الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَزَانٍ.
(وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً وَلَوْ سَمَكَةً عُزِّرَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحُّ فِيهِ نَصٌّ وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى اللِّوَاطِ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَالنُّفُوسُ تَعَافُهُ (وَيُبَالَغُ فِي تَعْزِيرِهِ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ لَهُ فِيهِ كَوَطْءِ الْمَيِّتَةِ (وَقُتِلَتْ الْبَهِيمَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) وَسَوَاءٌ كَانَتْ (مَأْكُولَةً أَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ "(فَإِنْ كَانَتْ) الْبَهِيمَةُ الْمَأْتِيَّةُ (مِلْكَهُ) أَيْ الْآتِي لَهَا (فَ) هِيَ (هَدْرٌ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضْمَنُ مَالَ نَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْبَهِيمَةُ (لِغَيْرِهِ ضَمِنَهَا) لِرَبِّهَا لِأَنَّهَا أُتْلِفَتْ بِسَبَبِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهَا (وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤْكَلُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهَا وَجَبَ قَتْلُهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ الْمَقْتُولَاتِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَيَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ إتْيَانُهُ لِلْبَهِيمَةِ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى فِعْلِهِ بِهَا) سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَسَائِرِ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ (أَوْ إقْرَارِهِ وَيَأْتِي وَلَوْ مَرَّةً إنْ كَانَتْ) الْمَأْتِيَّةُ (مِلْكَهُ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) الْبَهِيمَةُ الْمَأْتِيَّةُ (مِلْكَهُ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهَا بِإِقْرَارِهِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِ مَالِكهَا (وَلَوْ مَكَّنَتْ امْرَأَةٌ قِرْدًا مِنْ نَفْسهَا حَتَّى وَطِئَهَا فَعَلَيْهَا مَا عَلَى وَاطِئِ الْبَهِيمَةِ) أَيْ فَتُعَزَّرُ بَلِيغًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي تُقْتَلُ انْتَهَى.
[فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ الْحَدَّ لِلزِّنَا إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ]
(فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ الْحَدَّ) لِلزِّنَا (إلَّا بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ (أَحَدُهَا، أَنْ يَطَأَ فِي فَرْج أَصْلِيٍّ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْوَطْءُ (تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ مِنْ فَحْلٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ قَدْرِهَا عِنْدَ عَدَمِهَا) لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ، بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْي الْغُسْلِ الْحَدُّ وَأَوْلَى انْتَهَى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ غَيَّبَهُ بِحَائِلٍ.
(فَإِنْ وَطِئَ) الزَّانِي (دُونَ الْفَرْجِ) فَلَا حَدَّ (أَوْ تَسَاحَقَتْ امْرَأَتَانِ) فَلَا حَدَّ لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ (أَوْ جَامَعَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ بِذَكَرِهِ) وَلَوْ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ
فَلَا حَدَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى (أَوْ جُومِعَ) الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ (فِي قُبُلِهِ) وَلَوْ بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ (فَلَا حَدَّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الْوَاطِئِ دُونَ الْفَرْجِ وَالْمَوْطُوءَةِ كَذَلِكَ والمُتساحِقتَيْنِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ إذَا جَامَعَ أَوْ جُومِعَ فِي قُبُلِهِ (التَّعْزِيرُ) لِارْتِكَابِهِمْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ جُومِعَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي دُبُرِهِ فَلِوَاطٌ.
