الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ أَتَتْ) الزَّوْجَةُ (بِوَلَدٍ يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ كَأَبْيَضَ بَيْنَ أَسْوَدَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ (أَوْ) أَتَتْ بِوَلَدٍ (يُشْبِهُ رَجُلًا غَيْرَ وَالِدِهِ لَمْ يُبَحْ نَفْيُهُ بِذَلِكَ) لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ «لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ» وَلِأَنَّ دَلَالَةَ الشَّبَهِ ضَعِيفَةٌ وَدَلَالَةَ الْفِرَاشِ قَوِيَّةٌ بِدَلِيلِ قِصَّةِ سَعْدٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ (مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) بِأَنْ رَأَى عِنْدَهَا رَجُلًا يُشْبِهُ الْوَلَدَ الَّذِي أَتَتْ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَعَ الشَّبَهِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي رَآهُ عِنْدَهَا (وَإِنْ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا لَمْ يُبَحْ لَهُ نَفْيُهُ) لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ (وَلَا يَجُوزُ قَذْفُهَا بِخَبَرِ مَنْ لَا يُوثَقُ بِخَبَرِهِ) لِأَنَّ خَبَرَهُ لَيْسَ مَقْبُولًا (وَلَا) قَذَفَهَا (بِرُؤْيَتِهِ رَجُلًا خَارِجًا مِنْ عِنْدِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَفِيضَ زِنَاهَا مَعَ قَرِينَةٍ) لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى زِنَاهَا انْتَهَى.
[فَصْل وَأَلْفَاظ الْقَذْفِ تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ]
(فَصْل وَ) أَلْفَاظ الْقَذْفِ تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ كَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ (صَرِيحُ الْقَذْفِ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ نَحْوُ يَا زَانِي يَا عَاهِرُ) وَأَصْلُ الْعِهْرِ إتْيَانُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ لَيْلًا لِلْفُجُورِ بِهَا ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الزِّنَا فَأُطْلِقَ الْعَاهِرُ عَلَى الزَّانِي سَوَاءٌ جَاءَهَا أَوْ جَاءَتْهُ هِيَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (زَنَى فَرْجُك بِالْوَطْءِ يَا مَعْفُوجُ) مِنْ عَفَجَ بِمَعْنَى نَكَحَ أَيْ مَنْكُوحٌ أَيْ مَوْطُوءٌ (يَا مَنْيُوكُ قَدْ زَنَيْتَ أَوْ أَنْتَ أَزَنَى النَّاسِ فَتْحَ التَّاءَ أَوْ كَسْرَهَا لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْلِهِ: زَنَيْتِ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ خِطَابٌ لَهُمَا وَإِشَارَةٌ إلَيْهِمَا بِلَفْظِ الزِّنَا، وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يُذَكِّرُ الْمُؤَنَّثَ وَيُؤَنِّثُ الْمُذَكَّرَ.
وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ بِهِ مُرَادًا بِمَا يُرَادُ بِاللَّفْظِ الصَّحِيحِ (أَوْ) قَالَ (أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانَةَ يُحَدُّ لِلْمُخَاطَبِ) بِذَلِكَ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ لَهُ (وَلَيْسَ بِقَاذِفٍ لِفُلَانَةَ) فَلَا يُحَدُّ لَهَا لِأَنَّ لَفْظَةُ أَفْعَلُ تُسْتَعْمَلُ لِلْمُنْفَرِدِ بِالْفِعْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ} [يونس: 35](أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا نَسَمَةٌ زَانِيَةٌ أَوْ لِامْرَأَةٍ يَا زَانٍ أَوْ يَا شَخْصًا زَانِيًا أَوْ قَذَفَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (أَنَّهَا وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا أَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِوَطْءِ امْرَأَةٍ فِي دُبُرِهَا أَوْ قَالَ لَهَا يَا مَنْيُوكَةُ إنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِفِعْلِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ) فَإِنْ فَسَّرَهُ بِفِعْلِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَيْسَ قَذْفًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا (إذَا كَانَ الْقَذْفُ بَعْدَ حُرِّيَّتِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (وَفَسَّرَهُ بِفِعْلِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ) فَلَا حَدَّ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ لَا يُسْمَعُ تَفْسِيرَ الْقَاذِفِ لِلْقَذْفِ (بِمَا يُحِيلُهُ) أَيْ يُغَيِّرُ الْقَذْفَ وَيُخْرِجهُ عَنْ مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (وَيَحُدُّ) لِإِتْيَانِهِ
بِصَرِيحِ الْقَذْفِ.
(فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ) بِقَوْلِي يَا زَانِي أَوْ يَا عَاهِرُ (زَانِيَ الْعَيْنِ أَوْ عَاهِرَ الْبَدَنِ أَوْ) قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي (يَا لُوطِيُّ أَنَّك مِنْ قَوْمِ لُوطِ أَوْ تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ غَيْرِ إتْيَانِ الذُّكُورِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّأْوِيلِ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِهِ وَإِرَادَةِ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ مَعَ أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ (وَكُلُّ مَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِفِعْلِهِ لَا يَجِب عَلَى الْقَاذِفِ بِهِ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ وَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ وَقَذْفِ الْمَرْأَةِ بِالْمُسَاحَقَةِ أَوْ) قَذْفُهَا (بِالْوَطْءِ مُكْرَهَةً وَ) كَ (الْقَذْفِ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ رَمْيًا بِالزِّنَا (وَقَوْلُهُ لَسْتِ لِأَبِيكِ أَوْ لَسْتَ بِوَلَدِ فُلَانٍ قَذْفٌ لِأُمِّهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ أُمَّهُ أَتَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَذَلِكَ قَذْفٌ لَهَا.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ) الْقَائِلُ (بِزِنَا أُمِّهِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَذْفًا لِأُمِّهِ لِصِدْقِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهِ (وَكَذَا إنْ نَفَاهُ عَنْ قَبِيلَتِهِ) بِأَنْ قَالَ لَسْتَ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَذْفًا لِأُمِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بِزِنَا أُمِّهِ (أَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ) فَهُوَ قَذْفٌ لِأُمِّهِ (وَإِنْ نَفَاهُ) أَيْ الْوَلَدُ (عَنْ أُمِّهِ) بِأَنْ قَالَ مَا أَنْتَ ابْنَ فُلَانَةَ فَلَا حَدَّ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ (أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا فَلَسْتَ بِابْنِ فُلَانٍ) فَلَا حَدّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْ أَحَدًا بِالزِّنَا (أَوْ رَمَى بِحَجَرٍ فَقَالَ مَنْ رَمَانِي فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ وَلَمْ يُعْرَفْ الرَّامِي) فَلَا حَدَّ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الرَّامِي (أَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا الْكَاذِبِ ابْنُ الزَّانِيَةِ فَلَا حَدَّ) لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْكَاذِبِ.
(وَإِنْ كَانَ يَعْرِف الرَّامِي فَقَاذِف) لِتَعْيِينِهِ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى كَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ إذَا قَالَ مَنْ رَمَانِي بِالزِّنَا فَهُوَ زَانٍ لَا حَدَّ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ قَالَ لِوَلَدِهِ لَسْت بِوَلَدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ) لِأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغْلِظَ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِوَلَدِهِ (وَزَنَأَتْ فِي الْجَبَلِ مَهْمُوزًا صَرِيحٌ وَلَوْ زَادَ فِي الْجَبَلِ أَوْ عُرْفِ الْعَرَبِيَّة) لِأَنَّ عَامَّةَ النَّاسِ لَا يَفْهَمُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْقَذْفَ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ طَلَعَتْ (كَمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي الْجَبَلِ أَوْ لَحَنَ لَحْنًا غَيْرَ هَذَا) فَالْعِبْرَةُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ وَلَا أَثَرَ لِلَّحْنِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَعَلَيْهِمَا إنْ قَالَ أَرَدْت الصُّعُودَ فِي الْجَبَلِ قُبِلَ.
(وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْتَ بِفُلَانَةَ أَوْ قَالَ لَهَا زَنَى بِكِ فُلَانٌ أَوْ) قَالَ (يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ كَانَ قَاذِفًا لَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) فَيُحَدُّ لَهُمَا حَدًّا وَاحِدًا بِطَلَبِهِمَا أَوْ طَلَبِ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ قَالَ يَا نَاكِحَ أُمِّهِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَعَلَيْهِ حَدَّانِ نَصًّا) وَيَحْتَاجُ لِتَحْرِيرِ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا (وَيَا زَانِيَ ابْنَ الزَّانِي كَذَلِكَ) أَيْ عَلَيْهِ حَدَّانِ نَصًّا (إنْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا) لِأَنَّهُ قَذَفَهُمَا بِكَلِمَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا فَعَلَى مَا يَأْتِي فِي قَذْفِ الْمَيِّتِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ لِأَنَّ هَذَا الْقَذْفَ لَا يُورَثُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