الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثْلِ (تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَاسْتِحْلَالِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ وَلَمْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ) حَيْثُ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ لِمَا رُوِيَ " أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ ثُمَّ قَالَ: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ "(وَإِنْ سَبُّوا الْإِمَامَ أَوْ عَدْلًا غَيْرَهُ أَوْ تَعَرَّضُوا بِالسَّبِّ عَزَّرَهُمْ) لِأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوا مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ (وَإِنْ جَنَوْا جِنَايَةً وَأَتَوْا حَدًّا أَقَامَهُ) الْإِمَامُ (عَلَيْهِمْ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ فِي ابْنِ مُلْجِمٍ لَمَّا جَرَحَهُ: " أَطْعِمُوهُ وَاسْقُوهُ وَاحْبِسُوهُ فَإِنْ عِشْتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي وَإِنْ مِتُّ فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ " وَإِنَّهُمْ لَيْسُوا بِبُغَاةٍ فَهُمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ.
(وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ طَلَبِ رِئَاسَةٍ فَهُمَا ظَالِمَتَانِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَاغِيَةٌ عَلَى الْأُخْرَى (وَتَضْمَنُ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الْأُخْرَى) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ نَفْسًا مَعْصُومَةً وَمَالًا مَعْصُومًا قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: فَأَوْجَبُوا الضَّمَانَ عَلَى مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْمُتْلِفِ وَإِنْ تَقَابَلَا تَقَاصَّا لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَالْمُعِينَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ مَا نَهَبَتْهُ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ الْأُخْرَى تَسَاوَتَا كَمَنْ جَهِلَ قَدْرَ الْحَرَامِ الْمُخْتَلِطِ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ النِّصْفَ وَالْبَاقِي لَهُ (فَلَوْ قُتِلَ مَنْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ بِصُلْحٍ وَجُهِلَ قَاتِلُهُ ضَمِنَتَاهُ) وَإِنْ عُلِمَ قَاتِلُهُ مِنْ طَائِفَةٍ وَجُهِلَ عَيْنُهُ ضَمِنَتْهُ وَحْدَهَا.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيُفَارَقُ الْمَقْتُولُ فِي زِحَامِ الْجَامِعِ وَالطَّوَافِ؛ لِأَنَّ الزِّحَامَ وَالطَّوَافَ لَيْسَ فِيهَا تَعَدٍّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
تَتِمَّةً قَالَ فِي الِاخْتِبَارَاتِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ مِنْ شَرِيعَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِتَالُهَا حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ كَالْمُحَارِبِينَ وَأَوْلَى.
[بَابُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ]
(بَاب حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَهُوَ) لُغَةً الرَّاجِعُ يُقَالُ ارْتَدَّ فَهُوَ مُرْتَدٌّ إذَا رَجَعَ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21] وَشَرْعًا (الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ) نُطْقًا أَوْ اعْتِقَادًا
أَوْ شَكًّا أَوْ فِعْلًا (وَلَوْ مُمَيِّزًا) فَتَصِحّ رِدَّتُهُ كَإِسْلَامِهِ وَيَأْتِي (طَوْعًا) لَا مُكْرَهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106](وَلَوْ) كَانَ (هَازِلًا) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [المائدة: 54] الْآيَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ.
(فَمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى أَيْ كَفَرَ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَوْ مُكْرَهًا بِحَقٍّ كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48](أَوْ جَحَدَ بِرُبُوبِيَّتِهِ أَوْ وَحْدَانِيِّتِهِ) كَفَرَ لِأَنَّ جَاحِدَ ذَلِكَ مُشْرِكٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) جَحَدَ (صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ) اللَّازِمَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ لِأَنَّهُ كَجَاحِدِ الْوَحْدَانِيَّةِ.
وَفِي الْفُصُولِ: شَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ مُتَّفَقًا عَلَى إثْبَاتِهَا (أَوْ اتَّخَذَ لَهُ) أَيْ لِلَّهِ (صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا) كَفَرَ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَفَاهُ عَنْهُ فَمُتَّخِذُهُ مُخَالِفٌ لَهُ غَيْرُ مُنَزِّهٍ لَهُ عَنْ ذَلِكَ (أَوْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ أَوْ صَدَّقَ مَنْ ادَّعَاهَا) بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَفَرَ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] .
وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نَبِيَّ بَعْدِي» (أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا) مَجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ جَاحِدٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ (أَوْ) جَحَدَ (كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ) لِأَنَّ جَحْدَ شَيْءٍ مِنْهُ كَجَحْدِهِ كُلِّهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ الْكُلِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (أَوْ جَحَدَ الْمَلَائِكَةَ) أَوْ أَحَدًا مِمَّنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَلَكٌ كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ (أَوْ) جَحَدَ (الْبَعْثَ) كَفَرَ لِتَكْذِيبِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ) كَفَرَ لِأَنَّهُ لَا يَسُبُّهُ إلَّا وَهُوَ جَاحِدٌ بِهِ (أَوْ اسْتَهْزَأَ بِاَللَّهِ) تَعَالَى (أَوْ بِكُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65]{لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 66] .
قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِي الْهَازِئِ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُؤَدَّبَ أَدَبًا يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُكْتَفَ مِمَّنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْبَةِ فَهَذَا أَوْلَى.
(قَالَ الشَّيْخُ أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ أَوْ لِمَا جَاءَ بِهِ) الرَّسُولُ (اتِّفَاقًا، وَقَالَ أَوْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ إجْمَاعًا انْتَهَى) أَيْ كَفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَفِعْلِ عَابِدِي الْأَصْنَامِ قَائِلِينَ: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] .