(وَلَوْ وُجِدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ يُقَبِّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمُوجِبِهِ (وَعَلَيْهِمَا التَّعْزِيرُ) لِتِلْكَ الْمَعْصِيَةِ (وَإِنْ قَالَا: نَحْنُ زَوْجَانِ وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُمَا) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ (وَإِنْ شُهِدَ عَلَيْهِمَا بِالزِّنَا فَقَالَا: نَحْنُ زَوْجَانِ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالنِّكَاحِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالزِّنَا تَنْفِي كَوْنَهُمَا زَوْجَيْنِ فَلَا تَبْطُل بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمَا وَقِيلَ: لَا، إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ كَمَا لَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ فَادَّعَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكَهُ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُبْدِعِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الزَّانِي مُكَلَّفًا فَلَا حَدَّ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) وَنَائِمٍ وَنَائِمَةٍ لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَتَقَدَّمَ (وَإِنْ زَنَى ابْنُ عَشْرٍ أَوْ بِنْتُ تِسْع عُزِّرَا) قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِي الْمُبْدِع: يُعَزَّر غَيْرُ الْبَالِغُ مِنْهُمَا انْتَهَى وَذَلِكَ كَضَرْبِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ (وَحُدَّ السَّكْرَانُ إذَا زَنَا) فِي سُكْرِهِ (أَوْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ الزِّنَا (فِي سُكْرِهِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ) فَلَا حَدَّ سَوَاءٌ (وَطِئَهَا الِابْنُ أَوْ لَا) لِأَنَّهُ وَطْءٌ تَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (أَوْ) وَطِئَ (جَارِيَةً لَهُ) فِيهَا شِرْكٌ (أَوْ لِوَلَدِهِ) فِيهَا شِرْكٌ (أَوْ لِمُكَاتَبِهِ فِيهَا شِرْكٌ) فَلَا حَدَّ لِأَنَّهُ فَرْجٌ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ أَوْ شُبْهَةُ مِلْكٍ أَشْبَهَ الْمُكَاتَبَةَ وَالْمَرْهُونَةَ (أَوْ) وَطِئَ (أَمَةً كُلَّهَا) لِبَيْتِ الْمَالِ (أَوْ بَعْضَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ) فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ.
(أَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ دُبُرٍ) فَلَا حَدَّ لِأَنَّ الْوَطْءَ قَدْ صَادَفَ مِلْكًا (أَوْ) وَطِئَ (امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ) امْرَأَةً (فِي مَنْزِلِهِ) ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ (أَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُقَلْ لَهُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ) فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ (أَوْ) وَطِئَ امْرَأَةً (ظَنَّ أَنَّ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ) أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ (فِيهَا شِرْكًا) فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ (أَوْ دَعَا الضَّرِيرُ امْرَأَتَهُ فَأَجَابَهُ غَيْرُهَا فَوَطِئَهَا) فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَعَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ غَيْرُهَا فَوَطِئَهَا يَظُنُّهَا الْمَدْعُوَّةَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَدْعُوَّةُ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا شُبْهَةٌ كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ لَمْ
يَكُنْ لِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِهَذَا أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا يَظُنُّهُ ابْنَهُ فَبَانَ أَجْنَبِيًّا.
(أَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَجُوسِيَّةَ) أَوْ الْوَثَنِيَّةَ (أَوْ الْمُرْتَدَّةَ أَوْ الْمُعْتَدَّةَ أَوْ الْمُزَوَّجَةَ أَوْ فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا) فَلَا حَدَّ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (أَوْ) وَطِئَ (فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ) فِي (مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ كَنِكَاحِ مُتْعَةٍ وَ) نِكَاحٍ (بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَالْمُحَلَّلِ وَنِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا) وَنَحْوِهَا (الْبَائِنِ وَ) نِكَاحِ (خَامِسَةٍ فِي عِدَّةِ رَابِعَةٍ بَائِنٍ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ وَعَقْدِ الْفُضُولِيّ وَلَوْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ) سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَوْ لَا هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا النِّكَاحِ.
(وَ) كَوَطْءٍ فِي (شِرَاءٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (وَلَوْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ فَلَا حَدَّ) لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ شُبْهَةٌ أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُحَدُّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ.
