الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُحَارِبِينَ (امْرَأَةُ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْمُحَارَبَةِ) كَالرَّجُلِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَكَالسَّرِقَةِ (فَمَتَى قَتَلَتْ أَوْ أَخَذَتْ الْمَالَ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْمُحَارَبَةِ فِي حَقٍّ مَنْ مَعَهَا كَهِيَ لِأَنَّهُمْ رِدْؤُهَا) فَيَكُونُونَ كَالْمُبَاشِرِينَ.
(وَإِنْ قَطَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الطَّرِيقَ وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ (وَحَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ يُخَيَّرُ فِيهِمْ كَالْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ فَإِنْ قَتَلُوا فَمَالُهُمْ فَيْءٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ فَإِنْ خِيفَ لُحُوقُهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ فَلِكُلِّ أَحَدٍ قَتْلُهُمْ وَأَخْذُ مَا مَعَهُمْ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُرْتَدِّ.
[فَصْلٌ وَمَنْ قَتَلَ لِقَصْدِ الْمَالِ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ]
(فَصْلٌ وَمَنْ قَتَلَ) لِقَصْدِ الْمَالِ (وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ قُتِلَ حَتْمًا وَلَا أَثَرَ لِعَفْوِ وَلِيٍّ وَلَمْ يُصْلَبْ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالِ قُتِلَ وَلَمْ يَذْكُر صَلْبًا وَلِأَنَّ جِنَايَتَهُمْ بِأَخْذِ الْمَالِ مَعَ الْقَتْلِ تَزِيدُ عَلَى الْجِنَايَةِ بِالْقَتْلِ وَحْدَهُ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ عُقُوبَتُهُمْ مَعَ أَخْذِ الْمَالِ أَغْلَظَ.
(وَمَنْ أَخَذَ) مِنْهُمْ (الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَحُسِمَتْ ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَحُسِمَتْ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ حَتْمًا مُرَتَّبًا وُجُوبًا) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ (وَلَا يُقْطَعُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ أَخَذَ مِنْ حِرْزٍ) وَهُوَ الْقَافِلَةُ (لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) بِخِلَافِ نَحْوِ أَبٍ وَسَيِّدٍ (مَا يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي مِثْلِهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ» وَلَمْ يُفَصِّلْ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ تَعَلَّقَتْ بِهَا عُقُوبَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحَارِبِ فَلَا تَغْلُظُ فِي الْمُحَارِبِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ كَالْقَتْلِ.
(فَإِذَا أَخَذُوا نِصَابًا أَوْ مَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابًا) أَيْ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ (وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا قُطِعُوا) كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ (فَإِنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ كَأَخْذِهِ مِنْ مُنْفَرِدٍ عَنْ الْقَافِلَةِ وَنَحْوِهِ فَلَا قَطْعَ) وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ نِصَابٍ أَوْ مِنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ كَالسَّرِقَةِ (وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى أَوْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مَعْدُومَةً أَوْ) كَانَتْ (مُسْتَحَقَّةً فِي قِصَاصٍ أَوْ) كَانَتْ (شَلَّاءَ قُطِعَ الْمَوْجُودُ مِنْهُمَا فَقَطْ) لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ.
(وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ فِي الْمَعْدُومِ) وَالشَّلَّاءِ لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْغَرَضُ قَدْ زَالَ أَوْ فِي حُكْمِهِ فَيَسْقُطُ كَالْغُسْلِ فِي الْوُضُوءِ
(وَإِنْ عُدِمَ يُسْرَى يَدَيْهِ قُطِعَتْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ) فَقَطْ لِئَلَّا تَذْهَبَ مَنْفَعَةُ الْجِنْسِ (وَإِنْ عُدِمَ يُمْنَى يَدَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ يُمْنَى رِجْلَيْهِ) لِئَلَّا يَذْهَبَ عُضْوَانِ مِنْ شِقٍّ وَتُقْطَعُ يُسْرَى رِجْلَيْهِ (وَلَوْ حَارَبَ مَرَّة أُخْرَى لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ) كَالسَّارِقِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَيَتَعَيَّنَ دِيَةً كَقَوَدٍ لَزِمَهُ بَعْدَ مُحَارَبَتِهِ لِتَقْدِيمِهَا) أَيْ الْمُحَارَبَةِ (بِسَبَقِهَا) لِلْقَوَدِ (وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ قَتْلِهِ لِلْمُحَارَبَةِ) تَعَيَّنَتْ الدِّيَةُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ.
(وَمَنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ الْمَالَ بَلْ أَخَافَ السَّبِيلَ) أَيْ الطَّرِيقَ (نُفِيَ وَشُرِّدَ) أَيْ طُرِدَ (فَلَا يُتْرَكُ يَأْوِي إلَى بَلَدٍ وَلَوْ عَبْدًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33](وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً نُفُوا مُتَفَرِّقِينَ) فَيُنْفَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَى جِهَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْمُحَارَبَةِ ثَانِيًا (وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ (قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا بَعْدَهَا سَقَطَ عَنْهُ حَقُّ اللَّهِ) تَعَالَى (مِنْ الصَّلْبِ وَالْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَانْحِتَامِ الْقَتْلِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34](حَتَّى حَدُّ زِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبٍ) خَمْرٍ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُحَارِبِ إذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ.
(وَكَذَا خَارِجِيٌّ) مُحَارِبٌ (وَبَاغٍ) مُحَارِبٌ (وَمُرْتَدٌّ) مُحَارِبٌ إذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِعُمُومِ الْآيَةِ وَأَمَّا مَنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ (وَأُخِذَ) مَنْ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ وَالْمُرْتَدِّينَ (بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْجِرَاحِ إلَّا أَنْ يُعْفَى لَهُمْ عَنْهَا) لِأَنَّهَا حُقُوقٌ عَلَيْهِمْ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا فَلَمْ تَسْقُطْ كَغَيْرِ الْمُحَارِبِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِسُقُوطِ حَقِّهِ دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ (وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ بَعْدَ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ يَسْقُطْ) الْحَدُّ (بِإِسْلَامِهِ) بَلْ يُؤَاخَذُ بِهِ كَمَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ لِالْتِزَامِهِ حُكْمَنَا (وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمُسْتَأْمَنِ فِي بَابَيْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) .
قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَيُؤْخَذُ غَيْرُ حَرْبِيٍّ أَسْلَمَ بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ آدَمِيٍّ طَلَبَهُ (وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ فَلَا يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ فِي كُفْرِهِ إجْمَاعًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ "(وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ) تَعَالَى