الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيُرْدَعَ بِالثَّانِي كَمَا لَوْ سَرَقَ عَيْنًا أُخْرَى (وَمَنْ سَرَقَ مَرَّاتٍ قَبْلَ الْقَطْعِ أَجْزَأ حَدُّ وَاحِدٍ عَنْ جَمِيعِهَا) كَمَا لَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ مَرَّاتٍ قَبْلَ الْحَدِّ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَتَقَدَّمَ (وَلَوْ سَرَقَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ أَوْ الْمَغْصُوبَ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ مَالٍ لَهُ وَلَا نَائِبِهِ.
(وَمَنْ آجَرَ دَارِهِ أَوْ أَعَارَهَا ثُمَّ سَرَقَ مِنْهَا مَالَ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ قُطِعَ) لِأَنَّهُ هَتَكَ حِرْزًا وَسَرَقَ مِنْهُ نِصَابًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ فَيُقْطَعُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ مِلْكِهِ وَلِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ حِرْزًا لِمَالِكٍ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ قَالَ فِي الْفُنُونِ لَهُ الرُّجُوعُ بِقَوْلِ لَا سَرِقَةَ.
[فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ]
(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ) لِلْقَطْعِ (ثُبُوتُ السَّرِقَةِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْقَطْعَ عَلَى السَّارِق وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِثُبُوتِهِ (إمَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا لِدَلِيلٍ خَاصٍّ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْل (يَصِفَانِ السَّرِقَةَ) فِي شَهَادَتِهِمَا (وَ) يَصِفَانِ (الْحِرْزَ وَجِنْسَ النِّصَابِ وَقَدْرَهُ) لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَرُبَّمَا ظَنَّ الشَّاهِدُ الْقَطْعَ بِمَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ.
(وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يَسْقُطْ) الْقَطْعُ (بِغِيبَتِهِمَا وَلَا مَوْتِهِمَا) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ إذَا ثَبَتَتْ (وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ قَبْلَ الدَّعْوَى) مِنْ مَالِكِ الْمَسْرُوقِ أَوْ نَائِبِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ) فِي وَقْتٍ السَّرِقَةِ أَوْ مَكَانِهَا أَوْ فِي الْمَسْرُوقِ (فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ أَوْ سَرَقَ ثَوْرًا أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ أَوْ عَرُوبًا وَشَهْدَ الْآخِرُ أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ مِنْ الْبَيْتِ الْآخَرِ أَوْ بَقَرَةً أَوْ حِمَارًا أَوْ ثَوْبًا أَسْوَدَ أَوْ مَرْوِيًّا لَمْ يُقْطَعْ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا.
(كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَنَحْوُهُ (أَوْ بِاعْتِرَافٍ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ قَالَ: مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ قَالَ: بَلَى فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ قَالَ: بَلَى: فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّهُ قَالَ لِسَارِقٍ سَرَقْتَ؟ قَالَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ
مَرَّتَيْنِ فَقُطِعَ " رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ التَّكْرَارُ كَحَدِّ الزِّنَا (يُذْكَرُ فِيهِ) أَيْ اعْتِرَافِهِ (شُرُوطُ السَّرِقَةِ مِنْ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ يَصِفُ السَّرِقَةَ فِي اعْتِرَافِهِ كَالزِّنَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِاحْتِمَالِ ظَنِّهِ وُجُوبَ الْقَطْعِ عَلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ.
(وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَلَوْ آبِقًا فِي هَذَا سَوَاءٌ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَكَذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (وَلَا يَنْزِعُ) أَيْ يَرْجِعُ (عَنْ إقْرَارِهِ حَتَّى يُقْطَعَ فَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (قُبِلَ) رُجُوعُهُ (وَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» عَرَّضَ لَهُ لِيَرْجِعَ وَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ بِرُجُوعِهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّ حُجَّةَ الْقَطْعِ زَالَتْ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَسَقَطَ كَمَا لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ) الْقَطْعُ (بِبَيِّنَةِ شَهِدَ عَلَى فِعْلِهِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يُقْبَلُ) مِنْهُ بَلْ يُقْطَعُ (فَإِنْ قَالَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (أَحْلِفُوهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (لِي أَنِّي سَرَقْتُ مِنْهُ لَمْ يَحْلِفْ) لِأَنَّ فِيهِ قَدَحًا فِي الْبَيِّنَةِ وَلِحَدِيثِ " شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ ".
(وَإِنْ شَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ (عَلَى إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ جَحَدَ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ) كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَيُغَرَّمُ الْمَالُ (وَلَوْ أَقَرَّ) بِالسَّرِقَةِ (مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ ثَبَتَ) أَنَّهُ سَرَقَ (ب) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ وَيَمِين أَوْ أَقَرَّ) مَرَّتَيْنِ بِالسَّرِقَةِ (ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ غَرَامَةُ الْمَسْرُوقِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ (وَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ) عَنْ اعْتِرَافِهِ (وَقَدْ قُطِعَ بَعْضُ الْمَفْصِلِ لَمْ يُتَمَّمْ إنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ لِكَوْنِهِ قَطْعُ الْأَقَلِّ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ.
(وَإِنْ قُطِعَ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْمَفْصِلِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ (فَالْمَقْطُوعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَهُ) يَسْتَرِيحُ مِنْ تَعْلِيقِ كَفّه وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (وَلَا يُلْزَمُ الْقَاطِعُ بِقَطْعِهِ) لِأَنَّ قَطْعَهُ تَدَاوٍ وَلَيْسَ بِحَدٍّ (وَلَا بَأْسَ بِتَلْقِينِ السَّارِقِ لِيَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْرِيضِهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَسَأَلَهُ أَسَرَقْتَ؟ قَالَ لَا فَتَرَكَهُ " وَنَحْوَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ (وَ) لَا بَأْسَ (بِالشَّفَاعَةِ فِيهِ) أَيْ السَّارِقِ (إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَافُوا الْحُدُودَ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ وَجَبَ» (فَإِذَا بَلَغَهُ حُرِّمَتْ الشَّفَاعَةُ) وَقَبُولُهَا (وَلَزِمَ الْقَطْعُ) وَكَذَا سَائِرُ الْحُدُودِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ الْمَخْزُومِيَّةِ انْتَهَى.