الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أنس بن مالك: ما رأيت رسول الله أحسن هيئة منه في تلك الساعة «1» .
ثم رجع وانصرف الناس، وهم يظنّون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفاق من وجعه.
واطمأنّ أبو بكر لهذا الظنّ، فرجع إلى أهله بالسّنح في ضواحي المدينة «2» .
قالت عائشة: وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فاضطجع في حجري.
ودخل علينا رجل من ال أبي بكر في يده سواك أخضر، فنظر رسول الله إلى يده نظرا عرفت منه أنّه يريده.
فأخذته فألنته له، ثم أعطيته إياه.
فاستنّ به كأشدّ ما رأيته يستنّ بسواك قبله، ثم وضعه.
ووجدت رسول الله يثقل في حجري.
فذهبت أنظر في وجهه.
فإذا نظره قد شخص، وهو يقول:«بل الرفيق الأعلى من الجنّة» .
قلت: خيّرت فاخترت، والذي بعثك بالحق..
وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» .
[وفاته صلى الله عليه وسلم واثارها على المسلمين] :
وتسرّب النبأ الفادح من البيت المحزون وله طنين في الاذان، وثقل ترزح تحته النفوس، وتدور به البصائر والأبصار.
وشعر المؤمنون أنّ افاق المدينة أظلمات، فتركتهم لوعة الثّكل حيارى لا يدرون ما يفعلون.
(1) صحيح، أخرجه البخاري: 2/ 130- 131، 8/ 117؛ ومسلم: 2/ 24- 25، وغيرهما عن أنس بنحوه، ورواه ابن هشام: 2/ 370- 371، عن ابن إسحاق عن الزهري عن أنس بلفظ الكتاب. وفيه انقطاع.
(2)
هو من تمام حديث أنس عن ابن إسحاق.
(3)
صحيح رواه ابن هشام: 2/ 371، عن ابن إسحاق بسنده الصحيح عنها، وهو في البخاري: 8/ 107، 111- 112، 113، 117، 118، نحوه مفرقا. وهذا اخر حديث في الكتاب. وبه ينتهي التخريج، والحمد لله على توفيقه، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألاإله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. دمشق: 28/ 5/ 1375 هـ. محمد ناصر الدين الألباني.
ووقف عمر بن الخطاب- وقد أخرجه الخبر عن وعيه- يقول: إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توفّي، وإنّ رسول الله ما مات، ولكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع بعد أن قيل: قد مات.
والله ليرجعنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنّه مات!.
وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلّم الناس، فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وهو مسجّى في ناحية البيت عليه برد حبرة.
فأقبل حتى كشف عن وجهه، ثم أقبل عليه فقبّله، ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن يصيبك بعدها موت أبدا.
وردّ الثوب على وجهه، ثم خرج، وعمر يكلّم الناس، فقال: على رسلك يا عمر فأنصت.
لكنّ عمر ظلّ مهتاجا مندفعا في كلامه.
فلمّا راه أبو بكر كذلك، أقبل على الناس وشرع يتكلّم، فلمّا سمعه النّاس انصرفوا عن عمر وأقبلوا عليه.
وحمد أبو بكر الله، وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، من كان يعبد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حي لا يموت، ثم تلا هذه الاية:
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)[ال عمران] .