الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دِيَةُ الْأُنْثَى) لِاعْتِرَافِهِمْ بِاسْتِهْلَالِهَا (وَعَلَى الْجَانِي تَمَامُ دِيَةِ الذَّكَرِ وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِاعْتِرَافِهِ.
(وَإِنْ اتَّفَقُوا) عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَهَلَّ (وَلَمْ يَعْرِفْ لَزِمَ) الْعَاقِلَةَ (دِيَةُ أُنْثَى) لِأَنَّهَا الْيَقِينُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَتَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الَّذِي لَمْ يَسْتَهِلَّ) مِنْهُمَا بِكُلِّ حَالٍ (وَإِنْ ضَرَبَهَا) الْجَانِي (فَأَلْقَتْ يَدًا ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا فَإِنْ كَانَ إلْقَاؤُهُمَا مُتَقَارِبًا وَبَقِيَتْ الْمَرْأَةُ مُتَأَلِّمَةً إلَى أَنْ أَلْقَتْهُ دَخَلَتْ) دِيَةُ (الْيَدِ فِي ضَمَانِ الْجَنِينِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّرْبَ قَطَعَ يَدَهُ وَسَرَى إلَى نَفْسِهِ (ثُمَّ إنْ كَانَ) الْجَنِينُ (سَقَطَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهِ فَفِيهِ غُرَّةٌ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) إنْ سَقَطَ حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ (فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ بَقِيَ حَيًّا لَمْ يَمُتْ فَعَلَى الضَّارِبِ ضَمَانُ الْيَدِ بِدِيَتِهَا) كَمَا لَوْ جُنِيَ عَلَى إنْسَانٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ.
(وَإِنْ أَلْقَتْ الْيَدَ وَزَالَ الْأَلَمُ ثُمَّ أَلْقَتْ الْجَنِينَ ضَمِنَ الْيَدَ وَحْدَهَا) لِسُقُوطِهَا بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ بِخِلَافِ الْجَنِينِ (ثُمَّ إنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهِ فَفِي الْيَدِ نِصْفُ غُرَّةٍ) لِأَنَّ الْجَنِينَ لَوْ كَانَ مَضْمُونًا إذَنْ كَانَ فِيهِ غُرَّةٌ وَفِي الْيَدِ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ (وَإِنْ أَلْقَتْهُ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْيَدِ (حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَانَ بَيْنَ إلْقَاءِ الْيَدِ وَإِلْقَائِهِ مُدَّةً يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ لَمْ تُخْلَقْ فِيهِ) أَيْ الْجَنِينِ (قَبْلَهَا فَإِنْ قُلْنَ أَيْ الْقَوَابِلُ أَنَّهَا يَدٌ مَنْ لَمْ تُخْلَقْ فِيهِ الْحَيَاةُ أَوْ يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فِيهِ) الْحَيَاةُ (وَلَمْ يَمْضِ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرِ) وَجَبَ فِي الْيَدِ نِصْفُ الْغُرَّةِ لِأَنَّهَا نِصْفُ مَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ إذَنْ (أَوْ أَشْكَلَ) الْحَالُ (عَلَيْهِنَّ وَجَبَ نِصْفُ غُرَّةٍ) لِأَنَّهُ يَقِينٌ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ قُلْتُ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفُصُولِ إذَا أَلْقَتْ يَدًا أَوْ نَحْوِهَا فِيهَا غُرَّةٌ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلَّهُ إذَا انْفَرَدَتْ وَمَا هُنَا إذَا كَانَتْ مَعَ جَنِينٍ (وَإِذَا شَرِبَتْ الْحَامِلُ دَوَاءً فَأَلْقَتْ بِهِ جَنِينًا فَعَلَيْهَا غُرَّةٌ لَا تَرِثُ مِنْهَا) شَيْئًا (لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ) لِجَنِينِهَا.
(وَإِنْ جُنِيَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا فَفِيهِ مَا نَقَصَهَا) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا نَقْصُهَا فَكَذَا فِي جَنِينِهَا.