(وَتَقَدَّمَ وَطْءُ بَائِعٍ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ) إذَا كَانَ (يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ) وَأَنَّهُ يُحَدُّ إذَا عُلِمَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ (وَإِنْ جَهِلَ) الزَّانِي (تَحْرِيمَ الزِّنَا لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأْتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ) عَنْ دَارِ الْإِسْلَامِ (أَوْ) جَهِلَ (تَحْرِيمَ نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا) كَخَامِسَةٍ (فَلَا حَدَّ) لِلْعُذْرِ وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا (وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِجَهْلِ الْعُقُوبَةِ إذَا عُلِمَ التَّحْرِيمُ لِقَضِيَّةِ مَاعِزٍ) فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ بِرَجْمِهِ " وَرُوِيَ: أَنَّهُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ رَجْمِهِ «رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ قَوْمِي غَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ قَاتِلِي - الْحَدِيثَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَإِنْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا أَوْ) أُكْرِهَ (الْمَفْعُولُ بِهِ لِوَاطًا قَهْرًا أَوْ بِالضَّرْبِ أَوْ بِالْمَنْعِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ اضْطِرَارًا إلَيْهِ وَنَحْوِهِ) كَالدِّفْءِ فِي الشِّتَاءِ وَلَيَالِيهِ الْبَارِدَةِ (فَلَا حَدَّ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ امْرَأَةً اُسْتُكْرِهَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ» وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ وَلِأَنَّ هَذَا شُبْهَةٌ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا (وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ) أَيْ الزِّنَا (الرَّجُلُ فَزَنَى) مُكْرَهًا (حُدَّ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِانْتِشَارِ الْحَادِث بِالِاخْتِيَارِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ (وَعَنْهُ لَا) حَدَّ عَلَى الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ كَالْمَرْأَةِ (وَاخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ الشَّارِحُ، وَلِعُمُومِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّ الْإِكْرَاهَ شُبْهَةٌ وَكَمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ.
(وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إيلَاجِ ذَكَرِهِ بِإِصْبَعِهِ) فَفَعَلَ (مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ) فَلَا حَدَّ (أَوْ بَاشَرَ الْمُكْرَهَ
الْمُكْرِهُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَوْ) بَاشَرَ (مَأْمُورُهُ ذَلِكَ) أَيْ إيلَاجَ الذَّكَرِ بِالْأُصْبُعِ (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ يُنْسَبُ إلَيْهِ.
(وَإنْ وَطِئَ مَيِّتَةً) عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ.
(أَوْ مَلَكَ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ) وَنَحْوَهُمَا مِنْ مَحَارِمِهِ (مِنْ الرَّضَاعِ فَوَطِئَهَا عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ أَشْبَهَتْ مُكَاتَبَتَهُ وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ اجْتَمَعَ فِيهِ مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ وَالْحَدُّ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ (وَإِنْ اشْتَرَى ذَاتَ مَحْرَمِهِ مِنْ النَّسَب مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ (وَوَطِئَهَا) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا فَلَا تُوجَدُ الشُّبْهَةُ (أَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ مُجْمَعٍ عَلَى بُطْلَانِهِ مَعَ الْعِلْمِ) بِبُطْلَانِهِ (كَنِكَاحِ الْمُزَوَّجَةِ) أَوْ نِكَاحِ (الْمُعْتَدَّةِ وَنِكَاحِ)(مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا وَ) نِكَاحِ (الْخَامِسَةِ وَذَوَاتِ مَحَارِمه مِنْ النَّسَب وَالرَّضَاعِ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ وَطْءٌ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ فَأَوْجَبَ الْحَدَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ رُفِعَ إلَيْهِ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتهَا فَقَالَ: هَلْ عَلِمْتُمَا؟ قَالَا: لَا فَقَالَ لَوْ عَلِمْتُمَا لَرَجَمْتُكُمَا " رَوَاهُ أَبُو النَّصْر الْمَرُّوذِيُّ.
(أَوْ زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَيْسَ سَبَبًا لِيُسْتَبَاحَ بِهِ الْبُضْعُ (أَوْ نَكَحَ بِنْتَه مِنْ الزِّنَا) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ (نَصًّا وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى إنْ لَمْ يَبْلُغهُ الْخِلَافُ) وَهُوَ كَوْنُ الشَّافِعِيِّ أَبَاحَهُ (فَيُحْمَلُ إذَنْ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ) أَيْ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْبِنْتِ وَنَحْوِهَا وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخِلَافُ وَيُحْمَلُ حَمْلُهُ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ انْتَهَى قُلْتُ: وَذَلِكَ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أَوْ لَا (أَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِلزِّنَا أَوْ) اسْتَأْجَرَهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ الزِّنَا كَالْخِيَاطَةِ (فَزَنَى بِهَا) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يُسْتَبَاحُ بِالْإِجَارَةِ (أَوْ) زَنَى (بِامْرَأَةٍ لَهُ عَلَيْهَا قِصَاصٌ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْر مِلْكٍ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ مَنْ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ.
