الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيَّ أَنِّي قَدْ وَلَّيْتُهُ قَضَاءَ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَتَقَدَّمْتُ عَلَيْهِ بِمَا يَشْتَمِلُ هَذَا الْعَهْدِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي وَلَّاهُ فِيهِ بَعِيدًا لَا يَسْتَفِيضُ إلَيْهِ الْخَبَرُ بِمَا يَكُونُ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ (وَلَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ بِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ) عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِذَلِكَ.
(وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ) الَّذِي وَلَّاهُ فِيهِ (قَرِيبًا مِنْ بَلَدِ الْإِمَامِ لِيَسْتَفِيضَ إلَيْهِ مَا يَجْرِي فِي بَلَدِ الْإِمَامِ نَحْوُ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا جَازَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالِاسْتِفَاضَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ) أَيْ كَمَا يَكْتَفِي بِالِاسْتِفَاضَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَعَنْ الْإِشْهَادِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْوِلَايَةِ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ وَاسْتِفَاضَةٌ وَظَاهِرُهُ مَعَ الْبُعْدِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَلَا تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ وَلَوْ كَانَ نَائِبَ الْإِمَامِ) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَامِ الْكُبْرَى تَصِحُّ مِنْ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، فَتَصِحُّ وِلَايَتُهُ كَالْعَدْلِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ اُعْتُبِرَتْ فِي الْمُوَلِّي أَفْضَى إلَى تَعَذُّرِهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ (وَأَلْفَاظُ التَّوْلِيَةِ الصَّحِيحَةِ سَبْعَةٌ: وَلَّيْتُكَ الْحُكْمَ وَقَلَّدْتُكَ) الْحُكْمَ (وَاسْتَنَبْتُكَ) فِي الْحُكْمِ (وَاسْتَخْلَفْتُكَ) فِي الْحُكْمِ (وَرَدَدْتُ إلَيْكَ) الْحُكْمَ (وَفَوَّضْتُ إلَيْكَ) الْحُكْمَ (وَجَعَلْتُ إلَيْكَ الْحُكْمَ، فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ السَّبْعَةِ.
(وَقَبِلَ الْمُوَلَّى الْحَاضِرُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ) قَبِلَ (الْغَائِبُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ (أَوْ شَرَعَ الْغَائِبُ فِي الْعَمَلِ انْعَقَدَتْ) الْوِلَايَةُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَدُلُّ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ دَلَالَةً لَا تَفْتَقِرُ مَعَهَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَصِحُّ الْقَبُولُ بِالشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فِي الْأَصَحِّ انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَهُوَ وَاضِحٌ (وَالْكِنَايَةُ نَحْوَ: اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ وَعَوَّلْتُ عَلَيْكَ وَوَكَّلْتُ إلَيْكَ وَأَسْنَدْتُ الْحُكْمَ إلَيْك فَلَا تَنْعَقِدُ) الْوِلَايَةُ بِكِنَايَةٍ مِنْهَا (حَتَّى تَقْتَرِنَ بِهَا قَرِينَةٌ نَحْوُ: فَاحْكُمْ أَوْ فَتَوَلَّ مَا عَوَّلْتُ فِيهِ عَلَيْكَ وَمَا أَشْبَهَهُ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَحْتَمِلُ التَّوْلِيَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ كَوْنِهِ يَأْخُذُ بِرَأْيِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا تَنْصَرِفُ إلَى التَّوْلِيَةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَنْفِي الِاحْتِمَالَ.
[فَصْلٌ وَتُفِيدُ وِلَايَة الْحُكْمِ الْعَامَّةِ]
ُ أَيْ الَّتِي لَمْ تُخَصَّ بِحَالَةٍ دُونَ حَالَّةِ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ) الْقَاضِي (بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَاسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَدَفْعُهُ إلَى رَبِّهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: تَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ (وَالنَّظَرُ فِي أَمْوَالِ
الْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ) لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ أَمْوَالِهِمْ (وَالْحَجْرُ عَلَى مَنْ يَرَى الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلِذَلِكَ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ.
(وَالنَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ) الَّتِي (فِي عَمَلِهِ) أَيْ وِلَايَتِهِ (لِتَجْرِي بِإِجْرَائِهَا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ) لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إلَى إجْرَائِهَا عَلَى شَرْطِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ نَاظِرٌ خَاصٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا) لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ كَغَيْرِهِ (وَتَزْوِيجُ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا وَلِيَّ لَهُنَّ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَالْقَاضِي نَائِبُهُ (وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقِيمُهَا وَالْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ (وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ فِي إقَامَتِهَا، وَنَصْبُ إمَامِهَا وَكَذَا الْعِيدُ) لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ كَانُوا يُقِيمُونَهَا (مَا لَمْ يُخَصَّا بِإِمَامٍ) مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ أَوْ الْوَاقِفِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ (وَالنَّظَرُ فِي مَالِ الْغَائِبِ) لِئَلَّا يَضِيعَ.
(وَجِبَايَةُ الْخَرَاجِ وَأَخْذُ الصَّدَقَةِ) أَيْ الزَّكَاةِ (إنْ لَمْ يُخَصَّا بِعَامِلٍ) مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَالنَّظَرُ فِي مَصَالِحِ عَمَلِهِ بِكَفِّ الْأَذَى عَنْ طُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَفْنِيَتِهِمْ) لِأَنَّهُ مُرْصَدٌ لِلْمَصَالِحِ (وَتَصَفُّحُ حَالِ شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ لِيَسْتَبْقِيَ وَيَسْتَبْدِل مَنْ يَصْلُحُ) أَيْ يَسْتَبْقِي مَنْ يَصْلُحُ وَيَسْتَبْدِلُ مَنْ ثَبَتَ جَرْحُهُ كَمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقَضَاءِ ذَلِكَ، فَعِنْدَ إطْلَاقِ الْوِلَايَةِ تَنْصَرِفُ إلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
(قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَيَسْتَفِيدُ الِاحْتِسَابَ عَلَى الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ وَإِلْزَامِهِمْ بِالشَّرْعِ) .
وَفِي الْمُنْتَهَى: لَا يَسْتَفِيد ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِتَوَلِّي الْقُضَاةِ لِذَلِكَ.
(قَالَ الشَّيْخُ: مَا يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا بَلْ يُتَلَقَّى مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ) لِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُحَدَّ شَرْعًا يُحَلُّ عَلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ (وَلَا يَحْكُمُ) الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً غَيْرَ عَمَلِهِ وَهُوَ) فِي الْأَصْلِ مَا يَجْمَعُ بُلْدَانًا أَوْ قُرًى مُتَفَرِّقَةً، كَالْعِرَاقِ وَنَوَاحِيهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا (مَحَلُّ حُكْمِهِ) الَّذِي وَلِيَ لِيَحْكُمَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ يَجْمَعُ بُلْدَانًا أَوْ قُرًى مُتَفَرِّقَةً أَوْ بَلَدًا مُعَيَّنًا أَوْ مَحَلًّا مُعَيَّنًا مِنْ الْبَلَدِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
(فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ حَكَمَ أَوْ وَلِيَ أَوْ سَمِعَ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ (لُغِيَ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ وِلَايَةً (وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ كَتَعْدِيلِهَا) فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ نُفُوذِ حُكْمِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (طَلَبُ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ) لِأَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُرَيْحًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَرَزَقَ ابْنَ مَسْعُودٍ نِصْفَ شَاةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِذَا جَازَ لَهُ الطَّلَبُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ (مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا) لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ فَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ، وَفَرَضَ