الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يَنْظُرُ الْقَاضِي وُجُوبًا فِي أَمْرِ يَتَامَى وَمَجَانِينَ]
(فَصْلٌ ثُمَّ يَنْظُرُ) الْقَاضِي (وُجُوبًا فِي أَمْرِ يَتَامَى وَمَجَانِينَ وَوُقُوفٍ) عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَوَصَايَا لَا وَلِيَّ لَهُمْ وَلَا نَاظِرَ) لِأَنَّ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ لَا قَوْلَ لَهُمَا وَأَرْبَابُ الْوُقُوفِ وَالْوَصَايَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ لَا يَتَعَيَّنُونَ.
(وَلَوْ نَفَّذَ) الْقَاضِي (الْأَوَّلُ وَصِيَّةَ مُوصَى إلَيْهِ أَمْضَاهَا) الْقَاضِي (الثَّانِي) وَلَمْ يَعْزِلْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَةُ أَهْلِيَّتِهِ (فَدَلَّ) ذَلِكَ (أَنْ إثْبَاتَ صِفَةٍ كَعَدَالَةٍ وَجَرْحٍ وَأَهْلِيَّةِ مُوصَى إلَيْهِ وَغَيْرِهَا حُكْمٌ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ آخَرُ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ وَتَنْفِيذُهُ (لَكِنْ يُرَاعِيهِ) أَيْ يُرَاعِي الْقَاضِي الْمُوصَى إلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ، فَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ.
(فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) أَيْ الْمُوصَى إلَيْهِ وَمِثْلُهُ النَّاظِرُ بِشَرْطٍ (بِفِسْقٍ أَوْ ضَعْفٍ أَضَافَ إلَيْهِ أَمِينًا) قَوِيًّا يُعِينُهُ لِيَحْصُلَ مَقْصُودَ الْوَصِيَّةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْقَاضِي (الْأَوَّلُ مَا نَفَّذَ وَصِيَّتَهُ نَظَرَ) الثَّانِي (فِيهِ) أَيْ فِي الْمُوصَى إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا) أَمِينًا (أَقَرَّهُ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا ضَعِيفًا ضَمَّ إلَيْهِ مَنْ يُعِينُهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا عَزَلَهُ وَأَقَامَ غَيْرَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَلَى الْأَصَحِّ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ ثُمَّ قَالَ، وَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ يَنْظُرُ عَلَيْهِ انْتَهَى وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ أَوْ فَرَّقَ لِلْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْوَصِيَّةِ نَفَّذَ تَصَرُّفَهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَالْمُوصَى إلَيْهِمْ بَالِغِينَ عَاقِلِينَ مُعَيَّنِينَ صَحَّ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ قَبَضُوا حُقُوقَهُمْ.
(وَيَنْظُرُ) الْقَاضِي الثَّانِي (فِي أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ) قَبْلَهُ (وَهُمْ مَنْ رَدَّ إلَيْهِ الْحَاكِمُ النَّظَرَ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ وَتَفْرِقَةِ الْوَصَايَا الَّتِي لَمْ يُعَيَّنْ لَهَا وَصِيٌّ) مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي (فَإِنْ كَانُوا بِحَالِهِمْ) مِنْ الْأَهْلِيَّةِ (أَقَرَّهُمْ) عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَبْلَهُ وَلَّاهُمْ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَلَا بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ خُلَفَائِهِ فِي الْحُكْمِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ مَا يَلْحَقُ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ بِعَزْلِهِمْ بِإِضَاعَةِ حُقُوقِ الْأَيْتَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلِذَلِكَ ذَكَرُوا فِي الْوَقْفِ لَوْ فَوَّضَ قَاضٍ النَّظَرَ لِوَاحِدٍ لَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضِهِ وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى مِنْ عِنْدِهِ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُمْ - أَيْ الْأَصْحَابَ - نَزَّلُوا تَفْوِيضَهُ مَنْزِلَةَ حُكْمِهِ فَكَذَلِكَ يُقَالُ هُنَا.
(وَمَنْ تَغَيَّرَ حَالُهُ) مِمَّنْ نَصَبَ وَصِيًّا (عَزَلَهُ إنْ فَسَقَ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (وَإِنْ ضَعُفَ) مَعَ عَدَالَتِهِ (ضَمَّ إلَيْهِ أَمِينًا) لِيَقْوَى عَلَى
التَّصَرُّفِ.
(ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الضَّوَالِّ وَاللُّقَطِ الَّتِي يَتَوَلَّى الْحَاكِمُ حِفْظَهَا) لِئَلَّا تَضِيعَ (فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُخَافُ تَلَفُهُ كَالْحَيَوَانِ أَوْ) كَانَ (فِي حِفْظِهَا مُؤْنَةٌ بَاعَهَا وَحَفِظَ ثَمَنَهَا لِأَرْبَابِهَا) لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُمْ (وَإِنْ كَانَتْ أَثْمَانًا حَفِظَهَا لِأَرْبَابِهَا وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا) لُقَطَةً أَوْ نَحْوَهُ (لِتُعْرَفَ) وَلَا تَشْتَبِهُ بِغَيْرِهَا (ثُمَّ يَنْظُرُ فِي حَالِ الْقَاضِي قَبْلَهُ إنْ شَاءَ وَلَا يَجِبُ) عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِر صِحَّةُ قَضَايَا مَنْ قَبْلَهُ.
(فَإِنْ كَانَ) مَنْ قَبْلَهُ (مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُضَ مِنْ أَحْكَامِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِمِثْلِهِ وَيُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ أَصْلًا (إلَّا مَا يُخَالِفُ نَصَّ كِتَابِ) اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) نَصَّ (سُنَّةِ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ آحَادٍ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَلَوْ مُلْتَزِمًا فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ نَصًّا وَ) .
كَذَا (جَعْلَ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) لِفَلَسٍ (أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَيُنْقَضُ نَصًّا) لِأَنَّهُ قَضَاءٌ لَمْ يُصَادِفْ شَرْطَهُ فَوَجَبَ نَقْضُهُ كَمَا لَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لِأَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ عَدَمُ مُخَالِفَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ بِدَلِيلِ خَبَر مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَلِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَقَدْ فَرَّطَ فَوَجَبَ نَقْضُ حُكْمِهِ، كَمَا لَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ.
(وَلَوْ زَوَّجَتْ) الْمَرْأَةُ (نَفْسَهَا) وَحَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ (لَمْ يُنْقَضْ) حُكْمُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ خَالَفَ مَا) حُكِمَ بِهِ (إجْمَاعًا قَطْعِيًّا) فَيُنْقَضُ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ شَرْطِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَ (لَا) يُنْقَضُ مَا خَالَفَ إجْمَاعًا (ظَنِّيًّا وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ) إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا بِخِلَافِ الْمُقَلِّدِ وَتَقَدَّمَ (وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَحَكَاهُ الْقَرَافِيُّ إجْمَاعًا وَيَأْثَمُ وَيَعْصَى بِذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] .
(وَلَوْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَمْ يُنْقَضْ وَحَكَاهُ الْقَرَافِيُّ أَيْضًا إجْمَاعًا) وَيَأْتِي فِي أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: «قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْمَالِ» (وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِعَدَمِ عِلْمِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِ) لِلْإِمَامِ (مَالِكٍ) لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالْخِلَافِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ وَلَا بُطْلَانِهِ حَيْثُ وَافَقَ مُقْتَضَى الشَّرْعِ.
(وَلَا) يُنْقَضُ حُكْمُهُ أَيْضًا (لِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ وَلَوْ) كَانَ الْقِيَاسُ (جَلِيًّا) لِأَنَّ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ (وَحَيْثُ قُلْنَا بِنَقْضِ) الْحُكْمِ (فَالنَّاقِضُ لَهُ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ) مَوْجُودًا (فَيَثْبُتُ السَّبَبُ) الْمُقْتَضَى عِنْدَهُ (وَيَنْقُضُهُ) حَاكِمُهُ دُونَ غَيْرِهِ.
وَقَالَ الْغَزِّيِّ: إذَا قَضَى بِخِلَافِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ هَذَا بَاطِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقُضَاةِ نَقْضُهُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ انْتَهَى قُلْتُ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ النَّاقِضَ لَهُ حَاكِمُهُ إنْ كَانَ لَا يَتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا حَكَمَ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ أَوْ بِجَعْلِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُفْلِسٍ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَاهُ وَإِنَّمَا يَنْقُضُهُ مَنْ