(أَوْ) زَنَى (بِصَغِيرَةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا أَوْ مَجْنُونَةٍ) لِأَنَّ الْوَاطِئ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الْحَدِّ (أَوْ) زَنَى (بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ) زَنَى (بِأَمَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) لِأَنَّ النِّكَاحَ وَالْمِلْكَ وُجِدَ بِغَيْرِ وُجُوبِ الْحَدِّ، فَلَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ سَرَقَ نِصَابًا ثُمَّ مَلَكَهُ (وَإِنْ مَكَّنَتْ الْمُكَلَّفَةُ مِنْ نَفْسِهَا مَجْنُونًا أَوْ مُمَيِّزًا أَوْ مَنْ لَا يُحَدُّ لِجَهْلِهِ) التَّحْرِيمَ (أَوْ مَكَّنَتْ) مُكَلَّفَةٌ (حَرْبِيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ أَدْخَلَتْ) مُكَلَّفَةٌ (ذَكَرَ نَائِمٍ) فِي فَرْجِهَا (فَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَحْدَهَا) لِأَنَّ سُقُوطَهُ عَنْ أَحَدِ الْمُتَوَاطِئَيْنِ لِمَعْنًى يَخُصُّهُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ عَنْ الْآخَرِ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: ثُبُوتُ الزِّنَا وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ)(أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقِرَّ بِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ)
لِأَنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَالْغَامِدِيَّةُ أَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ «أَتَى رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلْ أُحْصِنْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَهُوَ مُكَلَّفٌ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ لَا (مُخْتَارًا) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَفْوِ لِلْمُكْرَهِ.
(وَيُصَرِّحُ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ) لِتَزُولَ التُّهْمَةُ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَاعِزٍ «لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْتَ؟ قَالَ: لَا: قَالَ: أَفَنِكْتَهَا لَا يُكَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَا يَنْزِعُ) أَيْ يَرْجِعُ (عَنْ إقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ الْحَدُّ) فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ هَرَبَ كُفَّ عَنْهُ لِقِصَّةِ مَاعِزٍ وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (فَكَذَّبَتْهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ (دُونَهَا كَمَا لَوْ سَكَتَتْ أَوْ لَمْ تُسْأَلْ) عَنْ ذَلِكَ (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَلَا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ) أَوْ إغْمَاءٍ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَيُحَدُّ الْأَخْرَسُ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ) وَأَقَرَّ بِهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ إقْرَارٌ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ وَادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الزَّوْجِيَّةَ وَلَمْ تُقِرَّ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِلشُّبْهَةِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَلَا مَهْرَ لَهَا) لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِيهِ وَلَمْ تُقِرَّ بِالْوَطْءِ (وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِوَطْئِهِ وَأَنَّهُ زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً فَلَا مَهْرَ) لِاعْتِرَافِهَا بِأَنَّهَا زَانِيَةٌ مُطَاوِعَةٌ (وَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَمَّا الْوَاطِئُ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ فَلِأَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً (إلَّا أَنْ تُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) فَتُحَدَّ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا (وَإِنْ أَقَرَّتْ) الْمَوْطُوءَةُ (أَنَّهُ أَكْرَههَا عَلَيْهِ) أَيْ الْوَطْءِ (أَوْ) أَنَّهُ (اشْتَبَهَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) مَا نَالَ مِنْ فَرْجهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ الزَّانِي (أَرْبَعًا بِالزِّنَا ثَبَتَ الزِّنَا) لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ بِهِ أَرْبَعًا.
(وَلَا يَثْبُتُ) الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا (بِدُونِ أَرْبَعَةٍ) يَشْهَدُونَ بِهِ مِنْ الرِّجَالِ (فَإِنْ أَنْكَرَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ (أَوْ صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ إنْكَارَهُ وَتَصْدِيقَهُ دُونَ أَرْبَعٍ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهِ وَهُوَ مَقْبُولٌ مِنْهُ (وَلَا) حَدَّ (عَلَى الشُّهُودِ) لِأَنَّهُمْ نِصَابٌ كَامِلٌ (وَلَوْ تَمَّتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ) بِالزِّنَا (وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ إقْرَارًا تَامًّا) أَيْ أَرْبَعًا (ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ) لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ التَّامَّةِ.