الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِتْقِ وَالْبُرْءِ لَمْ تُقْبَلْ) الشَّهَادَةُ لِأَنَّهَا رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ أَشْبَهَتْ الْمَرْدُودَةَ لِفِسْقٍ وَلِأَنَّ رَدَّهَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ فَلَا يَنْقَضِ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ أَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ وَأَعَادَهَا.
[بَاب ذِكْرِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَذِكْرِ عَدَدِ شُهُودِهِ]
ِ أَيْ شُهُودِ كُلِّ قِسْمٍ مِنْهُ لِأَنَّ عَدَدَ الشُّهُودِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ كَمَا سَتَرَاهُ وَأَقْسَامٌ مَشْهُودٌ بِهِ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا الزِّنَا وَاللِّوَاطُ فَ (لَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ) عُدُولٍ يَشْهَدُونَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13] الْآيَةُ فَجَعَلَهُمْ كَاذِبِينَ إنْ لَمْ يَأْتُوا بِالْأَرْبَعَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تُقْبَلُ الثَّلَاثَةُ «وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ: أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» وَاللِّوَاطُ مِنْ الزِّنَا (وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ (يَشْهَدُونَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَرْبَعًا) لِأَنَّهُ إثْبَاتٌ لِلزِّنَا فَاعْتُبِرَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ كَشُهُودِ الْفِعْلِ.
(فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِمَا) أَيْ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ (أَعْجَمِيًّا قُبِلَ فِيهِ تُرْجُمَانَانِ) قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَتَقَدَّمَ فِي طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ أَنَّ التَّرْجَمَةَ كَالشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ هُنَا مِنْ أَرْبَعَةٍ.
(وَمَنْ عُزِّرَ بِوَطْءِ فَرْجٍ مِنْ بَهِيمَةٍ وَأَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ) بَيْن الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ (وَنَحْوِهَا) كَأَمَةٍ لِوَلَدِهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (ثَبَتَ) مُوجِبٌ تَعْزِيرُهُ (بِرَجُلَيْنِ) كَظُلْمِ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ مُبَاحًا كَوَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِهِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ حَدًّا، وَلَيْسَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ النِّسَاءُ غَالِبًا حَتَّى يُكْتَفَى فِيهِ بِامْرَأَةٍ وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ.
(وَ) الْقِسْمُ الثَّانِي دَعْوَى الْفَقْرِ وَ (لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى أَنَّهُ فَقِيرٌ) لِيَأْخُذَ مِنْ نَحْوِ زَكَاةٍ (إلَّا بِثَلَاثَةٍ) رِجَالٍ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ» (وَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ أَهْلِ الزَّكَاةِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثِ بَقِيَّةُ الْحُدُودِ (فَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْحُدُودِ)
كَحَدِّ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ (بِأَقَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ) لِقَوْلِ الزُّهْرِيُّ مَضَتْ السُّنَّةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ (وَكَذَا الْقَوَدُ) فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقِصَاصِ فَيُقْبَلُ فِيهِ اثْنَانِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ الزِّنَا.
(وَيَثْبُتُ الْقَوَدُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً) لِأَنَّ الْقَتْلَ فِيهِ حَقٌّ آدَمِيٌّ أَشْبَهَ الْمَالِ، وَكَذَا الْقَذْفُ وَالشُّرْبُ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَتَقَدَّمَ.
(وَ) الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ وَإِيصَاءٍ) فِي غَيْرِ مَالٍ (وَتَوْكِيلٍ فِي غَيْرِ مَالٍ وَتَعْدِيلِ شُهُودٍ وَجُرْحَتِهِمْ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] قَالَهُ فِي الرَّجْعَةِ وَالْبَاقِي قِيَاسًا وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ أَشْبَهَ الْعُقُوبَاتِ.