[فَصْل وَتُغَلَّظُ دِيَةُ النَّفْسِ لَا الطَّرَفِ]
ِ خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فَقَطْ) لَا عَمْدَ وَقَالَ الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَوْ عَمْدًا (فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ) أَحَدُهَا (حَرَمُ مَكَّةَ) دُونَ الْمَدِينَةِ.
(وَ) الثَّانِي (إحْرَامٌ وَ)
الثَّالِثُ (أَشْهُرٌ حُرُمٌ فَقَطْ) دُونَ الرَّحِمِ وَلَوْ مُحَرَّمًا خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ (فَيُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِمَا رُوِيَ " أَنَّ امْرَأَةً وُطِئَتْ فِي طَوَافٍ فَقَضَى عُثْمَانُ فِيهَا بِسِتَّةِ آلَافٍ وَأَلْفَيْنِ " تَغْلِيظًا لِلْحَرَمِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَفِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ فَقَالَ دِيَتُهُ اثْنَا عُشْرَ أَلْفًا وَلِلشَّهْرِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلِلْبَلَدِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ "(فَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْحُرُمَاتُ الثَّلَاثُ وَجَبَ دِيَتَانِ) لِأَنَّ الْقَتْلَ يَجِب بِهِ دِيَةٌ وَقَدْ تَكَرَّرَ التَّغْلِيظُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَوَجَبَ بِهِ دِيَةٌ أُخْرَى.
(وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهَا) أَيْ الدِّيَةِ (لَا تُغَلَّظُ لِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ) وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ وَاحِدَةً فِي كُلِّ مَكَان وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.
(وَ) هُوَ ظَاهِرُ (الْإِخْبَارِ) مِنْهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ مِثْقَالٍ» وَرَوَى الْجُوزَجَانِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ الْفُقَهَاءَ فَكَانَ مِمَّا أَحْيَا مِنْ تِلْكَ السُّنَنِ أَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ بِثَابِتٍ مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا وَلَوْ صَحَّ فَفِعْلُ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ أَوْلَى فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَهُوَ أَصَحُّ فِي الرِّوَايَةِ مَعَ مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ وَالْقِيَاسِ (وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَنَصَّ فِي الشَّرْحِ وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ التَّغْلِيظَ.
(وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حُقِنَ دَمُهُ) بِأَنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ (عَمْدًا أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ عَلَى قَاتِلَهُ لِإِزَالَتِهِ الْقَوَدَ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ وَالْقَوَدُ شُرِعَ زَجْرًا عَنْ تَعَاطِي الْقَتْلِ حَكَمَ بِهِ عُثْمَانُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْكَافِرَ (ذِمِّيٌّ أَوْ قَتَلَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا لَمْ تُضَعَّفْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ) لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْقَوَدِ.
(وَإِنْ جَنَى رَقِيقٌ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ) كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ (أَوْ) عَمْدًا (فِيهِ قَوَدٌ وَاخْتِيرَ الْمَالُ أَوْ أَتْلَفَ) الْقِنُّ (مَالًا) وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ أَوْ الْإِتْلَافُ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ ذَلِكَ) الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ الْإِتْلَافِ (بِرَقَبَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى إلْغَائِهَا أَوْ تَأْخِيرِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ غَايَةٍ وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ فَتَعَيَّنَ تَعَلُّقَهَا بِرَقَبَةِ السَّيِّدِ كَالْقِصَاصِ (فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ) أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ (أَوْ يُسَلِّمهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَيَمْلِكُهُ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ) لِوَلِيِّ
