقلنا: سبحان الله، فقال: سبحان الله ومضى، فلما أتم صلاته سجد سجدة قبل السلام".
وتعقب قوله: "قبل السلام" بأن صوابه: "بعد السلام" كما في "سنن أبي داود"(4)[131 ب]، وفي نسخة من الترمذي (5)، وفي البيهقي (6)، وفي نهاية ابن رشد المالكي (7)، وقرره ابن عبد البر (8)[انتهى](9).
(1) في "السنن" رقم (1036، 1037)، وهو حديث صحيح بطرقه ومتابعاته.
(2)
في "السنن" رقم (265).
وأخرجه أحمد (4/ 253)، وابن ماجه رقم (1208)، والدارقطني في "السنن"(1/ 378 رقم1)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 343).
وهو حديث صحيح بطرقه ومتابعاته.
(3)
(5/ 533).
(4)
في "السنن" رقم (1037)، وقد تقدم.
(5)
في "السنن"(2/ 201)، وسيأتي نصه.
(6)
في "السنن الكبرى"(2/ 344).
(7)
(1/ 462) بتحقيقي.
(8)
انظر: "التمهيد"(3/ 289 - 290).
(9)
زيادة من (أ).
قلت: قوله: "في نسخة من الترمذي" الذي رأيته في الترمذي (1) أنه قال: "سلّم ثم سجد سجدتي السهو، وهو جالس، ثم حدَّثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل بهم مثل الذي فعل".
وفي رواية أخرى (2) عن المغيرة ساقها الترمذي بلفظ: "فلما فرغ من صلاته سلّم ثم سجد [بهم] (3) سجدتي السهو".
قال (4) في هذه الطريق الترمذي: إنه حديث حسن صحيح.
وقال (5): والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا قام في الركعتين مضى في صلاته وسجد سجدتين، منهم من رأى قبل التسليم، ومنهم من رأى بعد التسليم، ومن رأى قبل التسليم، فحديثه أصحُّ؛ لما روى الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة. انتهى.
قلت: وفي رواية للبخاري (6) ومسلم (7) في حديث ابن بحينة: "فلما قضى صلاته وانتظر الناس تسليمه كبّر، فسجد قبل أن يسلم، ثم رفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم رفع رأسه فسلّم". انتهى.
(1) في "السنن" رقم (364).
(2)
عند الترمذي في "السنن" رقم (365).
(3)
زيادة من (أ. ب)، وليست في "سنن الترمذي".
(4)
في "السنن"(2/ 201).
(5)
أي الترمذي في "السنن"(2/ 200).
(6)
في صحيحه رقم (1224).
(7)
مسلم في صحيحه رقم (570).
وأخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 96)، وأبو داود رقم (1034، 1035)، والترمذي رقم (391)، والنسائي (3، 19، 20).