الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَتْلِ إنْسَانٍ فَصَارَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَيْهِمَا) كَاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَتْلِهِ (وَلَوْ أَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَا فَحَمَلَتْ وَمَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ ضَمِنَهَا) الزَّانِي لِمَوْتِهَا بِسَبَبِهِ الْمُتَعَدِّي بِهِ (وَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ) لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (إلَّا أَنْ لَا يَثْبُتَ ذَلِكَ) أَيْ الزِّنَا (إلَّا بِاعْتِرَافِهِ فَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ (وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إنْسَانٍ بِقَتْلِ عَمْدٍ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ لَزِمَهُمَا الضَّمَانُ فِي مَالِهِمَا) لِأَنَّهُمَا تَعَمَّدَا مَا يَقْتُلُ غَالِبًا.
[فَصْلٌ وَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ أَوْ أَدَّبَ امْرَأَتَهُ فِي النُّشُوزِ]
(فَصْلٌ وَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ أَوْ أَدَّبَ امْرَأَتَهُ فِي النُّشُوزِ أَوْ أَدَّبَ الْمُعَلِّمُ صَبِيَّهُ أَوْ) أَدَّبَ (السُّلْطَانِ رَعِيَّتَهُ وَلَمْ يُسْرِفْ) الْأَبُ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ الْمُعَلِّمُ أَوْ السُّلْطَانُ (فَأَفْضَى) التَّأْدِيبُ (إلَى تَلَفِهِ) أَيْ الْمُؤَدَّبِ (لَمْ يَضْمَنْ) الْمُؤَدِّبُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ كَالْحَدِّ (وَإِنْ أَسْرَفَ) فِي التَّأْدِيبِ بِأَنْ زَادَ فَوْقَ الْمُعْتَادِ (أَوْ زَادَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ أَوْ ضَرَبَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ صَبِيٍّ) غَيْرَ مُمَيِّزٍ (وَغَيْرَهُ) كَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ (ضَمِنَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي ذَلِكَ شَرْعًا.
(وَمَنْ أُسْقِطَتْ بِطَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَهْدِيدِهِ) سَوَاءٌ كَانَ طَلَبُهَا (لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ) لِحَقِّ (غَيْرِهِ) أَيْ لِكَشْفِ حَدِّ اللَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ (أَوْ مَاتَتْ بِوَضْعِهَا) مِنْ الْفَزَعِ (أَوْ) مَاتَتْ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ (فَزَعًا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهَا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْفَزَعِ (أَوْ اسْتَعْدَى إنْسَانٌ عَلَيْهَا إلَى السُّلْطَانِ) بِأَنْ طَلَبَ مِنْهُ إحْضَارَهَا فَأَحْضَرَهَا فَحَصَلَ لَهَا شَيْءٌ مِمَّا سَبَقَ (ضَمِنَ السُّلْطَانُ مَا كَانَ بِطَلَبِهِ ابْتِدَاءٌ) أَمَّا الْجَنِينُ فَلِمَا رُوِيَ " أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ إلَى امْرَأَةٍ نَفِيسَةَ مُغَنِّيَةً كَانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ إلَيْهَا فَقَالَتْ يَا وَيْلَهَا مَا لَهَا وَلِعُمَرَ؟ فَبَيْنَمَا هِيَ فِي الطَّرِيقِ إذْ فَزِعَتْ فَضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَأَلْقَتْ وَلَدًا فَصَاحَ الصَّبِيُّ صَيْحَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَيْسَ عَلَيْك شَيْءً إنَّمَا أَنْتَ وَالٍ وَمُؤَدِّبٌ وَصَمَتَ عَلِيٌّ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: مَا تَقُول يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانُوا قَالُوا بِرَأْيِهِمْ فَأَخْطَأَ رَأْيُهُمْ وَإِنْ كَانُوا قَالُوا فِي هَوَاكَ فَلَمْ يَنْصَحُوا لَك إنَّ دِيَتَهُ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ أَفْزَعْتَهَا فَأَلْقَتْهُ فَقَالَ عُمَرُ: " أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَبْرَحَ حَتَّى تَقْسِمَهَا عَلَى قَوْمِكَ " وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلِأَنَّهَا نَفْسٌ هَلَكَتْ بِإِرْسَالِ السُّلْطَانِ إلَيْهَا فَضَمِنَهَا كَجَنِينِهَا وَلِأَنَّ
الْهَلَاكَ حَصَلَ بِسَبَبِهِ (وَضَمِنَ الْمُسْتَعْدِي مَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْ مَوْتهَا فَزَعًا أَوْ إلْقَاءِ جَنِينهَا) لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِسَبَبِهِ (وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ ظُلْمَةٌ) وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ.