الْجِنَايَةِ وَمَالِكِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى قِيمَتَهُ فَقَدْ أَدَّى عِوَضَ الْمَحِلّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ سَلَّمَهُ لِوَلِيِّهَا فَقَدْ دَفَعَ الْمَحِلَّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ (فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ) أَيْ أَرْشُهَا (أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ رَقَبَةِ الْجَانِي فَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ سِوَى قِيمَتِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) السَّيِّدُ (أَمَرَهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (فِيهَا فَيَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدُ (الْأَرْشُ كُلُّهُ) كَمَا لَوْ اسْتَدَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
(فَلَوْ أَمَرَهُ) السَّيِّدُ (أَنْ يَقْطَعَ يَدَ حُرٍّ) وَفَعَلَ (فَعَلَى السَّيِّدِ دِيَةُ يَدِ الْحُرِّ وَإِنْ كَانَتْ) دِيَةُ الْيَدِ (أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) لِأَمْرِهِ لَهُ بِالْقَطْعِ (وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ) السَّيِّدُ (أَنْ يَجْرَحهُ) أَيْ الْحُرَّ وَجَرَحَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَرْشُ الْجُرْحِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ) الَّذِي تَعَلَّقَ الْأَرْش بِرَقَبَتِهِ (أَجْنَبِيٌّ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِقِيمَتِهِ جَزَمَ بِهِ) الْقَاضِي (فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ) لِأَنَّ قِيمَتَهُ بَدَلهُ فَتَحَوَّلَ التَّعَلُّقُ إلَيْهَا كَقِيمَةِ الرَّهْنِ لَوْ أَتْلَفَ (وَالْمُطَالَبَةُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ مُطَالَبَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى السَّيِّدِ (وَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْجَانِي) عَلَى الْعَبْدِ (بِالْقِيمَةِ) فَإِنْ شَاءَ وَفَّى مِنْهَا وَإِنْ شَاءَ وَفَّى مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِأَنَّهَا بَدَلُهُ.
(وَإِنْ سَلَّمَ) الْقِنُّ (الْجَانِي سَيِّدَهُ فَأَبَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ قَبُولَهُ وَقَالَ بِعْهُ أَنْتَ وَادْفَعْ ثَمَنَهُ إلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ بَيْعُهُ لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَكْثَرَ مِنْ الرَّقَبَةِ وَقَدْ سَلَّمَهَا (وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ) وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ (وَإِنْ فَضَلَ عَنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الْقِنِّ (شَيْءٌ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ) أَيْ الْفَاضِلُ (لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ هُوَ الْوَاجِبُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْهُ (وَلِلسَّيِّدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ الْقِنِّ الْجَانِي (بِعِتْقٍ وَغَيْرِهِ) كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَبَيْعٍ لَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِلْكَهُ كَتَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ مَعَ دَيْنٍ (وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ) أَوْ عِتْقُ السَّيِّدِ الْقِنَّ الْجَانِي (عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) بِهَا لِأَنَّهُ عِتْقٌ مِنْ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فَنَفَذَ كَغَيْرِ الْجَانِي (وَيَضْمَنُ) السَّيِّدُ (إذَا أَعْتَقَهُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ) وَهُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِ السَّيِّدِ أَوْ إذْنُهُ لِأَنَّهُ إنْ دَفَعَ الْأَرْشَ فَهُوَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْمُطَالَبَةَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنْ أَدَّى قِيمَةَ الْقِنِّ فَقَدْ أَدَّى بَدَلَ الْمَحَلِّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ وَهُوَ قِيمَةُ الْجَانِي.
(وَإِنْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ (أَوْ وَهَبَهُ صَحَّ) الْبَيْعُ أَوْ الْهِبَةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فَنَفَذَ كَغَيْرِهِ (وَلَمْ يَزُلْ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ عَنْ رَقَبَتِهِ) إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُعْسِرًا لِسَبْقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَيُطَالِبُ الْبَائِعَ أَوْ الْوَاهِبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَلَا خِيَار لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي) لِلْجَانِي (عَالِمًا
بِحَالِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَةً تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ (فَلَا خِيَارَ لَهُ) لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ فِي فِدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ كَالسَّيِّدِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ مَالِكُهُ إذَنْ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمُشْتَرِي بِحَالِهِ (فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ) عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ مَعَ إعْسَارِ بَائِعِهِ عَيْبٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ جَنَى الرَّقِيقَ عَمْدًا فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى رَقَبَتِهِ) أَيْ الْجَانِي (لَمْ يَمْلِكهُ بِغَيْرِ رِضَا سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْجِنَايَةِ فَلِئَلَّا يَمْلِكْهُ بِالْعَفْوِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ انْتَقَلَ حَقُّهُ إلَى الْمَالِ فَصَارَ كَالْجِنَايَةِ (وَإِنْ جَنَى) الْقِنُّ (عَلَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ خَطَأٌ) أَوْ عَمْدًا لَا يُوجِبُ قَوَدًا أَوْ عَمْدًا يُوجِبهُ وَعَفْوًا إلَى الْمَالِ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ مَالًا لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (اشْتَرَكُوا فِيهِ بِالْحِصَصِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ أَوْ أَوْقَاتٍ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي سَبَبِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ فَتَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً (فَإِذَا عَفَا أَحَدُهُمْ) عَمَّا وَجَبَ لَهُ (أَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَعَفَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْبَاقِينَ بِكُلِّ الْعَبْدِ) الْجَانِي لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ مَوْجُودٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ ذَلِكَ لِمُزَاحَمَةِ الْآخَرِ وَقَدْ زَالَ الْمُزَاحِمُ (وَشِرَاءُ وَلِيِّ الْقَوَدِ الْجَانِي عَفْوٌ عَنْهُ) فَظَاهِرُهُ لَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَكُونُ عَفْوًا قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ.
(وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ حُرًّا فَعَفَا) الْحُرُّ (عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ (ثُمَّ مَاتَ) الْحُرُّ مِنْ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ وَفُرِضَ أَنَّ (قِيمَةَ الْعَبْدِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرِّ وَاخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ بِقِيمَتِهِ صَحَّ الْعَفْو فِي ثُلُثٍ مَا مَاتَ) الْعَافِي (عَنْهُ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ) حَيْثُ لَمْ يُجِيزُوا عَفْوَهُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِأَمْرِ السَّيِّدِ أَوْ إذْنِهِ فَرَدَّ نِصْفَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى قِيمَةِ الْجَانِي وَيَفْدِيهِ سَيِّدُهُ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَبْلَغِ.
(وَلَوْ أَنَّ عَشَرَةَ أَعْبُدٍ قَتَلُوا عَبْدًا عَمْدًا فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ) كَقَتْلِ الْأَحْرَارِ لِحُرٍّ (فَإِنْ اخْتَارَ السَّيِّدُ قَتْلَهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَفَا) سَيِّدُ الْمَقْتُولِ (إلَى مَالٍ تَعَلَّقَتْ قِيمَةُ عَبْدِهِ بِرِقَابِهِمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْعَبِيدِ الْعَشَرَةِ الْقَاتِلِينَ (عُشْرُهَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِهَا أَوْ يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ) بِقَدْرِ الْعُشْرِ كَمَا تُوَزَّعُ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قَاتِلِيهِ (فَإِنْ اخْتَارَ) سَيِّدُ الْمَقْتُولِ (قَتْلَ بَعْضِهِمْ وَالْعَفْوَ عَنْ بَعْضٍ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.
(وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدَيْنِ لِرَجُلَيْنِ) وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (قَتَلَ) السَّيِّدُ الْجَانِي (بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا) لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ فَيُرَاعَى (فَإِنْ عَفَا عَنْهُ) سَيِّدُ (الْأَوَّلِ قُتِلَ بِالثَّانِي) لِزَوَالِ الْمُزَاحِمِ (وَإِنْ قَتَلَهُمَا) أَيْ قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدَيْنِ (دَفْعَةً وَاحِدَةً أُقْرِعَ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ) إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قَتْلِهِ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَاتِلِ الْحُرَّيْنِ (فَمَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ اقْتَصَّ) مِنْ الْجَانِي (وَسَقَطَ حَقُّ الْآخَرِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ عَفَا) مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (عَنْ الْقِصَاص أَوْ عَفَا سَيِّدُ) الْعَبْدِ (الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ) فِيمَا إذَا كَانَ قَتَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