وَذَكَرَ الْقِسْمَ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ (وَيُقْبَلُ فِي مُوضِحَةٍ وَنَحْوِهَا) كَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَدَاءٍ بِعَيْنٍ (وَدَاءِ دَابَّةِ طَبِيبٌ وَاحِدٌ وَبَيْطَارٌ وَاحِدٌ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْسُرُ إشْهَادُ اثْنَيْنِ عَلَيْهِ فَكَفَى الْوَاحِدُ كَالرَّضَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ) غَيْرُ الْوَاحِدِ (فَاثْنَانِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِوُجُودِ الدَّاءِ وَالْآخَرُ بِعَدَمِهِ (قُدِّمَ قَوْلٌ مُثْبِتٌ) لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِزِيَادَةٍ لَمْ يُدْرِكْهَا الثَّانِي.
الْقِسْمُ السَّادِسُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُقْبَلُ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْبَيْعِ وَأَجَلِهِ) أَيْ أَجَلِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْمُثَمَّنِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ (وَخِيَارِهِ) أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ (وَرَهْنٍ وَمَهْرٍ وَتَسْمِيَتِهِ وَرِقٍّ مَجْهُولِ النَّسَبِ وَإِجَارَةٍ وَشَرِكَةٍ وَصُلْحٍ وَهِبَةٍ وَإِيصَاءٍ فِي مَالٍ وَتَوْكِيلٍ فِيهِ وَقَرْضٍ وَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَوَصِيَّةٍ لِمُعَيَّنٍ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ وَشُفْعَةٍ وَحَوَالَةٍ وَغَصْبٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ وَضَمَانِهِ، وَفَسْخِ عَقْدٍ مُعَاوَضَةٍ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلْبِهِ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقٍّ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ (رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ فَامْرَأَتَانِ) فَاعِلٌ يُقْبَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَسِيَاقُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْأَمْوَالِ.
وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ وَحَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِثْلُهُ وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ صَاحِبِ الْحَقِّ» وَقَضَى بِهِ عَلِيٌّ بِالْعِرَاقِ رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرُوِيَ الْحَدِيثُ عَنْ ثَمَانِيَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُبَيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ.
أَيْضًا كَمَا سَبَقَ وَلِأَنَّ الَّذِي هُنَا قَوَّى جَانِبَهُ بِالشَّاهِدِ وَظَهَرَ صِدْقُهُ أَشْبَهَ صَاحِبَ الْيَدِ وَالْمُنْكِرِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ.
(وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الشَّاهِدِ عَلَى الْيَمِينِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي حَقِّهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ وَلَا يَقْوَى جَانِبُهُ إلَّا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي يَمِينِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَقُولَ وَإِنَّ شَاهِدِي صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ يَمِينُ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي ثُبُوتِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَلِذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُجِيبَهُ وَقَدْ ثَبَتَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فَلَمْ يَجِبْ حَلِفُ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى صِحَّتِهَا كَمَا لَوْ كَانَ مَعَ الشَّاهِدِ غَيْرِهِ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُبِلَ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ فَلَا فَرْقَ بَيْن كَوْنِ الْمُدَّعِي مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً) لِأَنَّ مَنْ شُرِعَتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ كَالْمُنْكِرِ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ نَاقِصَةٌ وَإِنَّمَا انْجَبَرَتْ بِانْضِمَامِ الرَّجُلِ إلَيْهَا (وَلَا) شَهَادَةُ (أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَكْثَرَ مَقَامَ رَجُلَيْنِ) إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(قَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَجِدَ بِخَطِّهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ يَجِدْ فِي روزمانج أَبِيهِ بِخَطِّهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ وَيَعْرِفُ مِنْ أَبِيهِ الْأَمَانَةَ وَأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ) مَعَ شَاهِدٍ أَقَامَهُ بِهِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ) أَيْ بِمَا وَجَدَهُ مِنْ خَطِّهِ مِنْ شَهَادَتِهِ أَوْ شَهَادَةِ أَبِيهِ وَتَقَدَّمَ.
(وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِحَقِّ أَبِيهِ ثِقَةٌ) أَيْ عَدْلٌ ضَابِطٌ (فَسَكَنَ إلَيْهِ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ) إذَا أَقَامَ بِهِ شَاهِدًا (وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ قَدْ زَوَّرَ عَلَى خَطِّهِ الثَّانِي أَمَّا مَا يَكْتُبُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ حُقُوقٍ بِكُتُبِهِ فَيَنْسَى بَعْضَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ (وَالْأَوْلَى الْوَرَعُ عَنْ) الْحَلِفِ عَلَى (ذَلِكَ) احْتِيَاطًا.
(فَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ هَكَذَا فِي الْمُبْدِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ (حُكِمَ عَلَيْهِ) بِالنُّكُولِ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي جِهَتِهِ وَقَدْ أَسْقَطَهَا بِنُكُولِهِ عَنْهَا وَصَارَتْ فِي جَنْبَةِ غَيْرِهِ فَلَمْ تَعُدْ إلَيْهِ كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ عَنْهَا.
(وَلَوْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ بِشَاهِدٍ فَأَقَامُوهُ) بَعْدَ دَعْوَاهُمْ (فَمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ) مِنْ الْحَقِّ لِكَمَالِ النِّصَابِ مِنْ جِهَتِهِ (وَلَا
يُشَارِكُهُ) فِيمَا أَخَذَهُ (مَنْ لَمْ يَحْلِفْ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ قَبْلَ حَلِفِهِ.
(وَلَا يَحْلِفُ وَارِثٌ نَاكِلٌ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ نُكُولِهِ) فَيَحْلِفُ وَارِثُهُ وَيَأْخُذُ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ.
(وَيُقْبَلُ فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ مُوجِبُهَا الْمَالُ دُونَ قِصَاصٍ فِي قَوَدٍ كَمَأْمُومَةٍ وَهَاشِمَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ لَهُ قَوَدٌ مُوضِحَةٌ فِي ذَلِكَ) لَوْ ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ.
(وَ) يُقْبَلُ أَيْضًا (فِي عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ حَالَ) كَالْجَائِفَةِ رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَ (شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَالَ أَشْبَهَ الْبَيْعَ وَكَذَا جِنَايَةُ أَبٍ عَلَى وَلَدِهِ وَقَتْلُ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ وَحُرٍّ لِعَبْدٍ (فَيَثْبُتُ الْمَالُ) بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالرَّجُلُ وَالْيَمِينُ دُونُ مِنْ قَوَدِ الْمُوضِحَةِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا ضَرَبَ أَخَاهُ بِسَهْمٍ عَمْدًا فَقَتَلَهُ وَنَفَذَ) السَّهْمُ (إلَى أَخِيهِ الْآخَرِ فَقَتَلَهُ خَطَأً وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثَبَتَ قَالَ الثَّانِي فَقَطْ) لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَالِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ قَتْلَهُ مُوجِبٌ لِلْقَوَدِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْقِسْمُ السَّابِعُ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيُقْبَلُ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْحَيْضِ وَالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَنَحْوِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبَرَصُ فِي الْجَسَدِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَالْقَرْنُ وَالرَّتْقُ وَالْعَفَلُ (شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَدْلٍ وَكَذَا جِرَاحَةٌ وَغَيْرُهَا فِي حَمَّامٍ وَعُرْسٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ) لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا» ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ.
وَرَوَى أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَجْزِي فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنًى ثَبَتَ بِقَوْلِ النِّسَاءِ مُفْرَدَاتٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَالرِّوَايَةِ وَأَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ (وَالْأَحْوَطُ اثْنَتَانِ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَإِنْ شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ كَانَ أَوْلَى لِكَمَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَكَالرِّوَايَةِ.
(وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ) شَهِدَ (رَجُلٌ مَعَ يَمِينٍ فِيمَا يُثْبِتُ الْقَوَدَ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعِ طَرَفٍ (لَمْ يَثْبُتْ بِهِ قَوَدٌ وَلَا مَالٌ) لِأَنَّ الْعَمْدَ يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَالْمَالُ بَدَلٌ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ بَدَلُهُ، وَإِنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ فَأَحَدُهُمَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ فَلَوْ أَوْجَبْنَا بِذَلِكَ الدِّيَةَ أَوْجَبْنَا مُعَيَّنًا بِدُونِ الِاخْتِيَارِ.
(وَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ) أَيْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ مَعَ يَمِينٍ (فِي) دَعْوَى (سَرِقَةٍ ثَبَتَ الْمَالُ) الْمَسْرُوقُ لِكَمَالِ بَيِّنَتِهِ (دُونَ الْقَطْعِ) لِأَنَّ السَّرِقَةَ تُوجِبُ الْمَالَ وَالْقَطْعَ، فَإِذَا كَانَ قَصُرَتْ الْبَيِّنَةُ عَنْ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ الْآخَرُ.
(وَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ) أَيْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ (رَجُلٌ فِي) دَعْوَى
(خُلْعٍ ثَبَتَ لَهُ الْعِوَضُ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْمَالَ الَّذِي خَالَعَ بِهِ وَهُوَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ (وَتَثْبُتُ الْبَيْنُونَةُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ) عَلَى زَوْجِهَا (الْخُلْعَ لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ) لِأَنَّهَا لَا تَقْصِدُ بِذَلِكَ إلَّا الْفَسْخَ، وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عِوَضٍ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ وَيَمِينٍ (وَلَوْ أَتَتْ) مَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا (بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَوْ رَجُلٍ وَحَلَفَتْ مَعَهُ يَمِينًا (أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ) دُونَ النِّكَاحِ (لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ فَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ وَلَا الدَّعْوَى بِهِ مِنْهَا إلَّا لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ.
(وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ) مَالًا (أَوْ غَصَبَهُ مَالًا فَحَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مَا سَرَقَ مِنْهُ وَلَا غَصَبَهُ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ) أَقَامَ بِذَلِكَ (شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ اسْتَحَقَّ) الْمُدَّعِي (الْمَسْرُوقَ وَالْمَغْصُوبَ) لِكَمَالِ بَيِّنَتِهِ (وَلَمْ يَثْبُتْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ) لِأَنَّهُ لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ لَهُ، لَكِنَّ الْعِتْقَ ثَبَتَ بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ وَالْيَمِينِ فَيَثْبُتُ الْعِتْقُ أَيْضًا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ فِي الْمُنْتَهَى عَلَى الطَّلَاقِ.
(وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَمَةً بِيَدِهِ لَهَا وَلَدٌ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَأَنَّ وَلَدَهَا وَلَدُهُ وَشَهِدَ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَحَلَفَ مَعَهُ (حُكِمَ لَهُ بِالْأَمَةِ وَأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَهَا، وَقَدْ أَقَامَ بَيِّنَةً كَافِيَةً فِيهِ وَثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ نَافِذٌ فِي مِلْكِهِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ وَالْيَمِينِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلَّفِ أَنَّهُ حَصَلَ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ هُوَ بِمُرَادٍ بَلْ مُرَادُهُ الْحُكْمُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عِلَّةِ ذَلِكَ وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُقِرٌّ بِأَنَّ وَطْأَهَا كَانَ فِي مِلْكِهِ (وَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِالْوَلَدِ وَلَا بِحُرِّيَّتِهِ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ (وَيُقِرُّ) الْوَلَدَ (فِي يَدِ الْمُنْكِرِ مَمْلُوكًا لَهُ) لِعَدَمِ مَا يَرْفَعُ يَدَهُ.
(وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَهُ فَأَعْتَقَهَا، وَشَهِدَ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَحَلَفَ (لَمْ يَثْبُتْ مِلْكٌ وَلَا عِتْقٌ) قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِمِلْكٍ قَدِيمٍ فَلَمْ يَثْبُتْ وَالْحُرِّيَّةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقِيلَ تَثْبُتُ كَالَّتِي قَبْلَهَا.
(وَلَوْ وَجَدَ عَلَى دَابَّةٍ مَكْتُوبٌ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ) وَجَدَ (عَلَى أُسْكُفَّةِ دَارٍ أَوْ) عَلَى (حَائِطِهَا وَقْفٌ أَوْ مَسْجِدٌ أَوْ مَدْرَسَةٌ حُكِمَ بِهِ) أَيْ بِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَيْهَا أَمَارَةٌ قَوِيَّةٌ فَعَمِلَ بِهَا لَا سِيَّمَا عِنْد عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَأَمَّا إذَا عَارَضَ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَا تُتَّهَمُ وَلَا تَسْتَنِدُ إلَى مُجَرَّدِ الْيَدِ، بَلْ تَذْكُرُ سَبَبَ الْمِلْكِ وَاسْتِمْرَارِهِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْأَمَارَاتِ وَأَمَّا إنْ عَارَضَهَا مُجَرَّدُ