(أَوْ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ) عِبَارَةُ الْمُنْتَهَى لِكَوْكَبٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ الْكَوَاكِبِ كَفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ إشْرَاكٌ (أَوْ أَتَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ صَرِيحٍ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ) الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ كَفَرَ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (أَوْ وُجِدَ مِنْهُ امْتِهَانٌ لِلْقُرْآنِ أَوْ طَلَبُ تَنَاقُصِهِ أَوْ دَعْوَى أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ أَوْ) أَنَّهُ (مُخْتَلِفٌ أَوْ مَقْدُورٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ إسْقَاطٌ لِحُرْمَتِهِ) كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21] وَقَوْلُهُ: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] وَقَوْلُهُ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء: 88] الْآيَة (أَوْ أَنْكَرَ الْإِسْلَامَ) كَفَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19](أَوْ) أَنْكَرَ (الشَّهَادَتَيْنِ أَوْ) أَنْكَرَ (أَحَدَهُمَا كَفَرَ) لِأَنَّهُ إنْكَارٌ لِلْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَذَلِكَ كُفْرٌ لِمَا مَرَّ.
وَ (لَا) يَكْفُرُ (مَنْ حَكَى كُفْرًا سَمِعَهُ وَ) هُوَ (لَا يَعْتَقِدُهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ هَذَا إجْمَاعٌ.
وَفِي الِانْتِصَارِ: مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ كُفْرٍ مِنْ لُبْسِ غِيَارٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ بِصَدْرِهِ حَرُمَ وَلَمْ يَكْفُرْ.
(أَوْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا) فَلَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ (وَلَا مَنْ جَرَى) الْكُفْرُ (عَلَى لِسَانِهِ سَبْقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِشِدَّةٍ فَرَحٍ أَوْ دَهَشٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ فَقَالَ) غَلَطًا (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ) لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» .
(وَمِنْ إطْلَاقِ الشَّارِعِ صلى الله عليه وسلم كُفْرٌ) دُونَ كُفْرٍ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ (كَدَعْوَاهُمْ لِغَيْرِ أَبِيهِمْ، وَكَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَهُوَ تَشْدِيدٌ) وَتَأْكِيدٌ.
(وَ) نَقَلَ حَرْبٌ (كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ) وَقِيلَ كُفْرُ نِعْمَةٍ، وَقِيلَ قَارَبَ الْكُفْرَ وَعَنْهُ يَجِبُ الْوَقْفُ، وَلَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ:«مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» أَيْ جَحَدَ تَصْدِيقِهِ بِكَذِبِهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى هَذَا إذَا اعْتَقَدَ تَصْدِيقَهُمْ بَعْد مَعْرِفَتِهِ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ كُفْرًا حَقِيقَةً انْتَهَى.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا وَأَنْكَرَ الْقَاضِي جَوَازَ
إطْلَاقِ اسْمِ كُفْرِ النِّعْمَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ.
(وَإِنْ أَتَى بِقَوْلٍ يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ) هُوَ (يَعْبُدُ الصَّلِيبَ وَنَحْوَ ذَلِكَ) نَحْوَ هُوَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِيمَانِ) فَهُوَ كَافِرٌ.
(وَقَذَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْ) قَذَفَ (أُمَّهُ) فَهُوَ كَافِرٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْقَذْفِ.
(أَوْ اعْتَقَدَ قِدَمَ الْعَالَمِ) وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ (أَوْ) اعْتَقَدَ (حُدُوثَ الصَّانِعِ) جَلَّ وَعَلَا فَهُوَ كَافِرٌ لِتَكْذِيبِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (أَوْ سَخِرَ بِوَعْدِ اللَّهِ أَوْ بِوَعِيدِهِ) فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِهْزَاءِ بِاَللَّهِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ.
(أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ) أَيْ تَدَيَّنَ (بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى) وَالْيَهُودِ (أَوْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ) فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] .
(أَوْ قَالَ قَوْلًا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَضْلِيلِ الْأُمَّةِ) أَيْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَلِلْخَبَرِ.
(أَوْ) قَالَ قَوْلًا يُتَوَصَّل بِهِ إلَى (تَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ) أَيْ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ (فَهُوَ كَافِرٌ) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ» وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْخَوَارِجِ وَنَحْوِهِمْ.
(وَقَالَ الشَّيْخُ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكَنَائِسَ بُيُوتُ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ يُعْبَدُ فِيهَا وَأَنَّ مَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِبَادَةً لِلَّهِ وَطَاعَةً لَهُ وَلِرَسُولِهِ أَوْ أَنَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ أَوْ يَرْضَاهُ) فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ وَذَلِكَ كُفْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَى فَتْحِهَا) أَيْ الْكَنَائِسِ (وَإِقَامَةِ دِينِهِمْ وَ) اعْتَقَدَ (أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ أَوْ طَاعَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ) لِتَضَمُّنِهِ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ (وَقَالَ) الشَّيْخُ (فِي مَوْضِعِ آخَرَ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنْ زِيَارَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي كَنَائِسِهِمْ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ وَإِنْ جَهِلَ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عُرِّفَ ذَلِكَ فَإِنْ أَصَرَّ صَارَ مُرْتَدًّا) لِتَضَمُّنِهِ تَكْذِيبَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19] .
(وَقَالَ قَوْلَ الْقَائِلِ مَا ثَمَّ إلَّا اللَّهُ إنْ أَرَادَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الِاتِّحَادِ مِنْ أَنَّ مَا ثَمَّ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ وَيَقُولُونَ إنَّ وُجُودَ الْخَالِقِ هُوَ وُجُودُ الْمَخْلُوقِ وَ) يَقُولُونَ (الْخَالِقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ وَالْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ وَالْعَبْدُ هُوَ الرَّبُّ وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي) الَّتِي قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى بُطْلَانِهَا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ (وَكَذَلِكَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَان وَيَجْعَلُونَهُ مُخْتَلِطًا