الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله في غزاة خيبر، وأنا سادسة ستّ نسوة، قالت: فبلغ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ معه نساء، فأرسل إلينا فدعانا. قال: فرأينا في وجهه الغضب، قال: «ما أخرجكنّ؟
وبأمر من خرجتنّ؟» قلنا: خرجنا نناول السّهام، ونسقي السويق، ومعنا دواء للجرحى، ونغزل الشعر، فنعين به في سبيل الله. قال:«فانصرفن» .
قالت: فلمّا فتح الله عليه خيبر، أخرج لنا سهاما كسهام الرجال. فقلت لها: يا جدّة! ما الذي أخرج لكنّ؟ قالت: تمرا «1» .
ويرى ابن كثير أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاهنّ من ثمرات الأرض كالرجال، فأما أنّه أسهم لهنّ في الأرض نفسها كالرّجال فلا. وهذا حق.
وفي حديث أبي داود أنّ نسوة من بني غفار قلن: يا رسول الله! قد أردنا أن نخرج معك في وجهك هذا- وهو يسير إلى خيبر- نداوي الجرحى، ونعين المسلمين ما استطعنا. فقال:«على بركة الله» «2» .
[أحداث ما بعد المعركة] :
وكانت صفية بنت حيي بن أخطب زعيم اليهود بين من أسرن من نساء خيبر، وقعت في يد أحد الصحابة، فاستردّها منه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أعتقها، وبنى بها، وجعل مهرها عتقها «3» .
فلمّا اطمأنّ به المقام، أهدت له امرأة سلّام بن مشكم شاة مشويّة مسموته، وأكثرت من السمّ في ذراع الشاة، لما عرفته أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يؤثرها.
وقد تناول النبيّ صلى الله عليه وسلم مضغة منها، فلاكها، ثم لفظها، وهو يقول:«إنّ هذا العظم ليخبرني أنّه مسموم» ، وكان معه (بشر بن البراء) فأساغ اللحم وازدرده.
وجيء بالمرأة الجانية، فاعترفت بما صنعت، وقالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم: بلغت من
(1) ضعيف، وهو في المسند: 6/ 371؛ وكذا أبو داود: 1/ 429؛ وعلّته حشرج هذا، فإنّه لا يعرف كما قال الذهبي، وأشار لذلك الحافظ في التقريب، وسكت عن الحديث في (الفتح) : 6/ 59- 60.
(2)
ضعيف أخرجه أبو داود: 1/ 51؛ وأحمد: 6/ 380؛ وابن هشام: 2/ 243، كلّهم من طريق ابن إسحاق بإسناده عن امرأة من بني غفار، وفيه أمية بنت أبي الصلت لا يعرف حالها كما قال الحافظ.
(3)
حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم عن أنس.
قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيّا فسيخبر، فتجاوز عنها النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم مات (بشر) بعد ما سرى السّم في جسمه «1» ، فقيل: اقتصّ له منها، وقيل: بل أسلمت وعفا عنها.
ومكث يهود خيبر يزرعون الأرض على النصف من نتاجها، إلا أنّ بغضاءهم للمسلمين حملتهم على اقتراف بعض الجرائم، فقد اغتيل رجل من الأنصار، وفدعت يدا عبد الله بن عمر أيام خلافة أبيه، فخطب عمر الناس قائلا: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد عامل يهود خيبر على أن نخرجهم إذا شئنا، وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما قد بلغكم، مع عدوهم على الأنصاري قبله، لا نشكّ أنهم أصحابه، ليس لنا هناك عدوّ غيرهم.. فمن كان له مال بخيبر فليلحق به، فإنّي مخرج يهود، فأخرجهم «2» .
ولا ريب أنّ الهزيمة التي أصابت بني إسرائيل في خيبر، قضت على كيانهم العسكري في الجزيرة قضاء تاما، فجاء يهود (فدك) يطلبون الأمان.
وقاتل يهود وادي القرى بعد ما دعوا إلى الإسلام، وأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم، وحسابهم على الله «3» ، فلما أبوا نشبت بين الفريقين معركة محدودة، انتهت مع الصباح بسقوط الوادي اليهودي عنوة.
واستسلم يهود تيماء.
(1) حديث صحيح، رواه هكذا ابن هشام: 2/ 240- 241، عن ابن إسحاق بدون إسناد؛ وقد رواه البخاري: 5/ 176؛ ومسلم: 7/ 14- 15، من حديث أنس: أن يهودية أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها فقيل: ألا تقتلها؟ قال: لا. والبخاري: 7/ 208، 10/ 200- 201، وغيره من حديث أبي هريرة نحوه، وفيه إقرار اليهود بوضع السم في الشاة، وقولهم:«أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرّك» . ومثله عند أحمد رقم (2785) من حديث ابن عباس وسنده حسن، كما قال ابن كثير: 4/ 109؛ وعزاه الحافظ: 10/ 202، لابن سعد بسند صحيح؛ ومثله عند أبي داود: 2/ 246؛ والدارمي: 1/ 33، عن جابر، وهو منقطع، لكن يقوّيه مرسل أبي سلمة عندهما. وفي حديثهما إخبار الذراع إياه، بأنّ الشاة مسمومة، وفي الثاني منهما موت بشر مسموما، وقد وصله الحاكم وصحّحه عن أبي هريرة، وسنده حسن، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قتلها.
(2)
حديث صحيح، أخرجه الشيخان عن ابن عمر، وقد تقدم قريبا.
(3)
رواه الواقدي بدون سند، كما في (البداية) : 4/ 218.