فَإِنْ كَانَ الِاسْتِعْدَاءُ إلَى الْحَاكِمِ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا أَوْ مَاتَتْ فَزَعًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُسْتَعْدِي الضَّمَانَ إنْ كَانَ ظُلْمًا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الظَّالِمَةُ فَأَحْضَرَهَا عِنْدَ الْقَاضِي وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَهَا قَالَهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ سَوَاءٌ أَحْضَرَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِم وَطَلَبِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا انْتَهَى وَقَيَّدَ الِاسْتِعْدَاءَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُبْدِع بِمَا إذَا كَانَ جَمَاعَةَ الشُّرْطَةِ وَقَدْ أَوَضَحْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ (كَمَا يَضْمَنُ) الْحَاكِمُ (بِإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ) فِي سَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (لَمْ يَأْذَن سَيِّدٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّأْدِيبِ وَقَطْعِ الْيَدِ قَالَ فِي الْمُبْدِع.
وَإِذَا أَدَّبَ حَامِلًا فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا ضَمِنَ (أَوْ) أُسْقِطَتْ حَامِلٌ (لِشُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ) فَتَضْمَنَ جَنِينَهَا لِسُقُوطِهِ بِفِعْلِهَا (وَإِنْ مَاتَتْ حَامِلٌ أَوْ) مَاتَ (حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَبْخٍ عَلِمَ رَبُّهُ بِذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا حَامِلٌ (وَكَانَ) رِيحُ الطَّعَامِ (يَقْتُل الْحَامِلَ) أَوْ حَمْلَهَا (عَادَةً ضَمِنَ) مَا تَلِفَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ وَكَذَا رِيحُ كِبْرِيتٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَم بِهَا رَبُّ الطَّعَامِ فَلَا إثْمَ وَالضَّمَانُ كَرِيحِ الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بِهِ صَاحِبُ السُّعَال وَضِيقِ النَّفَسِ.
(وَلَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ) ضَرْبًا مُحَرَّمًا (أَوْ) أَذِنَ (الْوَالِدُ فِي ضَرْبِ وَلَدِهِ) ضَرْبًا مُحَرَّمًا (فَضَرَبَهُ الْمَأْذُونُ لَهُ ضَمِنَهُ) إنْ تَلِفَ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ لَا تُسْتَبَاحُ بِالْإِذْنِ وَأَمَّا الضَّرْبُ الْمُبَاحُ لِلتَّأْدِيبِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ.
(وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ سَلَّمَ بَالِغٌ عَاقِلٌ نَفْسَهُ إلَى سَابِحٍ حَاذِقٍ لِيُعَلِّمَهُ السِّبَاحَةَ فَغَرِقَ لَمْ يَضْمَنهُ) السَّابِحُ (إذْ لَمْ يُفَرِّطْ السَّابِحُ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ لِمَصْلَحَتِهِ كَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ وَإِنْ قَالَ سَبِّحْ عَبْدِي هَذَا فَسَبَّحَهُ ثُمَّ رَقَّاهُ ثُمَّ عَادَ وَحْدَهُ يَسْبَحُ فَغَرِقَ فَهَدْرٌ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِسَبْحِهِ وَيُعَلِّمُهُ وَمِثْلُهُ لَا يَغْرَقُ غَالِبًا ضَمِنَهُ إنْ غَفَلَ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَشُدَّ مَا يُسَبِّحهُ عَلَيْهِ شَدًّا جَيِّدًا أَوْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ جَارٍ أَوْ وَاقِفٌ لَا يَحْمِلْهُ، أَوْ عَمِيقٌ مَعْرُوفٌ بِالْغَرَقِ قَالَهُ فِي الرِّعَايَة.
(وَإِنْ أَمَرَ بَالِغًا عَاقِلًا أَنْ يَنْزِلَ بِئْرًا أَوْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِذَلِكَ يَضْمَنُهُ) الْآمِرُ (وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ) كَغَيْرِهِ (كَاسْتِئْجَارِهِ) لِذَلِكَ (أَقْبَضَهُ الْأُجْرَةَ أَوْ لَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ (كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ) فِي ذَلِكَ (وَلَمْ يَأْمُرْهُ) بِهِ (وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى إتْلَافِهِ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا الضَّمَانُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ مَا جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ فَهَذَا مُتَّجَهٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَقَدْ كَانَ